٢٣

و - جلَّ وعزَّ - : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّه كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٢٣)

هذا يسمى التحريمَ المبهم ، وكثيرٌ من أهل العلم لا يفرق في المبهم

وغير المبهم تفريقاً مقنعاً ، وإِنما كان يسمى هذا المبهم من المحرمات لأنه لا

يحل بوجه ولا سبب ، واللاحقُ به (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) والرضاعة قد أدخلت هذه المحرمات في الِإبهام.

(وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ).

قد اختلف الناس في هذه فجعلها بعضهم مبهمة وجعلها بعضهم غير

مبهمة . فالذي جعلها مبهمة قال إِنَّ الرجل إِذا تزوج المرأة حرمت عليه أمها

دخل بها  لم يَدخُل بها . واحتج بأن (اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) إِنما هو متصل

بالربائب.

وروي عن ابن عباس أنه قال : (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ) من المبهمة .

(وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ).

قال أبو العباس محمد بن يزيد : (اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) نعت للنساءِ اللواتي

هن أمهات الربائب لا غير ، قال : والدليل على ذلك إِجماع الناس أن الربيبة

تحل إِذا لم يُدْخل بأمها ، وأن من أجاز أن يكون  (مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) هو لأمهات نسائكم ، يكون  على تقديره ، وأمهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهنَّ.

فيخرج أن يكون اللاتي دخلتم بهن لأمهات الربائب.

والدليل على أن ما قاله أبو العباس هو الصحيح أن الخبرين إِذا اختلفا

لم يكن نعتهما واحداً.

لا يجيز النحويون : مررت بنسائك وهربت من نساءِ

زيد الظريفات ، على أن تكون الظريفات نعتاً لهؤُلاءِ النساءِ وهُؤلاءِ النساءِ.

والذين قالوا بهذا القول أعني الذين جعلوا أمهات نسائكم بمنزلة  (مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) إِنما يجوز لهم أن يكون منصوباً على " أعني "

فيكون  أعني اللاتي دخلتم بِهنَّ ، وأن يكون (وأمهاتُ نسائكم) تمام

هذه التحريمات المبهمات ، ويكون الربائب هن اللاتي يحللن إِذا لم يُدْخل

بأمهاتهِنَّ قط دون أمهات نسائكم هو الجَيِّد البالغ.

فأمَّا الربيبة فبنت امرأة الرجل من غيره ، ومعناها مربوبة ، لأن الرجل

هو يَرُبُّهَا ، ويجوز أن تسمى ربيبة لأنه تولى تربيتها ، كانت في حجره  لم

تكن تربت في حجره ، لأن الرجل إِذا تزوج بأمها سمي ربيبها ، والعرب تسمِّي الفاعلين والمفعولين بما يقع بهم ويوقعونه ، فيقولون : هذا مقتول وهذا ذبيح ، أي قد وقع بهم ذلك . وهذا قاتل أي قد قتل ، وهذه أضْحيًةُ آلِ فلان لما قَد

ضحوْا به ، وكذلك هذه قَتُوبَةُ ، وهذه حلوبة ، أي ما يقتب وُيحْلب.

و (وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ).

جمع حليلة وهي امراة ابن الرجل ، لا تحل للأب ، وهي من

المبهمات وحليلة بمعنى مُحلَّة . مشتق من الحلال.

(وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ).

(أَنْ) في موضع رفع ،  حرمت هذه الأشياءُ والجمع بين

الأختين.

(إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ).

 سوى ما قد سلف فإِنه مغفور لكم.

* * *

﴿ ٢٣