سورة هُودمقدمة مكية كلها ، غير هذه الآيات الثلاث ، فإنهن نزلن بالمدينة ، فالأولى قوله تعالى : فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك [ آية : ١٢ ] ، قوله تعالى : أوْلَيْكَ يُؤْمِنُون به . . . [ آية : ١٧ ] ، نزلت في ابن سلام وأصحابه ، و قوله : إن الْحَسنَاتِ يُذهِبْنَ السَّيئاتِ . . . [ آية : ١١٤ ] ، نزلت في رهبان النصارى ، واللّه أعلم ، وهي مائة وثلاث وعشرون آية بسم اللّه الرحمن الرحيم ١هود : ١ الر كتاب أحكمت . . . . . الر كتابُ أُحكمت ءايتُهُ من الباطل ، يعنى آيات القرآن ثم فصلت ، يعنى بينت أمره ، ونهيه ، وحدوده ، وأمر ما كان وما يكون من لدن حكيم ، يقول : من عند حكيم لأمره خبير [ آية : ١ ] بأعمال الخلائق . ٢هود : ٢ ألا تعبدوا إلا . . . . . ألا تعبدوا ، يعنى ألا توحدوا إلا اللّه ، يعنى كفار مكة إنني لكم منه ، يعنى من اللّه نذير من عذابه وبشير [ آية : ٢ ] بالجنة . ٣هود : ٣ وأن استغفروا ربكم . . . . . وأن استغفروا ربكم من الشرك ثم توبوا إليه منه يمتعكم متاعا حسنا ، يعنى يعيشكم عيشاً حسناً في الدنيا في عافية ولا يعاقبكم بالسنين ولا بغيرها إلى أجل مسمى ، يعنى إلى منتهى آجالكم ويؤت في الآخرة كل ذي فضل في العمل في الدنيا فضله في الدرجات وإن تولوا ، يعنى تعرضوا عن الإيمان ، فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير [ آية : ٣ ] ، يعني عظيم ، فلم يتوبوا ، فحبس اللّه عنهم المطر سبع سنين ، حتى أكلوا العظام ، والموتى ، والكلاب ، والجيف . ٤هود : ٤ إلى اللّه مرجعكم . . . . . إلى اللّه مرجعكم في الآخرة لا يغادر منكم أحد وَهُوَ عَلَى كُلِ شَيء من البعث وغيره قدير [ آية : ٤ ] . ٥هود : ٥ ألا إنهم يثنون . . . . . ألا إنهم يثنون صدورهم ، يعنى يلوون ، وذلك أن كفار مكة كانوا إذا سمعوا القرآن ، نكسوا رءوسهم على صدورهم كراهية استماع القرآن ليستخفوا منه يعنى من النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فاللّه قد علم ذلك منهم ، ثم قال : ألا حين يستغشون ثيابهم ، يعنى يعلم ذلك يعلم اللّه حين يغطون رءوسهم بالثياب ما يسرون في قلوبهم ، وذلك الخفي وما يعلنون بألسنتهم إنه عليم بذات الصدور [ آية : ٥ ] ، يعنى بما في القلوب من الكفر وغيره . ٦هود : ٦ وما من دابة . . . . . وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها حيثما توجهت ويعلم مستقرها بالليل ومستودعها حيث تموت كل نفس كل المستقر والمستودع في كتاب مبين [ آية : ٦ ] ، يقول : هو بين في اللوح المحفوظ . ٧هود : ٧ وهو الذي خلق . . . . . وهو الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، ثم استوى على العرش ، يعنى استقر على العرش وكان عرشه على الماء قبل خلق السموات والأرض ، وقبل أن يخلق شيئاً ليبلوكم ، يعنى خلقهما لأمر هو خلقهما وما فيهما من الآيات ليختبركم أيكم أحسن عملا لربه ولئن قلت يا محمد لكفار مكة : إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا من أهل مكة : إن هذا إلا سحر مبين [ آية : ٧ ] ، يقول : ما هذا الذي يقول محمد صلى اللّه عليه وسلم إلا سحر بين ، حين يخبرنا أنه يكون البعث بعد الموت . ٨هود : ٨ ولئن أخرنا عنهم . . . . . ولئن أخرنا عنهم العذاب ، يعنى كفار مكة إلى أمة معدودة ، يعنى إلى سنين معلومة ، نظيرها في يوسف : وَاذكرَ بَعْدَ أُمَّةٍ [ يوسف : ٤٥ ] ، يعنى بعد سنين ، يعنى القتل ببدر ليقولن يا محمد ما يحبسه عنا ، يعنون العذاب تكذيباً ، يقول اللّه : ألا يوم يأتيهم العذاب ليس مصروفا عنهم ، يقول : ليس أحد يصرف العذاب عنهم وحاق ، يعنى ودار بهم ما كانوا به ، يعنى بالعذاب يستهزِءُونَ [ آية : ٨ ] بأنهُ ليس بنازل بهم . ٩هود : ٩ ولئن أذقنا الإنسان . . . . . ولئن أذقنا الإنسان ، يعنى آيتنا الإنسان منا رحمة يعنى نعمة ، يقول : أعطينا الإنسان خيراً وعافية ثُم نَزعناها مِنهُ إِنَّهُ لَيُئوسٌ عند الشدة من الخير ، كفور [ آية : ٩ ] للّه في نعمة الرخاء . ١٠هود : ١٠ ولئن أذقناه نعماء . . . . . ولئن أذقناه نعماء ، يقول : ولئن آتيناه خيراً وعافية بعد ضراء مسته ، يقول : بعد شدة وبلاء أصابه ، يعنى الكافر ليقولن ذهب السيئات عني الضراء الذي كان نزل به إنه لفرح ، يعنى لبطر في حال الرخاء والعافية ، ثم قال : فخور [ آية : ١٠ ] في نعم اللّه عز وجل ، إذ لا يأخذها بالشكر . ١١هود : ١١ إلا الذين صبروا . . . . . ثم استثنى ، فقال : إلا الذين صبروا على الضر وعملوا الصالحات ليسوا كذلك أولئك لهم مغفرة لذنوبهم وأجر كبير [ آية : ١١ ] ، يعنى وأجر عظيم في الجنة . ١٢هود : ١٢ فلعلك تارك بعض . . . . . فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك ، وذلك أن كفار قريش قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم في يونس : ائت بقرآن غير هذا ، ليس فيه ترك عبادة آلهتنا ولا عيبها أو بدله [ يُونس : ١٥ ] أنت من تلقاء نفسك ، فهم النبي صلى اللّه عليه وسلم أن لا يسمعهم عيبها رجاء أن يتبعوه ، فأنزل اللّه تعالى : فَلعَك تَاركُ بَعضَ مَا يُوحَى إليكَ ، يعنى ترك ما أنزل إليك من أمر الآلهة وضائق به صدرك في البلاغ ، أراد أن يحرضه على البلاغ ، أن يقولوا لولا ، يعنى هلا أنزل عليه كنز ، يعنى المال من السماء فيقسمه بيننا ، أو جاء معه ملك يعينه ويصدقه ب قوله : إن كان محمد صادقاً في أنه رسول ، ثم رجع إلى أول هذه الآية ، فقال : بلغ يا محمد إنَّما أَنت نَذيرٌ واللّه عَلَى كُل شَيءٍ وَكِيلُ [ آية : ١٢ ] ، يعنى شهيد بأنك رسول اللّه تعالى . ١٣هود : ١٣ أم يقولون افتراه . . . . . أم ، يعنى بل يقولون إن محمداً افتراه ، إنما يقول محمد هذا القرآن من تلقاء نفسه قل لكفار مكة : فأتوا بعشر سور مثله مفتريات ، يعنى مختلفات مثله ، يعنى مثل القرآن وادعوا ، يعنى واستعينوا عليه من استطعتم من الآلهة التي تعبدون من دون اللّه إن كنتم صادقين [ آية : ١٣ ] بأن محمداً تقوله من تلقاء نفسه . قال في هذه السورة : فأتوا بعشر سور مثله مفتريات ، فلم يأتوا ، ثم قال في سورة يونس : فأتوا بسورة مثله [ يونس : ٣٨ ] واحدة ، وفي البقرة أيضاً : فأتوا بسورة من مثله [ البقرة : ٢٣ ] ، فقال اللّه في التقديم : ولن تفعلوا البتة أن تجيئوا بسورة : فإن لم تفعلوا [ البقرة : ٢٤ ] ، يعنى فإذا لم تفعلوا ، فاتقوا النار التي أعدت للكافرين ، ١٤هود : ١٤ فإن لم يستجيبوا . . . . . فإلَّم