سورة الكهفمقدمة مكية كلها وفيها من المدني قوله تعالى من أولها ، إلى قوله : أحسن عملا [ آية : ١ - ٧ ] عددها مائة وعشر آيات بسم اللّه الرحمن الرحيم ١الكهف : ١ الحمد للّه الذي . . . . . الحمد للّه ، وذلك أَن اليهود يزعم محمد أنه لا ينزل عليه الكتاب مختلفاً ، فإن كان صادقاً بأنه من اللّه عز وجل ، فلما يأت به مختلفاً ، فإن التوراة نزلت كل فصل على ناحية ، فأنزل اللّه في قولهم : الحمد للّه الذي أنزل على عبده الكتاب ، يعنى القرآن ولم يجعل له عوجا [ آية : ١ ] ، يعنى مختلفاً . ٢الكهف : ٢ قيما لينذر بأسا . . . . . أنزله قيما مستقيماً لينذر محمد صلى اللّه عليه وسلم بما في القرآن بأسا ، يعنى عذاباً شديدا من لدنه ، يعنى من عنده ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لليهود : ′ أدعوكم إلى اللّه عز وجل ، وأنذركم بأسه ، فإن تتوبوا يكفر عنكم سيئاتكم ، ويؤتكم أجوركم مرتين ′ ، فقال كعب بن الأشرف ، وكعب بن أسيد ، وحيي بن أخطب ، وفنحاص اليهودي ، ومن أهل قينقاع : أليس عزير ولد اللّه ، فأدعوه ولداً للّه ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ أعوذ باللّه أن أدعو للّه تبارك وتعالى ولداً ، ولكن عزير عبد اللّه داخر ′ ، يعنى صاغراً ، فإنا نجده في كتابنا وحدثتنا به آباؤنا ، فاعتزلهم النبي صلى اللّه عليه وسلم حزيناً ، فقال أبو بكر ، وعمر ، وعثمان بن مظعون ، وزيد بن حارثة ، رضي اللّه عنهم ، للنبي صلى اللّه عليه وسلم : لا يحزنك قولهم وكفرهم ، إن اللّه معنا ، فأنزل اللّه عز وجل : ويبشر المؤمنين بثواب ما في القرآن ، يعنى هؤلاء النفر ، الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا [ آية : ٢ ] ، يعنى جزاء كريماً ، يعنى الجنة . ٣الكهف : ٣ ماكثين فيه أبدا ماكثين فيه ، يعنى الجزاء في الجنة ، يقول : مقيمين فيها أبدا [ آية : ٣ ] . ٤الكهف : ٤ وينذر الذين قالوا . . . . . ثم ذكر اليهود ، فقال : وينذر محمد صلى اللّه عليه وسلم الذين قالوا اتخذ اللّه ولدا [ آية : ٤ ] ، يعنون عزيراً . ٥الكهف : ٥ ما لهم به . . . . . يقول اللّه تبارك وتعالى : ما لهم به من علم ولا لآبائهم ، لقولهم : نجده في كتابنا ، وحدثتنا به آباؤنا ، قال اللّه تعالى : كبرت ، يعنى عظمت كلمة تخرج من أفواههم إن ، يعنى ما يقولون إلا كذبا [ آية : ٥ ] ؛ لقولهم : عزير ابن اللّه عز وجل . ٦الكهف : ٦ فلعلك باخع نفسك . . . . . ثم قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم حين أحزنه قولهم ، قال سبحانه : فلعلك ، يعنى فعساك ، باخع نفسك علىءاثارهم ، يعنى قاتلاً نفسك على آثارهم ، يعنى عليهم أسفاً ، يعنى حزناً ، نظيرها في الشعراء : لعلك باخع نفسك [ الشعراء : ٣ ] ، يقول : قاتل نفسك حزناً ، في التقديم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث ، يعنى لم يصدقوا بالقرآن أسفا [ آية : ٦ ] . ٧الكهف : ٧ إنا جعلنا ما . . . . . إنا جعلنا ما على الأرض من النبت عاماً بعام زينة لها لنبلوهم ، يعنى لنختبرهم أيهم أحسن عملا [ آية : ٧ ] . ٨الكهف : ٨ وإنا لجاعلون ما . . . . . وإنا لجاعلون في الآخرة ما عليها ، يعنى ما على الأرض من شيء ، صعيدا ، يعنى مستوياً جرزا [ آية : ٨ ] ، يعنى ملساء ليس عليها جبل ، ولا نبت ، كما خلقت أول مرة . ٩الكهف : ٩ أم حسبت أن . . . . . أم حسبت أن أصحاب الكهف ، والكهف ثقب يكون في الجبل كهيئة الغار ، واسمه : بانجلوس والرقيم ، كتاب كتيه رجلان قاضيان صالحان ، أحدهما ماتوس ،
والآخر أسطوس ، كانا يكتمان إيمانهما ، وكانا في منزل دقيوس الجبار ، وهو الملك الذي فر منه الفتية ، وكتبا أمر الفتية في لوح من رصاص ، ثم جعلاهُ في تابوت من نحاس ، ثم جعلاهُ في البناء الذي سدوا به باب الكهف ، فقال : لعل اللّه عز وجل أن يطلع على هؤلاء الفتية ؛ ليعلموا إذا قرأوا الكتاب ، قال سبحانه : كانوا من ءاياتنا عجباً [ آية : ٩ ] . يقول سبحانه : أوحينا إليك من أمر الأمم الخالية ، وعلمناك من أمر الخلق ، وأمر ما كان ، وأمر ما يكون قبل أصحاب الكهف ، فهو أعجب من أصحاب الكهف ، وليس أصحاب الكهف بأعجب مما أوحينا إليك أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم يعنى بالرقيم الكتاب الذي كتبه القاضيان ، مثل قوله عز وجل : كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم [ المطففين : ٧ - ٩ ] ، يعنى كتاب مكتوب كانوا من ءاياتنا عجباً ، يخبره به . وذلك أن أبا جهل قال لقريش : ابعثوا نفراً منكم إلى يهود يثرب ، فيسألونهم عن صاحبكم أنبي هو أم كذاب ؟ فإنا نرى أن ننصرف عنه ، فبعثوا خمسة نفر ، منهم : النضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط ، فلما قدموا المدينة ، قالوا لليهود : أتيناكم لأمر حدث فينا لا يزداد إلا نماء ، وإنا له كارهون ، وقد خفنا أن يفسد علينا ديننا ، ويلبس علينا أمرنا ، وهو حقير فقير يتيم ، يدعو إلى الرحمن ، ولا نعرف الرحمن إلا مسيلمة الكذاب ، وقد علمتم أنه لم يأمر قط إلا بالفساد والقتال ، ويأتيه بذلك زعم جبريل ، عليه السلام ، وهو عدو لكم ، فأخبرونا هل تجدونه في كتابكم ؟ نجد نعته كما تقولون ، إن في قومه من هو أشرف منه ، وأكبر سناً ، فلا نصدقه ، نجد قومه أشد الناس عليه ، وهذا زمانه الذي يخرج فيه ، إنما يعلمه الكذاب مسيلمة ، فحدثونا بأشياء تسأله عنها لا يعلمها مسيلمة ، ولا يعلمها إلا نبي ، سلوه عن ثلاث خصال ، فإن أصابهن فهو نبي ، وإلا فهو كذاب ، سلوه عن أصحاب الكهف ، فقصوا عليهم أمرهم ، وسلوه عن ذي القرنين ، فإنه كان ملكاً ، وكان أمره كذا وكذا ، وسلوه عن الروح ، فإن أخبركم عنه بقليل أو كثير ، فهو كذاب ، فقصوا عليهم ، فرجعوا بذلك وأعجبهم . فأتوا النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال أبو جهل : يا ابن عبد المطلب ، إنا سائلوك عن ثلاث خصال ، فإن علمتهن فأنت صادق ، وإلا فأنت كاذب ، فذر ذكر آلهتنا ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ ما هن ؟ سلوني عما شئتم ′ ، نسألك عن أصحاب الكهف ، فقد أخبرنا عنهم ، ونسأل عن ذي القرنين ، فقد أخبرنا عنه بالعجب ، ونسألك عن الروح ، فقد ذكر لنا من أمره عجب ، فإن علمتهن ، فأنت معذور ، وإن جهلتهن ، فأنت مغرور مسحور ، فقال لهم النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ ارجعوا إلى غداً أخبركم ′ ، ولم يستثن ، فمكث النبي صلى اللّه عليه وسلم ثلاث أيام . ثم أتاه جبريل ، عليه السلام ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ يا جبريل ، إن القوم سألوني عن ثلاث خصال ′ ، فقال جبريل ، عليه السلام : بهن أتيتك ، إن اللّه عز وجل يقول : أَم حَسبتَ أَن أَصحاب الكهف والرقيم كانوا من ءاياتنا عجباً ، ١٠الكهف : ١٠ إذ أوى الفتية . . . . . ثم أخبر عنهم ، فقال سبحانه : إِذ أوى الفتيةُ إِلى الكهف فقالوا ربنا ءاتنا من لدُنك رحمةً من عندك رحمة ، يعنى رزقاً ، وهيِّء لنا من أَمرنا رشداً [ آية : ١٠ ] ، يعنى تيسيراً ، فيها تقديم ، ١١الكهف : ١١ فضربنا على آذانهم . . . . . فضربنا عَلىءاذانهم ، رقوداً في الكهف سنينَ عدداً [ آية : ١١ ] ، يعنى ثلاثمائة سنة وتسع سنين . ١٢ الكهف : ١٢ ثم بعثناهم لنعلم . . . . . ثُم بعثناهم ، من بعد نومهم لنعلم أي الحِزبين ، يعنى لنرى مؤمنهم ومشركهم أَحصى لما لبثواْ في رقودهم أمداً [ آية : ١٢ ] ، يعنى أجلاً ، فكان مؤمنوهم الذين كتبوا أمر الفتية هم أعلم بما لبثوا من كفارهم ، فلما بعثوا ، يعنى الفتية من نومهم ، أتوا القرية ، فأسلم أهل القرية كلهم . ١٣الكهف : ١٣ نحن نقص عليك . . . . . نحن نقص عليك نبأهم بالحق إِنهم فتيةُ ءامنوا بربهم ، يعنى صدقوا بتوحيد ربهم وزدناهم هدى [ آية : ١٣ ] ، حين فارقوا قومهم . ١٤الكهف : ١٤ وربطنا على قلوبهم . . . . . وربطنا على قلوبهم بالإيمان إذ قاموا ، على أرجلهم قياماً فقالوا ربنا وهو رب السماوات والأرض لن ندعوا ، يعنى لن نعبد من دونه إلها ، يعنى براً غير اللّه عز وجل ، كفعل قومنا ، ولئن فعلنا لقد قلنا إذا على اللّه شططا [ آية : ١٤ ] ، يعنى جوراً ، نظيرها في ص : ولا تشطط واهدنا [ ص : ٢٢ ] ، وفي سورة الجن : وأنه كان يقول سفيهنا على اللّه شططا [ الجن : ٤ ] . ١٥الكهف : ١٥ هؤلاء قومنا اتخذوا . . . . . قال سبحانه : هؤلاء قومنا اتخذوا من دُونه ءالهة ، يعبدونها لولا ، يعنى هلا يأتون عليهم بسلطان بين ، يعنى على الآلهة بحجة بينة بأنها آلهة ، فمن ، يعنى فلا أحد أظلم ممن افترى على اللّه كذبا [ آية : ١٥ ] ، بأن معه آلهة . ١٦الكهف : ١٦ وإذ اعتزلتموهم وما . . . . . ثم قال الفتية بعضهم لبعض : وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون ، من دون اللّه من الآلهة ، ثم استثنوا ، ف إلا اللّه ، فلا تعتزلوا معرفته ؛ لأنهم عرفوا أن اللّه تعالى ربهم ، وهو خلقهم وخلق الأشياء كلها ، ثم قال بعضهم لبعض : فأوا إِلى الكهف ، يعنى انتهوا إلى الكهف ، كقوله سبحانه : إذ أوينا إلى الصخرة [ الكهف : ٦٣ ] ، ينشر لكم ، يعنى يبسط لكم ربكم من رحمته رزقاً ويهيئ لكم من أمركم مرفقا [ آية : ١٦ ] ، يعنى ما يرفق بكم ، فهيأ اللّه لكم الرقود في الغار ، فكان هذا من قول الفتية . ١٧الكهف : ١٧ وترى الشمس إذا . . . . . يقول اللّه تبارك وتعالى : وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ، يعنى تميل عن كهفهم فتدعهم ذات اليمين وإذا غربت الشمس تقرضهم ، يعني تدعهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ، يعنى في زاوية من الكهف ذلك ، يعنى هذا الذي ذكر من أمر الفتية من ءايت اللّه ، يعنى من علامات اللّه وصنعه ، من يهد اللّه لدينه فهو المهتد ومن يضلل ، عن دينه الإسلام فلن تجد له وليا ، يعنى صاحباً مرشدا [ آية : ١٧ ] ، يعنى يرشده إلى الهدى ؛ لأن وليه مثله في الضلالة . ١٨الكهف : ١٨ وتحسبهم أيقاظا وهم . . . . . وتحسبهم أيقاظا ، حين يقلبون ، وأعينهم مفتحة . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثنا أبي عن الهذيل ، قال : قال مقاتل ، عن الضحاك : كان يقلبهم جبريل ، عليه السلام ، كل عام مرتين ؛ لئلا تأكل الأرض لحومهم وهم رقود ، يعنى نيام ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ، على جنوبهم ، وهم رقود لا يشعرون وكلبهم ، اسمه : قمطير ، باسط ذراعيه بالوصيد ، يعنى الفضاء الذي على باب الكهف ، وكان الكلب لمكسلمينا ، وكان راعي غنم ، فبسط الكلب ذراعيه على باب الكهف ؛ ليحرسهم ، وأنام اللّه عز وجل الكلب في تلك السنين ، كما أنام الفتية ، يقول للنبي صلى اللّه عليه وسلم : لو اطلعت عليهم ، حين نقلبهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا [ آية : ١٨ ] . ١٩الكهف : ١٩ وكذلك بعثناهم ليتساءلوا . . . . . وكذلك ، يعنى وهكذا بعثناهم من نومهم فقاموا ليتساءلوا بينهم ، ف قال قائل منهم ، وهو مكسلمينا ، وهو أكبرهم سناً كم لبثتم رقوداً قالوا لبثنا يوما ، وكانوا دخلوا الغار غدوة ، وبعثوا من آخر النهار ، فمن ثم أو بعض يوم قالوا ، يعنى الأكبر ، وهو مكسلمينا وحده ربكم أعلم بما لبثتم في رقودكم منكم ، فردوا العلم إلى اللّه عز وجل ، ثم قال مكسلمينا : فابعثوا أحدكم بورقكم ، يعنى الدراهم هذه التي معكم . إلى المدينة ، فبعثوا يمليخا فلينظر أيها أزكى طعاما ، يعنى أطيب طعاماً ، فليأتكم برزق منه وليتلطف ، يعنى وليترفق حتى لا يفطن له ولا يشعرن بكم أحدا [ آية : ١٩ ] ، يعنى ولا يعلمن بمكانكم أحداً من الناس . ٢٠الكهف : ٢٠ إنهم إن يظهروا . . . . . إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم ، يعنى يقتلوكم أو يعيدوكم في ملتهم ، يعنى في دينهم الكفر ولن تفلحوا إذا أبدا [ آية : ٢٠ ] ، كان هذا من قول مكسلمينا ، يقوله للفتية ، فلما ذهب يمليخا إلى القرية ، أنكروا دراهم دقيوس الجبار الذي فر منه الفتية ، فلما رأوا ذلك ، هذا رجل كنزاً ، فلما خاف أن يعذب ، لأخبرهم بأمر الفتية ، فانطلقوا معه إلى الكهف ، فلما انتهى يمليخا إلى الكهف ودخل ، سد اللّه عز وجل باب الكهف عليهم ، فلم يخلص إليهم أحد . ٢١الكهف : ٢١ وكذلك أعثرنا عليهم . . . . . وكذلك أعثرنا ، يقول : وهكذا أطلعنا عليهم ليعلموا ، يعنى ليعلم كفارهم ومكذبوهم بالبعث إذا نظروا إليهم إن وعد اللّه حق في البعث أنه كائن ، و ليعلموا إن الساعة آتية ، يعنى قائمة لا ريب فيها ، يعنى لا شك فيها ، في القيامة بأنها كائنة إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم ، يعنى إذا يخلفون في القول في أمرهم ، فكان التنازع بينهم أن كيف نصنع بالفتية ؟ قال بعضهم : نبني عليهم بنياناً ، وقال بعضهم ، وهم المؤمنون : قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا [ آية : ٢١ ] ، فبنوا مسجداً على باب الكهف . ٢٢الكهف : ٢٢ سيقولون ثلاثة رابعهم . . . . . سيقولون ، يعنى نصارى نجران : الفتية ثلاثة نفر رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم ، يقول اللّه عز وجل : رجما بالغيب ، يعنى قذفاً بالظن لا يستيقنونه ويقولون هم سبعة وثامنهم كلبهم ، وإنما صاروا بالواو واو ؛ لأنه انقطع الكلام ، وقال أبو العباس ثعلب : ألفوا هذه الواو الحال ، كان المعنى : وهذه حالهم عند ذكر الكلب ، هذا قول نصارى نجران السيد والعاقب ومن معهما من المار يعقوبيين ، وهم حزب النصارى قل للنصارى : ربي أعلم بعدتهم من غيره ما يعلمهم ، يعنى عدتهم ، ثم استثنى : إلا قليل ، قل : ما يعلم عدة الفتية إلا قليل من النسطورية ، وهم حزب من النصارى ، وأما الذين غلبوا على أمرهم ، فهم المؤمنون الذين كانوا يقولون : ابنوا عليهم بنياناً بنداسيس الصلح ومن معه ، فلا تمار فيهم ، يعنى لا تمار يا محمد النصارى في أمر الفتية إلا مراء ظاهرا يعنى حقاً بما في القرآن ، يقول سبحانه : حسبك بما قصصنا عليك من أمرهم ولا تستفت فيهم منهم أحدا [ آية : ٢٢ ] ، يقول : ولا تسأل عن أمر الفتية أحداً من النصارى . ٢٣الكهف : ٢٣ ولا تقولن لشيء . . . . . وَلا تقولن لشائ إني فاعلٌ ذلك غداً [ آية : ٢٣ ] . إلا أن يشاء اللّه ، وذلك حين سأل أبو جهل وأصحابه عن أصحاب الكهف ، فقال لهم النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ ارجعوا إلىَّ غداً حتى أخبركم ′ ، ولم يستثن ، فأنزل اللّه عز وجل : ولا تقولن لشائٍ إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء اللّه ٢٤الكهف : ٢٤ إلا أن يشاء . . . . . واذكر ربك إذا نسيت ، يقول : إذا ذكرت الاستثناء فاستثن ، يقول اللّه : قل : إن شاء اللّه قبل أن ينزل الوحي إليك في أصحاب الكهف وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا [ آية : ٢٤ ] لقول النبي صلى اللّه عليه وسلم لهم : ′ ارجعوا إلي غداً حتى أخبركم عما سألتم ′ ، فقال عز وجل للنبي صلى اللّه عليه وسلم : وقل لهم عسى أن يرشدني ربي لأسرع من هذا الميعاد رشداً . ٢٥الكهف : ٢٥ ولبثوا في كهفهم . . . . . ثم قالت النصارى أيضاً : ولبثوا في كهفهم رقوداً ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا [ آية : ٢٥ ] ، فيها تقديم ، لا تتغير ألوانهم ، ولا أشعارهم ، ولا ثيابهم . ٢٦الكهف : ٢٦ قل اللّه أعلم . . . . . قل لنصارى نجران يا محمد : اللّه أعلم بما لبثوا في رقودهم له غيب السماوات والأرض ، يعنى ما يكون في السموات والأرض أبصر به وأسمع ، يقول : لا أحد أبصر من اللّه عز وجل بما لبثوا في رقودهم ، ولا أحد أسمع ما لهم ، يعنى النصارى من دونه من ولي ، يعنى قريباً ينفعهم ولا يشرك اللّه في حكمه أحدا [ آية : ٢٦ ] . ٢٧الكهف : ٢٧ واتل ما أوحي . . . . . واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك ، يقول : أخبر كفار مكة الذين سألوا عن أصحاب الكهف بما أوحينا إليك من أمرهم ، لا تنقص ولا تزيد لا مبدل لكلماته ، يقول : لا تحويل لقوله ؛ لأن قوله تعالى ذكره حق ، ثم حذر اللّه عز وجل نبيه صلى اللّه عليه وسلم إن زاد أو نقص ، قال سبحانه : ولن تجد من دونه ملتحدا [ آية : ٢٧ ] ، يعنى مدخلاً ، يقول : لا تقل في أصحاب الكهف إلا ما قد قيل لك ، فإن فعلت فإنك لن تجد من دون اللّه عز وجل ملجأ تلجأ إليه ليمتعك منا . ٢٨الكهف : ٢٨ واصبر نفسك مع . . . . . واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم ، يعنى يعبدون ربهم ، يعنى بالصلاة له ، بالغداوة والعشى طرفي النهار يريدون وجهه ، يعنى يبتغون بصلاتهم وصومهم وجه ربهم ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحيوة الدنيا ، نزلت في عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بن عمرو الفزارى ، وذلك أنه دخل على النبي صلى اللّه عليه وسلم وعنده الموالى وفقراء العرب ، منهم : بلال بن رباح المؤذن ، وعمار بن ياسر ، وصهيب بن سنان ، وخباب بن الأرت ، وعامر بن فهيرة ، ومهجع بن عبد اللّه مولى عمر بن الخطاب ، وهو أول شهيد قتل يوم بدر ، رضى اللّه عنهم ، وأيمن ابن أم أيمن ، ومن العرب أبو هريرة الدوسي ، وعبد اللّه بن مسعود الهذلى ، وغيرهم ، وكان على بعضهم شملة قد عرق فيها . فقال عيينة بن حصن للنبي صلى اللّه عليه وسلم : إن لنا شرفاً وحسباً ، فإذا دخلنا عليك فاعرف لنا ذلك ، فأخرج هذا وضرباءه عنا ، فواللّه إنه ليؤذينا ريحه ، يعنى جبته آنفاً ، فإذا خرجنا من عندك فأذن لهم إن بدا لك أن يدخلوا عليك ، فاجعل لنا مجلساً ولهم مجلس ، فأنزل اللّه عز وجل ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ، يعنى القرآن واتبع هواه ، يعنى وآثر هواه وكان أمره الذي يذكر من شرفة وحسبه فرطا [ آية : ٢٨ ] ، يعنى ضائعاً في القيامة ، مثل قوله : ما فرطنا في الكتاب من شئ [ الأنعام : ٣٨ ] ، يعنى ما ضيعنا . ٢٩الكهف : ٢٩ وقل الحق من . . . . . وقل الحق من ربكم ، يعنى القرآن فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، هذا وعيد ، نظيرها في حم السجدة : اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير [ فصلت : ٤٥ ] ، يعنى من شاء فليصدق بالقرآن ، ومن شاء فليكفر بما فيه ، ثم ذكر مصير الكافر والمؤمن ، فقال : إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها ، وذلك أنه يخرج عنق من النار فيحيط بهم ، فذلك السرادق ، قال سبحانه : وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل ، يقول : أسود غليظ كدردى الزيت يشوي الوجوه ، وذلك أنه إذا دنا من فيه ، اشتوى وجهه من شدة حر الشراب ، قال سبحانه : بئس الشراب وساءت مرتفقا [ آية : ٢٩ ] ، يقول : وبئس المنزل . ٣٠الكهف : ٣٠ إن الذين آمنوا . . . . . ثم ذكر مصير المؤمنين ؛ فقال سبحانه : إن الذين ءامنوا وعلموا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً [ آية : ٣٠ ] ، يقول : لا نضيع أجر من أحسن العمل ، ولكنا نجزيه بإحسانه . ٣١الكهف : ٣١ أولئك لهم جنات . . . . . أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار ، يقول : تجري الأنهار من تحت البساتين يحلون فيها من أساور من ذهب ، وأساور من لؤلؤ ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق ، يعنى الديباج بلغة فارس متكئين فيها ، في الجنة على الأرائك ، يعنى الحجال مضروبة على السرر نعم الثواب الجنة ، يثنى عليها عمل الأبرار وحسنت مرتفقا [ آية : ٣١ ] فيها تقديم ، يقول : إنا لا نضيع عمل الأبرار ، لا نضيع جزاء من أحسن عملاً . ٣٢الكهف : ٣٢ واضرب لهم مثلا . . . . . واضرب لهم ، يعنى وصف لهم ، يعنى لأهل مكة مثلا ، يعنى شبهاً رجلين ، أحدهما مؤمن واسمه يمليخا ، والآخر كافر ، واسمه فرطس ، وهما أخوان من ، بنى إسرائيل مات أبوهما ، فورث كل واحد منهما عن أبيه أربعة آلاف دينار ، فعمد المؤمن فأنفق ماله على الفقراء واليتامى والمساكين ، وعمد الكافر فاتخذ المنازل ، والحيوان ، والبساتين ، فذلك قوله سبحانه : جعلنا ل أحدهما ، يعنى الكافر جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا [ آية : ٣٢ ] . الكهف : ٣٢ واضرب لهم مثلا . . . . . كلتا الجنتين ءاتت أكلها ، يعنى أعطت ثمراتها كلها ولم تظلم منه شيئا ، يعنى ولم تنقص من الثمر شيئاً ، يعنى جمله وافراً ، نظيرها في البقرة : وما ظلمونا [ البقرة : ٥٧ ] ، يعنى وما نقصونا وفجرنا خلالهما نهرا [ آية : ٣٣ ] ، يعنى أجرينا النهر وسط الجنتين . ٣٤الكهف : ٣٤ وكان له ثمر . . . . . وكان له ثمر ، يقول : وكان للكافر مال من الذهب والفضة ، وغيرها من أصناف الأموال ، فلما افتقر المؤمن ، أتى أخاه الكافر متعرضاً لمعروفه ، فقال له المؤمن : إني أخوك ، وهو ضامر البطن ، رث الثياب ، والكفر ظاهر الدم ، غليظ الرقبة ، جيد المركب والكسوة ، فقال الكافر للمؤمن : إن كنت كما تزعم أنك أخي ، فأين مالك الذي ورثت من أبيك ؟ قال : أقرضته إلهي الملي الوفي ، فقدمته لنفسي ولولدي ، فقال : وإنك لتصدق أن اللّه يرد دين العباد ، هيهات هيهات ، ضيعت نفسك ، وأهلكت مالك ، فذلك قوله سبحانه : فقال الكافر لصاحبه ، وهو المؤمن وهو يحاوره ، يعنى يراجعه ، يقول : أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا [ آية : ٣٤ ] ، يعنى وأكثر ولداً . ٣٥الكهف : ٣٥ ودخل جنته وهو . . . . . ودخل الكافر جنته ، وهو بستانه وهو ظالم لنفسه قال ما أظن ، يعنى ما أحسب أن تبيد ، يعنى أن تهلك هذه الجنة أبدا [ آية : ٣٥ ] . ٣٦الكهف : ٣٦ وما أظن الساعة . . . . . قال : وما أظن الساعة قائمة ، يعنى القيامة كائنة كما تقول ولئن رددت إلى ربي في الآخرة لأجدن خيرا منها ، يعنى أفضل منها ، من جنتي منقلبا [ آية : ٣٦ ] ، يعنى مرجعاً . ٣٧الكهف : ٣٧ قال له صاحبه . . . . . فرد عليه قال له صاحبه المؤمن وهو يحاوره ، يعنى يراجعه : أكفرت بالذين خلقك من تراب ، يعنى آدم ، عليه السلام ؛ لأن أول خلقه التراب ، ثم قال : ثم من نطفة ثم سواك ، يعنى خلقك فجعلك رجلا [ آية : ٣٧ ] . ٣٨الكهف : ٣٨ لكن هو اللّه . . . . . لكنا أقول : هو اللّه ربي ولا أشرك بربي أحدا [ آية : ٣٨ ] ٣٩الكهف : ٣٩ ولولا إذ دخلت . . . . . ثم قال للكافر : ولولا ، يعنى هلا إذ دخلت جنتك ، يعنى بستانك قلت ما شاء اللّه لا قوة إلا باللّه ، يعنى فهلا قلت بمشيئة اللّه أعطيتها بغير حوله مني ولا قوة ، ثم قال المؤمن للكافر يرد عليه إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا [ آية : ٣٩ ] . ٤٠الكهف : ٤٠ فعسى ربي أن . . . . . فعسى ربي أن يؤتين خيرا ، يعنى أفضل من جنتك ويرسل عليها ، يعنى على جنتك حسبانا ، يعنى عذاباً من السماء فتصبح جنتك صعيدا ، يعنى مستوياً ليس فيه شيء زلفاً [ آية : ٤٠ ] ، يعنى أملساً . ٤١الكهف : ٤١ أو يصبح ماؤها . . . . . أو يصبح ماؤها غورا ، يعنى يغور في الأرض فيذهب فلن تستطيع له طلبا [ آية : ٤١ ] ، يقول : فلن تقدر على الماء ، ثم افترقا ، فأرسل اللّه عز وجل على جنته بالليل عذاباً من السماء ، فاحترقت ، وغار ماؤها ب قوله : و ما أظن أن تبيد هذه أبدا ، وما أظن الساعة قائمة . ٤٢الكهف : ٤٢ وأحيط بثمره فأصبح . . . . . وأحيط بثمره الهلاك ، فلما أصبح ورأى جنته هالكة ، ضرب بكفه على الأخرى ، ندامة على ما أنفق فيها ، فذلك قوله سبحانه : فأصبح يقلب كفيه ، يعنى يصفق بكفيه ندامة على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ، يقول : ساقطة من فوقها ، ويقول ياليتني لم أشرك بربي أحداً [ آية : ٤٢ ] . ٤٣الكهف : ٤٣ ولم تكن له . . . . . يقول اللّه تعالى : ولم تكن له فئة ينصرونه من دون اللّه ، يعنى جنداً يمنعونه من عذاب اللّه الذي نزل بجنته وما كان منتصرا آية : ٤٣ ، يعنى ممتنعاً . ٤٤الكهف : ٤٤ هنالك الولاية للّه . . . . . هنالك الولاية ، يعنى السلطان ، ليس في ذلك اليوم سلطان غيره ، مثل قوله عز وجل : والأمر يومئذ للّه [ الانفطار : ١٩ ] ، ليس في ذلك اليوم أمر إلا للّه عز وجل ، والأمر أيضاً في الدنيا ، لكن جعل في الدنيا ملوكاً