٣٠البقرة : ٣٠ وإذ قال ربك . . . . . وإذا ، يعني وقد قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ، وذلك أن اللّه عز وجل خلق الملائكة والجن قبل خلق الشياطين والإنس ، وهو آدم ، عليه السلام ، فجعلهم سكان الأرض ، وجعل الملائكة سكان السماوات ، فوقع في الجن الفتن والحسد ، فاقتتلوا ، فبعث اللّه جندا من أهل سماء الدنيا ، يقال لهم : الجن ، إبليس عدو اللّه منهم ، خلقوا جميعا من نار ، وهم خزان الجنة رأسهم إبليس ، فهبطوا إلى الأرض ، فلم يكلفوا من العبادة في الأرض ما كلفوا في السماء ، فأحبوا القيام في الأرض ، فأوحى اللّه عز وجل إليهم : إني جاعل في الأرض خليفة سواكم ورافعكم إليَّ ، فكرهوا ذلك ؛ لأنهم كانوا أهون الملائكة أعمالا قالوا أتجعل فيها ، يقول ، أتجعل في الأرض من يفسد فيها ، يعني من يعمل فيها بالمعاصي ويسفك الدماء بغير حق كفعل الجن ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، يقول : نحن نذكرك بأمرك ، كقوله سبحانه : ويسبح الرعد بحمده [ الرعد : ١٣ ] ، يعني يذكره بأمره ، ونقدس لك ونصلي لك ونعظم أمرك . قال اللّه سبحانه : إني أعلم ما لا تعلمون [ آية : ٣٠ ] إن في علمي أنكم سكان السماء ، ويكون آدم وذريته سكان الأرض ، ويكون منهم من يسبح بحمدي ويعبدني ، فخلق آدم ، عليه السلام ، من طين أحمر وأبيض من السبخة والعذبة ، فمن ثم نسله أبيض وأحمر وأسود مؤمن وكافر ، فحسد إبليس تلك الصورة ، فقال للملائكة الذين هم معه : أرأيتم هذا الذي لم تروا شيئا من الخلق على خلقته ، إن فضل عليَّ ماذا تصنعون ؟ نسمع ونطيع لأمر اللّه ، وأسر عدو اللّه إبليس في نفسه ، لئن فضل آدم عليه لا يطيعه وليستزنه ، فترك آدم طينا أربعين سنة مصورا ، فجعل إبليس يدخل من دبره ويخرج من فيه ، ويقول : أنا نار وهذا طين أجوف ، والنار تغلب الطين ولأغلبنه ، فذلك قوله عزوجل : ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين [ سبأ : ٢٠ ] ، يعني قوله يومئذ : لأغلبنه ، و قوله : لأحتنكن ، يعني لأحتوين على ذريته إلا قليلاً ، فقال للروح : ادخلي هذا الجسد ، فقالت : أي رب ، أين تدخلني هذا الجسد المظلم ؟ فقال اللّه تبارك وتعالى : ادخليه كرها ، فدخلته كرها ، وهي لا تخرج منه إلا كرها ، ثم نفخ فيه الروح من قبل رأسه ، فترددت الروح فيه حتى بلغت نصف جسده موضع السرة ، فجعل للقعود ، فذلك قوله تعالى : وكان الإنسان عجولا [ الإسراء : ١١ ] ، فجعلت الروح تتردد فيه حتى بلغت أصابع الرجلين ، فأرادت أن تخرج منها ، فلم تجد منفذا ، فرجعت إلى الرأس ، فخرجت من المنخرين ، فعطس عند ذلك لخروجها من منخريه ، فقال : الحمد للّه ، فكان أول كلامه ، فرد ربه عز وجل : يرحمك اللّه ، لهذا خلقتك ، تسبح بحمدي وتقدس لي ، فسبقت رحمته لآدم عليه السلام . |
﴿ ٣٠ ﴾