سورة آل عمران

بِسمِ اللّه الرَّحَمنِ الرَّحِيمِ

١

{آلم} {١}:

٢

 افتتاح كلام، شِعار للسورة، وقد مضى تفسيرها في البقرة {٢}، ثم انقطع فقلتَ: {اللّه لاَ إلَه إلاَّ هُوَ} {٢}: استئناف.

٧

{آياتٌ مُحْكمَاتٌ} {٧}: يعنى هذه الآيات التي تُسَمّيها في القرآن.

{وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} {٧}: يشبه بعضها بعضاً.

{فِي قُلُوِبهِمْ زَيْغٌ} {٧} أي جور.

{فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} {٧}: ما يشبه بعضه بعضاً، فيَطعنون فيه.

{ابْتغَاءَ الْفِتْنَةِ} {٧}: الكفر.

{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} {٧}: العلماء، ورَسخ أيضاً في الإيمان.

{تَأوِيَلهُ} {٧}: التأوِيل: التفسير، والمرجع: مَصِيرُه، قال الأعشى:

عَلَى أَنها كانت تَأَوّلُ حُبِّهـا

تأوُّلَ رِبْعِيّ السِّقابِ فأصْحَبا

قوله: تأول حبها: تفسيره: ومرجعه، أي إنه كان صغيراً في قلبه، فلم يزل ينبت، حتى أصحب فصار قديما، كهذا السَقْب الصغير لم يزل يشِبُّ حتى أصحب فصار كبيراً مثل أمِّه.

٨

{مِنْ لَدُنْكَ} {٨} أي من عندك.

٩

{لاَ رَيْبَ فِيهِ} {٩} لا شك فيه.

١٠

{لَنْ تُغْنِى عَنْهُم أمْوَالهُم وَلاَ أوْلاَدُهُمْ مِن اللّه شَيئاً} {١٠}: يعنى عند اللّه.

١١

{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} {١١}: كسُنة آل فرعون وعادتهم، قال الراجز:

ما زال هذا دأبُها ودأبِي

{كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} {١١} أي بكتُبنا وعلاماتنا عن الحق.

١٢

{المِهادُ} {١٢} الفِراش.

١٣

{قَدْ كَانَ لَكمُ آيةٌ} {١٣} أي علامةٌ.

{فِي فِئَتَيْنِ} {١٣} أي في جماعتين. {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّه} {١٣}: إن شئت، عطفتَها على {فِي}، فجررتَها وإن شئتَ قطعتها فاستأنفت، قال، كُثَيِّر عَزّة:

فكنتُ كذي رجْلِين رِجْلٍ صحيحةٍ

ورِجْلٍ رَمَى فيها الزمانُ فشَلَّتِ

وبعضهم يرفع رجل صحيحة.

{يَرَوْنَهُم مِثْلَيْهم رَأْىَ العَيْنِ} {١٣}: مصدر، تقول: فعَل فلان كذا رأْىَ عينى وسَمْعَ أُذِني.

{يُؤَيِّدُ} {١٣} يقوّى، من الأيد، وإن شئتَ من الأد.

{لَعِبْرَةً} {١٣}: اعتبار.

١٤

{والقَناطِير} {١٤}: واحدها قِنطار، وتقول العرب: هو قَدْر وزنٍ لا يحدّونه. {المُقَنْطَرة} مفنعلة، مثل قولك: ألفٌ مؤلفَّةٌ.

قال الكلبي: مِلء مَسْك ثَوْرٍ من ذهب أو فضة؛ قال ابن عباس: ثمانون ألف درهم؛

وقال السُّدِّى {مائة} رِطلٍ، من ذهب أو فضة؛

وقال جابر بن عبد اللّه: ألف دينار.

{والْخَيْلِ المُسوَّمة} {١٤} المُعْلمة بالسيماء، ويجوز أن تكون {مسوّمة} مُرعاةً، من أسمتُها؛ تكون هي سائمة، والسَّائِمة: الراعية، وربُّها يُسيمها.

