٤

و (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)

يقال هو صَدَاق المرأة ، وصدُقةُ المرأة ، وصُدْقَةُ المرأة . وَصَداقُ المرأة.

مفتوح أولها ، والذي في القرآن جمع صدقة.

ومن قال صُدْقَة قال صُدُقاتهنَّ ، كما يقول غرْفة وغُرفات ، ويجوز صدْقاتهنَّ ، وصُدَقَاتهنَّ . بضم الصاد وفتح

الدال. ويجوز صُدُقاتهنَّ ، ولا تقرأنَّ من هذا إِلا ما قد قرئ به لأن القراءَة

سُنة لا ينبغي أن يقرأ فيها بكل ما يجيزه النحويون ، وإِنْ تتبعْ فالذي روي من

المشهورُ في القراءَة أجْودُ عند النحويين ، فيجتمع في القراءَة بما قد روى

الاتباعُ وإِثباتُ ما هو أقوى في الحجة : إِن شاءَ اللّه.

ومعنى  (نِحْلةٌ)

فيه غير قولٍ ، قال بعضُهم فريضةً ، وقال بعضهم ديانةً ، تقول : فلان

ينتحل كذا وكذا ، أيْ يدينُ به ، وقال بعضهم هي نحلة من اللّه لهن أنْ جعل

على الرجال الصداق ، ولم يجعل على المرأة شيئاً من الغُرْم ، فتلك نحلة من

اللّه للنساءِ يقال - نحلتُ الرجل والمرأة - إِذا وهَبْتُ له - نِحْلةً ونُحْلاً ويقال : قد نَحِلَ جسم فلان ونَحَلَ إِذا دقَّ.

والنَّحْلُ جائز أن تكون سميت نحلاً ، لأن اللّه جلّ ثناؤُه نحل الناس العسل الذي يخرج من بطونها.

وقوله - جلَّ ؛ عزّ - (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا)

أي عن شيءٍ من الصداق.

و " لكم " خطاب للأزواج ، وقال بعضهم للأولياءِ ههنا . و " نفساً " منصوب على التمييز لأنه إِذا قال : طبْن لكم ، لم يعلم في أي صنْف وقع الطيبُ.

 : فإِن طابت أَنفسهن بذلك.

وقد شرحناه قبل هذا المكان شرحاً وافياً.

و (فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا)

يقال : هنأَني الطعامُ ومراني . وقال بعضهم : يقال مع هنأني مراني.

فإذا لم تذكر هنأَني قلت أَمْرَأَني بالألف.

وهذا حقيقته أن مرأني تبَينتُ أنه

سينهضم وأحمد مغبتهُ ، فإذا قلت أمْرأني الطعام فتأويله أنه قد انهضم وحُمدتْ

فإن قال قائل : إنما قيل : (فَإِنْ طبْنَ لكمْ عَنْ شَيءٍ منْه نَفْساً)

فكيف يجوز أن يقبل الرجل المهر كله ، وإنما قيل له منه ؟

فالجواب في ذلك أن " منه " ههنا للجنس لما قال عزَّ وجلَّ - : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ).

فلم نْؤمر أن نجتنب بعض الأوثان ، ولكن  اجتنبوا

الرجس الذي هو وثن.

أي فكلوا الشيءَ الذي هو مهْر.

* * *

﴿ ٤