٢و (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) جَوَاب القسم. وجاء في التفير أن النجم الثريَّا ، وكذلك يسميها العَرَبُ ، وجاء أيضاً في التفسير أن النجم نزول القرآن نَجماً بعد نجم ، وكان ينزل منه الآية والآيتان ، وكان بين أول نزوله إلى استتمامه عشرون سنةً. وقال بعض أهل اللغة : النجم بمعنى النجوم وأنشدوا. فباتت تَعُدُّ النَّجْمَ في مُسْتَحيرةٍ . . . سَريعٍ بأَيدي الآكِلينَ جُمودُها يصف قِدراً كثيرة الدسم ، ومعنى تعد النجم أي من صفاء دسمها ترى النجوم فيه ، والمستحيرة القدر ، فقال يجمد على الأيدي الدَّسَمَ مِنْ كَثْرتِه وقالوا مثله : (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ). ومعنى : (إذَا هَوَى) ، إذا سقط ، وإذا كان معناه نزول القرآن فالمعنى في " إذَا هَوَى " ، إذَا نزل (١). __________ (١) قال السَّمين : إِذَا هوى : في العاملِ في هذا الظرفِ أوجهٌ ، وعلى كلٍ فيها إشكال . أحدُ الأوجهِ : أنه منصوبٌ بفعل القسمِ المحذوفِ تقديرُه : أُقْسِمُ بالنجم وقتَ هُوِيِّه ، قاله أبو البقاء وغيرُه . وهو مُشْكِلٌ فإن فِعْلَ القسمِ إنشاءٌ ، والإِنشاءُ حالٌ ، و « إذا » لِما يُسْتقبل من الزمان فكيف يتلاقيان؟ الثاني : أنَّ العاملَ فيه مقدرٌ على أنَّه حالٌ من النجم أي : أُقْسِم به حالَ كونِه مستقراً في زمانِ هُوِيِّه . وهو مُشْكِلٌ مِنْ وجهين ، أحدهما : أن النجم جثةٌ ، والزمانُ لا يكونُ حالاً عنها كما لا يكونُ خبراً عنها . و الثاني : أنَّ « إذا » للمستقبلِ فكيف يكونُ حالاً؟ وقد أُجيب عن الأول : بأنَّ المرادَ بالنجم القطعةُ من القرآن ، والقرآنُ قد نَزَلَ مُنَجَّماً في عشرين سنةً . وهذا تفسيرُ ابن عباس وغيرِه . وعن الثاني : بأنها حالٌ مقدرةٌ . الثالث : أنَّ العاملَ فيه نفسُ النجم إذا أُريد به القرآنُ ، قاله أبو البقاء . وفيه نظرٌ؛ لأنَّ القرآنَ لا يَعْمل في الظرف إذا أُريد به أنه اسمٌ لهذا الكتابِ المخصوص . وقد يُقال : إن النجمَ بمعنى المُنَجَّم كأنه قيل : والقرآنِ المنجَّمِ في هذا الوقتِ . وهذا البحثُ وارِدٌ في مواضعَ منها والشمس وَضُحَاهَا [ الشمس : ١ ] وما بعدَه ، و والليل إِذَا يغشى [ الليل : ١ ] ، والضحى والليل إِذَا سجى [ الضحى : ١ ] . وسيأتي في الشمس بحثٌ أخصُّ مِنْ هذا تقف عليه إنْ شاء اللّه تعالى . وقيل : المراد بالنجم هنا الجنسُ وأُنْشد : ٤١٢١ فباتَتْ تَعُدُّ النجمَ في مُسْتَحيرةٍ . . . سريعٍ بأيدي الآكلين جمودُها أي : تَعُدُّ النجومَ ، وقيل : بل المرادُ نجمٌ معين . فقيل : الثُّريَّا . وقيل : الشِّعْرَى لذِكْرِها في وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشعرى [ النجم : ٤٩ ] . وقيل : الزُّهْرة لأنها كانت تُعْبَدُ . والصحيح أنها الثريَّا ، لأنَّ هذا صار عَلَماً بالغَلَبة . ومنه قولُ العرب : « إذا طَلَعَ النجمُ عِشاءً ابتغى الراعي كِساءً » . وقالوا أيضاً : « طَلَعَ النجمُ غُدْيَة فابتغى الراعي كُسْيَة » . وهَوَى يَهْوي هُوِيّاً أي : سقط من علو ، وهَوِي يَهْوَى هَوَىً أي : صَبَا . وقال الراغب : « الهُوِيُّ سقوطٌ مِنْ عُلُوّ » . ثم قال : والهُوِيُّ : ذهابٌ في انحدارٍ . والهوى : ذهابٌ في ارتفاع وأَنْشد : / ٤١٢٢ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . يَهْوي مخارِمَها هُوِيَّ الأجدَلِ وقيل : هَوَى في اللغة خَرَقَ الهوى ، ومَقْصَدُه السُّفْلُ ، مصيرُه إليه وإن لم يَقْصِدْه . قال : ٤١٢٣ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . هُوِيَّ الدَّلْوِ أسْلَمَها الرِّشاءُ وقد تقدَّم الكلامُ في هذا مُشْبَعاً. اهـ (الدُّرُّ المصُون). (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) يعني النبي - صلى اللّه عليه وسلم -. * * * |
﴿ ٢ ﴾