سورة يوسف

١ مكية كلها ، وهي مائة وإحدى عشرة آية كوفي ١ وحسبنا اللّه ونعم الوكيل

 بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

يوسف : ١ الر تلك آيات . . . . .

 الر تِلك ءايت الكتاب المُبين [ آية : ١ ] ، يعنى بين ما فيه .

٢

يوسف : ٢ إنا أنزلناه قرآنا . . . . .

 إنا أنزلناه قرءاناً عربياً

لعلكم ، يعنى لكي تعقلون [ آية : ٢ ] ما فيه لو كان القرآن غير عربي ما فهموه ولا عقلوه .

٣

يوسف : ٣ نحن نقص عليك . . . . .

 نحن نقص عليك أحسن القصص ، يعنى القرآن بما أوحينا إليك ، بالذي أوحينا إليك ، نظيرها في يس : بما غفر لي ربي [ يس : ٢٧ ] هذا القُرءان وإن كُنتَ من قبله ، يعنى من قبل نزول القرآن عليك لمن الغافلين [ آية : ٣ ] عنه .

٤

يوسف : ٤ إذ قال يوسف . . . . .

 إذ قال يوسف لأبيه يعقوب : يا أبت إني رأيت في المنام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر هبطوا إلى الأرض من السماء ، ف رأيتهم لي ساجدين [ آية : ٤ ] ، فالكواكب الأحد عشر إخوته ، والشمس أم يوسف ، وهي راحيل بنت لاتان ، ولاتان هو خال يعقوب ، والقمر أبوه يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، وقد علم تعبير ما رأى يوسف .

٥

يوسف : ٥ قال يا بني . . . . .

 قال يا بُني لا تقصص رُءياك على إِخوتك فيحسدوك إضمار فيكيدوا لك كيدا ، فيعملوا بك شراً إن الشيطان للإنسان عدو مبين [ آية : ٥ ] ، يعنى بين .

٦

يوسف : ٦ وكذلك يجتبيك ربك . . . . .

وقال يعقوب ليوسف : وكذلك يجتبيك ربك ، يقول : وهكذا يستخلصك ربك

بالسجود ويعلمك من تأويل الأحاديث ، يعنى ويعلمك تعبير الرؤيا ويتم نعمتَهُ

عليك وَعَلىءال يعقوب ، يعنى بآل يعقوب هو وامرأته وإخوته الأحد عشر ، بالسجود

لك كما أتمها ، يعنى النعمة وعلى أَبويك من قبلُ ، يعنى بأبويه إبراهيم حين

رأى في المنام أنه يذبح ابنه إسحاق ، وألقى إبراهيم في النار ، فنجاه اللّه تعالى منها ، وأراد

ذبح ابنه ، فخلصه اللّه بالسجود وإسحاق في رؤيا إبراهيم في ذبح إسحاق إن ربك عليم بتمامها حكيم [ آية : ٦ ] ، يعنى القاضي لها .

٧

يوسف : ٧ لقد كان في . . . . .

 لقد كان في يوسف وإِخْوَتِهِ ءاياتٌ ، يعنى علامات للسائلين [ آية : ٧ ] ،

وذلك أن اليهود لما سمعوا ذكر يوسف عليه السلام ، من النبي صلى اللّه عليه وسلم ، منهم كعب بن

الأشرف ، وحيي ، وجدي ابنا أخطب ، والنعمان بن أوفى ، وعمرو ، وبحيرا ، وغزال بن

السموأل ، ومالك بن الضيف ، فلم يرمن بالنبي صلى اللّه عليه وسلم منهم غير جبر غلام بن الحضرمي ،

ويسار أبو فكيهه ، وعداس ، فكان ما سمعوا من النبي صلى اللّه عليه وسلم من ذكر يوسف وأمره ءايتٌ

للسَّائلين ، وذلك أن اليهود سألوا النبي صلى اللّه عليه وسلم عن أمر يوسف ، فكان ما سمعوا علامة لهم

وهم السائلون عن أمر يوسف ، عليه السلام ، وكان يوسف قد فضل في زمانه بحسنه

على الناس كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب .

٨

يوسف : ٨ إذ قالوا ليوسف . . . . .

 إذ قالوا إخوة يوسف ، وهو : روبيل أكبرهم سناً ، ويهوذا أكبرهم في العقل ،

وهو الذي قال اللّه : قال كبيرهم [ آية : ٨٠ ] في العقل ، ولم يكن كبيرهم في

السن ، وشمعون ، ولاوى ، ونفتولن ، وربولن ، وآشر ، واستاخر ، وجاب ودان ، ويوسف

وبنيامين ، بعضهم لبعض : ليوسف وأخوه ، وهو بنيامين أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة ، يعنى عشرة إن أبانا لفي ضلال مبين [ آية : ٨ ] ، يعنى خسران مبين يعنى

في شقاء بين ، نظيرها في سورة القمر : إن المجرمين في ضلال [ القمر : ٤٧ ] ،

يعنى في شقاء ، من حب يعقوب لابنه يوسف وذكره .

٩

يوسف : ٩ اقتلوا يوسف أو . . . . .

ثم قال بعضهم لبعض : اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا بعيدة يخل لكم وجه أبيكم ، فيقبل عليكم بوجهه وتكونوا ، يعنى وتصيروا من بعده قوما صالحين [ آية : ٩ ] ، يعنى يصلح أمركم وحالكم عند أبيكم .

١٠

يوسف : ١٠ قال قائل منهم . . . . .

 قال قائل منهم ، وهو يهوذا بن يعقوب : لا تقتلوا يوسف فإن قتله عظيم ،

 و لكن وألقوهُ في غيابَتِ الجُب على طريق الناس ، فيأخذونه فيكفونكم أمره ،

يعنى الزائغة من البئر ما يتوراى عن العين ولا يراه أحد ، فهو غيابت الجب يَلتقطهُ

بَعض السَّيارةِ . فيذهبوا به فيكفونكم أمره إِن كُنْتُم لا بد فاعِلينَ [ آية :

١٠ ] من الشر الذي تريدون به .

١١

يوسف : ١١ قالوا يا أبانا . . . . .

فأتوا يعقوب ، ف قالوا ياأبانا مَا لك لا تَأمنا على يُوسف وإنا لهُ لناصِحونَ [ آية :

١١ ] .

١٢

يوسف : ١٢ أرسله معنا غدا . . . . .

 أَرسِلهُ مَعَنَا غَداً يَرتَع ويَلعب ، يعنى ينشط ويفرح ، والعرب تقول : رتعت لك ،

يعنى فرحت لك وَإنا لَهُ لحافِظونَ [ آية : ١٢ ] من الضيعة ، قال يعقوب لهم : إني

أخاف عليه ، فقالوا لأبيهم : مَا لك لا تَأمنا عَلَى يوسف وَإنا لَهُ لناصحُونَ في الحفظ

له .

١٣

يوسف : ١٣ قال إني ليحزنني . . . . .

 قَالَ  أبوهم إِني ليحزنني أَن تذهبوا به وأَخافُ أن يأَكلَهُ الذئب وأَنتم عَنْهُ

غافلونَ [ آية : ١٣ ] ، لا تشعرون به ، وكانت أرضاً مذئبة ، فمن ثم قال يعقوب : إني

أخاف أن يأكله الذئب .

١٤

يوسف : ١٤ قالوا لئن أكله . . . . .

 قَالواْ ، أي العشرة : لئن أكلهُ الذئب ونحن عُصبةُ ، يعنى ونحن جماعة ،

 إنا إِذاً لخسرون [ آية : ١٤ ] ، يعنى لعجزة .

١٥

يوسف : ١٥ فلما ذهبوا به . . . . .

 فلما ذهبوا بِهِ  بيوسف وأجمعوا  أمرهم أَن يجعلوه في غيابَتِ الجُب

على رأس ثلاثة فراسخ ، فألقوه في الجب ، والماء يومئذ كدر غليظ ، فعذب الماء وصفا

حين ألقى فيه ، وقام على صخرة في قاصية البئر ، فوكل اللّه به ملكاً يحرسه في الجب

ويطعمه وأوحينا إِليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهُم لا يشعرون [ آية : ١٥ ] ، وذلك أن

اللّه أوحى إلى يوسف ، عليه السلام ، بعدما انصرف إخوته : إنك ستخبر إخوتك بأمرهم

هذا الذي ركبوا منك ، ثم قال : وَهُم لا يشعُرُونَ أنك يوسف حين تخبرهم ، فأنبأهم

يوسف بعد ذلك حين قال لهم وضرب الإناء ، فقال : إن الإناء ليخبرني بما فعلتم بيوسف

من الشر ونزع الثياب .

قال أبو محمد عبد اللّه بن ثابت : وسمعت أبي يحدثني عن الهذيل ، عن مقاتل في

قوله :

 وأَوحينا إليه لَتُنَبِئَنَّهُمْ بِأمرهم هذا وَهُم لا يشعُرونَ ، قال : لا يشعرون أنك يوسف .

