٢٥٩

البقرة : ٢٥٩ أو كالذي مر . . . . .

 أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها ، يعني ساقطة على سقوفها ،

وذلك أن بخت نصر سبا أهل بابل ، وفيهم عزير بن شرحيا ، وكان من علماء بني

إسرائيل ، وأنه ارتحل ذات يوم على حمار أقمر ، فمر على قرية تدعى سابور على شاطئ

دجلة بين واسط والمدائن ، وكان هذا بعد ما رفع عيسى ابن مريم ، فربط حماره في ظل

شجرة ، ثم طاف في القرية ، فلم ير فيها ساكنا ، وعامة شجرها حامل ، فأصاب من

الفاكهة والعنب والتين .

ثم رجع إلى حماره ، فجلس يأكل من الفاكهة ، وعصر من العنب ، فشرب منه ،

فجعل فضل الفاكهة في سلة ، وفضل العصير في الزق ، فلما رأى خراب القرية وهلاك

أهلها قال أنى يحي هذه الأرض ، يعني أهل هذه القرية [ بعد موتها بعد

هلاكها ، لم يشك في البعث ، ولكنه احب أن يريه اللّه عز وجل كيف يبعث الموتى كما

سأل إبراهيم ، عليه السلام ، ربه عز وجل : أرني كيف تحيي الموتى [ البقرة :

٢٦٠ ] .

فلما تكلم بذلك عزير ، أراد اللّه عز وجل أن يعلمه كيف يحييها بعد موتها فأماته

اللّه عز وجل وأمات حماره مائة عام ، فحيى والفاكهة والعصير موضوع عنده ،

 ثم بعثه اللّه عز وجل في آخر النهار بعد مائة عام ، لم يتغير طعامه وشرابه ، فنودى

في السماء قال كم لبثت يا عزير ميتا قال لبثت يوما ، فالتفت فرأى

الشمس ، فقال : أو بعض يوم قال  له بل لبثت مائة عام ميتا ، ثم أخبره

ليعتبر ، فقال سبحانه : فانظر إلى طعامك ، يعني الفاكهة في السلة ،

 وشرابك ، يعني العصير لم يتسنه ، يقول لم يتغير طعمه بعد مائة عام ،

نظيرها في سورة محمد صلى اللّه عليه وسلم : من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه

[ محمد : ١٥ ] ، فقال : سبحان اللّه ، كيف لم يتغير طعمه ؟ .

ونظر إلى حماره ، وقد ابيضت عظامه ، وبليت وتفرقت أوصاله ، فنودي من السماء :

أيتها العظام البالية اجتمعي ، فإن اللّه عز وجل منزل عليك روحا ، فسعت العظام بعضها ،

إلى بعض ، الذراع إلى العضد ، والعضد إلى المنكبين والكتف ، وسعت الساق إلى

الركبتين ، والركبتان إلى الفخذين ، والفخذان إلى الوركين ، والتصق الوركان بالظهر ، ثم

وقع الرأس على الجسد ، وعزير ينظر ، ثم ألقى على العظام العروق والعصب ، ثم رد عليه

الشعر ، ثم نفخ في منخره الروح ، فقام الحمار ينهق عند رأسه ، فاعلم كيف يبعث أهل

هذه القبور بعد هلاكهم وبعث حماره بعد مائة عام كما لم يتغير طعامه وشرابه ، وبعث

بعد طوال الدهر ليعتبر بذلك ، فذلك قوله سبحانه : فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ، يعني لم يتغير طعمه ، كقوله في سورة محمد صلى اللّه عليه وسلم : من ماء غير آسن .

 وانظر إلى حمارك ولنجعلك ءاية للناس ، يعني عبرة ؛ لأنه بعثه شابا بعد

مائة سنة وانظر إلى العظام ، يعني عظام الحمار كيف ننشزها ،

يعني نحييها ، نظيرها : أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون [ الأنبياء : ٢١ ] ،

يعني يبعثون الموتى ثم نكسوها لحما فلما تبين له ، يعني لعزير كيف يحيي اللّه

الموتى ، خر للّه ساجدا قال أعلم أن اللّه على كل شيء قدير [ آية : ٢٥٩ ] ، يعني

من البعث وغيره ، فرجع عزير إلى أهله ، وقد هلكوا ، وبيعت داره وبنيت فردت عليه ،

وانتسب عزير إلى أولاده ، فعرفوه وعرفهم ، وأعطى عزير العلم من بعد ما بعث بعد مائة

عام .

﴿ ٢٥٩