سُورَةُ الطَّلاق(مدنية) بِسْمِ اللّه الرَّحْمن الرَّحِيمِ ١قوله عزَّ وجلَّ : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللّه رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّه وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّه فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللّه يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١) هذا خطاب للنبي عليه السلام والمؤمنون داخلون معه في الخطاب. ومعناه إن أردتم الطلاق كما قال : (إذَا قمْتمْ إلى الصَّلَاةِ) معناه إذا أرَدْتم القيام إلَى الصلاة. و (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ). فطلاق السنة المجْتَمَع عَلَيْه في قول مَالِك أَن يطلق الرجل امْرَأَته طَاهِراً من غير جماع تطليقة واحدة ، ثم يتركها إذا أراد المقام على فراقها ثَلَاثَ حِيَض ، فإذا طعنت في الحيضة الثالثة فلا يملك رجعتها ، ولكن إن شاء وشاءت أن يجددا نكاحاً جَدِيداً كان ذلك لهما لأن معنى : (لَعَلَّ اللّه يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) أَي بعد الطلاق الواحد. فإذا طلقها ثلاثاً في وقت واحد فلا معنى في (لَعَلَّ اللّه يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا). وإنما تفسيره الرجعة ، أعني إذا وقع الثلاث في وقت واحدٍ ، وهذا قول مالك - رحمه اللّه - وقال أهل العراق إن طلقها طاهراً من غير جماع ثم أوقع عند كل حيضة تطليقة فهو أيضاً عندهم طلاق السنة ، وأن فعل ما قال مالك فهو عندهم سنة أيْضاً. وقال الشافعي إذا طلَّقها طَاهِراً من غير جماع فهو مطلق للسنة أيضاً طلق واحدة ثلاثاً ، وهذا يسقط معه إذا كان ثلاثاً . (لَعَلَّ اللّه يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا). وقد جاء التشديد فيمن تعدى طلاق السنة ، فقال : (ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللّه وَالْيَوْمِ الْآخِرِ). وقال : (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّه فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ). يعني بحدود اللّه حدود طلاق السنة وما ذَكَرَ مع الطلاق. و (وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ). ويقرأ (مُبَيَّنَةٍ). فجعل للمطلقات السكنى ، وقيل إن خروجهن من بُيوتهِنَّ فاحشة. وقيل الفاحشة المبينة الزنا. ودليل هذا القول (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ) ، يعني الزنا . وقيل أَيضاً : (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) زنا سَرق شربُ خَمْر. وقيل كل ما يجب فيه الحد فهو فاحشة. * * * |
﴿ ١ ﴾