١٤١

وقوله عزَّ وجلَّ : (وَلِيُمَحِّصَ اللّه الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (١٤١)

 جعل اللّه الأيام مداولة بين الناس ليمحص المؤْمنين بما يقع

عليهم من قتلَ في حربهم ،  ألم  ذهابَ مال ، ويمحق الكافرين :

ليستأصلهم.

وجائز أن يكون يمحقهم يحبط أعمالهم ، وتأويل المحص في

اللغة التنْقِيَةُ والتخليص.

قال محمد بن يزيد - رحمه اللّه - يقال مَحَصَ الحبل مَحْصاً ، إذا ذَهَبَ منه الوَبرُ حتى يَمْلَصَ وحبل مَحِصٌ  مَلِصٌ بمعنى واحد.

قال وتأويل قول الناس : مَحِّصْ عَنا ذُنُوبَنَا : أي أذهِب عنا ما تعلق بنا

من الذنوب.

وأخبرنا محمد بن يزيد أن حُنَيْفَ الحَنَاتِمِ ورَدَ ماءً يُقال له (طُويلِع)

فقال : " واللّه إنك لَمَحِصُ الرشا بعيد المستقي مظل على الأعداء ولو سألتني

أعناق الإبل لأعطيتك "

أي لو تقطعت أعناق الِإبل إليك لقصدتك.

ومعنى مَحص الرشَاءِ أي هو طين خر ، فالرشا تَتَمَلصُ من اليد.

فمعنى يمحِّص

الذين آمنوا : يخلِّصهم من الذنوب.

وقال محمد بن يزيد - رحمه اللّه - أيضاً

وغيره من أهل اللغة مَحَصَ الظبي يَمْحَص إذا عَدا عدْواً شَديداً ، وقال هو

وحده : تأويله أنه لا يخْلط حدتَه في العَدو وَنْياً ولا فُتُوراً.

وقال غيره مَحَص الظبْيُ يَمحص ومحِصَ بمعنى واحد : إذا عَدا عدواً

يكادُ أن يَنْفد فيه من شدته.

ويقال : ويُستَحَب من الفَرَس أن تُمحَّصَ قوائمه

أي تخلص من الرَّهَلِ.

قال أبو إسحاق : وقرأتُ عليه أيضاً عن الخليل : المَحصُ التخليص يقال

مَحَصت الشيءَ أمْحَصه محْصاً إذا خلصته

وقال بعض أهل اللغة : (وليمحص اللّه الذين آمنوا) أي وليمحص اللّه ذنوب الذين آمنوا - ولم يُخْبَرُوا بحقيقة المحص ما هو.

* * *

﴿ ١٤١