سورة آل عمرانمدنية كلها ، وهي مائتا آية باتفاق بسم اللّه الرحمن الرحيم ١الم قال : حدثنا عبيد اللّه ، حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن مقاتل ، أنه اجتمعت نصارى نجران ، فمنهم السيد والعاقب ، ف نشهد أن عيسى هو اللّه ، فأنزل اللّه عزوجل تكذيبا لقولهم : الم [ آية : ١ ] ، يخبره أنه ٢اللّه لا إله إلا هو الحي القيوم [ آية : ٢ ] ، يعني الحي الذي لا يموت القيوم ، يعني القائم على كل نفس بما كسبت ، ٣آل عمران : ٣ نزل عليك الكتاب . . . . . نزل عليك الكتاب يا محمد بالحق ، لم ينزله باطلا ، يعني القرآن مصدقا لما بين يديه من الكتاب ، يقول : محمد ، عليه السلام ، مصدق للكتب التي كانت قبله ، وأنزل التوارة على موسى والإنجيل [ آية : ٣ ] على عيسى .[ آية ٤ ] ٤آل عمران : ٤ من قبل هدى . . . . . من قبل هذا القرآن ، ثم قال : التوراة والإنجيل هما هدى للناس ، يعني لبنى إسرائيل من الضلالة . قال سبحانه : وأنزل الفرقان ، يعني القرآن بعد التوراة والإنجيل ، والفرقان يعني به المخرج في الدين من الشبهة والضلالة ، فيه بيان كل شيء يكون إلى يوم القيامة ، نظيرها في الأنبياء : ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان [ الأنبياء : ٤٨ ] ، يعني المخرج من الشبهات ، وفي البقرة : وبينات من الهدى والفرقان [ البقرة : ١٨٥ ] ، ثم قال سبحانه : إن الذين كفروا بآيات اللّه ، يعني القرآن ، وهم اليهود كفروا بالقرآن ، منهم : حيي ، وجدي ، وأبو ياسر بنو أخطب ، وكعب بن الأشرف ، وكعب بن أسيد ، وزيد بن التابوه وغيرهم لهم عذاب في الآخرة شديد واللّه عزيز ذو انتقام [ آية : ٤ ] ، يعني عزيز في ملكه ، منيع شديد الإنتقام من أهل مكة ، هذا وعيد لمن خالف أمره . ٥آل عمران : ٥ إن اللّه لا . . . . . أن اللّه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء [ آية : ٥ ] ، يعني شيئ من أهل السماء ، ولا من أهل الأرض ، كل ذلك عنده ، ٦آل عمران : ٦ هو الذي يصوركم . . . . . هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ، نزلت في عيسى إبن مريم صلى اللّه عليه وسلم ، خلقه من غير أب ، ذكرا وأنثى ، سويا وغير سوى لا إله إلا هو العزيز في ملكه الحكيم [ آية : ٦ ] في أمره ، نزلت هذه الآية في قولهم ، وما قالوا من البهتان والزور لعيسى صلى اللّه عليه وسلم . ٧آل عمران : ٧ هو الذي أنزل . . . . . قال سبحانه : هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات ، يعمل بهن ، وهن الآيات التي في الأنعام قوله سبحانه : قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا إلى ثلاث آيات آخرهن : لعلكم تتقون [ الأنعام : ١٥١ - ١٥٣ ] ، يقول : هن أم الكتاب ، يعني أصل الكتاب ؛ لأنهن في اللوح المحفوظ مكتوبات ، وهن محرمات على الأمم كلها في كتابهم ، وإنما تسمين أم الكتاب ؛ لأنهن مكتوبات في جميع الكتب التي أنزلها اللّه تبارك وتعالى على جميع الأنبياء ، وليس من أهل دين إلا وهو يوصي بهن . ثم قال عزوجل : وأخر متشابهات الم المص المر الر ، شبه على اليهود كم تملك هذه الأمة من السنين ، والمتشابهات هؤلاء الكلمات الأربع ، فأما الذين في قلوبهم زيغ ، يعني ميل عن الهدى ، وهو الشك ، فهم اليهود فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة ، يعني إبتغاء الكفر وابتغاء تأويله ، يعني منتهى ما يكون وكم يكون ، يريد بذلك الملك ، يقول اللّه عزوجل : وما يعلم تأويله إلا اللّه ، كم يملكون من السنين ، يعني أمة محمد ، يملكون إلى يوم القيامة ، إلا أياما يبتليهم اللّه عز وجل بالدجال . ثم استأنف ، فقال : والراسخون في العلم ، يعني المتدارسون علم التوراة ، فهم عبد اللّه بن سلام وأصحابه من مؤمني أهل التوراة يقولون ءامنا به كل من عند ربنا ، يعني قليله وكثيره من عند ربنا وما يذكرإلا أولوا الألباب [ آية : ٧ ] ، فما يسمع إلا أولو الألباب ، يعني من كان له لب وعقل ، يعني ابن سلام وأصحابه ، فيعلمون أن كل شيء من هذا وغيره من عند اللّه . ٨آل عمران : ٨ ربنا لا تزغ . . . . . قال ابن سلام وأصحابه : ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، لا تمل قلوبنا ، يعني لا تحول قلوبنا عن الهدى بعدما هديتنا كما أزغت اليهود عن الهدى وهب لنا من لدنك رحمة ، يعني من عندك رحمة إنك أنت الوهاب [ آية : ٨ ] للرحمة ، ثم قال ابن سلام وأصحابه : ٩آل عمران : ٩ ربنا إنك جامع . . . . . ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ، يعني ليوم القيامة ، إن اللّه لا يخلف الميعاد [ آية : ٩ ] في البعث بأنك تجمع الناس في الآخرة . ١٠آل عمران : ١٠ إن الذين كفروا . . . . . إن الذين كفروا ، يعني اليهود خاصة ، نزلت في كعب بن الأشرف . لن تغني عنهم ، يعني لا أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئا وأولئك هم وقود النار [ آية : ١٠ ] ، يعني اليهود . ١١آل عمران : ١١ كدأب آل فرعون . . . . . كدأب ءآل فرعون ، يعني كأشباه آل فرعون في التكذيب والذين من قبلهم من الأمم الخالية قبل آل فرعون والأمم الخالية قبل آل فرعون : قوم نوح ، وعاد ، وثمود ، وقوم إبراهيم ، وقوم لوط ، وقوم شعيب كذبوا بآياتنا ، يعني بأنهم كذبوا أيضا بالعذاب في الدنيا بأنه غير نازل بهم فأخذهم اللّه بذنوبهم ، يعني في الدنيا ، فعاقبهم اللّه واللّه شديد العقاب [ آية : ١١ ] ، يعني إذا عاقب . ١٢آل عمران : ١٢ قل للذين كفروا . . . . . قل للذين كفروا من أهل مكة يوم بدر ستغلبون وتحشرون إلى جهنم في الآخرة وبئس المهاد [ آية : ١٢ ] ، يقول : بئسما مهدوا لأنفسهم ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم للكفار يوم بدر : ′ إن اللّه غالبكم ، وسوف يحشركم إلى جهنم ′ ، فقال أبو جهل : يا ابن أبي كبشة ، هل هذا إلا مثل ما كنت تحدثنا به ، ١٣آل عمران : ١٣ قد كان لكم . . . . . وقوله سبحانه : قد كان لكم ءاية في فئتين ، وذلك أن بني قينقاع من اليهود أتوا النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد قتال بدر يوعدونه القتال كما قتل كفار مكة يوم بدر ، فأنزل اللّه عزوجل : قد كان لكم ءاية معشر اليهود ، يعني عبرة في فئتين التقتا فئة المشركين وفئة المؤمنين يوم بدر ، التقتا فئة تقاتل في سبيل اللّه ، وهو النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه يوم بدر ، وأخرى كافرة ، أبو جهل والمشركين يرونهم مثليهم ، رأت اليهود أن الكفار مثل المؤمنين في الكثرة رأي العين ، وكان الكفار يومئذ سبعمائة رجل ، عليهم أبو جهل ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، بين كل أربعة بعير ، ومعهم فرسان ، أحدهما مع أبي مرثد الغنوى ، والآخر مع المقداد بن الأسود الكندي ، ومعهم ستة أدراع ، والمشركون ألف رجل ، سبعمائة دراع ، عليهم أبو جهل ، وثلاثمائة حاسر ، ثم حبس الأخنس بن شريق ثلاثمائة رجل من بني زهرة عن قتال النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فبقى المشركون في سبعمائة رجل . يقول اللّه تعالى : واللّه يؤيد بنصره ، يعني بنصره من يشاء ، فينصره اللّه عز وجل القليل على الكثير إن في ذلك ، يعني يقوى في نصرهم ، نصر المؤمنين وهم قليل ، وهزيمة الكفار وهم كثير لعبرة لأولي الأبصار [ آية : ١٣ ] ، يعني الناظرين في أمر اللّه عز وجل وطاعته لعبرة وتفكرا لأولي الأبصار ، حين أظهر اللّه عز وجل القليل على الكثير . ١٤آل عمران : ١٤ زين للناس حب . . . . . زين للناس ، يعني الكفار حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة ، يعني المال الكثير من الذهب والفضة ، فأما الذهب ، فهو ألف دينار ومائتا دينار ، والفضة ألف ومائتا مثقال والخيل المسومة ، يعني السائمة ، وهي الراعية والأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم والحرث ذلك الذي ذكر في هذه الآية متاع الحياة الدنيا واللّه عنده حسن المآب [ آية : ١٤ ] ، يعني حسن المرجع ، وهي الجنة . ١٥آل عمران : ١٥ قل أؤنبئكم بخير . . . . . قل للكفار : أؤنبئكم بخير من ذلكم ، يعني ما ذكره في هذه الآية للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار ، وذلك أن العيون تجري من تحت البساتين خالدين فيها لا يموتون وأزواج مطهرة من الحيض والغائط والبول والبزاق والمخاط ومن القذر كله ورضوان من اللّه أكبر ، يعني رضى اللّه عنهم واللّه بصير بالعباد [ آية : ١٥ ] ، يعني بأعمالهم . ١٦آل عمران : ١٦ الذين يقولون ربنا . . . . . ثم أخبر سبحانه عن فعلهم ، فقال : الذين يقولون ربنا إننا ءامنا فأغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار [ آية : ١٦ ] ، ثم نعت أعمالهم ، فقال : الجنة هي ل ١٧آل عمران : ١٧ الصابرين والصادقين والقانتين . . . . . الصابرين على أمر اللّه وفرائضه والصادقين بكتاب اللّه ورسله ، والقانتين ، يعني المطيعين للّه والمنافقين أموالهم في حق اللّه ، والمستغفرين بالأسحار [ آية : ١٧ ] ، يقول : المصلين للّه بالأسحار ، يعني المصلين من آخر الليل . ١٨آل عمران : ١٨ شهد اللّه أنه . . . . . قوله سبحانه : شهد اللّه ، وذلك أن عبد اللّه بن سلام وأصحابه مؤمنى أهل التوراة ، قالوا لرءوس اليهود : إن محمدا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ودينه الحق ، فاتبعوه ، فقالت اليهود : ديننا أفضل من دينكم ، فقال اللّه تبارك وتعالى : شهد اللّه أنه لا اله إلا هو الملائكة يشهدون بها وأولوا العلم بالتوارة ابن سلام وأصحابه يشهدون أنه لا إله إلا هو ، ويشهدون أن اللّه عزوجل قائما بالقسط ، يعني قائم على كل شيء بالعدل لا إله إلا هو العزيز الحكيم [ آية : ١٨ ] في أمره . ١٩آل عمران : ١٩ إن الدين عند . . . . . شهدوا إن الدين ، يعني التوحيد عند اللّه الإسلام ، ثم قال : وما اختلف الذين أوتوا الكتاب ، يعني اليهود والنصارى في هذا الدين إلا من بعد ما جاءهم العلم ، يعني بيان أمر محمد صلى اللّه عليه وسلم ؛ لأنهم كانوا مؤمنين بمحمد صلى اللّه عليه وسلم من قبل أن يبعث رسولا ، فلما بعث محمد صلى اللّه عليه وسلم من ولد إسماعيل ، تفرقوا بغيا بينهم ومن يكفر بآيات اللّه ، يعني القرآن ، يعني اليهود ، ثم خوفهم فإن اللّه سريع الحساب [ آية : ١٩ ] ، كأنه قد جاء . ٢٠آل عمران : ٢٠ فإن حاجوك فقل . . . . . فإن حاجوك ، يعني اليهود خاصموك يا محمد في الدين فقل أسلمت وجهي للّه ، يقول : أخلصت ديني للّه ومن اتبعن على ديني فقد أخلص وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ، يعني أهل التوراة والإنجيل ، اليهود والنصارى ءأسلمتم ، والاسلام اسم مشتق من إسم اللّه عز وجل ، أمر اللّه تعالى النبي صلى اللّه عليه وسلم ان يدعوهم إلى الإسلام ، فقال : أسلمت ، يعني أخلصت ، يقول : فإن أسلموا ، يعني فإن أخلصوا له ، يعني للّه عزوجل بالتوحيد فقد اهتدوا من الضلالة وإن تولوا ، يقول فإن أبوا أن يسلموا فإنما عليك البلاغ ، يعني بلاغ الرسالة واللّه بصير بالعباد [ آية : ٢٠ ] بأعمال العباد . ٢١آل عمران : ٢١ إن الذين يكفرون . . . . . إن الذين يكفرون بآيات اللّه ، يعني بالقرآن ، وهم ملوك بني إسرائيل من اليهود ممن لا يقرأ الكتاب ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ، يعني بالعدل بين الناس من مؤمني بني إسرائيل من بعد موسى ، فبشرهم يا محمد بعذاب أليم [ آية : ٢١ ] ، يعني وجيع ، يعني اليهود ؛ لأن هؤلاء على دين أوائلهم الذين قتلوا الأنبياء والآمرين بالقسط . ٢٢آل عمران : ٢٢ أولئك الذين حبطت . . . . . ثم قال عزوجل : أولئك الذين فعلوا ذلك حبطت ، يعني بطلت أعمالهم ، فلا ثواب لهم في الدنياو لا في والآخرة ؛ لأن أعمالهم كانت في غير طاعة اللّه عزوجل وما لهم من ناصرين [ آية : ٢٢ ] ، يعني من مانعين يمنعونهم من النار ، ٢٣آل عمران : ٢٣ ألم تر إلى . . . . . ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ، يعني أعطوا حظا من التوراة ، يعني اليهود : كعب بن الأشرف ، وكعب بن أسيد ، ومالك بن الضيف ، ويحيى بن عمرو ، ونعمان بن اوفى ، وأبو ياسر بن أخطب ، وأبو نافع بن قيس ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لهم : ′ أسلموا تهتدوا ، ولا تكفروا ′ ، فقالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : نحن أهدى وأحق بالهدى منكم ، ما أرسل اللّه نبيا بعد موسى ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ لم تكذبون وأنتم تعلمون أن الذي أقول حق ، فاخرجوا التوراة نتبع نحن وأنتم ما فيها ، وهي بينكم ، فإني مكتوب فيها أني نبي ورسول ′ ، فأبوا ذلك ، فأنزل اللّه عزوجل فيهم : ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب اللّه ، يعني التوراة ليحكم بينهم ، يعني ليقضي بينهم ثم يتولى ، يعني يأبى فريق ، يعني طائفة منهم وهم معرضون [ آية : ٢٣ ] . ٢٤آل عمران : ٢٤ ذلك بأنهم قالوا . . . . . ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار بان العذاب واجب عليهم ، فيها تقديم لقولهم : إلا أياما معدودات ، يعني الأربعين يوما التي عبد آباؤهم فيها العجل ؛ لأنهم قالوا إنهم أبناء اللّه وأحباؤه ، يقول : وغرهم في دينهم عفو اللّه ما كانوا يفترون [ آية : ٢٤ ] ، يعني الذين كذبوا لقولهم : نحن أبناء اللّه وأحباؤه ، خوفهم اللّه ، فقال : ٢٥آل عمران : ٢٥ فكيف إذا جمعناهم . . . . . فكيف بهم إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ، يعني يوم القيامة لا شك فيه بأنه كائن ووفيت كل نفس بر وفاجر ما كسبت من خير أو شر ، وهم لا يظلمون [ آية : ٢٥ ] في أعمالهم . ٢٦آل عمران : ٢٦ قل اللّهم مالك . . . . . قل اللّهم مالك الملك تؤتي الملك ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم سأل ربه عزوجل أن يجعل له ملك فارس والروم في أمته ، فنزلت : قل اللّهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ، يعني محمدا صلى اللّه عليه وسلم وأمته وتنزع الملك ممن تشاء ، يعني الروم وفارس وتعز من تشاء محمدا وأمته وتذل من تشاء ، يعني الروم وفارس ، بيدك الخير إنك على كل شيء من الملك والعز والذل قدير [ آية : ٢٦ ] ، ٢٧آل عمران : ٢٧ تولج الليل في . . . . . تولج اليل في النهار وتولج النهار في اليل ، يعني ما تنقص في الليل داخل في النهار ، حتى يصير الليل تسع ساعات والنهار خمس عشرة ساعة ، فذلك قوله سبحانه : يكور الليل على النهار ويكور ، يعني يسلط النهار على الليل [ الزمر : ٥ ] ، وهما هكذا إلى أن تقوم الساعة . قوله سبحانه : وتخرج الحي من الميت ، فهو الناس والدواب والطير ، خلقهم من نطفة وهي ميتة ، وخلق الطير من البيضة وهي ميتة وتخرج الميت من الحي ، يعني يخرج اللّه عزوجل هذه النطفة من الحي ، وهم الناس والدواب والطير وترزق من تشاء بغير حساب [ آية : ٢٧ ] ، يقول سبحانه : ليس فوقي ملك يحاسبني ، أنا الملك أعطى من شئت بغير حساب ، لا أخاف من أحد يحاسبني . ٢٨آل عمران : ٢٨ لا يتخذ المؤمنون . . . . . قوله سبحانه : لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وغيره ، كانوا يظهرون المودة لكفار مكة ، فنهاهم اللّه عزوجل عن ذلك ومن يفعل ذلك ، فيتخذونهم أولياء من غير قهر فليس من اللّه في شيء ، ثم استثنى تعالى ، فقال : إلا أن تتقوا منهم تقاة ، فيكون بين أظهرهم فيرضيهم بلسانه من المخافة ، وفي قلبه غير ذلك ، ثم خوفهم ، فقال : ويحذركم اللّه نفسه ، يعني عقوبته في ولاية الكفار وإلى اللّه المصير [ آية : ٢٨ ] في الأخرة ، فيجزيكم بأعمالكم . ٢٩آل عمران : ٢٩ قل إن تخفوا . . . . . قل لهم يا محمد : إن تخفوا ما في صدوركم ، يعني إن تسروا ما في قلوبكم من الولاية للكفار أو تبدوه ، يعني أو تظهروا ولايتهم ، يعني حاطب وأصحابه ، يعلمه اللّه ويعلم ما في السموات وما في الأرض واللّه على كل شيء ، من المغفرة والعذاب قدير [ آية : ٢٩ ] ، نظيرها في آخر البقرة ، ثم خوفهم ورغبهم ، فقال : ٣٠آل عمران : ٣٠ يوم تجد كل . . . . . يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ، يعجل لها كل خير عملته ، ولا يغادر منه شيء وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ، يعني أجلا بعيدا بين المشرق والمغرب ويحذركم اللّه نفسه ، يعني عقوبته في عمل السوء واللّه رءوف بالعباد [ آية : ٣٠ ] ، يعني بربهم ، حين لا يعجل عليهم بالعقوبة ، ٣١آل عمران : ٣١ قل إن كنتم . . . . . لما دعا النبي صلى اللّه عليه وسلم كعبا وأصحابه إلى الإسلام ، نحن أبناء اللّه وأحباؤه ، ولنحن أشد حبا للّه مما تدعونا إليه ، فقال اللّه عزوجل لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : قل إن كنتم تحبون اللّه فاتبعوني على ديني ، يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم ما كان في الشرك واللّه غفور رحيم [ آية : ٣١ ] ذو تجاوز لما كان في الشرك ، رحيم بهم في الإسلام . ٣٢آل عمران : ٣٢ قل أطيعوا اللّه . . . . . قل لليهود أطيعوا اللّه والرسول فإن تولوا ، يعني أعرضوا عن طاعتهما ، فإن اللّه لا يحب الكافرين [ آية : ٣٢ ] ، يعني اليهود . ٣٣آل عمران : ٣٣ إن اللّه اصطفى . . . . . إن اللّه اصطفى ءادم ونوحا ، يعني اختار من الناس لرسالته آدم ونوحا وءال إبراهيم ، يعني إبراهيم ، وإسماعيل ، وإسحاق ، ويعقوب ، والأسباط ، ثم قال : وءال عمران ، يعني موسى ، وهارون ، ذرية آل عمران اختارهم للنبوة والرسالة على العالمين [ آية : ٣٣ ] ، يعني عالمي ذلك الزمان . ٣٤آل عمران : ٣٤ ذرية بعضها من . . . . . وهي ذرية بعضها من بعض ، وكل هؤلاء من ذرية آدم ، ثم من ذرية نوح ، ثم من ذرية إبراهيم واللّه سميع عليم [ آية : ٣٤ ] ، لقولهم : نحن أبناء اللّه وأحباؤه ، ونحن أشد حبا للّه ، عليهم بما قالوا ، يعني اليهود . [ آية ٣٥ ] ٣٥آل عمران : ٣٥ إذ قالت امرأة . . . . . إذ قالت امرأت عمران بن ماثانا ، اسمها حنة بنت فاقوز ، وهي أم مريم ، وهي حبلى ، لئن نجاني اللّه عزوجل ووضعت ما في بطني ، لاجعلنه محررا ، وبنو ماثان من ملوك بني إسرائيل من نسل داود ، عليه السلام ، والمحرر الذي لا يعمل للدنيا ولا يتزوج ، ويعمل للآخرة ، ويلزم المحراب ، فيعبد اللّه عزوجل فيه ، ولم يكن يحرر في ذلك الزمان إلا الغلمان ، فقال زوجها : أرأيت إن كان الذي في بطنك أنثى ؟ والانثى عورة ، كيف تصنعين ؟ فاهتمت لذلك ، فقالت حنة : رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم [ آية : ٣٥ ] لدعائهما ، العليم بنذرهما ، يعنى بالتقبل والاستجابة لدعائهما . ٣٦آل عمران : ٣٦ فلما وضعتها قالت . . . . . فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى واللّه أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى ، والأنثى عورة ، فيها تقديم ، يقول اللّه تعالى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : واللّه أعلم بما وضعت ، ثم قالت حنة : وإني سميتها مريم ، وكذلك كان اسمها عند اللّه عزوجل وإني أعيذها بك وذريتها ، يعني عيسى من الشيطان الرجيم [ آية : ٣٦ ] ، يعني الملعون ، فاستجاب اللّه لها ، فلم يقربها ولا ذريتها شيطان ، وخشيت حنة ألا تقبل الأنثى محررة ، فلفتها في خرق ووضعتها في بيت المقدس عند المحراب ، حيث يدرس القراء ، فتساهم القوم عليها ؛ لأنها بنت إمامهم وسيدهم ، وهم الأحبار من ولد هارون أيهم يأخذها . قال زكريا ، وهو رئيس الأحبار : أنا آخذها ، أنا أحقكم بها ؛ لأن أختها أم يحيى عندي ، فقال القراء : وإن كان في القوم من هو أقرب إليها منك ؟ فلو تركت لأحق الناس بها لتركت لأمها ، ولكنها محررة ، ولكن هلم نتساهم عليها ، من خرج سهمه فهو أحق بها ، فاقترعوا ، فقال اللّه عزوجل لمحمد صلى اللّه عليه وسلم : وما كنت لديهم ، يعني عندهم فتشهدهم إذ يلقون أقلامهم ، حين اقترعوا ثلاث مرات بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي أيهم يكفلها ؟ أيهم يضمها ؟ فقرعهم زكريا فقبضها ، ثم قال اللّه عز وجل لمحمد صلى اللّه عليه وسلم : وما كنت لديهم إذ يختصمون [ آل عمران : ٤٤ ] في مريم ، فذلك قوله : وكفلها زكريا . ٣٧-٣٨آل عمران : ٣٧ - ٣٨ فتقبلها ربها بقبول . . . . . فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا ، يقول : رباها تربية حسنة في عبادة وطاعة لربها ، فبنى لها زكريا محرابا في بيت المقدس ، وجعل بابه وسطه ، لا يصعد إليه أحد إلا بسلم ، واستأجر لها ظئرا ترضعها حتى تحركت ، فكان يغلق عليها الباب ومعه المفتاح ، لا يأمن عليها أحدا ، يأتيها بطعامها ومصالحها ، وكانت إذا حاضت أخرجها إلى منزله ، فتكون مع أختها أيليشفع بنت عمران ، وهي مريم بنت عمران ، أم يحيى ، فإذا طهرت ردها إلى محراب بيت المقدس ، وكان زكريا يرى عندها العنب في الشتاء الشديد البرد ، فيأتيها به جبريل ، عليه السلام من السماء وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال لها زكريا : يا مريم أنى لك هذا ، يعني من أين هذا في غير حينه ؟ قالت هذا الرزق هو من عند اللّه إن اللّه يرزق من يشاء بغير حساب [ آية : ٣٧ ] . فطمع عند ذلك زكريا في الولد ، فقال : إن الذي يأتي مريم بهذه الفاكهة في غير حينها لقادر أن يصلح لي زوجتي ويهب لي منها ولدا ، فذلك قوله : هنالك ، يعني عند ذلك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ، يعني من عندك ذرية طيبة ، تقيا زكيا ، ك قوله : واجعله ربي رضيا [ مريم : ٦ ] إنك سميع الدعاء [ آية : ٣٨ ] ، فاستجاب اللّه عزوجل ، وكانا قد دخلا في السن . [ آية ٣٩ ] ٣٩آل عمران : ٣٩ فنادته الملائكة وهو . . . . . فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب ، فبينما هو يصلي في المحراب ، حيث يذبح القربان ، إذا برجل عليه بياض حياله ، وهو جبريل ، عليه السلام ، فقال : أن اللّه يبشرك بيحيى ، اشتق يحيى من أسماء اللّه عزوجل مصدقا بكلمة من اللّه ، يعني من اللّه عزوجل ، وكان يحيى أول من صدق بعيسى ، عليهما السلام ، وهو ابن ثلاث سنين ، قوله الأول وهو ابن ستة أشهر ، فلما شهد يحيى ان عيسى من اللّه عزوجل ، عجبت بنو إسرائيل لصغره ، فلما سمع زكريا شهادته ، قام إلى عيسى فضمه إليه ، وهو في خرقة ، وكان يحيى أكبر من عيسى بثلاث سنين ، يحيى وعيسى ابنا خالة ، ثم قال اللّه سبحانه : وسيدا ، يعني حليما وحصورا لا ماء له ونبيا من الصالحين [ آية : ٣٩ ] ، والحصور الذي لا حاجة له في النساء . ٤٠آل عمران : ٤٠ قال رب أنى . . . . . فلما بشر زكريا بالولد ، قال لجبريل ، عليه السلام في المخاطبة : قال رب أنى ، يعني من أين يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر ، يقول ذلك تعجبا ؛ لأنه كان قد يبس جلده على عظمه من الكبر قال جبريل ، عليه السلام ، كذلك ، يعني هكذا قال ربك ، إنه يكون لك ولد اللّه يفعل ما يشاء [ آية : ٤٠ ] ، أن يجعل ولدا من الكبير والعاقر ؛ ل قوله : وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر . ٤١آل عمران : ٤١ قال رب اجعل . . . . . قال رب اجعل لي ءاية ، يعني علما للحبل قال ءايتك إذا جامعتها على طهر فحبلت ، فإنك تصبح لا تستنكر من نفسك خرسا ولا سقما ، ولكن تصبح لا تطيق الكلام ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ، يعني إلا إشارة يومىء بيده ، أو برأسه من غير مرض ، ولم يحبس لسانه عن ذكر اللّه عزوجل ، ولا عن الصلاة ، فكذلك قوله سبحانه : واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار [ آية : ٤١ ] ، يقول : صل بالغداة والعشى ، فأتى امرأته على طهرها فحملت ، وكان آية الحبل أنه وضع يده على صدرها ، فحملت فاستقر الحمل في رحمها ، فحبلت بيحيى ، فأصبح لا يستطيع الكلام ، فعرف أن امرأته قد حبلت ، فولدت يحيى ، عليه السلام ، فلم يعص اللّه قط . ٤٢آل عمران : ٤٢ وإذ قالت الملائكة . . . . . وإذ قالت الملائكة ، وهو جبريل ، عليه السلام ، وحده : يامريم ، وهي في المحراب إن اللّه اصطفاك ، يعني اختارك وطهرك من الفاحشة والألم ، واصطفاك ، يعني واختارك على نساء العالمين [ آية : ٤٢ ] بالولد من غير بشر ، آل عمران : ٤٣ يا مريم اقنتي . . . . . يامريم اقنتي لربك ، يعني لربك واسجدي واركعي مع الراكعين [ آية : ٤٣ ] ، يعني مع المصلين في بيت المقدس . ٤٤آل عمران : ٤٤ ذلك من أنباء . . . . . ذلك أن الذي ذكر في هؤلاء الآيات من أنباء الغيب ، يعني حديثا من الغيب لم تشهده يا محمد ، فذلك قوله : نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم في القرعة أيهم يكفل مريم ، يعني يضم مريم إلى نفسه وما كنت لديهم يا محمد إذ يختصمون [ آية : ٤٤ ] في مريم ، يعني القراء أيهم يكفلها . ٤٥آل عمران : ٤٥ إذ قالت الملائكة . . . . . إذ قالت الملائكة يامريم ، وهو جبريل وحده ، عليه السلام إن اللّه يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها ، يعني مكينا عند اللّه عزوجل في الدنيا والآخرة فيها تقديم ومن المقربين [ آية : ٤٥ ] عند اللّه في الآخرة ، ٤٦آل عمران : ٤٦ ويكلم الناس في . . . . . ويكلم الناس في المهد ، يعني حجر أمه في الخرق طفلا و يكلمهم وكهلا ، يعني إذا اجتمع قبل أن يرفع إلى السماء ومن الصالحين [ آية : ٤٧آل عمران : ٤٧ قالت رب أنى . . . . . قالت ربي أنى ، يعني من أين يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ، يعني الزوج ، قال كذلك اللّه يخلق ما يشاء ، ويخلق من يشاء ، فشاء أن يخلق ولدا من غير بشر ، لقولها : ولم يمسسني بشر إذا قضى أمرا كان في علمه أن يكون عيسى في بطن مريم من غير بشر فإنما يقول له كن فيكون [ آية : ٤٧ ] لا يثنى ، ٤٨آل عمران : ٤٨ ويعلمه الكتاب والحكمة . . . . . ويعلمه الكتاب ، يعني خط الكتاب بيده بعدما بلغ أشده ، وهو ابن ثماني عشرة سنة ، والمرأة بعدما تبلغ الحيض والحكمة ، يعني الحلال والحرام والسنة والتوراة والإنجيل [ آية : ٤٨ ] . ٤٩آل عمران : ٤٩ ورسولا إلى بني . . . . . ويجعله ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم ، يعني بعلامة ، ثم بين الآية أني أخلق لكم ، يعني أجعل لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا ، فخلق الخفاش بإذن اللّه ؛ لأنه أشد الخلق ، إنما هو لحم وشيء يطير بغير ريش فطار بإذن اللّه وأبرئ الأكمه الذي ولدته أمه أعمى ، الذي لم ير النور قط ، فيرد اللّه بصره و أبرىء والأبرص ، فيبرأ بإذن اللّه وأحي الموتى بإذن اللّه ، قتعيش ، ففعل ذلك وهم ينظرون ، وكان صنبعة هذا آية من اللّه عز وجل بأنه نبي ورسول إلى بني إسرائيل ، فأحيا سام بن نوح بن لمك من الموت بإذن اللّه ، فقالوا له : إن هذا سحر ، فأرنا آية نعلم أنك صادق . وقال عيسى صلى اللّه عليه وسلم : أرأيتم إن أنا أخبرتكم وأنبئكم بما تأكلون في بيوتكم من الطعام ، فيها تقديم وما تدخرون في بيوتكم ، يعني وما ترفعون في غد ، تعلمون أني صادق ؟ نعم ، قال عيسى صلى اللّه عليه وسلم : فلان أكلت كذا وكذا . وشربت كذا وكذا ، وأنت يا فلان أكلت كذا ، وكذا ، وأنت يا فلان ، فمنهم من آمن ومنهم من كفر ، يقول اللّه عز وجل : إن في ذلك لآية ، يعني لعلامة لكم فيما أخبرتكم به إن كنتم مؤمنين [ آية : ٤٩ ] ، يعني مصدقين بعيسى بأنه رسول . ٥٠آل عمران : ٥٠ ومصدقا لما بين . . . . . ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا اللّه وأطيعون ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم من اللحوم ، والشحوم ، وكل ذي ظفر ، والسمك ، فهذا البعض الذي أحل لهم غير السبت ، فإنهم يقومون عليه فوضع عنهم في الإنجيل ذلك وجئتكم بآية من ربكم بعلامة من ربكم ، يعني العجائب التي كان يصنعها اللّه فاتقوا اللّه ، يعني فوحدوا اللّه وأطيعون [ آية : ٥٠ ] فيما آمركم به من النصيحة ، فإنه لا شريك له . ٥١آل عمران : ٥١ إن اللّه ربي . . . . . وقال لهم عيسى صلى اللّه عليه وسلم : إن اللّه ربي وربكم فاعبدوه ، يعني فوحدوه هذا صراط مستقيم [ آية : ٥١ ] ، يعني هذا التوحيد دين مستقيم ، وهو الإسلام ، فكفروا ، آل عمران : ٥٢ فلما أحس عيسى . . . . . فلما أحس ، يعني فلما رأى عيسى منهم الكفر ، يعني من بني إسرائيل ، كقوله عزوجل : هل تحس منهم من أحد [ مريم : ٩٨ ] ، يعني هل ترى منهم من ؟ فمر عيسى صلى اللّه عليه وسلم على الحواريين ، يعني على القصارين غسالى الثياب قال من أنصاري إلى اللّه ، يعني من يتبعني مع اللّه ، ك قوله : فأرسل إلى هارون [ الشعراء : ١٣ ] ، يعني معي هارون ، وكقوله سبحانه : ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم [ النساء : ٢ ] ، يعني مع أموالكم قال الحواريون نحن أنصار اللّه ءامنا باللّه ، يعني بتوحيد اللّه وأشهد يا عيسى بأنا مسلمون [ آية : ٥٢ ] ، يعني مخلصين بتوحيد اللّه عزوجل . ٥٣آل عمران : ٥٣ ربنا آمنا بما . . . . . ثم ربنا ءامنا بما أنزلت ، يعني صدقنا بالإنجيل الذي أنزلت على عيسى ، واتبعنا الرسول ، يعني عيسى على دينه فاكتبنا مع الشاهدين [ آية : ٥٣ ] ، يقول : فاجعلنا مع الصادقين ، نظيرها في المائدة ، هذا قول الحواريين ٥٤آل عمران : ٥٤ ومكروا ومكر اللّه . . . . . ومكروا ومكر اللّه ، وذلك أن كفار بني إسرائيل عمدوا إلى رجل ، فجعلوه رقيبا على عيسى ليقتلوه ، فجعل اللّه شبه عيسى على الرقيب ، فأخذوا الرقيب فقتلوه وصلبوه ، وظنوا أنه عيسى ، ورفع اللّه عزوجل عيسى إلى سماء الدنيا من بيت المقدس ليلة القدر في رمضان ، فذلك قوله سبحانه : ومكروا بعيسى ليقتلوه ، يعني اليهود ومكر اللّه بهم حين قتل رقيبهم وصاحبهم واللّه خير الماكرين [ آية : ٥٤ ] ، يعني أفضل مكرا منهم . ٥٥آل عمران : ٥٥ إذ قال اللّه . . . . . إذ قال اللّه يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ، فيها تقديم ، يقول : رافعك إلى من الدنيا ، ومتوفيك حين تنزل من السماء على عهد الدجال ، يقول : إني رافعك إلي الآن ومتوفيك بعد قتل الدجال ، يقول : رافعك إلي في السماء ومطهرك من الذين كفروا ، يعني اليهود وغيرهم وجاعل الذين اتبعوك على دينك يا عيسى ، وهو الإسلام فوق الذين كفروا ، يعني اليهود وغيرهم ، وأهل دين عيسى هم المسلمون فوق الأديان كلها إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم في الآخرة فأحكم ، يعني فأقضى بينكم ، يعني بين المسلمين وأهل الاديان فيما كنتم فيه من الدين تختلفون [ آية : ٥٥ ] ، وهو الإسلام ، فأسلمت طائفة وكفرت طائفة . ٥٦آل عمران : ٥٦ فأما الذين كفروا . . . . . ثم أخبر اللّه عزوجل عن منزلة الفريقين في الآخرة ، فقال : فأما الذين كفروا ، يعني كفار أهل الكتاب فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا ، يعني القتل أو الجزية ، و في والآخرة عذاب النار وما لهم من ناصرين [ آية : ٥٦ ] ، يعني من مانعين يمنعونهم من النار ، ٥٧آل عمران : ٥٧ وأما الذين آمنوا . . . . . وأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات ، يعني أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم فيوفيهم أجورهم ، يعني فيوفوا أجورهم في الآخرة واللّه لا يحب الظالمين ٥٨آل عمران : ٥٨ ذلك نتلوه عليك . . . . . ذلك الذي ذكره اللّه عزوجل في هذه الآيات نتلوه عليك يا محمد من الآيات ، يعني من البيان والذكر الحكيم [ آية : ٥٨ ] ، يعني المحكم من الباطل . ٥٩آل عمران : ٥٩ إن مثل عيسى . . . . . إن مثل عيسى عند اللّه ، وذلك أن وفد نصارى نجران قدموا على النبي صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة ، منهم السيد ، والعاقب ، والأسقف ، والرأس ، والحارث ، وقيس ، وابنيه ، وخالد ، خليد ، وعمرو ، فقال السيد والعاقب ، وهما سيدا اهل نجران : يا محمد ، لم تشتم صاحبنا وتعيبه ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ ما صاحبكم ؟ ′ ، عيسى ابن مريم العذراء البتول ، قال أبو محمد بن ثابت ، قال : العذراء البتول ، المنقطعة إلى اللّه عزوجل ، لقوله عزوجل : وتبتل إليه تبتيلا [ المزمل : ٨ ] . فأرنا فيما خلق اللّه عبدا مثله يحيى الموتى ، ويبرىء الأكمه والأبرص ، ويخلق من الطين طيرا ، ولم يقولوا : بإذن اللّه ، وكل آدمي له أب ، وعيسى لا أب له ، فتابعنا في أن عيسى ابن اللّه ونتابعك ، فإما أن تجعل عيسى ولدا وإما إلها ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ معاذ اللّه أن يكون له ولد ، أو يكون معه إله ′ ، فقالا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : أنت أحمد ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ′ أنا أحمد ، وأنا محمد ′ ، فقالا : فيم أحمد ؟ قال : ′ أحمد الناس عن الشرك ′ ، قالا : فإنا نسألك عن أشياء ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ لا أخبركم حتى تسلموا فتتبعوني ′ ، قالا : أسلمنا قبلك ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ إنكما لم تسلما ، حجزكما عن الإسلام ثلاثة : أكلكما الخنزير ، وشربكما الخمر ، وقولكما : إن للّه عزوجل ولدا ′ . فغضبا عند ذلك ، فقالا : من أبو عيسى ؟ ائتنا له بمثل ، فانزل اللّه عزوجل : إن مثل عيسى عند اللّه كمثل ءادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون [ آية : ٥٩ ] ، ٦٠آل عمران : ٦٠ الحق من ربك . . . . . هذا الذي قال اللّه في عيسى هو الحق من ربك فلا تكن من الممترين [ آية : ٦٠ ] يا محمد ، يعني من الشاكين في عيسى أنه مثله كمثل آدم ، فقالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : ليس كما تقول ، ما هذا له بمثل . ٦١آل عمران : ٦١ فمن حاجك فيه . . . . . فأنزل اللّه عز وجل : فمن حاجك فيه ، يعني فمن خاصمك في عيسى من بعد ما جاءك من العلم ، يعني من البيان من أمر عيسى ، يعني ما ذكر في هذه الآيات ، فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل ، يعني تخلص الدعاء إلى اللّه عز وجل فنجعل لعنت اللّه على الكاذبين [ آية : ٦١ ] ، ٦٢آل عمران : ٦٢ إن هذا لهو . . . . . إن هذا الذي ذكرته في عيسى لهو القصص الحق ، والذي تقولون هو الباطل وما من إله إلا اللّه وإن اللّه لهو العزيز في ملكه الحكيم [ آية : ٦٢ ] في أمره ، حكم عيسى في بطن أمه . ٦٣آل عمران : ٦٣ فإن تولوا فإن . . . . . فإن تولوا ، يعني فإن أبوا إلا أن يلاعنوا فإن اللّه عليم بالمفسدين [ آية : ٦٣ ] في الأرض بالمعاصي . ٦٤آل عمران : ٦٤ قل يا أهل . . . . . قال اللّه عز وجل : قل لهم يا محمد : يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء ، يعني كلمة العدل ، وهي الإخلاص بيننا وبينكم ألا نعبد إلا اللّه ولا نشرك به شيئا من خلقه ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون اللّه ؛ لأنهم اتخذوا عيسى ربا فإن تولوا ، يعني فإن أبوا التوحيد فقولوا لهم أنتم : اشهدوا بأنا مسلمون [ آية : ٦٤ ] ، يعني مخلصين بالتوحيد ، فقال العاقب : ما نصنع بملاعنته شيئا ، فواللّه لئن كان كاذبا ما ملاعنته بشئ ، ولئن كان صادقا لا يأتي علينا الحول حتى يهلك اللّه الكاذبين . يا محمد ، نصالحك على ألا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا ، على أن نؤدي إليك ألف حلة في صفر ، وألف حلة في رجب ، وعلى ثلاثين درعا من حديد عادية ، فصالحهم النبي صلى اللّه عليه وسلم على ذلك ، فقال : ′ والذي نفس محمد بيده ، لولا عنوني ما حال الحول ، ويحضرني منهم أحد ، ولأهلك اللّه الكاذبين ′ ، قال عمر ، رضى اللّه عنه : لو لاعنتهم بيد من كنت تأخذ ، قال : ′ آخذ بيد على ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، عليهم السلام ، وحفصة ، وعائشة ، رحمهما اللّه . ٦٥آل عمران : ٦٥ يا أهل الكتاب . . . . . يا أهل الكتاب لم تحاجون ، يعني تخاصمون في إبراهيم ، وذلك أن رؤساء اليهود : كعب بن الأشرف ، وأبا ياسر ، وأبا الحقيق ، وزيد بن التابوه ، ونصارى نجران ، يقولون : إبراهيم أولى بنا ، والأنبياء منا كانوا على ديننا ، وما تريد إلا أن نتخذك ربا كما اتخذت النصارى عيسى ربا ، وقالت النصارى : ما تريد بأمرك إلا أن نتخذك ربا كما اتخذت اليهود عزيرا ربا ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ معاذ اللّه من ذلك ، ولكني أدعوكم إلى أن تعبدوا اللّه جميعا ، ولا تشركوا به شيئا ′ ، فأنزل اللّه عز وجل : يا أهل الكتاب لم تحاجون ، يعني تخاصمون في إبراهيم ، قتزعمون أنه كان على دينكم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده ، أي بعد موت إبراهيم أفلا تعقلون [ آية : ٦٥ ] . ٦٦آل عمران : ٦٦ ها أنتم هؤلاء . . . . . هأنتم هؤلاء حاججتم ، يعني خاصمتم فيما لكم به علم مما جاء في التوراة والإنجيل فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم بما ليس في التوراة والإنجيل ، واللّه يعلم أن إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا وأنتم لا تعلمون [ آية : ٦٦ ] ٦٧أنه ما كان يهوديا ولا نصرانيا ، ثم أخبر اللّه عز وجل ، فقال : آل عمران : ٦٧ ما كان إبراهيم . . . . . ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا ، يعني حاجا مسلما ، يعني مخلصا وما كان من المشركين [ آية : ٦٧ ] ، يعني من اليهود ولا من النصارى . ثم قال : ٦٨آل عمران : ٦٨ إن أولى الناس . . . . . إن أولى الناس بإبراهيم لقولهم : إنه كان على دينهم للذين اتبعوه على دينه واقتدوا به وهذا النبي والذين آمنوا ، يقول : من اتبع محمدا صلى اللّه عليه وسلم على دينه ، ثم قال اللّه عز وجل : واللّه ولي المؤمنين [ آية : ٦٨ ] الذين يتبعونهما على دينهما ، ٦٩آل عمران : ٦٩ ودت طائفة من . . . . . ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم ، يعني يستنزلونكم عن دينكم الإسلام وما يضلون ، يعني وما يستنزلون إلا أنفسهم وما يشعرون [ آية : ٦٩ ] ، إنما يضلون أنفسهم ، فنزلت في عمار بن ياسر ، وحذيفة بن اليمان ، وذلك أن اليهود جادلوهما ودعوهما إلى دينهم ، و إن ديننا أفضل من دينكم ، ونحن أهدى منكم سبيلا ، فنزلت : ودت طائفة من أهل الكتاب إلى آخر الآية . ٧٠آل عمران : ٧٠ يا أهل الكتاب . . . . . ونزلت : يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات اللّه ، يعني القرآن وأنتم تشهدون [ آية : ٧٠ ] أن محمدا رسول اللّه ، ونعته معكم في النوراة ، ٧١آل عمران : ٧١ يا أهل الكتاب . . . . . يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق ، يعني لم تخلطون الحق بالباطل وتكتمون الحق ، وذلك أن اليهود أقروا ببعض أمر محمد صلى اللّه عليه وسلم وكتموا بعضا وأنتم تعلمون [ آية : ٧١ ] أن محمدا نبى ورسول صلى اللّه عليه وسلم . ٧٢آل عمران : ٧٢ وقالت طائفة من . . . . . وقالت طائفة من أهل الكتاب ، كعب بن الاشرف ، ومالك بن الضيف اليهوديان لسلفة اليهود ءامنوا بالذي أنزل على الذين ءامنوا ، يعني صدقوا بالقرآن ، وجه النهار واكفروا ءاخره أول النهار ، يعني صلاة الغداة ، وإذا كان العشى قولوا لهم : نظرنا في التوراة ، فإذا النعت الذي في التوراة ليس بنعت محمد صلى اللّه عليه وسلم ، فذلك قوله سبحانه : واكفروا ءاخره ، يعني صلاة العصر ، فلبسوا عليهم دينهم لعلهم يشكون في دينهم ، فذلك قوله : لعلهم يرجعون ، [ آية : ٧٢ ] ، يعني لكي يرجعوا عن دينهم إلى دينكم . وقالا لسفلة اليهود : ٧٣آل عمران : ٧٣ ولا تؤمنوا إلا . . . . . وَلا تُؤْمِنٌوا إلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُم ، فإنه لن يؤتى أحد من الناس مثل ما أوتيتم من الفضل والتوراة والمن والسلوى والغمام والحجر ، اثبتوا على دينكم ، وقالوا لهم : لا تخبروهم بأمر محمد صلى اللّه عليه وسلم فيحاجوكم ، يعني فيخاصموكم عند ربكم ، قالوا ذلك حسداً لمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، لأن تكون النبوة في غيرهم ، فأنزل اللّه عز وجل : قُل إِنَّ الهدى هدى اللّه أن يؤتي أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل يا محمد إن الفضل ، يعني الإسلام والنبوة بيد اللّه يؤتيه من يشاء واللّه واسع لذلك عليم [ آية : ٧٣ ] بمن يؤتيه الفضل ، ٧٤آل عمران : ٧٤ يختص برحمته من . . . . . يختص برحمته ، يعني بتوبته من يشاء ، فاختص اللّه عزوجل به المؤمنين واللّه ذو الفضل ، يعني الإسلام العظيم [ آية : ٧٤ ] على المؤمنين . ٧٥-٧٦آل عمران : ٧٥ - ٧٦ ومن أهل الكتاب . . . . . ومن أهل الكتاب ، يعني أهل التوراة من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ، يعني عبد اللّه بن سلام وأصحابه ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك ، يعني كفار اليهود ، يعني كعب بن الأشرف وأصحابه ، يقول : منهم من يؤدي الأمانة ولو كثرت ، ومنهم من لا يؤديها ولو ائتمنته على دينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما عند راسه مواظبا عليه تطالبه بحقك ذلك استحلالا للامانة بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين ، يعني في العرب سبيل ، وذلك أن المسلمين باعوا اليهود في الجاهلية ، فلما تقاصهم المسلمون في الإسلام ، لا حرج علينا في حبس أموالهم ؛ لانهم ليسوا على ديننا يزعمون أن ذلك حلال لهم في التوراة ، فذلك قوله عز وجل : ويقولون على اللّه الكذب وهم يعلمون [ آية : ٧٥ ] أنهم كذبة ، وأن في التوراة تحريم الدماء والأموال الا بحقها ، ولكن أمرهم بالإسلام وأداء الأمانة وأخذ على ذلك ميثاقهم ، فذلك قوله سبحانه : بلى من أوفى بعهده الذي أخذه اللّه عليه في التوراة وأدى الأمانة واتقى محارمه فإن اللّه يحب المتقين [ لآية : ٧٦ ] ، يقول : الذين يتقون استحلال المحارم . ٧٧آل عمران : ٧٧ إن الذين يشترون . . . . . إن الذين يشترون بعهد اللّه وأيمانهم ثمنا قليلا ، يعني عرضا من الدنيا يسيرا ، يعني رءوس اليهود أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ، يعني لا نصيب لهم في الآخرة ، ولا يكلمهم اللّه ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم بعد العرض والحساب ولهم عذاب أليم [ آية : ٧٧ ] ، يعني وجيع . ٧٨آل عمران : ٧٨ وإن منهم لفريقا . . . . . وإن منهم ، يعني من اليهود لفريقا ، يعني طائفة ، منهم : كعب بن الأشرف ، ومالك بن الضيف ، وأبو ياسر ، وجدى بن أخطب ، وشعبة بن عمرو ، يلوون ألسنتهم بالكتاب ، يعني باللي التحريف بالألسن في أمر محمد صلى اللّه عليه وسلم ، لتحسبوه من الكتاب ، يعني التوراة ، يقول اللّه عزوجل : وما هو من الكتاب كتبوا يعني في من التوراة غير نعت محمد صلى اللّه