يَستَجِيبُواْ لَكُم ، يعنى النبي صلى اللّه عليه وسلم وحده ، يقول : فإن لم تفعلوا ذلك يا محمد ، فقل لهم : يا معشر كفار مكة : فاعلموا أنما أنزل هذا القرآن بعلم اللّه ، يعنى بإذن اللّه ، وقراءة ابن مسعود : أنما أنزل بإذن اللّه و اعلموا وأن لا إله إلا هو بأنه ليس له شريك ، إن لم يجيئوا بمثل هذا القرآن قل لهم : فهل أنتم مسلمون [ آية : ١٤ ] ، يعنى مخلصين بالتوحيد . ١٥هود : ١٥ من كان يريد . . . . . من كان من الفجار يريد بعمله الحسن الحيوة الدُّنيا وزينتها لا يريد وجه اللّه نوف ، يعني نوفي إليهم ثواب أعمالهم فيها ، يعنى في الدنيا من الخير والرزق ، نظيرها في حم عسق ، ثم قال : وهم فيها لا يبخسون [ آية : ١٥ ] نسختها الآية التي في بني إسرائيل : عجلنا له فيها ما نشاء [ الإسراء : ١٨ ] ، يقول : وهم في الدنيا لا ينقصون من ثواب أعمالهم . ١٦هود : ١٦ أولئك الذين ليس . . . . . ثم أخبر بمنزلتهم في الآخرة ، فقال : أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها ، يقول : بطل في الآخرة ما عملوا في الدنيا وباطل ما كانوا يعملون [ آية : ١٦ ] ، فلم يقبل منهم أعمالهم ؛ لأنهم عملوها للدنيا ، فلم تنفعهم . ١٧هود : ١٧ أفمن كان على . . . . . أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه ، يعنى القرآن شاهد منه ، يقول : يقرؤه جبريل ، عليه السلام ، على محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وهو شاهد لمحمد أن الذي يتلوه محمد من القرآن أنه جاء من اللّه تعالى . ثم قال : ومن قبله كتاب موسى ، يقول : ومن قبل كتابك يا محمد ، قد تلاه جبريل على موسى ، يعنى التوراة إماما يقتدي به ، يعنى التوراة ورحمة لهم من العذاب ، لمن آمن به أولئك يؤمنون به ، يعنى أهل التوراة يصدقون بالقرآن كقوله في الرعد : والذين آتيناهُم الْكتابَ يفْرحُونَ [ الرعد : ٣٦ ] ، يعنى بقرآن محمد صلى اللّه عليه وسلم أنه من اللّه عز وجل . ومن يكفر به بالقرآن من الأحزاب ، يعنى ابن أمية ، وابن المغيرة ، وابن عبد اللّه المخزومي ، وآل أبي طلحة بن عبد العزى فالنار موعده ، يقول : ليس الذي عمل على بيان من ربه كالكافر بالقرآن موعده النار ليسوا بسواء فلا تك في مرية منه ، وذلك أن كفار قريش ليس القرآن من اللّه ، إنما تقوله محمد ، وإنما يلقيه الري ، وهو شيطان يقال له : الري ، على لسان محمد صلى اللّه عليه وسلم ، فأنزل اللّه : فلا تك في مرية منه ، يقول : في شك من القرآن إنه الحق من ربك ، إنه من اللّه عز وجل ، وأن القرآن حق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون [ آية : ١٧ ] ، يعنى ولكن أكثر أهل مكة لا يصدقون بالقرآن أنه من عند اللّه تعالى . ١٨هود : ١٨ ومن أظلم ممن . . . . . ثم ذكرهم ، فقال : ومن أظلم ، يقول : فلا أحد أظلم ممن افترى ، يعنى تقول على اللّه كذبا بأن معه شريكاً أولئك الكذبة يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد ، يعنى الأنبياء ، ويقال : الحفظة ، ويقال : الناس ، مثل قول الرجل : على رءوس الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ، يعنى بالأشهاد ، يعنى الأنبياء ، فإذا عرضوا على ربهم ، قالت الأنبياء : نحن نشهد عليكم أنا شهدنا بالحق فكذبونا ، ونشهد أنهم كذبوا على ربهم ، و إن مع اللّه شريكاً ألا لعنة اللّه على الظالمين [ آية : ١٨ ] ، يعنى المشركين ، نظيرها في الأعراف : أن لعنة اللّه على الظالمين [ الأعراف : ٤٤ ] . ١٩هود : ١٩ الذين يصدون عن . . . . . ثم أخبر عنهم ، فقال : الذين يصدون عن سبيل اللّه ، يعنى دين الإسلام ، ويبغونها عوجا ، يقول : ويريدون بملة الإسلام زيفاً وهم بالآخرة ، يعنى بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال هُمْ كَافِرُونَ [ آية : ١٩ ] ، يعنى بأنه ليس بكائن . ٢٠هود : ٢٠ أولئك لم يكونوا . . . . . فقال : أولئك لم يكونوا معجزين ، يعنى بسابقي اللّه في الأرض هرباً حتى يجزيهم بأعمالهم الخبيثة وما كان لهم من دون اللّه من أولياء ، يعنى أقرباء يمنعونهم من اللّه يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع ، يعنى ما كانوا على سمع إيمان بالقرآن وما كانوا يبصرون [ آية : ٢٠ ] الإيمان بالقرآن ؛ لأن اللّه جعل في آذانهم وقراً ، وعلى أبصارهم غشاوة . ٢١هود : ٢١ أولئك الذين خسروا . . . . . فقال : أولئك الذين خسروا أنفسهم ، يعنى غبنوا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون [ آية : ٢١ ] . ٢٢هود : ٢٢ لا جرم أنهم . . . . . لا جرم حقاً أنهم في الآخرة هم الأخسرون [ آية : ٢٢ ] . ٢٣هود : ٢٣ إن الذين آمنوا . . . . . ثم أخبر عن المؤمنين وما أعد لهم ، فقال : إِن الَّذين ءامنُواْ وَعَملُواْ الصالِحات وأَخبتُواْ إِلى رَبِهِم ، يعنى وأخلصوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون [ آية : ٢٣ ] لا يموتون . ٢٤هود : ٢٤ مثل الفريقين كالأعمى . . . . . ثم ضرب مثلاً للمؤمنين والكافرين ، فقال : مثل الفريقين المؤمن والكافر ، كالأعمى عن الإيمان لا يبصر والأصم عن الإيمان ، فلا يسمعه ، يعنى الكافر ، ثم ذكر المؤمن ، فقال : والبصير والسميع للإيمان هل يستويان مثلا ، يقول : هل يستويان في الشبه ، ف لا ، فقال : أفلا تذكرون [ آية : ٢٤ ] أنهما لا يستويان فتعتبروا . ٢٥هود : ٢٥ ولقد أرسلنا نوحا . . . . . ولما كذب كفار مكة محمداً بالرسالة ، أخبر اللّه محمداً ، عليه السلام ، أنه أرسله رسولاً كما أرسل نوحا ، وهودا ، وصالحاً ، ولوطاً ، وشعيباً ، في هذه السورة ، فقال : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه ، فقال لهم : إني لكم نذير من العذاب في الدنيا مبين [ آية : ٢٥ ] ، يعنى بين ، نظيرها في سورة نوح . ٢٦هود : ٢٦ أن لا تعبدوا . . . . . ثم قال : أن لا تعبدوا إلا اللّه إني أخاف عليكم في الدنيا عذاب يوم أليم [ آية : ٢٦ ] ، يعنى وجيع . ٢٧هود : ٢٧ فقال الملأ الذين . . . . . فقال الملأ الأشراف الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا ، يعنى إلا آدمياً مثلنا لا تفضلنا بشيء وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا ، يعنى الرذالة من الناس السفلة بادي الرأي ، يعنى بدا لنا أنهم سفلتنا وما نرى لكم علينا من فضل في مُلك ولا مال ولا شيء فنتبعك ، يعنون نوحاً بل نظنكم يعنى نحسبك من ال كاذبين [ آية : ٢٧ ] حين تزعم أنك رسول نبي . ٢٨هود : ٢٨ قال يا قوم . . . . . قال يا قَومِ أَرءيتُم إِن كُنتُ عَلَى بينَةٍ مِن رَّبِي ، يعنى بيان من ربي وءاتني رحمةً ، يعنى وأعطاني نعمة من عنده ، وهو الهدى فعميت عليكم ، يعنى فخفيت عليكم الرحمة أنلزمكموها وأنتم لها ، يعنى الرحمة ، وهي النعمة والهدى ، كارهون [ آية : ٢٨ ] . ٢٩هود : ٢٩ ويا قوم لا . . . . . وَيا قَومٍ لا أَسئلُكُم عَليهِ مَالاً ، يعنى جُعلاً على الإيمان إن أجري ، يعنى ما جزائي إلا على اللّه في الآخرة وَمَا أنا بِطَارِدِ الذَّين ءامَنُواْ ، يعنى وما أنا بالذي لا أقبل الإيمان من السفلة عندكُم ، ثم قال : إِنَّهُم مُلَقُواْ رَبِهِم ، فيجزئهم بإيمانهم ، ك قوله : إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون [ الشعراء : ١١٣ ] ، يعنى لو تعلمون إذا لقوه ولكني أراكم قوما تجهلون [ آية : ٢٩ ] ما آمركم به ، وما جئت به . ٣٠هود : ٣٠ ويا قوم من . . . . . ويا قوم من ينصرني يمنعني من اللّه إن طردتهم ، يعنى إن لم أقبل منهم الإيمان ، أي من السفلة أفلا ، يعنى أفهلا تذكرون [ آية : ٣٠ ] أنه لا مانع لأحد من اللّه . ٣١هود : ٣١ ولا أقول لكم . . . . . ولا أقول لكم عندي خزائن اللّه ، يعنى مفاتيح اللّه بأنه يهدي السفلة دونكم ، ولا أعلم الغيب ، يقول : ولا أقول لكم عندي غيب ذلك إن اللّه يهديهم ، وذلك قول نوح في الشعراء : وما علمي بما كانوا يعملون [ الشعراء : ١١٢ ] ، ثم قال لهم نوح : ولا أقول لكم إني ملك من الملائكة ، إنما أنا بشر ، لقولهم : ما نراك إلا بشرا مثلنا [ هود : ٢٧ ] إلى آخر الآية . ولا أقول للذين تزدري أعينكم ، يعنى السفلة لن يؤتيهم اللّه خيرا ، يعنى إيماناً ، وإن كانوا عندكم سفلة اللّه أعلم بما في أنفسهم ، يعنى بما في قلوبهم ، يعنى السفلة من الإيمان ، قال نوح : إني إذا لمن الظالمين [ آية : ٣١ ] إن لم أقبل منهم الإيمان . ٣٢هود : ٣٢ قالوا يا نوح . . . . . قَالواْ يا نُوحُ جَادلتَنَا ، يعنى ماريتنا فأكثرت جدالنا ، يعنى مراءنا ، فأتنا بما تعدنا من العذاب إن كنت من الصادقين [ آية : ٣٢ ] بأن العذاب نازل بنا ، لقوله في هذه الآية الأولى : إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم [ هود : ٢٦ ] . ٣٣هود : ٣٣ قال إنما يأتيكم . . . . . وذلك أن اللّه أمر نوحاً أن ينذرهم العذاب في سورة نوح فكذبوه ، ف فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ، بأن العذاب نازل بنا ، فرد عليهم نوح : قال إنما يأتيكم به اللّه إن شاء ، وليس ذلك بيدي وما أنتم بمعجزين [ آية : ٣٣ ] ، يعنى بسابقي اللّه بأعمالكم الخبيثة حتى يجزيكم بها . ٣٤هود : ٣٤ ولا ينفعكم نصحي . . . . . ولا ينفعكم نصحي فيما أحذركم من العذاب إن أردت أن أنصح لكم إن كان اللّه يريد أن يغويكم ، يعنى يضلكُم عن الهدى ، ف هو ربكم ، ليس له شريك ، وإليه ترجعون [ آية : ٣٤ ] بعد الموت ، فيجزيكم بأعمالكم . ٣٥هود : ٣٥ أم يقولون افتراه . . . . . ثم ذكر اللّه تعالى كفار أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم من أهل مكة ، فقال : أُم يَقُولُونَ افترَهُ ، نظيرها في حم الزخرف : أم أنا خير ، يعنى بل أنا خير مِّن هَذا الذي هُوَ مَهِين [ الزخرف : ٥٢ ] . افتراَهُ ، محمد يقول هذا القرآن من تلقاء نفسه ، وليس من اللّه قُل إِن افتريتُهُ ، يعنى تقولته من تلقاء نفسي فَعَلىَ إِجرامِي ، فعلى خطيئتي بافترائي على اللّه وَأناْ بَريءٌ مِمَّا تُجرِمُونَ [ آية : ٣٥ ] ، يعنى بريء من خطاياكم ، يعنى كفركم باللّه عز وجل . ٣٦هود : ٣٦ وأوحي إلى نوح . . . . . ثم ذكر نوحاً ، فقال : وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤمِنَ مِن قومِكَ إِلا مَن قَد ءامن ، يعنى إلا من صدق بتوحيد اللّه فَلاَ تَبتَئِس ، يعنى فلا تحزن بِمَا كَانُواْ يَفعلُونَ [ آية : ٣٦ ] ، يعنى بكفرهم باللّه عز وجل . ٣٧هود : ٣٧ واصنع الفلك بأعيننا . . . . . واصنَعِ الفُلِكَ ، يعنى السفينة واعمل فيها بِأَعْيُنَنا ، يعنى بعلمنا ، وَوحِينا كما نأمرك ، فعملها نوح في أربعمائة سنة ، وكانت السفينة من ساج ، ولا تُخاطِبني ، يقول : ولا تراجعني في الذَّينَ ظَلمُواْ ، يعنى الذين أشركوا ، وهو ابنه كنعان بن نوح ، فإنه من الذين ظلموا إِنَّهُم مُغَرقُونَ [ آية : ٣٧ ] لقول نوح : رَبِّ إِن ابني مِن أَهلي وَإن وَعدَكَ الحَقُ وَأَنْتَ أَحكمُ الحاكِمينَ [ آية : ٤٥ ] . ٣٨هود : ٣٨ ويصنع الفلك وكلما . . . . . وَيَصنَعُ الفُلِكَ ، يعنى يعمل فيها وَكُلَّما مَرَّ عَلَيهِ ، يعنى كلما أتى عليه ملأٌ ، يعنى أشراف مِن قَومِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ حين يزعم أنه يصنع بيتاً يسير على الماء ، ولم يكونوا رأوا سفينة قط قَالَ لهم نوح : إِن تسخَرُواْ مِنَّا لصنعنا السفينة فإنا نَسخرُ مِنكم إذا نزل بكم الغرق كما تَسخرُونَ [ آية : ٣٨ ] . ٣٩هود : ٣٩ فسوف تعلمون من . . . . . فسوفَ تَعلَمُونَ هذا وعيد مَن يأتيه عَذَابٌ يُخزيهِ ، يعنى بذلة ، يعنى الغرق ، ويحل عليه ، ويجب عليه عذاب مقيم [ آية : ٣٩ ] ، يعنى في الآخرة دائماً لا يزول عن أهله . ٤٠هود : ٤٠ حتى إذا جاء . . . . . حتى إذا جاء أمرنا ، يعنى قولنا في نزول العذاب بهم وفار التنور ، فار الماء من التنور الذي يخبز فيه ، وكان بأقصى دار نوح بالشام بعين وردة قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين ، يعنى صنفين اثنين ذكراً وأنثى ، فهو زوجان ، ولولا أنه قال : اثنين ، لكان الزوجان أربعة و احمل وأهلك واسمها والغة ، واسم امرأة لوط والهة ، في السفينة إلا من سبق عليه القول ، يعنى العذاب في اللوح المحفوظ من أهلك ، يعنى كنعان بن نوح ، فلا تحملهم معك ، فاستثنى من أهله ابنه وامرأته وَمِن ءامَنَ ، يعني ومن صدق بتوحيد اللّه ، فاحمله في السفينة ، يقول اللّه تعالى : وَمَا ءامنَ مَعَهُ مع نوح إلا قليل [ آية : ٤٠ ] ، يقال : بأنهم أربعون رجلاً وأربعون امرأة عددهُم ثمانون نفساً ، واسم القرية اليوم قرية الثمانين ، وهي بالجزيرة قريبة من الموصل وهي بافردى . ٤١هود : ٤١ وقال اركبوا فيها . . . . . وقال اركبوا فيها في السفينة بسم اللّه إذا ركبتموها ، فقولوا : بسم اللّه مجراها حين تجري ومرساها حين تحبس إن ربي لغفور للذُنوب ، رحيم [ آية : ٤١ ] بنا حين نجانا من العذاب ٤٢هود : ٤٢ وهي تجري بهم . . . . . وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه