٥البقرة : ٥ أولئك على هدى . . . . . أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون [ آية : ٥ ] . فلما سمع أبو ياسر بن أخطب اليهودي بهؤلاء الآيات ، قال لأخيه جدى بن أخطب : لقد سمعت من محمد كلمات أنزلهن اللّه على موسى بن عمران ، فقال جدى لأخيه : لا تعجل حتى تتثبت في أمره ، فعمد أبو ياسر وجدى إبنا أخطب ، وكعب بن الأشرف ، وكعب بن أسيد ، ومالك بن الضيف ، وحيى بن أخطب ، وسعيد بن عمرو الشاعر ، وأبو لبابة بن عمرو ، ورؤساء اليهود ، فأتوا النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال جدى للنبي صلى اللّه عليه وسلم : يا أبا القاسم ، أخبرني أبو ياسر بكلمات تقولهن آنفا ، فقرأهن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال جدى : صدقتم ، أما الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ، فنحن هم ، وأما والذين يؤمنون بما أنزل إليك فهو كتابك وما أنزل من قبلك ، فهو كتابنا ، وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ، فأنتم هم قد آمنتم بما أنزل إليكم وإلينا ، وآمنتم بالجنة والنار ، فآيتان فينا وآيتان فيكم . ثم قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : ننشدك باللّه أنها نزلت عليك من السماء ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ أشهد باللّه أنها نزلت علي من السماء ′ ، فذلك قوله سبحانه في يونس : ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي [ يونس : ٥٣ ] ، يعني ويستخبرونك أحق هو ؟ قل : إي وربي ، ويعني بلى وربي إنه لحق . فقال جدى : لئن كنت صادقا ، فإنكم تملكون إحدى وسبعين سنة ، ولقد بعث اللّه عز وجل في بني إسرائيل ألف نبي كلهم يخبرون عن أمتك ولم يخبرونا كم تملكون حتى أخبرتنا أنت الآن ، ثم قال جدى لليهود : كيف ندخل في دين رجل منتهى ملك أمته إحدى وسبعون سنة ، فقال عمر بن الخطاب ، رضوان اللّه عليه : وما يدريك أنها إحدى وسبعون سنة ؟ فقال جدى : أما ألف في الحساب فواحد ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون سنة ، فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال جدي : هل غير هذا ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ′ نعم المص كتاب أنزل إليك ′ [ الأعراف : ١ ، ٢ ] . فقال جدي : هذه أكبر من الأولى ، ولئن كنت صادقاً : فإنكم تملكون مائتي سنة واثنتين وثلاثين سنة ، ثم قال : هل غير هذا ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ′ [ هود : ١ ] ، فقال جدي : هذه أكبر من الأولى والثانية ، وقد حكم وفصل ، ولئن كنت صادقاً ، فإنكم تملكون أربعمائة سنة وثلاثا وستين سنة ، فاتق اللّه ولا تقولن إلا حقاً ، فهل غير هذا ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ المر تلك آيات الكتاب ′ [ الرعد : ١ ] ، فقال جدي : لئن كنت صادقاً ، فإنكم تملكون سبعمائة سنة وأربعاً وثلاثين سنة ، ثم إن جدي قال : الأن لا نؤمن بما تقول ، ولقد خلطت علينا فما ندري بأي قولك نأخذ ، وأيما أنزل عليك نتبع ، ولقد لبست علينا حتى شككنا في قولك الأول ، ولولا ذلك لاتبعناك . قال أبو ياسر : أما أنا فأشهد أن ما أنزل على أنبيائنا حق ، وأنهم قد بينوا لنا ملك هذه الأمة ، فإن كان محمد صادقاً فيما يقول ، ليجمعن له هذه السنون كلها ، ثم نهضوا من عنده ، ف كفرنا بقليله وكثيره ، فقال جدي لعبد اللّه بن سلام وأصحابه : أما تعرفون الباطل فيما خلط عليكم ؟ ف بلى نعرف الحق فيما يقول ، فأنزل اللّه عز وجل في كفار اليهود بالقرآن : الم اللّه لا إله إلا هو الحي الذي لا يموت القيوم يعني القائم على كل شيء نزل عليك الكتاب يا محمد بالحق لم ينزل باطلاً مصدقا لما بين يديه ، يقول سبحانه : قرآن محمد يصدق الكتب التي كانت قبله وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس يعني لبني إسرائيل من الضلالة ، ثم قال عز وجل وأنزل الفرقان [ آل عمران : ١ - ٤ ] ، يعني قرآن محمد بعد التوراة والإنجيل ، يعني بالفرقان المخرج من الشبهات والضلالة ، نظيرها في الأنبياء ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان [ الأنبياء : ٤٨ ] ، يعني المخرج . وفي البقرة وبينات من الهدى والفرقان [ البقرة : ١٨٥ ] . إن الذين كفروا بآيات اللّه ، اليهود كفروا بالقرآن ، يعني هؤلاء النفر المسلمين وأصحابهم لهم عذاب شديد واللّه عزيز في ملكه وسلطانه ذو انتقام [ آل عمران : ٤ ] من أهل معصيته وأنزلت أيضاً في اليهود في هؤلاء النفر وما يحسبون من المتشابه هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب [ آل عمران : ٧ ] . فأما المحكمات ، فالآيات الثلاث اللاتي في الأنعام : قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ، إلى قوله سبحانه : لعلكم تتقون [ الأنعام : ١٥١ - ١٥٣ ] ، فهن محكمات ولم ينسخهن شيء من الكتاب ، وإنما سمين أم الكتاب ؛ لأن تحريم هؤلاء الآيات في كل كتاب أنزله اللّه عز وجل . وأخر متشابهات ، يعني : آلم آلمص الر المر ، شبهوا على هؤلاء النفر من اليهود كم تملك هذه الأمة من السنين فأما الذين في قلوبهم زيغ ، يعني ميل عن الهدى ، وهم هؤلاء اليهود فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة ، يعني الكفر وابتغاء تأويله ، يعني منتهى كم يملكون . يقول اللّه عز وجل : وما يعلم تأويله إلا اللّه ، يعني كم تملك هذه الأمة من السنين ، والراسخون في العلم ، يعني عبد اللّه بن سلام وأصحابه يقولون آمنا به ، يعني بالقرآن كله كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب [ آل عمران : ٧ ] يعني من كان له لب أو عقل . ثم قال ابن صلام وأصحابه : ربنا لا تزغ قلوبنا كما أزغت قلوب اليهود بعد إذ هديتنا إلى الإسلام وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب [ آل عمران : ٨ ] . فآيتان من أول هذه السورة نزلتا في أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم المهاجرين والأنصار والآيتان اللتان تليانهما نزلتا في مشركي العرب ، وثلاث عشرة آية في المنافقين من أهل التوراة |
﴿ ٥ ﴾