٥١

البقرة : ٥١ - ٥٢ وإذ واعدنا موسى . . . . .

وإذ واعدنا موسى ، يعني الميعاد أربعين ليلة ، يعني ثلاثين من ذي القعدة وعشر ليال من ذي الحجة ، فكان الميعاد الجبل ؛ ليعطى التوراة ، وكان موسى ، عليه السلام ، أخبر بني إسرائيل بمصر ، فقال لهم : إذا خرجنا منها أتيناكم من اللّه عز وجل

بكتاب يبين لكم فيه ما تأتون وما تتقون ، فلما فارقهم موسى مع السبعين ، واستخلف هارون أخاه عليهم ، اتخذوا العجل ، فذلك قوله سبحانه : ثم اتخذتم العجل من بعده ، يقول : من بعد انطلاق موسى إلى الجبل وأنتم ظالمون [ آية : ٥١ ] ،

وذلك أن موسى قطع البحر يوم العاشر من المحرم ، فقال بنو إسرائيل : وعدتنا يا موسى أن تأتينا بكتاب من ربنا إلى شهر ، فأتنا بما وعدتنا ، فانطلق موسى وأخبرهم أنه يرجع

إلى أربعين يوما عن أمر ربه عز وجل ، فلما سار موسى فدنا من الجبل ، أمر السبعين أن يقيموا في أصل الجبل ، وصعد موسى الجبل ، فكلم ربه تبارك اسمه ، وأخذ الألواح فيها

التوراة ، فلما مضى عشرون يوما ،   أخلفنا موسى العهد ، فعدوا عشرين يوما وعشرين ليلة ، ف  هذا أربعون يوما ، فاتخذوا العجل ، فأخبر اللّه عز وجل موسى بذلك على الجبل ، فقال موسى لربه : من صنع لهم العجل ؟ قال : السامري صنعه لهم ،

قال موسى لربه : فمن نفخ فيه الروح ؟ قال الرب عز وجل : أنا ، فقال موسى : يا رب السامري سنع لهم العجل فأضلهم ، وصنعت فيه الخوار ، فأنت فتنت قومي ، فمن ثم قال اللّه عز وجل : فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري [ طه : ٨٥ ] ، يعني الذين خلفهم مع هارون سوى السبعين حين أمرهم بعبادة العجل .

فلما نزل موسى من الجبل إلى السبعين ، أخبرهم بما كان ، ولم يخبرهم بأمر العجل ،

فقال السبعون لموسى : نحن أصحابك جئنا معك ولم نخالفك في أمر ، ولنا عليك حق ،

فأرنا اللّه جهرة ، يعني معاينة ، كما رأيته ، فقال موسى : واللّه ما رأيته ، ولقد أردته على ذلك فأبى ، وتجلى للجبل فجعله دكا ، يعني فصار دكا ، وكان أشد منى وأقوى ، ف

إنا لا نؤمن بك ولا نقبل ما جئت به حتى تريناه معاينة ، فلما قالوا ذلك أخذتهم الصاعقة ، يعني الموت عقوبة ، فذلك قوله سبحانه : فأخذتكم الصاعقة [ البقرة : ٥٥ ] ، يعني الموت ، نظيرها : وخر موسى صعقا [ الأعراف : ١٤٣ ] ، يعني ميتا ،

وكقوله عز وجل : فصعق من في السماوات [ الزمر : ٦٨ ] ، يعني فمات وأنتم تنظرون ، يعني السبعين .

ثم أنعم اللّه عليهم فبعثهم ، وذلك أنهم لما صعقوا قام موسى يبكي ، وظن أنهم إنما صعقوا بخطيئة العجل ، فقال عز وجل في سورة الأعراف : رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا [ الأعراف : ١٥٥ ] ، وقال : يا رب ، ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقد أهلكت أخبارهم ، فبعثهم اللّه عز وجل لما وجد موسى من أمرهم ، فذلك قوله سبحانه :

﴿ ٥١