٩٤

النساء : ٩٤ يا أيها الذين . . . . .

 يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل اللّه ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم بعث سرية ،

وبعث عليها غالب بن عبد اللّه الليثي أخا ثميلة بن عبد اللّه ، فلما أصبحوا رأوا رجلا

يسمى مرداس بن عمرو بن نهيك العنسي من بني تيم بن مرة من أهل فدك ، معه غنيمة

له ، فلما رأى الخيل ساق غنيمته حتى أحرزها في الجبل ، وكان قد أسلم من الليل وأخبر

أهله بذلك ، فلما دنوا منه كبروا ، فسمع التكبير ، فعرفهم ، فنزل إليهم ، فقال : سلام

عليكم ، إني مؤمن ، فحمل عليه أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي من بني عبد ود ، فقال

مرداس : إني منكم أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده

فطعنه أسامة برمحه فقتله وسلبه وساق غنمه ، فلما قدم المدينة أخبر أسامة النبي صلى اللّه عليه وسلم ،

فلامه النبي ملامة شديدة ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : قتلته وهو يقول : لا إله إلا اللّه ؟ ، قال : إنما

قال ذلك أراد أن يحرز نفسه وغنمه ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : أفلا شققت عن قلبه ، فتنظر

صدق أم لا ، قال : يا رسول اللّه ، كيف يتبين لي ؟ وإنما قلبه بضعة من جسده ، فقال :

فلا صدقته بلسانه ، ولا أنت شققت عن قلبه فيبين لك ، فقال : استغفر لي يا رسول

اللّه ، قال : فكيف لك بلا إله إلا اللّه ، يقول ذلك ثلاث مرات ، فاستغفر له النبي صلى اللّه عليه وسلم

الرابعة .

قال أسامة في نفسه : وددت أني لم أسلم حتى كان يومئذ ، فأمره النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يعتق

رقبة . قال مقاتل ، رحمه اللّه : فعاش أسامة زمن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، رضي اللّه

عنهم ، حتى أدرك على بن أبي طالب ، رضي اللّه عنه ، فدعاه على ، رحمه اللّه ، إلى القتال ،

فقال أسامة : ما أحد أعز على منك ، ولكن لا أقاتل مسلما بعد قول النبي صلى اللّه عليه وسلم : كيف

لك بلا إله إلا اللّه ؟ .

فإن أتيت بسيف إذا ضربت به مسلما ، قال السيف : هذا مسلم ، وإن ضربت به

كافرا ، قال لي : هذا كافر ، قاتلت معك ، فقال له علي : اذهب حيث شئت ، فأنزل اللّه

عز وجل : يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل اللّه ، يعني سرتم غزاة في سبيل

اللّه فتبينوا من تقتلوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام ، يعني مرداس ،

وذلك أنه قال لهم : السلام عليكم إني مؤمن لست مؤمناً تبتغون عرض الحيوة

الدنيا ، يعني غنم مرداس فعند اللّه مغانم كثيرة في الآخرة والجنة ،

 كذلك ، يعني هكذا كنتم من قبل الهجرة بمنزلة مرداس تأمنون في

قومكم بالتوحيد من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا لقوكم ، فلا تخيفون أحدا بأمر كان فيكم

تأمنون بمثله قبل هجرتكم فمن اللّه عليكم بالهجرة فهاجرتم فتبينوا

إذا خرجتم فلا تقتلوا مسلما إن اللّه كان بما تعملون خبيرا [ آية : ٩٤ ] ،

فقال أسامة : واللّه لا أقتل رجلا بعد هذا يقول : لا إله إلا اللّه .

﴿ ٩٤