٤و (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤) جاء في التفسير أَنًه يَوْمُ القِيَامَةِ ، وجاء أَيضاً أن مقداره لو تكلفتموه خمسون ألف سنة ، والملائكة تعرج في كل يوم واحِدٍ. وقرئت : تعرجُ __________ (١) قال السَّمين : سَأَلَ : قرأ نافع وابنُ عامر بألفٍ مَحْضَةٍ . والباقون بهمزةٍ مُحَقَّقةٍ ، وهي الأصلُ ، وهي اللغةُ الفاشيةُ . ثم لك في « سأل » وجهان أحدُهما : أنْ يكونَ قد ضُمِّنَ معنى دعا؛ فلذلك تعدَّى بالباء ، كما تقول : دعوت بكذا . والمعنى : دعا داعٍ بعذابٍ . و الثاني : أَنْ يكونَ على أصلِه . والباءُ بمعنى عن ، ك ٤٣٢٦ فإن تَسْألوني بالنساء . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . « فأسْأل بن خبيرا » ، وقد تقدَّم تحقيقُه . والأولُ أَوْلَى؛ لأن التجوُّزَ في الفعل أَوْلَى منه في الحرف لقوتِه. وأمَّا القراءةُ بالألفِ ففيها ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدها : أنها بمعنى قراءةِ الهمزة ، وإنما خُفِّفَتْ بقَلْبِها ألفاً ، وليس بقياسِ تخفيفِ مثِلها ، بل قياسُ تخفيفِها جَعْلُها بينَ بينَ . والباءُ على هذا الوجهِ كما في الوجهِ الذي تقدَّم . الثاني : أنها مِنْ سال يَسال مثلُ خاف يَخاف . وعينُ الكلمةِ واوٌ . قال الزمخشري : « وهي لغةُ قريش يقولون : سِلْتَ تَسالُ ، وهما يتسايلان » . قال الشيخ : « وينبغي أَنْ يُتَثَبَّتَ في » إنها لغةُ قريشٍ ، لأنَّ ما جاء في القرآنِ من باب السؤالِ هو مهموزٌ ، أصلُه الهمزُ ، كقراءةِ مَنْ قرأ « وسَلُوا اللّه مِنْ فضلِه » [ النساء : ٣٢ ] إذ لا جائزٌ أَنْ يكونَ مِنْ « سال » التي عينُها واوٌ ، إذ كان يكون ذلك « وسَالوا اللّه » مثلَ « خافوا » ، فيَبْعُدُ أن يجيءَ ذلك كلُّه على لغةِ غيرِ قريشٍ ، وهم الذين نَزَل القرآنُ بلغتِهم إلاَّ يسيراً ، فيه لغةُ غيرِهم . ثم في كلامِ الزمخشريِّ « وهما يتسايَلان » بالياء ، وهو وهمٌ من النسَّاخ ، إنما الصوابُ : يتساوَلان بالواو ، لأنه صَرَّحَ أولاً أنه من السُوال يعني بالواو الصريحةِ ، وقد حكى أبو زيدٍ عن العربِ : « هما يتساولان » . الثالث : أنَّها مِنْ السَّيَلان . والمعنى : سالَ وادٍ في جهنم بعذابٍ ، فالعينُ ياءٌ ، ويؤيِّدُه قراءةُ ابن عباس « سالَ سَيْلٌ » . قال الزمخشريُّ : « والسَّيْلُ مصدرٌ في معنى السائلِ كالغَوْر بمعنى الغائر . والمعنى : اندفع عليهم وادي عذابٍ » انتهى . والظاهرُ الوجهُ الأولُ لثبوتِ ذلك لغةً مشهورةً قال : ٤٣٢٧ سالَتْ هُذَيْلٌ رسولَ اللّه فاحشةً . . . ضَلَّتْ هُذَيلٌ بما سالَتْ ولم تُصِبِ وقرأ أُبَيٌّ وعبد اللّه « سال سالٌ » مثلَ « مال » وتخريجُها : أنَّ الأصلَ « سائلٌ » فحُذِفَتْ عينُ الكلمةِ وهي الهمزةُ ، واللامُ محلُّ الإِعرابِ وهذا كما قيل : « هذا شاكٌ » في شائِكِ السِّلاح وقد تقدَّم الكلامُ على مادةِ السؤالِ في أول البقرة ، / فعليك باعتبارِه. والباءُ تتعلَّق ب « سال » من السَّيَلان تعلُّقَها ب « سال الماءُ بزيدٍ » . وجَعَلَ بعضُهم الباءَ متعلقةً بمصدرٍ دَلَّ عليه فِعْلُ السؤال ، كأنه قيل : ما سؤالُهم؟ فقيل : سؤالُهم بعذابٍ ، كذا حكاهُ الشيخ عن الإِمام فخر الدين ، ولم يَعْتَرِضْه . وهذا عَجَبٌ؛ فإنَّ قولَه أولاً « إنه متعلِّقٌ بمصدرٍ دَلَّ عليه فِعْلُ السؤال » يُنافي تقديرَه ب « سؤالُهم بعذاب »؛ لأنَّ الباءَ في هذا التركيبِ المقدَّرِ تتعلَّق بمحذوفٍ لأنها خبرُ المبتدأ ، لا بالسؤال. وقال الزمخشري : « وعن قتادةَ : سأل سائلٌ عن عذابِ اللّه بمَنْ يَنْزِلُ وعلى مَنْ يقعُ؟ فَنَزَلَتْ ، و » سأَل « على هذا الوجهِ مُضَمَّنٌ معنى عُنِيَ واهتمَّ ». اهـ (الدُّرُّ المصُون). الملائكة ، ويعرج الملائكة. وقيل منذ أول أَيامِ الدنيا إلى انقضائها خمسون ألف سنة. وجائز أن يكون " فِي يَوْمٍ " من صلة " واقع " ، فيكون سأل سائل بعذاب واقع في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. وذلك العذابُ يقع في يوم القيامة. * * * |
﴿ ٤ ﴾