١٠٢

وقوله جلَّ وعزَّ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)

أي اتقوه فيما يحق عليكم أن تتقوه فيه.

قال بعضهم (حَقَّ تُقَاتِهِ) : أن يطاع

فلا يعصي وأن يذكر فلا ينسى ، ومعنى يذكر فلا ينسى : أن يذكر عند ما يجب من أمره فلا يتجاوز أمره.

وقال بعضهم هذه الآية منسوخة نسخها قوله جلَّ وعزَّ :

(فَاتَّقُوا اللّه مَا اسْتَطَعْتُمْ)

* * *

وقوله جلَّ وعزَّ : (لَا يُكَلِّفُ اللّه نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).

وتقاة : أصلها وقاة وهي من وقيت إلا أن الواو لم تأت في هذا المثال

على أصلها ، ولم يقل في هذا المثال شيءُ إِلا والتاء فيه مبدلة من الواو وكذلك قالوا تخمة إِنما هي من الوخامة ، وكذلك قالوا : في فُعال نحو التراث والتجاه ، وتجاه في معنى المواجهة.

وهذا المثال فيه أوجه : إِذا بنيت فُعْلَة من وقيت قلت تقاة وهو الذي يختاره

النحويون ، ولم يأتِ في اللغة على هذا المثال شيءٌ إِلا وقد أبدلت التاء من واوه.

ويجوز أن يقال وقاة ، وأَقاه لأن الواو إِذا انضمت وكانت أولا فأنت في

البدل منها بالخيار ، إِن شئت أبدلت منها همزة ، وإن شئت أقررتها على هيئتها ، وإن شئت في هذا المثال خاصة أبدلت منها التاءَ.

* * *

وقوله جلَّ وعزَّ : (وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

لفظ النهي واقع على الموت والمعنى : واقع على الأمر بالِإقامة على

الِإسلام.

 : كونوا على الإسلام فإِذا ورد عليكم الموت صادفكم على ذلك.

وِإنما جاز هذا لأنه ليس في الكلام لبس ، لأنه يعلم منه أنهم لا ينهون عما لا

يفعلون ، ومثله في الكلام ، " لَا أريَنكَ هَهُنَا " فالنهي واقع في اللفظ على المخاطبة والمعنى : لا تكونن ههنا فإن من كان هِهنا رأيته ولكن الكلام قصد به إِلى الِإيجاز والاختصار إِذ لم يكن فيه نقص معنى.

* * *

﴿ ١٠٢