١٩٤

البقرة : ١٩٤ الشهر الحرام بالشهر . . . . .

 الشهر الحرام بالشهر الحرام ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم والمسلمين ساروا إلى مكة محرمين

بعمرة ، ومن كان معه عام الحديبية ، لست سنين من هجرته إلى المدينة ، فصدهم مشركو

مكة ، وأهدى أربعين بدنة ، ويقال : مائة بدنة ، فردوه وحبسوه شهرين لا يصل إلى

البيت ، وكانت بيعة الرضوان عامئذ ، فصالحهم النبي صلى اللّه عليه وسلم على أن ينحر الهدى مكانه في

أرض الحرم ويرجع في يدخل مكة ، فإذا كان العام المقبل خرجت قريش من مكة ،

وأخلوا له مكة ثلاثة أيام ، ليس مع المسلمين سلاح إلا في غمده ، فرجع النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ثم

توجه من فوره ذلك إلى خيبر ، فافتتحها في المحرم ، ثم رجع إلى المدينة ، فلما كان العام

المقبل ، وأحرم النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه بعمرة في ذي القعدة وأهدوا .

ثم أقبلوا من المدينة ، فأخلى لهم المشركون مكة ثلاثة أيام ، وأدخلهم اللّه عز وجل

مكة ، فقضوا عمرتهم ونحروا البدن ، فأنزل اللّه عز وجل : الشهر الحرام الذي دخلتم

فيه مكة هذا العام بالشهر الحرام ، يعني الذي صدوكم فيه العام الأول والحرمات قصاص ، يعني اقتصصت لك منهم في الشهر الحرام ، يعني في ذي القعدة كما

صدوكم في الشهر الحرام ، وذلك أنهم فرحوا وافتخروا حين صدوا النبي صلى اللّه عليه وسلم عن

المسجد الحرام ، فأدخله اللّه عز وجل من قابل ، قال سبحانه : فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه ، وذلك أن أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم أهلوا إلى مكة محرمين بعمرة ، فخافوا ألا

يفي لهم المشركون بدخول المسجد الحرام ، وأن يقاتلوهم عنده ، فأنزل اللّه عز وجل :

 فمن اعتدى عليكم فقاتلكم في الحرم فاعتدوا عليه ، يقول : فقاتلوهم فيه ،

 بمثل ما اعتدى عليكم فيه واتقوا اللّه ، يعني المؤمنين ، ولا تبدءوهم بالقتال في

الحرم ، فإن بدأ المشركون فقاتلوهم واعلموا أن اللّه في النصر مع المتقين [ آية :

١٩٤ ] ، الشرك ، فخبرهم أنه ناصرهم .

﴿ ١٩٤