سورة الحجر

 مكية كلها ، وهي تسع وتسعون آية باتفاق

 بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

الحجر : ١ الر تلك آيات . . . . .

 الر تِلك ءايتُ الكِتابِ وقُرءانٍ مُبينٍ [ آية : ١ ] ، يعنى بين ما فيه .

٢

الحجر : ٢ ربما يود الذين . . . . .

 ربما يود الذين كفروا من أهل مكة في الآخرة لو كانوا مسلمين [ آية : ٢ ] ، يعنى مخلصين في الدنيا بالتوحيد .

٣

الحجر : ٣ ذرهم يأكلوا ويتمتعوا . . . . .

وذلك قوله سبحانه : ذرهم يأكلوا ، يقول : خل يا محمد صلى اللّه عليه وسلم عن كفار مكة إذا كذبوك يأكلوا ويتمتعوا في دنياهم ويلههم الأمل ، يعنى طول الأمل عن الآخرة فسوف يعلمون [ آية : ٣ ] ، هذا وعيد .

٤

الحجر : ٤ وما أهلكنا من . . . . .

ثم خوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية ، فقال سبحانه : وما أهلكنا من قرية ، يقول : وما عذبنا من قرية إلا ولها بهلاكها كتاب معلوم [ آية :٤ ] ، يعنى موقوت في اللوح المحفوظ إلى أجل ، وكذلك كفار مكة عذابهم إلى أجل معلوم ، يعنى القتل ببدر .

٥

الحجر : ٥ ما تسبق من . . . . .

 ما تسبق من أمة عذبت أَجلها وَما يستئخُرونَ [ آية : ٥ ] يقول : ما يتقدمون من أجلهم ، ولا يتأخرون عنه .

٦

الحجر : ٦ وقالوا يا أيها . . . . .

 وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر ، يعنى القرآن إنك لمجنون [ آية : ٦ ] ،

يعنى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، نزلت في عبد اللّه بن أمية بن المغيرة المخزومي ، والنضر بن الحارث ، هو

ابن علقمة ، من بني عبد الدار بن قصي ، ونوفل بن خويلد بن أسد بن عبد العزى ، كلهم

من قريش ، والوليد بن المغيرة ، قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : إنك لمجنون .

٧

الحجر : ٧ لو ما تأتينا . . . . .

وقالوا له : لو ما تأتينا ، يعنى أفلا تجيئنا بالملائكة ، فتخبرنا بأنك نبي

مرسل إن كنت من الصادقين [ آية : ٧ ] بأنك نبي مرسل ، ولو نزلت الملائكة

لنزلت إليهم بالعذاب .

٨

الحجر : ٨ ما ننزل الملائكة . . . . .

 مَا تتنزَلُ الملائكةَ إِلا بِالحَق وَما كَانُواْ إِذا منظَرِينَ [ آية : ٨ ] ، يقول : لو نزلت

الملائكة بالعذاب ، إذا لم يناظروا حتى يعذبوا ، يعنى كفار مكة .

٩

الحجر : ٩ إنا نحن نزلنا . . . . .

يقول اللّه عز وجل : إنا نحن نزلنا الذكر ، يعنى القرآن على محمد صلى اللّه عليه وسلم وإنا له لحافظون [ آية : ٩ ] ؛ لأن الشياطين لا يصلون إليه ؛ لقولهم للنبي صلى اللّه عليه وسلم : إنك لمجنون يعلمك

الري .

١٠

الحجر : ١٠ ولقد أرسلنا من . . . . .

 ولقد أرسلنا من قبلك يا محمد صلى اللّه عليه وسلم الرسل في شيع ، يعنى في فرق ،

 الأولين [ آية : ١٠ ] ، يعنى الأمم الخالية .

١١

الحجر : ١١ وما يأتيهم من . . . . .

 وما يأتيهم من رسول ، ينذرهم بالعذاب في الدنيا إِلا كَانوا به يستهزءونَ

[ آية : ١١ ] بأن العذاب ليس بنازل بهم .

١٢

الحجر : ١٢ كذلك نسلكه في . . . . .

 كذلك نسلكه ، يعنى هكذا نجعله ، يعنى الكفر بالعذاب في قلوب المجرمين [ آية : ١٢ ] ، يعنى كفار مكة .

١٣

الحجر : ١٣ لا يؤمنون به . . . . .

 لا يؤمنون به ، يعنى بالعذاب ، قال سبحانه : وقد خلت سنة الأولين [ آية :

١٣ ] بالتكذيب لرسلهم بالعذاب ، يعنى الأمم الخالية الذين أهلكوا بالعذاب في الدنيا .

١٤

الحجر : ١٤ ولو فتحنا عليهم . . . . .

 ولو فتحنا عليهم ، يعنى على كفار مكة بابا من السماء ، فينظرون إلى

الملائكة عياناً كيف يصعدون إلى السماء فظلوا فيه يعرجون [ آية : ١٤ ] ، يقول :

فمالوا في الباب يصعدون .

١٥

الحجر : ١٥ لقالوا إنما سكرت . . . . .

ولو عاينوا ذلك لقالوا من كفرهم : إنما سكرت أبصارنا مخففة ، يعنى

سدت ، ول  بل نحن قوم مسحورون [ آية : ١٥ ] .

حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني الهذيل ، قال : حدثنا مقاتل ، عن عبد

الكريم ، عن حسان ، عن جابر ، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، أنه سُئل عن : السماء ذات البروج

[ البروج : ١ ] ، فقال : الكواكب ، وسُئل عن : الذي جعل في السماء بروجا

[ الفرقان : ٦١ ] ، قال : الكواكب ، مثل البروج مشيدة ، قال : القصور .

١٦

الحجر : ١٦ ولقد جعلنا في . . . . .

 ولقد جعلنا في السماء بروجا ، قال : الكواكب وزيناها ، يعنى السماء

بالكواكب للناظرين [ آية : ١٦ ] إليها ، يعنى أهل الأرض .

١٧

الحجر : ١٧ وحفظناها من كل . . . . .

 وحفظناها ، يعنى السماء بالكواكب من كل شيطان رجيم [ آية : ١٧ ] ،

يعنى ملعون ؛ لئلا يستمعوا إلى كلام الملائكة .

١٨

الحجر : ١٨ إلا من استرق . . . . .

ثم استثنى من الشياطين ، فقال سبحانه : إلا من استرق السمع ، يعنى من اختطف

السمع من كلام الملائكة فأتبعه شهاب مبين [ آية : ١٨ ] ، يعنى الكوكب المضيء

وهو الثاقب ، ونظيرها في الصافات : فأتبعه شهاب ثاقب [ الصافات : ١٠ ] ،

١٩

الحجر : ١٩ والأرض مددناها وألقينا . . . . .

 والأرض مددناها ، يعنى بسطناها ، يعنى مسيرة خمسمائة عام طولها وعرضها وغلظها

مثله ، فبسطها من تحت الكعبة .

ثم قال عز وجل : وألقينا فيها رواسي ، يعنى الجبال الراسيات في الأرض

الطوال أن تميد بكم [ النحل : ١٥ ] ، يقول : لئلا تزول بكم الأرض ، وتمور بمن

عليها وَأَنبتنا فيها من كُل شَيءٍ موزونٍ [ آية : ١٩ ] ، يقول : وأخرجنا من الأرض كل

شيء موزون ، يعنى من كل ألوان النبات معلوم .

٢٠

الحجر : ٢٠ وجعلنا لكم فيها . . . . .

 وجعلنا لكم فيها ، يعنى في الأرض معايش ، مما عليها من النبات ، ثم قال

سبحانه : ومن لستم له برازقين [ آية : ٢٠ ] ، يقول : لستم أنتم ترزقونهم ، ولكن أنا

أرزقهم ، يعنى الدواب ، والطير ، معايشهم مما في الأرض من رزق .

٢١

الحجر : ٢١ وإن من شيء . . . . .

قال سبحانه : وَإِن من شيءٍ إِلا عندنا خزائنُهُ ، يقول : ما من شيء من الرزق

إلا عندنا مفاتيحه ، وهو بأيدينا ليس بأيديكم وما ننزله يعنى الرزق ، وهو المطر

وحده إلا بقدر معلوم [ آية : ٢١ ] ، يعنى موقوت .

٢٢

الحجر : ٢٢ وأرسلنا الرياح لواقح . . . . .

 وأرسلنا الرياح لواقح ، وذلك أن اللّه يرسل الريح ، فتأخذ الماء بكيل معلوم من

سماء الدنيا ، ثم تثير الرياح والسحاب ، فتلقى الريح السحاب بالماء الذي فيها من ماء

النبت ، ثم تسوق تلك الرياح السحاب إلى الأرض التي أمر الرعد أن يمطرها ، فذلك قوله

سبحانه : فأنزلنا من السماء ماء ، يعنى المطر فأَسقينكُموهُ وَما أَنتم ، يعنى يا

بني آدم له بخازنين [ آية : ٢٢ ] ، يقول : لستم أنتم بخازنيها ، فتكون مفاتيحها

بأيديكم ولكنها بيدي .

٢٣

الحجر : ٢٣ وإنا لنحن نحيي . . . . .

 وَإنا لنحنُ نُحي ونُميتُ ، يقول اللّه تعالى : أنا أحي الموتى ، وأميت الأحياء ونحن الوارثون [ آية : ٢٣ ] ، يعنى ونميت الخلق ويبقي الرب تعالى ويرثهم .

٢٤

الحجر : ٢٤ ولقد علمنا المستقدمين . . . . .

 ولقد علمنا المستقدمين منكم ، يعنى من بني آدم من مات منكم وَلقد علمنا

المستئخرينَ [ آية : ٢٤ ] ، يقول : من بقي منكم فلم يمت ، ونظيرها في ق والقرآن : وقَدْ

عَلِمنا ما تنقص الأرض مِنهم [ ق : ٤ ] .

٢٥

الحجر : ٢٥ وإن ربك هو . . . . .

 وإن ربك يا محمد صلى اللّه عليه وسلم هو يحشرهم ، يعنى من تقدم منهم ومن تأخر ،

يقول : وهو يجمعهم في الآخرة إنه حكيم حكيم البعث ، ثم قال : عليم [ آية :

٢٥ ] ببعثهم .

