٩والدليل على أن التذكير مشتمل على الِإنْذار والتَّحْذِير مما نزِل بِمَنْ قبلهم قوله عزَّ وجلَّ بعد هذه الآية : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللّه جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩) أي ألم يأتهم أخبارُ أُولَئِكَ والنَوَازِلِ بهِمْ ، (لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللّه). فأعلم اللّه أن بعد هؤلاء أمَماً قد مضى من كان يعلم أنباءَهَا ، ومن هذا قيل : كذب النَّسَّابُونَ لأنهم لا يعلمون من كان بعد هؤلاء. وهذا يروى عن النبي - صلى اللّه عليه وسلم -. (جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ). يروى عن ابن مسعود أنهم عَضوا أناملهم غيظاً مما أتَتْهُم به الرسلُ. وقيل : (رَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ) ، أومأوا إلى الرسل أن اسكتُوا. وقيل ردوا أيْدِيَهُمْ ، الهاء والميمَ يرجعان على الرسل ، ردوا أيدي الرسل أي نِعَمَ الرسُل لأن مَجيئهم بالبيَّنَّاتِ نِعَم ، تقول : لفلان عندي يَدٌ أي نِعْمَة ، ومعنى في أفْوَاهِهِم بأفواههم ، أي ردوا تلك النعم بالنطق بالتكذيب لِمَا جاءت به الرسُلُ ، والمعنى أن الردَّ جَاء في هذه الجهة ، وفي معناها ، كما تقول : جلست في البيت ، وجلست بالبيت. وقالوا : (وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ). هذا هو الرد. * * * |
﴿ ٩ ﴾