١٨٠

وقوله عزَّ وجلَّ : (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّه مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَللّه مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللّه بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٨٠)

هذا يعني به علماءَ إليهود الذين بخلوا بما آتاهم اللّه مِنْ عِلْمِ نبوة

النبي - صلى اللّه عليه وسلم - ومشاقته وعداوته

وقد قيل إنهم الذين يبخلون بالمال فيمنعون الزكاة.

قال أهل العربية :  ، لا يحسبن الذين يبخلون البخل هو خيراً لهم.

ودل (يبخلون) على البخل . و (هو) ههنا فصل ، وهو الذي يسميه الكوفيون العماد ، وقد فسرناه إلا أنا أغفلنا فيه شَيئاً نذكره ههنا :

زعم سيبويه أن هو ، وهما ، وهم ، وأنا ، وأنت ، ونحن - وهي ، وسائر هذه الأشياءِ إنما تكون فصولاً مع الأفعال التي تختاج إلى اسم وخبر ولم

يذكر سيبويه الفصل مع المبتدأ والخبر ، ولو تأول متأول أن ذكره الفصل ههنا يدل على أنه جائز في المبتدأ  الخبر كان ذلك غير ممتنع.

قال أبو إسحاق والذي أرى أنا في هذه ، (ولا يحسبن الذين يَبْخلون) بالياء.

ويكون الاسم محذوفاً.

وقد يجوز (ولا تَحسبن الذين يبخلون) على معنى

ولا تحسبن بُخل الذين يبخلون ، ولكن حذف البخل من ههنا فيه قبح ، إلا أن حذفه مِن قولك : (ولا يحسبن الذين يبخلون) قد دل يبخلون فيه على البخل ، كما تقول : من كذب كان شرًّا له ، والقراءَة بالتاءِ عندي لا تمنع ، فيكون مثل (وأسأل القرية) أي أهل القرية ، فكذلك يكون معنى هذا :

لَا تَحْسبَن بُخْل الباخلين خيراً لهم.

وقوله عزَّ وجلَّ : (وَللّه مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).

أي اللّه يغني أهلهما فيغنيان بما فيهما ، ليس لأحد فيهما ملك فخوطب

القوم بما يعقلون ، لأنهم يجعلون ما رجع إلى الإنسان ميراثاً إذا كان ملكاً له.

* * *

﴿ ١٨٠