١٠٤

و (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّه مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللّه عَلِيمًا حَكِيمًا (١٠٤)

هذا خطاب للمؤمنين ، والقوم ههنا الكفار الذين هم حربُ المؤمنين.

وتأويل : (لَا تَهِنُوا) في اللغة لا تضعفوا ، يقال وَهَن الرجل يهِنُ إذَا ضعف

فهو وهِن . ومعنى (ابتغاءِ القوم) : طلب القوم بالحرب.

و (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ).

أي إن تكونوا توجَعُون فإنهم يجدون من الوجع بما يَنَالهم من الجراح

والتَعَبَ كما تجدون ، وأنتم مع ذلك (تُرْجُونَ مِنَ اللّه مَا لَا يرجُونَ).

أي أنتم ترجون النصر الذي وعدكم اللّه به ، وإظهار دينكم على سائر

أديانِ أهل الملل المخالفة لأهل الإسلام وترجُونَ مع ذلك الجنة ، وهم - أعني

المشركينَ - لايرجون الجنة لأنهم كانوا غير مقرين بالبعث فأنتم ترجون من اللّه ما لا يرجون.

قال بعض أهل التفسير : معنى " ترجون " ههنا تَخَافون ، وأجمَعَ أهل اللغة

الموثوق بعلمهم : أن الرجاءَ ههنا على معنى الأمل لا على تصريح الخوف.

وقال بعضهم : الرجاء لا يكون بمعنى الخوف إِلا مع الجحدِ.

قال الشاعر.

لا تُرْتَجى حِينَ تُلاقي الذَّائِدا . . . أَسَبْعةً لاقَتْ مَعاً أَمْ واحِداً

معناه لا تخاف.

وكذلك قوله عزَّ وجلَّ : (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ للّه وَقَارًا (١٣).

أي لا تخافون للّه عظمة ولا عظَةً.

وإِنما اشتمل الرجاء على معنى الخوف لأن الرجاءَ أمل قد يخاف ألَّا

يَتِمَّ .

﴿ ١٠٤