٤وقوله عزَّ وجلَّ : (للّه الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) القراءة الضم ، وعليه أهل العربية ، والقراء كُلُّهم مجمعون عليه ، فأمَّا النحويون فيجيزون مِنْ قَبْلٍ ومن بَعْدٍ بالتنوين. وبعضهم يجيز من قَبْلِ وَمِن بَعْدِ - بغير تنوين ، وهذا خَطَأ لأن قَبْل وبَعْد ههنا أصلهما الخفض ولكن بُنيَتَا علَى الضم لأنهما غايَتَانِ. ومعنى (غاية) أن الكلمة حذفت منها الإضافَةُ ، وَجُعِلَت غاية الكلمة ما بقيَ بعد الحَذْفِ . وإنما بُنِيَتَا على الضم لأن إعرابَهُمَا في الإضَافَةِ النصبُ والخَفْضُ. تقول : رأيته قبلَكَ وَمِنْ قَبْلِكَ ، ولا يرفعان لأنهما لا يُحدَّث عَنْهُمَا لأنهما اسْتُعْمِلتَا ظرفَيْنِ ، فلما عُدِلَا عن بابهما حُركا بغير الحركتين اللتَيْنِ كانتا تَدْخُلَانِ عليهما بحق الإعراب. فأمَّا وجوب ذهاب إعْرَابِهما ، وَبِنَاؤُهما فلأنهُما عُرفَا من غير جهة التعريف ، لأنه حذف منهما ما أضيفتا إلَيْه. والمعنى للّه الأمر من قبل أَنْ يُغْلَبَ الروم ومن بعد ما غُلِبَتْ ، وأَما الخَفْض والتنْوِينُ فعلى من جعلهما نكرتين. : للّه الأمر مِنْ تَقَدُّمٍ وَتَأخُّرٍ. والضمُ أَجْوَدُ ، فأما الكسر بلا تنوينٍ فذكر الفرَاء أَنَه تَرْكُهْ عَلَى ما كَانَ يَكُونُ عَلَيْه في الإضافَةِ ولم يُنَوَّن ، واحتج بقول الأول : بين ذراعَيْ وَجبْهةِ الأَسَدِ وب ألا غلَالَةَ بَدَاهَةَ قارِح نَهْدِ الجُرَارَة وليس هذا كذلك لأن معنى بين ذراعي وجبهة الأسَدِ . بين ذراعيه وَجَبْهَتِهِ فقد ذكِرَ أَحَدَ المضافَيْن إلَيْهِمَا ، وذلك لوكان للّه الأمْرُ من قَبْلِ وَمِنْ بَعْدِ كَذا لجاز وكان من قبل كذا ومن بعد كذا. وليس هذا القول - مما يُعرَّج عَلَيْهِ ولا قاله أحد من النحويين المتقدمين (١). * * * وقوله عزَّ وجلَّ : (مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) . . الغَلَبُ والطلَبُ مَصْدَران ، تقول : غَلَبْتُ غَلَباً ، وَطَلَبْتُ طَلَباً. ْوزعم بعض النحويين أَنه في الأصل مِنْ بَعْد غَلَبَتِهِم ، وذكر أن الإضافة لما وقعت حذفت هاء الغلبةِ ، وهذا خطأ. الغلبةُ والغَلَبُ مصدر غَلَبْتُ مثل الجَلَبُ والجَلبةُ. * * * |
﴿ ٤ ﴾