٢٦

الحجر : ٢٦ ولقد خلقنا الإنسان . . . . .

 ولقد خلقنا الإنسان ، يعنى آدم من صلصال . حدثنا عبيد اللّه ، حدثني أبي ،

حدثني الهذيل ، عن مقاتل ، والضحاك ، عن ابن عباس : الصلصال الطين الجيد ، يعنى الجر

إذا ذهب عنه الماء تشقق ، فإذا حرك تقعقع من حمإ ، يعنى الأسود مسنون

[ آية : ٢٦ ] ، يعنى المنتن ، فكان التراب مبتلاً ، فصار أسود منتناً .

٢٧

الحجر : ٢٧ والجان خلقناه من . . . . .

ثم قال : والجان ، يعنى إبليس خلقناه من قبل آدم من نار السموم [ آية :

٢٧ ] ، يعنى صافي ليس فيه دخان ، وهو المارج من نار ، يعنى الجان ، وإنما سمى إبليس

الجان ؛ لأنه من حي من الملائكة ، يقال لهم : الجن ، والجن جماعة ، والجان واحد .

٢٨

الحجر : ٢٨ وإذ قال ربك . . . . .

 وإذ قال ، يعنى وقد قال : ربك للملائكة الذين في الأرض ، منهم إبليس ، قال

لهم : قبل أن يخلق آدم ، عليه السلام : إني خالق بشرا ، يعنى آدم من صلصال من حمإ ، يعنى أسود مسنون [ آية : ٢٨ ] ، يعنى منتن .

٢٩

الحجر : ٢٩ فإذا سويته ونفخت . . . . .

 فإذا سويته ، يعنى سويت خلقه ونفخت فيه ، يعنى آدم من روحي فقعوا له ساجدين [ آية : ٢٩ ] ، يقول : فاسجدوا لآدم .

٣٠

الحجر : ٣٠ فسجد الملائكة كلهم . . . . .

 فسجد الملائكة الذين هم في الأرض كلهم أجمعون [ آية : ٣٠ ] .

٣١

الحجر : ٣١ إلا إبليس أبى . . . . .

ثم استثنى من الملائكة إبليس ، فقال سبحانه : إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين [ آية : ٣١ ] لآدم ، عليه السلام .

٣٢

الحجر : ٣٢ قال يا إبليس . . . . .

 قال يا إبليس ما لك ألا تكون في السجود مع الساجدين [ آية : ٣٢ ] ، يعنى

الملائكة الذين سجدوا لآدم ، عليه السلام .

٣٣

الحجر : ٣٣ قال لم أكن . . . . .

 قال لم أكن لأسجد لبشر ، يعنى آدم خلقته من صلصال ، يعنى الطين ،

 من حمإ ، يعنى أسود مسنون [ آية : ٣٣ ] ، يعنى منتن ، فأول ما خلق من آدم ،

عليه السلام ، عجب الذنب ، ثم ركب فيه سائر خلقه ، وآخر ما خلق من آدم ، عليه

السلام ، أظفاره ، وتأكل الأرض عظام الميت كلها ، غير عجب الذنب ، غير عظام الأنبياء ،

عليهم السلام ، فإنها لا تأكلها الأرض ، وفي العجب يركب بنو آدم يوم القيامة .

٣٤

الحجر : ٣٤ قال فاخرج منها . . . . .

ثم قال فاخرج منها ، يعنى من ملكوت السماء فإنك رجيم [ آية : ٣٤ ] ،

يعنى ملعون ، وهو إبليس .

٣٥

الحجر : ٣٥ وإن عليك اللعنة . . . . .

 وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين [ آية : ٣٥ ] .

٣٦

الحجر : ٣٦ قال رب فأنظرني . . . . .

 قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون [ آية : ٣٦ ] ، يعنى يبعث الناس بعد الموت ، يقول :

أجلني إلى يوم النفخة الثانية ، كقوله سبحانه : فنظرة إلى ميسرة [ البقرة : ٢٨٠ ] ،

يعني فأجله إلى ميسرة .

٣٧

الحجر : ٣٧ قال فإنك من . . . . .

 قال فإنك من المنظرين [ آية : ٣٧ ] لا تموت .

٣٨

الحجر : ٣٨ إلى يوم الوقت . . . . .

 إلى يوم الوقت المعلوم [ آية : ٣٨ ] ، يعنى إلى أجل موقوت ، وهي النفخة الأولى ،

وإنما أراد عدو اللّه الأجل إلى يوم يبعثون ؛ لئلا يذوق الموت ؛ لأنه قد علم أنه لا يموت بعد

البعث .

٣٩

الحجر : ٣٩ قال رب بما . . . . .

 قال إبليس : رب بما أغويتني ، يقول : أما إذا أضللتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين [ آية : ٣٩ ] ، يعنى ولأضلنهم عن الهدى أجمعين .

٤٠

الحجر : ٤٠ إلا عبادك منهم . . . . .

ثم استثنى عدو اللّه إبليس ، فقال : إلا عبادك منهم المخلصين [ آية : ٤٠ ] ،

يعنى أهل التوحيد ، وقد علم إبليس أن اللّه استخلص عباداً لدينه ، ليس له عليهم سلطان ،

فذلك قوله سبحانه : إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ، يعنى ما لك أن تضلهم

عن الهدى وكفى بربك وكيلا [ الإسراء : ٦٥ ] ، يعنى حرزاً ومانعاً لعباده .