{اْلأَنْعَام} {١٤}: جماعة النَّعَم.

{والحَرْث} {١٤}: الزرع.

{مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا} {١٤} يمتِّعهم، أي يقيمهم.

{المَآب} {١٤} المرجع، من آب يؤب.

١٥

{مُطَهَّرة} {١٥}: مهذَّبة من كل عيب.

١٧

{والقَانِتيِن} {١٧}: القانت المطيع.

١٨

{شَهِدَ اللّه} {١٨}: قضَى اللّه. {أنَّه لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ وَالمَلائِكَةُ} {١٨} شُهُودٌ على ذلك.

{بالقِسْطِ} {١٨} أقسط: مصدر المقُسِط وهو العادل؛ والقاسط: الجائر.

١٩

{الذِينَ أُتُوا الْكِتابَ} {١٩}: الأمَم الذين أتتْهم الكتُب والأنبياء.

٢٠

{والأُمِّيِّين} {٢٠}: الذين لم يأتهم الأنبياءُ بالكتب؛ والنبيُّ الأميُّ: الذي لا يكتب.

٢٤

{يَفْتَرُونَ} {٢٤} يختلقون الكذب.

٢٧

{تُولِجُ اللَّيلَ فِي النَّهار} {٢٧}: تَنقُص من الليل فتزيد في النهار، وكذلك النهار من الليل {وتُخْرِجُ الْحَيَّ مِن المَيِّتِ} {٢٧} أي الطيِّبَ من الخبيث، والمسلم من الكافر.

٢٨

{تُقاةً} {٢٨} وتَقِيّة واحدة.

٣٠

{أمَداً} {٣٠}: الأَمد الغاية.

٣٢

{فإن تَولَّوْا} {٣٢}، في هذا الموضع: فإن كفروا.

٣٥

{إذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَانَ} {٣٥} معناها: قالت: إمرأة عِمران.

{مُحَرَّراً} {٣٥} أي عتيقاً للّه، أعتقته وحرّرته واحد.

٣٧

{فَتَقَبَّلَها رَبُّها بقبَول حَسَنٍ} {٣٧}: أوْلاَها.

{وكَفَلها زَكَريّاء} {٣٧} أي ضمَّها، وفيها لغتان: كفَلها يكفُل وكَفِلها يكفَل.

{المِحْرابَ} {٣٧}: سيِّدُ المجالس ومقدَّمها وأشرفها، وكذلك هو من المساجد.

{أَنَّى لَكِ هَذَا} أي من أين لكِ هذا، قال الكمُيت بن زيد:

أنّيَ ومن أيْن آبك الطُّـرَبُ

مِن حيث لا صَبْوَةٌ ولا رِيَبُ

 ٣٩

{يُبَشِّرُكَ} {٣٩}، {يَبْشُرُكَ} واحد.

{بِكَلِمَةٍ مِنَ اللّه} {٣٩} أي بكتاب من اللّه؛ تقول العرب للرجل: أَنشِدْني كلمة كذَا وكذا، أي قصيدة فلان وإن طالت.

{وحَصَوراً} {٣٩}: الحصور له غير موضع والأصل واحد؛ وهو الذي لا يأتي النساء، والذي لا يولد له، والذي يكون مع النَّدامَى فلا يُخرِج شيئاً، قال الأخطل:

وشاربٍ مُرْبِحٍ لِلكأس نادَمَنى

لا بالحَصور ولا فيها بسَوّارِ

الذي لا يساور جليسَه كما يساور الأسدُ؛ والحَصور: أيضاً الذي لا يخرج سِرّا أبَداً، قال جرير:

ولقد تُسقِّطنى الوُشَاةُ فصادفوا

حَصِراً بِسرّكِ يا أُمَيْم ضَنِينا

 ٤٠

{وقَدَ بلَغَني الكِيَرُ} {٤٠} أي بلغتُ الكبرَ، والعرب تصنع مثل هذا، تقول: هذا القميص لا يقطعنى أي أنت لا تقطعه، أي إنه لا يبَلغ ما أُريد من تقديرٍ.