قال : وذلك أن يوسف لما استخرج الصاع من وعاء أخيه بنيامين ، قطع بالقوم

وتحيروا ، فأحضرهم وأخذ بنيامين مكان سرقته ، ثم تقدم إلى أمينه ، فقال له : أحضر

الصاع إذا حضروا وانقره ثلاث نقرات ، واستمع طنين كل نقرة حتى تسكن ، ثم قل في

النقرة الأولى كذا ، وفي الثانية كذا ، وفي الثالثة كذا ، وأوهمهم أنك إنما تخبرني عن شيء

تفهمه من طنين الصاع ، قال : فأمر بهم فجمعوا ، ثم قال يوسف للذي استخرج الصاع ،

وهو أمينه : أحضر الصاع الذي سرقوه ، وتقدم إليه ألا يكتمنا من أخبارهم شئياً ، فإنه

غضبان عليهم ويوشك أن يصدق عنهم ، قال : فأحضره والقوم ، وقال له الأمين : أيها

الصاع ، إن الملك يأمرك أن تبين له أمر هؤلاء القوم ولا تكتمه شيئاً من أمرهم ، ثم نقره

نقرة شديد ، وأصغى إليه يسمعه ، كأنه يستمع منه شيئاً ، فقال : أيها الملك ، إن الصاع

يقول لك : إنهم أخبروك أنهم لأم واحدة ، وأنهم لأمهات شتى ، وذلك وقع بينهم ما يقع

بين الأولاد العتاة .

قال : قل له لا يكتمنا من أخبارهم شيئاً ، ثم نقره الثانية وأصغى إليه يسمعه ، فلما

سكن ، قال : أيها الملك ، إنهم أخبروك أن لهم أخاً مفقوداً ، ولن تنصرم الأيام والليالي حتى

يأتي ذلك الغلام فيتبين الناس أخبارهم .

قال : مرة ألا يكتمنا من أخبارهم شيئاً ، قال : فطن الثالثة ، فلما سكن قال : أيها الملك

إنه ما دخل على أبيهم غم ولا هم ولا حزن إلا بسببهم وجرائرهم ، قال : أوعز إليه ألا

يكتمنا من أخبارهم شيئاً

قال : فنظر بعضهم إلى بعض ، وخافوا أن يظهر عليهم ما كتموه من أمر يوسف عليه

السلام ، فقاموا إليه بجمعهم يقبلون رأسه وعينيه ، ويقولون : بالذي أشبهك بالنبيين

وفضلك على العالمين ، ألا أقلت العثرة ، وسترت العورة ، وحفظتنا في أبينا يعقوب ، فرق

لهم ، وقال : لولا حفاظي لكم في أبيكم لنكلت بكم ولألحقتكم بالسراق واللصوص ،

أغربوا عني ، فلا حاجة لي فيكم .

قال : فلما قدموا على أبيهم أخبروه بأخبارهم ، قال : فردهم بالبضاعة المزجاة ، وكتب

معهم كتاباً إليه ، فيه : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من يعقوب إسرائيل اللّه ابن إسحاق ذبيح

اللّه ابن إبراهيم خليل اللّه ، إلى عزيز مصر ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني ما

سرقت ، ولا ولدت سارقاً ، ولكن أهل بيت البلاء موكل بنا ، أما جدي ، فألقى في النار ،

فجعلها اللّه عليه برداً وسلاماً ، وأما أبي ، فأضجع للذبح ، ففداه اللّه بذبح عظيم ، وأما أنا ،

فبليت بفقد حبيبي وقرة عيني يوسف .

قال : فلما وصلوا إليه أوصلوا كتابه ، فلما قرأ كتابه انتحب ، فقيل له : كأنك صاحب

الكتاب ، قال : أجل فذلك

قوله : لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون ، ثم تعرف

إليهم فعرفوه .

١٦

يوسف : ١٦ وجاؤوا أباهم عشاء . . . . .

 وجاءو أباهُم يعقوب عشاء يبكون [ آية : ١٦ ] صلاة العتمة .

١٧

يوسف : ١٧ قالوا يا أبانا . . . . .

 قالوا ياأبانا إنا ذهبنا نستبِقُ ، يعنى نتصيد وتركنا يوسف عند متاعنا

ليحفظه فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ، يعنى بمصدق لنا ولو كنا صادقين [ آية : ١٧ ] بما نقول .

١٨

يوسف : ١٨ وجاؤوا على قميصه . . . . .

 وجاءو عَلَى قميصهِ ، يعنى على قميص يوسف بدم كذب ، وذلك أنهم

حين ألقوه في البئر انتزعوا ثيابه ، وهو قميصه ، ثم عمدوا إلى سخلة فذبحوها على

القميص ليروا أباهم يعقوب ، فلما رأى أباهم القميص صحيحاً اتهمهم ، وكان لبيباً

عاقلاً ، فقال : ما أحلم هذا السبع حين خلع القميص كراهية أن يتمزق ، ثم بكي ،

ف قال بل سولت ، يقول : بل زينت لكم أنفسكم أمرا ، وكان الذي أردتم هو

منكم فصبر جميل ، يعنى صبري صبراً حسناً لا جزع فيه واللّه المستعان على ما تصفون [ آية : ١٨ ] ، يقول : باللّه أستعين على ما تقولون حين تزعمون أن الذئب أكله ،

فبكي عليه يعقوب ، عليه السلام ، حتى امتنع عن النوم ومن أهل بيته ، فكان يبكي ويئود ،

فمن هناك تئود اليهود إذا قرأوا التوراة .

١٩

يوسف : ١٩ وجاءت سيارة فأرسلوا . . . . .

 وجاءت سيارة ، وهي العير ، و  رفقة من العرب ، فنزلوا على البئر يريدون

مصر فأرسلوا واردهم ، فبعثوا رجلين : مالك بن دعر ، وعود بن عامر ، إلى الماء

 فأدلى أحدهم دلوه ، واسمه مالك بن دعر بن مدين بن إبراهيم خليل الرحمن ،

فتعلق يوسف بالدلو ، فصاح مالك قال ، فقال : يا عود ، للذي يسقي ، وهو عود بن

عامر بن الدرة بن حزام يا بشرى ، يقول : ما مالك أبشر هذا غلام والجب

بواد في أرض الأردن يسمى ادنان .

فبكي يوسف ، عليه السلام ، وبكي الجب لبكائه ، وبكي مد صوته من الشجر والمدر

والحجارة ، وكان اخوته لما دلوه في البئر ، تعلق يوسف في شفة البئر ، فعمدوا إليه

فخلصوا قميصه وأوثقوا يده ، فقال : يا إخوتاه ، ردوا على القميص أتوارى به في البئر ،

فقالوا له : ادع الأحد عشر كوكباً والشمس والقمر يؤنسونك ، فلما انتصف في الجب

ألقوه ، حتى وقع في البئر ، فأدلوه في قعرها ، فأراد أن يموت ، فدفع اللّه عنه ، ودعا يوسف

ربه حين أخرجه مالك أن يهب لمالك ولداً ، فولد له أربعة وعشرون ولداً .

قوله : وأسَرُّوهُ بِضَعةً ، يعنى أخفوه من أصحابهم الذين مروا على الماء في

الرفقة ، و  هو بضاعة لأهل الماء نبيعه لهم بمصر ؛ لأنهم لو قالا : إنا وجدناهُ أو

اشتريناه ، سألوهما الشركة فيه واللّه عليم بما يعملون [ آية : ١٩ ] ، يعنى بما

يقولون من الكذب .

٢٠

يوسف : ٢٠ وشروه بثمن بخس . . . . .

يقول اللّه تعالى : وشروه ، يعنى وباعوه بثمن بخس بثمن حرام لا يحل

لهم بيعه ؛ لأنهُ حُر ، وثمن الحر حرام وبيعه حرام دراهم معدودة ، وهي عشرون

درهماً ، وكانت العرب تبايع بالأقل ، فإذا كانت أربعين فهي أوقية ، وما كان دون

الأربعين ، فهي دراهم معدودة وكانوا فيه ، يعنى الذين باعوه كانوا في يوسف

 من الزاهدين [ آية : ٢٠ ] حين باعوه ، ولم يعلموا منزلة يوسف عند اللّه ، ومن أبوه ،

ولو علموا ذلك ما باعوه .

فانطلق القوم حتى أتوا به مصر ، فبينا هو قريب منها ، إذ مر براكب منها يقال له :

مالك بن دعر اللخمي ، قال له يوسف : أين تريد أيها الراكب ؟ قال : أريد أرض كنعان ،

قال : إذا أتيت كنعان ، فأت الشيخ يعقوب فأقرئه السلام ، وصفني له ، وقل له : إني لقيت

غلاماً بأرض مصر ، ووصفه له ، وهو يقرئك السلام ، فبكي يعقوب ، عليه السلام ، ثم

قال : هل لك إلى اللّه حاجة ؟ قال : نعم ، عندي امرأة ، وهي من أحب الخلائق إلي ، لم تلد

مني ولداً قط ، فوقع يعقوب ساجداً ، فدعا اللّه ، فولد له أربعة وعشرون ذكراً ، وكان

يوسف ، عليه السلام ، بأرض مصر ، فأنزل اللّه عليهم البركة ، ثم باعه المشتري من قطفير

بن ميشا ، فقال يوسف : من يشتري ويبشر ، فاشتراه قطفير بن ميشا بعشرين ديناراً

وزيادة حلة ونعلين ، وأخذ البائع قيمة الدنانير دراهم .

٢١

يوسف : ٢١ وقال الذي اشتراه . . . . .

 وقال الذي اشتراه من مصر ، وهو قطفير بن ميشا لامرأته زليخا بنت

يمليخا : أكرمي مثواه ، يعني أحسني منزلته وولايته عسى أن ينفعنا أو

نصيب منه خيراً أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض الملك

والسلطان في أرض مصر ولنعلمه من تأويل الأحاديث ، يعنى من تعبير الرؤيا ،

 واللّه غالب على أمره ، يعنى واللّه متم ليوسف أمره الذي هو كائن مما لا يعلمه

الناس ، فذلك

قوله : ولكن أكثر الناس لا يعلمون [ آية : ٢١ ] . ذلك

٢٢

يوسف : ٢٢ ولما بلغ أشده . . . . .

