سُورَةُ الممتحنة

بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١

قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللّه رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١)

قيل  تُلقُونَ إليهم المودَّةَ ، والمعنى - واللّه أعلم - يلقون إليهم

أخبار النبي عليه السلام وسِرَّهُ بالمودةِ التي بينكُمْ وبينهم ، ودليل هذا القول :

(تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ) ما يستره النبي عليه السلام بالمودة.

ويروى أنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة ، وكان كتب إلى أهل مكة

يتنصُحُ لهم ، فكتب إليهم أن رسول اللّه يريد أن يغزوكم فخذوا حذركم فأطلع اللّه نبيه على ذلك ، وكان كتب إليهم كتاباً ووجه به مع امرأةٍ يقال إنها كانت مولاة بني هاشم ، فوجَّه رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - بعَلِى والزبَيْرِ خلفَها فلحقاها فسألاها عن الكتاب فأنكرت ، ففتشا ما معها فلم يجدا شيئاً ، فقال علي رضوان اللّه عليه : إن رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - لم يَكذِبْنا فأقسم عليٌّ عليها لتخرجن الكتابَ

ليضربنها بالسيف ، فقالت لهما : وَلِّيَا وُجُوهكما وأخرجت الكتابَ من قرن من قرون شعرها ، فجاء بالكتاب إلى النبي عليه السلام فعرضه على حاطب

فاعترف به وقال إن لي بمكة أهلًا ومالًا فأردت أن أتقرب مِنْهُمْ ، ولَنْ يرد اللّه

بأسه عنهم ، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ :

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ) الآية

إلى آخر القصة .

وأما  (إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي).

هذا شرط جوابه تَقَدَّم.

 إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء.

وجهاداً ، وابتغاء) منصوبان لأنهما مفعولان لهما.

 إن كنتم خرجتم لجهاد وابتغاء مرضاتي فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء.

ثم أعلمهم تعالى أنه ليس ينفعهم التقرب إليهم بنَقْل أخبار النبي عليه السلام فقال :

* * *

﴿ ١