{عَاقِرٌ} {٢٠} العاقِر: التي لا تلد، والرجل العاقر: الذي لا يولد له، قال عامر بن الطُّفَيْل:

لَبئس الفَتَى إن كنتُ أعورَ عاقراً

 ٤١

جَباناً فما عُذرى لَدىَ كل مَحضَرِ

{إلاّ رَمْزاً} {٤١}: باللسان من غير أن يُبين، ويخفض بالصوت مثل هَمْسٍ.

{والإبْكَارِ} {٤١}: مصدرُ من قال أبكر يُبكر، وأكثرها بكرّ يبكرّ وباكَر.

٤٢

{وَإِذْ قَالَتْ الَملاَئِكَةُ} {٤٢}: مثل قالت الملائكة.

٤٤

{مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ} {٤٤}: من أخبار الغيب، ما غاب عنك.

{وَمَا كُنْتَ لَدَيهِمْ} {٤٤} أي عندهم.

{أَقْلاَمَهُمْ} {٤٤}: قداحهم.

{يَكْفُلُ} أي يَضُمّ.

٤٥

{بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} {٤٥}: الرسالة، هو ما أوحَى اللّه به إلى الملائكة في أن يجعل لمريم ولداً.

{وَجِيهاً} {٤٥} الوَجِيه: الذي يشرف، ويكون له وجه عند الملوك.

٤٩

{اْلأكْمَه} {٤٩}: الذي يولد من أمه أعمى، قال رؤبة:

وكَيْدِ مَطَّالٍ وَخَصْمٍ مِـنْـدَهٍ

هَرَّجْتُ فَارْتدَّ ارْتِدَادَ اْلأكْمَهِ

هرّجته حتى هَرَج، مثل هَرَج الحرّ.

٥٠

{وَلأحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} {٥٠} بعض يكون شيئاً من الشيء، ويكون كلَّ الشيء، قال لبيد بن ربيعة:

تَراكُ أمكنةٍ إذا لـم أَرْضَـهَـا

 ٥٢

أو يَعتِلقْ بعضَ النفوسِ حمامُها

فلا يكون الحمامَ ينزل ببعض النفوس، فيُذهب البعضَ، ولكنه يأتى على الجميع.

{فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} {٥٢} أي عرف منهم الكفر.

{قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إلَى اللّه} {٥٢} أي مَن أعْواني في ذات اللّه.

{قَالَ الْحَوَارِيُّونَ} {٥٢}: صفوة الأنبياء الذين اصطفوهم،

وقالوا: القصّارون؛ والحواريات: من النساء اللاتى لا ينزلن البادية، وينزلن القُرَى، قال الحادي:

لما تَضمَّنتِ الحوَاريَّات

 

وقال أبو جَلْدَة اليَشْكُرِىّ:

وقُلْ لِلْحَواريات تبكين غيرَنا

 ٥٤

ولا تبكنا إلاَّ الِكلابُ النوابحُ

{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللّه} {٥٤}: أهلكهم اللّه.

٥٥

{وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} {٥٥}: أي هم عند اللّه خير من الكفار.

٥٧

{لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} {٥٧}: الكافرين.

٥٩

{فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبَكَ}: انقضى الكلام الأول، واستأنف فقال: {الحقُّ مِنْ رَبِّكَ}.

٦٠

{فَلاَ تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} {٦٠} أي الشّاكِّين.

٦١

{ثمَّ نَبْتَهِلْ} {٦١} أي نَلْتعن؛ يقال: ماله بهَلَه اللّه، ويقال: عليه بهْلَةُ اللّه؛ والناقة باهلٌ وباهلة، إذا كانت بغير صِرارٍ، والرجل باهل، إذا لم يكن معه عصاً؛ ويقال: أبهلتُ ناقتى، تركتُها بغير صِرَارٍ.

