٤٦وقوله - عزَّ وجلَّ - : (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (٤٦) أراد يا يوسف ، والندَاء يجوز في المعرفة حذف يا منه ، فتقول : يا زيد. أقبل ، وزيدُ أقبل. قال الشاعر : محمد تفد نفسك كل نفس . . . إذا مَا خِفْتَ مِن أمْر تَبَالا أرادَ يَا مُحَمدُ. والصًذيق المبالغ في الصِّدْقة ، والتصديق. و (لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ). أي لعلهم يعلمون تأويل رؤيا الملك ، ويجوز أن يكون : لعلهم يعلمون __________ (١) قال السَّمين : قوله تعالى : وادكر : فيه وجهان ، أظهرهما : أنها جملةٌ حاليةٌ : إمَّا مِن الموصول ، وإمَّا مِنْ عائده وهو فاعل « نجا » . و الثاني : أنها عطفٌ على « نجا » فلا مَحَلَّ لها لنسَقِها على ما لا محلًّ له. والعامَّةُ على « ادَّكَرَ » بدالٍ مهملة مشددة وأصلها : اذْتَكَرَ افتعل مِنْ الذِّكر ، فوقعت تاءُ الافتعال بعد الذال فأُبْدِلت دالاً فاجتمع متقاربان فأُبْدِلَ الأول مِنْ جنس الثاني وأُدغم . وقرأ الحسن البصري بذالٍ معجمة . ووجَّهوها بأنه أبدل التاءَ ذالاً مِنْ جنس الأولى وأدغم ، وكذا الحكم في مُّدَّكِرٍ [ القمر : ١٥ ] كما سيأتي في سورته إنْ شاء اللّه تعالى. والعامَّةُ على « أُمَّة » بضم الهمزة وتشديد الميم وتاء منونة ، وهي المدة الطويلة . وقرأ الأشهب العقيلي بكسر الهمزة ، وفسَّروها بالنعمة ، أي : بعد نعمةٍ أنعم بها عليه وهي خَلاصُه من السجن ونجاتُه من القتل ، وأنشد الزمخشري لعديّ : ٢٧٩٨ ثم بعد الفَلاَح والمُلْكِ والإِمْ . . . مَةِ وارَتْهُمُ هناك القبورُ وأنشد غيره : ٢٧٩٩ ألا لا أرى ذا إمَّةٍ أصبحَتْ به . . . فَتَتْركه الأيامُ وهي كما هيا وقرأ ابن عباس وزيد بن علي وقتادة والضحاك وأبو رجاء « أَمَهٍ » بفتح الهمزة وتخفيف الميم وهاء منونة من الأَمَهِ ، وهو النسيان ، يقال : أَمِهَ يَأْمَهُ أَمَهاً وأمْهاً بفتح الميم وسكونها ، والسكونُ غيرُ مَقيسٍ. وقرأ مجاهد وعكرمة وشُبَيْل بن عَزْرَة : « بعد أَمْهٍ » بسكون الميم ، وقد تقدَّم أنه مصدرٌ لأَمِه على غير قياس . قال الزمخشري : « ومَنْ قرأ بسكون الميم فقد خُطِّئ » . قال الشيخ : « وهذا على عادتِه في نسبته الخطأ إلى القراء » قلت : لم يَنْسِبْ هو إليهم خطأً؛ وإنما حكى أنَّ بعضَهم خطَّأ هذا القارئ فإنه قال : « خُطِّئ » بلفظِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه ، ولم يقل فقد أخطأ ، على أنه إذا صَحَّ أنَّ مَنْ ذكره قرأ بذلك فلا سبيلَ إلى الخطأ إليه ألبتَّةََ . و « بعد » منصوب ب « ادَّكر ». اهـ (الدر المصون). مكانك فيكون ذلك سبب خَلَاصِكَ من الحبْسِ. * * * |
﴿ ٤٦ ﴾