٣

و (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٣)

أي اتبِعُوا القرآن ، وَمَا أتِيَ به عن النبي - صلى اللّه عليه وسلم - لأنه مما أنزل عليه لقوله جلَّ وعزَّ : (وَمَا آتَاكُمُ الرسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).

(وَلَا تَتبِعُوا مِنْ دُونهِ أوْليَاءَ).

أي لَا تَتَوَلَّوْا مَنْ عَدَلَ عن دين الحق ، ومن ارتضى مذهباً من المذاهب.

فالمؤْمن وليُّ المْؤمِن.

(وَالْمُومِنُونَ وَالْمُومِنَاتُ بَعْضُهُمْ أوْليَاءُ بَعْض).

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ : (قَلِيلًا مَا تَذَكرُونَ).

ما زائدة مُؤَكِدَة ،  قليلًا تذكرون ، وفي تذكرون وجهان في

القراءَة : قَلِيلًا مَا تَذَّكرون - بالتشديد - في الذال ، والمعنى : قليلاً ما تتذكرون ، إلا أن التاءَ تدغمُ في الذال لقرب مكان هذه من مكان هذه.

ومن قرأ (تَذَكَّرُونَ) فالأصل - أيضاً - تتذكرون ، إلَّا أنَّه حذف إِحدى

التاءَين ، وهي التاءُ الثانية لأنهما زائدتان ، إِلا أن الأولى تدل على معنى

الاستقبال فلا يجوز حذفها ، والثانية إنما دَخَلَتْ على معنى فعلت الشيءَ عَلَى

تمهُّل ، نحو تَفَهَّمْتُ وَتَعَلَّمْتُ ، أي أحدثت الشيءَ على مَهَلٍ ، وتدخل على

معنى إظهار الشيءِ والحقيقة غيره ، كافولك تقيَّسْتُ أي أظهرت أني قَيْسِيٌّ.

فإنما المحذوف من تتفعلون الثانية ، لأن الباقي في الكلمة من تشديد

العين من تفعل يدل على معنى الكلمةِ ، ولو حذفت تاء " استقبال " لبطل معنى الاستقبال.

* * *

﴿ ٣