 ولما بلغ أشده ، يعنى ثماني عشرة سنة ءاتينهُ حُكماً ، يقول : أعطيناه فهماً ،

 وعلما وكذلك نجزي المحسنين [ آية : ٢٢ ] ، يعنى وهكذا نجزي المخلصين بالفهم

والعلم .

٢٣

يوسف : ٢٣ وراودته التي هو . . . . .

 وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب على نفسها وعلى

يوسف في أمر الجماع وقالت هيت لك ، يعني هلم لك نفسي ، تريد المرأة

الجماع ، فغلبته بالكلام قال معاذ اللّه ، يعني أعوذ باللّه إنه ربي أحسن مثواي ، يقول : إنه سيدي ، يعني زوجها ، أكرم مثواي ، يعني منزلتي إنه لا يفلح ، يعنى لا يفوز الظالمون [ آية : ٢٣ ] إن ظلمته في أهله ، وألقى عليها

شهوة أربعين إنساناً .

٢٤

يوسف : ٢٤ ولقد همت به . . . . .

 ولقد همت به ، يقول : همت المرأة بيوسف حتى استلقت للجماع وهم بها يوسف حين حل سراويله وجلس بين رجليها لولا أَن رءا بُرهانَ رَبَهِ ، يعنى

آية ربه لواقعها ، والبرهان مثل له يعقوب عاض على إصبعه ، فلما رأى ذلك ، ولي دبراً

واتبعته المرأة كذلك ، يعنى هكذا لنصرف عنه السوء ، يعنى الإثم ،

 والفحشاء ، يعنى المعاصي إنه من عبادنا المخلصين [ آية : ٢٤ ] بالنبوة

والرسالة ، نظيرها : إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار [ ص : ٤٦ ] ، يعنى بالنبوة .

٢٥

يوسف : ٢٥ واستبقا الباب وقدت . . . . .

 واستبقا الباب ، يوسف أمامها هارب منها ، وهي ورائه تتبعه لتحبسه على

نفسها ، فأدركته قبل أن ينتهي إلى الباب وقدت قميصه من دبر ، يقول : فمزقت

قميصه من ورائه حتى سقط القميص عن يوسف وألفيا ، يقول : وجدا ، ك

قوله :

 ألفينا عليه آباءنا [ البقرة : ١٧٠ ] ، يعنى وجدا سيدها ، يعنى زوجها لَدا

البابِ ، يعنى عند الباب ومعه ابن عمها يملخا بن أزليخا قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا ، يعنى الزنا إلا أن يسجن حبساً في نصب أو عذاب أليم

[ آية : ٢٥ ] ، يعنى ضرباً وجيعاً .

٢٦

يوسف : ٢٦ قال هي راودتني . . . . .

 قال يوسف للزوج هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها

وهو يمليخا ابن عم المرأة ، فتكلم بعقل ولب ، قال : إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين [ آية : ٢٦ ] ، أي إن كان يوسف هو الذي راودها ، فقدت ،

يعني فمزقت قميصه من قُبل ، يعنى من قدامه ، فصدقت على يوسف ، ويوسف من

الكاذبين في قوله .

٢٧

يوسف : ٢٧ وإن كان قميصه . . . . .

 وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين [ آية : ٢٧ ] ، أي وإن كان

يوسف هو الهارب منها ، فأدركته فقدت قميصه من دبر ، فكذبت على يوسف ، ويوسف

من الصادقين في قوله ، وقد سمعا جلبتهما وتمزيق القميص من وراء الباب .

٢٨

يوسف : ٢٨ فلما رأى قميصه . . . . .

 فَلمَا رَءا الزوج قميصه قد من دبر ، يقول : مزق من ورائه قال لها :

 إنه من كيدكن ، يقول : تمزيق القميص من فعلكن ، يعنى امرأته ، ثم قال : إن كيدكن ، يعنى فعلكن عظيم [ آية : ٢٨ ] ؛ لأن المرأة لا تزال بالرجل حتى يقع في

الخطيئة العظيمة .

٢٩

يوسف : ٢٩ يوسف أعرض عن . . . . .

ثم قال الشاهد ليوسف : يوسف أعرض عن هذا الأمر الذي فعلت بك ، ولا

تذكره لأحد ، ثم أقبل الشاهد على المرأة ، فقال : واستغفري لذنبك ، يعنى واعتذري

إلى زوجك واستعفيه ألا يعاقبك إنك كنت من الخاطئين [ آية : ٢٩ ] .

٣٠

يوسف : ٣٠ وقال نسوة في . . . . .

 وقال نسوة في المدينة ، وهن خمس نسوة : امرأة الخباز ، وامرأة الساقي ،

وامرأة صاحب السجن ، وامرأة صاحب الدواب ، وامرأة صاحب الإذن ، قلن : امرأتُ

العزيزِ تُراودُ فَتَاها العبراني ، يعني عبدها الكنعاني عن نفسه قد شغفها حبا ،

يعني غلبها حباً شديداً هلكت عليه إنا لنراها في ضلال مبين [ آية : ٣٠ ] ، يعنى في

خسران بين ، يعنى شقاء من حب يوسف ، عليه السلام ، حتى فشا عليها .

٣١

يوسف : ٣١ فلما سمعت بمكرهن . . . . .

 فلما سمعت زليخا بمكرهن ، يعنى بقولهن لها أرسلت إليهن فجئنها ،

 وأعتدت لَهُنَّ مُتكئاً ، وهو الأترج ، وكل شيء يحز بالسكين فهو متكأ وءاتت

يعني وأعطت كل واحدة منهن سكينا ، وأمرت يوسف ، عليه السلام ، فتزين وترجل ،

وكان أعطى يوسف في زمانه ثلث الحسن ، وآتاه الحسن من قبل جده إسحاق من قبل

أمه سارة ، وورثت سارة حسنها من قبل حواء امرأة آدم ، عليه السلام ، وحسن حواء من

آدم ؛ لأنها خلقت منه .

وقال مقاتل : كل ذكر أحسن من الأنثى من الأشياء كلها ، وفضل يوسف في زمانه

بحسنه على الناس ، كفضل القمر ليلة البدر على الكواكب .

 وقالت ، أي ثم قال : يا يوسف : اخرج عليهن من البيت فلما رأينه أكبرنه ، يعنى أعظمته وقطعن أيديهن ، يعنى وحززن أصابعهن بالسكين حين نظرن

إليه وقلن حاش للّه ، يعنى معاذ اللّه ما هذا بشرا إنساناً إن هذا إلا ملك كريم [ آية : ٣١ ] ، يعنى حسن ، فأعجبها ما صنعن وما قلن .

٣٢

يوسف : ٣٢ قالت فذلكن الذي . . . . .

 قالت زليخا : فذلِكن الَّذي لُمتني فِيهِ الذي افتتنتن به ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ، يعنى فامتنع عن الجماع وَلئن لَّم يفعل ما ءامُرُهُ لَيُسجنن وَليكُونا مِنَ

الصاغِرينَ [ آية : ٣٢ ] ، يعنى المذلين .

٣٣

يوسف : ٣٣ قال رب السجن . . . . .

قالت النسوة : يا يوسف ، ما يمنعك أن تقضي لها حاجتها ؟ فدعي يوسف ربه قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه من الزنا ، حين قلن ليوسف : ما يحملك على ألا

تقضي لها حاجتها وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن ، يقول : أفضي إليهن ،

 وأكن من الجاهلين [ آية : ٣٣ ] ، يعنى من المذنبين .

٣٤

يوسف : ٣٤ فاستجاب له ربه . . . . .

 فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن ، يعنى مكرهن وشرهن إنه هو السميع لدعاء يوسف العليم [ آية : ٣٤ ] به .

٣٥

يوسف : ٣٥ ثم بدا لهم . . . . .

 ثم بدا لهم ، يعنى ثم بدا للزوج من بعد ما رأوا الآيات ، يعنى من بعد ما رأوا

العلامات في تمزيق القميص من دبر أنه برئ ليسجننه حتى حين [ آية : ٣٥ ] ،

وذلك أنها قالت لزوجها حين لم يطاوعها يوسف : أحبس يوسف في السجن لا يلج

عليَّ ، فصدقها فحبسته ، فقال له صاحب السجن : من أنت ؟ قال : ولم تسألني من أنا ؟

قال : لأني أحبك ، قال : أعوذ باللّه من حبك ، أحبني والدي ، فلقيت من اخوتي ما لقيت ،

وأحبتني امرأة العزيز ، فلقيت من حبها ما لقيت ، فلا حاجة لي في حب أحد إلا في إلهي

الذي في السماء ، قال : أخبرني من أنت ؟ قال : أنا يوسف نبي اللّه ، ابن يعقوب صفي اللّه ، ابن إسحاق ذبيح اللّه ، ابن إبراهيم خليل اللّه ، وكان يوسف في السجن يؤنس

الحزين ، ويطمئن الخائف ، ويقوم على المريض ، ويعبر لهم الرؤيا .

٣٦

يوسف : ٣٦ ودخل معه السجن . . . . .