كنعان سبع مرات ، وكان ابنه من صلبه وكان في معزل كان معتزلاً عنه يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين [ آية : ٤٢ ] فتغرق معهم . ٤٣هود : ٤٣ قال سآوي إلى . . . . . قال ابنه سَئاوىَ ، يعنى سأنضم إلى جبل أصعده يعصمني ، يعني يمنعني من غرق الماء قال نوح : لا عاصم اليوم ، يعنى لا مانع اليوم من أمر اللّه ، يعنى به الغرق ، ثم استثنى ، فقال : إلا من رحم ربي ، يقول : من عصم من المؤمنين فركب معي في السفينة ، فإنه لن يغرق ، يقول اللّه تعالى : وحال ، يعنى وحجز بينهما الموج ، يعنى بين نوح وابنه كنعان فكان من المغرقين [ آية : ٤٣ ] ، وغضب اللّه على كنعان حين ظن أن الجبل يمنعه من اللّه فلا يغرق . ٤٤هود : ٤٤ وقيل يا أرض . . . . . وقيل يا أرض ابلعي ماءك بعدما غرقتهم أجمعين ، فابتلعت الأرض ما خرج منها من الماء ويا سماء أقلعي ، يعني أمسكي ، قال : فلم تقع قطرة وغيض الماء ، يعنى ونقص الماء وطهرت الجبال وقضي الأمر ، يعنى العذاب بالغرق على الكافرين فغرقوا واستوت السفينة على الجودي شهراً ، وهو جبل قريب من الموصل ؛ لأن الجبال تطاولت وتواضع الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين [ آية : ٤٤ ] ، يعنى المشركين ، يعنى بالبعد الهلاك . ٤٥هود : ٤٥ ونادى نوح ربه . . . . . ونادى نوح ربه ، يعنى دعا نوح ربه ، فيها تقديم فقال رب إن ابني من أهلي الذين وعدتني أن تنجيهم من الغرق وإن وعدك الحق ، يعنى الصدق ، ولا خلاف له في النجاة وأنت أحكم الحاكمين [ آية : ٤٥ ] ، يعنى خير الحاكمين لا تجور في القضاء . ٤٦هود : ٤٦ قال يا نوح . . . . . قال اللّه تعالى : يا نوح إنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم إنه عمل غير صالح ، يعنى عمل شركاً فَلا تسئلنِ مَا ليسَ لَكَ بِهِ عِلمُ إِني أَعظُكَ ، يعني أؤدبك أن تكون من الجاهلين [ آية : ٤٦ ] لسؤالك إياي . ٤٧هود : ٤٧ قال رب إني . . . . . قَالَ رَبِ إِني أَعوذُ بِكَ أَن أَسئلَكَ بعد النهي ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي ذنبي ، يعنى مقالي وترحمني فلا تعذبني أكن من الخاسرين [ آية : ٤٧ ] في العقوبة . ٤٨هود : ٤٨ قيل يا نوح . . . . . قيل يا نوح اهبط من السفينة بسلام منا ، فسلمه اللّه ومن معه من الغرق ، ثم قال : وبركات عليك وعلى أمم ممن معك في السفينة ، يعنى بالبركة أنهم توالدوا وكثروا بعدما خرجوا من السفينة ، ثم قال : وأمم سنمتعهم في الدنيا إلى آجالهم ، ثم يمسهم منا يقول : يصيبهم منا عذاب أليم [ آية : ٤٨ ] ، يعنى وجيع ، يعنى بالأمم قوم هود ، وصالح وإبراهيم ولوط ، وشعيب ، الذين أهلكهم اللّه في الدنيا بالعذاب بعد قوم نوح . ٤٩هود : ٤٩ تلك من أنباء . . . . . ثم قال : تلك القصة من أنباء ، يعنى من أحاديث الغيب غاب عنك ، لم تشهدها يا محمد ، ولم تعلمها إلا بوحينا نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت يا محمد ولا قومك من قبل هذا القرآن حتى أعلمناك أمرهم في القرآن ، يعنى الأمم الخالية قوم نوح ، وهود ، وصالح ، وغيرهم فاصبر على تكذيب كفار مكة ، وعلى أذاهم إن العاقبة ، يعنى الجنة للمتقين [ آية : ٤٩ ] الشرك . ٥٠هود : ٥٠ وإلى عاد أخاهم . . . . . وإلى عاد أرسلنا أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا اللّه ، يعني وحدوا اللّه ما لكم من إله غيره ، يعنى ليس لكم رب غيره إن أنتم ، يعنى ما أنتم إلا مفترون [ آية : ٥٠ ] الكذب حين تقولون إن للّه شريكاً ، وذلك أنهم قالوا لأنبيائهم : تريدون أن تملكوا علينا في أموالنا ، فذلك قول الأنبياء لهم : يا قوم لا أسألكم عليه أجرا [ الشعراء : ١٢٧ ] ، يعنى ما جزائي إلا على اللّه . ٥١هود : ٥١ يا قوم لا . . . . . وذلك قول قوم هود : يقوم لاَ أَسئلكُم عَليهِ أَجراً إِن أجري ، يعنى ما جزائي إلا على الذي فطرني ، يعنى خلقني أفلا تعقلون [ آية : ٥١ ] أنهُ ليس مع اللّه شريك . ٥٢هود : ٥٢ ويا قوم استغفروا . . . . . ويقومِ استغفرواْ رَبِكُم من الشرك ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ، يعنى المطر متتابعاً ، وقد كان اللّه تعالى حبس عنهم المطر ثلاث سنين وحبس عنهم الولد ، فمن ثم قال : ويزدكم قوة إلى قوتكم ، يعنى عدداً إلى عددكم وتتوالدون وتكثرون ، ثم قال لهم هود : ولا تتولوا مجرمين [ آية : ٥٢ ] ، يقول : ولا تعرضوا عن التوحيد مشركين . ٥٣هود : ٥٣ قالوا يا هود . . . . . قَالوا يهودُ مَا جِئتنَا بِبينَةٍ ، يعنى ببيان أنك رسول إلينا من اللّه وَمَا نَحنُ بِتارِكي ءالِهَتِنَا عَن قَولِكَ ، يعنون عبادة الأوثان وما نحن لك بمؤمنين [ آية : ٥٣ ] ، يعنى بمصدقين بأنك رسول . ٥٤هود : ٥٤ إن نقول إلا . . . . . أن ، يعنى ما نقول إلا اعتراك ، يعنون جنوناً أصابك به بَعضُ ءالهتنا بسُوءٍ ، يعنون أنه يعتريك من آلهتنا الأوثان بجنون أو بخبل ، ولا نحب أن يصيبك أو يعتريك ذلك فاجتنبها سالماً . قال عبد اللّه : قال الفراء : الخبل مُسكنةُ الباء العلة المانعة من الحركة المعطلة للبدن ، والخبل : الجنون محركة الباء ، فرد عليهم هود : قَالَ إِني أُشهِدُ اللّه واشهَدُواْ أَني بَريءٌ مِمَّا تُشرِكُونَ [ آية : ٥٤ ] . ٥٥هود : ٥٥ من دونه فكيدوني . . . . . من دونه من الآلهة فكيدوني جميعا أنتم والآلهة ثم لا تنظرون [ آية : ٥٥ ] ، يعنى ثم لا تناظرون ، يعنى لا تمهلون . ٥٦هود : ٥٦ إني توكلت على . . . . . إني توكلت على اللّه ، يعنى وثقت باللّه ربي وربكم حين خوفوه آلهتهم أنها تصيبه ما من دابة ، يعنى ما من شيء الآ و هُوَ ءاخِذٌ بِنَاصِيتهَا ، يقول : إلا اللّه يميتها إن ربي على صراط مستقيم [ آية : ٥٦ ] ، يعنى على الحق المستقيم . ٥٧هود : ٥٧ فإن تولوا فقد . . . . . فإن تولوا ، يعنى فإن تعرضوا عن الإيمان فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم من نزول العذاب بكم في الدنيا ويستخلف ربي بعد هلاككم قوما غيركم أمثل وأطوع للّه منكم ولا تضرونه شيئا يقول : ولا تنقصونه من ملكه شيئاً ، إنما تنقصون أنفسكم إن رَبِي عَلى كُل شَيءٍ من أعمالكم حفيظ [ آية : ٥٧ ] . ٥٨هود : ٥٨ ولما جاء أمرنا . . . . . ولما جاء أمرنا ، يعنى قولنا في نزول العذاب نجينا هُوداً والذينَ ءامَنُوا مَعهُ من العذاب برحمة منا ، يعنى بنعمة منا عليهم ونجيناهم من عذاب غليظ [ آية : ٥٨ ] ، يعنى شديد ، وهي الريح الباردة لم تفتر عنهم حتى أهلكتهم ٥٩هود : ٥٩ وتلك عاد جحدوا . . . . . وتِلكَ عادٌ جَحَدُواْ بِئايتِ رَبِهم ، يعنى كفروا بعذاب اللّه بأنه غير نازل بهم في الدنيا وعصوا رسله ، يعنى هوداً وحدهُ واتبعوا أمر كل جبار عنيد [ آية : ٥٩ ] ، يعنى متعظماً عن التوحيد ، فهم الأتباع ، اتبعوا قول الكبراء في تكذيب هود ، عنيد ، يعنى معرضاً عن الحق ، وكان هذا القول من الكبراء للسفلة في سورة المؤمنين ما هذا ، يعنى هوداً إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون [ المؤمنون : ٣٣ ] من الشراب . وقال للأتباع : ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون [ المؤمنون : ٣٤ ] ، يعنى لعجزة ، فهذا قول الكبراء للسفلة ، فاتبعوهم على قولهم ، ٦٠هود : ٦٠ وأتبعوا في هذه . . . . . وَأُتبِعُو في هذه الدنيا لَعنةً ، يعنى العذاب ، وهي الريح التي أهلكتهم ويوم القيامة ، يعنى عذاب النار ، ألا إن عادا كفروا ربهم ، يعنى بتوحيد ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود [ آية : ٦٠ ] في الهلاك . ٦١هود : ٦١ وإلى ثمود أخاهم . . . . . وإلى ثمود أرسلنا أَخاهُم صَلِحاً ليس بأخيهم في الدين ، ولكنه أخوهم في النسب ، وهو صالح بن آسف قَالَ يقومِ اعبُدواْ اللّه ، يعنى وحدوا اللّه ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض ، يعنى هو خلقكم من الأرض واستعمركم فيها ، يعنى وعمركم في الأرض فاستغفروه من الشرك ثم توبوا إليه منه إن ربي قريب منكم في الاستجابة مجيب [ آية : ٦١ ] للدعاء ، ك قوله : فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان [ البقرة : ١٨٦ ] . ٦٢هود : ٦٢ قالوا يا صالح . . . . . قَالوا يصلحُ قد كُنت فينا مَرجُواً قَبل هَذا ، يعنى مأمولاً قبل هذا كنا نرجو أن ترجع إلى ديننا ، فما هذا الذي تدعونا إليه ؟ أَتنهنا أن نَّعبُدَ ما يَعبُدُ ءاباؤُنَا من الآلهة ، وإننا لفي شك مما تدعونا إليه من التوحيد مريب [ آية : ٦٢ ] ، يعنى بالمريب أنهم لا يعرفون شكهم . ٦٣هود : ٦٣ قال يا قوم . . . . . قال صالح يقوم أَرءيتُم إِن كُنتُ عَلَى بينَةٍ مِن رَّبِي ، يعنى على بيان من ربي وءاتنى مِنهُ رَحمةً ، يقول : أعطاني نعمة من عنده ، وهو الهدى فمن ينصرني ، يعنى فمن يمنعني من اللّه إن عصيته ، يعنى إن رجعت إلى دينكم ، لقولهم صالح قد كنت فينا مرجو قبل هذا الذي تدعونا إليه فَما يزيدونني غير تخسير [ آية : ٦٣ ] ، يقول : فما تزيدونني إلا خساراً . قال عبد اللّه : قال الفراء : المعنى كلما دعوتكم زدتموني تباعداً مني ، فأنتم بذلك تخسرون ، يعنى تهلكون . ٦٤هود : ٦٤ ويا قوم هذه . . . . . ويقوم هذه ناقةُ اللّه لَكُم ءاية ، يعنى عبرة فذروها تأكل في أرض اللّه ، لا تكلفكم مؤنة ، ولا علفاً ولا تمسوها بسوء ، يقول : ولا تصيبوها بعقر ، فيأخذكم في الدنيا عذاب قريب [ آية : ٦٤ ] منكم ، لا تمهلون حتى تعذبوا . ٦٥هود : ٦٥ فعقروها فقال تمتعوا . . . . . فعقروها ليلة الأربعاء بالسيف فماتت فقال لهم صالح : تمتعوا في داركم ، يعنى محلتكم في الدنيا ثلاثة أيام ذلك العذاب وعد من اللّه غير مكذوب [ آية : ٦٥ ] ليس فيه كذب بأن العذاب نازل بهم بعد ثلاثة الأيام فأهلكهم اللّه صبيحة يوم الرابع يوم السبت . ٦٦هود : ٦٦ فلما جاء أمرنا . . . . . فذلك قوله : فلما جاء أمرنا ، يعنى قولنا في العذاب نجينا صَلحاً والَّذينَ ءامَنُواْ مَعَهُ بِرحمةٍ مِنا ، يعنى بنعمة عليهم منا ومن خزي يومئذ ، يعنى ونجيناهم من عذاب يومئذ إن ربك هو القوي في نصر أوليائه العزيز [ آية : ٦٦ ] ، يعنى المنيع في ملكه وسلطانه حين أهلكهم . ٦٧هود : ٦٧ وأخذ الذين ظلموا . . . . . وأخذ الذين ظلموا ، يعنى الذين أشركوا الصيحة ، صيحة جبريل ، عليه السلام فأصبحوا في ديارهم جاثمين [ آية : ٦٧ ] ، يعنى في منازلهم خامدين . ٦٨هود : ٦٨ كأن لم يغنوا . . . . . كَأن لم يغنواْ فِها ، يقول : كأنهم لم يكونوا في الدنيا قط أَلا إِن ثَمُوداً كَفَرُواْ بتوحيد ربهم ألا بعدا لثمود [ آية : ٦٨ ] في الهلاك . ٦٩هود : ٦٩ ولقد جاءت رسلنا . . . . . ولقد جاءت رسلنا ، وهو جبريل ومعه ملكان وهما ملك الموت وميكائيل ، إبراهيم بالبشرى في الدنيا الولد بإسحاق ويعقوب قَالواْ سَلماً ، تحية لإبراهيم ، فسلموا على إبراهيم ، فرد إبراهيم عليهم ، ف قالَ سَلمٌ ، يقول : رد إبراهيم خيراً ، وهو يرى أنهم من البشر فما لبث أن جاء إبراهيم بعجل حنيذ [ آية : ٦٩ ] ، يعنى الحنيذ النضيج ؛ لأنه كان البقر أكثر أموالهم ، و الحنيذ الشواء الذي أنضج بحر النار من غير أن تمسه النار بالحجارة تحمى تجعل في سرب فتشوى . ٧٠هود : ٧٠ فلما رأى أيديهم . . . . . فَلما رَءا أَيدِيهُم لاَ تَصِلُ إِليهِ ، أي إلى العجل نكرهم ، يعنى أنكرهم وخاف شرهم وأوجس منهم خيفة ، يقول : فوقع عليه الخوف منهم فرعد ، قالوا ، أي قالت الملائكة : لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط [ آية : ٧٠ ] بهلاكهم ، ولوط بن حازان ، وامرأة سارة بنت حازان أخت لوط ، وإبراهيم عم لوط وختنه على أخته . ٧١هود : ٧١ وامرأته قائمة فضحكت . . . . . وامرأته ، وهي سارة قائمة وإبراهيم جالس فضحكت من خوف إبراهيم ورعدته من ثلاثة نفر ، وإبراهيم في حشمه وخدمه ، فقال جبريل ، عليه السلام ، لسارة : إنك ستلدين غُلاماً ، فذلك قوله : فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب [ آية : ٧١ ] . ٧٢هود : ٧٢ قالت يا ويلتى . . . . . قالت سارة : يويلتي ءألدُ وأنا عَجُوزٌ وهذا بَعلي شَيخاً ، وهو ابن سبعين سنة إِن هذا لَشيءُ عَجيبٌ [ آية : ٧٢ ] ، يعنى لأمر عجيب أن يكون الولد من الشيخين الكبيرين . ٧٣هود : ٧٣ قالوا أتعجبين من . . . . . قالوا ، قال جبريل لهما : أتعجَبِنَ مِن أَمرِ اللّه أن يخلق ولداً من الشيخين رحمتُ اللّه وبَرَكَتُهُ ، يعنى نعمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت ، يعنى بالبركة ما جعل اللّه منهم من الذرية إنه حميد في خلقه مجيد [ آية : ٧٣ ] ، يعنى كريم . ٧٤هود : ٧٤ فلما ذهب عن . . . . . فلما ذهب عن إبراهيم الروع ، يعنى الخوف وجاءته البشرى في الولد ويجادِلُنَا ، يعنى يخاصمنا إبراهيم في قوم لوط [ آية : ٧٤ ] ، كقوله في الرعد : يُجادلُونَ في اللّه [ الرعد : ١٣ ] ، ومثل قوله : قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا [ هود : ٣٢ ] . وخصومة إبراهيم ، عليه السلام ، أنه قال : يا رب ، أتهلكهم إن كان في قوم لوط خمسون رجلاً مؤمنين ؟ قال جبريل عليه السلام : لا ، فما زال إبراهيم ، عليه السلام ، ينقص خمسة خمسة ، حتى انتهى إلى خمسة أبيات ، ٧٥هود : ٧٥ إن إبراهيم لحليم . . . . . قال تعالى : إن إبراهيم لحليم ، يعنى لعليم اوة ، يعنى موقن منيب [ آية : ٧٥ ] مخلص . ٧٦هود : ٧٦ يا إبراهيم أعرض . . . . . وقال جبريل لإبراهيم : يا إبراهيم أعرض عن هذا الجدال حين قال : أتهلكهم إن كان فيهم كذا وكذا ، ثم قال جبريل ، عليه السلام : إنه قد جاء أمر ربك ، يعني قول ربك في نزول العذاب بهم وَإِنهُم ءاتِيهِم عَذابُ غَيرُ مَردُودٍ [ آية : ٧٦ ] ، يعنى غير مدفوع عنهم ، يعنى الخسف والحصب بالحجارة . ٧٧هود : ٧٧ ولما جاءت رسلنا . . . . . قوله : ولما جاءت رسلنا جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وملك الموت لُوطاً سىء بِهِم ، يعنى كرههم لصنيع قومه بالرجال مخافة أن يفضحوهم وَضَاقَ بِهِم ذَرعاً وَقالَ جبريل هَذا يَومُ عَصِيبٌ [ آية : ٧٧ ] ، يعنى فظيع فاش شره عليه . ٧٨هود : ٧٨ وجاءه قومه يهرعون . . . . . وَجاءهُ قَومِهُ يُهرَعُونَ إِليه ، يعنى يسرعون إليه مشاة إلى لوط ومن قبل أن نبعث لوطاً كَانواْ يَعملونَ السيِئَاتِ ، يعنى نكاح الرجال ، و قال لوط : يَقومٍ هَؤلاءِ بناتِي ريثا وزعوثا ، فتزوجوهما هُنَّ أَطهرُ لَكُم ، يعنى أحل لكم من إتيان الرجال فاتقوا اللّه في معصيته وَلا تُحزُونِ في ضَيفي أَليسَ مِنكُم رجلٌ رَشيدٌ [ آية : ٧٨ ] ، يقول : ما منكم رجل مرشد . ٧٨هود : ٧٩ قالوا لقد علمت . . . . . قَالواْ لَقَد عَلِمتَ مَا لنا في بناتِكَ مِن حَقٍ ، يعنون من حاجة وإِنكَ لَتعلَمُ مَا نُريدُ ٧٩[ آية : ٧٩ ] أنهم يريدون الأضياف . ٨١هود : ٨١ قالوا يا لوط . . . . . قَالَ لَو أَنَّ لِي بِكُم قُوةً ، يعنى بطشاً أَو ءاوِىَ إِلى رُكَنٍ شَديدٍ [ آية : ٨٠ ] ، يعنى منيع ، يعنى رهط ، يعنى عشيرة لمنعتكم مما تريدون . قَالُواْ يَلُوطُ ، قال جبريل للوط : إِنَّا رُسُلُ رَبِكَ لَن يَصِلُواْ إِليكَ بسوء ؛ لأنهم قالوا للوط : إنَّا نرى معك رجالاً سحروا أبصارنا ، فستعلم غداً ما تلقي أنت في أهلك ، فقال جبريل ، عليه السلام : إِنَّا رُسُلُ رَبِكَ لَن يَصلُواْ إليكَ فأسرِ بِأَهلكَ ، يعني امرأته وابنتيه بِقطعٍ مِنَ اليلِ ، يعنى ببعض الليل وَلا يلتفِت مِنكُم أَحدُ البتة إِلا امرأتكَ فإنها تلتفت ، يقول : لا ينظر منكم أحد وراءه ، ثم استثنى : إِلا امرأَتكَ تلتفت إِنَّهُ مُصِيبُهَا من العذاب ما أصابهم ، يعنى قوم لوط ، فالتفتت فأصابها حجر فقتلها ، ثم قال : إِن مَوعِدهُم الصُبحُ ، ثم يهلكون ، قال لوط لجبريل : عجل على بهلاكهم الآن ، فرد عليه جبريل : أَليسَ الصُّبحُ بِقَريبٍ ؟ [ آية : ٨١ ] . ٨٢هود : ٨٢ فلما جاء أمرنا . . . . . يقول اللّه : فلما جاء أمرنا ، يعنى قولنا في نزول العذاب جَعلنَا عَليهَا سَافِلها ، يعنى الخسف وَأَمطَرنَا عَلَيها ، يعنى على أهلها من كان خارجاً من المدائن الأربع حِجَارةً مِن سِجِيلٍ ، يعنى حجارة خالطها الطين منضُودٍ [ آية : ٨٢ ] ، يعنى ملزق الحجر بالطين . ٨٣هود : ٨٣ مسومة عند ربك . . . . . مسومة ، يعنى معلمة عند ربك ، يعنى جاءت من عند اللّه عز وجل ، ثم قال : وَمَا هِيَ مِن الظالمينَ بِبَعيدٍ [ آية : ٨٣ ] ؛ لأنها قريب من الظالمين ، يعنى من مشركي مكة ، فإنها تكون قريباً ، يخوفهم منها ، وسيكون ذلك في آخر الزمان ، يعنى ما هي ببعيد ؛ لأنها قريب منهم ، والبعيد ما ليس بكائن ، فذلك قوله : إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا [ المعارج : ٦ ، ٧ ] ، يعنى كائناً . ٨٤هود : ٨٤ وإلى مدين أخاهم . . . . . قوله : وإلى مدين ، وهو ابن إبراهيم خليل الرحمن ، وشعيب بن نويب بن مدين بن إبراهيم وإلى مدين أخاهم ، يعنى أرسلنا أخاهم شعيبا ، وليس بأخيهم في الدين ، ولكن في النسب قال يقومِ اعبُدُواْ اللّه ، يعنى وحدوا اللّه ما لكم من إله غيره ، يقول : ليس لكم رب غيره وَلاَ تنقُصُواْ المِكيال والمِيزانَ إذا كلتم ووزنتم إِني أَرَاكُم بِخيرٍ ، يعنى موسرين في نعمة وَإِني أَخافُ عَليكُم ، في الدنيا عَذابَ يَومٍ مُحِيطٍ [ آية : ٨٤ ] ، يعنى أحاط بهم العذاب ، فلم ينج منهم أحد . ٨٥هود : ٨٥ ويا قوم أوفوا . . . . . وَيقومٍ أَوفُواْ المِكيَال وَالمِيزَانَ بِالقِسطِ ، يعنى بالعدل ولا تبخسوا الناس أشياءهم ، يعنى ولا تنقصوا الناس حقوقهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين [ آية : ٨٥ ] ، يقول : لا تعملوا فيها المعاصي ، يعنى بالفساد نقصان الكيل والميزان . ٨٦هود : ٨٦ بقية اللّه خير . . . . . بَقِيتُ اللّه ، يعنى ثواب اللّه في الآخرة خير لكم إن كنتم مؤمنين ، يعنى لو كنتم مؤمنين باللّه عز وجل ، لكان ثوابه خير لكم من نقصان الكيل والميزان ، ك قوله : ما عندكم ينفد وما عند اللّه باق [ النحل : ٩٦ ] ، يعنى ثوابه باق وما أنا عليكم ، يعنى على أعمالكم بحفيظ [ آية : ٨٦ ] ، يعنى برقيب ، واللّه الحافظ لأعمالكم . ٨٧هود : ٨٧ قالوا يا شعيب . . . . . قالواْ يشُعيبُ أَصَلوتكَ تأَمُرُك أَن نَّترُكَ ، يعنى أن نعتزل ما كان يَعبُدُ ءاباؤُنا ، وكانوا يعبدون الأوثان أَو أَن نفعَل في أَموالِنا مَا نَشَؤُاْ ، يعنون إن شيئاً نقصنا الكيل والميزان ، وإن شئنا وفينا إِنكَ لأنتَ الحَلِيمُ ، يعنون السفيه ، الرشيدُ [ آية : ٨٧ ] ، يعنون الضال ، قالوا ذلك لشعيب استهزاء . ٨٨هود : ٨٨ قال يا قوم . . . . . قَالَ يقومِ أَرءيتُم إِن كُنتُ عَلَى بَينَةٍ مِن رَبِي ورَزَقنِي مِنهُ رزقاً حَسَناً ، يعنى الإيمان ، وهو الهدى وَمَا أُريدُ أَن أُخالِفَكُم إِلى مَا أَنهاكُم عَنْهُ ، يعنى وما أُريد أن أنهاكم عن أمر ، ثم أركبه ، لقولهم لشعيب في الأعراف : أو لتعودن في ملتنا [ الأعراف : ٨٨ ] . ثم قال : إِن أُريدُ ، يعنى ما أريد إلا الإصلاح مَا استطعتُ وَما تَوفيقي في الإصلاح بالخير إِلا بِاللّه عَلَيهِ تَوكلتُ ، يقول : به وثقت ، لقولهم : لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا [ الأعراف : ٨٨ ] وإليْهِ أُنيبُ [ آية ٨٨ ] ، وإليه المرجع بعد الموت . ٨٩هود : ٨٩ ويا قوم لا . . . . . ويقومٍ لاَ يجرِمَنكُم شِقَاقي ، يقول : لا تحملنكم عداوتي أن يصيبكم من العذاب في الدنيا مِثلُ مَا أَصَابَ قَومَ نُوحٍ من الغرق أو قَومَ هُودٍ من الريح ، أَو قَومَ صَالحٍ من الصيحة وَمَا قَومُ لُوطٍ ، أي ما أصابهم من الخسف والحصب مِنكُم بِبعَيدٍ [ آية : ٨٩ ] ، كان عذاب قوم لوط أقرب العذاب إلى قوم شعيب من غيرهم . ٩٠هود : ٩٠ واستغفروا ربكم ثم . . . . . وَاستغفُرواْ رَبَّكُم من الشرك ثم توبوا إليه منها إِنَّ ربي رحيمٌ لمن تاب وأطاعه وَدُودٌ [ آية : ٩٠ ] ، يعنى مجيب . ٩١هود : ٩١ قالوا يا شعيب . . . . . قَالواْ يَشُعيبُ مَا نفقَهُ ، يعنى ما نعقل كَثيراً مِمَّا تقُولُ لنا من التوحيد ، ومن وفاء الكيل والميزان وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعيفاً ، يعنى ذليلاً لا قوة لك ولا حيلة ، وَلولاَ رهطُكَ لَرَجمناك ، يعنى عشيرتك وأقرباءك لقتلناك وَمَا أَنت عَلَينَا ، يعنى عندنا بِعزيزٍ [ آية : ٩١ ] ، يعنى بعظيم ، مثل قول السحرة : بعزة فرعون [ الشعراء : ٤٤ ] ، يعنون بعظمة فرعون ، يقولون : أنت علينا هين . ٩٢هود : ٩٢ قال يا قوم . . . . . قَال يقوم أَرهِطى أَعزُ عَليكُم مِنَ اللّه ، يعنى أعظم عندكم من اللّه عز وجل ، واتخذتُموهُ ورآءكُم ظِهرِياً ، يقول : أطعتم قومكم ونبذتم اللّه وراء ظهوركم ، فلم تعظموه ، فمن لم يوحده لم يعظمه إِن رَبي بِمَا تَعملُونَ مُحيطٌ [ آية : ٩٢ ] ، يعنى من نقصان الكيل والميزان ، يعنى أحاط علمه بأعمالكم . ٩٣هود : ٩٣ ويا قوم اعملوا . . . . . وَيقومِ اعملُواْ عَلَى مَكانتكُم هذا وعيد ، يعنى على جديلتكم التي أنتم عليها ، إِني عامِلٌ سَوفَ تَعلَمُونَ ، هذا وعيد من يأتيه عذاب يخزيه ، يعنى يذله ، وَمن هُوَ كاذِبٌ بنزول العذاب بكم أنا أو أنتم ، لقولهم : ليس بنازل بنا ، وارتَقِبُواْ إِني مَعَكُم رَقيبٌ [ آية : ٩٣ ] ، يعنى انتظروا العذاب ، فإني منتظر بكم العذاب في الدنيا . ٩٤هود : ٩٤ ولما جاء أمرنا . . . . . ولما جاء أمرنا ، يعنى قولنا في العذاب نجينا شُعيباً والذينَ ءامنُواْ مَعَهُ بِرحمةٍ مِنَّا ، يعنى بنعمة منا عليهم وأَخذت الذَّين ظلمُواْ الصيحَةُ ، يعنى صيحة جبريل ، عليه السلام فأصبحوا في ديارهم جاثمين [ آية : ٩٤ ] ، يعنى في منازلهم موتى . ٩٥هود : ٩٥ كأن لم يغنوا . . . . . كأن لم يغنوا فيها ، يعنى كأن لم يكونوا في الدنيا قط أَلا بُعداً لِمديَنَ في الهلاك كَما بَعدِت ثَمودُ [ آية : ٩٥ ] ، يعنى كما هلكت ثمود ، لأن كل واحدة منهما هلكت بالصيحة ، فمن ثم اختص ذكر ثمود من بين الأمم . ٩٦هود : ٩٦ ولقد أرسلنا موسى . . . . . وَلَقد أَرسَلْنَا مُوسى بِئايتنِا ، يعنى اليد والعصى وَسُلطَنٍ مُبينٍ [ آية : ٩٦ ] . ٩٧هود : ٩٧ إلى فرعون وملئه . . . . . إلى فِرعَونَ وَملإيه ، يعنى أشراف قومه فاتبعُواْ أمر فِرعَونَ في المؤمن حين قال : ما أريكم إلا ما أرى [ غافِر : ٢٩ ] ، فأطاعوا فرعون في قوله ، يقول اللّه عز وجل : وَمَا أَمر فِرعَونَ بِرشِيدٍ [ آية : ٩٧ ] لهم ، يعنى بهدى . ٩٨هود : ٩٨ يقدم قومه يوم . . . . . يقدم قَومِهُ القبط يوم القيامة ، يعنى فرعون قائدهم إلى النار ، ويتبعونه كما يتبعونه في الدنيا فأوردَهم النَّار فأدخلهم وَبِئسَ الوِردُ المَورُودُ [ آية : ٩٨ ] المدخل المدخول . ٩٩هود : ٩٩ وأتبعوا في هذه . . . . . وأُتبِعُواْ في هذه لَعنَةً ، يعنى العذاب ، وهو الغرق ويوم القيامة لعنة أخرى في النار بِئس الرفَدُ المَرفُودُ [ آية : ٩٩ ] ، فكأن اللعنتين أردفت إحداهما الأخرى . ١٠٠هود : ١٠٠ ذلك من أنباء . . . . . ذلك ، يعنى هذا الخبر الذي أخبرت من أنباء ، يعنى من حديث الْقُرَى نُقُصُهُ عَلَيكَ ، فحذر قومك مثل عذاب الأمم الخالية مِنهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ [ آية : ١٠٠ ] ، يقول : من القرى ما ينظر إليها ظاهرة ، ومنها خامدة قد ذهبت ودرست . ١٠١هود : ١٠١ وما ظلمناهم ولكن . . . . . وَمَا ظَلمناهُم فنعذبهم على غير ذنب وَلكن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُم فَمَا أَغنَت عَنهُم ءالهتُهُم التي يَدعُونَ من دُون اللّه ، يعنى التي يعبدون من دون اللّه من شَيءٍ حين عذبوا لِمَّا جَاءَ أَمرُ رَبِكَ ، يعنى حينما جاء قول ربك في العذاب وَمَا زَادُوهُم ، يعنى الآلهة غَيرَ تَتبِيبٍ [ آية : ١٠١ ] ، يعنى غير تخسير ، حيث لم ينفعوهم عند اللّه . قال عبد اللّه : قال الفراء : نحن أعز من أن نظلم وَمَا ظَلمناهُم نحن أعدل من أن نظلم . ١٠٢هود : ١٠٢ وكذلك أخذ ربك . . . . . وكذلِكَ أَخذُ رَبِكَ إِذا أَخَذَ القُرى وَهِىَ ظَالِمةُ ، أي مشركة إِنَّ أَخَذهُ ، يعنى بطشه أليم ، يعنى وجيع شديد [ آية : ١٠٢ ] . ١٠٣هود : ١٠٣ إن في ذلك . . . . . إن في ذلك لآية ، يعنى إن في هلاك القرى لعبرة لِمَن خَافَ عَذابَ الأخرة ذَلِكَ يَومٌ مَجموعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يومٌ مَشهودٌ [ آية : ١٠٣ ] ، شهد الرب والملائكة لعرض الخلائق وحسابهم . ١٠٤هود : ١٠٤ وما نؤخره إلا . . . . . وَما نُؤخرهُ إِلا لأِجلٍ مَعدُودٍ [ آية : ١٠٤ ] ، يعنى وما نؤخر يوم القيامة إلا لأجل موقوت . ١٠٥هود : ١٠٥ يوم يأت لا . . . . . يوم يأت ذلكَ اليوم لا تكلمُ نَفسُ إِلا بإذنهِ بإذن اللّه تعالى ، فمنهم ، يقول اللّه تعالى : فمن الناس شَقيٌ وسَعيدٌ [ آية : ١٠٥ ] . ١٠٦هود : ١٠٦ فأما الذين شقوا . . . . . ثم بين ثوابهم فقال : فأما الَّذين شَقُواْ فِفي النَّارِ لَهُم فِيها في الخلود زَفيرٌ يعنى آخر نهيق الحمار ، قال : وَشَهِيق [ آية : ١٠٦ ] في الصدور ، يعنى أول نهيق الحمار . قال أبو محمد ، يعنى عبد اللّه بن ثابت : قال أبو العباس ثعلب : الزفير من البدن كله ، والشهيق من الصدر . ١٠٧هود : ١٠٧ خالدين فيها ما . . . . . خالدين فيها لا يموتون مَا دَامَتِ السموات والأرضُ إِلا مَا شاءَ رَبُكَ ، يقول : كما تدوم السموات والأرض لأهل الدنيا ، ولا يخرجون منها ، فكذلك يدوم الأشقياء في النار ، ثم قال : إِلا ما شاءَ رَبُكَ ، فاستثنى الموحدين الذين يخرجون من النار لا يخلدون ، يعنى الموحدين إِن رَبِكَ فَعَّالٌ لِما يُريدُ [ آية : ١٠٧ ] . قال عبد اللّه بن ثابت : قال الفراء : إِلا مَا شاءَ رَبُكَ ، يعنى سوى ما شاء ربك من زيادة الخلق في النار . ١٠٨هود : ١٠٨ وأما الذين سعدوا . . . . . وَأَمَّا الَّذين سُعِدُواْ فَفي الجنَّة خالدين فِيها مَا دَامتِ السَّموات والأرض كما تدومان لأهل الدنيا ، ثم لا يخرجون منها ، وكذلك السعداء في الجنة ، ثم استثنى ، فقال : إِلا مَا شَاءَ ربُّكَ ، يعنى الموحدين الذين يخرجون من النار ، ثم