سُورَةُ الجِنِّ

بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١

قوله عزَّ وجلَّ : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١)

القراءة (أوحِيَ) بإثبات الواو . - قد قرئت : (قُلْ أُحِيَ إِلَيَّ) - بغير واو.

فمن قال : (أُحِيَ إِلَيَّ) فهو من وحيت إليه ، والأكثر أَوْحَيْت إليه.

والأصل وحِي ، ولكن الواو إذا انْضمَّت قد تبدل منها الهمزة نحو :

(وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) ، أصله وقِّتَتْ لأنه مِنَ الوَقْتِ.

وجاء في التفسير أن هؤلاء النفر الذين من الجن استمعوا إلى النبي - صلى اللّه عليه وسلم - وهو يصلي الصبح ببطن نخلة ، وهو  (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا)

أي قال بعضهم لبعض أَمْسِكوا عن الكلام واستمعوا.

وقيل إنهم كانوا من جِنَ نَصِيبينْ ، وقيل إنهم كانوا مِنَ اليَمَن ، وقيل إنهم كانوا يَهوداً ، وَقِيل إنهم كانوا مشركين.

فأمَّا  (أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ) ، و (أَنَّ) مفتوحة لا غير.

* * *

و (إِنَّا سَمِعْنَا) و (فَإِنَّ لَهُ) ، و (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ).

فهذه الثلاث مكسورة لا غير.

وقد اختلف القراء فيما في هذه السورة غير هذه الحروف الثلاث فقال بعضهم : (وَأَنَّهُ ، وأَنَّا) فَاما عَاصمٌ فروى عنه أبوبكر بن عياش مثل قراءة نافع ومن تابعه ، وروى حفص بن سليمان عن الفتح فيما قرأه أبو بكر بالكسر ، والذي يَخْتاره النحوُّيونَ قراءة نافع ومن تابَعَهُ في هذه الآية عندهم ما كان محمولاً على

الوحي فهو (أنَّه) بفتح (أنَّ) وما كان من قول الجن فهو مكسور معطوف على

 (فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا) ، وعلى هذه القراءة يكون  ، وقالوا إنه تعالى جَدُّ رَبِّنَا ، وقالوا إنه كان يقول سفيهنا.

ومن فتح فذكر بعض النحويين ْأنه معطوف على الهاء.

 عِندَه فآمنا به وبأنه تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا

وكذلك ما بعد هذا عنده ، وهذا رديء في القياس.

لا يعطف على الهاء المكنية المحفوضة إلا بإظهار الخافض ، ولكن وجهه أن يكون محمولًا على معنى آمناً به ، لأن معنى آمنا به صدقناه وعلمناه ، ويكون  : وصدقنا أنه تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا.

* * *

﴿ ١