١٠٦(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (١٠٦) أي يثبت لهم العذاب ذلك اليوم ، وابيضاضها إشراقها وإسفارها ، قال اللّه عزَّ وجلَّ : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩). أسفرت واستبشرت لما تصير إِليه من ثواب اللّه ورحمته ، وتَسْوَدُ وُجُوهٌ اسودادها لما تصير إِليه من العذاب ، قال اللّه : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (٤٠) . والكلام . تسود وتبيض بفتح التاءِ - الأصل " تسودد " و " تبيَضِض إلا أن الحرفين إذا اجتمعا وتحركا أدغم الأول في الثاني. وكثير من العرب تكسر هذه التاء من تسود وتبيض والقراءَة بالفتح والكسر قليل إلا أن كئيراً من العرب يكسر هذه التاءَ ليُبيِّن أنها من قولك أبيض وأسود فكأن الكسرة دليل على أنه كذلك في الماضي. وقرأ بعضهم " تَسْواد وتَبْياض " وهو جيِّد في العربية إلا أن المصحف ليست فيه ألف فأنا أكرهها لخلافه على أنهُ قد تحذف ألفات في القرآن نحو ألف إبراهيم وإسماعيل ونحو ألف الرحمن ؛ ولكن الإجماع على إثبات هذه الألفات المحذوفة فى الكتاب في اللفظ ، وتبيَض وتسود إجماع بغير ألف فلا ينبغي أن يقرأ بإثبات الألف. وقوله جل وعلا : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ). تدل على أن القراءَة تسود ، ومن قرأ بالألف تسواد وتبياض وجب أن يقْرأ : فأما الذين اسوادت وجُوههم. وجواب أما محذوف مع القول. فيقال لهم : (أكَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ). وحُذفَ القولُ لأن في الكلام دليلاً عليه وهذا كثير في القرآن ، كقوله عزَّ وجلَّ : (وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ). يقولون : (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ). وكذلك (وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا) يقولان : رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا - هذه الألف لفظها لفظ الاستفهام ومعناها التقرير والتوبيخ. وإنَّما قيل لهم (أكفرتم بعد إيمانكم) لأنهم كفروا بالنبي - صلى اللّه عليه وسلم - ، وقد كانوا به مؤمنين قبل مبعثه. وهذا خطاب لأهل الكتاب : |
﴿ ١٠٦ ﴾