٦٢

{إنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ} {٦٢} أي الخبر اليقين.

٦٣

{فإنْ تَوَلَّوْا} {٦٣}: فإن كفروا، وتركوا أمر اللّه.

٦٤

{سَوَاءِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} {٦٤} أي النِّصف، يقال: قد دعاك إلى السواء فاقبلْ منه.

{إلَى كَلِمَةٍ} {٦٤} مفسرة بعد {أن لاَ نَعبُدَ إلاّ اللّه، وَلاّ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً} بهذه الكلمة التي دعاهم إليها.

٧٠

{لمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللّه} {٧٠}: بكتب اللّه.

{وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} {٧٠} أي تعرفون.

٧١

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} {٧١} أي لم تَخْلِطون، يقال: لبَست عليّ أمرك.

٧٢

{وَجْهَ النّهَارِ} {٧٢} أوله، قال ربيع بن زياد العَبْسِي.

مَن كان مسروراً بمَقْتَل مالكٍ

 

فليأتِ نِسوتَنا بوجهِ نـهـارِ

كقولك: بصدر نهار.

٧٣

{وَلاَ تُؤْمِنُوا إلا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ} {٧٣}: لا تُقِرُّوا: لا تصدِّقوا.

٧٥

{إّلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائماً} {٧٥} يقول: ما لم تفارقه.

٧٧

{لاَ خَلاَقَ لَهُمْ} {٧٧} أي لا نصيب لهم.

{وَلاَ يُزَكِّيِهْم} {٧٧} لا يكونون عنده كالمؤمنين.

٧٨

{يَلْوُونَ ألْسِنَتَهُمْ بالْكِتَابِ} {٧٨} أي يقلبونه ويُحرِّفونه.

٧٩

{وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيينَ} {٧٩}: لم يعرفوا ربانيين.

٨١

{عَلَى ذَلِكمُ إِصْرِي} {٨١} أي عهدي.

٩٤

{فَمَنِ افتَرَى عَلَى اللّه الكَذِبَ} {٩٤} أي اختلق.

٩٦

{لَلّذِي ببَكَّةَ} {٩٦}: هي اسم لبطن مكةَ، وذلك لأنهم يتباكّون فيها ويزدحمون.

٩٩

{تَبْغُوَنهَا عِوَجاً} {٩٩}: مكسورة الأول، لأنه في الدِّين، وكذلك في الكلام والعمل؛ فإذا كان في شيء قائمٍ نحو الحائط، والجِذع: فهو عَوَج مفتوح الأول.

{وَأنْتُمْ شُهَدَاءُ} {٩٩} أي علماء به.

١٠٣

{عَلَى شَفَا حُفْرةٍ} {١٠٣} أي حرفٍ مثل شَفا الرَّكِيّة وحروفها. {فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} {١٠٣} ترك {شَفَا}، ووقع التأنيث على {حفرة} وتصنع العرب مثل هذا كثيراً، قال جرير:

رَأَتْ مَرَّ السنين أخذن منِي

 

كما أَخذ السِّرَارُ من الهِلاَلِ

 

وقال العّجاج:

طَولُ الليالِي أسرعتْ في نَقْضِى

 ١٠٤

طَوَيْنَ طُولِى وطَوَيْنَ عَرْضِي

{وَلتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الخَيْرِ} {١٠٤}، و{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ} {١١٠}، أما قوله: {إنَّ إبرَهِيمَ كَانَ أُمَّةً قانتاً} {١٦ ١٢٠} أي كان إماماً مُطيعاً، ويقال أنت أُمَّة في هذا الأمر، أي يُؤتم بك. {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} {١٢ ٤٥}: بعد قرن، ويقال: {بَعْد أَمَهٍ} أي نسيان، نسيتُ كذا وكذا: أي أمِهْتُ، وأنا آمَهُهُ، ويقال: هو ذو أمِهٍ. مكسور الميم، وبعُضهم يقول: ذو أُمَّةٍ بمعنًى واحد، أي ذو دين واستقامة؛ وكانوا بأمةٍ وبإمة، أي استقامة من عيشهم، أي دَوْم منه؛ {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة} أي جماعة؛ وهو أمَّةٌ على حِدة، أي واحد، ويقال: يُبعَث زيد بن عمرو ابن نُفَيل أمةً وحده،