ورقي إلى الملك أن غلامه الخباز يريد أن يجعل في طعامه سماً ، ورقي إليه في غلامه

الساقي مثل ذلك ، فذلك

قوله : ودخل معه السجن فتيان ، الخباز والساقي ، اسم

 

أحدهما شرهم أقم ، وهو الساقي ، واسم الخباز شرهم أشم قال

أحدهما إني أراني

في المنام كأني أعصر خمرا ، يعني عنباً ، قال : كأني دخلت البستان ، فإذا فيه أصل

كرم ، وعليه ثلاث عناقيد ، فكأني أعصرهن وأسقي الملك وقال الآخر إني أراني ،

رأيت في المنام كأني أحمل فوق رأسي خبزا ، ثلاث سلال ، وأعلاهن جفنة من خبز ،

فوق رأسي ، مثل

قوله : فاضربوا فوق الأعناق [ الأنفال : ١٢ ] ، ومثل

قوله :

 اجتثت من فوق الأرض [ إبراهيم : ٢٦ ] ، يعني أعلا الأرض تأكل الطير منه نبئنا بتأويله ، يقول : أخبرنا بتفسير ما رأينا في المنام إنا نراك من المحسنين

[ آية : ٣٦ ] ، وكان إحسانه في السجن أنه كان يعود مرضاهم ويداويهم ، ويعزي

مكروبهم ، ورآه متعبداً لربه ، فهذا إحسانه .

٣٧

يوسف : ٣٧ قال لا يأتيكما . . . . .

 قال يوسف : ألا أخبركما بأعجب من الرؤيا التي رأيتما ، قال : لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله ، إلا أخبرتكما بألوانه قبل أن يأتيكما الطعام ،

فقالوا ليوسف : إنما يعلم هذا الكهنة والسحرة ، وأنت لست في هيئة ذلك ، فقال يوسف

لهما : ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم أولئك الكهنة والسحرة ، يعنى أهل

مصر لا يؤمنون باللّه ، يعنى لا يصدقون بتوحيد اللّه ، ولا بالبعث الذي فيه جزاء

الأعمال وهم بالآخرة هم كافرون [ آية : ٣٧ ] .

٣٨

يوسف : ٣٨ واتبعت ملة آبائي . . . . .

 واتبعتُ مِلةَ ءاباءي إِبراهيم وَإسحق وَيعقوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُشرِكَ بِاللّه مِن شَيءٍ

ذلك من فَضلِ اللّه عَلَينا وَعَلى النَّاس وَلَكِنَّ أَكثرَ النَّاس لا يشكُرُونَ [ آية : ٣٨ ] .

٣٩

يوسف : ٣٩ يا صاحبي السجن . . . . .

ثم دعاهما إلى الإسلام وهما كافران ، فقال : يصحِبي السِجن ، يعني الخباز

والساقي ءاربابٌ مُتفرِقُونَ خَيرُ ، أآلهة شتى تعبدون خير ، يعنى أفضل أم اللّه

 الواحد القهار [ آية : ٣٩ ] لخلقه ؛ لأن الآلهة مقهورة ، كقوله في النمل : آللّه خير أما يشركون [ النمل : ٥٩ ] من الآلهة .

٤٠

يوسف : ٤٠ ما تعبدون من . . . . .

ثم قال يوسف عليه السلام : ما تعبدون من دونه من الآلهة إلا أَسماءَ

سَمَّيتُمُوهَا أَنتم وءاباؤُكُم أنها آلهة ما أنزل اللّه بها من سلطان إن الحكم ،

يعنى القضاء إلا للّه في التوحيد أمر ألا تعبدوا إلا إياه ، يقول : أمر اللّه أن

يوحد ، ويعبد وحده ، له التوحيد ذلك الدين القيم ، يعنى المستقيم ، وغيره من

الأديان ليس بمستقيم ولكن أكثر الناس ، يعنى أهل مصر لا يعلمون

[ آية : ٤٠ ] بتوحيد ربهم .

٤١

يوسف : ٤١ يا صاحبي السجن . . . . .

 يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا ، وهو الساقي ، قال له يوسف :

تكون في السجن ثلاثة أيام ، ثم تخرج فتكون على عملك ، فتسقي سيدك خمراً وأما الآخر ، وهو الخباز فيصلب فتأكل الطير من رأسه ، واسمه شرهم أشم ، قال

له يوسف : تكون في السجن ثلاثة أيام ، ثم تخرج فتصلب ، فتأكل الطير من رأسك ،

فكره الخباز تعبير رؤياه ، فقال : ما رأيت شيئاً ، إنما كنت ألعب ، فقال له يوسف : قضي الأمر الذي فيه تستفتيان [ آية : ٤١ ] ، رأيتما أو لم تريا ، فقد وقع بكما ما عبرت

لكما .

٤٢

يوسف : ٤٢ وقال للذي ظن . . . . .

 وقال يوسف للذي ظن أنه ناج منهما من القتل إضمار ، وهو الساقي :

 اذكرني عند ربك ، يعنى سيدك ، فإنه يسرني أن يخرجني من السجن ، يقول

اللّه : فأنساه الشيطان ذكر ربه ، يعنى يوسف دعاء ربه ، فلم يدع يوسف

ربه الذي في السماء ليخرجه من السجن ، واستغاث بعبد مثله ، يعنى الملك ، فأقره اللّه في

السجن عقوبة حين رجا أن يخرجه غير اللّه عز وجل ، فذلك

قوله : فلبث في السجن بضع سنين [ آية : ٤٢ ] ، يعنى خمس سنين حتى رأى الملك الرؤيا ، وكان في السجن

قبل ذلك سبع سنين ، وعوقب ببضع سنين ، يعنى خمس سنين ، فكان في السجن اثنتا

عشر سنة ، فذلك

قوله : ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين

[ يوسف : ٣٥ ] .

وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : لو أن يوسف ذكر ربه ، ولم يستغث بالملك ، لم يلبث في السجن

بضع سنين ، ولخرج من يومه ذاك ، قال : وأتي جبريل يوسف حين استغاث بالملك وترك

دعاء ربه ، فقال له : إن اللّه يقول لك : يا ابن يعقوب ، من حببك إلى أبيك وأنت

أصغرهم ؟ قال : أنت يا إلهي ، قال : إن اللّه يقول : من عصمك من الخطيئة وقد هممت

بها ؟ قال : أنت يا إلهي ، قال : فكيف تركتني واستغثت بعبد مثلك ؟ فلما سمع يوسف

ذكر الخطيئة ، قال : يا إلهي ، إن كان خلق وجهي عندك من أجل خطيئتي ، فأسألك بوجه

أبي وجدي أن تغفر لي خطيئتي .

٤٣

يوسف : ٤٣ وقال الملك إني . . . . .

 وقال الملك ، وهو الريان بن الوليد ، للملأ من قومه : إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع ، أي بقرات عجاف و رأيت وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات ، ثم قال : يَأيُها المَلأ أفتوني في رُءياي ، وهم علماء أهل الأرض ،

وكان أهل مصر من أمهر الكهنة والعرافين إِن كُنتُم للرُّءيا تَعبُرُونَ [ آية : ٤٣ ] ،

ولم يعلموا تأويل رؤياه .

٤٤

يوسف : ٤٤ قالوا أضغاث أحلام . . . . .

ف قالوا أضغاث أحلام ، يعنى أحلام مختلطة كاذبة ، ثم عملوا أن لها تعبيراً ،

وأنها ليست من الأحلام المختلطة ، فمن ثم   وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين

[ آية : ٤٤ ] ، وجاءه جبريل ، عليه السلام ، فأخبره أنه يخرج من السجن غداً ، وأن الملك قد

رأى رؤيا ، فلما نظر يوسف إلى جبريل عليه البياض مكلل باللؤلؤ . قال مقاتل : قال له :

أيها الملك الحسن وجهه ، الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، أي رسل ربي

أنت ؟ قال : أنا جبريل ، قال : ما أتى بك ؟ قال : أبشرك بخروجك ، قال : ألك علم بيعقوب

أبي ما فعل ؟ قال : نعم ، ذهب بصره من الحزن عليك .

قال : أيها الملك الحسن وجهه ، الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، ما بلغ

من حزنه ؟ قال : بلغ حزنه حزن سبعين مثكلة بولدها ، قال : أيها الملك الحسن وجهه ،

الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، فما له من الأجر ؟ قال : أجر مائة شهيد ،

وألف مثكلة موجعة ، قال : أيها الملك الحسن وجهه ، الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم

على ربه ، هل رأيت يعقوب ؟ قال : نعم ، قال : أيها الملك من ضم إليه بعدي ؟ قال : أخاك

بنيامين ، قال يوسف : يا ليت السباع تقسمت لحمي ولم يلق يعقوب في سبيلي ما لقي .

فلما سمع الساقي رؤيا الملك ، ذكر تصديق عبارة يوسف ، عليه السلام ، في نفسه ،

وفي الخباز ، فذلك

قوله :

٤٥

يوسف : ٤٥ وقال الذي نجا . . . . .

 وقال الذي نجا منهما من القتل وادكر بعد أمة ، يعني

وذكر بعد حين : أنا أنبئكم بتأويله ، يعنى بتعبيره فأرسلون [ آية : ٤٥ ] إلى

يوسف .

٤٦

يوسف : ٤٦ يوسف أيها الصديق . . . . .

فلما أتى يوسف ، قال له الساقي : يوسف أيها الصديق ، يعنى أيها الصادق فيما

عبرت لي ولصاحبي أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات ، قال : أما البقرات السبع السمان ، والسنبلات الخضر ، فهن سبع

سنين مخصبات ، وأما البقرات العجاف السبع ، والسنبلات السبع الأخر اليابسات ، فهن

المجدبات ، ثم قال الساقي : لعلي أرجع إلى الناس ، يعني أهل مصر لعلهم ، يعنى

لكي يعلمون [ آية : ٤٦ ] تعبيرها ، يعنى تعبير هذه الرؤيا .

