٢٨

(لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّه فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّه نَفْسَهُ وَإِلَى اللّه الْمَصِيرُ (٢٨)

القراءة بالجزم ، وكسر الذال لالتقاءِ السَّاكنين ، ولو رفعت لكان وجهاً

فقلت : (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ).

 : أنه من كان مؤمناً فلا ينبغي أن يتخذ الكافر ولياً لأن ولي الكافر راض بكفره ، فهو كافر.

قال اللّه جلَّ وعزَّ : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ).

وقال : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ).

ومعنى : (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) أي لا يجعل ولاية لمن هو غير مؤمن ، أي

لا يتناول الولاية من مكان دون مكان المؤمنين ، وهذا كلام جرى على المثل

في المكان كما تقول زيد دونك فلست تريد أنه في موضع مستقل وأنك في

موضع مرتفع ، ولكنك جعلتَ الشرفَ بمنزلةِ الارتفاعِ - في المكان ، وجعلت

الخِسَّة كالاستقبال في المكان.

فالمعنى : أن المكان المرتفع في الولاية مكان المؤْمنين.

فهذا بيان  (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ).

ومعنى : (ومَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّه فِي شَيءٍ).

أي من يَتَول غيرَ المؤمنين فاللّه بَرِيءٌ منه.

(إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً).

و (تَقِيَّةً) قُرئَا جَمِيعاً . فأباح اللّه جلَّ وعزَّ الكفر مع القصة.

والتَقِيَّةُ خوفُ القتل ، إِلا أن هذه الِإباحة لا تكون إِلا مع سلامة النية وخوف القتل.

(وَيُحَذِّرُكُمُ اللّه نَفْسَهُ وَإِلَى اللّه الْمَصِيرُ).

معنى : (نَفْسَهُ) إيَّاها إلا أن النفس يستغنى بها هنا عن " إياه " وهو

الكلام ، وأما قوله عزْ وجل : (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ) فمِمَّا بِه خوطب العباد على قدر علمهم ، ومعناه تعلم ما

عندي وما في حقيقتي ولا أعلم ما عندك لا ما في حقيقتك.

وفي  (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ) أي تْؤتي الملك من تشاءُ أن تْؤتيهُ ، وكذلك (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ) أن تنزعه منه إِلا أنه حذف لأن فى الكلام ما يدل عليه.

* * *

﴿ ٢٨