وقال النابغة في أُمة وإِمَّةٍ، معناه الدِّين والإستقامة:

وهل يأثمَنْ ذو أمة وهو طائعُ

ذو أمة: بالرّفع والكسر، والمعنى الدِّين، والاستقامة.

١٠٦

{فأمّا الذِينَ اسوَدَّتْ وُجُوههم أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ} {١٠٦}: العرب تختصر لعلم المخاطَبُ بما أريد به، فكأنه خرج مَخرج قولك: فأما الذين كفروا فيقول لهم: أكفرتم، فحذف هذا واختُصر الكلام،

وقال الأَسَدِيّ:

كذبتم وبيتِ اللّه لا تُنكِحُونـهـا

 

بَنِي شابَ قَرْناها تَصُرّ وتَحْلُبُ

أراد: بنى التي شاب قرناها،

وقال النابغة الذيبانيّ:

كأنكَ مِن جمال بني أُقَيْشٍ

 

يُقَعْقَع خَلفَ رجْلَيه بشنّ

بني أقَيْشٍ: حَيٌّ من الجن، أراد: كأنك جمل يقعقع خلف الجمل بشنّ، فألقى الجمل، ففُهم عنه ما أراد.

١٠٨

{تِلْكَ آياتُ اللّه نتْلُوهَا عَلَيْكَ بالْحَقِّ} {١٠٨} أي عجائب اللّه، {نتلوها}: نقصُّهَا.

١١٢

{إلاَّ بحَبْلِ مِنَ اللّه} {١١٢}: إلا بعهد من اللّه، قال الأعشى:

وَإذا تجوّزُها حِبـالُ قـبـيلَةٍ

 

أخذتْ من الأخرى إليكَ حبالهَا

{وَبَاءوا بِغَضَبٍ مِنَ اللّه} {١١٢} أي أحرزوه وبانوا به.

{وَضُرِبَتْ عَلَيْهِم المَسْكَنَةُ} {١١٢}: أي أُلزِمُوا المسكنة.

١١٣

{لَيْسُوا سَوَءاً منْ أَهْلِ الكِتَابِ أمّةٌ قَائمةٌ} {١١٣}: العرب تجوّز في كلامهم مثل هذا أن يقولوا: أكلوني البراغيثُ، قال أبو عبيدة: سمعتُها من أبي عمرو والهذلي في منطقه، وكان وجْهُ الكلام أن يقول: أكلني البراغيث. وفي القرآن: {عَمُوا وصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} {٥٧٤}: وقد يجوز أن يجعله كلامين، فكأنك قلت: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب}، ثم قلتَ: {أُمَّةٌ قَائمةٌ}، ومعنى {قَائمة} مستقيمة.

{آناءَ اللَّيْلِ} {١١٣}: ساعاتِ الليل، واحدُها {إنْيٌ}، تقديرها: {جِثْىٌ}، والجميع {أجْثاء}، قال أبو أثَيْلة:

حُلْوٌ ومُرٌّ كعِطْف القِدْح مِرَّته

 ١١٧

في كل إنْيٍ قضَاه الليلُ يَنتعلُ

{كمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ} {١١٧}: الصّر: شدة البرد، وعصوفٌ من الريح.

١١٨

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِن دُونِكُمْ} {١١٨}: البِطَانة: الدُّخلاء من غيركم.

{لا يَألُوَنكُمْ خَبَالاً} {١١٨} أي لا تألوكم هذه البطانة خبالاً، أي شّراً.

{قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ} {١١٨} أي الأعلام.

١١٩

{إنَّ اللّه عَليمٌ بِذَات الصُّدُورِ} {١١٩} أي بما في الصدور.

١٢١

{مِن أَهْلِكَ تُبَوِّئُ المُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ للقِتَالِ} {١٢١}: مُتّخِذاً لهم مصافاً مُعَسكراً.

١٢٥

{بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِن المَلاَئِكَةِ مُسَوَّمِينَ} {١٢٥} أي مُعْلَمين. هو مِن المُسَوَّم الذي له سِيماء بعمامة أو بصوفة أو بما كان.

١٢٧

{لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِن الذِينَ كَفَرُوا} {١٢٧} أي ليهلك الذين كفروا.

{أو يَكْبِتَهُمْ} {١٢٧} تقول العرب: كبتَه اللّه لوجهه: أي صرَعه اللّه.

{قَدْ خَلَتْ} {١٣٧}: قد مضت، {سُنَنٌ} {١٢٧} أي أعلامٌ.

١٣٩

{وَلاَ تَهِنُوا} {١٣٩} أي لا تَضْعفوا، هو من الوَهن.

١٤٠

{إنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} {١٤٠}، القَرْح: الجراح، والقتل.

١٤٤

{انْقَلَبْتُمْ عَلَى أعْقَابِكُمْ} {١٤٤}: كل مَن رجع عما كان عليه، فقد رجع على عقبيه.

١٤٥

{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أنْ تَمُوتَ} {١٤٥} معناها: ما كانت نفسِ لتَموتَ إلاَّ بإذن اللّه.

١٤٦

{رِبِّيُّون} {١٤٦} الرِّبِّيُّون: الجماعة الكثيرة، والواحد منها رِبِّي.

١٤٧

{وإسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا} {١٤٧}: تفريطنا.

١٥١

{مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً} {١٥١} أي بياناً.

١٥٢

{إذْ تَحُسُّونَهم} {١٥٢}: تستأصلونهم قَتْلاً، يقال: حسسناهم من عند آخرهم، أي استأصلناهم، قال رؤبة:

إذا شكَوْنا سَنَةً حَسوسـا

 

تأكلُ بَعْدَ الأخضرِ اليَبيِسَا

{ثُمَّ صَرَفكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} {١٥٢} أي ليبلوكم: ليختبركم، ويكون {ليبتليكم} بالبلاء.

١٥٣

{إذْ تُصْعِدُونَ} {١٥٣} في الأرض، قال الحادي:

قد كنتِ تبكين على الإصعـادِ

 

فاليوم سُرّحتِ وصاحَ الحادي

وأصل {الإصعاد} الصعود في الجبل، ثم جعلوه في الدَّرَج، ثم جعلوه في الإرتفاع في الأرض، أصعد فيها: أي تباعد.

{أُخْرَاكُمْ} {١٥٣} آخِركم.

جاء موضع رفعٍ: {وَطائِفةُ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أنْفُسهُمْ} ولو نصبتَ على الأول إذ كانت مفعولاً بها لجازت إن شاء اللّه، كقولك: رأيت زيداً، وزيداً أعطاه فلان مالاً، ومثلُها في القرآن: {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالميِنَ أَعَدَّ لَهمُ عَذَاباً أَلِيماً} {٧٦٣١} فنصب {الظالمين} بنصب الأول على غير معنى: {يُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَتِهِ}.

١٥٦

{ضَرَبُوا فِي اْلأَرْضِ} {١٥٦} يقال: ضربتُ في الأرض: أي تباعدتُ.

