سورة الأنعاممقدمات مكية كلها ، إلا هذه الآيات ، نزلت بالمدينة ، ونزلت ليلا وهي خمس وستون ومائة آية كوفى والآيات المدنية هي : قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم إلى قوله لعلكم تعقلون [ الآيات ١٥١ - ١٥٣ ] ، وهي الآيات المحكمات . و قوله : وما قدروا اللّه حق قدره [ آية : ٩١ ] إلى آخر الآية . و قوله : ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا أو قال أوحي إلي [ أآية : ٩٣ ] ، نزلت في مسيلمة ومن قال سأنزل مثل ما أنزل اللّه [ آية : ٩٣ ] ، نزلت في عهد عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح . و قوله : ولو ترى إذ الطالمون في غمرات الموت . . . [ آية : ٩٣ ] . و قوله : والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق [ آية : ١١٤ ] الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه [ آية : ٢٠ ] . هذه الآيات مدنيات ، وسائرها مكى ، نزل بها جبريل ، عليه السلام ، ومعه سبعون ألف ملك ، طبقوا ما بين السماء والأرض ، لهم زجل بالتسبيح والتمجيد والتحميد ، حتى كادت الأرض أن ترتج ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ سبحان اللّه العظيم وبحمده ′ ، وخر النبي ساجدا ، فيها خصومة مشركي العرب وأهل الكتاب ، وذلك أن قريشا قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : من ربك ؟ فقال : ′ ربي الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ′ ، ف أنت كذاب ، ما اختصك اللّه بشيء ، وما انت عليه بأكرم منا ، فأنزل اللّه عز وجل : بسم اللّه الرحمن الرحيم ١الأنعام : ١ الحمد للّه الذي . . . . . الحمد للّه ، فحمد نفسه ودل بصنعه على توحيده الذي خلق السماوات والأرض ، لم يخلقهما باطلا ، خلقهما لأمر هو كائن وجعل الظلمات والنور ، يعني الليل والنهار ، ثم رجع إلى أهل مكة ، فقال : ثم الذين كفروا من أهل مكة ، بربهم يعدلون [ آية : ١ ] ، يعني يشركون . ٢الأنعام : ٢ هو الذي خلقكم . . . . . هو الذي خلقكم من طين ، يعني آدم ، عليه السلام ؛ لأنكم من ذريته ثم قضى أجلا ، يعني أجل ابن آدم من يوم ولد إلى أن يموت وأجل مسمى عنده ، يعني البرزخ منذ يوم ولد إلى يوم يموت ، إلى يوم القيامة ثم أنتم تمترون ] آية : ٢ ] ، يعني تشكون في البعث ، يعني كفار مكة . ٣الأنعام : ٣ وهو اللّه في . . . . . وهو اللّه في السماوات أنه واحد وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ، يعني سر أعمالكم وجهرها ويعلم ما تكسبون [ آية : ٣ ] ، يعني ما تعملون من الخير والشر . ٤الأنعام : ٤ وما تأتيهم من . . . . . وما تأتيهم من آية من آيات ربهم ، يعني انشقاق القمر إلا كانوا عنها معرضين [ آية : ٤ ] ، فلم يتفكرون فيها ، فيعتبروا في توحيد اللّه . ٥الأنعام : ٥ فقد كذبوا بالحق . . . . . فقد كذبوا بالحق لما جاءهم ، يعني القرآن حين جاءهم به محمد صلى اللّه عليه وسلم ، استهزءوا بالقرآن بأنه ليس من اللّه ، يعني كفار مكة ، منهم : أبو جهل بن هشام ، والوليد بن المغيرة ، ومنبه ونبيه ابنا الحجاج ، والعاص بن وائل السهمي ، وأبي بن خلف ، وعقبة بن أبي معيط ، وعبد اللّه بن أبي أمية ، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبو البحتري بن هشام بن أسد ، والحارث بن عامر بن نوفل ، ومخرمة بن نوفل ، وهشام بن عمرو بن ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب ، وسهل بن عمرو ، وعمير بن وهب بن خلف ، والحارث بن قيس ، وعدي بن قيس ، وعامر بن خالد الجمحي ، والنضر بن الحارث ، وزمعة بن الأسود ، ومطعم بن عدي ، وقرط بن عبد عمرو بن نوفل ، والأخنس بن شريق ، وحويطب بن عبد العزى ، وأمية بن خلف ، كلهم من قريش ، يقول اللّه عز وجل : فسوف يأتيهم أنباء ، يعني حديث ما كانوا به بالعذاب يستهزءون [ آية : ٥ ] ، بأنه غير نازل بهم ، ونظيرها في الشعراء ، فنزل بهم العذاب ببدر . ٦الأنعام : ٦ ألم يروا كم . . . . . ثم وعظهم ليخافوا ، فقال : ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم ، كفار مكة من قرن من امة مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم ، يقول : أعطيناهم من الخير والتمكين في البلاد ما لم نعطكم يا أهل مكة وأرسلنا السماء عليهم مدرارا بالمطر ، يعني متتابعا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم ، يعني فعذبناهم ، بذنوبهم ، يعني بتكذيبهم رسلهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين [ آية : ٦ ] ، يقول : وخلقنا من بعد هلاكهم قوما آخرين . ٧الأنعام : ٧ ولو نزلنا عليك . . . . . ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم ، ما صدقوا به ، و لقال الذين كفروا من أهل مكة إن هذا ، يقول : ما هذا القرآن إلا سحر مبين [ آية : ٧ ] ، يعني بين . ٨الأنعام : ٨ وقالوا لولا أنزل . . . . . وقالوا لولا ، يعني هلا أنزل عليه ملك ، يعينه ويصدقه بما أرسل به ، نظيرها في الفرقان ، نزلت في النضر بن الحارث ، وعبد اللّه بن أمية بن المغيرة ، ونوفل بن خويلد ، كلهم من قريش ، يقول اللّه : ولو أنزلنا ملكا فعاينوه لقضي الأمر ، يعني لنزل العذاب بهم ثم لا ينظرون [ آية : ٨ ] ، يعني ثم لا يناظر بهم حتى يعذبوا ؛ لأن الرسل إذا كذبت جاءت الملائكة بالعذاب . ٩الأنعام : ٩ ولو جعلناه ملكا . . . . . يقول اللّه : ولو جعلناه ، هذا الرسول ملكا لجعلناه رجلا ، يعني في صورة رجل حتى يطيقوا النظر إليه ؛ لأن الناس لا يطيقون النظر إلى صورة الملائكة ، ثم قال : وللبسنا عليهم ، يعني ولشبهنا عليهم ما يلبسون [ آية : ٩ ] ، يعني ما يشبهون على أنفسهم بأن يقولوا : ما هذا إلا بشر مثلكم . ١٠الأنعام : ١٠ ولقد استهزئ برسل . . . . . ولقد استهزئ برسل من قبلك ، وذلك أن مكذبي الأمم الخالية ، اخبرتهم رسلهم بالعذاب فكذبوهم ، بأن العذاب ليس بنازل بهم ، فلما كذب كفار مكة النبي صلى اللّه عليه وسلم بالعذاب حين أوعدهم استهزءوا منه ، فأنزل اللّه يعزي نبيه صلى اللّه عليه وسلم ليصبر على تكذيبهم إياه بالعذاب ، فقال : ولقد استهزئ برسل من قبلك يا محمد كما استهزئ بك في أمر العذاب فحاق ، يعني فدار بالذين سخروا منهم ، يعني من الرسل ما كانوا به ، يعني بالعذاب يستهزءون [ آية : ١٠ ] بأنه غير نازل بهم . ١١الأنعام : ١١ قل سيروا في . . . . . ثم وعظهم ليخافوا ، فقال : قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين [ آية : ١١ ] بالعذاب كان عاقبتهم الهلاك يحذر كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية ، ١٢الأنعام : ١٢ قل لمن ما . . . . . قل لكفار مكة لمن ما في السماوات والأرض من الخلق ، فردوا عليه في الرعد ، اللّه ، في قراءة أبي بن كعب ، وابن مسعود في تكذيبهم بالبعث ، اللّه قل للّه كتب على نفسه الرحمة في تأخير العذاب عنهم ، فأنزل ا اللّه في تكذيبهم بالبعث ليجمعنكم إلى يوم القيامة أنتم والأمم الخالية لا ريب فيه ، يعني لا شك فيه ، يعني في البعث بأنه كائن ، فقال : الذين خسروا ، يعني غبنوا أنفسهم فهم لا يؤمنون [ آية : ١٢ ] ، يعني لا يصدقون بالبعث بأنه كائن . ١٣الأنعام : ١٣ وله ما سكن . . . . . ثم عظم نفسه لكي يوحد ، فقال : وله ما سكن ، يعني ما استقر في اليل والنهار من الدواب والطير في البر والبحر ، فمنها ما يستقر بالنهار وينتشر ليلا ، ومنها ما يستقر بالليل وينتشر نهارا ، ثم قال : وهو السميع لما سألوا من العذاب ، العليم [ آية : ١٣ ] به . ١٤الأنعام : ١٤ قل أغير اللّه . . . . . قل أغير اللّه ، وذلك أن كفار قريش يا محمد ، ما يحملك على ما أتيتنا به ، ألا تنظر إلى ملة أبيك عبد اللّه وملة جدك عبد المطلب وإلى سادات قومك يعبدون اللات والعزى ومناة ، فتأخذ به ، وتدع ما أنت عليه ، وما يحملك على ذلك إلا الحاجة ، فنحن نجمع لك من اموالنا ، وأمره بترك عبادة اللّه ، فأنزل اللّه : قل أغير اللّه أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض ، فعظم نفسه ليعرف توحيده بصنعه وهو يطعم ولا يطعم وهو يرزق ولا يرزق ، لقولهم : نجمع لك من أموالنا ما يغنيك قل لهم إني أمرت أن أكون أول من أسلم ، يعني أول من أخلص من أهل مكة بالتوحيد ، ثم أوحى إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : ولا تكونن من المشركين [ آية : ١٤ ] ، لقولهم للنبي ، عليه السلام : ارجع إلى ملة آبائك . ١٥الأنعام : ١٥ قل إني أخاف . . . . . قل لهم يا محمد إني أخاف إن عصيت ربي ، إن رجعت إلى ملة آبائي ، عذاب يوم عظيم [ آية : ١٥ ] ، يعني بالعظيم الشديد يوم القيامة ، وقد نسخت : إنا فتحنا [ الفتح : ١ ] إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ، يعني الشديد يوم القيامة . ١٦الأنعام : ١٦ من يصرف عنه . . . . . من يصرف اللّه عنه العذاب يومئذ يوم القيامة فقد رحمه وذلك الصرف ، يعني صرف العذاب الفوز المبين [ آية : ١٦ ] ، يعني النجاة العظيمة المبينة . ١٧الأنعام : ١٧ وإن يمسسك اللّه . . . . . ثم خوف النبي صلى اللّه عليه وسلم ليتمسك بدين اللّه تعالى ، فقال : وإن يمسسك اللّه بضر ، يعني يصبك اللّه بضر ، يعني بلاء وشدة فلا كاشف له إلا هو ، يقول : لا يقدر أحد من الآلهة ولا غيرهم كشف الضر إلا اللّه ، وإن يمسسك بخير ، يعني يصبك بفضل وعافية فهو على كل شيء قدير [ آية : ١٧ ] من ضر وخير . وأنزل اللّه في قولهم : قل يا محمد إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون اللّه ، يعني يعبدون من دون اللّه من الآلهة قل لا أتبع أهواءكم في ترك دين اللّه قد ضللت إذا ، إن اتبعت دينكم وما أنا من المهتدين ، يعني من المرشدين ، و قل لهم إني على بينة من ربي ، يعني على بيان من ربي ، وأنزل اللّه في ذلك : قل أغير اللّه أبغي ربا إلى آخر السورة ، ١٨الأنعام : ١٨ وهو القاهر فوق . . . . . وهو القاهر لخلقه ، فوق عباده ، قد علاهم وقهرهم وهو الحكيم في أمره الخبير [ آية : ١٨ ] فوق عباده ، قد علاهم وقهرهم وهو الحكيم في أمره الخبير [ آية : ١٨ ] بخلقه . ١٩الأنعام : ١٩ قل أي شيء . . . . . قل أي شيء أكبر شهادة ، وذلك أن كفار قريش قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم ، أما وجد اللّه رسولا غيرك ما نرى أحدا يصدقك بما تقول : وقد سألنا عنك أهل الكتاب ، فزعموا أنه ليس لك عندهم ذكر ، فمن يشهد لك أن اللّه هو الذي أرسلك ؟ فقال اللّه للنبي صلى اللّه عليه وسلم : قل لهم أي شيء أكبر شهادة ، اللّه أكبر شهادة من غيره ، فقال اللّه : قل لهم يا محمد اللّه شهيد بيني وبينكم بأنى رسول و أنه وأوحي إلي هذا القرآن من عند اللّه لأنذركم به ، يعني لكي أنذركم بالقرآن يا أهل مكة ومن بلغ القرآن من الجن والإنس ، فهو نذير لهم ، يعني القرآن إلى يوم القيامة ، ثم قال : أئنكم لتشهدون أن مع اللّه آلهة أخرى ؟ نعم نشهد ، قال اللّه للنبي صلى اللّه عليه وسلم : قل لهم لا أشهد بما شهدتم ، ولكن أشهد قل إنما هو إله واحد ، قل لهم : وإنني برئ مما تشركون [ آية : ١٩ ] به غيره . ٢٠الأنعام : ٢٠ الذين آتيناهم الكتاب . . . . . وأنزل في قولهم : لقد سألنا عنك أهل الكتاب ، فزعموا أنه ليس لك عندهم ذكر ، فقال : الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ، أي صفة ، محمد صلى اللّه عليه وسلم في كتبهم كما يعرفون أبناءهم . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، قال : إن عبد اللّه بن سلام ، قال : لأنا أعرف بمحمد ، عليه السلام ، منى بابني ؛ لأني لا أعلم ما أحدثت فيه أمه ، فقال : الذين خسروا أنفسهم ، يعني غبنوا أنفسهم فهم لا يؤمنون [ آية : ٢٠ ] ، لا يصدقون بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، بأنه رسول اللّه ، وأنزل اللّه في قولهم أيضاً : والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه ، يعني القرآن منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين [ الأنعام : ١١٤ ] ، يعني من الشاكين بأن القرآن جاء من اللّه ، نظيرها في يونس : ٢١الأنعام : ٢١ ومن أظلم ممن . . . . . ومن أظلم ، يقول : فلا أحد أظلم ممن افترى على اللّه كذبا بأن معه شريكا لقولهم : إن مع اللّه آلهة أخرى ، ثم قال : أو كذب بآياته ، يعني بالقرآن أنه ليس من اللّه إنه لا يفلح الظالمون [ آية : ٢١ ] ، يعني المشركين في الآخرة يعيبهم ، نظيرها في يونس . ٢٢الأنعام : ٢٢ ويوم نحشرهم جميعا . . . . . ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا ، وذلك أن المشركين في الآخرة لما رأوا كيف يتجاوز اللّه عن أهل التوحيد ، فقال بعضهم لبعض : إذا سئلنا قولوا : كنا موحدين ، فلما جمعهم اللّه وشركاءهم ، قال لهم : أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون [ آية : ٢٢ ] في الدنيا بأن مع اللّه شريكا . ٢٣الأنعام : ٢٣ ثم لم تكن . . . . . ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا ، يعني معذرتهم إلا الكذب حين سئلوا فتبرأوا من ذلك ، ف واللّه ربنا ما كنا مشركين [ آية : ٢٣ ] ، ٢٤الأنعام : ٢٤ انظر كيف كذبوا . . . . . قال اللّه : انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم في الآخرة ما كانوا يفترون [ آية : ٢٤ ] من الشرك في الدنيا ، فختم على ألسنتهم ، وشهدت الجوارح بالكذب عليهم والشرك . ٢٥الأنعام : ٢٥ ومنهم من يستمع . . . . . ومنهم ، يعني كفار مكة من يستمع إليك وأنت تتلو القرآن ، يعني النضر بن الحارث ، إلى آخر الآية وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه ، يعني الغطاء عن القلب ؛ لئلا يفقهوا القرآن وفي آذانهم وقرا ، يعني ثقلاً ، فلا يسمعوا ، ، يعني النضر ، ثم قال : وإن يروا كل ءاية لا يؤمنوا بها ، يعني انشقاق القمر ، والدخان ، فلا يصدقوا بأنها من اللّه عز وجل حتى إذا جاءوك يجادلونك في القرآن بأنه ليس من اللّه يقول اللّه : قال : الذين كفروا ، يعني النضر : إن هذا القرآن إلا أساطير الأولين [ آية : ٢٥ ] ، يعني أحاديث الأولين ، حديث رستم واسفندياز . ٢٦الأنعام : ٢٦ وهم ينهون عنه . . . . . وهم ينهون عنه وينئون عنه ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان عند أبي طالب بن عبد المطلب ، يدعوه إلى الإسلام ، فاجتمعت قريش إلى أبي طالب ليريدوا بالنبي ، عليه السلام ، سوءاً ، فسألوا أبا طالب أن يدفعه إليهم فيقتلوه ، فقال أبو طالب : ما لي عنه صبر ، ندفع إليك من سبايانا من شئت مكان ابن اخيك ، فقال أبو طالب : حين تروح الإبل ، فإن جاءت ناقة إلى غير فصيلها دفعت إليكم ، وإن كانت الناقة لا تحن إلا إلى فصيلها ، فأنا أحق من الناقة ، فلما أبى عليهم ، اجتمع منهم سبعة عشر رجلا من أشرافهم ورؤسائهم ، فكتبوا بينهم كتابا ألا يبايعوا بني عبد المطلب ، ولا يناكحوهم ، ولا يخالطوهم ، ولا يؤاكلوهم ، حتى يدفعوا إليهم محمدا صلى اللّه عليه وسلم فيقتلوه ، فاجتمعوا في دار شيبة بن عثمان صاحب الكعبة ، وكان هو أشد الناس على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال أبو طالب : واللّه لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أغيب في التراب دفينا فانفذ لأمرك ما عليك غضاضة أبشر وقر بذاك منك عونا ودعوتني وزعمت أنك ناصحي فلقد صدقت وكنت قدما أمينا وعرضت دينا قد علمت بأنه من خير أديان البرية دينا لولا الدمامة أو أخادن سبة لوجدتني سمحا بذاك مبينا فأنزل اللّه في أبي طالب ، واسمه : عبد مناف بن شيبة ، وهو عبد المطلب : وهم ينهون عنه وينئون عنه ، كان ينهى قريش عن أذى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ويتباعد هو عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ولا يتبعه على دينه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون [ آية : ٢٦ ] ، يعني أبا طالب . ٢٧الأنعام : ٢٧ ولو ترى إذ . . . . . ولو ترى يا محمد إذ وقفوا على النار ، يعني كفار قريش هؤلاء الرؤساء تمنوا ، فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ، يعني القرآن بأنه من اللّه ونكون من المؤمنين [ آية : ٢٧ ] ، يعني المصدقين بالقرآن في قولهم : ٢٨الأنعام : ٢٨ بل بدا لهم . . . . . بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ، وذلك أنهم حين واللّه ربنا ما كنا مشركين ، أوحى اللّه إلى الجوارح ، فشهدت عليهم بما كتموا من الشرك ، فذلك قوله : بل بدا لهم ، يعني ظهر لهم من الجوارح ما كانوا يخفون من قبل بألسنتهم من قبل أن تنطق الجوارح بالشرك ، فتمنوا عند ذلك الرجعة إلى الدنيا فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا إلى آخر الآية ، فأخبر اللّه عنهم ، فقال : ولو ردوا إلى الدنيا كما تمنوا وعمروا فيها لعادوا لما ، يعني لرجعوا لما نهوا عنه من الشرك والتكذيب ، وإنهم لكاذبون [ آية : ٢٨ ] في قولهم حين ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ، بالقرآن . ٢٩الأنعام : ٢٩ وقالوا إن هي . . . . . لما أخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم كفار مكة بالبعث كذبوه وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين [ آية : ٢٩ ] ، بعد الموت ، فأخبر اللّه بمنزلتهم في الآخرة ، فقال : ٣٠الأنعام : ٣٠ ولو ترى إذ . . . . . ولو ترى يا محمد إذ وقفوا ، يعني عرضوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا إنه الحق قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون [ آية : ٣٠ ] بالعذاب بأنه غير كائن ، نظيرها في الأحقاف . ٣١الأنعام : ٣١ قد خسر الذين . . . . . قد خسر الذين كذبوا بلقاء اللّه ، يعني بالبعث حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة ، يعني يوم القيامة بغتة ، يعني فجأة قالوا ياحسرتنا ، يعني كفار قريش على ما فرطنا فيها ، يقولون : يا ندامتنا على ما ضيعنا في الدنيا من ذكر اللّه ، ثم قال : وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون [ آية : ٣١ ] ، وذلك أن الكافر إذا بعث في
الآخرة ، أتاه عمله الخبيث في صورة حبشى ، أشوه ، منتن الريح ، كريه المنظر ، فيقول له الكافر : من أنت ؟ فيقول : أنا عملك الخبيث ، قد كنت أحملك في الدنيا بالشهوات واللذات ، فاحملني اليوم ، فيقول : وكيف أطيق حملك ؟ فيقول : كما حملتك ، فيركب ظهره ، فذلك قوله : وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون ، يعني ألا بئس ما يحملون . ٣٢الأنعام : ٣٢ وما الحياة الدنيا . . . . . وما الحياة الدنيا إلا لعب ، يعني إلا باطل ولهو يكون في الدنيا ، وللدار الآخرة خير ، يثنى على الجنة ، يقول : ولدار الجنة أفضل من الدنيا للذين يتقون الشرك أفلا ، يعني فهلا تعقلون [ آية : ٣٢ ] أن الدار الآخرة أفضل من الدنيا ؛ لأنها بعد دار الدنيا ، وإنما سميت الدنيا ؛ لأنها أدنى إلينا من دار الآخرة . ٣٣الأنعام : ٣٣ قد نعلم إنه . . . . . قد نعلم إنه يحزنك الذي يقولون ، نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصى ، كان الحارث يكذب النبي صلى اللّه عليه وسلم في العلانية ، فإذا خلا مع أهل ثقته ، قال : ما محمد من أهل الكذب ، وإني لأحسبه صادقاً ، وكان إذا لقى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : إنا لنعلم أن هذا الذي تقول حق ، وإنه لا يمنعنا أن نتبع الهدى معك إلا مخافة أن يتخطفنا الناس ، يعني العرب ، من أرضنا إن خرجنا ، فإنما نحن أكلة رأس ، ولا طاقة لنا بهم ، نظيرها في القصص : وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا [ القصص : ٥٧ ] ، فأنزل اللّه : قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون في العلانية بأنك كذاب مفتر ، فإنهم لا يكذبونك في السر بما تقول بأنك نبى رسول ، بل يعلمون أنك صادق ، وقد جربوا منك الصدق فيما مضى ولكن الظالمين بآيات اللّه يجحدون [ آية : ٣٣ ] ، يعني بالقرآن بعد المعرفة . ٣٤الأنعام : ٣٤ ولقد كذبت رسل . . . . . ولقد كذبت رسل من قبلك ، وذلك قبل كفار مكة ؛ لأن كفار مكة ، يا محمد ، ما يمنعك أن تأتينا بآية كما كانت الأنبياء تجئ بها إلى قومهم ، فإن فعلت صدقناك ، وإلا فأنت كاذب ، فأنزل اللّه يعز نبيه صلى اللّه عليه وسلم ليصبر على تكذيبهم إياه ، وأن يقتدى بالرسل قبله : ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا في هلاك قومهم ، وأهل مكة بمنزلتهم ، فذلك قوله : ولا مبدل لكلمات اللّه ، يعني لا تبديل لقول اللّه بأنه ناصر محمد صلى اللّه عليه وسلم ، ألا وقوله حق كما نصر الأنبياء قبله ولقد جاءك من نبإي ، يعني من حديث المرسلين [ آية : ٣٤ ] حين كذبوا وأوذوا ثم نصروا . ٣٥الأنعام : ٣٥ وإن كان كبر . . . . . وإن كان كبر عليك ، يعني ثقل عليك إعراضهم عن الهدى ، ولم تصبر على تكذيبهم إياك فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض ، يعني سربا أو سلما في السماء ، أي فإن لم تستطع فأت بسلم ترقى فيه إلى السماء فتأتيهم بآية فافعل إن استطعت ، ثم عزى نبيه صلى اللّه عليه وسلم ليصبر على تكذيبهم ، فقال : ولو شاء اللّه لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين [ آية : ٣٥ ] ، فإن اللّه لو شاء لجعلهم مهتدين . ٣٦الأنعام : ٣٦ إنما يستجيب الذين . . . . . ثم ذكر إيمان المؤمنين ، فقال : إنما يستجيب الذين يسمعون الهدى ، يعني القرآن ، ثم قال : والموتى يبعثهم اللّه ، يعني كفار مكة يبعثهم اللّه في الآخرة ثم إليه يرجعون [ آية : ٣٦ ] ، يعني يردون فيجزيهم . ٣٧الأنعام : ٣٧ وقالوا لولا نزل . . . . . وقالوا لولا ، يعني هلا نزل عليه محمد كما أنزل على الأنبياء آية من ربه للكفار قل إن اللّه قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون [ آية : ٣٧ ] بأن اللّه قادر على أن ينزلها . ٣٨الأنعام : ٣٨ وما من دابة . . . . . وما من دابة في الأرض ، ولا في بر ، ولا في بحر ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ، يعني خلقا أصنافا مصنفة تعرف بأسمائهم ما فرطنا في الكتاب ، يعني ما ضيعنا في اللوح المحفوظ من شيء ثم إلى ربهم يحشرون [ آية : ٣٨ ] في الآخرة ، ثم يصيرون من بعد ما يقتص بعضهم من بعض ترابا ، يقال لهم : كونوا ترابا . ٣٩الأنعام : ٣٩ والذين كذبوا بآياتنا . . . . . والذين كذبوا بآياتنا ، يعني القرآن صم لا يسمعون الهدى وبكم لا يتكلمون به في الظلمات ، يعني الشرك من يشإ اللّه يضللّه عن الهدى ، نزلت في بني عبد الدار بن قصى ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم [ آية : ٣٩ ] ، يعني على دين الإسلام ، منهم : علي بن أبي طالب ، والعباس ، وحمزة ، وجعفر . ٤٠الأنعام : ٤٠ قل أرأيتكم إن . . . . . ثم خوفهم ، فقال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : قل أرءيتكم إن أتاكم عذاب اللّه في الدنيا كما أتى الأمم الخالية أو أتتكم الساعة ، ثم رجع إلى عذاب الدنيا ، فقال : أغير اللّه من الآلهة تدعون أن يكشف عنكم العذاب في الدنيا إن كنتم صادقين [ آية : ٤٠ ] بأنه معه آلهة . ٤١الأنعام : ٤١ بل إياه تدعون . . . . . ثم رجع إلى نفسه ، فقال : بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ، يعني وتتركون ما تشركون [ آية : ٤١ ] باللّه من الآلهة ، فلا تدعونهم أن يكشفوا عنكم ولكنكم تدعون اللّه ، ٤٢الأنعام : ٤٢ ولقد أرسلنا إلى . . . . . ولقد أرسلنا الرسل إلى أمم من قبلك ، فكذب بهم قومهم كما كذب بك كفار مكة فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم لكي يتضرعون [ آية : ٤٢ ٍ إلى ربهم فيتوبون إليه . ٤٣الأنعام : ٤٣ فلولا إذ جاءهم . . . . . يقول : فلولا إذ جاءهم بأسنا ، يعني الشدة والبلاء تضرعوا إلى اللّه وتابوا إليه لكشف ما نزل بهم من البلاء ولكن قست ، يعني جفت قلوبهم ، فلم تلن وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون [ آية : ٤٣ ] من الشرك والتكذيب ، ٤٤الأنعام : ٤٤ فلما نسوا ما . . . . . فلما نسوا ما ذكروا به ، يعني فلما تركوا ما أمروا به ، يعني وعظوا به ، يعني الأمم الخالية مما دعاهم الرسل فكذبوهم ، ف فتحنا عليهم ، يعني أرسلنا عليهم أبواب كل شيء ، يعني أنواع الخير من كل شيء بعد الضر الذي كان نزل بهم ، نظيرها في الأعراف حتى إذا فرحوا بما أوتوا ، يعني بما أعطوا من أنواع الخير وأعجبهم ما هم فيه أخذناهم بغتة ، يعني أصبناهم بالعذاب بغتة ، يعني فجأة أعز ما كانوا فإذا هم مبلسون [ آية : ٤٤ ] ، يعني فإذا هم مرتهنون آيسون من كل خير . ٤٥الأنعام : ٤٥ فقطع دابر القوم . . . . . فقطع دابر القوم ، يعني أصل القوم الذين ظلموا ، يعني أشركوا ، فلم يبق منهم أحد والحمد للّه رب العالمين [ آية : ٤٥ ] ، في هلاك أعدائه ، يخوف كفار مكة . ٤٦الأنعام : ٤٦ قل أرأيتم إن . . . . . قل لكفار مكة يا محمد : أرأيتم إن أخذ اللّه سمعكم وأبصاركم ، فلم تسمعوا شيئا وختم ، يعني وطبع على قلوبكم ، فلم تعقلوا شيئا من إله غير اللّه يأتيكم به ، يعني هل أحد يرده إليكم دون اللّه انظر يا محمد كيف نصرف الآيات ، يعني العلامات في أمور شتى فيما ذكر من تخويفهم من أخذ السمع والأبصار والقلوب ، وما صنع بالأمم الخالية ثم هم يصدفون [ آية : ٤٦ ] ، يعني يعرضون ، فلا يعتبرون . ٤٧الأنعام : ٤٧ قل أرأيتكم إن . . . . . ثم قال يعنيهم : قل أرءيتكم إن أتاكم عذاب اللّه بغتة ، يعني فجأة لا تشعرون حتى ينزل بكم أو جهرة ، أو معاينة ترونه حين ينزل بكم القتل ببدر هل يهلك بذلك العذاب إلا القوم الظالمون ] آية : ٤٧ ] ، يعني المشركون . ٤٨الأنعام : ٤٨ وما نرسل المرسلين . . . . . وما نرسل المرسلين إلا مبشرين بالجنة ومنذرين من النار فمن آمن ، يعني فمن صدق وأصلح العمل فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون [ آية : ٤٨ ] ، نظيرها في الأعراف . ٤٩الأنعام : ٤٩ والذين كذبوا بآياتنا . . . . . والذين كذبوا بآياتنا ، يعني بالقرآن ، يعني كفار مكة يمسهم ، يعني يصيبهم العذاب بما كانوا يفسقون [ آية : ٤٩ ] ، يعني يعصون ، ٥٠الأنعام : ٥٠ قل لا أقول . . . . . فلما خوفهم النبي صلى اللّه عليه وسلم بالعذاب ، سألوه العذاب استهزاء وتكذيبا : إلى متى يكون هذا العذاب الذي تعدنا به إن كنت من الصادقين ؟ فقال اللّه للنبي صلى اللّه عليه وسلم : قل لا أقول لكم عندي خزائن اللّه ، يعني مفاتيح اللّه بنزول العذاب ولا أعلم الغيب ، يعني غيب نزول العذاب متى ينزل بكم ولا أقول لكم إني ملك ؛ لقولهم في حم السجدة : لو شاء ربنا لأنزل ملائكة [ فصلت : ١٤ ] رسلا فتؤمن بهم ، فأما أنت يا محمد ، فلا نصدقك فيما تقول ، إن أتبع ، يقول : ما أتبع إلا ما يوحى إلي من القرآن قل هل يستوي الأعمى بالهدى فلا يبصره ، وهو الكافر والبصير بالهدى ، وهو المؤمن ، أفلا ، يعني فهلا تتفكرون [ آية : ٥٠ ] فتعلمون أنهما لا يستويان . الأنعام : ٥١ وأنذر به الذين . . . . . ثم قال : وأنذر به ، يعني بالقرآن الذين يخافون ، يعني يعلمون أن يحشروا إلى ربهم ، يعني الموالى وفقراء العرب ، ويعلمون أنه ليس لهم من دونه ، يعني من دون اللّه ولي ، يعني قريب ينفعهم ولا شفيع في الآخرة يشفع لهم إن عصوا اللّه لعلهم ، يعني لكى يتقون [ آية : ٥١ ] المعاصي ، نزلت في الموالي عمارة ، وأبي ذر الغفاري ، وسالم ، ومهجع ، والنمر بن قاسط ، وعامر بن فهيرة ، وابن مسعود ، وأبي هريرة ، ونحوهم ، وذلك أن أبا جهل وأصحابه ، انظروا إلى هؤلاء الذين اتبعوا محمدا من موالينا وأعرابنا رذالة كل حي وسفلتهم ، يعنون الموالى ، ولو كان لا يقبل إلا سادات الحي وسراة الموالي تابعناه ، وذكروا ذلك لأبي طالب ، ف قل لابن أخيك أن يطرد هؤلاء الغرباء والسفلة ، حتى يجيبه سادات قومه وأشرافهم . ٥٢الأنعام : ٥٢ ولا تطرد الذين . . . . . قال أبو طالب للنبي صلى اللّه عليه وسلم : لو طردت هؤلاء عنك ، لعل سراة قومك يتبعونك ، فأنزل اللّه : ولا تطرد الذين يدعون ربهم ، يعني الصلاة له بالغداوة والعشي طرفي النهار يريدون وجهه ، يعني يبتغون بصلاتهم وجه ربهم ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين [ آية : ٥٢ ] ، قال : وكانت الصلاة يومئذ ركعتين بالغداة وركعتين بالعشى ، ثم فرضت الصلوات الخمس بعد ذلك . ٥٣الأنعام : ٥٣ وكذلك فتنا بعضهم . . . . . وكذلك فتنا بعضهم ببعض ، يقول : هكذا ابتلينا فقراء المسلمين من العرب والموالي بالعرب من المشركين : أبي جهل ، والوليد ، وعتبة ، وأمية ، وسهل بن عمرو ، ونحوهم ليقولوا أهؤلاء من اللّه عليهم ، يعني أنعم اللّه عليهم بالإسلام من بيننا ، يقول اللّه : أليس اللّه بأعلم بالشاكرين [ آية : ٥٣ ] ، يعني بالموحدين منكم من غيره ، وفيهم نزلت في الفرقان : وجعلنا بعضكم لبعض فتنة [ الفرقان : ٢٠ ] ، إلى آخر الآية ٥٤الأنعام : ٥٤ وإذا جاءك الذين . . . . . ثم قال يعنيهم : وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا ، يعني يصدقون بالقرآن أنه من اللّه فقل سلام عليكم ، يقول : مغفرة اللّه عليكم ، كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا رآهم بدأهم بالسلام ، وقال : ′ الحمد للّه الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر معهم وأسلم عليهم ′ ، وقال : كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده ، نزلت في عمر بن الخطاب ، تاب من بعد السوء ، يعني الشرك ، وأصلح العمل فأنه غفور رحيم [ آية : ٥٤ ] . ٥٥الأنعام : ٥٥ وكذلك نفصل الآيات . . . . . وكذلك نفصل الآيات ، يعني نبين الآيات ، يعني هكذا نبين أمر الدين ، ولتستبين ، يعني وليتبين لكم سبيل المجرمين [ آية : ٥٥ ] ، يعني طريق الكافرين من المؤمنين حتى يعرفهم ، يعني هؤلاء النفر أبا جهل وأصحابه . ٥٦الأنعام : ٥٦ قل إني نهيت . . . . . قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون اللّه من الآلهة قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين [ آية : ٥٦ ] إن اتبعت أهواءكم ، وذلك حين دعى إلى دين آبائه . ٥٧الأنعام : ٥٧ قل إني على . . . . . قوله : قل إني على بينة من ربي ، يعني بيان من ربي بما أمرني من عبادته وترك عبادة الأصنام ، حين قالوا له : ائتنا بالعذاب إن كنت من الصادقين وكذبتم به ، يعني بالعذاب ، فقال لهم ، عليه السلام : ما عندي ما تستعجلون به من العذاب ، يعني كفار مكة إن الحكم إلا للّه ، يعني ما القضاء إلا اللّه في نزول العذاب بكم في الدنيا يقص الحق ، يعني يقول الحق ، ومن قرأها : ′ يقضي الحق ′ ، يعني يأتي بالعذاب ولا يؤخره إذا جاء وهو خير الفاصلين آية : ٥٧ ] بيني وبينكم ، يعني خير الحاكمين في نزول العذاب بهم . ٥٨الأنعام : ٥٨ قل لو أن . . . . . قل لهم لو أن عندي ، يعني بيدي ما تستعجلون به من العذاب ، لقضي الأمر ، يعني أمر العذاب بيني وبينكم ، وليس ذلك بيدي واللّه أعلم بالظالمين [ آية : ٥٩الأنعام : ٥٩ وعنده مفاتح الغيب . . . . . وعنده مفاتح الغيب ، يعني وعند اللّه خزائن العذاب ، متى ينزله بكم لا يعلمها أحد إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة من شجرة ، إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض كلها ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين [ آية : ٥٩ ] ، يقول : هو بين في اللوح المحفوظ . ٦٠الأنعام : ٦٠ وهو الذي يتوفاكم . . . . . وهو الذي يتوفاكم باليل ، يعني يميتكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ، يعني ما كسبتم من خير أو شر بالنهار ثم يبعثكم فيه ، يقول : يبعثكم من منامكم بالنهار ليقضى أجل مسمى ، يعني منتهيا إليه ثم إليه مرجعكم في الآخرة ثم ينبئكم بما كنتم تعملون [ آية : ٦٠ ] في الدنيا من خير أو شر ، هذا وعيد . ٦١الأنعام : ٦١ وهو القاهر فوق . . . . . قوله : وهو القاهر لخلقه فوق عباده ، قد علاهم ويرسل عليكم حفظة من الملائكة ، يعني الكرام الكاتبين يحفظون أعمال بني آدم حتى إذا جاء أحدكم الموت عند منتهى الأجل توفته رسلنا ، يعني ملك الموت وحده ، عليه السلام وهم لا يفرطون [ آية : ٦١ ] ، يعني لا يضيعون ما أمروا به ، يعني ملك الموت وحده . ٦٢الأنعام : ٦٢ ثم ردوا إلى . . . . . ثم قال : ثم ردوا إلى اللّه مولاهم الحق ، ثم ردوا من الموت إلى اللّه في الآخرة ، فيها تقديم ألا له الحكم ، يعني القضاء وهو أسرع الحاسبين [ آية : ٦٢ ] ، يقول : هو أسرع حسابا من غيره ، وذلك قوله : وكفى بنا حاسبين [ الأنبياء : ٤٧ ] . ٦٣الأنعام : ٦٣ قل من ينجيكم . . . . . قل يا محمد لكفار مكة : من ينجيكم من ظلمات البر والبحر ، يعني الظلل والظلمة والموج تدعونه تضرعا يعني مستكينين وخفية ، يعني في خفض وسكون لئن أنجانا من هذه الأهوال لنكونن من الشاكرين [ آية : ٦٣ ] للّه في هذه النعم ، فيوحدوه ، ٦٤الأنعام : ٦٤ قل اللّه ينجيكم . . . . . قل اللّه ينجيكم منها ومن كل كرب ، يعني من أهوال كل كرب ، يعني من كل شدة ثم أنتم تشركون [ آية : ٦٤ ] في الرخاء . ٦٥الأنعام : ٦٥ قل هو القادر . . . . . قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم ، يعني الحصب بالحجارة كما فعل بقوم لوط ، فلا يبقى منكم أحد أو من تحت أرجلكم ، يعني الخسف كما فعل بقارون ومن معه ، ثم قال : أو يلبسكم شيعا ، يعني فرقا أحزابا أهواء مختلفة كفعله بالأمم الخالية ويذيق بعضكم بأس بعض ، يقول : يقتل بعضكم بعضا ، فلا يبقى منكم أحد إلا قليل ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يجر رداءه ، وذلك بالليل ، وهو يقول : ′ لئن أرسل اللّه على أمتي عذابا من فوقهم ليهلكنهم ، أو من تحت أرجلهم ، فلا يبقى منهم أحد ′ ، فقام صلى اللّه عليه وسلم فصلى ودعا ربه أن يكشف ذلك عنهم ، فأعطاه اللّه اثنتين الحصب والخسف ، كشفهما عن أمته ، ومنعه اثنتين الفرقة والقتل ، فقال : ′ أعوذ بعفوك من عقابك ، واعوذ بمعافاتك من غضبك ، وأعوذ بك منك ، جل وجهك ، لا أبلغ مدحتك والثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ′ . قال : فجاءه جبريل ، عليه السلام ، فقال : إن اللّه قد استجاب لك وكشف عن أمتك اثنتين ومنعوا اثنتين انظر يا محمد كيف نصرف الآيات ، يعني العلامات في أمور شتى من ألوان العذاب لعلهم ، يقول : لكي يفقهون [ آية : ٦٥ ] عن اللّه فيخافوه ويوحدوه ، ٦٦الأنعام : ٦٦ وكذب به قومك . . . . . وكذب به بالقرآن قومك خاصة وهو الحق جاء من اللّه قل لست عليكم بوكيل [ آية : ٦٦ ] ، يقول بمسيطر ، نسختها آية السيف ، ٦٧الأنعام : ٦٧ لكل نبإ مستقر . . . . . لكل نبإ مستقر ، يقول : لكل حديث حقيقة ومنتهى ، يعني