٩٩

(فَأُولَئِكَ عَسَى اللّه أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّه عَفُوًّا غَفُورًا (٩٩)

و " عَسَى " ترج ، وما أمر اللّه به أن يرجى مِن رحمته فبمنزلة الواقع كذلك

الظن بأرحِم الراحمين.

و (وَكَانَ اللّه عَفُوًّا غَفُورًا).

تأْريل (كَانَ) في هذا الموضع قد اختلف فيه الناس.

فقال الحسن البصري : كان غفوراً لعباده ، عن عباده قبل أن يخلقهم.

وقال النحويون البصريون : كأنَّ القوم شاهدوا من اللّه رحمة فأعلموا أن ذلك ليس بحادثِ ، وأنَّ اللّه لم يزل كذلك.

وقال قوم " من النحويين : . . " كان "

و " فعَلَ " من اللّه بمنزلة ما في الحال ، فالمعنى - واللّه أعلم - واللّه عفو غفور.

والذي قاله الحسن وغيره أدخل في اللغة ، وأشبه بكلام العرب.

وأما القول الثالث فمعناه يُؤول إِلى ما قاله الحسن وسيبويه ، إِلا أن يكون الماضي بمعنى الحال يقِل.

وصاحب هذا القول له من الحجة قولنا " غفر اللّه لفُلَانٍ "

بمعنى ليغفر اللّه له فلما كان في الحال دليل على الاستقبال وقع الماضي

مَؤدياً عنها استخفافاً ، لأن اختلاف ألفاظ الأفعال إِنما وقع لاختلاف الأوقات ، فإِذا أُعْلِمت الأحوال والأوقات استُغني بلفظ بعض الأفعال عن لفظ بعض.

الدليل على ذلك قوله جلَّ وعزَّ :

(مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمثَالِهَا)

و (وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإنَهُ يَتُوبُ إِلَى اللّه مَتَاباً)

معناه من يَتُبْ ومن يجئ بالحسنة يعط عشْر أمثالها.

* * *

﴿ ٩٩