٤١

الحجر : ٤١ قال هذا صراط . . . . .

 قال اللّه تعالى : هذا صراط علي ، يقول : هذا طريق الحق الهدى إلى ،

 مستقيم [ آية : ٤١ ] ، يعنى الحق ، ك

قوله : لتكونوا شهداء على الناس

[ البقرة : ١٤٣ ] ، يعنى للناس ، نظيرها في هود ،

قوله : إن ربي على صراط مستقيم

[ هود : ٥٦ ] ، يعنى المستقيم الحق المبين .

٤٢

الحجر : ٤٢ إن عبادي ليس . . . . .

قال سبحانه : إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين [ آية :

٤٢ ] ، يعنى من المضلين .

٤٣

الحجر : ٤٣ وإن جهنم لموعدهم . . . . .

 وإن جهنم لموعدهم أجمعين [ آية : ٤٣ ] ، يعنى كفار الجن والإنس ، وإبليس وذريته .

٤٤

الحجر : ٤٤ لها سبعة أبواب . . . . .

 لها سبعة أبواب ، بعضها أسفل من بعض ، كل باب أشد حراً من الذي فوقه

بسبعين جزءاً ، بين كل بابين سبعين سنة ، أولها جهنم ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم السعير ،

ثم الجحيم ، ثم الهاوية ، ثم سقر لكل باب منهم جزء مقسوم [ آية : ٤٤ ] ، يعنى

عدد معلوم من كفار الجن والإنس ، يعنى الباب الثاني يضعف على الباب الأعلى في شدة

العذاب سبعين ضعفاً .

٤٥

الحجر : ٤٥ إن المتقين في . . . . .

 إن المتقين الشرك في جنات وعيون [ آية : ٤٥ ] ، يعنى بساتين وأنهار

جارية .

٤٦

الحجر : ٤٦ ادخلوها بسلام آمنين

 ادخلوها بسلام ، سلم اللّه عز وجل لهم أمرهم ، وتجاوز عنهم ، نظيرها في الواقعة ،

ثم قال : ءامينَ [ آية : ٤٦ ] من الخوف .

٤٧

الحجر : ٤٧ ونزعنا ما في . . . . .

 ونزعنا ما في صدورهم من غل ، يقول : أخرجنا ما في قلوبهم من الغش الذي كان

في الدنيا بعضهم لبعض ، فصاروا متحابين إخوانا على سرر متقابلين [ آية : ٤٧ ] ، في

الزيارة ، يرى بعضهم بعضاً ، متقابلين على الأسرة يتحدثون .

٤٨

الحجر : ٤٨ لا يمسهم فيها . . . . .

ثم أخبر عنهم سبحانه ، فقال : لا يمسهم فيها نصب ، يقول : لا تصيبهم فيها

مشقة في أجسادهم ، كما كان في الدنيا وما هم منها ، من الجنة بمخرجين

[ آية : ٤٨ ] أبدا ، ولا بميتين أبداً

٤٩

الحجر : ٤٩ نبئ عبادي أني . . . . .

قال اللّه تعالى للنبي صلى اللّه عليه وسلم : نبئ عبادي ، يقول : أخبر عبادي أني أنا الغفور لذنوب المؤمنين الرحيم [ آية : ٤٩ ] لمن تاب منهم .

٥٠

الحجر : ٥٠ وأن عذابي هو . . . . .

 و أخبرهم وأن عذابي هو العذاب الأليم [ آية : ٥٠ ] ، يعنى الوجيع لمن

عصاني .

٥١

الحجر : ٥١ ونبئهم عن ضيف . . . . .

 ونبئهم ، يعنى وأخبرهم عن ضيف إبراهيم [ آية : ٥١ ] ، ملكان

أحدهما

جبريل ،

والآخر ميكائيل .

٥٢

الحجر : ٥٢ إذ دخلوا عليه . . . . .

 إذ دخلوا عليه على إبراهيم فقالوا سلاما ، فسلموا عليه وسلم عليهما قال إنا منكم وجلون [ آية : ٥٢ ] ، يعنى خائفين ، وذلك أن إبراهيم ، عليه السلام ، قرب إليهم

العجل ، فلم يأكلوا منه ، فخاف إبراهيم ، عليه السلام ، وكان في زمان إبراهيم ، عليه

السلام ، إذا أكل الرجل عند الرجل طعاماً ، أمن من شره ، فلما رأى إبراهيم ، عليه

السلام ، أيديهم لا تصل إلى العجل ، خاف شرهم .

٥٣

الحجر : ٥٣ قالوا لا توجل . . . . .

 قالوا ، قال له جبريل ، عليه السلام : لا توجل ، يقول : لا تخف إنا نبشرك بغلام عليم [ آية : ٥٣ ] ، وهو إسحاق ، عليه السلام .

٥٤

الحجر : ٥٤ قال أبشرتموني على . . . . .

 قال لهم إبراهيم ، عليه السلام : أبشرتموني بالولد على أن مسني الكبر ، على كبر سني فبم تبشرون [ آية : ٥٤ ] ، قال ذلك إبراهيم ، عليه

السلام ، تعجباً لكبره وكبر امرأته .

