٤وقوله جلَّ وعزَّ : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا هُمْ قَائِلُونَ (٤) وكم من أهل قرية أهلكناهم ، إلا أن أهل حذف لأن في الكلام دليلًا عليه. و (فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا). محمول على لفظ القرية ، ولو قيل فجاءَهم لكان صواباً. و ( هُمْ قَائِلُونَ). قال بعض النحويين : وهم قائلون ، والواو فيما ذكر محذوفة وهذا لا يحتاج إلى ضمير الواو ، ولو قلت : جاءَني زيد راجلًا وهو فارس. أوجاءَني زيد هو فارس لم تحتج إلى واو ، لأن الذكر قد عاد إلى الأول. ومعنى (بَيَاتًا) : ليلًا ، يقال بات بياتاً حسناً ، وبيتةً حسنَة ، والمصدر في الِإصابات بيتاً . والبيت بيت الشعر وكذلك بيت المدَرِ ، وإنما أصل تسميته من أنه يصلح للمبيت ، ويقال لفلان بيتة وليلة وَبَيْتُ ليلة ، أي ما يكفيه من القوت في ليلة. ومعنى ( هُمْ قائِلُونَ). أي جاءَهم بأسنا نهاراً في وقت القائلة ، يقال قِلتُ من القائلة ، فالمعنى إِنهم جاءَهم بأسنا غفلة ، وهم غير متوقعين له ، إِما ليلاً وهم نائمون. نهاراً وهم قائلون كأنهم غافِلون. وأو ههنا دخلت على جهة تصرف الشيءِ ووقوعِه ، إما مرة كذا ، وإِما مرةً كذَا ، فهي في الخبر ههنا بمنزلة في الإباحة ، تقول جالس زيداً عمراً ، أي كل واحدٍ منهما أهلٌ أن يُجَالِسَ ، وَاو ههنا أحسن من الواو ، لأن الواو تتضمن اجتماع الشيئين ، لو قلت : ضربت القوم قياماً وقعوداً ، لأوجَبَتِ الواو أنك ضريتهم وهم على هاتين الحالتين ، وَإِذَا قلتَ : ضربتهم قياماً ضربتهم قعوداً ، ْ ولم تكن شاكًا ، فإِنما أنك ضربتهم مرة على هذه الحال ، ومرة على هذه الحال. وموضع " كم " رفع بالابتداء وخبرها أهلكناها ، وهو أحسن من أن تكون في موضع نصب ، لأن قولك زيد ضربْتُه أجوَدُ من زيداً ضربتُه . - والنصب جَيد عربي أيضاً مثله قوله جلَّ وعزَّ : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ). * * * |
﴿ ٤ ﴾