٥٧

البقرة : ٥٧ وظللنا عليكم الغمام . . . . .

 وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم ، وذلك أن موسى ، عليه السلام ، قالت له بنو إسرائيل وهم في التيه : كيف لنا بالأبنية ، وقد نزلنا في القفر ، وخرجنا من العمران من حر الشمس ، فظلل اللّه عز وجل عليهم الغمام الأبيض يقيهم حر الشمس ، ثم إنهم سألوا موسى ، عليه السلام ، الطعام ، فأنزل اللّه عليهم طعام الجنة ، وهو المن والسلوى ، أما المن ، فهو الترنجبين ، فكان ينزل بالليل على شجرهم أبيض كالثلج ، حلو مثل العسل ، فيغدون عليه كل إنسان صاع لكل ليلة ، فيغدون عليه فيأخذون ما يكفيهم

ليومهم ، ذلك لكل رجل صاع ، ولا يرفعون منه في غد ، ويأخذون يوم الجمعة ليومين ؛

لأن السبت كان عندهم لا يشخصون فيه ولا يعملون ، كان هذا لهم في التيه ، وتنبت ثيابهم مع أولادهم ، فأما الرجال ، فكانت ثيابهم عليهم لا تبلى ولا تنخرق ولا تدنس .

وأما السلوى ، فهو الطير ، وذلك أن بني إسرائيل سألوا موسى اللحم وهم في التيه ،

فسأل موسى ربه عز وجل ، فقال اللّه : لأطعمنهم أقل الطير لحما ، فبعث اللّه سبحانه السماء ، فأمطرت لهم السلوى وهي السمانا ، وجمعتهم ريح الجنوب ، وهي طير حمر تكون في طريق مصر ، فأمطرت قدر ميل في عرض الأرض ، وقدر رمح في السماء بعضه على بعض ، فقال اللّه عز وجل لهم : كلوا من طيبات ، يعني من حلال ،

كقوله : فتيمموا صعيدا طيبا [ المائدة : ٦ ] ، يعني حلالا طيبا في غير مأثم ، وإذا وجدوا الماء فهو حرام ، فمن ثم قال : طيبا ، يعني حلالا من ما رزقناكم من السلوى ، ولا تطغوا فيه ، يعني تعصوا اللّه في الرزق فيما رزقكم ، ولا ترفعوا منه لغد ،

فرفعوا وقددوا مخافة أن ينفذ ، ولو لم يفعلوا لدام لهم ذلك ، فقددوا منه ورفعوا فدود

وتغير ما قدروا منه وما رفعوا فعصوا ربهم ، فذلك قوله سبحانه : وما ظلمونا ، يعني وما ضرونا ، يعني ما نقصونا من ملكنا بمعصيتهم شيئا حين رفعوا وقددوا منه في غد ،

 ولكن كانوا أنفسهم يظلمون [ آية : ٥٧ ] ، يعني أنفسهم يضرون ، نظيرها في الأعراف قوله سبحانه : من طيبات ما رزقناكم [ الأعراف : ١٦٠ ] إلى آخر الآية .

﴿ ٥٧