قال : عَطاءً غَيرَ مَجذُوذٍ الآية : ١٠٨ ] ، يعنى غير مقطوع عنهم أبداً . ١٠٩هود : ١٠٩ فلا تك في . . . . . فَلاَ تَكُ يا محمد في مِريةٍ ، يعنى في شك مِمَّا يَعبُدُ هَؤلاءِ ، يعنى كفار مكة أنها ضلال مَا يَعبُدون إِلا كَمَا يَعبُدُ ءاباؤُهُم الأولون مِنْ قَبلُ ، يعنى من قبلهم وَإنَّا لَمُوَفوهُم نَصِيبهُم ، يقول : إِنَّا لموفون لهم حظهم من العذاب ، غَيرَ مَنقُوصٍ [ آية : ١٠٩ ] عنهم . ١١٠هود : ١١٠ ولقد آتينا موسى . . . . . وَلَقد ءاتينا مُوسَى الكتابَ ، يعنى أعطينا موسى التوراة فاختُلفَ فِيهِ ، يعنى من بعد موسى ، يقول : آمن بالتوراة بعضهم وكفر بها بعضهم وَلَولاَ كَلِمَةٌ سَبَقَت مِن رَّبِكَ يا محمد في تأخير العذاب عنهم إلى وقت لَقُضِي بينهُم في الدنيا بالهلاك حين اختلفوا في الدين وَإنَّهُم لَفِي شَكٍ مِنْهُ ، يعنى من الكتاب الذي أوتوه ، مُريبٍ [ آية : ١١٠ ] ، يعنى بالمريب الذين لا يعرفون شكهم . ١١١هود : ١١١ وإن كلا لما . . . . . ثم رجع إلى أول الآية ، فقال : وَإن كُلاً لَّمَا ليُوفِيَنَّهُم رَبُّكَ أَعمالَهُم ، ولما هاهنا صلة ، يقول : يوفر لهم ربك جزاء أعمالهم إنَّهُ بِمَا يَعملُونَ خبِيرٌ [ آية : ١١١ ] . ١١٢هود : ١١٢ فاستقم كما أمرت . . . . . فاستَقِم ، يعنى فامض يا محمد بالتوحيد كَمَا أُمرتَ وَمن تَابَ مَعَكَ من الشرك ، فليستقيموا معك ، فامضوا على التوحيد وَلاَ تَطغواْ فيه ، يقول : ولا تعصوا اللّه في التوحيد إِنَّهُ بِمَا تعملُونَ بَصِيرٌ [ آية : ١١٢ ] . ١١٣هود : ١١٣ ولا تركنوا إلى . . . . . وَلاَ تَركَنواْ إِلى الَّذين ظَلمُواْ ، يعنى ولا تميلوا إلى أهل الشرك ، يقول : ولا تلحقوا بهم فتمسكُمُ النَّار ، يعنى فتصيبكم النار وَما لكم من دون اللّه من أولياء ، يعنى من أقرباء يمنعونكم ، يقول : لا يمنعونكم من النار ثُمَّ لا تُنصَرُونَ [ آية : ١١٣ ] . ١١٤هود : ١١٤ وأقم الصلاة طرفي . . . . . وَأقم الصلوة ، يعنى وأتم الصلاة ، يعنى ركوعها وسجودها طَرفَي النَّهار ، يعنى صلاة الغداة ، وصلاة الأولى ، والعصر ، ثم قال : وَزُلَفاً من اليل ، يعنى صلاة المغرب والعشاء إِنَّ الحَسناتِ ، يعنى الصلوات الخمس يذهبنَ السيئات ، يعنى يكفرن الذنوب ما اجتنبت الكبائر ، نزلت في أبي مقبل ، واسمه عامر بن قيس الأنصاري ، من بني النجار ، أتته امرأة تشتري منه تمراً فراودها ، ثم أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : إني خلوت بامرأة ، فما شيء يفعل بالمرأة إلا وفعلته بها ، إلا إني لم أجامعها ، فنزلت : وَأَقِمِ الصلوة طَرفي النهار . . . إلى آخر الآية . ثم عمد الرجل ، فصلى المكتوبة وراء النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فلما انصرف النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال له : ′ أليس قد توضأت وصليت معنا ؟ ′ ، قال : بلى ، قال : ′ فإنها كفارة لما صنعت ′ ، ثم قال : ذلك الذي ذكره من الصلاة طرفي النهار وزلفى من الليل من الصلاة ذِكرىَ للذاكِرينَ [ آية : ١١٤ ] ، كقوله لموسى : وأقم الصلاة لذكري [ طه : ١٤ ] . ١١٥هود : ١١٥ واصبر فإن اللّه . . . . . واصبر يا محمد على الصلاة فإن اللّه لا يُضيعُ أَجر المُحسنينَ [ آية : ١١٥ ] ، يعنى جزاء المخلصين . ١١٦هود : ١١٦ فلولا كان من . . . . . فلولا كان ، يعنى لم يكن من القُرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد ، يعنى الشرك في الأرض ، يقول : لم يكن من القرون من ينهى عن المعاصي في الأرض بعد الشرك ، ثم استثنى ، فقال : إِلا قليلاً مِمن أنجينا مِنهم يعنى مع الرسل من العذاب مع الأنبياء ، فهم الذين كانوا ينهون عن الفساد في الأرض ، واتبع الذين ظلموا ، يقول : وآثر الذين ظلموا دنياهم ما أُترفُوا فيه ، يعنى ما أعطوا فيه من دنياهم على أخرتهم وكانوا مُجرمينَ [ آية : ١١٦ ] ، يعنى الأمم الذين كذبوا في الدنيا . ١١٧هود : ١١٧ وما كان ربك . . . . . وَمَا كان ربك ليهلك ، يعنى ليعذب في الدنيا القرى بظلم ، يعنى على غير ذنب ، يعني القرى التي ذكر اللّه تعالى في هذه السورة الذين عذبهم اللّه ، وهم : قوم نوح ، وعاد وثمود ، وقوم إبراهيم ، وقوم لوط ، وقوم شعيب ، ثم قال : وَأَهلُها مُصلحون [ آية : ١١٧ ] ، يعنى مؤمنون ، يقول : لو كانوا مؤمنين ما عذبوا . ١١٨هود : ١١٨ ولو شاء ربك . . . . . وَلو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ، يعنى على ملة الإسلام وحدها ، ثم قال : ولا يزالون مختلفين [ آية : ١١٨ ] ، يقول : لا يزال أهل الأديان مختلفين في الدين ، غير دين الإسلام . ١١٩هود : ١١٩ إلا من رحم . . . . . ثم استثنى بعضهم : إِلا من رحم ربك ، أهل التوحيد لا يختلفون في الدين ، ولذلك خلقهم ، يعنى للرحمة خلقهم ، يعنى الإسلام وتمت ، يقول : وحقت كلمة ربك العذاب على المختلفين ، والكلمة التي تمت قوله : لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين [ آية : ١١٩ ] ، يعنى الفريقين جميعاً . ١٢٠هود : ١٢٠ وكلا نقص عليك . . . . . وَكلا نقص عليك من أنباء الرسلِ وأممهم ، وما يذكر في هذه السورة مَا نثبتُ به فُؤادك ، يعنى قلبك أنه أحق ، فذلك قوله : وجاءكَ في هذه السورة الحق مما ذكر من أمر الرسل وأمر قومهم وموعظة ، يعنى ما عذب اللّه به الأمم الخالية ، وما ذكر في هذه السورة فهو موعظة ، يعنى مأدبة لهذه الأمة وذكرى ، يعنى وتذكرة للمؤمنين [ آية : ١٢٠ ] ، يعنى للمصدقين بتوحيد اللّه . ١٢١هود : ١٢١ وقل للذين لا . . . . . وَقُل للذين لا يؤمنونَ ، يعنى لا يصدقون بما في القرآن : اعملوا على مكانتكم ، هذا وعيد ، يقول : اعملوا على جديلتكم التي أنتم عليها إنا عاملون [ آية : ١٢١ ] على جديلتنا التي نحن عليها . ١٢٢هود : ١٢٢ وانتظروا إنا منتظرون وانتظروا العذاب إنا منتظرون [ آية : ١٢٢ ] بكم العذاب ، يعني القتل ببدر ، وضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم ، وتعجيل أرواحهم إلى النار . ١٢٣هود : ١٢٣ وللّه غيب السماوات . . . . . وللّه غَيب السموات والأرض ، يقول : وللّه غيب نزول العذاب ، وغيب ما في الأرض وإليهِ يُرْجَعُ الأمرُ كُلُّه ، يعنى أمر العباد يرجع إلى اللّه يوم القيامة ، وذلك قوله : وإلى اللّه ترجع الأمور [ البقرة : ٢١٠ ] ، يعنى أمور العباد فاعبدهُ يعنى وحده وتوكل عليه ، يقول : وثق باللّه وما ربك بغافل عما تعملون [ آية : ١٢٣ ] ، هذا وعيد . |
﴿ ٠ ﴾