٥٥

الحجر : ٥٥ قالوا بشرناك بالحق . . . . .

 قالوا ، قال جبريل ، عليه السلام : بشرناك ، يعنى نبشرك بالحق ، يعنى

بالصدق أن الولد لكائن فلا تكن يا إبراهيم من القانطين [ آية : ٥٥ ] ،

يعنى لا تيأس .

٥٦

الحجر : ٥٦ قال ومن يقنط . . . . .

 قال إبراهيم ، عليه السلام ومن يقنط ، يعنى ومن ييئس من رحمة ربه إلا الضالون [ آية : ٥٦ ] ، يعنى المشركين .

٥٧

الحجر : ٥٧ قال فما خطبكم . . . . .

 قال إبراهيم : فما خطبكم ، يعنى فما أمركم أيها المرسلون [ آية :

٥٧ ] .

٥٨

الحجر : ٥٨ قالوا إنا أرسلنا . . . . .

 قالوا ، أي قال جبريل ، عليه السلام : إنا أرسلنا بالعذاب إلى قوم مجرمين [ آية : ٥٨ ] .

٥٩

الحجر : ٥٩ إلا آل لوط . . . . .

 إِلا ءال لُوط إِنا لمُنجوهم أَجمعين [ آية : ٥٩ ] .

٦٠

الحجر : ٦٠ إلا امرأته قدرنا . . . . .

ثم استثنى جبريل ، عليه السلام ، امرأة لوط ، فقال : إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين [ آية : ٦٠ ] ، يعنى الباقين في العذاب ، فخرجوا من عند إبراهيم ، عليه

السلام ، بالأرض المقدسة ، فأتوا لوطاً بأرض سدوم من ساعتهم ، فلم يعرفهم لوط ، عليه

السلام ، وظن أنهم رجال

٦١

الحجر : ٦١ فلما جاء آل . . . . .

فذلك قوله سبحانه : فَلما جاء ءال لُوطٍ المُرسلونَ [ آية : ٦١ ] ، فيها تقديم ،

يقول : جاء المرسلون إلى لوط .

٦٢

الحجر : ٦٢ قال إنكم قوم . . . . .

 قال لهم لوط : إنكم قوم منكرون [ آية : ٦٢ ] أنكرهم ، ولم يعلم أنهم

ملائكة ؛ لأنهم كانوا في صورة الرجال .

٦٣

الحجر : ٦٣ قالوا بل جئناك . . . . .

 قالوا بل ، قال جبريل ، عليه السلام : قد جئناك يا لوط بما كانوا فيه يمترون [ آية : ٦٣ ] ، يعنى بما كان قومك بالعذاب يمترون ، يعنى يشكون في العذاب

أنه ليس بنازل بهم في الدنيا .

٦٤

الحجر : ٦٤ وأتيناك بالحق وإنا . . . . .

 وأتيناك بالحق ، جئناك بالصدق وإنا لصادقون [ آية : ٦٤ ] بما تقول إنا

جئناهم بالعذاب .

٦٥

الحجر : ٦٥ فأسر بأهلك بقطع . . . . .

فقالوا للوط : فأسر بِأهلكَ ، يعنى امرأته وابنته ريثا وزعوثا بِقطع ، يعنى

ببعض ، وهو السحر مِن اليل واتبعِ أَدبارهُم ، يعنى سر من وراء أهلك تسوقهم ،

 وَلاَ يلتفت منكُم أحداً البتة ، يقول : ولا ينظر أحد منكم وراءه وامضوا حيث تؤمرون [ آية : ٦٥ ] إلى الشام .

٦٦

الحجر : ٦٦ وقضينا إليه ذلك . . . . .

 وقضينا إليه ، يقول : وعهدنا إلى لوط ذلك الأمر ، يعنى أمر العذاب ،

 أن دابر ، يعنى أصل هؤلاء القوم مقطوع مصبحين [ آية : ٦٦ ] ، يقول :

إذا أصبحوا نزل بهم العذاب .

٦٧

الحجر : ٦٧ وجاء أهل المدينة . . . . .

 وجاء أهل المدينة يستبشرون [ آية : ٦٧ ] بدخول الرجال منزل لوط .

٦٨

الحجر : ٦٨ قال إن هؤلاء . . . . .

ثم قال لهم لوط : إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون [ آية : ٦٨ ] فيهم ، ولوط ، عليه

السلام ، يرى أنهم رجال .

٦٩

الحجر : ٦٩ واتقوا اللّه ولا . . . . .

 واتقوا اللّه ولا تخزون [ آية : ٦٩ ] فيهم .

٧٠

الحجر : ٧٠ قالوا أو لم . . . . .

 قالوا أَولم ننهكَ عن العالمينَ [ آية : ٧٠ ] ، أن تضيف منهم أحداً ؛ لأن لوطاً

كان يحذرهم لئلا يؤتون في أدبارهم ، فعرض عليهم ابنتيه من الحياء تزويجاً ، واسم

إحداهما ريثا ،

والأخرى زعوثا .

فذلك

قوله :

٧١

الحجر : ٧١ قال هؤلاء بناتي . . . . .

 قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين [ آية : ٧١ ] لا بد فتزوجوهن .

٧٢

الحجر : ٧٢ لعمرك إنهم لفي . . . . .

يقول اللّه عز وجل : لعمرك ، كلمة من كلام العرب إنهم لفي سكرتهم يعمهون

[ آية : ٧٢ ] ، يعنى لفي ضلالتهم يترددون .

٧٣

الحجر : ٧٣ فأخذتهم الصيحة مشرقين

 فأخذتهم الصيحة ، يعنى صيحة جبريل ، عليه السلام مشرقين [ آية : ٧٣ ] ،

يعنى حين طلعت الشمس .

٧٤

الحجر : ٧٤ فجعلنا عاليها سافلها . . . . .

 فجعلنا المدائن الأربع عاليها سافلها وأمطرنا عليهم سدوم ، ودامورا ، وعاموا ،

وصابورا ، وأمطرنا على من كان خارجاً من المدينة حِجارةً من سِجيلٍ [ آية : ٧٤ ]

ولعل الرجل منهم يكون في قرية أخرى ، فيأتيه الحجر فيقتله مِن سِجيلٍ ، يعنى

الحجارة خلطها الطين .

٧٥

الحجر : ٧٥ إن في ذلك . . . . .

 إن في ذلك لأيت ، يقول : إن هلاك قوم لوط لعبرة للمتوسمين [ آية : ٧٥ ] ،

يقول : للناظرين من بعدهم ، فيحذرون مثل عقوبتهم .

٧٦

الحجر : ٧٦ وإنها لبسبيل مقيم

 وإنها لبسبيل مقيم [ آية : ٧٦ ] ، يعنى قرى لوط التي أهلكت بطريق مستقيم ،

يعنى واضح مقيم يمر عليها أهل مكة وغيرهم ، وهي بين مكة والشام .

٧٧

الحجر : ٧٧ إن في ذلك . . . . .

 إِن في ذلك الآية ، يعنى إن في هلاك قوم لوط لعبرة للمؤمنين [ آية : ٧٧ ] ،

يعنى للمصدقين بتوحيد اللّه عز وجل لمن بعدهم ، فيحذرون عقوبتهم ، يخوف كفار مكة

بمثل عذاب الأمم الخالية .

٧٨

الحجر : ٧٨ وإن كان أصحاب . . . . .

 وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين [ آية : ٧٨ ] ، يعنى لمشركين ، فهم قوم شعيب ،

عليه السلام ، والأيكة الغيضة من الشجر ، وكان أكثر الشجر الدوم ، وهو المقل

٧٩

الحجر : ٧٩ فانتقمنا منهم وإنهما . . . . .

 فانتقمنا منهم بالعذاب وإنهما ، يعنى قوم لوط ، وقوم شعيب لبإمام

يعنى طريق مبين [ آية : ٧٩ ] ، يعنى مستقيم ، وكان عذاب قوم شعيب ، عليه

السلام ، أن اللّه عز وجل حبس عنهم الرياح ، فأصابهم حر شديد لم ينفعهم من الحر

شيء وهم في منازلهم ، فلما أصابهم ذلك الحر ، خرجوا من منازلهم إلى الغيضة ليستظلوا

بها من الحر ، فأصابهم من الحر أشد مما أصابهم في منازلهم ، ثم بعث اللّه عز وجل لهم

سحابة فيها عذاب ، فنادى بعضهم بعضاً ليخرجوا من الغيضة ، فيستظلون تحت السحابة

لشدة حر الشمس يلتمسون بها الروح ، فلما لجئوا إليها أهلكهم اللّه عز وجل فيها حراً

وغماً تحت السحابة .

قال : حدثنا عبيد اللّه ، سمعت أبي ، قال : سمعت أبا صالح يقول : غلت أدمغتهم في

رءوسهم ، كما يغلى الماء في المرجل على النار ، من شدة الحر تحت السحابة ، فذلك قوله

سبحانه : فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم [ الشعراء : ١٨٩ ] .

٨٠

الحجر : ٨٠ ولقد كذب أصحاب . . . . .

 ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين [ آية : ٨٠ ] ، يعنى قوم صالح ، واسم القرية

الحجر ، وهو بوادي القرى ، يعنى بالمرسلين صالحاً وحده ، عليه السلام ، يقول : كذبوا

صالحاً .

٨١

الحجر : ٨١ وآتيناهم آياتنا فكانوا . . . . .

 وءاتينهُم ءايتنا ، يعنى الناقة آية لهم ، فكانت ترويهم من اللبن في يوم شربها من

غير أن يكلفوا مؤنة فكذبوا عنها معرضينَ [ آية : ٨١ ] ، حين لم يتفكروا في أمر الناقة

وابنها فيعتبروا .

٨٢

الحجر : ٨٢ وكانوا ينحتون من . . . . .

فأخبر عنهم ، فقال سبحانهُ : وَكانوا ينحتون من الجبال بيوتاً ءامنينَ [ آية : ٨٢ ] ،

من أن تقع عليهم الجبال إذا نحتوها وجوفوها .

