٢

و (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢)

فمعنى الحرج الضيق . وفيه وجهان ، أحدهما أن يكون لاَ يَضِق صدْرُكَ

بالإبلاغ ولا تخافن ، لأنه يروى عن النبي - صلى اللّه عليه وسلم - أنَّه قال : رب إِني أخاف أن يثلغوا رأسي فيجعلوه كالخبزةِ ، فأعلم اللّه عزَّ وجلَّ أنَّه في أمان منهم ، فقال : (وَاللّه يَعصِمُك مِنَ النَّاسِ) ، وقال : (فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ).

أي فلا - يَضِيقَنَ صَدْرُكَ من تَأدِيَةِ مَا أرْسِلْتَ بِهِ.

وقيل أيضا : فلا تَشُكَن فيه.

وكلا التفسيرين له وجه ، فَأما تأويل فلا تَشُكَنَّ ، وتأويل (فَلَا تَكونَنَّ مِنَ المُمْتِرِين) ، وتأويل : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ) فإِن ما خوطب به - صلى اللّه عليه وسلم - فهو خطاب لأمتِهِ ، فكأنه بمنزله " فلا تشكوا ولا ترتابوا ".

و (لِتنْذِرَ بهِ).

معناه التقديم ، والمعنى واللّه أعلم - كتاب أنزل إِليك لتنذر به وذكرى

للمؤمنين ، فلا يكن في صدرك حرج منه.

(وَذِكرَى) يصلح أن يكون في موضع رفع ونصب وَجَرٍّ فأمَّا النصب فعلى

قولك : أنْزِلَ لِتنْذِرَ به وذكرى للمؤمنين ، أي ولتذكر به ذكرى ، لأن في الإِنذارِ مَعنى التذكير .

ويجوز أن يكون وَهُوَ ذكرى للمؤمنين كقولك وهو ذكر للمؤمنين.

فأما الجر فعلى معنى لِتُنْذِرَ ، لأن معنى " لِتنْذِرَ " لأن تُنْذِرَ فهو في موضع

جر .  للإنذار والذكرَى . فأما ذِكْرَى فمصدر فيه ألف التأنيث ، بمنزلة

دعوت دعوى ، وبمنزلة رَجَعْتُهُ رُجْعَى . واتقَيْتُ تقوى ، إلا أنه اسم في موضع

المصدر.

* * *

﴿ ٢