العذاب منه في الدنيا ، وهو القتل ببدر ، ومنه في الآخرة نار جهنم ، وذلك قوله : وسوف تعلمون [ آية : ٦٧ ] ، أو عدهم العذاب ، مثلها في اقتربت . ٦٨الأنعام : ٦٨ وإذا رأيت الذين . . . . . وإذا رأيت ، يعني سمعت يا محمد الذين يخوضون في آياتنا ، يعني يستهزءون بالقرآن ، وقالوا ما لا يصح ، قال اللّه لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ، يعني فقم عنهم لا تجالسهم حتى يكون حديثهم في غير أمر اللّه وذكره وإما ينسينك الشيطان ، يقول : فإن أنساك الشيطان فجالستهم بعد النهى فلا تقعد بعد الذكرى ، يقول : إذا ذكرت فلا تقعد مع القوم الظالمين [ آية : ٦٨ ] ، يعني المشركين . ٦٩الأنعام : ٦٩ وما على الذين . . . . . فقال المؤمنين عند ذلك : لو قمنا عنهم إذا خاضوا واستهزءوا ، فإنا نخشى الإثم في مجالستهم ، يعني حين لا نغير عليهم ، فأنزل اللّه : وما على الذين يتقون ، يعني يوحدون الرب من حسابهم من شيء ، يعني من مجازاة عقوبة خوضهم ، واستهزائهم من شيء ، ثم قال : ولكن ذكرى لعلهم يتقون [ آية : ٦٩ ] إذا قمتم عنهم منعهم من الخوض والاستهزاء الحياء منكم والرغبة في مجالستكم ، فيذكرون قيامكم عنهم ، ويتركون الخوض والاستهزاء ، ثم نسختها الآية التي في النساء : وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره [ النساء : ١٤٠ ] الآية . ٧٠الأنعام : ٧٠ وذر الذين اتخذوا . . . . . وذر الذين اتخذوا دينهم الإسلام لعبا ، يعني باطلا ولهوا ، يعني لهوا عنه وغرتهم الحياة الدنيا ، عن دينهم الإسلام وذكر به ، يعني وعظ بالقرآن أن تبسل نفس ، يعني لئلا تبسل نفس بما كسبت ، يعني بم عملت من الشرك والتكذيب ، فترتهن بعملها في النار ، ليس لها من دون اللّه ولي ، يعني قريبا ينفعهم ولا شفيع في الآخرة يشفع لهم وإن تعدل ، يعني فتفتدى هذه النفس المرتهنة بعملها كل عدل ، فتعطى كل فداء ملء الأرض ذهبا لا يؤخذ منها ، يعني لا يقبل منها أولئك يعنيهم الذين أبسلوا ، يعني حبسوا في النار بما كسبوا لهم شراب من حميم ، يعني النار التي قد انتهى حرها وعذاب أليم ، يعني وجيع بما كانوا يكفرون [ آية : ٧٠ ] . ٧١الأنعام : ٧١ قل أندعو من . . . . . قل أندعوا من دون اللّه ما لا ينفعنا ولا يضرنا ، وذلك أن كفار مكة عذبوا نفرا من المسلمين على الإسلام ، وأرادوهم على الكفر ، يقول اللّه لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : قل أتعبدون من دون اللّه من آلهة ، يعني الأوثان ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا [ المائدة : ٧٦ ] في الآخرة ، ولا يملك لنا ضرا في الدنيا ونرد على أعقابنا ، يعني ونرجع إلى الشرك بعد إذ هدانا اللّه إلى دينه الإسلام ، فهذا قول المسلمين للكفار حين قالوا لهم : اتركوا دين محمد صلى اللّه عليه وسلم واتبعوا ديننا ، يقول اللّه للمؤمنين : ردوا عليهم : فإن مثلنا إن اتبعناكم وتركنا ديننا ، كان مثلنا كالذي استهوته الشياطين وأصحابه على الطريق يدعونه إلى الهدى : إن ائتنا ، فإنا على الطريق ، فأبى ذلك الرجل أن يأتيهم ، فذلك مثلنا لإن تركنا دين محمد صلى اللّه عليه وسلم ، ونحن على طريق الإسلام ، وأما الذي استهوته الشياطين ، يعني أضلته في الأرض حيران ، لا يدري أين يتوجه ، فإنه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، أضلته الشياطين عن الهدى ، فهو حيران له أصحاب مهتدون يدعونه إلى الهدى ، يعني أبويه ، قالا له : ائتنا ، فإنا على الهدى ، وفيه نزلت ، والذي قال لوالديه : أف لكم [ الأنبياء : ٦٧ ] ، فذلك قوله : قل إن هدى اللّه هو الهدى ، يعني الإسلام هو الهدى ، والضلال الذي تدعونا الشياطين إليه هو الذي أنتم عليه ، قل لهم : وأمرنا لنسلم ، يعني لنخلص لرب العالمين [ آية : ٧١ ] ، فقد فعلنا ٧٢الأنعام : ٧٢ وأن أقيموا الصلاة . . . . . ثم أمرهم بالعمل ، فقال لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : وأن أقيموا الصلاة لمواقيتها ، يخبرهم أنه لا تنفعهم الصلاة إلى مع الإخلاص واتقوه ، يعني وحدوه وهو الذي إليه تحشرون [ آية : ٧٢ ] . ٧٣الأنعام : ٧٣ وهو الذي خلق . . . . . ثم خوفهم ، فقال : وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ، يعني بأنه لم يخلقهما باطلا لغير شيئ ، ولكن خلقهما لأمر هو كائن ويوم يقول اللّه للبعث مرة واحدة : كن فيكون ، لا يثنى الرب القول مرتين قوله في البعث الحق ، يعني الصدق ، وأنه كائن وله الملك يوم ينفخ ، أي ينفخ إسرافيل ، في الصور عالم الغيب ، يعلم غيب ما كان وما يكون ، ثم قال : والشهادة ، يعني شاهد كل نجوى وكل شيء وهو الحكيم ، يعني حكم البعث ، الخبير [ آية : ٧٣ ] بالبعث متى يبعثهم . ٧٤الأنعام : ٧٤ وإذ قال إبراهيم . . . . . وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر ، اسمه بكلام قومه : تارح : أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين [ آية : ٧٤ ] ، وولد إبراهيم بكوتي ، وذلك أن الكهنة قالوا لنمروذ الجبار : إنه يولد في هذه السنة غلام يفسد آلهة أهل الأرض ، ويدعو إلى غير آلهتكم ، ويكون هلاك ملكك وهلاك أهل بيتك بسببه ، فقال نمروذ : إن دواء هذا لهين ، نعزل الرجال عن النساء ، ونعمد إلى كل غلام يولد في هذه السنة فنقتله إلى أن تنقضي السنة ، ف إن فعلت ذلك ، وإلا كان الذي قلنا لك . فعمد نمروذ ، فجعل على كل عشرة رجال رجلا ، وقال لهم : إذا طهرت المرأة فحولوا بينها وبين زوجها إلى أن تحيض ، ثم يرجع إلى امرأته إلى أن تطهر ، ثم يحال بينهما ، فرجع آزر إلى امرأته ، فجامعها على طهر فحملت ، قالت الكهنة : قد حمل به الليلة ، قال نمروذ : انظروا إلى كل امرأة استبان حملها ، فخلوا سبيلها ، وانظروا بقيتهن ، فلما دنا مخاض أم إبراهيم ، عليه السلام ، دنت إلى نهر يابس ، فولدت فيه ، ثم لفته في خرقة ، فوضعته في حلفا ، ثم رجعت إلى بيتها ، فأخبرت زوجها بمكانه ، فعمد أبوه فحفر له سربا في الأرض ، ثم جعله فيه وسد عليه بصخرة مخافة السباع ، فكانت أمه تختلف إليه وترضعه حتى فطمته وعقل ، وكان ينبت في اليوم نبات شهر ، وفي الشهر نبات سنة ، وفي السنة نبات سنتين ، فقال لأمه : من ربي ؟ قالت : أنا ، قال : من ربك ؟ قالت : أبوك ، قال : فمن رب أبي ؟ فضربته ، وقالت له : اسكت فسكت الصبي . ورجعت إلى زوجها ، فقالت : أرأيت الغلام الذي كنا نخبر أنه يغير دين أهل الأرض ؟ فهو ابنك ، وأخبرته الخبر ، فأتاه أبوه وهو في السرب ، فقال : يا أبت ، من ربي ؟ قال : أمك ، قال : فمن رب أمي ؟ قال : أنا ، قال : فمن ربك ؟ فضربه ، وقال له : اسكت ، ٧٥الأنعام : ٧٥ وكذلك نري إبراهيم . . . . . وكذلك ، يعني هكذا نرى إبراهيم ملكوت ، يعني خلق السماوات والأرض ، وما بينهما من الآيات وليكون إبراهيم من الموقنين [ آية : ٧٥ ] بالرب أنه واحد لا شريك له . وذلك أن إبراهيم سأل ربه أن يريه ملكوت السماوات والأرض ، فأمر اللّه جبريل ، عليه السلام ، فرفعه إلى الملكوت ينظر إلى أعمال العباد ، فرأى رجلا على معصية ، فقال : يا رب ، ما أقبح ما يأتي هذا العبد ، اللّهم اخسف به ، ورأى آخر فأعاد الكلام ، قال : فأمر اللّه جبريل ، عليه السلام ، أن يرده إلى الأرض ، فأوحى اللّه إليه : مهلا يا إبراهيم ، فلا تدع على عبادى ، فإني من عبادى على إحدى خصلتين : إما أن يتوب إلى قبل موته فأتوب عليه ، وإما أن يموت فيدع خلفا صالحا فيستغفر لأبيه فأغفر لهما بدعائه . ٧٦الأنعام : ٧٦ فلما جن عليه . . . . . فلما جن عليه اليل ، دنا من باب السرب ، وذلك في آخر الشهر ، فرأى الزهرة أول الليل من خلال السرب ومن وراء الصخرة ، والزهرة أحسن الكواكب رءا كوكبا قال هذا ربي فلما أفل ، يعني غاب قال إبراهيم : لا أحب الآفلين [ آية : ٧٦ ] ، يعني الغائبين الذاهبين ، وربى لا يذهب ولا يغيب . ٧٧الأنعام : ٧٧ فلما رأى القمر . . . . . فلما كان آخر الليل رءا القمر بازغا ، يعني طالعا أعظم وأضوأ من الكواكب قال هذا ربي ، وهو ينظر إليه فلما أفل ، يعني غاب قال لئن لم يهدني ربي لدينه لأكونن من القوم الضالين [ آية : ٧٧ ] عن الهدى . ٧٨الأنعام : ٧٨ فلما رأى الشمس . . . . . فلما رءا الشمس بازغة ، يعني طالعة في أول ما رآها ملأت كل شيء ضوءا ، قال هذا ربي هذا أكبر ، يعني أعظم من الزهرة والقمر فلما أفلت ، يعني غابت ، عرف أن الذي خلق هذه الأشياء دائم باق ، ورفع الصخرة ، ثم خرج فرأى قومه يعبدون الأصنام ، فقال لهم : ما تعبدون ؟ نعبد ما ترى قال يا قوم ، عبادة رب واحد خير من عبادة أرباب كثيرة ، و إني بريءٌ مما تشركون [ آية : ٧٨ ] باللّه من الآلهة ، فمن تعبد يا إبراهيم ؟ قال : أعبد اللّه الذي خلق السماوات والأرض حنيفا ، يعني مخلصا لعبادته ، وما أنا من المشركين ، وذلك قوله : ٧٩الأنعام : ٧٩ إني وجهت وجهي . . . . . إني وجهت وجهي ، يعني ديني للذي فطر السماوات والأرض حنيفا ، يعني مخلصا وما أنا من المشركين [ آية : ٧٩ ] . ٨٠الأنعام : ٨٠ وحاجه قومه قال . . . . . ثم إن نمروذ بن كنعان الجبار خاصم إبراهيم ، فقال : من ربك ؟ قال إبراهيم : ربى الذي يحيى ويميت ، وهو قوله : وحاجه قومه ، فعمد نمروذ إلى إنسان فقتله ، وجاء بآخر فتركه ، فقال : أنا أحييت هذا وأمت ذلك ، قال إبراهيم : فإن اللّه يأتي بالشمس من المشرق ، فأت بها من المغرب ، فبهت الذي كفر ، يعني نمروذ ، قوله : وحاجه قومه ، وذلك أنهم لما سمعوا إبراهيم ، عليه السلام ، عاب آلهتهم وبرئ منها ، قالوا لإبراهيم : إن لم تؤمن بآلهتنا ، فإنا نخاف أن تخبلك وتفسدك فتهلك ، فذلك قوله : وحاجه قومه ، يعني وخاصمه قومه قال أتحاجوني في اللّه وقد هدان لدينه ولا أخاف ما تشركون به ، يعني باللّه من الآلهة ، وهي لا تسمع ولا تبصر شيئا ، ولا تفع ولا تضر ، وتنحتونها بأيديكم إلا أن يشاء ربي شيئا ، فيضلني عن الهدى ، فأخاف آلهتكم أن تصيبني بسوء وسع ، يعني ملأ ربي كل شيء علما ، فعلمه أفلا ، يعني فهلا تتذكرون [ آية : ٨٠ ] فتعتبرون . ٨١الأنعام : ٨١ وكيف أخاف ما . . . . . ثم قال لهم وكيف أخاف ما أشركتم باللّه من الآلهة ولا تخافون أنتم ب أنكم أشركتم باللّه غيره ما لم ينزل به عليكم سلطانا ، يعني كتاباً فيه حجتكم بأن معه شريكاً ، ثم قال لهم فأي الفريقين أحق بالأمن ، أنا أو أنتم ؟ إن كنتم تعلمون [ آية : ٨١ ] من عبد إلهاً واحداً أحق بالأمن أم من عبد أرباباً شتى ، يعنى آلهة صغاراً وكباراً ، ذكوراً وإناثاً ، فكيف لا يخاف من الكبير إذا سوى بالصغير ؟ وكيف لا يخاف من الذكر إذا سوى بالأنثى ؟ أخبروني أي الفريقين أحق بالأمن من الشر إن كنتم تعلمون . ٨٢الأنعام : ٨٢ الذين آمنوا ولم . . . . . فرد عليه قومه ، فقال : الذين ءامنوا برب واحد ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ، يعني ولم خلطوا تصديقهم بشرك ، فلم يعبدوا غيره أولئك لهم الأمن وهم مهتدون [ آية : ٨٢ ] من الضلالة ، فأقروا بقول إبراهيم ، وفلح عليهم ، فذلك قوله : ٨٣الأنعام : ٨٣ وتلك حجتنا آتيناها . . . . . وتلك حجتنا ءاتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم في أمره عليم [ آية : ٨٣ ] بخلقه . ٨٤الأنعام : ٨٤ ووهبنا له إسحاق . . . . . ثم قال : ووهبنا له ، يعني إبراهيم إسحاق ويعقوب كلا هدينا للإيمان ونوحا هدينا إلى الإسلام من قبل إبراهيم ومن ذريته ، يعني من ذرية نوح داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك ، يعني هكذا نجزي المحسنين [ آية : ٨٤ ] ، يعني هؤلاء الذين ذكرهم اللّه ، ٨٥الأنعام : ٨٥ وزكريا ويحيى وعيسى . . . . . وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين [ آية : ٨٥ ] ، ٨٦الأنعام : ٨٦ وإسماعيل واليسع ويونس . . . . . وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا بالنبوة من الجن والإنس على العالمين [ آية : ٨٦ ] . ٨٧الأنعام : ٨٧ ومن آبائهم وذرياتهم . . . . . ومن ءابائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم ، يعني واستخلصناهم بالنبوة ، وهديناهم إلى صراط مستقيم [ آية : ٨٧ ] ، يعني الإسلام ، ٨٨الأنعام : ٨٨ ذلك هدى اللّه . . . . . ذلك هدى اللّه يهدي به من يشاء ، يعني ثمانية عشر نبياً من عباده ، فيعطيه النبوة ولو أشركوا باللّه ، لحبط عنهم ما كانوا يعملون [ آية : ٨٨ ] . ٨٩الأنعام : ٨٩ أولئك الذين آتيناهم . . . . . ثم ذكر ما أعطى النبيين ، فقال : أولئك الذين آتيناهم الكتاب ، يعني أعطيناهم الكتاب ، يعني كتاب إبراهيم ، والتوراة ، والزبور ، والإنجيل والحكم ، يعني العلم والفهم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء من أهل مكة بما أعطى اللّه النبيين من الكتب ، فقد وكلنا بها ، يعني بالكتب قوما ليسوا بها بكافرين [ آية : ٨٩ ] ، يعني أهل المدينة من الأنصار . ٩٠الأنعام : ٩٠ أولئك الذين هدى . . . . . ثم ذكر النبيين الثمانية عشر ، فقال : أولئك الذين هدى اللّه لدينه فبهداهم اقتده ، يقول للنبي صلى اللّه عليه وسلم : فبسنتهم اقتد قل لا أسئلكم عليه ، يعني على الإيمان بالقرآن أجرا ، يعني جميلاً ان هو ، يعني ما القرآن إلا ذكرى ، يعني تذكرة للعالمين [ آية : ٩٠ ] . ٩١الأنعام : ٩١ وما قدروا اللّه . . . . . وما قدروا اللّه حق قدره ، يعني ما عظموا اللّه حق عظمته إذ قالوا ما أنزل اللّه على بشر من شيء ، يقول : على رسول من كتاب ، فما عظموه حين كذبوا بأنه لم ينزل كتاباً على الرسل ، نزلت في مالك بن الضيف اليهودي حين خاصمه عمر بن الخطاب في النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه مكتوب في التوراة ، فغضب مالك ، فقال : ما أنزل اللّه على أحد كتاباً ربانياً في اليهود ، فعزلته اليهود عن الربانية ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا ، يعني ضياء من الظلمة وهدى للناس من الضلالة تجعلونه قراطيس ، يعني صحفاً ليس فيها شيء تبدونها تعلنونها وتخفون ، يعني وتسرون كثيرا ، فكان مما أخفوا أمر محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وأمر الرجم في التوراة ، وعلمتم في التوراة ما لم تعلموا أنتم ولا ولم يعلمه آباؤكم ، ثم قال في التقديم : قل اللّه أنزل على موسى ، عليه السلام ثم ذرهم ، يعني خل عنهم إن لم يصدقوك في خوضهم يلعبون [ آية : ٩١ ] ، في باطلهم يلهون ، يعني اليهود ، نزلت هذه الآية بالمدينة ، ثم إن مالك بن الضيف تاب من قوله ، فلم يقبلوا منه ، وجعلوا مكانه رجلاً في الربانية . ٩٢الأنعام : ٩٢ وهذا كتاب أنزلناه . . . . . وهذا كتاب أنزلناه على محمد صلى اللّه عليه وسلم مبارك لمن عمل به ، وهو مصدق الذي بين يديه ، يقول : يصدق لما قبله من الكتب التي أنزلها اللّه عز وجل على الأنبياء ، ولتنذر أم القرى ، يعني لكي تنذر بالقرآن أصل القرى ، يعني مكة ؛ وإنما سميت أم القرى ؛ لأن الأرض كلها دحيت من تحت الكعبة و تنذر بالقرآن ومن حولها ، يعني حول الكعبة ، يعني قرى الأرض كلها والذين يؤمنون بالآخرة ، يعني يصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال يؤمنون به ، يعني يصدقون بالقرآن أنه جاء من اللّه عز وجل ، فقال : وهم على صلاتهم يحافظون [ آية : ٩٢ ] عليها في مواقيتها لا يتركونها . ٩٣الأنعام : ٩٣ ومن أظلم ممن . . . . . ومن أظلم ، هذه الآية مدنية ، فلا أحد أظلم ممن افترى على اللّه كذباً أو قال أوحِى إلي ولم يوحى إليه شيء ، نزلت في مسيلمة بن حبيب الكذاب الحنفي ، حيث زعم أن اللّه أوحى إليه النبوة ، وكان مسيلمة أرسل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم رسولين ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لهما : ′ أتشهدان أن مسيلمة نبي ؟ ′ ، قال : نعم ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما ′ ، ثم قال : ومن قال سأنزل مثل ما أنزل اللّه ، فلا أحد أيضاً أظلم منه ، نزلت في عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح القرشي ، من بني عامر بن لؤي ، وكان أخا عثمان بن عفان من الرضاعة ، كان يتكلم بالإسلام ، وكتب للنبي صلى اللّه عليه وسلم يوماً سورة النساء ، فإذا أملى عليه النبي صلى اللّه عليه وسلم : غفوراً رحيماً كتب عليما حكيما ، وإذا أملى عليه : سميعاً بصيراً كتب سميعاً عليماً ، فقال لقوم من المنافقين : كتبت غير الذي أملى علي ، وهو ينظر إليه فلم يغيره ، فشك عبد اللّه بن سعد في إيمانه ، فلحق بمكة كافراً ، فقال لهم : لئن كان محمد صادقاً فيما يقول ، لقد أنزل عليّ كما أنزل عليه ، ولئن كان كاذباً ، لقد قلت كما قال ، وإنما شك لسكوت النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو ينظر إليه ، فلم يغير ذلك ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان أمياً لا يكتب . ثم قال : ولو ترى إذ الظالمون ، يعني مشركي مكة في غمرات الموت يعني في سكرات الموت ، إذ قتلوا ببدر والملائكة باسطوا أيديهم عند الموت تضرب الوجوه والأدبار ، يعني ملك الموت وحده ، وهو يقول : أخرجوا أنفسكم ، يعني أرواحكم ، منهم : أبو جهل ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة ، والوليد بن عتبة ، وأمية بن خلف ، وعقبة بن أبي معيط ، والنضر بن الحارث ، وأبو قيس بن الفاكه ، والوليد بن المغيرة ، وقريباً من سبعين قتيلاً ، فلما بعثوا في الآخرة ، وصاروا في النار ، قالت لهم خزنة جهنم : اليوم تجزون عذاب الهون ، يعني الهوان بغير رأفة ولا رحمة ، نظيرها في الأنفال بما كنتم تقولون على اللّه في الدنيا غير الحق بأن معه شريكاً وكنتم عن ءاياته تستكبرون [ آية : ٩٣ ] ، يعني وكنتم تتكبرون عن الإيمان بالقرآن . ٩٤الأنعام : ٩٤ ولقد جئتمونا فرادى . . . . . ولقد جئتمونا في الآخرة فرادى ، ليس معكم من الدنيا شيء كما خلقناكم أول مرة حين ولدوا وليس لهم شيء وتركتم ما خولنكم في الدنيا وراء ظهوركم ، يعني ما أعطيناكم من الخير من بعدكم في الدنيا وما نرى معكم شفعاءكم من الملائكة الذين زعمتم في الدنيا أنهم فيكم شركاء ، يعني أنهم لكم شفعاء عند اللّه ، لقولهم في يونس : هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه [ يونس : ١٨ ] ، يعني الملائكة ، ثم قال : لقد تقطع بينكم وبين شركاءكم ، يعني من الملائكة من المودة والتواصل وضل عنكم في الآخرة ما كنتم تزعمون [ آية : ٩٤ ] في الدنيا بأن مع اللّه شريكاً . ٩٥الأنعام : ٩٥ إن اللّه فالق . . . . . إن اللّه فالق الحب ، يعني خالق الحب ، يعني البر ، والشعير ، والذرة ، والحبوب كلها ، ثم قال : والنوى ، يعني كل ثمرة لها نوى : الخوخ ، والنبق ، والمشمش ، والعنب ، والإجاص ، وكل ما كان من الثمار له نوى ، ثم قال : يخرج الحي من الميت ، يقول أخرج الناس والدواب من النطف وهي ميتة ، ويخرج الطير كلها من البيضة وهي ميتة ، ثم قال : ومخرج الميت من الحي ، يعني النطف والبيض من الحي ، يعني الحيوانات كلها ذلكم اللّه الذي ذكر في هذه الآية من صنعه وحده يدل على توحيده بصنعه ، ثم قال : فأنى تؤفكون [ آية : ٩٥ ] ، يقول : أني يكذبون بأن اللّه وحده لا شريك له . ٩٦الأنعام : ٩٦ فالق الإصباح وجعل . . . . . ثم ذكر أيضاً في هذه من صنعه ليدل على توحيده بصنعه ، فقال : فالق الإصباح ، يعني خالق النهار من حين يبدوا أوله وجعل الليل سكنا لخلقه يسكنون فيه لراحة أجسادهم و جعل والشمس والقمر حسبانا ، يقول : جعلهما في مسيرهما كالحسبان في القلك ، يقول : لتعلموا عدد السنين والحساب ، وذلك أن اللّه قدر لهما منازلهما في السماء الدنيا ، فذلك قوله : ذلك تقدير العزيز في ملكه يصنع ما أراد ، العليم [ آية : ٩٦ ] بما قدر من خلقه ، نظيرها في يونس . ٩٧الأنعام : ٩٧ وهو الذي جعل . . . . . ثم قال : وهو الذي جعل لكم النجوم نوراً لتهتدوا بها بالكواكب ليلاً ، يقول : لتعرفوا الطريق إذا سرتم في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون [ آية : ٩٧ ] بأن اللّه واحد لا شريك له ، ٩٨الأنعام : ٩٨ وهو الذي أنشأكم . . . . . ثم أخبر عن صنعه ، فقال : وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة ، يعني خلقكم من نفس واحدة ، يعني آدم وحده فمستقر في أرحام النساء ومستودع في أصلاب الرجال مما لم يخلقه وهو خالقه قد فصلنا الآيات ، يعني قد بينا الآيات لقوم يفقهون [ آية : ٩٨ ] عن اللّه عز وجل . ٩٩الأنعام : ٩٩ وهو الذي أنزل . . . . . ثم أخبر عن صنعه ليعرف توحيده ، فقال : وهو الذي أنزل من السماء ماء ، يعني المطر فأخرجنا به ، يعني بالمطر نبات كل شيء ، يعني الثمار والحبوب وألوان النبات فأخرجنا منه خضرا ، يعني أول النبات تخرج منه ، يعني من الماء ، حبا متراكبا ، يعني السنبل قد ركب بعضه بعضاً و أخرجنا بالماء ومن النخل من طلعها ، يعني من ثمرها قنوان ، يعني قصار النخل دانية ، يعني ملتصقة بالأرض تجنى باليد و أخرجنا بالماء وجنات ، يعني البساتين ، ثم نعت البساتين ، فقال : من نخيل و أعناب والزيتون والرمان مشتبها ، ورقها في المنظر يشبه ورق الزيتون وورق الرمان ، ثم قال : وغير متشابه في اللون مختلف في الطعم ، انظروا إلى ثمره إذا أثمر حين يبدو غضاً أوله صيصاً وينعه إن في ذلكم ، يعني إن في هذا الذي ذكر من صنعه وعجائبه لعبرة لآيات لقوم يؤمنون [ آية : ٩٩ ] ، يعني يصدقون بالتوحيد . ١٠٠الأنعام : ١٠٠ وجعلوا للّه شركاء . . . . . وجعلوا يعني وصفوا للّه الذي خلقهم في التقديم شركاء الجن من الملائكة ، وذلك أن جهينة ، وبني سلمة ، وخزاعة وغيرهم ، إن حياً من الملائكة يقال لهم : الجن بنات الرحمن ، فقال اللّه : وخلقهم وخرقوا له ، يعني وتخرصوا ، يعني يخلقوا للّه بنين وبنات بغير علم يعلمونه أن له بنين وبنات ، وذلك أن اليهود ، عزير ابن اللّه ، وقالت النصارى : المسيح ابن اللّه ، وقالت العرب : الملائكة بنات اللّه ، يقول اللّه : سبحانه نزه نفسه عما قالوا من البهتان ، ثم عظم نفسه ، فقال : وتعالى ، يعني وارتفع عما يصفون [ آية : ١٠٠ ] ، يعني يقولون من الكذب . الأنعام : ١٠١ بديع السماوات والأرض . . . . . فعظم نفسه وأخبر عن قدرته ، فقال : بديع السماوات والأرض ، لم يكونا فابتدع خلقهما ، ثم قال : إني ، يعني من أين يكون له ولد ولم تكن له صحبة ، يعني زوجة وخلق كل شيء ، يعني من الملائكة ، وعزير ، وعيسى ، وغيرهم فهم خلقه وعباده وفي ملكه ، ثم قال : وهو بكل شيء عليم [ آية : ١٠١ ] . ١٠٢الأنعام : ١٠٢ ذلكم اللّه ربكم . . . . . ثم دل على نفسه بصنعه ليوحدوه ، فقال : ذلكم اللّه ربكم الذي ابتدع خلقهما وخلق كل شيء ولم يكن له صاحبة ولا ولد ، ثم وحد نفسه إذ لم يوحده كفار مكة ، يقال : لا إله إلا هو خلق كل شيء فاعبدوه ، يعني فوحدوه وهو على كل شيء وكيل [ آية : ١٠٢ ] ، وهو رب كل شيء ذكر من بنين وبنات وغيرهم . ١٠٣الأنعام : ١٠٣ لا تدركه الأبصار . . . . . ثم عظم نفسه ، فقال : لا تدركه الأبصار يقول : لا يراه الخلق في الدنيا ، وهو يدرك الأبصار ، وهو يرى الخلق في الدنيا وهو اللطيف لطف علمه وقدرته حين يراهم في السماوات والأرض الخبير [ آية : ١٠٣ ] بمكانهم . ١٠٤الأنعام : ١٠٤ قد جاءكم بصائر . . . . . قد جاءكم يا أهل مكة بصائر ، يعني بيان من ربكم ، يعني القرآن ، نظيرها في الأعراف فمن أبصر إيماناً بالقرآن فلنفسه ومن عمي عن إيمان بالقرآن فعليها ، يعني فعلى نفسه وما أنا عليكم بحفيظ [ آية : ١٠٤ ] ، يعني برقيب ، يعني محمد صلى اللّه عليه وسلم . ١٠٥الأنعام : ١٠٥ وكذلك نصرف الآيات . . . . . وكذلك ، يعني وهكذا نصرف الآيات في أمور شتى ، يعني ما ذكر ، وليقولوا درست ، يعني قابلت ودرست ، يعني تعلمت من غيرك يا محمد ، فأنزل اللّه : وكذلك نصرف الآيات ؛ لئلا يقولوا : درست وقرأت من غيرك ، ولنبينه ، يعني القرآن لقوم يعلمون [ آية : ١٠٥ ] . ١٠٦الأنعام : ١٠٦ اتبع ما أوحي . . . . . اتبع ما أوحي إليك من ربك ، وذلك حين دعي النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى ملة آبائه ، فأنزل اللّه عز وجل : اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين [ آية : ١٠٦ ] ، يقول اللّه لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : أعرض عنهم إذا أشركوا . ١٠٧الأنعام : ١٠٧ ولو شاء اللّه . . . . . ولو شاء اللّه ما أشركوا ، يقول ′ ولو شاء اللّه لمنعهم من الشرك وما جعلناك عليهم حفيظا ، يعني رقيباً إن لم يوحدوا وما أنت عليهم بوكيل [ آية : ١٠٧ ] ، يعني بمسيطر ، فنسختها آية السيف . ١٠٨الأنعام : ١٠٨ ولا تسبوا الذين . . . . . ولا تسبوا الذين يدعون من دون اللّه ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه كانوا يذكرون أوثان أهل مكة بسوء ، ف لينتهين محمد عن شتم آلهتنا أو لنسبن ربه ، فنهى اللّه المؤمنين عن شتم آلهتهم فيسبوا ربهم ؛ لأنهم جهلة باللّه ، وأنزل اللّه : ولا تسبوا الذين يدعون من دون اللّه ، يعني يعبدون من دون اللّه من الآلهة فيسبوا اللّه عدوا بغير علم يعلمونه أنهم يسبون اللّه ، يعني أهل مكة كذلك ، يعني هكذا زينا لكل أمة عملهم ، يعني ضلالتهم ثم إلى ربهم مرجعهم في الآخرة ، فينبئهم بما كانوا يعملون [ آية : ١٠٨ ] . ١٠٩الأنعام : ١٠٩ وأقسموا باللّه جهد . . . . . فلما نزلت هذه الآية ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه : ′ لا تسبوا ربكم ′ فأمسك المسلمون عند ذلك عن شتم آلهتهم وأقسموا باللّه جهد أيمانهم ، فمن حلف باللّه فقد اجتهد في اليمين ، وذلك أن كفار مكة حلفوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم لئن جاءتهم ءاية كما كانت الأنبياء تجيء بها إلى قومهم ليؤمنن بها ليؤمنن بالآية ، قال اللّه لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : قل إنما الآيات عند اللّه ، إن شاء أرسلها وليست بيدي وما يشعركم وما يدريكم أنها إذا جاءت لا يؤمنون [ آية : ١٠٩ ] ، يعني لا يصدقون ، لما سبق في علم اللّه من الشقاء . ١١٠الأنعام : ١١٠ ونقلب أفئدتهم وأبصارهم . . . . . ونقلب أفئدتهم ، يعني قلوبهم وأبصارهم عن الإيمان كما لم يؤمنوا به أول مرة ، يقول : كما لم يؤمن بها أوائلهم من الأمم الخالية بما سألوا من الآيات قبلها ، فكذلك كفار أهل مكة لا يصدقون بها إن جاءتهم آية ، ثم قال : ونذرهم في طغيانهم يعمهون [ آية : ١١٠ ] ، يعني في ضلالتهم يترددون ، لا نخرجهم منها أبداً . ١١١الأنعام : ١١١ ولو أننا نزلنا . . . . . ثم أخبر عما علمه فيهم ، فقال : ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة ، وأخبروهم أن محمداً رسول كما سألوا ، لقولهم في الفرقان : لولا أنزل علينا الملائكة [ الفرقان : ٢١ ] ، يعني المستهزئين من قريش ، أبا جهل وأصحابه ، ثم قال : وكلمهم الموتى ، لقولهم : ابعث لنا ، رجلين أو ثلاثة من آبائنا ، فنسألهم عما أمامهم مما تحدثنا أنه يكون بعد الموت أحق هو ؟ ثم قال : وحشرنا عليهم كل شيء قبلاً ، يعني عياناً ، قال أبو محمد : ومن قرأه : ′ قبلاً ′ أراد قبيلاً قبيلاً ، رواه عن ثعلب ، فعاينوه كله ، فلو فعلت هذا كله ، فأخبروهم بأن الذي يقول محمد حق ما كانوا ليؤمنوا ، يعني ليصدقوا إلا ن يشاء اللّه لهم الإيمان ولكن أكثرهم أكثر أهل مكة يجهلون [ آية : ١١١ ] . ١١٢الأنعام : ١١٢ وكذلك جعلنا لكل . . . . . ثم قال : وكذلك ، يعني وهكذا جعلنا لكل نبي عدواً من قومه ، يعني أبا جهل عدواً للنبي صلى اللّه عليه وسلم ، كقولهم في الفرقان : وقالوا مال هذا الرسول . . . [ الفرقان : ٧ ] إلى آخر الآية ، قوله : شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض ، وذلك أن إبليس وكل شياطين بالإنس يضلونهم ، ووكل شياطين بالجن يضلونهم ، فإذا التقى شيطان الإنس مع شيطان الجن ، قال أحدهما لصاحبه : إني أضللت صاحبي بكذا وكذا ، فأضلل أنت صاحبك بكذا وكذا ، فذلك قوله : يوحي بعضهم إلى بعض ، يقول : يزين بعضهم زخرف القول غروراً ، يقول : ذلك التزيين بالقول باطل ، يغرون به الإنس والجن ، ثم قال : ولو شاء ربك ما فعلوه ، يقول : لو شاء اللّه لمنعهم عن ذلك ، ثم قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : فذرهم ، يعني خل عنهم ، يعني كفار مكة وما يفترون [ آية : ١١٢ ] من الكذب . ١١٣الأنعام : ١١٣ ولتصغى إليه أفئدة . . . . . ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ، يعني ولتميل إلى ذلك الزخرف والغرور قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة ، يعني الذين لا يصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال وليرضوه ، يعني وليحبوه وليقترفوا ما هم مقترفون [ آية : ١١٣ ] ، يعني ليعملوا من المعاصي ما هم عاملون . ١١٤الأنعام : ١١٤ أفغير اللّه أبتغي . . . . . أفغير اللّه أبتغي حكماً ، فليس أحد أحسن قضاء من اللّه في نزول العذاب ببدر وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً ، يعني القرآن حلاله وحرامه ، وكل شيء مفصلاُ ، يعني مبيناً فيه أمره ونهيه والذين ءاتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن ممن الممترين [ آية : ١١٤ ] . ١١٥الأنعام : ١١٥ وتمت كلمة ربك . . . . . وتمت كلمت ربك بأنه ناصر محمد صلى اللّه عليه وسلم ببدر ، ومعذب قومه ببدر ، فحكمه عدل في ذلك ، فذلك قوله : صدقاً فيما وعد وعدلا فيما حكم لا مبدل لكلماته ، يعني لا تبديل لقوله في نصر محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وأن قوله حق وهو السميع بما سألوا من العذاب العليم [ آية : ١١٥ ] به حين سألوا فأسقط علينا كسفاً من السماء [ الشعراء : ١٨٧ ] ، يعني جانباً من السماء . ١١٦الأنعام : ١١٦ وإن تطع أكثر . . . . . وإن تطع يا محمد أكثر من في الأرض ، يعني أهل مكة حين دعوه إلى ملة آبائه يضلوك عن سبيل اللّه ، يعني يستنزلوك عن دين الإسلام إن يتبعون إلا الظن وإن هم ، يعني وما هم إلا يخرصون [ آية : ١١٦ ] الكذب ، الأنعام : ١١٧ إن ربك هو . . . . . إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله ، يعني عن دينه الإسلام وهو أعلم بالمهتدين ١١٧[ آية : ١١٧ ] . ١١٨الأنعام : ١١٨ فكلوا مما ذكر . . . . . فكلوا مما ذكر اسم اللّه عليه إن كنتم بأياته مؤمنين [ آية : ١١٨ ] ، يعني بالقرآن مصدقين ، وذلك أن كفار مكة حين سمعوا أن اللّه حرم الميتة ، قالوا للمسلمين : أتزعمون أنكم تتبعون مرضاة ربكم ؟ ألا تحدثونا عما قتلتم أنتم بأيديكم أهو أفضل ؟ أو ما قتل اللّه ؟ فقال المسلمون : بل اللّه أفضل صنعاً ، فقالوا لهم : فما لكم تأكلون مما ذبحتم بأيديكم ، وما ذبح اللّه فلا تأكلونه ، وهو عندكم ميتة ؟ فأنزل اللّه : ١١٩الأنعام : ١١٩ وما لكم ألا . . . . . وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم اللّه عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم ، يعني وقد بين لكم ما حرم عليكم ، يعني الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، ثم استثنى ، فقال : إلا ما اضطررتم إليه مما نهيتم عن أكله وإن كثيراً من الناس ، يعني سادة قريش ليضلون أهل مكة بأهوائهم بغير علم يعلمونه في أمر الذبائح إن ربك هو أعلم بالمعتدين [ آية : ١١٩ ] . ١٢٠الأنعام : ١٢٠ وذروا ظاهر الإثم . . . . . وذروا ظاهر الإثم ، يعني واتركوا ظاهر الإثم وباطنه ، يعني الزنا في السر والعلانية ، وذلك أن قريشاً كانوا ينكرون الزنا في العلانية ، ولا يرون به بأساً سراً ، إن الذين يكسبون الإثم ، يعني الشرك سيجزون في الآخرة بما كانوا يقترفون [ آية : ١٢٠ ] ، يعني يكسبون . ١٢١الأنعام : ١٢١ ولا تأكلوا مما . . . . . وأنزل اللّه في قولهم : ما قتل اللّه فلا تأكلوه : ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه وإنه لفسق ، يعني إن أكل الميتة لمعصية وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم من المشركين ليجادلوكم في أمر الذبائح وإن أطعتموهم باستحلالكم الميتة ، إنكم لمشركون [ آية : ١٢١ ] مثلهم ، وفيهم نزلت : ولكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر [ الحج : ٦٧ ] ، يعني أمر الذبائح . ١٢٢الأنعام : ١٢٢ أو من كان . . . . . أو من كان ميتا فأحييناه ، يعني أو من كان ضالاً فهديناه ، نزلت في النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وجعلنا له نورا ، يعني إيماناً يمشي به ، يعني يهتدي به في الناس ، أهو كمن مثله في الظلمات ، يعني كشبه من هو في الشرك ، يعني أبا جهل ليس بخارج منها ، يعني من الشرك ، يعني ليس بمهتد ، هو فيها متحير لا يجد منفذاً ، ليسا بسواء كذلك ، يعني هكذا زين للكافرين ، يعني للمشركين ما كانوا يعلمون [ آية : ١٢٢ ] ، يعني أبا جهل ، وذلك أنه قال : زحمتنا بنو عبد مناف في الشرف ، حتى إذا صرنا كفرسي رهان ، منا نبي يوحى إليه ، فمن يدرك هذا واللّه لا نؤمن به ولا نتبعه أبداً ، أو يأتينا وحي كما يأتيه ، فأنزل اللّه عز وجل : وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى تؤتى مثل ما أوتي رسل اللّه . . . إلى آخر الآية : . ١٢٣الأنعام : ١٢٣ وكذلك جعلنا في . . . . . وكذلك ، يعني وهكذا جعلنا في كل قرية خلت ، يعني عصت أكبر مجرميها ، يعني جبابرتها وكبراءها ، جعلنا بمكة المستهزئين من قريش ليمكروا فيها ، يعني في القرية بالمعاصي حين أجلسوا في كل طريق أربعة منهم ، يقول اللّه وما يمكرون إلا بأنفسهم ، وما معصيتهم إلا على أنفسهم وما يشعرون [ آية : ١٢٣ ] . ١٢٤الأنعام : ١٢٤ وإذا جاءتهم آية . . . . . وإذا جاءتهم آية ، يعني انشقاق القمر ، والدخان قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل اللّه ، يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم وحده ، يقول اللّه : اللّه أعلم حيث يجعل رسالته ، اللّه أعلم حيث يختص بنبوته من يشاء سيصيب الذين أجرموا صغار عند اللّه ، يعني مذلة وعذاب شديد بما كانوا يمكرون [ آية : ١٢٤ ] ، يعني يقولون ، لقولهم : لو كان هذا القرآن حقاً ، لنزل على الوليد بن المغيرة ، أو على أبي مسعود الثقفي ، وذلك قولهم : لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم [ الزخرف : ٣١ ] . ١٢٥الأنعام : ١٢٥ فمن يرد اللّه . . . . . فمن يرد اللّه أن يهديه لدينه يشرح صدره للإسلام ، نزلت في النبي صلى اللّه عليه وسلم ، يعني يوسع قلبه ومن يرد أن يضله عن دينه يجعل صدره ضيقا بالتوحيد ، يعني أبا جهل ، حتى لا يجد التوحيد من الضيق مجازاً ، ثم قال : حرجا شكاً ، كأنما يصعد في السماء ، يقول : هو بمنزلة المتكلف الصعود إلى السماء لا يقدر عليه كذلك ، يعني هكذا يجعل اللّه الرجس ، يقول : الشر : على الذين لا يؤمنون [ آية : ١٢٥ ] بالتوحيد . ١٢٦الأنعام : ١٢٦ وهذا صراط ربك . . . . . وهذا التوحيد صراط ربك يعني دين ربك مستقيما قد فصلنا الآيات ، يعني قد بينا الآيات في أمر القلوب في الهدى والضلالة ، يعني الذي يشرح صدره للإسلام ، والذي جعله ضيقاً حرجاً لقوم يذكرون [ آية : ١٢٦ ] بتوحيد ١٢٧الأنعام : ١٢٧ لهم دار السلام . . . . . ثم ذكر ما أعد للموحدين ، فقال : لهم دار السلام ، يعني جنة اللّه عند ربهم في الآخرة وهو وليهم ، يقول : اللّه وليهم في الآخرة بما كانوا يعملون [ آية : ١٢٧ ] له في الدنيا ، يعني يوحدون ربهم . ١٢٨الأنعام : ١٢٨ ويوم يحشرهم جميعا . . . . . ويوم يحشرهم ، يعني كفار الإنس والشياطين والجن ، يقول : ويوم نجمعهم ، جميعا يا معشر الجن ، ثم يقول للشياطين : قد استكثرتم من الإنس ، يعني من ضلال الإنس فيما أضللتم منهم ، وذلك أن كفار الإنس كانوا تولوا الجن وأعاذوا بهم ، وقال أولياؤهم من الإنس ، يعني أولياء الجن من كفار الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض ، كاستمتاع الإنس بالجن ، وذلك أن الرجل كان إذا سافر فأدركه الليل بأرض القفر خاف ، فيقول : أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه ، فيبيت في جواره آمناً ، وكان استمتاع الجن بالإنس أن يقولوا : لقد سودتنا الإنس حين فزعوا إلينا ، فيزدادوا بذلك شرفاً و قالت : وبلغنا أجلنا الموت الذي أجلت لنا في الدنيا ، فرد اللّه عليهم : قال النار مثواكم ، ومثوى الكافرين خالدين فيها أبداً إلا ما شاء اللّه ، واستثنى أهل التوحيد ، أنهم لا يخلدون فيها إن ربك حكيم ، يعني حكم النار لمن عصاه عليم [ آية : ١٢٨ ] ، يقول : عالم بمن لا يعصيه . ١٢٩الأنعام : ١٢٩ وكذلك نولي بعض . . . . . قوله : وكذلك ، يعني وهكذا نولي بعض الظالمين بعضا ، فولى اللّه ظلمة الإنس ظلمة الجن ، وولى ظلمة الجن ظلمة الإنس بأعمالهم الخبيثة ، فذلك قوله : بما كانوا يكسبون [ آية : ١٢٩ ] ، يعني يعملون من الشرك . ١٣٠الأنعام : ١٣٠ يا معشر الجن . . . . . ثم قال لهم عند ذلك : يا معشر الجن والإنس ، يعني كفار الجن وكفار الإنس ، ولا يعني به الشياطين ؛ لأن الشياطين هم أغروا كفار الجن وكفار الإنس ، وبعث اللّه رسولاً من الجن إلى الجن ، ومن الإنس إلى الإنس يقصون ، فذلك قوله : ألم يأتكم رسل منكم ، يعني من أنفسكم الجن إلى الجن ، والإنس إلى الإنس يقصون عليكم ءاياتي ، يعني آيات القرآن وينذرونكم لقاء يومكم هذا ، يعني يوم القيامة ، قالوا ، يعني قالت الإنس والجن : شهدنا على أنفسنا بذلك أنا كفرنا بما قالت الرسل في الدنيا ، قال اللّه للنبي صلى اللّه عليه وسلم : وغرتهم الحياة الدنيا عن دينهم الإسلام ، ويقول اللّه للنبي صلى اللّه عليه وسلم : وشهدوا على أنفسهم في الآخرة أنهم كانوا كافرين [ آية : ١٣٠ ] في الدنيا ، وذلك حين شهدت عليهم الجوارح بالشرك والكفر في الدنيا ، ثم قال الخازن ، في التقديم : ف النار مثواكم ، يعني مأواكم خالدين فيها لا يموتون ، ثم استثنى ، فقال : إلا ما شاء اللّه إن ربك حكيم عليم ، حكم عليهم حقاً بذلك الهلاك ، كفعله بالأمم الخالية في سورة أخرى . ١٣١الأنعام : ١٣١ ذلك أن لم . . . . . ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى ، يعني معذب أهل القرى بظلم بغير ذنب في الدنيا وأهلها غافلون [ آية : ١٣١ ] عن العذاب حتى يبعث في أمها رسولاً ينذرهم بالعذاب حجة عليهم . ١٣٢الأنعام : ١٣٢ ولكل درجات مما . . . . . ولكل ، يعني كفار الجن والإنس درجات ، يعني فضائل من العذاب في الآخرة مما عملوا في الدنيا وما ربك بغافل عما يعملون [ آية : ١٣٢ ] ، هذا وعيد ، نظيرها في الأحقاف . ١٣٣الأنعام : ١٣٣ وربك الغني ذو . . . . . و قوله : وربك الغني عن عبادة خلقه ذو الرحمة ، يعنى النعمة ، فلا تعجل عليهم بالعذاب ، يعنى كفار مكة إن يشأ يذهبكم بهلاك ، ويستخلف من بعدكم خلقاً من غيركم بعد هلاككم ما يشاء ، إن شاء مثلكم ، وإن شاء أمثل وأطوع للّه منكم كما أنشأكم ، يعني كما خلقكم من ذرية قوم آخرين [ آية : ١٣٣ ] ، يعنى ذرية أهل سفينة نوح ، ١٣٤الأنعام : ١٣٤ إن ما توعدون . . . . . إن ما توعدون من العذاب في الدنيا لأت ، يعني لكائن وما أنتم بمعجزين [ آية : ١٣٤ ] ، يعني بسابقي اللّه بأعمالكم الخبيثة حتى يجزيكم بها . ١٣٥الأنعام : ١٣٥ قل يا قوم . . . . . قوله : قل يقوم اعملوا على مكانتكم ، يعني جديلتكم ، يعني كفار مكة إني عامل ، على جديلتي التي أمرني بها ربي فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار ، يعني الجنة ، أنحن أم أنتم ، ثم قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : إنه لا يفلح ، يعني لا يسعد
الظالمون [ آية : ١٣٥ ] في الآخرة ، يعني المشركين ، نظيرها في القصص . ١٣٦الأنعام : ١٣٦ وجعلوا للّه مما . . . . . وجعلوا للّه ، يعني وصفوا للّه مما ذرأ ، يعني مما خلق من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا للّه بزعمهم وهذا لشركائنا ، يعني النصيب لآلهتهم مثل ذلك ، فما أخرج اللّه من بطون الأنعام وظهورها من الحرث ، هذا للّه ، فيتصدقون به على المساكين ، وما أخرج اللّه من نصيب الآلهة أنفقوه عليها ، فإن زكا نصيب الآلهة ولم يزك نصيب اللّه تركوه للآلهة ، و لو شاء اللّه لأزكى نصيبه ، وإن زكا نصيب اللّه ولم يزك نصيب الآلهة ، خدجت أنعامهم وأجدبت أرضهم ، و ليس لآلهتنا بد من نفقة ، فأخذوا نصيب اللّه فقسموه بين المساكين والآلهة نصفين ، فذلك قوله : فما كان لشركائهم ، يعني لآلهتهم مما خرج من الحرث والأنعام ، فلا يصل إلى اللّه ، يعني إلى المساكين وما كان للّه فهو يصل إلى شركائهم ، يعني آلهتهم ، يقول اللّه : ساء ، يعني بئس ما يحكمون [ آية : ١٣٦ ] ، يقول : لو كان معي شريك كما يقولون ، ما عدلوا في القسمة أن يأخذوا مني ولا يعطوني . ١٣٧الأنعام : ١٣٧ وكذلك زين لكثير . . . . . ثم انقطع الكلام ، فقال : وكذلك ، يعني وهكذا زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ، كما زينوا لهم تحريم الحرث والأنعام ، يعني دفن البنات وهن أحياء ليردوهم ، يعني ليهلكوهم وليلبسوا عليهم ، يعني وليخلطوا عليهم دينهم ولو شاء اللّه ما فعلوه ، يقول : لو شاء اللّه لمنعهم من ذلك فذرهم ، يعني فخل عنهم وما يفترون [ آية : ١٣٧ ] من الكذب ، لقولهم في الأعراف : واللّه أمرنا بها [ الأعراف : ٢٨ ] . ١٣٨الأنعام : ١٣٨ وقالوا هذه أنعام . . . . . وقالوا هذه أنعام وحرث حجر ، يعني حرام لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم ، يعني الرجال دون النساء ، وكانت مشيئتهم أنهم جعلوا اللحوم والألبان للرجال دون النساء وأنعام حرمت ظهورها ، يعني الحام وأنعام لا يذكرون اسم اللّه عليها ، يعني البحيرة أن نتجوها أو نحروها لم يذكروا اسم اللّه عليها افتراء عليه ، على اللّه ، يعني كذبا على اللّه سيجزيهم بما كانوا يفترون [ آية : ١٣٨ ] حين زعموا أن اللّه أمرهم بتحريمه ، حين قالوا في الأعراف : واللّه أمرنا بها [ الأعراف : ٢٨ ] . ١٣٩الأنعام : ١٣٩ وقالوا ما في . . . . . ثم أخبر عنهم ، فقال : وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ، يعني من الولد والألبان ومحرم على أزواجنا ، يعني البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، فكانوا إذا انتجوه حياً ذبحوه فأكله الرجال دون النساء ، وكذلك الألبان ، وإن وضعته ميتاً اشترك في أكله الرجال والنساء ، فذلك قوله : وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم اللّه العذاب في الآخرة وصفهم ، ذلك بالتحليل والتحريم ، أي جزاءه إنه حكيم حكم عليهم العذاب عليم [ آية : ١٣٩ ] به . ١٤٠الأنعام : ١٤٠ قد خسر الذين . . . . . ثم عابهم بقتل أولادهم وتحريم الحرث والأنعام ، فقال : قد خسر في الآخرة ، الذين قتلوا أولادهم ، يعني دفن البنات أحياء سفها ، يعني جهلاً بغير علم وحرموا ما رزقهم اللّه من الحرث والأنعام افتراء على اللّه الكذب حين زعموا أن اللّه أمرهم بهذا ، يعني بتحريمه ، يقول اللّه : قد ضلوا عن الهدى وما كانوا مهتدين [ آية : ١٤٠ ] ، وكانت ربيعة ومضر يدفنون البنات وهن أحياء ، غير بنى كنانة ، كانوا لا يفعلون ذلك . ١٤١الأنعام : ١٤١ وهو الذي أنشأ . . . . . قوله : وهو الذي أنشأ جنات معروشات ، يعنى الكروم وما يعرش وغير معروشات ، يعني قائمة على أصولها والنخل والزرع مختلفا أكله ، يعني طعمه ، منه الجيد ، ومنه الدون ، ثم قال : والزيتون والرمان متشابها ، ورقها في النظير يشبه ورق الزيتون ورق الرمان وغير متشابه ثمرها وطعمها ، وهما متشابهان في اللون ، مختلفان في الطعم ، يقول اللّه : كلوا من ثمره إذا أثمر ، حين يكون غضاً ، ثم قال : وءاتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين [ آية : ١٤١ ] ، يقول : ولا تشركوا الآلهة في تحريم الحرث والأنعام . ١٤٢الأنعام : ١٤٢ ومن الأنعام حمولة . . . . . ومن الأنعام حمولة ، يعني الإبل والبقر وفرشا ، والفرش الغنم الصغار مما لا يحمل عليها كلوا مما رزقكم اللّه من الأنعام والحرث حلالاً طيباً ، ولا تتبعوا خطوات الشيطان ، يعني تزيين الشيطان فتحرمونه إنه لكم عدو مبين [ آية : ١٤٢ ] ، كلم النبي صلى اللّه عليه وسلم في ذلك عوف بن مالك الجشمي ، يكنى أبا الأحوص . ١٤٣الأنعام : ١٤٣ ثمانية أزواج من . . . . . ثم قال : أنزل ثمانية أزواج قبل خلق آدم ، عليه السلام من الضأن اثنين ، يعني ذكراً وأنثى ومن المعز اثنين ، ذكراً وأنثى قل يا محمد لمن حرم ذكور الأنعام تارة وإناثها أخرى ، ونسب ذلك إلى اللّه : ءآلذكرين من الضأن والمعز حرم اللّه عليكم ؟ أم الأنثيين منهما ؟ أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ؟ ذكراً كان أو أنثى ؟ نبئوني بعلم عن كيفية تحريم ذلك إن كنتم صادقين [ آية : ١٤٣ ] فيه . المعنى من أين جاء التحريم ، فإن كان من قبل الذكورة فجميع الذكور حرام ، أو الأنوثة ، فجميع الإناث ، أو اشتمال الرحم فالزوجان ، فمن أين التخصيص ؟ والاستفهام للاستنكار . ١٤٤الأنعام : ١٤٤ ومن الإبل اثنين . . . . . ومن الإبل اثنين ذكرا وأنثى ومن البقر اثنين ذكراً وأنثى قل يا محمد ءآلذكرين حرم أم الأنثيين ، يعني من أين تحريم الأنعام من قبل الذكرين أم قبل الأنثيين ؟ أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ، يقول : على ما اشتمل ، ما يشتمل الرحم إلا ذكراً أو أنثى ، فأين هذا الذي جاء التحريم من قبله ، وما اشتمل الرحم إلا على مثلها . يقول : ما تلد الغنم إلا الغنم ، وما تلد الناقة إلا مثلها ، يعني أن الغنم لا تلد البقر ، ولا البقر تلد الغنم ، فإن حرم الأنثيين ، خصوا ولم يجز لهم أن يأكلوا الإناث من الأنعام ، وإن الذكرين ، لم يجز لهم أن يأكلوا ذكور الأنعام ، فسكتوا ، يقول اللّه لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : قل لهم : نبؤوني بعلم إن كنتم صادقين بأن اللّه حرم هذا ، ثم قال : أم كنتم شهداء إذ وصاكم اللّه بهذا التحريم ، فسكتوا فلم يجيبوه ، إلا أنهم حرمها آباؤنا ، فقال لهم النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ فمن أين حرمه آباؤكم ؟ ′ ، اللّه أمرهم بتحريمه ، فأنزل اللّه : فمن أظلم ، يقول : فلا أحد أظلم ممن افترى على اللّه كذبا ليضل الناس بغير علم إن اللّه لا يهدي القوم الظالمين [ آية : ١٤٤ ] . ١٤٥الأنعام : ١٤٥ قل لا أجد . . . . . يا محمد ، فمن أين حرمه آباؤنا ؟ فأوحى اللّه إلى نبيه صلى اللّه عليه وسلم : قل لا أجد في ما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه ، يعني على آكل يأكله إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا ، يعني يسيل أو لحم خنزير فإنه رجس ، يعني إنما أو فسقا ، يعني معصية أهل لغير اللّه به ، يعني ذبح لغير اللّه فمن اضطر إلى شيء مما حرمت عليه غير باغ ليستحله في دينه ولا عاد ، يعني ولا معتديا لم يضطر إليه فأكله فإن ربك غفور لأكله الحرام رحيم [ آية : ١٤٥ ] به إذا رخص له في الحرام في الاضطرار . ١٤٦الأنعام : ١٤٦ وعلى الذين هادوا . . . . . ثم بين ما حرم على اليهود ، فقال : وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ، يعني الإبل ، والنعامة ، والوز ، والبط ، وكل شيء له خف وظفر من الدواب ، والطير ، فهو عليهم حرام ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما ، وحرم عليهم الشحوم من البقر ، والغنم ، ثم استثنى ما أحل لهم من الشحوم ، فقال : إلا ما حملت ظهورهما ، يعني ظهور البقر والغنم والأكتاف والإلية أو الحوايا ، يعني المعى ، أو ما اختلط من الشحم بعظم ، فكل هذا حلال لهم ، وحرم عليهم شحوم الكليتين والثروب ذلك التحريم جزيناهم ببغيهم ، يعني عقوبة بقتلهم الأنبياء وبصدهم عن سبيل اللّه ، وبأكلهم الربا ، واستحلالهم أموال الناس بالباطل ، فهذا البغى وإنا لصادقون [ آية : ١٤٦ ] بذلك ، وهذا ما أوحى اللّه إلى نبيه صلى اللّه عليه وسلم أنه محرم ، منه على المسلمين ، ومنه على اليهود . ١٤٧الأنعام : ١٤٧ فإن كذبوك فقل . . . . . فقال كفار العرب للنبي صلى اللّه عليه وسلم : فإنك لم تصب ، يقول اللّه : فإن كذبوك بما تقول من التحريم فقل لكفارمكة ربكم ذو رحمة واسعة ملأت رحمته كل شيء لا يعجل عليكم بالعقوبة ولا يرد بأسه ، يقول : عذابه إذا جاء الوقت على من كذب بما يقول : عن القوم المجرمين [ آية : ١٤٧ ] ، يعني كفار العرب . ١٤٨الأنعام : ١٤٨ سيقول الذين أشركوا . . . . . سيقول الذين أشركوا مع اللّه آلهة ، يعني مشركي العرب لو شاء اللّه ما أشركنا ولا أشرك آباؤنا ولا حرمنا من شيء ، يعني الحرث ، والأنعام ، ولكن اللّه أمر بتحريمه كذلك ، يعني هكذا كذب الذين من قبلهم من الأمم الخالية رسلهم ، كما كذب كفار مكة بمحمد صلى اللّه عليه وسلم حتى ذاقوا بأسنا ، يعني عذابنا ، قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ، يعني بيانا من اللّه بتحريمه فتبينوه لنا ، يقول اللّه : إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون [ آية : ١٤٨ ] ، الكذب ١٤٩الأنعام : ١٤٩ قل فللّه الحجة . . . . . قل لهم يا محمد : فللّه الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين [ آية : ١٤٩ ] لدينه ، ١٥٠الأنعام : ١٥٠ قل هلم شهداءكم . . . . . قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن اللّه حرم هذا الحرث والأنعام فإن شهدوا أن للّه حرمه فلا يشهد معهم يأمر نبيه صلى اللّه عليه وسلم أن لا يصدق قولهم ، ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا ، يعني القرآن الذي فيه تحليل ما حرموا ، والذين لا يؤمنون بالآخرة ، يعني لا يصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال ، و الذين وهم بربهم يعدلون [ آية : ١٥٠ ، يعني يشركون . ١٥١الأنعام : ١٥١ قل تعالوا أتل . . . . . قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ، يقول : تعالوا حتى أقرأ ما حرم عليكم ألا تشركوا به شيئا من خلقه وبالوالدين إحسانا ، يعني برا بهما ، ولا تقتلوا أولادكم ، يعني دفن البنات وهن أحياء من إملاق ، يعني خشية الفقر نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ، يعني الزنا ما ظهر منها ، يعني السفاح علانية وما بطن ، يعني الزنا في السر تتخذ الخليل ، فيأتيها في السر ولا تقتلوا النفس التي حرم اللّه قتلها إلا بالحق ، يعني بالقصاص والثيب الزاني بالرجم ، والمرتد عن الإسلام ، فهذا الحق ذلكم وصاكم به لعلكم ، يعني لكي تعقلون [ آية : ١٥١ ] ، أنه لم يحرم إلا ما ذكر في هذه الآيات الثلاث ، ولم يحرم البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام . ١٥٢الأنعام : ١٥٢ ولا تقربوا مال . . . . . ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ، إلا ليثمر لليتيم ماله بالأرباح / حتى يبلغ أشده ، يعني ثماني عشرة سنة وأوفوا الكيل والميزان بالقسط ، يعني بالعدل لا نكلف نفسا إلا وسعها ، يقول : لا نكلفها من العمل إلا طاقتها ، وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ، يعني أولى قربى إذا تكلمتم فقولوا الحق ، وإن كان ذو قرابتك فقل فيه الحق وبعهد اللّه أوفوا فيما بينكم وبين الناس ، ذلكم وصاكم به لعلكم ، يعني لكي تذكرون [ آية : ١٥٢ ] في أمره ونهيه . ١٥٣الأنعام : ١٥٣ وأن هذا صراطي . . . . . وأن هذا الذي ذكر في هذه الآيات من أمر اللّه ونهيه صراطي مستقيما ، يعني دينا مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل ، يعني طرق الضلالة فيما حرموا ، فتفرق بكم عن سبيله ، يعني فيضلكم عن دينه ذلكم وصاكم به لعلكم ، يعني لكي تتقون [ آية : ١٥٣ ] ، فهذه الآيات المحكمات لم ينسخهن شيء من جميع الكتب ، وهن محكمات على بني آدم كلهم . ١٥٤الأنعام : ١٥٤ ثم آتينا موسى . . . . . ثم آتينا موسى الكتاب ، يعني أعطينه التوراة تماما على الذي أحسن ، يقول : تمت الكرامة على من أحسن منهم في الدنيا والآخرة ، فتمم اللّه لبني إسرائيل ما وعدهم من قوله : ونريد أن نمن على الذين استضعفوا [ القصص : ٥ ، ٦ ] إلى آيتين ، ثم قال : وتفضيلا لكل شيءو التوراة وهدى من الضلالة ، ورحمة من العذاب لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون [ آية : ١٥٤ ] ، يعني بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال . ١٥٥الأنعام : ١٥٥ وهذا كتاب أنزلناه . . . . . وهذا القرآن كتاب أنزلناه مبارك ، فهو بركة لمن آمن به فاتبعوه ، فاقتدوا به واتقوا اللّه لعلكم ، يعني لكي ترحمون [ آية : ١٥٥ ] فلا تعذبوا . ١٥٦الأنعام : ١٥٦ أن تقولوا إنما . . . . . أن تقولوا ، يعني لئلا تقولوا : إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا ، يعني اليهود والنصارى وإن كنا عن دراستهم لغافلين [ آية : ١٥٦ ] ، ١٥٧الأنعام : ١٥٧ أو تقولوا لو . . . . . وذلك أن كفار مكة قاتل اللّه اليهود والنصارى ، كيف كذبوا أنبياءهم ، فواللّه لو جاءنا نذير وكتاب لكنا أهدى منهم ، فنزلت هذه الآية فيهم : أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم ، يعني اليهود والنصارى ، يقول اللّه لكفار مكة : فقد جاءكم بينة من ربكم ، يعني بيان من ربكم القرآن و هو وهدى من الضلالة ورحمة من العذاب لقوم يؤمنون ، فكذبوا به ، فنزلت : فمن أظلم ممن كذب بآيات اللّه ، يعني بالقرآن وصدف عنها ، يعني وأعرض عن آيات القرآن ، فلم يؤمن بها ، ثم أوعدهم اللّه ، فقال : سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا ، يعني يعرضون عن إيمان بالقرآن سوء العذاب ، يعني شدة العذاب بما كانوا يصدفون [ آية : ١٥٧ ] ، يعني بما كانوا يعرضون عن إيمان بالقرآن . ١٥٨الأنعام : ١٥٨ هل ينظرون إلا . . . . . ثم وعدهم ، فقال : هل ينظرون ، يعني ما ينتظر كفار مكة بالإيمان إلا أن تأتيهم الملائكة ، يعني ملك الموت وحده بالموت أو يأتي ربك يوم القيامة في ظلل من الغمام أو يأتي بعض آيات ربك ، يعني طلوع الشمس من مغربها ، ثم قال : يوم يأتي بعض آيات ربك ، يعني طلوع الشمس من المغرب لا ينفع نفسا إيمانها ، يعني نفسا كافرة حين لم تؤمن قبل أن تجيء هذه الآية لم تكن آمنت من قبل ، يقول : لم تكن صدقت من قبل طلوع الشمس من مغربها أو لم تكن كسبت في إيمانها خيرا ، يقول : لم تكن هذه النفس عملت قبل طلوع الشم من مغربها ، ولم يقبل منها بعد طلوعها ، ومن كان يقبل منه عمله قبل طلوع الشمس من مغربها ، فإنه يتقبل منه بعد طلوعها ، ثم أوعدهم العذاب ، فقال اللّه لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : قل انتظروا العذاب إنا منتظرون [ آية : ١٥٨ ] بكم العذاب . ١٥٩الأنعام : ١٥٩ إن الذين فرقوا . . . . . إن الذين فرقوا دينهم الإسلام الذي أمروا به ، ودخلوا في غيره ، يعني اليهود والنصارى قبل أن يبعث محمد صلى اللّه عليه وسلم وكانوا شيعا ، يعني أحزابا يهود ، ونصارى ، وصابئين ، وغيرهم لست منهم يا محمد في شيء إنما أمرهم إلى اللّه ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون [ آية : ١٥٩ ] ، فنسختها آية براءة : قاتلوا الذين إلى قوله : صاغرون [ التوبة : ٢٩ ] . ١٦٠الأنعام : ١٦٠ من جاء بالحسنة . . . . . من جاء في الآخرة بالحسنة بالتوحيد والعمل الصالح فله عشر أمثالها في الأضعاف ومن جاء في الأخرة بالسيئة ، يعني الشرك فلا يجزى إلا مثلها في العظم ، فجزاء الشرك أعظم الذنوب ، والنار أعظم العقوبة ، وذلك قوله : جزاء وفاقا [ النبأ : ٢٦ ] وافق الجزاء العمل وهم لا يظلمون [ آية : ١٦٠ ] كلا الفريقين جميعا . ١٦١الأنعام : ١٦١ قل إنني هداني . . . . . قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ، يعني الإسلام دينا قيما مستقيما لا عوج فيه ملة إبراهيم حنيفا ، يعني مخلصا وما كان إبراهيم من المشركين [ آية : ١٦١ ] من اليهود والنصارى . ١٦٢الأنعام : ١٦٢ قل إن صلاتي . . . . . قل يا محمد إن صلاتي الخمس ونسكي ، يعني وذبحي ومحياي ومماتي للّه رب العالمين [ آية : ١٦٢ ] ، ١٦٣الأنعام : ١٦٣ لا شريك له . . . . . لا شريك له ، يقول : ليس معك شريك ، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين [ آية : ١٦٣ ] ، يعني المخلصين من أهل مكة . ١٦٤الأنعام : ١٦٤ قل أغير اللّه . . . . . قل أغير اللّه أبغي ربا ، وذلك أن كفار قريش قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : ارجع عن هذا الأمر ، فنحن لك كفلاء بما أصابك من تبعة ، فأنزل اللّه : قل لهم أغير اللّه أبغي ربا ، يعني أتخذ ربا وهو رب كل شيء في السماوات والأرض ولا تكسب كل نفس إلا عليها ، يعني إلا على نفسها ولا تزر وازرة وزر أخرى ، يعني لا تحمل نفس خطيئة نفس أخرى ؛ لقلوهم للنبي صلى اللّه عليه وسلم : نحن لك الكفلاء بما أصابك من تبعة ثم إلى ربكم في الآخرة مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه في الدين أنتم وكل قبيلة في الدين تختلفون [ آية : ١٦٤ ] أنتم وكفار مكة ، نظيرها في الروم . ١٦٥الأنعام : ١٦٥ وهو الذي جعلكم . . . . . وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ، يعني من بعد هلاك الأمم الخالية ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم ، يعني بالدرجات الفضائل والرزق ؛ لقولهم للنبي صلى اللّه عليه وسلم : ما يحملك على الذي أتيتنا به إلا الحاجة ، فنحن نجمع لك أموالنا ، فنزلت : ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم ، يعني ليبتليكم فيما أعطاكم ، يقول : يبتلى بعض المؤمنين الموسر بالغنى ، ويبتلى بعض المؤمنين المعسر بالفاقة ، إن ربك سريع العقاب لمن عصاه في فاقة أو غنى ، يخوفهم كأنه قد جاء ذلك اليوم ، وإنه لغفور رحيم [ آية : ١٦٥ ] بعد التوبة . قوله : من الضأن اثنين ، يعني كبشا ونعجة . ومن المعز اثنين ، يعني تيسا وشاة . ومن الإبل اثنين ، يعني جملا وناقة . ومن البقر اثنين ، يعني ثورا وبقرة . |
﴿ ٠ ﴾