٤٧

يوسف : ٤٧ قال تزرعون سبع . . . . .

ثم عملهم كيف يصنعون قال تزرعون سبع سنين دأبا ، يعنى دائبين في الزرع ، ثم

علمهم يوسف ما يصنعون ، فقال : فما حصدتم من حب فذروه في سنبله ،

فإنهُ أبقي له لئلا يأكله السوس إلا قليلا مما تأكلون [ آية : ٤٧ ] ، فتشقونه .

٤٨

يوسف : ٤٨ ثم يأتي من . . . . .

 ثم يأتي من بعد ذلك ، يعنى من بعد السنين المخصبات سبع شداد ، يعنى

مجدبات يأكلن ما قدمتم لهن ، يعني ما ذخرتم لهن في هذه السنين الماضية ،

 إلا قليلا مما تحصنون [ آية : ٤٨ ] ، يعنى مما تدخرون فتحرزونه .

٤٩

يوسف : ٤٩ ثم يأتي من . . . . .

 ثم يأتي من بعد ذلك ، يعنى من بعد السنين المجدبات عام فيه يغاث الناس ،

يعنى أهل مصر بالمطر وفيه يعصرون [ آية : ٤٩ ] العنب ، والزيت من الخصب ، هذا

من قول يوسف ، وليس من رؤيا الملك ، فرجع الرسول فأخبره فعجب .

٥٠

يوسف : ٥٠ وقال الملك ائتوني . . . . .

 وقال الملك واسمه الريان بن الوليد : ائتوني به ، يعني بيوسف فلما جاءه الرسول ، يعنى رسول الملك ، وهو الساقي قال له : ارجع إلى ربك ، يعنى

سديك فَسئلَهُ مَا بَالُ النسوةِ الخمس التي قطعنَ أَيديهن ، يعنى حززن

أصابعهن بالسكين إن ربي بكيدهن ، يعنى بقولهن عليم [ آية : ٥٠ ] حين قلن :

ما يمنعك أن تقضي لها حاجتها ؟ وأراد يوسف ، عليه السلام ، أن يستبين عذره عند الملك

قبل أن يخرج من السجن ، ولو خرج يوسف حين أرسل إليه الملك قبل أن يبرئ نفسه ، لم

يزل متهماً في نفس الملك ، فمن ثم قال : قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم ، فيشهدن أن امرأة العزيز قالت : ولقد

راودتُهُ عن نفسيه فاستعصم [ يوسف : ٣٢ ] .

٥١

يوسف : ٥١ قال ما خطبكن . . . . .

فلما سألهن الملك قال لهن : ما خطبكن ، يعنى ما أمركن ، ك

قوله : فما خطبكم أيها المرسلون [ الحجر : ٥٧ ] ، يعنى ما أمركم إذ راودتن يوسف عن نفسه ، وذلك أنهن قلن حين خرج عليهن يوسف من البيت : ما عليك أن تقضي لها

حاجتها ؟ فأبي عليهن ، فرددن على الملك قُلنَ حَشَ للّه ، يعني معاذ اللّه ما علمنا عليه من سوء ، يعنى الزنا ، فلما سمعت زليخا قول النسوة قَالت امرأتُ

العزيز عند ذلك الئن حصحص ، يعنى الآن تبين الحق أنا راودته عن نفسه وإنه يوسف لمن الصادقين [ آية : ٥١ ] في قوله .

٥٢

يوسف : ٥٢ ذلك ليعلم أني . . . . .

فأتاه الروسل في السجن ، فأخبره بقول النسوة عند الملك ، قال يوسف : ذلك ليعلم ، يقول : هذا ليعلم سيده أني لم أخنه بالغيب في أهله ، ولم أخالفه فيهن ،

 وأن اللّه لا يهدي كيد الخائنين [ آية : ٥٢ ] ، يعنى لا يصلح عمل الزناة ، يقول : يخذلهم ،

فلا يعصمهم من الزنا ، فأتاه الملك ، وهو جبريل ، بالبرهان الذي رأى ، فقال ليوسف : أين

ما هممت به أولاً حين حللت سراويلك وجلست بين رجليها ؟

فلما ذكر الملك ذلك ، قال عند ذلك :

٥٣

يوسف : ٥٣ وما أبرئ نفسي . . . . .

 وما أبرئ نفسي ، يعنى قلبي من الهم ،

لقد هممت بها أن النفس ، يعني القلب لأمارة بالسوء للجسد ، يعنى بالإثم ،

ثم استثنى ، فقال : إلا ما رحم ربي ، يعني إلا ما عصم ربي ، فلا تأمر بالسوء إن ربي غفور لما هم به من المعصية رحيم [ آية : ٥٣ ] به حين عصمه .

٥٤

يوسف : ٥٤ وقال الملك ائتوني . . . . .

 وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي ، يعنى اتخذه فلما أتاه يوسف

و كلمه ، أي كلم الملك قال ليوسف : إنك اليوم لدينا مكين ، يقول :

عندنا وجيه امين [ آية : ٥٤ ] على ما وكلت به ، ك

قوله : عند ذي العرش مكين [ التكوير : ٢٠ ] .

٥٥

يوسف : ٥٥ قال اجعلني على . . . . .

ثم قال يوسف للملك : اجعلني على خزائن الأرض بمصر إني حفيظ

لما وكلتني به عليم [ آية : ٥٥ ] ، يعنى عالم بلغة الناس كلها . قال مقاتل : قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : لو قال : إني حفظ عليم إن شاء اللّه ، لملك من يومه ذلك ، وقال ابن عباس : لبث

بعد ذلك سنة ونصفاً ، ثم ملك أرض مصر . وقال مقاتل : قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : عجبت من

صبر يوسف وكرمه ، واللّه يغفر له ، لو كنت أنا لبادرت الباب حين بعث إليه الملك

يدعوه .

٥٦

يوسف : ٥٦ وكذلك مكنا ليوسف . . . . .

 وكذلك مكنا ليوسف ، يعنى وهكذا مكنا ليوسف الملك في الأرض ، في

أرض مصر ، ل يتبوأ ، يقول : ينزل منها حيث يشاء نصيب برحمتنا ، يعنى سعتنا ،

 من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين [ آية : ٥٦ ] ، يعنى نوفيه جزاءه ، فجزاه اللّه

بالصبر على البلاء ، والصبر على المعصية بأن ملكه على مصر .

٥٧

يوسف : ٥٧ ولأجر الآخرة خير . . . . .

ثم قال : ولأجر الآخرة خير ، يعنى أكبر ، يعنى جزاء الآخرة أفضل مما أعطى في

الدنيا من الملك للذين ءامنواْ ، يعنى صدقوا بالتوحيد وَكَانُواْ يتفقُونَ [ آية : ٥٧ ] .

الشرك مثل الذي اتقى يوسف ، عليه السلام .

٥٨

يوسف : ٥٨ وجاء إخوة يوسف . . . . .

 وجاء إخوة يوسف من أرض كنعان فدخلوا عليه ، أي على يوسف بمصر ،

 فعرفهم يوسف وهم له منكرون [ آية : ٥٨ ] ، يقول : وهم لا يعرفون

يوسف ، فقال : من أنتم ؟   نحن بنو يعقوب ، نحن من أهل كنعان ، قال : كم أنتم ؟

  نحن أحد عشر ، قال : ما لي لا أرى الأحد عشر ؟   واحد منا عند أبينا ، قال :

ولم ذلك ؟   إن أخاهُ لأمه أكله الذئب ، فلذلك تركناه عند أبينا ، فهو يستريح إليه .

٥٩

يوسف : ٥٩ ولما جهزهم بجهازهم . . . . .

 ولما جهزهم يوسف بجهازهم ، يعنى في أمر الطعام قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ، يعنى بنيامين ، وكان أخاهم من أبيهم ، وكان أخا يوسف لأبيه وأمه ألا ترون أني أوفي ، يعنى أوفي لكم الكيل وأنا خير المنزلين [ آية : ٥٩ ] ، وأنا أفضل

من يضيف بمصر .

٦٠

يوسف : ٦٠ فإن لم تأتوني . . . . .

 فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم ، يعنى فلا بيع لكم عندي من الطعام ولا تقربون [ آية : ٦٠ ] بلادي .

٦١

يوسف : ٦١ قالوا سنراود عنه . . . . .

 قالوا سنراود عنه أباه يعقوب وإنا لفاعلون [ آية : ٦١ ] ذلك بأبيه .

٦٢

يوسف : ٦٢ وقال لفتيانه اجعلوا . . . . .

 وقال يوسف لفتيانه ، يعنى لخدامه وهم يكيلون لهم الطعام : اجعلوا بضاعتهم يعنى دراهمهم في رحالهم ، يعنى في أوعيتهم لعلهم ، يعنى لكي

 يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم ، يعنى لكي يرجعون [ آية : ٦٢ ] إلينا

فلا يحبسهم عنا حبس الدراهم إذا ردت إليهم ؛ لأنهم كانوا أهل ماشية .

٦٣

يوسف : ٦٣ فلما رجعوا إلى . . . . .

 فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل ، يعنى منع كيل الطعام ، فيه

إضمار فيما يستأنف فأرسل معنا أخانا بنيامين نكتل الطعام بثمن ،

 وإنا له لحافظون [ آية : ٦٣ ] من الضيعة .