٨٣

الحجر : ٨٣ فأخذتهم الصيحة مصبحين

 فأخذتهم الصيحة ، يعنى صيحة جبريل ، عليه السلام مصبحين [ آية : ٨٣ ]

يوم السبت ، فخمدوا أجمعون .

٨٤

الحجر : ٨٤ فما أغنى عنهم . . . . .

يقول اللّه عز وجل : فما أغنى عنهم من العذاب الذي نزل بهم مَا كانواْ

يكسبُونَ [ آية : ٨٤ ] ، من الكفر والتكذيب ، فعقروا الناقة يوم الأربعاء ، فأهلكهم اللّه

يوم السبت .

٨٥

الحجر : ٨٥ وما خلقنا السماوات . . . . .

 وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق ، يقول : لم يخلقهما اللّه عز وجل

باطلاً ، خلقهما لأمر هو كائن وإن الساعة لآتية ، يقول : القيامة كائنة ،

 فاصفح الصفح الجميل [ آية : ٨٥ ] ، يقول للنبي صلى اللّه عليه وسلم : فأعرض عن كفار مكة

الإعراض الحسن ، فنسخ السيف الإعراض والصفح .

٨٦

الحجر : ٨٦ إن ربك هو . . . . .

 إِن ربك هُو الخالقُ لخلقه في الآخرة بعد الموت العلم [ آية : ٨٦ ]

ببعثهم .

٨٧

الحجر : ٨٧ ولقد آتيناك سبعا . . . . .

 وَلقد ءاتينك سَبعاً من المثاني ، يعنى ولقد أعطيناك فاتحة الكتاب ، وهي سبع آيات

 والقُرءانُ كله مثاني ، ثم قال : العظيم [ آية : ٨٧ ] ، يعنى سائر القرآن كله .

٨٨

الحجر : ٨٨ لا تمدن عينيك . . . . .

 لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم يعنى أصنافاً منهم من المال ولا تحزن عليهم ، إن تولوا عنك واخفض جناحك للمؤمنين [ آية : ٨٨ ] ، يقول : لين

جناحك للمؤمنين ، فلا تغلظ لهم .

٨٩

الحجر : ٨٩ وقل إني أنا . . . . .

 وقل لكفار مكة : إني أنا النذير المبين [ آية : ٨٩ ] من العذاب .

٩٠

الحجر : ٩٠ كما أنزلنا على . . . . .

قال سبحانه : كما أنزلنا على المقتسمين [ آية : ٩٠ ] ، فيها تقديم ، يقول : أنزلنا

المثاني والقرآن العظيم ، كما أنزلنا التوراة والإنجيل على النصارى واليهود ، فهم

المقتسمون ، فاقتسموا الكتاب ، فآمنت اليهود بالتوراة ، وكفروا بالإنجيل والقرآن ، وآمنت

النصارى بالإنجيل ، وكفروا بالقرآن والتوراة ، هذا الذي اقتسموا ، آمنوا ببعض ما أنزل

إليهم من الكتاب ، وكفروا ببعض

٩١

الحجر : ٩١ الذين جعلوا القرآن . . . . .

ثم نعت اليهود والنصارى ، فقال سبحانه : الذين جعلوا القرءان عِضين [ آية :

٩١ ] ، جعلوا القرآن أعضاء ، كأعضاء الجزور ، فرقوا الكتاب ولم يجتمعوا على الإيمان

بالكتب كلها ، فأقسم اللّه تعالى بنفسه للنبي صلى اللّه عليه وسلم .

٩٢

الحجر : ٩٢ فوربك لنسألنهم أجمعين

قال سبحانه : فوربك يا محمد صلى اللّه عليه وسلم لنسئلنهم أَجمعين [ آية : ٩٢ ] .

٩٣

الحجر : ٩٣ عما كانوا يعملون

 عما كانوا يعملون [ آية : ٩٣ ] من الكفر والتكذيب .

٩٤

الحجر : ٩٤ فاصدع بما تؤمر . . . . .

 فاصدع بما تؤمر ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أسر النبوة وكتمها سنتين ، فقال اللّه عز

وجل لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : فاصدع بما تؤمر ، يقول : امض لما تؤمر من تبليغ الرسالة ، فلما بلغ

عن ربه عز وجل استقبله كفار مكة بالأذى والتكذيب في وجهه ، فقال تعالى : وأعرض عن المشركين [ آية : ٩٤ ] ، يعنى عن أذى المشركين إياك ، فأمره اللّه عز وجل بالإعراض

والصبر على الأذى ، ثم نسختها آية السيف .

٩٥

الحجر : ٩٥ إنا كفيناك المستهزئين

قال سبحانه : إِنا كفيناك المُستهزءينَ [ آية : ٩٥ ] ، وذلك أن الوليد بن المغيرة

المخزومي حين حضر الموسم ، قال : يا معشر قريش ، إن محمداً قد علا أمره في البلاد ،

وما أرى الناس براجعين حتى يلقونه ، وهو رجل حلو الكلام ، إذا كلم الرجل ذهب

بعقله ، وإني لا آمن أن يصدقه بعضهم ، فابعثوا رهطاً من ذوي الحجى والرأي ، فليجلسوا

على طريق مكة مسيرة ليلة أو ليلتين ، فمن سأل عن محمد ، فليقل بعضهم : إنه ساحر

يفرق بين الاثنين ، ويقول بعضهم : إنه كاهن يخبر بما يكون في غد لئلا تروه خير من أن

تروه ، فبعثوا في كل طريق بأربعة من قريش ، وأقام الوليد بن المغيرة بمكة ، فمن دخل

مكة في غير طريق سالك يريد النبي صلى اللّه عليه وسلم تلقاهم الوليد ، فيقول : هو ساحر كذا ، ومن

دخل من طريق لقيه الستة عشر ، ف  هو شاعر ، وكذاب ، ومجنون .

