٧٥

البقرة : ٧٥ أفتطمعون أن يؤمنوا . . . . .

 أفتطمعون أي النبي صلى اللّه عليه وسلم وحده أن يؤمنوا لكم ، أن يصدقوا قولك يا محمد ، يعني يهود المدينة وقد كان فريق منهم على عهد موسى ، عليه السلام ،

 يسمعون كلام اللّه ، وذلك أن السبعين الذين اختارهم موسى حين   أرنا اللّه جهرة ، فعاقبهم اللّه عز وجل وأماتهم عقوبة ، وبقي موسى وحده يبكي ، فلما أحياهم اللّه سبحانه ،   قد علمنا الآن أنك لم تر ربك ، ولكن سمعت صوته ، فأسمعنا صوته ، قال موسى : أما هذا فعسى ، قال موسى : يا رب ، إن عبادك هؤلاء بني إسرائيل

يحبون أن يسمعوا كلامك ، فقال : من أحب منهم أن يسمع كلامي فليعتزل النساء ثلاثة أيام ، وليغتسل يوم الثالث ، وليلبس ثيابا جددا ، ثم ليأتي الجبل فأسمعه كلامي .

ففعلوا ذلك ، ثم انطلقوا مع موسى إلى الجبل ، فقال لهم موسى : إذا رأيتم السحابة قد غشيت ورأيتم فيها نورا ، وسمعتم فيها صوتا ، فاسجدوا لربكم ، وانظروا ما يأمركم به

فافعلوا ،   نعم ، فصعد موسى ، عليه السلام ، الجبل ، فجاءت الغمامة ، فحالت بينهم وبين موسى ، ورأوا النور ، وسمعوا صوتا كصوت الصور ، وهو البوق ، فسجدوا ، وسمعوه وهو يقول : إني أنا ربكم ، لا إله إلا أنا الحي القيوم ، وأنا الذي أخرجتكم من أرض مصر بيد رقيقة وذراع شديد ، فلا تعبدوا إلها غيري ، ولا تشركوا بي شيئا ، ولا تجعلوا

لي شبها ، فإنكم لن تروني ، ولكن تسمعون كلامي ، فلما أن سمعوا الكلام ، ذهبت

أرواحهم من هول ما سمعوا ، ثم أفاقوا وهم سجود ، فقالوا لموسى ، عليه السلام : إنا لا نطيق أن نسمع كلام ربنا ، فكن بيننا وبين ربنا ، فليقل لك وقل أنت لنا ، قال موسى : يا رب ، إن بني إسرائيل لم يطيقوا أن يسمعوا كلامك ، فقل لي وأقل لهم ، قال اللّه عز وجل : نعم ما رأوا .

فجعل اللّه عز وجل يأمر موسى ، ثم يخبرهم موسى ، ويقولون : سمعنا ربنا وأطعنا ،

فلما فرغ من أمره ونهيه ، ارتفعت السحابة ، وذهب الصوت ، فرفع القوم رءوسهم ،

ورجعوا إلى قومهم ، قيل لهم : ماذا أمركم به ربكم ونهاكم عنه ؟ فقال بعضهم : أمرنا بكذا وكذا ، ونهانا عن كذا وكذا ، وقال آخرون : واتبع في آخر

قوله : إن لم تستطيعوا

ترك ما نهاكم عنه ، فافعلوا ما تستطيعون ، فذلك قوله سبحانه : أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم ، يعني طائفة من بني إسرائيل يسمعون كلام اللّه ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه ، وفهموه وهم يعلمون [ آية : ٧٥ ] أنهم حرفوا الكلام .

﴿ ٧٥