٦٤

يوسف : ٦٤ قال هل آمنكم . . . . .

 قال أبوهم : هَل ءامنُكُم عليه إِلا كما أمنتكم على أَخيه من قبل في قراءة

ابن مسعود : هل تحفظونه إلا كما حفظتم أخاه يوسف من قبل بنيامين فاللّه خير حافظا ، يعنى فاللّه خير حافظاً منكم وهو أرحم الراحمين [ آية : ٦٤ ] ، يعنى أفضل

الراحمين .

٦٥

يوسف : ٦٥ ولما فتحوا متاعهم . . . . .

 ولما فتحوا متاعهم ، يعنى حلوا أوعيتهم وجدوا بضاعتهم ، يعنى

دراهمهم ، فيها إضمار ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي بعد هذه إضمار ،

فإنهم قد ردوا علينا الدراهم ، هذه بضاعتنا ، يعنى دراهمنا ردت إلينا ونمير أهلنا الطعام ونحفظ أخانا بنيامين من الضيعة ونزداد من أجله كيل بعير ، وكان أهل مصر يبيعون الطعام على عدة الرجال ، ولا يبيعون على عدة

الدواب ، وكان الطعام عزيزاً ، فذلك

قوله : كيل بعير من أجله ذلك كيل يسير [ آية : ٦٥ ] سريع لا حبس فيه .

٦٦

يوسف : ٦٦ قال لن أرسله . . . . .

 قال أبوهم : لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من اللّه ، يعنى تعطوني

عهداً من اللّه لتأتيني بِهِ ، يعني بنيامين ولا تضيعوه كما ضيعتم أخاه يوسف ،

 إلا أن يحاط بكم ، يعنى يحيط بكم الهلاك فتهلكوا جميعاً فلما ءاتوهُ موثقهُم ،

يعنى عهدهم قال يعقوب : اللّه على ما نقول وكيل [ آية : ٦٦ ] ، يعنى شهيداً بيني

وبينكم ، نظيرها في القصص : واللّه على ما نقول وكيل [ القصص : ٢٨ ] .

٦٧

يوسف : ٦٧ وقال يا بني . . . . .

فلما سرح بنيامين معهم ، خشي عليهم العين ، وكان بنوه لهم جمال وحسن وقال يا بني لا تدخلوا مصر من باب واحد ، يعنى من طريق واحدة وادخلوا من أبواب متفرقة ، من طرق شتى ، ثم قال : وما أغني عنكم إذا جاء قضاء اللّه مِنَ اللّه

من شيءٍ إِن الحُكم إِلا للّه ، يعنى ما القضاء إلا للّه عليه توكلت ، يقول : به أثق ،

 وعليه فليتوكل المتوكلون [ آية : ٦٧ ] ، يعنى به فليثق الواثقون .

٦٨

يوسف : ٦٨ ولما دخلوا من . . . . .

 ولما دخلوا مصر من حيث أمرهم أبوهم من طرق شتى ، أخذ كل واحد

منهم في طريق على حدة ، يقول اللّه تعالى ما كان يعقوب يُغني عَنهُم مِنَ

اللّه من شيءٍ إِلا حَاجة في نَفس يعقوب قضها ، ك

قوله : ولا يجدون في صدورهم حاجة [ الحشر : ٩ ] ، وهذا من كلام العرب ، يعنى إلا أمر شجر في نفس يعقوب ،

 وإنه ، يعنى أباهم لذو علم لما علمناه ؛ لأن اللّه تعالى علمه أنه لا يصيب بنيه

إلا ما قضي اللّه عليهم ولكن أكثر الناس لا يعلمون [ آية : ٦٨ ] .

٦٩

يوسف : ٦٩ ولما دخلوا على . . . . .

 وَلما دَخلواْ عَلَى يُوسُف ءاوى إِليه أَخاهُ ، يعنى ضم إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون [ آية : ٦٩ ] ، يقول : فلا تحزن بما سرقوك

وجاءوا بالدراهم التي كانت في أوعيتهم فردوها إلى يوسف ، عليه السلام .

٧٠

يوسف : ٧٠ فلما جهزهم بجهازهم . . . . .

 فلما جهزهم بجهازهم ، يقول : فلما قضي في أمر الطعام حاجتهم جعل السقاية ، وهي الإناء الذي يشرب به الملك في رحل أخيه بنيامين ثم أذن مؤذن ، يعنى نادى مناد ، اسمه بعرايم بن بربري ، من فتيان يوسف : أيتها العير ،

يعني الرفقة إِنكم لسرِقُونَ [ آية : ٧٠ ] فانقطعت ظهورهم وساء ظنهم .

٧١

يوسف : ٧١ قالوا وأقبلوا عليهم . . . . .

ف قالوا وأقبلوا عليهم ، فيها تقديم وأقبلوا على المنادي ، ثم   ماذا تفقدون [ آية : ٧١ ] .

٧٢

يوسف : ٧٢ قالوا نفقد صواع . . . . .

 قالوا المنادي ومن معه لإخوة يوسف : نفقد صواع الملك ، يعنى إناء

الملك ، وكان يكال به كفعل أهل العساكر ولمن جاء به حمل بعير ، يعنى وقر

بعير وأنا به زعيم [ آية : ٧٢ ] ، يعنى به كفيل .

٧٣

يوسف : ٧٣ قالوا تاللّه لقد . . . . .

فرد الاخوة القول على المنادي قالوا تاللّه لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض ، يعنى أرض مصر بالمعاصي وما كنا سارقين [ آية : ٧٣ ] ، وقد رددنا

عليكم الدراهم التي كانت في أوعيتنا ، ولو كنا سارقين ما رددناها عليكم .

٧٤

يوسف : ٧٤ قالوا فما جزاؤه . . . . .

 قالوا ، أي المنادي ومن معه : فما جزاؤه ، أي السارق إن كنتم كاذبين [ آية : ٧٤ ] .

٧٥

يوسف : ٧٥ قالوا جزاؤه من . . . . .

 قالوا جزاؤه من وجد في رحله ، يعنى في وعائه ، يعنى المتاع فهو جزاؤه ،

يعنى هو مكان سرقته كذلك نجزي الظالمين [ آية : ٧٥ ] ، يعنى هكذا نجزي

السارقين ، كقوله في المائدة : فمن تاب من بعد ظلمه [ المائدة : ٣٩ ] ، يعنى بعد

سرقته ، وكان الحكم بأرض مصر أن يغرم السارق عبداً يستخدم على قدر ضعف ما

سرق ويترك ، وكان الحكم بأرض كنعان أن يتخذ السارق عبداً يستخدم على قدر

سرقته ، ثم يخلى سبيله ، فيذهب حيث شاء ، فحكموا بأرض مصر بقضاء أرضهم .

٧٦

يوسف : ٧٦ فبدأ بأوعيتهم قبل . . . . .

 فبدأ المنادي بأوعيتهم ، فنظر فيها ، فلم ير شيئاً قبل وعاء أخيه ، ثم

انصرف ولم ينظر في وعاء بنيامين ، فقال : ما كان هذا الغلام ليأخذ الإناء ، قال إخوته :

لا ندعك حتى تنظر في وعائه ، فيكون أطيب لنفسك ، فنظر ، فإذا هو بالإناء ثم استخرجها من وعاء أخيه ، يعنى من متاع أخيه ، وهو أخو يوسف لأبيه وأمه ،

 كذلك كدنا ، يعنى هكذا صنعنا ليوسف أن يأخذ أخاه خادماً بسرقته

في دين الملك ، يعنى في سلطان الملك ، فذلك

قوله : ما كان ليأخذ أخاه ، يعنى

ليحبس أخاه في دين الملك ، يعنى حكم الملك ، لأن حكم الملك أن يغرم السارق

ضعف ما سرق ثم يترك إلا أن يشاء اللّه ذلك ليوسف نرفع درجات من نشاء ، يعنى فضائل يوسف حين أخذ أخاه ، ثم قال : وفوق كل ذي علم عليم

[ آية : ٧٦ ] ، يقول الرب تعالى عالم وفوق كل ذي علم عليم ، يقول : يوسف

أعلم اخوته .

٧٧

يوسف : ٧٧ قالوا إن يسرق . . . . .

ثم قال إخوة يوسف : قالوا إن يسرق بنيامين فقد سرق أخ له من قبل بنيامين يعنون يوسف ، عليه السلام ، وذلك أن جد يوسف أبا أمه كان اسمه

لاتان ، كان يعبد الأصنام ، فقالت راحيل لأبنها يوسف ، عليه السلام : خذ الصنم ففر به

من البيت ، لعله يترك عبادة الأوثان ، وكان من ذهب ، ففعل ذلك يوسف ، عليه السلام ،

فتلك سرقة يوسف التي قالوا ، فلما سمع يوسف مقالتهم فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم ، ولم يظهرها لهم قال في نفسه : أنتم شر مكانا ، ولم

يسمعهم ، قال : أنتم أسوأ صنعاً فيما صنعتم بيوسف واللّه أعلم بما تصفون [ آية :

٧٧ ] ، يعنى بما تقولون من الكذب أن يوسف سرق .

فعندها   ما لقينا من ابني راحيل يوسف وأخيه ؟ فقال بنيامين : ما لقي ابنا راحيل

منكم ؟ أما يوسف ، فقد فعلتم به ما فعلتم ، وأما أنا فسرقتموني ،   فمن جعل الإناء

في متاعك ؟ قال : جعله في متاعي الذي جعل الدراهم في أمتعتكم ، فلما ذكر الدراهم

شتموه ، و  لا تذكر الدراهم ، مخافة أن يؤخذوا بها .