{أَوْ كَانُوا غُزّىً} {١٥٦} لا يدخلها رفع ولا جرّ لأن واحدها: غازٍ، فخرجت مخرج قائل وقُوَّل، فُعَّل،

وقال رؤبة:

وقُوَّلٍ إلاَّ دَهِ فلا دَهِ

يقول: إن لم يكن هذا فلا ذا. ومثل هذا قولهم: إن لم تتركه هذا اليوم فلا تتركه أبداً، وإن لم يكن ذاك الآن لم يكن أبداً.

{حَسْرَةً} {١٥٦} الحسرة: الندامة.

١٥٩

{فَبمِا رَحْمَةٍ مِنَ اللّه} {١٥٩}: أعملْتَ الباء فيها فجررتَها بها كما نصبت هذه الآية: {إنَّ اللّه لاَ يَسْتَحْيى أنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضةً} ٢٦}.

{لاَ نْفَضُّوا مِن حَوْلِكَ} {١٥٩} أي تفرَّقوا على كل وجه.

{فَإذَا عَزَمْتَ} {١٥٩} أي إذا أجمعتَ.

١٦١

{وَمَا كَانَ لنَبِيٍّ أنْ يُغَلَّ} {١٦١}: أن يُخان.

{هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللّه} {١٩٧} أي هم مَنَازلُ، معناها: لهم دَرَجات عند اللّه، كقولك: هم طبقات، قال ابن هَرْمة:

أرَجْماً لِلمَنُونِ يَكونُ قَوْمِـي

لرِيبِ الدَّهر أم دَرَجُ السُيُولِ

تفسيرها: أم هُم على درج السيول. ويقال للدرجة التي يصعَد عليها: دَرَجة، وتقديرها: قَصَبة، ويقال لها أيضاً: دُرَجة.

١٦٥

{قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} {١٦٥} أي إنكم أذنبتم فعُوقبتم.

١٦٧

{لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً} {١٦٧} أي لو نعرف قتالا.

١٦٨

{فَادْرَءُوا عَنْ أنْفُسِكُمْ} {١٦٨} أي ادفعوا عن أنفسكم.

١٦٩

{أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ} {١٦٩} أي بل هم أحياء.

١٧٣

{الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمعُوا لَكُمْ} {١٧٣}: وقع المعنى على رجل واحد، والعرب تفعل ذلك، فيقول الرجل: فعلنا كذا وفعلنا، وإنما يعنى نفسه، وفي القرآن: {إنَّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} {٥٤٤٩} واللّه هُوَ الخالق.

١٧٦

{يُرِيدُ اللّه أنْ لاَ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً} {١٧٦} أي نصيباً.

١٧٨

{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أنَّ مَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لأنْفُسِهِمْ} {١٧٨}: ألف {أن} مفتوحة، لأن {يحسبن} قد عمِلت فيها، {وما}: في هذا الموضع بمعنى {الذي} فهو اسم، والمعنى من الإملاء ومن الإطالة، ومنها قوله: {واهْجُرْني مَلِيّاً} {١٩ ٤٤}: أي دهراً؛ وتمليت حبيبك؛ والمَلَوَان: النهار والليل كما ترى، قال ابن مُقْبِل:

ألا يا دِيارَ الحَيّ بالسَّبُعانِ

 

أمَلَّ عليها بالبِلَى المَلَوَانِ

يعنى الليل والنهار، و{أملّ عليها بالبلى}: أي رجع عليها حتى أبلاها، أي طال عليها، ثم أستأنفتَ الكلام فقلت: {إنّمَا تمَلي لهُمْ ليزْدَادُوا إثماً} {١٧٨} فكسرتَ ألف {إنما} للابتداء فإنما أبقيناهم إلى وقت آجالهم ليزدادوا إثماً؛ وقد قيل في الحديث: المَوْتُ خيْرٌ لِلُمْؤِمن لِلنَّجَاةِ مِن الفِتْنةِ، وَالمَوْتُ خيرٌ لِلكَافِرِ لِئَلاَّ يزْدَادَ إثماً.

{عَذَابٌ مُهِينٌ} {١٧٨}: فذلك من الهَوَان.

