سورة الأعراف

بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١

قوله عزَّ وجلَّ : (المص (١)

قد فسرنا هذه الحروف في أول سورة البقرة ، إلا أنا أعدنا ههنا شيئاً من

تفسيرها لشي في إعرابها ، والذي اخترنا في تفسيرها . قولُ ابن عباسٍ أن

(المص) معناه أنا اللّه أعلم وَأفصِّلُ

وقال بعض النحويين موضع هذه الحروف رفع بما بعدها ، قال : (المص كتاب) ، كتاب مرتفع بالمص ، وكأن معناه المص

حروف كِتَابٍ أنزل إِليك ، وهذا لو كان كما وصف لكان بعد هذه الحروف أبداً ذكر الكتاب ؛ ف (الم اللّه لَا إِلهَ إلا هُوَ) يدل على أن (الم) لا مرافع

لها على قوله ، وكذلك : (يَس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) ، وكذلك : (حَم عسق كَذَلِكَ يُوحَى إليْك) ، و (حم والكتاب المبين إنا أنزلناه).

فهذه الأشياءُ تدل على أن الأمر علي غير ما ذكر ، ولو كان كذلك أيضاً

لما كان (الم) مكرراً ، ولا (حم) مكرراً .

وقد أجمع النحويون على أن قوله عزَّ وجلَّ (كتابٌ أنْزِلَ إِليك) مرفوع

بغير هذه الحروف ،  هذا كتاب أنزلَ إِليك ، وهو مُجْمِع مَعَهُم على أن

ما قَالُوه جائز فيجب اتباعُهم من قولهِ وَقَوْلهِمْ ، ويجب على قائل هذا القول

التثبيت على مخالفتهم ، ولو كان كما يصف لكان مُضمِراً اسمين فكان

 (الم) بعض حروف كتاب أنزل إليك ، فيكون قد أضمر المضاف وما

أضيف إِليه ، وهذا ليس بجائز.

فإن قال قائل قد يقول ألف . با . تا . ثا . ثمانية وعشرون حرفاً ، وإنما

ذكرت أرَبعة فمن أين جاز ذلك ، قيل قد صار اسم هذه ألف . با . تا . ثا ، كما أنك تقول : الْحَمْدُ سَبْعُ آياتٍ فالحمد اسم لجملة السورة ، وليس اسم الكتاب الم ، ولا اسم القرآن " طسم). وهذا فرق بَيْن.

وهذه الحروف كما وصفناحروف هجاء مَبْنِية على الوقف ، وهي في

موضع جُمَلٍ ، والجملة إِذا كانت ابتداءً وخبَراً فقط لا موضع لها . فإِذا كان

معنى كهيعص ، معنى الكاف كافٍ ، ومعنى الهاء هادٍ ، ومعنى اليَاء والْعَيْن مِن

عَلِيم ومعنى الصاد من صَذوقٍ ، وكان معنى " الم " أنا أعْلَمَ ، فإِنما موضعها

كموضع الشيء الذي هُوَ تأويل لَهَا . ولا موضع في الِإعراب لقولك : أنا

اللّه أعلم ، ولا لقولك ؛ هو هاد ، وهو كاف ، إِنما يرتفع بعض هذا ببعض.

والجملة لا موضع لها .

﴿ ١