٧٨

يوسف : ٧٨ قالوا يا أيها . . . . .

 قالوا ، أي اخوة يوسف ليوسف : يا أيها العزيز ، وذلك أن أرض مصر

صارت إليه ، وهو خازن الملك أن له ، يعنى بنيامين أبا شيخا كبيرا ، حزيناً

على ابن مفقود فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين [ آية : ٧٨ ] إلينا إن

فعلت بنا ذلك .

٧٩

يوسف : ٧٩ قال معاذ اللّه . . . . .

 قال يوسف : معاذ اللّه ، يقول : نعوذ باللّه أن تأخذ ، يعنى أن نحبس

بالسرقة إِلا مَن وَجدنا متاعنا عِندهُ إِنا إِذا لظلمُونَ [ آية : ٧٩ ] أن نأخذ البرئ

مكان السقيم .

٨٠

يوسف : ٨٠ فلما استيأسوا منه . . . . .

 فَلما استيئسوا مِنْهُ ، يقول : يئسوا من بنيامين خلصوا نجيا ، يعنى خلوا

يتناجون بينهم على حدة ، وقال بعضهم لبعض : قال كبيرهم ، يعنى عظيمهم في

أنفسهم وأعلمهم ، وهو يهوذاً ، ولم يكن أكبرهم في السن : أَلم تعلمُواْ أَن أَباكُم قد

أخَذَ عَليكُم موثقاً مِنَ اللّه ، يعنى في أمر بنيامين لتأتينه به وَمِن قبلُ بنيامين مَا

فرطتُم في يُوسُف ، يعنى ضيعتم فَلن أَبرحَ الأرض ، يعنى أرض مصر حَتى

يَأَذنَ لي أَبي في الرجعة أَو يَحكُم اللّه لي فيرد على بنيامين وَهُوَ خَيرُ

الحاكمينَ [ آية : ٨٠ ] ، يعنى أفضل القاضين .

٨١

يوسف : ٨١ ارجعوا إلى أبيكم . . . . .

 ارجعوا إلى أَبيكم فقُولُوا يأبانا إِن ابنكَ سَرق ، يعنى بنيامين وَمَا شهدَنا

إِلا بِمَا عَلِمنَا ، يعنى رأينا الصواع حين أخرج من متاعه وَمَا كُنا للغيبِ

حافِظينَ [ آية : ٨١ ] ، يعنى وما كنا نرى أنه يسرق ، ولو علمنا ما ذهبنا به معنا .

٨٢

يوسف : ٨٢ واسأل القرية التي . . . . .

 وَسئَل القريةَ ، يعنى مصر التي كُنَّا فِيها أنه سرق والعِير التي أقبلنا

فيها وإنا لصدِقُونَ [ آية : ٨٢ ] فيما نقول ، قال لهم يعقوب : كلما ذهبتم نقص منكم

واحد ، وكان يوسف ، عليه السلام ، حبس بنيامين ، وأقام شمعون ويهوذا ، فأتهمهم

يعقوب ، عليه السلام .

٨٣

يوسف : ٨٣ قال بل سولت . . . . .

ف قَال بَل سَولت لكُم ، يعنى ولكن زينت لكم أَنفسُكُم أمراً ، كان هو منكم

هذا فصبرٌ جَميل ، يعنى صبراً حسناً لا جزع فيه عَسى اللّه أن يأتيني بِهم

جميعاً ، يعنى بنيه الأربعة إِنَّهُ هُوَ العَليمُ  بخلقه الحَكيمُ [ آية : ٨٣ ] ،

يعنى الحاكم فيهم ، ولم يخبر اللّه يعقوب بأمر يوسف ليختبر صبره .

٨٤

يوسف : ٨٤ وتولى عنهم وقال . . . . .

 وتولى عَنهُم ، يعنى وأعرض يعقوب عن بنيه ، ثم أقبل على نفسه وَقال

يأَسفي ، يعنى يا حزناه عَلَى يُوسُف وابيضت عَيناهُ ست سنين لم يبصر بهما ،

 مِنَ الحُزنِ  على يوسف فَهُوَ كَظِيمٌ [ آية : ٨٤ ] ، يعنى مكروب يتردد

الحزن في قلبه .

٨٥

يوسف : ٨٥ قالوا تاللّه تفتأ . . . . .

 قَالواْ ، أي قال بنوه يعيرونه : تاللّه تفتؤاْ ، يعنى واللّه ما تزال تَذكرُ

يُوسف حَتى تَكُونَ حَرَصاً ، يعنى الدنف أَو تكُونَ مِنَ الهالِكينَ [ آية : ٨٥ ] ، يعنى الميتين .

٨٦

يوسف : ٨٦ قال إنما أشكو . . . . .

 قال لهم أبوهم : إِنَّما أشكُوا بثي ، يعنى ما بثه في الناس وَحُزني ،

يعني ما بطن إِلى اللّه وَأَعلمُ مِنَ اللّه ، يعنى من تحقيق رؤيا يوسف أنه كائن ،

 مَا لا تعلمُونَ [ آية : ٨٦ ] .

٨٧

يوسف : ٨٧ يا بني اذهبوا . . . . .

 يا بني اذهبوا فتحسسواْ من ، يعنى فابحثوا عن يُوسُفَ وَأَخيه بنيامين وَلاَ

تايئسُوا من رَوحِ اللّه ، يعنى من رحمة اللّه إِنهُ لا يأيئس من روح اللّه ، يعنى من

رحمة اللّه إِلا القومُ الكافرونَ [ آية : ٨٧ ] ، وذلك أن يعقوب ، عليه السلام ، رأى

ملك الموت في المنام ، فقال له : هل قبضت روح يوسف ؟ قال : لا ، وبشره ، فلما أصبح ،

قال : يا بني اذهبُوا فتحسسُواْ مِن .

٨٨

يوسف : ٨٨ فلما دخلوا عليه . . . . .

 فَلما دَخلواْ عليه يوسف قالوا يَأَيُها العَزيز مَسنا وأهلنا الضُّرُ ، يعنى الشدة

والبلاء من الجوع وجئنا ببضاعةٍ مزجاة يعنى دراهم نفاية فجوزها عنا ،

 فأوفِ ، يعنى فوفو لَنَا الكَيل بسعر الجياد وتصديق عَلينا ، يقول : تكون

هذه صدقة منك ، يعنون معروفاً أن تأخذ النفاية وتكيل لنا الطعام بسعر الجياد إن اللّه

يَجزى المُتصدقينَ [ آية : ٨٨ ] لمن كان على ديننا إضمار ، ولو علموا أنه مسلم

ل  إن اللّه يجزيك بصدقتك .

٨٩

يوسف : ٨٩ قال هل علمتم . . . . .

فلما سمع ما ذكروا من الضر قَالَ  لهم هَل عَلمتُم مَّا فَعَلتُم بِيُوسُف وأخيه ،

يعنى بي وبأخي بنيامين إِذ أَنتم جاهِلونَ [ آية : ٨٩ ] ، يعنى مذنبين .

٩٠

يوسف : ٩٠ قالوا أئنك لأنت . . . . .

 قَالوا أَءنكَ لأنتَ يُوسُفُ قال أنا يُوسُف وهذا أخي قد من اللّه علينا ، يقول :

قد أنعم اللّه علينا إِنَّهُ مَن يتقِ الزنا وَيصبِر على الأذى فإن اللّه لا

يُضيعُ أَجر المُحسِنينَ [ آية : ٩٠ ] ، يعنى جزاء من أحسن حتى يوفيه جزاءه .

٩١

يوسف : ٩١ قالوا تاللّه لقد . . . . .

 قَالواْ تاللّه ، يعنى واللّه لقد ءاثركَ اللّه علينا ، يعنى اختارك ، كقوله في

طه : لَن نؤثِرَكَ [ طه : ٧٢ ] ، يعنى لن نختارك علينا عند يعقوب ، وأعطاك وملكك

الملك وَ إِن كُنَّا لَخَاطِئين [ آية : ٩١ ] في أمرك ، فأقروا بخطيئتهم .

٩٢

يوسف : ٩٢ قال لا تثريب . . . . .

 قَالَ يوسف : لا تثريبَ عليكُمُ اليَوم ، يقول : لا تعيير عليكم ، لم يثرب

عليهم بفعلهم القبيح يغفرُ اللّه لكُم  ما فعلتم وَهُو أَرحم الراحمينَ

[ آية : ٩٢ ] من غيره .

٩٣

يوسف : ٩٣ اذهبوا بقميصي هذا . . . . .

 اذهبُواْ بِقميصي هذا فألقوهُ عَلى وجِهِ أَبِي يأتِ بَصيراً بعد البياض وَأَتُوني

بأهلكُم أَجمعينَ [ آية : ٩٣ ] ، فلا يبقى منكم أحد .

٩٤

يوسف : ٩٤ ولما فصلت العير . . . . .

 وَلما فَصَلتِ العِير من مصر إلى كنعان ثمانين فرسخاً قالَ أبوهُم

يعقوب لنبي بنيه : إِني لأجِد ريحَ يُوسفَ لَولا أَن تفتدُونِ [ آية : ٩٤ ] ، يعنى لولا

أن تجهلون .

٩٥

يوسف : ٩٥ قالوا تاللّه إنك . . . . .

