١٤٠وقوله جلَّ وعزَّ : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّه الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللّه لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠) (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) و (قُرْحٌ) جميعاً يقرأان ، وهما عند أهَل اللغة بمعنى واحد ومعناه الجراح وألمُها يُقَالُ قَدْ قَرِحَ يَقْرَحُ قَرْحاً ، وأصابه قَرْحٌ ، قال بعضهم كأن القُرح الجُرْح ، وكأن القَرْح الألم. (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ). أي نجعل الدولة في وقت من الأوقات للكَافرينَ على المؤْمنين إذا عصَوْا فيما يؤمَرُون به ، من محَاربة الكفار ، فأما إذا أطاعوا فهم مَنْصُورونَ أبداً ، كما قال اللّه - عزَّ وجلَّ - (أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللّه هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢). ومعنى (وَلِيَعْلَمَ اللّه الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ). أي ليعلم اللّه من يُقيم على الإيمَانِ بعد أن تناله الغلبة ، أي يجعل لهم الدولَة في وقت من الأوقات ليعلمَ المؤْمنين . وتأويل (وَلِيَعْلَمَ اللّه الَّذِينَ آمَنُوا) - واللّه عزَّ وجلَّ - قد علمهم قبل ذلك : معناه يعلم ذلك واقعاً منهم - كما قال عز وجل - (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ). أي ليقع ما علمناه غيبأ مشاهدة للناس ، ويقع - منكم . وإنما تقع المجازاة على ما علمه اللّه من الخلق وقوعاً على ما لم يقع وما لم يعلموه - قال اللّه عزَّ وجلَّ : (وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). وقال : (إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). * * * |
﴿ ١٤٠ ﴾