ففعلوا ذلك ، وانصدع الناس عن قولهم ، فشق ذلك على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وكان يرجو أن

يلقاه الناس ، فيعرض عليهم أمره ، فمنعه هؤلاء المستهزءون من قريش ، ففرحت قريش

حين تفرق الناس عن قولهم ، و  ما عند صاحبكم إلا غروراً ، يعنون النبي صلى اللّه عليه وسلم ،

فقالت قريش : هذا دأبنا ودأبك ، فذلك قوله سبحانه : وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين [ النحل : ٢٤ ] .

وكان منهم من يقول : بئس وافد القوم أنا إن انصرفت قبل أن ألقي صاحبي ، فيدخل

مكة فيلقي المؤمنين ، فيقول : ما هذا الأمر ؟   خيراً أنزل اللّه عز وجل كتاباً .

وبعث رسولاً ، فذلك قوله سبحانه : ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا [ النحل : ٣٠ ]

فنزل جبريل ، عليه السلام ، والنبي صلى اللّه عليه وسلم عند الكعبة ، فمر به الوليد بن المغيرة بن عبد اللّه ،

فقال جبريل ، عليه السلام ، للنبي صلى اللّه عليه وسلم : كيف تجد هذا ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : بئس عبد اللّه

هذا فأهوى جبريل بيده إلى فوق كعبة ، فقال : قد كفيتك .

فمر الوليد في حائط فيه نبل لبني المصطلق ، وهي حي من خزاعة يتبختر فيهما ، فتعلق

السهم بردائه قبل أن يبلغ منزله ، فنفض السهم وهو يمشي برجله ، فأصاب السهم أكحله

فقطعه ، فلما بات تلك الليلة انتفضت به جراحته ، ومر به العاص بن وائل ، فقال جبريل

كيف تجد هذا ؟ قال : بئس عبد اللّه هذا ، فأهوى جبريل بيده إلى باطن قدمه ، فقال : قد

كفيتك ، وركب العاص حماراً من مكة يريد الطائف ، فاضطجع الحمار به على شبرقة

ذات شوك ، فدخلت شوكة في باطن قدمه فانتفخت ، فقتله اللّه عز وجل تلك الليلة .

ومر به الحارث بن قيس بن عمرو بن ربيعة بن سهم ، فقال جبريل ، عليه السلام :

كيف تجد هذا ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : بئس عبد اللّه هذا ، فأهوى جبريل ، عليه السلام ، إلى

رأسه ، فانتفخ رأسه ، فمات منها ، ومر به السود بن عبد العزى بن وهب بن عبد مناف

بن زهرة ، فقال جبريل ، عليه السلام : كيف تجد هذا ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم بئس عبد اللّه

هذا ، إلا أنه ابن خالي ، فأهوى جبريل ، عليه السلام ، بيده إلى بطنه ، فقال : قد كفيتك

فعطش ، فلم يروا من الشراب حتى مات .

ومر الأسود بن عبد المطلب بن المنذر بن عبد العزى بن قصي ، فقال جبريل : كيف

تجد هذا ؟ قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : بئس عبد اللّه هذا ، قال : قد كفيتك أمره ، ثم ضرب ضربة

بحبل من تراب ، رمي في وجهه فعمي ، فمات منها ، وأما بعكك وأحرم ، فهما أخوان ابنا

الحجاج بن السياق بن عبد الدار بن قصي ، فأما

أحدهما فأخذته الدبيلة ، وأما الآخر ،

فذات الجنب ، فماتا كلاهما ، فأنزل اللّه عز وجل : إنا كفيناك المستهزئين ، يعنى

هؤلاء السبعة من قريش .

٩٦

الحجر : ٩٦ الذين يجعلون مع . . . . .

فقال سبحانه : الذين يجعلونَ مَع اللّه إِلهاً ءاخر فسوف يعلمونَ [ آية :

٩٦ ] ، هذا وعيد لهم بعد القتل .

٩٧

الحجر : ٩٧ ولقد نعلم أنك . . . . .

 ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون [ آية : ٩٧ ] ، حين   إنك ساحر ،

ومجنون ، وكاهن ، وحين   هذا دأبنا ودأبك .

٩٨

الحجر : ٩٨ فسبح بحمد ربك . . . . .

 فسبح بحمد ربك ، يقول : فصل بأمر ربك وكن من الساجدين [ آية : ٩٨ ] ،

يعنى المصلين .

٩٩

الحجر : ٩٩ واعبد ربك حتى . . . . .

 واعبد ربك حتى يأتيك اليقين [ آية : ٩٩ ] ، فإن عند الموت يعاين الخير والشر .

﴿ ٠