١٧٩

{يَجْتِبي مِن رُسُلِهِ} {١٧٩}: يختار.

١٨٠

{وَلاَ يَحْسَبنَّ الّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا أتَاهُمُ اللّه مِنْ فَضلِهِ هُوَ خيْراً لَهمُ} {١٨٠}: انتَصَب، ولم تَعمل {هو} فيه، وكذلك كل ما وقفتَ فيه فلم يتمَّ إّلا بخبر نحو: ما ظننتُ زيداً هو خيراً منك، وإنما نصبتَ {خيراً}، لأنك لا تقول: ما ظننت زيداً، ثم تسكت؛ وتقول: رأيت زيداً فيتم {الكلام}، فلذلك قلت: هو خير منك فرفعتَ وقد يجوز في هذا النصبُ.

{سَيُطوَّقُونَ} {١٨٠}: يُلزَمون، كقولك طوَّقته الطوقَ.

١٨١

{عَذَابَ الْحَرِيق} {١٨١}: النارُ اسم جامع؛ تكون ناراً وهي حريق وغير حريقٍ، فإذا التَهبت فهي حريق.

١٨٢

{سَيُكْتَبُ مَا قَالُوا} {١٨٢}: سيُحْفَظ.

١٨٣

{إنَّ اللّه عَهِدَ إلَيْنَا} {١٨٣}: أمرنا، {أَلاَّ نُؤمِنَا لِرَسُولٍ} {١٨٣}: أن لا نَدِين له فنقرَّ به.

١٨٥

{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقةُ المَوْتِ} {١٨٥}: أي ميّتة،

قال:

الموتُ كأسٌ والمَرْء ذائقُها

في هذا الموضع شاربها.

١٨٧

{فنَبَذُوه وَراءَ ظُهُورِهم} {١٨٧} أي لم يلتفتوا إليه يقال: نبذتَ حاجتي خلف ظهرك، إذا لم يلتفت إليها، قال أبو الأسْود الدُّؤَلِيّ:

نظَرْتَ إلى عنوانه فنَبـذتُـه

 ١٨٨

كنبذك نَعْلاً أخلقت مِن نِعالكا

{بِمَفَازَةٍ مِن العَذَاب} {١٨٨}: أي تزَحْزُحٍ زِحْزَحٍ بعيدٍ.

١٩١

{وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَاْلأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً} {١٩١}: العرب تختصر الكلام ليخففوه لعلم المستمع بتمامه فكأنه في تمام القول: ويقولون: ربنا ما خلقتَ هذا باطلا.

١٩٣

{يُنَادِىِ لْلإِيمانِ} {١٩٣} أي ينادى إلى الإيمان، ويجوز: إننا سمعنا منادياً للإِيمان ينادى.

١٩٥

{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَني لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ} {١٩٥}: فتحت ألف {أن} لأنك أعملتَ {فاستجاب لهم ربهم} بذلك، ولو كان مختصراً على قولك.

وقال إني لا أضيع أجْرَ العامِلين فكسرت الألف. {لأكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} لأذهبنّها عنهم أي لأمحونَّها عنهم؛ {فاستجاب لهم} أي أجابهم، وتقول العرب: استجبتك، في معنى استجبت لك، قال الغَنَوِيّ:

وداعٍ دعا يا مَن يُجيب إلى النَّدَى

 ١٩٨

فلم يستجبه عند ذاك مُـجـيبُ

{نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللّه} {١٩٨} أي ثواباً، ويجوز مُنْزَلاً من عند اللّه من قولك: أنزلتُه منزلاً.

٢٠٠

{وَرَابِطُوا} {٢٠٠} أي اثْبتُوا ودُوموا، قال الأخطل:

ما زال فينا رِباطُ الخيل مُعْلَمةً 

وفي كُلَيْبٍ رِباطُ الُّلوم والعارِ

﴿ ٠