٢٨(ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) __________ (١) قال السَّمين : لا يُعَذِّبُ : قرأ الكسائي « لا يُعَذَّبُ » و « لا يُوْثَقُ » مبنيين للمفعولِ . والباقون قرؤُوهما مبنيَّيْن للفاعل . فأمَّا قراءةُ الكسائي فأُسْنِد الفعلُ فيها إلى « أحد » وحُذِفَ الفاعلُ للعِلْم به وهو اللّه تعالى الزَّبانيةُ المُتَوَلُّون العذابَ بأمرِ اللّه تعالى . وأمَّا عذابه ووَثاقه فيجوزُ أَنْ يكونَ المصدران مضافَيْن للفاعلِ والضميرِ للّه تعالى ، ومضافَيْنِ للمفعول ، والضميرُ للإِنسانِ ، ويكون « عذاب » واقعاً موقع تَعْذيب . والمعنى : لا يُعَذَّبُ أحدٌ تعذيباً مثلَ تعذيبِ اللّه تعالى هذا الكافرَ ، ولا يُوْثَقُ أحدٌ توثيقاً مثلَ إيثاقِ اللّه إياه بالسَّلاسِلِ والأغلالِ ، لا يُعَذَّبُ أحدٌ مثلَ تعذيبِ الكافرِ ، ولا يُوْثَقُ مثلَ إيثاقِه ، لكفرِه وعنادِه ، فالوَثاق بمعنى الإيثاق كالعَطاء بمعنى الإِعطاء . إلاَّ أنَّ في إعمالِ اسمِ المصدرِ عملَ مُسَمَّاه خلافاً مضطرباً فنُقل عن البصريين المنعُ ، وعن الكوفيين الجوازُ ، ونُقل العكسُ عن الفريقَيْن . ومن الإِعمال ٤٥٧١ أكُفْراً بعد رَدِّ الموتِ عني . . . وبعد عَطائِكَ المِئَةَ الرَّتاعا ومَنْ مَنَعَ نَصَبَ « المِئَة » بفعلٍ مضمر . وأَصْرَحُ من هذا قولُ الآخر : ٤٥٧٢ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . فإنَّ كلامَها شفاءٌ لِما بيا وقيل : ولا يَحْمِلُ عذابَ الإِنسانِ أحدٌ ك وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى [ الأنعام : ١٦٤ ] قاله الزمخشري . وأمَّا قراءةُ الباقين فإنه أَسْنَدَ الفعلَ لفاعلِه . / والضميرُ في « عذابَه » و « وَثاقَه » يُحتمل عَوْدُه على الباري تعالى ، بمعنى : أنَّه لا يُعَذِّبُ في الدنيا مثلَ عذابِ اللّه تعالى يومئذٍ أحدٌ ، أي : إنَّ عذابَ مَنْ يُعَذِّبُ في الدنيا ليس كعذابِ اللّه تعالى يومَ القيامةِ ، كذا قاله أبو عبد اللّه ، وفيه نظرٌ : من حيث إنه يَلْزَمُ أَنْ يكونَ « يومئذٍ » معمولاً للمصدرِ التشبيهيِّ ، وهو ممتنعٌ لتقدُّمِه عليه ، إلاَّ أن يُقالَ : يُتَوَسَّعُ فيه. وقيل : لا يَكِلُ عذابه ولا وَثاقَه لأحدٍ؛ لأنَّ الأمرَ للّه وحدَه في ذلك . وقيل : أنَّه في الشدة والفظاعةِ في حَيِّزٍ لم يُعَذِّبْ أحدٌ قط في الدنيا مثلَه . ورُدَّ هذا : بأنَّ « لا » إذا دَخَلَتْ على المضارعِ صَيَّرَتْه مستقبلاً ، وإذا كان مستقبلاً لم يطابقْ هذا ، ولا يُطْلَقُ على الماضي إلاَّ بمجازٍ بعيدٍ ، وبأنَّ « يومَئذٍ » المرادُ به يومَ القيامة لا دارُ الدنيا . وقيل : أنَّه لا يُعَذِّبُ أحدٌ في الدنيا مثلَ عذابِ اللّه الكافرَ فيها ، إلاَّ أن هذا مردودٌ بما رُدَّ به ما قَبلَه . ويُحتمل عَوْدُه على الإِنسان بمعنى : لا يُعَذِّبُ أحدٌ من زبانيةِ العذابِ مثلَ ما يُعَذِّبون هذا الكافرَ ، يكونُ : لا يَحْمِلُ أحدٌ عذابَ الإِنسانِ ك وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى [ فاطر : ١٨ ] . وهذه الأوجهُ صَعْبَةُ المَرامِ على طالِبها من غيرِ هذا الموضوعِ لتفرُّقها في غيرِه وعُسْرِ استخراجِها منه. وقرأ نافعٌ في روايةٍ وأبو جعفر وشَيْبة بخلافٍ عنهما « وِثاقَه » بكسر الواو. اهـ (الدُّرُّ المصُون). أَصْلُ (مَرْضِيَّةً) مَرْضوَّة أي راضية بما أتاها ، قد رُضِيَتْ وَزُكيَتْ. * * * |
﴿ ٢٨ ﴾