عليه وسلم ومحوا نعته ويقولون هو هذا النعت من عند اللّه وما هو من عند اللّه ، ولكنهم كتبوه ويقولون على اللّه الكذب وهم يعلمون [ آية : ٧٨ ] أنهم كذبة ، وليس ذلك نعت محمد صلى اللّه عليه وسلم . ٧٩آل عمران : ٧٩ ما كان لبشر . . . . . ما كان لبشر ، يعني عيسى ابن مريم صلى اللّه عليه وسلم أن يؤتيه اللّه ، يعني ان يعطيه اللّه الكتاب ، يعني التوراة والإنجيل والحكم ، يعني الفهم والنبوة ثم يقول للناس ، يعني بني إسرائيل كونوا عبادا لي من دون اللّه ولكن ، يقول لهم : كونوا ربانيين ، يعني متعبدين للّه عزوجل بما كنتم تعلمون الكتاب ، يعني التوراة والإنجيل وبما كنتم تدرسون [ آية : ٧٩ ] ، يعني تقرءون . ٨٠آل عمران : ٨٠ ولا يأمركم أن . . . . . ولا يأمركم ان تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ، يعني عيسى ، وعزير ، ولو أمركم بذلك لكان كفرا ، فذلك قوله : أيأمركم بالكفر ، يعني بعبادة الملائكة والنبيين ، بعد إذ أنتم مسلمون [ أية : ٨٠ ] ، يعني مخلصين له بالتوحيد ، فقال : الإصبغ بن زيد وكردم بن قيس ، أيامرنا بالكفر بعد الإيمان ، فأنزل اللّه عزوجل : ٨١آل عمران : ٨١ وإذ أخذ اللّه . . . . . وإذ أخذ اللّه ميثاق النبيين ، على ان يعبدوا اللّه ، ويبلغوا الرسالة إلى قومهم ، ويدعوا الناس إلى دين اللّه عز وجل ، فبعث اللّه موسى ومعه التوراة إلى بني إسرائيل ، فكان موسى أول رسول بعث إلى بني إسرائيل ، وفي التوراة بيان أمر محمد صلى اللّه عليه وسلم ، فأقروا به لما ، يعني للذي ءاتيتكم ، يعني بني إسرائيل من كتاب ، يعني التوراة وحكمة ، يعني ما فيها من الحلال والحرام ثم جاءكم ، يعني بني إسرائيل رسول ، يعني محمدا صلى اللّه عليه وسلم مصدق لما معكم ، يعني تصديق محمد صلى اللّه عليه وسلم لما معكم في التوراة ، لتؤمنن به ، يعني لتصدقن به إن بعث ولتنصرنه ، إذا خرج ، يقول عز وجل لهم : قال ءاقررتم بمحمد في التوراة بتصديقه ونصره وأخذتم على ذلكم إصري ، يقول : وقبلتم على الإيمان بمحمد عهدي وميثاقي في التوراة قالوا أقررنا ، يقول اللّه : قال فاشهدوا على انفسكم بالإقرار ، يقول اللّه عز وجل : وأنا معكم ، أي إقراركم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم من الشاهدين [ آية : ٨١ ] . ٨٢آل عمران : ٨٢ فمن تولى بعد . . . . . ثم قال : فمن تولى بعد ذلك ، يعني فمن أعرض عن الإيمان بمحمد صلى اللّه عليه وسلم بعد إقراره في التوراة فأولئك هم الفاسقون [ آية : ٨٢ ] ، يعني العاصين ، ٨٣آل عمران : ٨٣ أفغير دين اللّه . . . . . أفغير دين اللّه يبغون وله أسلم من في السماوات ، يعني الملائكة والأرض ، يعني المؤمنين طوعا ، قال سبحانه : وكرها ، يعني أهل الأديان ، يقولون : اللّه هو ربهم ، وهو خلقهم ، فذلك إسلامهم ، وهم في ذلك مشركون وإليه يرجعون [ آية : ٨٣ ] . ٨٤آل عمران : ٨٤ قل آمنا باللّه . . . . . ثم أنزل اللّه عز وجل في آل عمران : إن لم يؤمن أهل الكتاب بهذه الآية التي في البقرة ، وأمر المؤمنين أن يقرءوها ، فنزل : قل ءامنا باللّه ، يعني صدقنا بتوحيد اللّه ، وما أنزل علينا ، يعني الإقرار بمحمد صلى اللّه عليه وسلم وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى ، يعني وما أعطى موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ، يقول : لا نكفر ببعض ونؤمن ببعض ، ونحن له مسلمون [ آية : ٨٤ ] ، يعني مخلصين ، ٨٥آل عمران : ٨٥ ومن يبتغ غير . . . . . ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [ آية : ٨٥ ] ، نزلت في طعمة بن أبيرق الأنصاري من الأوس من بني صقر ، ارتد عن الإسلام ولحق بكفار مكة . ٨٦آل عمران : ٨٦ كيف يهدي اللّه . . . . . كيف يهدي اللّه قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات ، يعني البيان واللّه لا يهدي إلى دينه القوم الظالمين [ آية : ٨٦ ] ، ٨٧آل عمران : ٨٧ أولئك جزاؤهم أن . . . . . أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة اللّه و لعنة والملائكة والناس أجمعين [ آية : ٨٧ ] ، يعني والعالمين كلهم ، ٨٨آل عمران : ٨٨ خالدين فيها لا . . . . . خالدين فيها في اللعنة ، مقيمين فيها يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون [ آية : ٨٨ ] ، يعني لا يناظر بهم العذاب ، نزلت في اثني عشر رجلا ارتدوا عن الإسلام ، وخرجوا من المدينة كهيئة البداة ، ثم انصرفوا إلى طريق مكة ، فلحقوا بكفار مكة ، منهم : طعمة بن أبيرق الأنصاري ، ومقيس بن ضبابة الليثى ، وعبد اللّه بن أنس بن خطل من بني تيم بن مرة القرشي ، ووجوج بن الأسلت الأنصاري ، وأبو عامر بن النعمان الراهب ، والحارث بن سويد بن الصامت الأنصاري من بني عمرو بن عوف أخو الجلاس بن سويد بن الصامت . ثم إن الحارث ندم فرجع تائبا من ضرار ، ثم أرسل إلى أخيه الجلاس : إني قد رجعت تائبا ، فسل النبي صلى اللّه عليه وسلم هل لي من توبة وإلا لحقت بالشام ؟ فانطلق الجلاس إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فاخبره فلم يرد عليه شيئا ، فأنزل اللّه عز وجل في الحارث ، ٨٩آل عمران : ٨٩ إلا الذين تابوا . . . . . فاستثنى : إلا الذين تابوا ، فلا يعذبون من بعد ذلك ، يعني من بعد الكفر وأصلحوا في العمل فيما بقى فإن اللّه غفور لكفره رحيم [ آية : ٨٩ ] به فيما بقى . ٩٠آل عمران : ٩٠ إن الذين كفروا . . . . . فبلغ أمر الحارث الأحد عشر الذين بمكة ، ف نقيم بمكة ما أقمنا ونتربص بمحمد الموت ، فإذا أردنا المدينة فسينزل فينا ما نزل في الحارث ويقبل منا ما يقبل منه ، فأنزل اللّه عز وجل فيهم : إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا ، نقيم بمكة كفارا ، فإذا أردنا المدينة ، فسينزل فينا كما نزل في الحارث لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون [ آية : ٩٠ ] . ٩١آل عمران : ٩١ إن الذين كفروا . . . . . ثم أخبرهم عنهم وعن الكفار وما لهم في الآخرة ، فقال عز وجل : إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار ، فيود أحدهم أن يكون له ملء الأرض ذهبا ، يقدر على أن يفتدى به نفسه من العذاب لافتدى به فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به ما قبل منه أولئك لهم عذاب أليم ، وله عذاب ، وجميع نظيرها في المائدة ، وما لهم من ناصرين [ آية : ٩١ ] ، يعني من مانعين يمنعونهم من العذاب . ٩٢آل عمران : ٩٢ لن تنالوا البر . . . . . قوله سبحانه : لن تنالوا البر حتى تنفقوا ، يقول : لن تستكملوا التقوى حتى تنفقوا في الصدقة مما تحبون من الأموال وما تنفقوا من شيء ، يعني من صدقة فإن اللّه به عليم [ آية : ٩٢ ] ، يعني عالم به ، يعني بنياتكم . ٩٣آل عمران : ٩٣ كل الطعام كان . . . . . كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ، وذلك أن يعقوب بن إسحاق خرج ذات ليلة ليرسل الماء في أرضه ، فاستقبله ملك ، فظن أنه لص يريد أن يقطع عليه الطريق ، فعالجه في المكان الذي كان يقرب فيه القربان يدعى شانير ، فكان أول قربان قربه بأرض المقدس ، فلما أراد الملك ان يفارقه ، غمز فخذ يعقوب برجليه ليريه أنه لو شاء لصرعه ، فهاج به عرق النساء ، وصعد الملك إلى السماء ، ويعقوب ينظر إليه ، فلقى منها البلاء ، حتى لم ينم الليل من وجعه ، ولا يؤذيه بالنهار ، فجعل يعقوب للّه عز وجل تحريم لحم الإبل وألبانها ، وكان من أحب الطعام والشراب إليه ، لئن شفاه اللّه . قالت اليهود : جاء هذا التحريم من اللّه عز وجل في التوراة ، حرم اللّه على يعقوب وذريته لحوم الإبل وألبانها ، قال اللّه عز وجل لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : قل لليهود فأتوا بالتوراة فاتلوها فاقرءوها إن كنتم صادقين [ آية : ٩٣ ] بأن تحريم لحوم الإبل في التوراة ، فلم يفعلوا ، ٩٤آل عمران : ٩٤ فمن افترى على . . . . . يقول اللّه عز وجل يعيبهم : فمن افترى على اللّه الكذب بأن اللّه حرمه في التوراة من بعد ذلك البيان فأولئك هم الظالمون [ آية : ٩٤ ] . ٩٥آل عمران : ٩٥ قل صدق اللّه . . . . . قل صدق اللّه ، وذلك حين قال اللّه سبحانه : ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا [ آل عمران : ٦٧ ] إلى آخر الآية ، وقالت اليهود والنصارى : كان إبراهيم والأنبياء على ديننا ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ فقد كان إبراهيم يحج البيت وأنتم تعلمون ذلك ، فلم تكفرون بآيات اللّه ′ ، يعني بالحج ، فذلك قوله سبحانه : قل صدق اللّه فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا ، يعني حاجا وما كان من المشركين [ آية : ٩٥ ] ، يقول : لم يكن يهوديا ولا نصرانيا . ٩٦آل عمران : ٩٦ إن أول بيت . . . . . إن أول بيت ، يعني أول مسجد وضع للناس ، يعني للمؤمنين للذي ببكة مباركا ، وإنما سمي بكة ؛ لأنه يبك الناس بعضهم بعضا في الطواف ، ومباركا فيه ، البركة مغفرة للذنوب وهدى للعالمين [ آية : ٩٦ ] ، يعني المؤمنين من الضلالة لمن صلى فيه ، وضلالة لمن صلى قبل بيت المقدس ، وذلك أن المسلمين واليهود اختصموا في أمر القبلة ، فقال المسلمون : القبلة الكعبة ، وقالت اليهود : القبلة بيت المقدس ، فأنزل اللّه عز وجل ان الكعبة أول مسجد كان في الأرض ، والبيت قبلة لأهل المسجد الحرام ، والحرم كله قبلة الأرض . ٩٧آل عمران : ٩٧ فيه آيات بينات . . . . . ثم قال عز وجل : فيه آيات بينات مقام إبراهيم ، يعني علامة واضحة أثر مقام إبراهيم صلى اللّه عليه وسلم ومن دخله في الجاهلية كان ءامنا حتى يخرج منه وللّه على الناس ، يعني المؤمنين حج البيت من استطاع إليه سبيلا ، يعني بالاستطاعة الزاد والراحلة ومن كفر من أهل الأديان بالبيت ولم يحج واجبا فقد كفر ، فذلك قوله سبحانه : ومن كفر فإن اللّه غني عن العالمين [ آية : ٩٧ ] . ٩٨آل عمران : ٩٨ قل يا أهل . . . . . قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات اللّه ، يعني بالقرآن واللّه شهيد على ما تعملون [ آية : ٩٨ ] ، ٩٩آل عمران : ٩٩ قل يا أهل . . . . . قل يا أهل الكتاب ، يعني اليهود لم تصدون عن سبيل اللّه أهل الإيمان ، نزلت في حذيفة ، وعمار بن ياسر حين دعوهما إلى دينهم ، فقالوا لهما : ديننا أفضل من دينكم ، ونحن أهدى منكم سبيلا ، فقال عز وجل : لم تصدون عن سبيل اللّه ، عن دين الإسلام من ءامن تبغونها عوجا ، يعني بملة الإسلام زيغا ، وأنتم شهداء أن الدين هو الإسلام ، وأن محمدا رسول اللّه ونبي وما اللّه بغافل عما تعملون [ آية : ٩٩ ] . ١٠٠آل عمران : ١٠٠ يا أيها الذين . . . . . يأيها الذين ءامنوا إن تطيعوا فريقا من الذين اوتوا الكتاب ، يعني طائفة من الذين أوتوا الكتاب ، يعني أعطوا التوراة يردوكم بعد إيمانكم كافرين [ آية : ١٠٠ ] ، ١٠١آل عمران : ١٠١ وكيف تكفرون وأنتم . . . . . وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم ءايات اللّه ، يعني القرآن وفيكم رسوله ، يعني محمدا صلى اللّه عليه وسلم بين أظهرهم ومن يعتصم باللّه ، يعني يحترز باللّه فيجعله ثقته فقد هدي إلى صراط مستقيم [ آية : ١٠١ ] ، يعني إلى دين الإسلام ١٠٢آل عمران : ١٠٢ يا أيها الذين . . . . . يأيها الذين ءامنوا ، يعني الأنصار اتقوا اللّه حق تقاته ، وهو أن يطاع فلا يعصى ، وأن يذكر فلا ينسى ، وان يشكر فلا يكفر ، نسختها : فاتقوا اللّه ما استطعتم [ التغابن : ١٦ ] ، وذلك انه كان بين الأوس والخزرج عداوة في الجاهلية في دم شمير وحاطب ، فقتل بعضهم بعضا حينا ، فلما هاجر النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى المدينة أصلح بينهم ، فلما كان بعد ذلك ، فاتخر منهم رجلان أحدهما ثعلبة بن غنيمة من الاوس ،
والآخر سعد بن زرارة من بني الخزرج من بني سلمة بن جشم ، فجرى الحديث بينهما فغضبا ، فقال الخزرجي : أما واللّه لو تأخر الإسلام عنا وقدوم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علينا لقتلنا سادتكم ، واستعبدنا أبناءكم ، ونكحنا نساءكم بغير مهر ، فقال الأوسي : قد كان الإسلام متأخرا زمانا طويلا ، فهلا فعلتم ، فقد ضربناكم بالمرهفات حتى أدخلناكم الديار ، وذكرا الأشعار والموتى ، وافتخرا وانتسبا ، حتى كان بينهما دفع وضرب بالأيدي والسعف والنعال ، فغضبا فناديا ، فجاءت الأوس إلى الأوس ، والخزرج إلى الخزرج بالسلاح ، وأسرع بعضهم إلى بعض بالرماح ، فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فركب حمارا وأتاهم ، فلما أن عاينهم ناداهم : يأيها الذين ءامنوا اتقوا اللّه حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون [ آية : ١٠٢ ] ، يعني معتصمين بالتوحيد . ١٠٣آل عمران : ١٠٣ واعتصموا بحبل اللّه . . . . . واعتصموا بحبل اللّه ، يعني بدين اللّه جميعا ولا تفرقوا ، يعني ولا تختلفوا في الدين كما اختلف أهل الكتاب واذكروا نعمت اللّه عليكم الإسلام إذ كنتم أعداء في الجاهلية يقتل بعضكم بعضا فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ، يعني برحمته إخوانا في الإسلام وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ، يقول للمشركين : الميت منكم في النار ، والحي منكم على حرف النار ، إن مات دخل النار ، فأنقذكم منها ، يعني من الشرك إلى الإيمان كذلك ، يعني هكذا يبين اللّه لكم ءاياته ، يعني علاماته في هذه النعمة ، أعداء في الجاهلية ، إخوانا في الإسلام ، لعلكم ، لكي تهتدون [ آية : ١٠٣ ] ، فتعرفوا علاماته في هذه النعمة . فلما سمع القوم القرآن من النبي صلى اللّه عليه وسلم تحاجزوا ، ثم عانق بعضهم بعضا ، وتناول بخدود بعض بالتقبيل والالتزام ، يقول جابر بن عبد اللّه ، وهو في القوم : لقد اطلع إلينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما أحد هو أكره طلعة إلينا منه لما كنا هممنا به ، فلما انتهى إليهم النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : ′ اتقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم ′ ، ١٠٤آل عمران : ١٠٤ ولتكن منكم أمة . . . . . ولتكن منكم أمة ، يعني عصبة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون [ آية : ١٠٤ ] . ١٠٥آل عمران : ١٠٥ ولا تكونوا كالذين . . . . . فوعظ اللّه المؤمنين لكي يتفرقوا ولا يختلفوا كفعل أهل الكتاب ، فقال : ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا في الدين بعد موصى ، فصاروا أديانا من بعد ما جاءهم البينات ، يعني البيان وأولئك لهم عذاب عظيم [ آية : ١٠٥ ] ، ١٠٦آل عمران : ١٠٦ يوم تبيض وجوه . . . . . يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم قبل أن يبعث ، فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون [ آية : ١٠٦ ] ، ١٠٧آل عمران : ١٠٧ وأما الذين ابيضت . . . . . وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة ، يعني في جنة اللّه هم فيها خالدون [ آية : ١٠٧ ] ، يعني لا يموتون ، ١٠٨آل عمران : ١٠٨ تلك آيات اللّه . . . . . تلك آيات اللّه نتلوها عليك بالحق وما اللّه يريد ظلما للعالمين [ آية : ١٠٨ ] ، فيعذب على غير ذنب . ١٠٩آل عمران : ١٠٩ وللّه ما في . . . . . وللّه ما في السماوات وما في الأرض وإلى اللّه ترجع الأمور [ آية : ١٠٩ ] ، يعني تصير أمور العباد إليه في الآخرة ، وافتخرت الأنصار ، فقالت الأوس : منا خزيمة بن ثابت صاحب الشهادتين ، ومنا حنظلة غسيل الملائكة ، ومنا عاصم بن ثابت بن الأفلح الذي حمت رأسه الدبر ، يعني الزنابير ، ومنا سعد بن معاذ الذي اهتز العرش لموته ، ورضى اللّه عز وجل بحكمه ، والملائكة في أهل قريظة ، وقالت الخزرج : منا أربعة أحكموا القرآن ، أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد ، ومنا سعد بن عبادة صاحب راية الأنصار وخطيبهم الذي ناحت الجن عليه ، ف نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة فرميناه بسهمين فلم تخط فؤاده ١١٠آل عمران : ١١٠ كنتم خير أمة . . . . . قوله سبحانه : كنتم خير أمة أخرجت للناس ، يعني خير الناس للناس ، وذلك أن مالك بن الضيف ، ووهب بن يهوذا قالا لعبد اللّه بن مسعود ، ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى أبي حنيفة : إن ديننا خير مما تدعونا إليه ، فأنزل اللّه عز وجل فيهم : كنتم خير أمة أخرجت للناس في زمانكم كما فضل بنى إسرائيل في ومانهم تأمرون الناس بالمعروف ، يعني بالإيمان وتنهون عن المنكر وتؤمنون بتوحيد باللّه وتنهوهم عن الظلم وأنتم خير الناس للناس ، وغيركم من أهل الأديان لا يأمرون أنفسهم ولا غيرهم بالمعروف ، ولا ينهونهم عن المنكر ، ثم قال : ولو آمن ، يعني ولو صدق أهل الكتاب ، يعني اليهود بمحمد صلى اللّه عليه وسلم وما جاء به من الحق لكان خيرا لهم من الكفر ، ثم قال : منهم المؤمنون ، يعني عبد اللّه بن سلام وأصحابه وأكثرهم الفاسقون [ آية : ١١٠ ] ، يعني العاصين ، يعني اليهود . ١١١آل عمران : ١١١ لن يضروكم إلا . . . . . لن يضروكم إلا أذى ، وذلك أن رؤساء اليهود : كعب بن مالك ، وشعبة ، وبحرى ، ونعمان ، وأبا ياسر ، وأبا نافع ، وكنانة بن أبي الحقيق ، وابن صوريا ، عمدوا إلى مؤمنيهم فآذوهم لإسلامهم ، وهم عبد اللّه بن سلام وأصحابه ، فأنزل اللّه عز وجل : لن يضروكم اليهود إلا أذى باللسان وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون [ آية : ١١١ ] . ١١٢آل عمران : ١١٢ ضربت عليهم الذلة . . . . . ثم أخبر عن اليهود ، فقال سبحانه : ضربت عليهم الذلة ، يعني المذلة أين ما ثقفوا ، يعني وجدوا إلا بحبل من اللّه وحبل من الناس ، يقول : لا يأمنوا حيث ما توجهوا إلا بعهد من اللّه ، وعهد من الناس ، يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم وحده وباءو بغضب من اللّه ، يعني استوجبوا الغضب من اللّه وضربت عليهم الذلة و المسكنة ، يعني الذل والفقر ذلك الذي نزل بهم بأنهم كانوا يكفرون بآيات اللّه ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك الذي أصابهم بما عصوا وكانوا يعتدون [ آية : ١١٢ ] في دينهم بما خبر عنهم . ١١٣آل عمران : ١١٣ ليسوا سواء من . . . . . فقال سبحانه : ليسوا سواء من أهل الكتاب ، وذلك أن اليهود قالوا لابن سلام وأصحابه : لقد خسرتم حين استبدلتم بدينكم دينا غيره ، وقد عاهدتم اللّه بعهد ألا تدينوا إلا بدينكم ، فقال اللّه عز وجل : ليسوا سواء ، يقول : ليس كفار اليهود والذين في الضلالة بمنزلة ابن سلام وأصحابه الذين هم على دين اللّه ، منهم أمة عصابة قائمة بالحق على دين اللّه عادلة يتلون آيات اللّه ، يعني يقرءون كلام اللّه آناء الليل ، يعني ساعات الليل وهم يسجدون [ آية : ١١٣ ] ، يعني يصلون بالليل . ١١٤آل عمران : ١١٤ يؤمنون باللّه واليوم . . . . . يؤمنون باللّه واليوم الآخر ، يعني يصدقون بتوحيد اللّه والبعث الذي فيه جزاء الأعمال ويأمرون بالمعروف ، يعني إيمانا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم وينهون عن المنكر ، يعني عن تكذيب بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ويسارعون في الخيرات ، يعني شرائع الإسلام وأولئك من الصالحين [ آية : ١١٤ ] ، ١١٥آل عمران : ١١٥ وما يفعلوا من . . . . . وما يفعلوا من خير فلن يكفروه ، فلن يضل عنهم ، بل يشكر ذلك لهم واللّه عليم بالمتقين [ آية : ١١٥ ] ، يعني ابن سلام وأصحابه . ١١٦آل عمران : ١١٦ إن الذين كفروا . . . . . فقال : إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [ آية : ١١٦ ] ، ١١٧آل عمران : ١١٧ مثل ما ينفقون . . . . . ثم ذكر نفقة سفلة اليهود من الطعام والثمار على رءوس اليهود كعب بن الأشرف وأصحابه ، يريدون بها الاخرة ، فضرب اللّه عز وجل مثلا لنفقاتهم ، فقال : مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا / وهم كفار ، يعني سفلة اليهود / كمثل ريح فيها صر ، يعني بردا شديدا أصابت الريح الباردة ، حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته ، فلم يبق منه شيئا ، كما أهلكت الريح الباردة ، حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته ، فلم يبق منه شيئاً ، كما أهلكت الريح الباردة حرث الظلمة ، فلم ينفعهم حرثهم ، فكذلك أهلك اللّه نفقات سفلة اليهود ، ومنهم كفار مكة التي أرادوا بها الآخرة ، فلم تنفعهم نفقاتهم ، فذلك قوله عز وجل : وما ظلمهم اللّه حين أهلك نفقاتهم ، فلم نتقبل منهم ولكن أنفسهم يظلمون [ آية : ١١٧ ] . ١١٨آل عمران : ١١٨ يا أيها الذين . . . . . يا أيها الذين ءامنوا ، يعني المنافقين عبد اللّه بن أبى ، ومالك بن دخشم الأنصاري وأصحابه ، دعاهم اليهود إلى دينهم ، منهم : إصبغ ورافع ابني حرملة ، وهما رءوس اليهود ، فزينوا لهما ترك الإسلام ، حتى أرادوا ان يظهروا الكفر ، فأنزل اللّه عز وجل يحذرهما ولاية اليهود يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا بطانة ، يعني اليهود ، من دونكم ، يعني من دون المؤمنين لا يألونكم خبالا ، يعني غيا ودوا ما عنتم ، يعني ما أثمتم لدينكم في دينكم قد بدت البغضاء ، يعني ظهرت البغضاء ، من أفواههم ، يعني قد ظهرت العداوة بألسنتهم وما تخفى صدورهم ، يعني ما تسر قلوبهم من الغش أكبر مما بدت بألسنتهم قد بينا لكم الآيات ، يقول : ففي هذا بيان لكم منهم إن كنتم تعقلون [ آية : ١١٨ ] . ١١٩آل عمران : ١١٩ ها أنتم أولاء . . . . . قال سبحانه : هأنتم معشر المؤمنين أولاء تحبونهم تحبون هؤلاء اليهود في التقديم لما أظهروا من الأيمان بمحمد صلى اللّه عليه وسلم وبما جاء به ولا يحبونكم ؛ لأنهم ليسوا على دينكم وتؤمنون بالكتاب كله ، كتاب محمد صلى اللّه عليه وسلم والكتب كلها التي كانت قبله وإذا لقوكم قالوا ءامنا ، يعني صدقنا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم وبما جاء به ، وهم كذبة ، يعني اليهود ، مثلها في المائدة : وإذا جاؤوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر [ المائدة : ٦١ ] إلى آخر الآية ، ثم قال : وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل ، يعني أطراف الأصابع من الغيظ الذي في قلوبهم ، ودوا لو وجدوا ريحا يركبونكم بالعداوة قل موتوا بغيظكم ، يعني اليهود إن اللّه عليم بذات الصدور [ آية : ١١٩ ] ، يعني يعلم ما في قلوبهم من العداوة والغش للمؤمنين . آل عمران : ١٢٠ إن تمسسكم حسنة . . . . . ثم أخبر عن اليهود ، فقال سبحانه : إن تمسسكم حسنة ، يعني الفتح والغنيمة يوم بدر تسؤهم وإن تصبكم سيئة ، القتل والهزيمة يوم أحد يفرحوا بها ، ثم قال للمؤمنين : وإن تصبروا على أمر اللّه وتتقوا معاصيه لا يضركم كيدهم شيئا ، يعني قولهم إن اللّه بما يعملون محيط [ آية : ١٢٠ ] ، أحاط علمه بأعمالهم . ١٢١آل عمران : ١٢١ وإذ غدوت من . . . . . وإذ غدوت من أهلك على راحتك يا محمد يوم الأحزاب تبوئ المؤمنين ، يعني توطن لهم مقاعد للقتال في الخندق قبل أن يستبقوا إليه ويستعدوا للقتال واللّه سميع عليم [ آية : ١٢١ ] ، ١٢٢آل عمران : ١٢٢ إذ همت طائفتان . . . . . إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا ، يعني ترك المركز ، منهم بنو حارثة بن الحارث ، ومنهم أوس بن قيظي ، وأبو عربة بن أوس بن يامين ، وبنو سلمة بن جشم ، وهما حيان من الأنصار واللّه وليهما حين عصمها فلم يتركا المركز ، و ما يسرنا أنا لم نهم بالذي هممنا إذا كان اللّه ولينا وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون [ آية : ١٢٢ ] ، يعني فليثق المؤمنون به . ١٢٣آل عمران : ١٢٣ ولقد نصركم اللّه . . . . . ولقد نصركم اللّه ببدر وأنتم أذلة ، وأنتم قليل ، يذكرهم النعم فاتقوا اللّه ولا تعصوه لعلكم تشكرون [ آية : ١٢٣ ] ربكم في النعم ، ١٢٤آل عمران : ١٢٤ إذ تقول للمؤمنين . . . . . إذ تقول يا محمد للمؤمنين يوم أحد : ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة ءالاف من الملائكة منزلين [ آية : ١٢٤ ] عليكم من السماء ، وذلك حين سألوا المدد ، فقال سبحانه : ١٢٥آل عمران : ١٢٥ بلى إن تصبروا . . . . . بلى يمددكم ربكم بالملائكة إن تصبروا لعدوكم وتتقوا معاصيه ، ويأتوكم من فورهم هذا ، يعني من وجههم هذا يمددكم ربكم بخمسة ءالاف من الملائكة ، فزادهم ألفين مسومين [ آية : ١٢٥ ] ، يعني معلمين بالصوف الأبيض في نواصي الخيل ، وأذنابها عليها البياض ، معتمين بالبياض ، وقد أرخوا أطراف العمائم بين أكتافهم . ١٢٦آل عمران : ١٢٦ وما جعله اللّه . . . . . وما جعله اللّه ، يقول : وما جعل المدد من الملائكة إلا بشرى لكم ولتطمئن ، يعني ولكي تسكن قلوبكم به وما النصر إلا من عند اللّه ، يقول : النصر ليس بقلة العدد ولا بكثرته ، ولكن النصر من عند اللّه العزيز ، يعني المنيع في ملكه ، الحكيم [ آية : ١٢٦ ] في أمره حكم النصر للمؤمنين ، نظيرها في الانفال ، ١٢٧آل عمران : ١٢٧ ليقطع طرفا من . . . . . ليقطع لكي يقطع طرفا من الذين كفروا من أهل مكة أو يكبتهم ، يعني يخزيهم فينقلبوا إلى مكة خائبين [ آية : ١٢٧ ] ، لم يصيبوا ظفرا ولا خيرا ، فلم يصبر المؤمنون وتركوا المركز وعصوا ، فرفع عنهم المدد ، وأصابتهم الهزيمة بمعصيتهم ، فيها تقديم . ١٢٨آل عمران : ١٢٨ ليس لك من . . . . . ليس لك يا محمد من الأمر شيء ، وذلك أن سبعين رجلا من أصحاب الصفة فقراء ، كانوا إذا أصابوا طعاما فشبعوا منه تصدقوا بفضله ، ثم إنهم خرجوا إلى الغزو محتسبين إلى قتال قبيلتين من بني سليم : عصبة وذكوان ، فقالتلوهم فقتل السبعون جميعا ، فشق على النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه قتلهم ، فدعا عليهم النبي صلى اللّه عليه وسلم أربعين يوما في صلاة الغداة ، فأنزل اللّه تعالى : ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم ، فيهديهم لدينه أو يعذبهم على كفرهم فإنهم ظالمون [ آية : ١٢٨ ] . ١٢٩آل عمران : ١٢٩ وللّه ما في . . . . . ثم عظم نفسه تعالى ، فقال : وللّه ما في السماوات وما في الأرض من الخلق عبيدة وفي ملكه يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء واللّه غفور رحيم [ آية : ١٢٩ ] في تأخير العذاب عن هذين الحيين من بني سليم . ١٣٠آل عمران : ١٣٠ يا أيها الذين . . . . . يأيها الذين ءامنوا لا تأكلوا الربوا أضعافا مضاعفة ، وذلك ان الرجل كان إذا حل ماله طلبه من صاحبه ، فيقول المطلوب : أخر عني وأزيدك على مالك ، فيفعلون ذلك ، فوعظهم اللّه تعالى ، وقال : واتقوا اللّه في الربا لعلكم تفلحون [ آية : ١٣٠ ] ١٣١آل عمران : ١٣١ واتقوا النار التي . . . . . ، ثم خوفهم ، فقال : واتقوا النار التي أعدت للكافرين [ آية : ١٣١ ] ، ١٣٢آل عمران : ١٣٢ وأطيعوا اللّه والرسول . . . . . وأطيعوا اللّه والرسول لعلكم ترحمون [ آية : ١٣٢ ] ، يعني لكي ترحموا فلا تعذبوا . ١٣٣آل عمران : ١٣٣ وسارعوا إلى مغفرة . . . . . ثم رغبهم ، فقال سبحانه : وسارعوا بالأعمال الصالحة إلى مغفرة لذنوبكم من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض ، يقول : عرض الجنة كعرض سبع سماوات وسبع أرضين جميعا لو ألصق بعضها إلى بعض أعدت للمتقين [ آية : ١٣٣ ] ، ١٣٤آل عمران : ١٣٤ الذين ينفقون في . . . . . فقال : الذين ينفقون في السراء والضراء ، يعني في اليسر والعسر ، وفي الرخاء والشدة والكاظمين الغيظ ، وهو الرجل يغضب في أمر ، فإذا فعله وقع في معصية ، فيكظم الغيظ ويغفر ، فذلك قوله : والعافين عن الناس ، ومن يفعل هذا فقد أحسن ، فذلك قوله : واللّه يحب المحسنين [ آية : ١٣٤ ] ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ إني أرى هؤلاء في أمتي قليلا ، وكانوا أكثر في الامم الخالية ′ . ١٣٥آل عمران : ١٣٥ والذين إذا فعلوا . . . . . والذين إذا فعلوا فاحشة ، وذلك أن رجلا خرج غازيا وخلف رجلا في أهله وولده ، فعرض له الشيطان في اهله ، فهوى المرأة ، فكان منه ما ندم ، فاتى أبا بكر الصديق ، رضى اللّه عنه ، فقال : هلكت ، قال : وما هلاكك ، قال : ما من شيء يناله الرجل من المرأة ، إلا وقد نلته غير الجماع ، فقال أبو بكر ، رضى اللّه عنه : ويحك ، أما علمت أن اللّه عز وجل يغار للغازي ما لا يغار للقاعد ، ثم لقى عمر ، رضى اللّه عنه ، فأخبره ، فقال له مثل مقالة أبى بكر ، رضى اللّه عنه ، ثم أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال له مثل مقالتهما ، فأنزل اللّه عز وجل فيه : والذين إذا فعلوا فاحشة ، يعني الزنا أو ظلموا أنفسهم ما كان نال منها دون الزنا ذكروا اللّه فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا اللّه ولم يصروا يقيموا على ما فعلوا وهم يعلمون [ آية : ١٣٥ ] أنها معصية . ١٣٦آل عمران : ١٣٦ أولئك جزاؤهم مغفرة . . . . . فمن استغفر ف أولئك جزاؤهم مغفرة لذنوبهم من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ، يعني مقيمين في الجنان لا يموتون ونعم أجر العاملين [ آية : ١٣٦ ] ، يعني التائبين من الذنوب ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ ظلمت نفسك ، فاستغفر اللّه وتب إليه ′ ، فاستغفر الرجل ، واستغفر له النبي صلى اللّه عليه وسلم ، نزلت هذه الآية في عمر بن قيس ، ويكنى أبا مقبل ، وذلك حين أقبل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وقد صدمه حائط ، وإذا الدم يسيل على وجهه عقوبة لما فعل ، فانتهى إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فأذن بلال بالصلاة ، صلاة الأولى ، فسأل أبو مقبل النبي صلى اللّه عليه وسلم ما توبته ، فلم يجبه ، ودخل المسجد وصلى الأولى ، ودخل أبو مقبل وصلى معه ، فنزل جبريل ، عليه السلام ، بتوبته وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات ، يعني الصلوات الخمس يذهبن السيئات [ هود : ١١٤ ] ، يعني الذنوب التي لم تختم بالنار ، وليس عليه حد في الزنا وما بين الحدين فهو اللمم ، والصلوات الخمس تكفر هذه الذنوب ، وكان ذنب أبي مقبل من هذه الذنوب ، فلما صلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال لأبي مقبل : ′ أما توضأت قبل أن تأتينا ؟ ′ ، قال : بلى ، قال : ′ أما شهدت معنا الصلاة ؟ ′ ، قال : بلى ، قال : ′ فإن الصلاة قد كفرت ذنبك ′ ، وقرأ النبي صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية . ١٣٧آل عمران : ١٣٧ قد خلت من . . . . . قد خلت من قبلكم سنن ، يعني عذاب الأمم الخالية ، فخوف هذه الأمم بعذاب الأمم ليعتبروا فيوحدوه ، قوله سبحانه : فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين [ آية : ١٣٧ ] للرسل بالعذاب ، كان عاقبتهم الهلاك ، ١٣٨آل عمران : ١٣٨ هذا بيان للناس . . . . . ثم وعظهم ، فقال سبحانه : هذا القرآن بيان للناس من العمى وهدى من الضلالة وموعظة من الجهل للمتقين [ آية : ١٣٨ ] ، ١٣٩آل عمران : ١٣٩ ولا تهنوا ولا . . . . . ولا تهنوا ولا تضعفوا عن عدوكم ولا تحزنوا على ما أصابكم من القتل والهزيمة يوم أحد وأنتم الأعلون ، يعني العالين إن كنتم مؤمنين [ آية : ١٣٩ ] ، يعني إن كنتم مصدقين . ١٤٠آل عمران : ١٤٠ إن يمسسكم قرح . . . . . ثم عزاهم ، فقال : إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ، يعني إن تصبكم جراحات يوم أحد فقد مس القوم ، يعني كفار قريش ، قرح مثله ، يقول : قد أصاب المشركين جراحات مثله يوم بدر ، وذلك قوله سبحانه : وتلك الأيام نداولها بين الناس يوم لكم ببدر ، ويوم عليكم بأحد ، مرة للمؤمنين ومرة للكافرين ، بديل للكافرين من المؤمنين ، ويبتلى المؤمنين بالكافرين وليعلم اللّه ، يعني وليرى إيمان الذين آمنوا منكم عند البلاء فيتبين إيمانهم أيشكوا في دينهم أم لا ويتخذ منكم شهداء واللّه لا يحب الظالمين [ آية : ١٤٠ ] ، يعني المنافقين . ١٤١آل عمران : ١٤١ وليمحص اللّه الذين . . . . . وليمحص اللّه الذين آمنوا بالبلاء ليرى صبرهم ويمحق الكافرين [ آية : ١٤١ ] ، يعني ويذهب دعوة الكافرين الشرك ، يعني المنافقين ، فيبين نفاقهم وكفرهم ، ثم بين للمؤمنين أنه نازل بهم الشدة والبلاء في ذات اللّه عز وجل ، فقال : أم حسبتم يعني أحسبتم ، وذلك أن المنافقين قالوا للمؤمنين يوم أحد بعد الهزيمة : لم تقتلون أنفسكم ، وتهلكون أموالكم ، فإن محمدا لو كان نبيا لم يسلط عليه القتل ؟ قال المؤمنون : بلى ، من قتل منا دخل الجنة ، فقال المنافقون : لم تمنون أنفسكم بالباطل ؟ فأنزل اللّه تعالى : ١٤٢آل عمران : ١٤٢ أم حسبتم أن . . . . . أم حسبتم معشر المؤمنين أن تدخلوا الجنة ولما يعلم اللّه ، يعني ولما يرى اللّه الذين جاهدوا منكم في سبيل اللّه و لما ويعلم ، يعني يرى الصابرين [ آية : ١٤٢ ] عند البلاء ، وليمحص ، أي يقول : إذا جاهدوا وصبروا رأى ذلك منهم ، وإذا لم يفعلوا لم ير ذلك منهم . ١٤٣آل عمران : ١٤٣ ولقد كنتم تمنون . . . . . ولقد كنتم تمنون الموت ، وذلك حين أخبر اللّه عز وجل عن قتلى بدر ، وما هم فيه من الخير ، يا نبي اللّه ، أرنا يوما كيوم بدر ، فأراهم اللّه عز وجل يوم أحد ، فانهزموا فعاتبهم اللّه عز وجل ، فقال سبحانه : ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه ، يعني القتال من قبل أن يلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون [ آية : ١٤٣ ] ، وقالوا يومئذ : إن محمدا صلى اللّه عليه وسلم قد قتل ، فقال بشر بن النضر الأنصاري ، وهو عم أنس بن مالك : إن كان محمدا صلى اللّه عليه وسلم قد قتل ، فإن رب محمد حي ، أفلا تقاتلون على ما قاتل عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى تلقوا اللّه عز وجل . ١٤٤آل عمران : ١٤٤ وما محمد إلا . . . . . ثم قال النضر : اللّهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء ، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء ، ثم شد عليهم بسيفه فقتل منهم من قتل ، وقال المنافقون يومئذ : ارجعوا إلى إخوانكم فاستأمنوهم ، فارجعوا إلى دينكم الأول ، فقال النضر عند قول المنافقين تلك المقالة ، فأنزل اللّه عز وجل : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، يقول : وهل محمد ، عليه السلام ، لو قتل إلا كمن قتل قبله من الأنبياء افإين مات محمد أو قتل انقلبتم على أعقابكم ، يعني رجعتم إلى دينكم الأول الشرك ، ثم قال : ومن ينقلب على عقبيه ، يقول : ومن يرجع إلى الشرك بعد الإيمان فلن يضر اللّه شيئا بارتداده من الإيمان إلى الشرك ، إنما يضر بذلك نفسه وسيجزي اللّه الشاكرين [ آية : ١٤٤ ] ، يعني الموحدين للّه في الآخرة . ١٤٥آل عمران : ١٤٥ وما كان لنفس . . . . . وما كان لنفس أن تموت ، يعني أن تقتل إلا بإذن اللّه حتى يأذن اللّه في موته كتابا مؤجلا في اللوح المحفوظ ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ، يعني الذين تركوا المركز يوم أحد وطلبوا الغنيمة ، وقال سبحانه : ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها ، الذين ثبتوا مع أميرهم عبد اللّه بن جبير الأنصاري من بني عمرو حتى قتلوا وسنجزي الشاكرين [ آية : ١٤٥ ] ، يعني الموحدين في الآخرة . ١٤٦آل عمران : ١٤٦ وكأين من نبي . . . . . ثم أخبر بما لقيت الأنبياء والمؤمنون قبلهم يعزيهم ليصبروا ، فقال سبحانه : وكأين من نبي ، وكم من نبي قاتل معه قبل محمد ربيون كثير ، يعني الجمع الكثير فما وهنوا ، يعني فما عجزوا لما نزل بهم من قبل أنبيائهم وأنفسهم لما أصابهم في سبيل اللّه وما ضعفوا ، يعني خضعوا لعدوهم وما استكانوا ، يعني وما استسلموا ، يعني الخضوع لعدوهم بعد قتل نبيهم ، فصبروا واللّه يحب الصابرين [ آية : ١٤٦ ] . ١٤٧آل عمران : ١٤٧ وما كان قولهم . . . . . وما كان قولهم عند قتل أنبيائهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ، يعني الخطايا الكبار في أعمالنا وثبت أقدامنا عند اللقاء حتى لا تزل ، وانصرنا على القوم الكافرين [ آية : ١٤٧ ] ، أفلا تقولون كما قالوا ، وتقاتلون كما قاتلوا ، فتدركون من الثواب في الدنيا والآخرة مثل ما أدركوا ، فذلك قوله عز وجل : ١٤٨آل عمران : ١٤٨ فآتاهم اللّه ثواب . . . . . فآتاهم اللّه ثواب الدنيا ، يقول : أعطاهم النصر والغنيمة في الدنيا وحسن ثواب الآخرة جنة اللّه ورضوانه ، فمن فعل ذلك فقد أحسن ، فذلك قوله عز وجل : واللّه يحب المحسنين [ آية : ١٤٨ ] . ١٤٩آل عمران : ١٤٩ يا أيها الذين . . . . . وأنزل اللّه عز وجل في قول المنافقين للمؤمنين عند الهزيمة : ارجعوا إلى إخوانكم فادخلوا في دينهم ، فقال سبحانه : يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا ، يعني المنافقين في الرجوع إلى أبي سفيان يردوكم على أعقابكم كفارا بعد الإيمان فتنقلبوا خاسرين [ آية : ١٤٩ ] إلى دينكم الأول ، ١٥٠آل عمران : ١٥٠ بل اللّه مولاكم . . . . . بل اللّه مولاكم ، يعني يقول : فأطيعوا اللّه مولاكم ، يعني وليكم وهو خير الناصرين [ آية : ١٥٠ ] من أبي سفيان وأصحابه ومن معه من كفار العرب يوم أحد . ١٥١آل عمران : ١٥١ سنلقي في قلوب . . . . . سنلقى في قلوب الذين كفروا الرعب ، فانهزموا إلى مكة من غير شيء ، بما أشركوا باللّه ما لم ينزل به سلطانا ، يعني ما لم ينزل به كتابا فيه حجة لهم بالشرك ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين [ آية : ١٥١ ] ، يعني مأوى المشركين النار ، ١٥٢آل عمران : ١٥٢ ولقد صدقكم اللّه . . . . . ولقد صدقكم اللّه وعده إذ تحسونهم بإذنه ، يعني تقتلونهم بإذنه يوم أحد ، ولكم النصر عليهم حتى إذا فشلتم ، يعني ضعفتم عن ترك المركز وتنازعتم في الأمر وعصيتم كان تنازعهم أنه قال بعضهم : ننطلق فنصيب الغنائم ، وقال بعضهم : لا نبرح المركز كما أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من بعد ما أراكم ما تحبون من النصر على عدوكم ، فقتل أصحاب الألوية من المشركين منكم من يريد الدنيا الذين طلبوا الغنيمة ومنكم من يريد الآخرة الذين ثبتوا في المركز حتى قتلوا ثم صرفكم عنهم من بعد أن أظفركم عليهم ليبتليكم بالقتل والهزيمة ولقد عفا عنكم حيث لم تقتلوا جميعا عقوبة بمعصيتكم واللّه ذو فضل في عقوبته على المؤمنين [ آية : ١٥٢ ] ، حيث لم يقتلوا جميعا . ١٥٣آل عمران : ١٥٣ إذ تصعدون ولا . . . . . إذ تصعدون من الوادي إلى أحد ولا تلوون على أحد ، يعني بأحد النبي صلى اللّه عليه وسلم والرسول يدعوكم في أخراكم ، يعني يناديكم من ورائكم : يا معشر المؤمنين ، أنا رسول اللّه ، ثم قال : فأثابكم غما بغم ، وذلك أنهم كانوا يذكرون فيما بينهم بعد الهزيمة ما فاتهم من الفتح والغنيمة ، وما أصابهم بعد ذلك من المشركين ، وقتل إخوانهم ، فهذا الغم الأول ، والغم الآخر إشراف خالد بن الوليد عليهم من الشعب في الخيل ، فلما أن عاينوه ذعرهم ذلك وأنساهم ما كانوا فيه من الغم الأول والحزن ، فذلك قوله سبحانه : لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من الفتح والغنيمة ولا ما أصابكم من القتل والهزيمة واللّه خبير بما تعملون [ آية : ١٥٣ ] . ١٥٤آل عمران : ١٥٤ ثم أنزل عليكم . . . . . ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ، يعني من بعد غم الهزيمة أمنة نعاسا ، وذلك أن اللّه عز وجل ألقى على بعضهم النعاس فذهب غمهم ، فذلك قوله عز وجل : يغشى النعاس طائفة منكم نزلت في سبعة نفر ، في : أبي بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، والحارث بن الصمة ، وسهل بن ضيف ورجلين من الأنصار ، رضى اللّه عنهم ، قال سبحانه : وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ، يعني الذين لم يلق عليهم النعاس يظنون باللّه غير الحق كذبا يقول المؤمنون : إن محمدا صلى اللّه عليه وسلم قد قتل ظن الجاهلية ، يقول : كظن جهال المشركين أبو سفيان وأصحابه ، وذلك أنهم إن محمدا قد قتل يقولون هل لنا من الأمر من شيء ، هذا قول معتب بن قشير ، يعني بالأمر النصر ، يقول اللّه عز وجل لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : قل إن الأمر ، يعني النصر كله للّه . قال سبحانه : يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا ، يقول : يسرون في قلوبهم ما لا يظهرون لك بألسنتهم ، والذي أخفوا في أنفسهم أنهم لو كنا في بيوتنا ما قتلنا ها هنا ، قال اللّه عز وجل لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : قل لهم يا محمد : لو كنتم في بيوتكم لبرز كما تقولون لخرج من البيوت الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ، فمن كتب عليه القتل لا يموت أبدا ، ومن كتب عليه الموت لا يقتل أبدا وليبتلي اللّه ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم واللّه عليم بذات الصدور [ آية : ١٥٤ ] ، يقول : اللّه عليم بما في القلوب من الإيمان والنفاق ، والذين أخفوا في أنفسهم قولهم : إن محمدا قد قتل ، وقولهم : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا ، يعني هذا المكان ، فهذا الذي قال اللّه سبحانه لهم : قل لهم يا محمد : لو كنتم في بيوتكم كما تقولون لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم . ١٥٥آل عمران : ١٥٥ إن الذين تولوا . . . . . قوله سبحانه : إن الذين تولوا منكم ، يعني انهزموا عن عدوهم مدبرين منهزمين يوم التقى الجمعان ، جمع المؤمنين وجمع المشركين يوم أحد إنما استزلهم الشيطان ، يعني استفزهم الشيطان ببعض ما كسبوا من الذنوب ، يعني بمعصيتهم النبي صلى اللّه عليه وسلم وتركهم المركز ، منهم : عثمان بن عفان ، ورافع بن المعلى ، وخارجة بن زيد ، وخذيفة بن عبيد بن ربيعة ، وعثمان بن عقبة ولقد عفا اللّه عنهم حين لم يقتلوا جميعا عقوبة بمعصيتهم النبي صلى اللّه عليه وسلم إن اللّه غفور لذنوبهم حليم [ آية : ١٥٥ ] عنهم في هزيمتهم فلم يعاقبهم ١٥٦آل عمران : ١٥٦ يا أيها الذين . . . . . ثم وعظ اللّه المؤمنين ألا يشكوا كشك المنافقين ، فقال سبحانه : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا في القول كالذين كفروا ، يعني المنافقين وقالوا لإخوانهم ، يعني عبد اللّه بن أبي ، وذلك أنه قال يوم أحد لعبد اللّه بن رباب الأنصاري وأصحابه : إذا ضربوا ، يعني ساروا في الأرض تجاراً أو كانوا غزى جمع غاز لو كانوا عندنا ما ماتوا ، يعني التجار وما قتلوا ، يعني الغزاة ، قال عبد اللّه بن أبي ذلك حين انهزم المؤمنون وقتلوا ، يقول اللّه عز وجل : ليجعل اللّه ذلك القتل حسرة ، يعني حزنا في قلوبهم واللّه يحي الموتى ويميت الأحياء لا يملكهما غيره ، وليس ذلك بأيديهم واللّه بما تعملون بصير [ آية : ١٥٦ ] . ١٥٧آل عمران : ١٥٧ ولئن قتلتم في . . . . . ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متم في غير قتل لمغفرة من اللّه لذنوبكم ورحمة خير مما يجمعون [ آية : ١٥٧ ] من الأموال ، ١٥٨آل عمران : ١٥٨ ولئن متم أو . . . . . ثم حذرهم القيامة ، فقال ولئن متم في غير قتل أو قتلتم في سبيله لإلى اللّه تحشرون [ آية : ١٥٨ ] فيجزيكم بأعمالكم ، ١٥٩آل عمران : ١٥٩ فبما رحمة من . . . . . فبما رحمة من اللّه لنت لهم ، فبرحمة اللّه كان إذ لنت لهم في القول ، ولم تسرع إليهم بما كان منهم يوم أحد ، يعني المنافقين ولو كنت فظا باللسان غليظ القلب لانفضوا من حولك لتفرقوا عنك ، يعني المنافقين فاعف عنهم ، يقول : اتركهم واستغفر لهم لما كان منهم يوم أحد وشاورهم في الأمر ، وذلك أن العرب في الجاهلية كان إذا أراد سيدهم أن يقطع أمرا دونهم ولم يشاورهم شق ذلك عليهم ، فأمر اللّه عز وجل النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يشاورهم في الأمر إذا أراد ، فإن ذلك أعطف لقلوبهم عليه ، وأذهب لضغائنهم فإذا عزمت ، يقول : فإذا فرق اللّه لك الأمر بعد المشاورة فامض لأمرك فتوكل على اللّه ، يقول : فثق باللّه إن اللّه يحب المتوكلين [ آية : ١٥٩ ] عليه ، يعني الذين يثقون به . ١٦٠آل عمران : ١٦٠ إن ينصركم اللّه . . . . . إن ينصركم اللّه ، يعني يمنعكم فلا غالب لكم ، يعني لا يهزمكم أحد ، وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده ، يعني يمنعكم من بعد اللّه وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون [ آية : ١٦٠ ] ، ١٦١آل عمران : ١٦١ وما كان لنبي . . . . . وما كان لنبي أن يغل ، يعني أن يخون في الغنيمة يوم أحد ولا يجور في قسمته في الغنيمة ، نزلت في الذين طلبوا الغنيمة يوم أحد ، وتركوا المركز ، و إنا نخشى أن يقول النبي صلى اللّه عليه وسلم : من أخذ شيئا فهو له ، ونحن ها هنا وقوف ، فلما رآهم النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : ′ ألم أعهد إليكم ألا تبرحوا من المركز حتى يأتيكم أمري ؟ ′ ، تركنا بقية أخواننا وقوفا ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ ظننتم أنا نغل ′ ، فنزلت وما كان لنبي أن يغل ، ثم خوف اللّه عز وجل من يغل ، فقال : ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس بر وفاجر وما كسبت من خير أو شر ، وهم لا يظلمون [ آية : ١٦١ ] في أعمالهم . ١٦٢آل عمران : ١٦٢ أفمن اتبع رضوان . . . . . قال سبحانه : أفمن اتبع رضوان اللّه ، يعني رضي ربه عز وجل ، ولم يغلل ، كمن باء بسخط من اللّه ، يعني استوجب السخط من اللّه عز وجل في الغلول ، ليسوا سواء ، ثم بين مستقرهما ، فقال : ومأواه ، يعني ومأوى من غل جهنم وبئس المصير [ آية : ١٦٢ ] ، يعني أهل الغلول . ١٦٣آل عمران : ١٦٣ هم درجات عند . . . . . ثم ذكر سبحانه من لا يغل ، فقال : هم ، يعني لهم درجات ، يعني لهم فضائل عند اللّه واللّه بصير بما يعملون [ آية : ١٦٣ ] من غل منكم ومن لم يغل فهو بصير بعمله ، ١٦٤آل عمران : ١٦٤ لقد من اللّه . . . . . لقد من اللّه على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ، يعني القرآن ويزكيهم ، يعني ويصلحهم ويعلمهم الكتاب ، يعني القرآن والحكمة ، يعني المواعظ التي في القرآن من الحلال والحرام والسنة وإن كانوا من قبل أن يبعث محمدا صلى اللّه عليه وسلم لفي ضلال مبين [ آية : ١٦٤ ] ، يعني بين مثلها في الجمعة . ١٦٥آل عمران : ١٦٥ أو لما أصابتكم . . . . . أو لما أصابتكم مصيبة ، وذلك أن سبعين رجلا من المسلمين قتلوا يوم أحد يوم السبت في شوال لإحدى عشرة ليلة خلت منه ، وقتل من المشركين قبل ذلك ، بسنة في سبع عشرة ليلة خلت من رمضان ببدر سبعين رجلا ، وأسروا سبعين رجلا من المشركين ، فذلك قوله سبحانه : قد أصبتم مثليها من المشركين يوم بدر بمعصيتكم النبي صلى اللّه عليه وسلم وترككم المركز قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن اللّه على كل شيء قدير [ آية : ١٦٥ ] من النصرة والهزيمة قدير . ١٦٦آل عمران : ١٦٦ وما أصابكم يوم . . . . . وما أصابكم من القتل والهزيمة بأحد يوم التقى الجمعان جمع المؤمنين وجمع المشركين فبإذن اللّه أصابكم ذلك ، ١٦٧آل عمران : ١٦٧ وليعلم الذين نافقوا . . . . . ثم قال وليعلم ، يقول : وليرى إيمانكم يعني المؤمنين [ آية : ١٦٦ ] صبرهم وليعلم ، يعني وليرى الذين نافقوا في إيمان أهل الشك عند البلاء والشدة ، يعني عبد اللّه بن أبي بن ملك الأنصاري وأصحابه المنافقين وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا المشركين عن دياركم وأولادكم ، وذلك أن عبد اللّه بن رباب الأنصاري يوم أحد دعا عبد اللّه بن أبي ملك يوم أحد للقتال ، فقال عبد اللّه بن أبي : قالوا لو نعلم قتالا ، يقول : لو نعلم أن يكون اليوم قتالا لاتبعنكم ، يقول اللّه عز وجل : لو استيقنوا بالقتال ما تبعوكم ، هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم واللّه أعلم بما يكتمون [ آية : ١٦٧ ] ، يعني من الكذب . ١٦٨آل عمران : ١٦٨ الذين قالوا لإخوانهم . . . . . فرجع يومئذ عبد اللّه بن أبي في ثلاثمائة ولم يشهدوا القتال ، فقال عبد اللّه بن رباب وأصحابه : أبعدكم اللّه ، سيغني اللّه عز وجل نبيه صلى اللّه عليه وسلم والمؤمنين عن نصركم ، فلما انهزم المؤمنون وقتلوا يومئذ ، قال عبد اللّه بن أبي : لو أطاعونا ما قتلوا ، يعني عبد اللّه بن رباب وأصحابه ، فأنزل اللّه عز وجل في قول عبد اللّه بن أبي : الذين قالوا لإخوانهم في النسب والقرابة ، وليسوا بإخوانهم في الدين ، ولا الولاية ، كقوله سبحانه : وإلى ثمود أخاهم صالحا [ هود : ٦١ ] ، ليس بأخيهم في الدين ولا في الولاية ، ولكن أخاهم في النسب والقرابة وقعدوا عن القتال لو أطاعونا ما قتلوا فأوجب اللّه لهم الموت صفرة قمأة والإيجاب لمن كرهوا قتله من أقربائهم ، فقال سبحانه : قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين [ آية : ١٦٨ ] . ١٦٩آل عمران : ١٦٩ ولا تحسبن الذين . . . . . ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل اللّه ، يعني قتلى بدر من قتل من المسلمين يومئذ وهم أربعة عشر رجلا ، ستة من المهاجرين ، مهجع بن عبد اللّه مولى عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم يوم بدر : ′ سيد شهداء أمتي مهجع ′ ، وهو أول قتيل قتل يوم بدر ، رضي اللّه عنه ، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشي ، وعمير بن أبي وقاص بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، وذو الشماليل عبد عمرو بن نضلة بن عمرو بن نضلة بن عبد عمرو القيساني ، وعقيل بن بكير ، وصفوان ابن بيضاء ، رضي اللّه عنهم ، وثمانية من الأنصار : حارثة بن سراقة ، ويزيد بن الحارث بن جشم ، ومعوذ بن الحارث ، وعوف بن الحارث بن رفاعة ابنا عفراء ، الاسم اسم أمهما عفراء ، ورافع بن المعلى ، وسعد بن حنتمة ، وعمرو بن الحمام بن الجموح ، ومبشر بن عبد المنذر . فقال رجل : يا ليتنا نعلم ما لقي إخواننا الذين قتلوا ببدر ، فأنزل اللّه تعالى : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل اللّه ، يعني قتلى بدر أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون [ آية : ١٦٩ ] الثمار في الجنة ، وذلك أن اللّه تعالى جعل أرواح الشهداء طيرا خضرا ترعى في الجنة ، لها قناديل معلقة بالعرش تأوى إلى قناديلها ، فاطلع اللّه عز وجل عليهم ، فقال سبحانه : هل تستزيدوني شيئا فأزيدكم ؟ أولسنا نسرح في الجنة حيث تشاء ؟ ثم اطلع عليهم أخرى ، فقال سبحانه : هل تستزيدوني شيئا فأزيدكم ؟ ثم اطلع الثالثة ، فقال سبحانه : هل تستزيدوني شيئاً فأزيدكم ؟ ربنا ، نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا فنقاتل في سبيلك مرة أخرى لما نرى من كرامتك إيانا ، ثم قالوا فيما بينهم : ليت إخواننا الذين في دار الدنيا يعلمون ما نحن فيه من الكرامة والخير والرزق ، فإن شهدوا قتالا سارعوا بأنفسهم إلى الشهادة ، فسمع اللّه عز وجل كلامهم ، فأوحى إليهم : أني منزل على نبيكم ومخبر إخوانكم بما أنتم فيه ، فاستبشروا بذلك ، فأنزل اللّه عز وجل يحبب الشهادة إلى المؤمنين : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل اللّه أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون من الثمار . ١٧٠آل عمران : ١٧٠ فرحين بما آتاهم . . . . . قال سبحانه : فرحين بما آتاهم اللّه ، يعني راضين بما أعطاهم اللّه من فضله ، يعني الرزق ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ، يعني من بعدهم من إخوانهم في الدنيا أنهم لو رأوا قتالاً لاستشهدوا ليلحقوا بهم ، ثم قال سبحانه ألا خوف عليهم من العذاب ولا هم يحزنون [ آية : ١٧٠ ] عند الموت ، ١٧١آل عمران : ١٧١ يستبشرون بنعمة من . . . . . يستبشرون بنعمة من اللّه ، يعني رحمة من اللّه وفضل ورزق وأن اللّه لا يضيع أجر المؤمنين [ آية : ١٧١ ] ، يعني أجر المصدقين بتوحيد اللّه عز وجل . ١٧٢آل عمران : ١٧٢ الذين استجابوا للّه . . . . . الذين استجابوا للّه والرسول ، وذلك أن المشركين انصرفوا يوم أحد ولهم الظفر ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ إني سائر في أثر القوم ′ ، وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم يوم أحد على بغلة شهباء ، فدب المنافقون إلى المؤمنين ، ف أتوكم في دياركم فوطئوكم قتلا ، وكان لكم النصر يوم بدر ، فكيف تطلبونهم وهم اليوم عليكم أجرأ وأنت اليوم أرعب . ؟ فوقع في أنفس المؤمنين قول المنافقين ، فاشتكوا ما بهم من الجراحات ، فأنزل اللّه عز وجل : إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله [ آل عمران : ١٤٠ ] إلى آخر الآية . وأنزل اللّه تعالى : إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون [ النساء : ١٠٤ ] ، يعني تتوجعون من الجراحات ، إلى آخر الآية ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ لأطلبنهم ولو بنفسي ′ ، فانتدب مع النبي صلى اللّه عليه وسلم سبعون رجلا من المهاجرين والأنصار ، حتى بلغوا سفراء بدر الصغرى ، فبلغ أبا سفيان أن النبي صلى اللّه عليه وسلم يطلبه ، فأمعن عائدا إلى مكة مرعوبا ، ولقى أبو سفيان نعيم بن مسعود الأشجعي وهو يريد المدينة ، فقال : يا نعيم ، بلغنا أن محمدا في الأثر ، فأخبره أن أهل مكة قد جمعوا جمعا كثيرا من قبائل العرب لقتالكم ، وأنهم لقوا أبا سفيان ، فلاموه بكفه عنكم بعد الهزيمة حتى هموا به فردوه ، فإن رددت عنا محمدا فلك عشر ذود من الإبل إذا رجعت إلى مكة ، فسار نعيم فلقى النبي صلى اللّه عليه وسلم في الصفراء ، فقال ′ ما وراءك يا نعيم ؟ ′ ، فأخبره بقول أبي سفيان ، ثم قال : أتاكم الناس ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ′ حسبنا اللّه ونعم الوكيل ، نعم الملتجأ ونعم الحرز ′ ، [ آل عمران : ١٧٣ ] فأنزل اللّه سبحانه : الذين استجابوا للّه والرسول من بعد ما أصابهم القرح ، يعني الجراحات للذين أحسنوا منهم الفعل واتقوا معاصيه أجر عظيم [ آية : ١٧٢ ] ، وهو الجنة . ١٧٣آل عمران : ١٧٣ الذين قال لهم . . . . . الذين قال لهم الناس ، يعني نعيم بن مسعود وحده إن الناس قد جمعوا لكم الجموع لقتالكم فاخشوهم فزادهم إيمانا ، يعني تصديقاً وقالوا حسبنا اللّه ونعم الوكيل [ آية : ١٧٣ ] ، يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه ، رضى اللّه عنهم ، فأصابوا . ١٧٤آل عمران : ١٧٤ فانقلبوا بنعمة من . . . . . فانقلبوا ، يعني فرجعوا إلى المدينة بنعمة من اللّه وفضل ، يعني الرزق وذلك أنهم أصابوا سرية في الصفراء ، وذلك في ذي القعدة لم يمسسهم سوء من عدوهم في وجوههم واتبعوا رضوان اللّه ، يعني رضى اللّه في الاستجابة للّه عز وجل ، وللرسول صلى اللّه عليه وسلم في طلب المشركين ، يقول اللّه سبحانه واللّه ذو فضل عظيم [ آية : ١٧٤ ] على أهل طاعته . قال : حدثنا عبيد اللّه بن ثابت : قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا هذيل ، قال : مقاتل : فنزلت هذه الآيات في ذي القعدة بذي الحليفة حين انصرفوا عن طلب أبي سفيان وأصحابه بعد قتال أحد ، ١٧٥آل عمران : ١٧٥ إنما ذلكم الشيطان . . . . . إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ندب الناس يوم أحد في طلب المشركين ، فقال المنافقون للمسلمين ، قد رأيتم ما لقيتم لم ينقلب إلا شريد ، وأنتم في دياركم تصحرون وأنتم أكلة رأس ، واللّه لا ينقلب منكم أحد ، فأوقع الشيطان قول المنافقين في قلوب المؤمنين ، فأنزل اللّه عز وجل : إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ، يعني يخوفهم بكثرة أوليائه من المشركين فلا تخافوهم وخافون في ترك أمري إن كنتم مؤمنين [ آية : ١٧٥ ] ، يعني إذ كنتم ، يقول : إن كنتم مؤمنين فلا تخافوهم . ١٧٦آل عمران : ١٧٦ ولا يحزنك الذين . . . . . ثم قال : ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ، يعني المشركين يوم أحد إنهم لن يضروا اللّه شيئا ، يقول : لن ينقصوا اللّه شيئا من ملكه وسلطانه لمسارعتهم في الكفر ، وإنما يضرون أنفسهم بذلك يريد اللّه ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ، يعني نصيبا في الجنة ولهم عذاب عظيم [ آية : ١٧٦ ] ، ١٧٧آل عمران : ١٧٧ إن الذين اشتروا . . . . . ثم قال سبحانه يعنيهم : إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان ، يعني باعوا الإيمان بالكفر لن يضروا اللّه ، يعني لن ينقصوا اللّه من ملكه وسلطانه شيئا حين باعوا الإيمان بالكفر ، إنما ضروا أنفسهم بذلك ولهم عذاب أليم [ آية : ١٧٧ ] ، يعني وجيع . ١٧٨آل عمران : ١٧٨ ولا يحسبن الذين . . . . . ولا يحسبن الذين كفروا أبا سفيان وأصحابه يوم أحد أنما نملي لهم حين ظفروا خير لأنفسهم إنما نملي لهم في الكفر ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين [ آية : ١٧٨ ] ، يعني الهوان ، ١٧٩آل عمران : ١٧٩ ما كان اللّه . . . . . ما كان اللّه ليذر المؤمنين يا معشر الكفار على ما أنتم عليه من الكفر حتى يميز الخبيث من الطيب في علمه حتى يميز أهل الكفر من أهل الإيمان ، نظيرها في الأنفال ، قال سبحانه : وما كان اللّه ليطلعكم على الغيب ، وذلك أن الكفار إن كان محمد صادقا ، فليخبرنا بمن يؤمن منا ومن يكفر ، فأنزل اللّه عز وجل : وما كان اللّه ليطلعكم على الغيب ، يعني ليطلعكم على غيب ذلك ، إنما الوحي إلى الأنبياء بذلك ، فذلك قوله سبحانه : ولكن اللّه يجتبي يستخلص من رسله من يشاء ، فيجعله رسولا فيوحي إليه ذلك ، ليس الوحي إلا إلى الأنبياء فآمنوا باللّه ورسله ، يعني صدقوا بتوحيد اللّه تعالى ، وبرسالة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وإن تؤمنوا ، يعني تصدقوا بتوحيد اللّه تعالى وتتقوا الشرك فلكم أجر عظيم [ آية : ١٧٩ ] . ١٨٠آل عمران : ١٨٠ ولا يحسبن الذين . . . . . ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله ، يعني بما أعطاهم اللّه من فضله ، يعني من الرزق ، وبخلوا بالزكاة ، إن ذلك هو خيرا لهم بل البخل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ، وذلك أن كنز أحدهم يتحول شجاعا أقرع ذكر ، ولفيه زبيبتان كأنهما جبلان ، فيطوق به في عنقه فينهشه ، فيتقيه بذراعيه فيلتقمهما حتى يقضي بين الناس ، فلا يزال معه حتى يساق إلى النار ويغل ، وذلك قوله سبحانه : سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ، قال سبحانه : وللّه ميراث السماوات والأرض ، يقول : إن بخلوا بالزكاة فاللّه يرثهم ويرث أهل السموات ، وأهل الأرضين ، فيهلكون ويبقى واللّه بما تعملون خبير [ آية : ١٨٠ ] ، يعني في ترك الصدقة ، يعني اليهود . ١٨١آل عمران : ١٨١ لقد سمع اللّه . . . . . لقد سمع اللّه قول الذين قالوا إن اللّه فقير ونحن أغنياء ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كتب مع أبي بكر الصديق ، رضي اللّه عنه ، إلى يهود قينقاع يدعوهم إلى إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وأن يقرضوا اللّه قرضا حسنا ، قال فنحاص اليهودي : إن اللّه فقير حين يسألنا القروض ونحن أغنياء ، ويقول اللّه عز وجل سنكتب ما قالوا ، فأمر الحفظة أن تكتب كل ما قالوا و نكتب وقتلهم الأنبياء بغير حق ، أي تقول لهم خزنة جهنم في الآخرة : ونقول ذوقوا عذاب الحريق [ آية : ١٨١ ] ، ١٨٢آل عمران : ١٨٢ ذلك بما قدمت . . . . . ذلك العذابِ بما قدمت أيديكم من الكفر والتكذيب وأن اللّه ليس بظلام للعبيد [ آية : ١٨٢ ] فيعذب على غير ذنب . ١٨٣آل عمران : ١٨٣ الذين قالوا إن . . . . . ثم أخبر عن اليهود حين دعوا إلى الإيمان ، فقال تبارك وتعالى : الذين قالوا إن اللّه عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار ، فقال عز وجل لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : قل لهم قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات ، يعني التبيين بالآيات ، وبالذي قلتم من أمر القربان فلم قتلتموهم ، فلم قتلتم أنبياء اللّه من قبل محمد صلى اللّه عليه وسلم إن كنتم صادقين [ آية : ١٨٣ ] بما تقولون : ١٨٤آل عمران : ١٨٤ فإن كذبوك فقد . . . . . فإن كذبوك يا محمد ، يعزى نبيه صلى اللّه عليه وسلم ليصبر على تكذيبهم ، فلست بأول رسول كذب ، فذلك قوله سبحانه : فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات ، يعني بالآيات والزبر يعني بحديث ما كان قبلهم والمواعظ والكتاب المنير [ آية : ١٨٤ ] ، يعني المضئ البين الذي فيه أمره ونهيه . ١٨٥آل عمران : ١٨٥ كل نفس ذائقة . . . . . ثم خوفهم ، فقال : كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم ، يعني جزاء أعمالكم يوم القيامة فمن زحزح ، يعني صرف عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ، يعني فقد نجى ، ثم وعظهم ، فقال : وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور [ آية : ١٨٥ ] ، يعني الفاني الذي ليس بشئ ، ١٨٦آل عمران : ١٨٦ لتبلون في أموالكم . . . . . لتبلون في أموالكم وأنفسكم ، نزلت في النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وأبي بكر الصديق ، رضي اللّه عنه ، يعني بالبلاء والمصيبات ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم حين إن اللّه فقير ، ثم قال : ومن الذين أشركوا ، يعني مشركي العرب أذى كثيرا باللسان والفعل وإن تصبروا على ذلك الأذى وتتقوا معصيته فإن ذلك من عزم الأمور [ آية : ١٨٦ ] ، يعني ذلك الصبر والتقوى من خير الأمور التي أمر اللّه عز وجل بها . ١٨٧آل عمران : ١٨٧ وإذ أخذ اللّه . . . . . وإذ أخذ اللّه ميثاق الذين أوتوا الكتاب ، يعني أعطوا التوراة ، يعني اليهود ، لتبيننه للناس ، يعني أمر محمد صلى اللّه عليه وسلم في التوراة ولا تكتمونه ، أي أمره وأن تتبعوه فنبذوه ، يعني فجعلوه وراء ظهورهم واشتروا به بكتمان أمر محمد صلى اللّه عليه وسلم ثمنا قليلا ، وذلك أن سفلة اليهود كانوا يعطون رءوس اليهود من ثمارهم وطعامهم عند الحصاد ، ولو تابعوا محمدا صلى اللّه عليه وسلم لذهب عنهم ذلك المأكل ، يقول اللّه عز وجل : فبئس ما يشترون [ آية : ١٨٧ ] ١٨٨آل عمران : ١٨٨ لا تحسبن الذين . . . . . لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ، وذلك أن اليهود قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم حين دخلوا عليه : نعرفك نصدقك وليس ذلك في قلوبهم ، فلما خرجوا من عند النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لهم المسلمون : ما صنعتم ؟ عرفناه وصدقناه ، فقال المسلمون : أحسنتم ، بارك اللّه فيكم ، وحمدهم المسلمون على ما أظهروا من الإيمان بالنبي صلى اللّه عليه وسلم ، فذلك قوله سبحانه : ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا يا محمد فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم [ آية : ١٨٨ ] ، يعني وجيع . ١٨٩آل عمران : ١٨٩ وللّه ملك السماوات . . . . . ثم عظم اللّه نفسه ، فقال : وللّه ملك السماوات والأرض وما بينهما من الخلق عبيده وفي ملكه واللّه على كل شيء قدير [ آية : ١٨٩ ] ، ١٩٠آل عمران : ١٩٠ إن في خلق . . . . . إن في خلق السماوات والأرض خلقين عظيمين واختلف اليل والنهار لآيات لأولي الألباب [ آية : ١٩٠ ] ، يعني أهل اللب والعقل ، ١٩١آل عمران : ١٩١ الذين يذكرون اللّه . . . . . فقال سبحانه : الذين يذكرون اللّه قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا ، يقول : عبثا لغير شيء ، لقد خلقتهما لأمر قد كان سبحانك فقنا عذاب النار [ آية : ١٩١ ] . ١٩٢آل عمران : ١٩٢ ربنا إنك من . . . . . ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ، يعني من خلدته في النار فقد أهنته ، وما للظالمين من أنصار [ آية : ١٩٢ ] ، يعني وما للمشركين من مانع يمنعهم من النار ، ١٩٣آل عمران : ١٩٣ ربنا إننا سمعنا . . . . . ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان ، فهو محمد صلى اللّه عليه وسلم داعيا يدعو إلى التصديق أن آمنوا بربكم ، يعني صدقوا بتوحيد ربكم فآمنا ، أي فأجابه المؤمنون ، ف ربنا آمنا ، يعني صدقنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا ، يعني امح عنا خطايانا وتوفنا مع الأبرار [ آية : ١٩٣ ] ، يعني المطيعين ، ١٩٤آل عمران : ١٩٤ ربنا وآتنا ما . . . . . ربنا وآتنا ، يعني وأعطنا ما وعدتنا على رسلك ، يقول : أعطنا من الجنة ما وعدتنا على ألسنة رسلك ولا تخزنا ، يعني ولا تعذبنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد [ آية : ١٩٤ ] ١٩٥آل عمران : ١٩٥ فاستجاب لهم ربهم . . . . . فأخبر اللّه عز وجل بفعلهم وبما أجابهم ، وأنجز اللّه عز وجل لهم موعوده ، فذلك قوله سبحانه : فاستجاب لهم ربهم ، فقال : أني لا أضيع عمل عامل منكم في الخير ، من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا إلى المدينة وأخرجوا من ديارهم ، وذلك أن كفار مكة أخرجوا مؤمنيهم من مكة ، قال سبحانه : وأوذوا في سبيلي ، يعني في سبيل دين الإسلام وقاتلوا المشركين وقاتلوا لأكفرن عنهم ، يعني لأمحون عنهم سيئاتهم ، يعني خطاياهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ، يعني بجنات البساتين ، ذلك الذي ذكر كان ثوابا من عند اللّه واللّه عنده حسن الثواب [ آية : ١٩٥ ] ، يعني الجنة ، نزلت في أم سلمة أم المؤمنين ، رضى اللّه عنها ، ابنة أبي أمية المخزومي حين قالت : ما لنا معشر النساء عند اللّه خير ، وما يذكرنا بشيء ففيها نزلت : إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات [ الأحزاب : ٣٥ ] في الأحزاب إلى آخر الآية ، فأشرك اللّه عز وجل الرجال مع النساء في الثواب كما شاركن الرجال في الأعمال الصالحة في الدنيا . ١٩٦آل عمران : ١٩٦ لا يغرنك تقلب . . . . . لا يغرنك يا محمد صلى اللّه عليه وسلم تقلب الذين كفروا في البلاد [ آية : ١٩٦ ] ، نزلت في مشركي العرب ، وذلك أن كفار مكة كانوا في رخاء ولين عيش حسن ، فقال بعض المؤمنين : أعداء اللّه فيما ترون من الخير وقد أهلكنا الجهد ، فأخبر اللّه عز وجل بمنزلة الكفار في الآخرة ، وبمنزلة المؤمنين في الآخرة ، فقال سبحانه : لا يغرنك يا محمد صلى اللّه عليه وسلم ما فيه الكفار من الخير والسعة ، فإنما هو ١٩٧آل عمران : ١٩٧ متاع قليل ثم . . . . . متاع قليل يمتعون بها إلى آجالهم ، ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد [ آية : ١٩٧ ] ، فبين اللّه تعالى مصيرهم . ١٩٨آل عمران : ١٩٨ لكن الذين اتقوا . . . . . ثم بين منازل المؤمنين في الآخرة ، فقال سبحانه : لكن الذين اتقوا ربهم وحدوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها لا يموتون ، كان ذلك نزلا من عند اللّه وما عند اللّه خير للأبرار [ آية : ١٩٨ ] ، يعني المطيعين ، ١٩٩آل عمران : ١٩٩ وإن من أهل . . . . . وإن من أهل الكتاب ، يعني ابن سلام لمن يؤمن باللّه ، يعني يصدق باللّه وما أنزل إليكم ، يعني أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم من القرآن وما أنزل إليهم من التوراة ، ثم نعتهم ، فقال : خاشعين للّه ، يعني متواضعين للّه لا يشترون بآيات اللّه ، يعني بالقرآن ثمنا قليلا ، يعني عرضا يسيرا من الدنيا كفعل اليهود بما أصابوا من سفلتهم من المأكل من الطعام والثمار عند الحصاد ، ثم قال يعني مؤمني أهل التوراة ابن سلام وأصحابه أولئك لهم أجرهم ، يعني جزاؤهم في الآخرة عند ربهم ، وهي الجنة إن اللّه سريع الحساب [ آية : ١٩٩ ] ، يقول : كأنه قد جاء . ٢٠٠آل عمران : ٢٠٠ يا أيها الذين . . . . . يا أيها الذين آمنوا اصبروا على أمر اللّه عز وجل وفرائضه وصابروا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم في المواطن ورابطوا العدو في سبيل اللّه حتى يدعوا دينهم لدينكم ، واتقوا اللّه ولا تعصوا ، ومن يفعل ذلك فقد أفلح ، فذلك قوله : لعلكم تفلحون [ آية : ٢٠٠ ] قال : حدثنا عبد اللّه بن ثابت ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني الهذيل ، قال : سمعت أبا يوسف يحدث عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، رضي اللّه عنه ، قال : كتب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأهل نجران : ′ هذا ما كتب محمد لأهل نجران في كل ثمرة ، وكل صفراء وبيضاء وسوداء ورقيق ، فأفضل عليهم وترك ذلك كله على ألفي حلة من خلل الألوان ، في كل صفر ألف حلة ، كل حلة أوقية ، وفي كل رجب ألف حلة ، كل حلة أوقية ، فما زاد من حلل الخراج على الأواق فبحسابه ، وما قصر من درع ، أو حلة ، أو خيل ، أو ركاب ، أو عرض ، أخذ منهم بحسابه ، وعلى نجران مثوبة رسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عشرين ليلة ، ولا تحبس رسولى فوق شهر ، وعليهم عارية ثلاثين درعا ، وثلاثين فرسا ، وثلاثين بعيرا إذا كان كبد باليمن ذو معذرة ، ولنجران وحاشيتها جوار اللّه عز وجل ، وذمة محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أنفسهم ، ومالهم وأرضهم ، وأموالهم ، وغائبهم ، وشاهدهم ، وتابعهم ، ولا يغير ما كانوا عليه ، ولا يغير حق من حقوقهم ، ولا ملة من مللّهم ، ولا يغير أسقف عن أسقفيته ، ولا راهب عن رهبانيته ، وعلى ما تحت أيديهم من قليل وكثير ، وليس عليهم ربا ولا دم جاهلية ، ولا يحسرون ، ولا يعشرون ، ولا يطأ أرضهم حاشر ، ومن سأل فيهم حقا أنصف ، غير ظالمين ولا مظلومين ، ومن أكل ربا من ذي قبل ، فذمتي منه بريئة ، ولا يؤخذ رجل منهم بطلب آخر ، وكل ما كان في هذه الصحيفة جوار اللّه عز وجل ، وذمة محمد صلى اللّه عليه وسلم حتى يأتي اللّه بأمره ما نصحوا وأصلحوا فيما لهم وعليهم غير متغلبين بظلم ′ . شهد أبو سفيان بن حرب ، وغيلان بن عمرو ، ومالك بن عوف النضري ، والأقرع ابن حابس ، والمغيرة ، وكتب علي بن أبي طالب ، وزعم أن أبا بكر ، رضي اللّه عنه ، كتب لهم كتاباً من كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . قال : حدثنا عبد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل : سمعت المسيب والضرير يحدثان عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : لو كان عليا طاعنا على عمر بن الخطاب ، رضي اللّه عنهما ، لطعن عليه حين جاء أهل نجران ومعهم قطعة أيدم فيه كتاب عليه خاتم النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا لعلي ، عليه السلام : ننشدك اللّه كتابك بيدك ، وشفاعتك بلسانك ، ألا ما رددتنا إلى نجران ، فقال علي ، رضي اللّه عنه : دعوني ، فإن عمر ، رضي اللّه عنه ، كان رشيد الأمر . قال الأعمش : فسألت سالما : كيف كان إخراج عمر ، رضي اللّه عنه ، إياهم ؟ قال : كثروا حتى صاروا أربعين ألف مقاتل ، فخاف المسلمون أن يميلوا عليهم ، فوقع بينهم شر ، فجاءوا إلى عمر ، رضي اللّه عنه ، ف قد فسد الذي بيننا ، فذهبوا ، فاغتنمها عمر ، رضي اللّه عنه ، ثم جاءوا إليه ، ف قد اصطلحنا فأقلنا ، فقال : لا واللّه لا أقيلكم أبدا ، فأخرج فرقة إلى الشام ، وفرقة إلى العراق ، وفرقة إلى أرض أخرى . قال : حدثنا عبيد اللّه بن ثابت ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل في قوله عز وجل : |
﴿ ٠ ﴾