٢٥٠-٢٥١البقرة : ٢٥٠ - ٢٥١ ولما برزوا لجالوت . . . . . ولما برزوا لقتال لجالوت وجنوده ، قال أصحاب الغرفة : قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا ، يعني ألق ، أصبب علينا صبرا ، كقوله سبحانه : أفرغ ، يعني أصبب عليه قطرا [ الكهف : ٩٦ ] وثبت أقدامنا عند القتال حتى لا تزول وانصرنا على القوم الكافرين [ آية : ٢٥٠ ] ، يعني جالوت وجنوده ، وكانوا يعبدون الأوثان ، فاستجاب اللّه لهم ، وكانوا مؤمنين ، أصحاب الغرفة في العصاة . فلما التقى الجمعان وطالوت في قلة وجالوت في كثرة ، عمد داود ، عليه السلام ، فقام بحيال جالوت ، لا يقوم ذلك المكان إلا من يريد قتال جالوت ، فجعل الناس يسخرون من داود حين قام بحيال جالوت ، وكان جالوت من قوم عاد عليه بيضة فيها ثلاثمائة رطل ، فقال جالوت : من أين هذا الفتى ؟ ارجع ويحك ، فإني أراك ضعيفا ، ولا أرى لك قوة ، ولا أرى معك سلاحا ، ارجع فإني أرحمك ، فقال داود ، عليه السلام : أنا أقتلك بإذن اللّه عز وجل ، فقال جالوت : بأي شيء تقتلني ؟ وقد قمت مقام الأشقياء ، ولا أرى معك سلاحا إلا عصاك هذه ، هلم فاضربني بها ما شئت ، وهي عصاه التي كان يرد بها غنمه ، قال داود : أقتلك بإذن اللّه بما شاء اللّه . فتقدم جالوت ليأخذه بيده مقتدرا عليه في نفسه ، وقد صارت الحجارة الثلاثة حجرا واحدا ، فلما دنا جالوت من داود ، أخرج الحجر من مخلاته ، وألقت الريح البيضة عن رأسه ، فرماه فوقع الحجر في دماغه حتى خرج من أسفله ، وانهزم الكفار ، وطالوت ومن معه وقوف ينظرون ، فذلك قوله سبحانه : فهزموهم بإذن اللّه وقتل داود جالوت بحذافة فيها حجر واحد ، وقتل معه ثلاثون ألفا ، وطلب داود نصف مال طالوت ونصف ملكه ، فحسده طالوت على صنيعه وأخرجه ، فذهب داود حتى نزل قرية من قرى بني إسرائيل وندم طالوت على صنيعه ، فقال في نفسه : عمدت إلى خير أهل الأرض بعثه اللّه عز وجل لقتل جالوت فطردته ، ولم أف له ، وكان داود ، عليه السلام ، أحب إلى بني إسرائيل من طالوت . فانطلق في طلب داود ، فطرق امرأة ليلا من قدماء بني إسرائيل تعلم اسم اللّه الأعظم ، وهي تبكي على داود ، فضرب بابها ، فقالت : من هذا ؟ قال : أنا طالوت ، فقالت : أنت أشقى الناس وأشرهم ، هل تعلم ما صنعت ؟ طردت داود النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وكان أمره من اللّه عز وجل ، وكانت لك آية فيه من أمر الدرع وصفة أشماويل وظهوره على جالوت ، وقتل اللّه عز وجل به أهل الأوثان فانهزموا ، ثم غذرت بداود وطردته ، هلكت يا شقي ، فقال لها : إنما أتيتك لأسألك ما توبتي ؟ قالت : توبتك أن تأتي مدينة بلقاء فتقاتل أهلها وحدك ، فإن افتتحتها ، فهي توبتك ، فانطلق طالوت ، فقاتل أهل بلقاء وحده ، فقتل وعمدت بنو إسرائيل إلى داود ، عليه السلام ، فردوه وملكوه ، ولم يجتمع بنو إسرائيل لملك قط غير داود ، عليه السلام ، فكانوا اثنى عشر سبطا ، لكل سبط ملك بينهم ، فذلك قوله تبارك وتعالى : فهزموهم بإذن اللّه وقتل داود جالوت . وءاتاه اللّه الملك ، يعني ملكه اثنا عشر سبطا والحكمة ، يعني الزبور وعلمه مما يشاء ، علمه صنعة الدروع ، وكلام الدواب والطير ، وتسبيح الجبال ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض ، يقول اللّه سبحانه : لولا دفع اللّه المشركين بالمسلمين ، لغلب المشركون على الأرض ، فقتلوا المسلمين ، وخرجوا المساجد والبيع والكنائس والصوامع ، فذلك قوله سبحانه : لفسدت الأرض ، يقول : لهلكت الأرض نظيرها : إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها [ النمل : ٣٤ ] ، يعني أهلكوها ولكن اللّه ذو فضل على العالمين [ آية : ٢٥١ ] في الدفع عنهم . البقرة : ٢٥٢ تلك آيات اللّه . . . . . تلك ءايات اللّه ، يعني القرآن نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين [ آية : ٢٥٢ ] . |
﴿ ٢٥٠ ﴾