 قَالواْ بنو بنية : تاللّه  واللّه إِنك لَفي ضَلالكِ القديم [ آية : ٩٥ ] ،

مثل

قوله : إِنَّا إذا لَّفي ضَلالٍ وسُعُرٍ [ القمر : ٢٤ ] ، يقول : في شقاء وعناء ، يعني

في شقاء من حب يوسف وذكره ، فما تنساه وقد أتى عليه أربعون سنة .

٩٦

يوسف : ٩٦ فلما أن جاء . . . . .

 فَلما أَن جَاء البشيرُ ألقاهُ عَلى وجُهه ، فلما أتاه البشير ، وهو الذي ذهب

بالقميص الأول الذي كان عليه الدم ، وألقى القميص على وجه يعقوب فارتد

يعنى فرجع بصيرا بعد البياض قال يعقوب : يا بني ألم أقل لكم إني أعلم من اللّه ما لا تعلمون [ آية : ٩٦ ] ، وذلك أن يعقوب قال لهم : إنما أشكو بثي وحزني إلى اللّه وأعلم من اللّه ما لا تعلمون [ يوسف : ٨٦ ] ، من تحقيق رؤيا

يوسف .

٩٧

يوسف : ٩٧ قالوا يا أبانا . . . . .

 قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين [ آية : ٩٧ ] في أمر يوسف .

٩٨

يوسف : ٩٨ قال سوف أستغفر . . . . .

 قال أبوهم : إني سوف أستغفر لكم ربي سحراً من الليل إنه هو الغفور للذنوب الرحيم [ آية : ٩٨ ] بالمؤمنين .

٩٩

يوسف : ٩٩ فلما دخلوا على . . . . .

 فلما دخلوا ، يعنى يعقوب وأهله أرض مصر عَلى يُوسفَ ءاوى ، يعنى ضم

 إليه أبويه وقال لهم : ادخلوا مصر إن شاء اللّه ءامنينَ [ آية : ٩٩ ] من الخوف ،

فدخل منهم اثنان وسبعون إنساناً من ذكر وأنثى .

١٠٠

يوسف : ١٠٠ ورفع أبويه على . . . . .

 ورفع يوسف أبويه على العرش ، يعني على السرير ، وجعل

أحدهما عن

يمينه

والآخر عن يساره ، وكانت أمه راحيل قد ماتت وخالته تحت يعقوب ، عليه

السلام ، وهي التي رفعها على السرير وخروا له سجدا ، أبوه وخالته واخوته قبل

أن يرفعهما على السرير في التقديم . قال أبو صالح : هذه سجدة التحية ، لا سجدة

العبادة وقال يوسف : يا أبت هذا السجود تأويل ، يعنى تحقيق رُءياي

من قبلُ قد جعلها ربي حقاً ، يعنى صدقاً ، وكان بين رؤيا يوسف وبين تصديقها أربعون

سنة وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ، كانوا أهل عمود

مواشي من بعد أن نزغ ، يعني أزاغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء ، حين أخرجه من السجن ومن البئر ، وجمع بينه وبين أهل بيته بعد التفريق ، فنزع

من قلبه نزع الشيطان على اخوته بلطفه إنه هو العليم الحكيم [ آية : ١٠٠ ] .

مات يعقوب قبل يوسف بسنتين ، ودفن يعقوب والعيص بن إسحاق في قبر واحد ،

وخرجا من بطن واحد ، في ساعة واحدة ، فلما جمع اللّه ليوسف شمله ، فأقر بعينه ، وهو

مغموس في الملك والنعمة ، اشتاق إلى اللّه وإلى آياته ، فتمنى الموت .

١٠١

يوسف : ١٠١ رب قد آتيتني . . . . .

حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : سمعت أبا صالح ، قال : قال مقاتل ، عن

الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : لم يتمن الموت نبي قط غير يوسف ، عليه السلام ، قال :

 رَبِّ قد ءاتيتني ، يعني قد أعطيتني من الملك على أهل مصر ثمانين سنة ،

 وعلمتني من تأويل الأحاديث ، من هاهنا صلة ، يعني تعبير الرؤيا فاطر السماوات والأرض ، يعنى خالق السموات والأرض ، كن أَنت وَلي في الدُّنيا

والأخرةِ توفني

مُسلماً ، يعنى مخلصاً بتوحيدك وألحقني بالصالحين [ آية : ١٠١ ] ، يعنى أباه

يعقوب ، وإسحاق ، وإبراهيم .

١٠٢

يوسف : ١٠٢ ذلك من أنباء . . . . .

 ذلك الخير من أنباء ، يعنى من أحاديث الغيب ، غاب يا محمد أمر

يوسف ويعقوب وبنيه عنك حتى أعلمناك نوحيه إليك ، لم تشهده ولم تعلمه ،

 وما كنت لديهم ، يعنى عند إخوة يوسف إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون [ آية : ١٠٢ ] بيوسف ، عليه السلام .

١٠٣

يوسف : ١٠٣ وما أكثر الناس . . . . .

 وما أكثر الناس ، يعنى كفار مكة ولو حرصت بمؤمنين [ آية :

١٠٣ ] ، يعنى بمصدقين ، فيها تقديم .

١٠٤

يوسف : ١٠٤ وما تسألهم عليه . . . . .

 وَما تسئلهُم عَليه من أَجرٍ ، يعنى على الإيمان من جُعل ان هو ، يعنى

القرآن إلا ذكر للعالمين [ آية : ١٠٤ ] .

١٠٥

يوسف : ١٠٥ وكأين من آية . . . . .

 وكأين ، يعنى وكم مِن ءايةٍ في السموات الشمس ، والقمر ، والنجوم ،

والسحاب ، والرياح ، والمطر والأرض الجبال ، والبحور ، والشجر ، والنبات عاماً

بعد عام يمرون عليها ، يعنى يرونها وهم عنها معرضون [ آية : ١٠٥ ] ، أفلا

يتفكرون فيما يرون من صنع اللّه فيوحدونه .

١٠٦

يوسف : ١٠٦ وما يؤمن أكثرهم . . . . .

 وما يؤمن أكثرهم ، أي أكثر أهل مكة باللّه إلا وهم مشركون [ آية :

١٠٦ ] في إيمانهم ، فإذا سئلوا : من خلقهم وخلق الأشياء كلها ؟   اللّه ، وهم في ذلك

يعبدون الأصنام .

١٠٦

يوسف : ١٠٧ أفأمنوا أن تأتيهم . . . . .

فخوفهم ، فقال : أفأمنوا أن تأتيهم غاشية ، يعنى أن تغشاهم عقوبة من عذاب اللّه في الدنيا أو تأتيهم الساعة بغتة ، يعنى فجأة وهم لا يشعرون [ آية : ١٠٧ ] يأتيانها ، هذا وعيد .

١٠٨

يوسف : ١٠٨ قل هذه سبيلي . . . . .

 قل هذه ملة الإسلام سبيلي ، يعنى سنتي أَدعوا إِلى اللّه ، يعنى إلى

معرفة اللّه ، وهو التوحيد على بصيرة ، يعنى على بيان أنا ومن اتبعني على

ديني وسبحان اللّه ، نزه الرب نفسه عن شركهم وما أنا من المشركين [ آية :

١٠٨ ]

١٠٩

يوسف : ١٠٩ وما أرسلنا من . . . . .

 وَمَا أَرسلنا مِن قبلك إِلا رِجالاً نُّوحي إليهم من أَهلي القُرى ؛ لأن أهل الريف

أعقل وأعلم من أهل العمود ، وذلك حين قال كفار مكة بألا بعث اللّه ملكاً رسولاً ،

 أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ، يعنى من قبل

أهل مكة ، كان عاقبتهم الهلاك في الدنيا ، يعنى قوم عاد ، وثمود ، والأمم الخالية ولدار الآخرة خير ، يعنى أفضل من الدنيا للذين اتقوا الشرك أفلا تعقلون

[ آية : ١٠٩ ] أن الآخرة أفضل من الدنيا .

١١٠

يوسف : ١١٠ حتى إذا استيأس . . . . .

 حَتى إِذا استيئس الرُّسُلُ من إيمان قومهم ، أو عدتهم رسلهم العذاب في الدنيا بأنه

نازل بهم وَظنواْ أنهُم كُذِبُواْ حسب قوم الرسل قد كذبوهم العذاب في

الدنيا بأنه نازل بهم ، يقول : جاءهم ، يعني الرسل نصرنا فنجي من نشاء من

المؤمنين من العذاب مع رسلهم ، فهذه مشيئته ولا يرد بأسنا ، يقول : لا يقدر أحد

أن يرد عذابنا عن القوم المجرمين [ آية : ١١٠ ] .

١١١

يوسف : ١١١ لقد كان في . . . . .

 لقد كان في قصصهم ، يعنى في خبرهم ، يعنى نصر الرسل ، وهلاك قومهم حين

خبر اللّه عنهم في كتابه في طسم الشعراء ، وفي اقتربت الساعة ، وفي سورة هود ، وفي

الأعراف ، ماذا لقوا من الهلاك عبرة لأولي الألباب ، يعنى لأهل اللب والعقل ما كان هذا القرآن حديثا يفترى ، يعنى يتقول لقول كفار مكة : إن محمداً تقوله

من تلقاء نفسه ولكن تصديق الكتاب الذين بينَ يدَيهِ ، يقول : يصدق

القرآن الذي أنزل على محمد الكتب التي قبله كلها أنها من اللّه وتفصيل ، يقول :

فيه بيان كُل شَيء وَ هو وهدى من الضلالة ورحمة من العذاب ،

 لقوم يؤمنون [ آية : ١١١ ] ، يعنى يصدقون بالقرآن أنه من اللّه عز وجل .

﴿ ٠