يأمرون ، ومن قرأها بفتح الواو ، جعلها من الموالاة هنالك الولاية للّه ، يعنى البعث الذي كفر به فرطس للّه الحق وحده لا يملكه أحد ، ولا ينازعه أحد هو خير ثوابا ، يعنى أفضل ثواباً ، وخير عقبا [ آية : ٤٤ ] ، يعنى أفضل عاقبة لهذا المؤمن من عاقبة هذا الكافر الذي جعل مرجعه إلى النار . ٤٥الكهف : ٤٥ واضرب لهم مثل . . . . . واضرب لهم ، لكفار مكة مثل ، يعنى شبه الحيوة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به ، يعنى بالماء نبات الأرض فأصبح النبت هشيما ، يعنى يابساً تذروه الرياح ، يقول سبحانه : مثل الدنيا ، كمثل النبت ، بينما هو أخضر ، إذ هو قد يبس وهلك ، فكذلك تهلك الدنيا إذا جاءت الآخرة وكان اللّه على كل شيء من البعث وغيره مقتدرا [ آية : ٤٥ ] . ٤٦الكهف : ٤٦ المال والبنون زينة . . . . . المال والبنون زينة الحيوة الدنيا ، يعنى حسنها والباقيات الصالحات ، يعنى : سبحان اللّه ، والحمد للّه ، ولا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر خير ، يعنى أفضل عند ربك ثوابا في الآخرة وخير أملا [ آية : ٤٦ ] ، يعني وأفضل رجاء مما يرجو الكافر فإن ثواب الكافر من الدنيا النار ، ومرجعهم إليها . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن مقاتل بن سليمان ، عن علقمة بن مرثد وغيره ، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : ′ الباقيات الصالحات : سبحان اللّه ، والحمد للّه ، ولا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر ′ . ٤٧الكهف : ٤٧ ويوم نسير الجبال . . . . . ويوم نسير الجبال من أماكنها وترى الأرض بارزة من الجبال والبناء والشجر وغيره وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا [ آية : ٤٧ ] فلم يبق منهم أحد إلا حشرناه . ٤٨الكهف : ٤٨ وعرضوا على ربك . . . . . وعرضوا على ربك صفا ، يعنى جميعاً ، نظيرها في طه : ثم ائتوا صفا [ طه : ٦٤ ] ، يعنى جميعاً لقد جئتمونا فرادى ليس معكم من دنياكم شيء كما خلقناكم أول مرة ، حين ولدوا وليس لهم شيء بل زعمتم في الدنيا ألن نجعل لكم موعدا [ آية : ٤٨ ] ، يعنى ميقاتاً في الآخرة تبعثون فيه . ٤٩الكهف : ٤٩ ووضع الكتاب فترى . . . . . ووضع الكتاب ، بما كانوا عملوا في الدنيا بأيديهم فترى المجرمين مشفقين مما فيه ، من المعاصي ويقولون ياويلتنا ، دعوا بالويل مال هذا الكتاب لا يغادر ، يعنى لا يبقي سيئة : صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، يعنى إلا أحصى الكتاب السيئات ووجدوا ما عملوا ، يعنى تعجل له عمله كله حاضرا ، لا يغادر منه شيئاً ولا يظلم ربك أحدا [ آية : ٤٩ ] في عمله الذي عمل حتى يجزيه به . ٥٠الكهف : ٥٠ وإذ قلنا للملائكة . . . . . وإذ قلنا للملائكة ، يعنى وقد قلنا للملائكة : اسجدوا لآدم فسجدوا ، ثم استثنى ، فقال : إلا إبليس كان من الجن ، وهو حي من الملائكة ، يقال لهم : الجن ، ففسق عن أمر ربه ، يعنى فعصى تكبراً عن أمر ربه حين أمره بالسجود لآدم ، قال اللّه عز وجل : أفتتخذونه ، يعنى إبليس وذريته ، يعنى الشياطين أولياء من دوني ، يعنى آلهة من دوني وهو لكم عدوٌ ، يعنى إبليس والشياطين لكم معشر بني آدم عدو بئس للظالمين ، يعنى المشركين بدلا [ آية : ٥٠ ] ، يقول : بئس ما استبدلوا بعبادة اللّه عز وجل ، عبادة إبليس ، فبئس البدل هذا . ٥١الكهف : ٥١ ما أشهدتهم خلق . . . . . ما أشهدتهم ، يعنى ما أحضرتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم ، يعنى إبليس وذريته ، ثم قال تعالى : وما كنت متخذ المضلين [ آية : ٥١ ] ، الذين أضلوا بني آدم وذريته عضدا ، يعنى عزاً وعوناً فيما خلقت من خلق السموات والأرض ومن خلقهم . ٥٢الكهف : ٥٢ ويوم يقول نادوا . . . . . ويوم يقول للمشركين نادوا شركائي ، سلوا الآلهة الذين زعمتم أنهم معي شركاء ، أهم آلهة ؟ فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ، يقول : فسألوهم ، فلم يجيبوهم بأنها آلهة وجعلنا بينهم وبين شركائهم موبقا [ آية : ٥٢ ] ، يعنى وادياً عميقاً في جهنم . ٥٣الكهف : ٥٣ ورأى المجرمون النار . . . . . ورءا المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ، يعنى فعلموا أنهم مواقعوها ، يعنى داخلوها ، نظيرها في براءة : وظنوا أن لا ملجأ من اللّه إلا إليه [ التوبة : ١١٨ ] ، يعنى وعلموا ولم يجدوا عنها مصرفا [ آية : ٥٣ ] ، يقول : ولم يقدر أحد من الآلهة أن يصرف النار عنهم . ٥٤الكهف : ٥٤ ولقد صرفنا في . . . . . ولقد صرفنا ، يعنى لونا ، يعنى وصفنا في هذا القرءان للناس من كل مثل ، من كل شبه في أمور شتى وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً [ آية : ٥٤ ] . ٥٥الكهف : ٥٥ وما منع الناس . . . . . وما منع الناس ، يعنى المستهزئين والمطعمين في غزاة بدر أن يؤمنوا ، يعنى أن يصدقوا بالقرآن إذ جاءهم الهدى ، يعنى البيان ، وهو القرآن ، وهو هدى من الضلالة ويستغفروا ربهم من الشرك إلا أن تأتيهم سنة الأولين ، يعنى أن ينزل بهم مثل عذاب الأمم الخالية في الدنيا ، فنزل ذلك بهم في الدنيا ببدر من القتل ، وضرب الملائكة الوجوه والأدبار ، وتعجيل أرواحهم إلى النار ، قال سبحانه : أو يأتيهم العذاب قبلا [ آية : ٥٥ ] ، يعنى عياناً . ٥٦الكهف : ٥٦ وما نرسل المرسلين . . . . . وما نرسل المرسلين إلا مبشرين بالجنة ومنذرين من النار ؛ لقول كفار مكة للنبي في بني إسرائيل : أبعث اللّه بشرا رسولا [ الإسراء : ٩٤ ] ويجادل الذين كفروا من أهل مكة بالباطل ، وجدالهم بالباطل قولهم للرسل : ما أنتم إلا بشر مثلنا ، وما أنتم برسل اللّه ليدحضوا به الحق ، يعنى ليبطلوا بقولهم الحق الذي جاءت به الرسل ، عليهم السلام ، ومثله قوله سبحانه في حم المؤمن : ليدحضوا به الحق [ غافر : ٥ ] ، يعنى ليبطلوا به الحق واتخذوا ءاياتي وما أنذروا هزوا [ آية : ٥٦ ] ، يعني آيات القرآن وما أنذروا فيه من الوعيد استهزاء منهم ، أنه ليس من اللّه عز وجل ، يعنى القرآن والوعيد ليسا بشيء . ٥٧الكهف : ٥٧ ومن أظلم ممن . . . . . ومن أظلم ممن ذكر بئايات ربه فأعرض عنها ، يقول : فلا أحد أظلم ممن وعظ بآيات ربه ، يعنى القرآن ، نزلت في المطعمين والمستهزئين ، فأعرض عن الإيمان بآيات اللّه القرآن ، فلم يؤمن بها ونسي ما قدمت يداه ، يعنى ترك ما سلف من ذنوبه ، فلم يستغفر منها من الشرك إنا جعلنا على قلوبهم أكنة ، يعنى الغطاء على القلوب ، أن يفقهوه ، يعنى القرآن وفىءاذانهم وقراً ؛ لئلا يسمعوا القرآن وإن تدعهم يا محمد إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا [ آية : ٥٧ ] من أجل الأكنة والوقر ، يعنى كفار مكة . ٥٨الكهف : ٥٨ وربك الغفور ذو . . . . . وربك الغفور ، يعنى إذا تجاوز عنهم في تأخير العذاب عنهم ذو الرحمة ، يعنى ذا النعمة حين لا يعجل بالعقوبة لو يؤاخذهم بما كسبوا من الذنوب ، لعجل لهم العذاب في الدنيا بل العذاب لهم موعد ، يعنى ميقاتاً يعذبون فيه لن يجدوا من دونه موئلا [ آية : ٥٨ ] ، يعنى ملجأ يلجئون إليه . ٥٩الكهف : ٥٩ وتلك القرى أهلكناهم . . . . . وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا بالعذاب في الدنيا ، يعنى أشركوا وجعلنا لمهلكهم بالعذاب موعدا [ آية : ٥٩ ] ، يعنى ميقاتاً ، وهكذا وقت هلاك كفار مكة ببدر . ٦٠الكهف : ٦٠ وإذ قال موسى . . . . . وإذ قال موسى لفتاه ، يوشع بن نون ، وهو ابن أخت موسى ، من سبط يوسف بن يعقوب ، عليهم السلام : لا أبرح ، يعنى لا أزال أطلب الخضر ، وهو من ولد عاميل ، من بنى إسرائيل حتى أبلغ مجمع البحرين ، يقال ل أحدهما : الرش ، وللآخر : الكر ، فيجتمعان فيصيران نهراً واحداً ، ثم يقع في البحر من وراء أذربيجان أو أمضي حقبا [ آية : ٦٠ ] ، يعنى دهراً ، ويقال : الحقب ثمانون سنة . ٦١الكهف : ٦١ فلما بلغا مجمع . . . . . فلما بلغا ، يعنى موسى ويوشع بن نون مجمع بينهما بين البحرين ، نسيا حوتهما ، وذلك أن موسى ، عليه السلام ، لما علم ما في التوراة ، وفيها تفصيل كل شئ ، قال له رجل من بني إسرائيل : هل في الأرض أحد أعلم منك ؟ قال : لا ، ما بقي أحد من عباد اللّه هو أعلم مني ، فأوحى اللّه عز وجل إليه : أن رجلاً من عبادي يسكن جزائر البحر ، يقال له : الخضر ، هو أعلم منك ، قال : فكيف لي به ؟ قال جبريل ، عليه السلام : أحمل معك سمكة مالحة ، فحيث تنساها تجد الخضر هنالك . فسار موسى ويوشع بن نون ، ومعهما خبز وسمكة مالحة في مكتل على ساحل البحر ، فأوى إلى الصخرة قليلاً ، والصخرة بأرض تسمى : مروان ، على ساحل بحر أيلة ، وعندها عين تسمى : عين الحياة ، فباتا عندها تلك الليلة ، وقرب موسى المكتل من العين وفيها السمكة ، فأصابها المال فعاشت ، ونام موسى ، فوقعت السمكة في البحر ، فجعل لا يمس صفحتها شئ من الماء إلا انفلق عنه ، فقام الماء من كل جانب ، وصار أثر الحوت في الماء كهيئة السرب في الأرض ، واقتصد الحوت في مجراه ليلحقاه ، فذلك قوله سبحانه : فاتخذ سبيله في البحر سربا [ آية : ٦١ ] ، يعنى الحوت اتخذ سبيله ، يعنى طريقه في البحر سرباً ، يقول : كهيئة فم القربة . ٦٢الكهف : ٦٢ فلما جاوزا قال . . . . . فلما أصبحا ومشياً ، نسى يوشع بن نون أن يخبر موسى ، عليه السلام ، بالحوت حتى أصبحا وجاعا فلما جاوزا قال موسى لفتاه ، ليوشع : ءاتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً [ آية : ٦٢ ] ، يعنى مشقة في أبداننا ، مثل قوله سبحانه : أني مسني الشيطان بنصب وعذاب [ ص : ٤١ ] ، يعنى مشقة . ٦٣الكهف : ٦٣ قال أرأيت إذ . . . . . قال يوشع لموسى : أرءيت إذ أوينا إلى الصخرة ، يعنى انتهينا إلى الصخرة ، وهى في الماء فإني نسيت الحوت ، أن أذكر لك أمره وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله ، يعنى موسى ، عليه السلام ، طريقة في البحر عجبا [ آية : ٦٣ ] ، فعجب موسى من أمر الحوت . ٦٤الكهف : ٦٤ قال ذلك ما . . . . . فلما أخبر يوشع موسى ، عليه السلام ، بأمر الحوت قال موسى : ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا [ آية : ٦٤ ] ، يقول : فرجعا يقصان آثارهما ، كقوله سبحانه في القصص : قصيه [ القصص : ١١ ] ، يعنى اتبعي أثره ، فأخذا ، يعنى موسى ويوشع ، في البحر في أثر الحوت ، حتى لقيا الخضر ، عليه السلام ، في جزيرة في البحر . فذلك قوله سبحانه : ٦٥الكهف : ٦٥ فوجدا عبدا من . . . . . فوجدا عبدا من عبادنا ، قائماً يصلي ءاتيناه رحمةً من عندنا ، يقول : أعطيناه النعمة ، وهي النبوة وعلمناه من لدنا علما [ آية : ٦٥ ] ، يقول : من عندنا علماً ، وعلى الخضر ، عليه السلام ، جبة صوف ، واسمه : اليسع ، وإنما سمي اليسع ؛ لأن علمه وسع ست سموات وست أرضين ، فأتاه موسى ويوشع من خلفه ، فسلما عليه ، فأنكر الخضر السلام بأرضه وانصرف ، فرأى موسى فعرفه ، فقال : وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل ، فقال موسى : وما يدريك أني نبي بني إسرائيل ؟ قال : أدراني الذي أرشدك إلى وأدراك بي . ٦٦الكهف : ٦٦ قال له موسى . . . . . قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا [ آية : ٦٦ ] ، يعنى علماً ، قال الخضر ، عليه السلام : كفى بالتوراة علماً ، وببني إسرائيل شغلا ، فأعاد موسى الكلام . ٦٧الكهف : ٦٧ قال إنك لن . . . . . ف قال الخضر : إنك لن تستطيع معي صبرا [ آية : ٦٧ ] ، ، قال موسى : ولم ؟ قال : لأني أعمل أعمالاً لا تعرفها ، ولا تصبر على ما ترى من العجائب حتى تسألني عنه . ٦٨الكهف : ٦٨ وكيف تصبر على . . . . . وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا [ آية : ٦٨ ] ، يعنى علماً . ٦٩الكهف : ٦٩ قال ستجدني إن . . . . . قال ستجدني إن شاء اللّه صابرا ، قال مقاتل : فلم يصبر مولى ، ولم يأثم ب قوله : ستجدني إن شاء اللّه صابرا ، على ما رأى من العجائب ، فلا أسألك عنها ولا أعصي لك أمرا [ آية : ٦٩ ] فيما أمرتني به ، أو نهيتني عنه . ٧٠الكهف : ٧٠ قال فإن اتبعتني . . . . . قال الخضر ، عليه السلام : فإن اتبعتني فلا تسئلنى عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً [ آية : ٧٠ ] ، يقول : حتى أبين لك بيانه . ٧١الكهف : ٧١ فانطلقا حتى إذا . . . . . فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها ، فمرت سفينة فيها ناس ، فقال الخضر : يا أهل السفينة ، احملونا معكم في بحر أيلة ، قال بعضهم : إن هؤلاء لصوص ، فلا تحملوهم معنا ، قال صاحب السفينة : أرى وجوه أنبياء ، وما هم بلصوص ، فحملهم بأجر ، فعمد الخضر فضرب ناحية السفينة بقدوم فخرقها ، فدخل الماء فيها ، فعمد موسى ، فأخذ ثياباً فدسها في خرق السفينة ، فلم يدخل الماء ، وكان موسى ، عليه السلام ، ينكر الظلم ، فقام موسى إلى الخضر ، عليهما السلام ، فأخذ بلحيته ، و قال له سموى : أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا [ آية : ٧١ ] ، يعنى لقد أتيت أمراً منكراً ، فالتزمه الخضر ، وذكره الصحبة ، وناشده باللّه ، وركب الخضر على الخرق ؛ لئلا يدخلها الماء . ٧٢الكهف : ٧٢ قال ألم أقل . . . . . قال له الخضر : ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا [ آية : ٧٢ ] ، على ما ترى من العجائب ، قال يوشع لموسى : اذكر العهد الذي أعطيته من نفسك . ٧٣الكهف : ٧٣ قال لا تؤاخذني . . . . . قال موسى : لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني ، يعني تغشيني من أمري عسرا [ آية : ٧٣ ] ، يعنى من قولي عسراً ، ثم قعد موسى مهموماً يقول في نفسه : لقد كنت غنياً عن اتباع هذا الرجل ، وأنا في بني إسرائيل أقرئهم كتاب اللّه عز وجل غدوة وعشياً ، فعلم الخضر ما حدث به موسى نفسه ، وجاء طير يدور ، يرون أنه خطاف ، حتى وقع على ساحل البحر ، فنكث بمنقاره في البحر ، ثم وقع على صدر السفينة ، ثم صوت ، فقال الخضر لموسى : أتدرك ما يقول هذا الطائر ؟ قال موسى : لا أدري ، قال الخضر : يقول : ما علم الخضر وعلم موسى في علم اللّه إلا كقدر ما رفعت بمنقاري من ماء البحر في قدر البحر . ٧٤الكهف : ٧٤ فانطلقا حتى إذا . . . . . ثم خرجا من السفينة على بحر إيله فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما سداسياً ، فقتله الخضر بحجر أسود ، واسم الغلام : حسين بن كازري ، واسم أمه : سهوي ، فلم يصبر موسى حين رأى المنكر ألا ينكره ، ف قال للخضر : أقتلت نفسا زكية ، يعنى لا ذنب لها ، ولم يجب عليها القتل بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا [ آية : ٧٤ ] . يقول أتيت أمراً فظيعاً ، قال يوشع لموسى : اذكر العهد الذي أعطيته عن نفسك . الكهف : ٧٥ قال ألم أقل . . . . . قال الخضر لموسى ، عليهما السلام : أَلم أَقُل لك إِنك لن تستطيع معَي صبراً [ آية : ٧٥ ] ، وإنما قال : أَلم أَقُل لكَ لأنه كان قد تقدم إليه قبل ذلك ب قوله : إنك لن تستطيع معي صبراً ، على ما ترى من العجائب ., ٧٦الكهف : ٧٦ قال إن سألتك . . . . . قال موسى إن سألتك عن شيء بعدها ، يعنى بعد قتل النفس فَلا تُصاحبني قد بلغت من لدني عُذراً [ آية : ٧٦ ] ، يقول : لقد أبلغت في العذر إلى . ٧٧الكهف : ٧٧ فانطلقا حتى إذا . . . . . فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها الطعام ، تسمى القرية : باجروان ، ويقال : أنطاكية . قال مقاتل : قال قتادة : هي القرية فأبوا أَن يضيفوهما ، يعنى أن يطعموهما فوجدا فيها جداراً يريد أَن ينقض ، كانوا بلوا الطين فأقامه الخضر جديداً فسواه قَالَ موسى : عمدت إلى قوم لم يطعمونا ولم يضيفونا ، فأقمت لهم جدارهم فسويته لهم بغير أجر ، يعنى بغير طعام ولا شيء لَو شئت لتخذت عليه أَجراً [ آية : ٧٧ ] ، أي لو شئت أعطيت عليه شيئاً . ٧٨الكهف : ٧٨ قال هذا فراق . . . . . قال الخضر : هذا فراقُ بيني وبينك سأنبئكَ بتأويلِ ، يعنى بعاقبة مَا لم تستطع عليه صَبراً [ آية : ٧٨ ] ، كقوله سبحانه : يوم يأتي تأويلهُ [ الأعراف : ٥٣ ] ، يعنى عاقبته . ٧٩الكهف : ٧٩ أما السفينة فكانت . . . . . ثم قال الخضر لموسى ، عليهما السلام : أَما السفينةُ فكانت لمساكين يعملونَ في البحر فأردتُ أَن أعيبها ، يعني أن أخرقها وكان ورائهم ملك ، يعنى أمامهم ، كقوله سبحانه ويذرونَ وراءهم يوماً ثقيلاً [ الإنسان : ٢٧ ] ، واسم الملك : مبدلة بن جلندي الأزدي يأخذ كُل سَفينةٍ صالحة صحيحة سوية غَصباً [ آية : ٧٩ ] ، كقوله سبحانه : فلما آتاهما صالحاً [ الأعراف : ١٩٠ ] ، يعنى سوياً ، يعنى غصباً من أهلها ، يقول : فعلت ذلك ؛ لئلا ينتزعها من أهلها ظلماً ، وهم لا يضرهم خرقها . ٨٠الكهف : ٨٠ وأما الغلام فكان . . . . . وأَما الغُلامُ فكان أَبواهُ مُؤمنينِ ، وكان الغلام كافراً ، يقطع الطريق ، ويحدث الحدث ، ويلجأ إليهما ويجادلان عنه ، ويحلفان باللّه ما فعله ، وهم يحسبون أنه برئ من الشر ، قال الخضر : فخشينا ، يعنى فعلمنا ، كقوله سبحانه : وَإِن امرأة خافت من بعلها نشوزاً [ النساء : ١٢٨ ] ، يعنى علمت ، وكقوله تعالى : وَإن خفتم شقاق بينهما [ النساء : ٣٥ ] ، يعنى علمتم أَن يرهقهما ، يعنى يغشيهما طُغياناً ، يعنى ظلماً وكفرا [ آية : ٨٠ ] ، وفي قراءة أبي بن كعب : فخاف ربك ، يعنى فعلم ربك . ٨١الكهف : ٨١ فأردنا أن يبدلهما . . . . . فأردنا أن يبدلهما ربهما ، يعنى لأبويه لقتل الغلام ، والعرب تسمى الغلام غلاماً ، ما لم تسو لحيته ، فأردنا أن يبدلهما ربهما ، يعنى يبدل والديه خيراً منهُ زكوةً ، يعنى عملاً وأقرب رحما [ آية : ٨١ ] ، يعنى وأحسن منه براً بوالده ، وكان في شرف وعده ، وبلغنا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : ′ إن اللّه عز وجل أبدلهما غلاماً مكان المقتول ، ولو عاش المقتول لهلكا في سببه ′ . ٨٢الكهف : ٨٢ وأما الجدار فكان . . . . . وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة ، يعنى في قرية تسمى : باجروان ، ويقال : هي أنطاكية وكان تحته كنز لهما ، حدثنا عبيد اللّه قال : حدثنا أبي ، عن مقاتل ، عن الضحاك ومجاهد ، قال : صحفاً فيها العلم ، ويقال : المال وكان أبوهما صالحا ، يعنى ذا أمانة ، اسم الأب : كاشح ، واسم الأم : دهنا ، واسم أحد الغلامين : أصرم ، والآخر صريم فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما ، والأشد ثماني عشرة سنة رحمة من ربك ، يقول : نعمة من ربك للغلامين وما فعلته ، وما فعلت هذا عن أمري ، ولكن اللّه أمرني به ذلك تأويل ، يعني عاقبة ما لم تسطع عليه صبرا [ آية : ٨٢ ] ، يعنى هذا عاقبة ما رأيت من العجائب ، نظيرها : هل ينظرون إلا تأويله [ الأعراف : ٥٣ ] ، يعنى عاقبة ما ذكر اللّه تعالى في القرآن من الوعيد . ٨٣الكهف : ٨٣ ويسألونك عن ذي . . . . . ويسألونك عن ذي القرنين ، يعنى الإسكندر قيصر ، ويسمى : الملك القابض ، على قاف ، وهو جبل محيط بالعالم ، ذو القرنين ، وإنما سمى ذو القرنين ؛ لأنهُ أتى قرني الشمس المشرق والمغرب قُل سأتلوا عليكم منهُ يا أهل مكة ذكرا [ آية : ٨٣ ] ، يعنى علماً . ٨٤الكهف : ٨٤ إنا مكنا له . . . . . إِنا مكناً له في الأرض وءاتيناهُ من كُل شيء سبباً [ آية : ٨٤ ] ، يعنى علم أسباب منازل الأرض وطرقها ، ٨٥الكهف : ٨٥ فأتبع سببا فأتبع سببا [ آية : ٨٥ ] . ٨٦الكهف : ٨٦ حتى إذا بلغ . . . . . حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ، يعنى حارة سوداء ، قال ابن عباس : إذا طلعت الشمس أشد حراً منها إذا غربت ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين ، أوحى اللّه عز وجل إليه ، جاءه جبريل ، عليه السلام ، فخبره : قلنا : فقال : إِما أَن تعذب وَإِما أن تتخذ فيهم حُسناً [ آية : ٨٦ ] ، يقول : وإما أن تعفو عنهم ، كل هذا مما أمره اللّه عز وجل به وخيره . ٨٧الكهف : ٨٧ قال أما من . . . . . قال ذو القرنين : أَما من ظلم فسوف نُعذبهُ ، يعنى نقتله ثُم يردُ إِلى ربه فيعذبه في الآخرة بالنار عذاباً نكراً [ آية : ٨٧ ] ، يعنى فظيعاً . ٨٨الكهف : ٨٨ وأما من آمن . . . . . وَأَما من ءامن ، يعنى صدق بتوحيد اللّه عز وجل وَعمل صالحاً فَلهُ جزاءً الحسنى ، يعنى الجنة وسنقول له من أَمرنا يُسراً [ آية : ٨٨ ] ، يقول : سنعده معروفاً ، فلم يؤمن منهم غير رجل واحد ، ٨٩الكهف : ٨٩ ثم أتبع سببا ثم اتبع سبباً [ آية : ٨٩ ] ، يعنى علم منازل الأرض وطرقها . ٩٠الكهف : ٩٠ حتى إذا بلغ . . . . . حتى إِذا بلغَ مطلع الشمس وجدها تطلع على قومٍ لم نجعل لهم من دونها ستراً [ آية : ٩٠ ] ، يعنى من دون الشمس ستراً كانوا يستقرون في الأرض في أسراب من شدة الحر ، وكانوا في مكان لا يستقر عليهم البناء ، فإذا زالت الشمس خرجوا إلى معايشهم . ٩١الكهف : ٩١ كذلك وقد أحطنا . . . . . ثم قال : كذلك ، يعنى هكذا بلغ مطلع الشمس كما بلغ مغربها ، ثم استأنف فقال سبحانه : وقد أحطنا بما لديه خبراً [ آية : ٩١ ] ، يعنى بما عنده علماً ، ٩٢الكهف : ٩٢ ثم أتبع سببا ثُم اتبع سبباً [ آية : ٩٢ ] ، يعنى علم منازل الأرض وطرقها . ٩٣الكهف : ٩٣ حتى إذا بلغ . . . . . حتى إِذا بلغ بين السدين ، يعنى بين الجبلين وجد من دونهما قوماً لا يكادونَ يفقهون قولاً [ آية : ٩٣ ] ، يعنى لم يكن أحد يعرف لغتهم . قالوا يا ذا القرنين إِن يأجوج ومأَجوجَ ، وهما أخوان من ولد يافث بن نوح مُفسدون في الأَرض ، يعنى بالفساد القتل ، يعنى أرض المسلمين فهل نجعل لك خرجاً ، يعنى جعلاً عَلَى أَن تجعل بيننا وبينهم سداً [ آية : ٩٤ ] ، لا يصلون إلينا . ٩٥الكهف : ٩٥ قال ما مكني . . . . . قال ذو القرنين : ما مكني فيه ربي خيرٌ ، يقول : ما أعطاني ربي من الخير ، خير من جعلكم ، يعنى أعطيتكم فأعينوني بقوةٍ ، يعنى بعدد رجال ، مثل قوله عز وجل في سورة هود : ويزدكم قوةَ إلى قوتكم [ هود : ٥٢ ] ، يعنى عدداً إلى عددكم أَجعل بينكم وبينهم ردماً [ آية : ٩٥ ] لا يصلون إليكم . ٩٦الكهف : ٩٦ آتوني زبر الحديد . . . . . ءاتوني زُبر الحديد ، يعني قطع الحديد حتى إِذا ساوى بين الصدفين ، يعنى حشى بين الجبلين بالحديد ، والصدفين الجبلين ، وبينهما واد عظيم ، ف قال انفخواْ على الحديد حتى إِذا جعله ناراً قال ءاتوني أفرغ عليه قطراً [ آية : ٩٦ ] ، قال : أعطوني الصفر المذاب أصبه عليه ليلحمه فيكون أشد له . قال رجل للنبي صلى اللّه عليه وسلم : قد رأيت سد يأجوج ومأجوج ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ انعته لي ′ ، قال : هو كالبرد المحبر ، طريقة سوداء وطريقة حمراء ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ نعم قد رأيته ′ ، ٩٧الكهف : ٩٧ فما اسطاعوا أن . . . . . يقول اللّه عز وجل : فما استطاعوا ، يعنى فما قدروا أَن يظهروهُ على أن يعلوه من فوقه ، مثل قوله في الزخرف : معارج عليها يظهرونَ [ الزخرف : ٣٣ ] ، يعنى يرقون وما استطاعوا ، يعنى وما قدروا له نقباً [ آية : ٩٧ ] . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو صالح ، عن مقاتل ، عن أبي إسحاق ، قال : قال علي بن أبي طالب ، عليه السلام : أنهم خلف الردم ، لا يموت منهم رجل حتى يولد له ألف ذكر لصلبه ، وهم يغدون إليه كل يوم ويعالجون الردم ، فإذا أمسوا يقولون : نرجع فنفتحه غداً ، ولا يستثنون ، حتى يولد فيهم رجل مسلم ، فإذا غدوا إليه ، قال لهم المسلم : قولوا : باسم اللّه ، ويعالجون حتى يتركوه رقيقاً كقشر البيض ، ويروا ضوء الشمس ، فإذا أصبحوا غدوا عليه ، فيقول لهم المسلم : نرجع غداً إن شاء اللّه فنفتحه ، فإذا غدوا عليه ، قال لهم المسلم : قولوا : باسم اللّه ، فينقبونه ، فيخرجون منه ، فيطوفون الأرض ، ويشربون ماء الفرات ، فيجئ آخرهم ، فيقول : قد كان هاهنا مرة ماء ، ويأكلون كل شيء حتى الشجر ، ولا يأتون على شيء من غيرها إلا قاموه . ٩٨الكهف : ٩٨ قال هذا رحمة . . . . . فلما فرغ ذو القرنين من بناء الردم : قال هذا ، يعنى هذا الردم رحمة ، يعنى نعمة من ربي ، للمسلمين ، فلا يخرجون إلى أرض المسلمين فإذا جاء وعد ربي في الردم وقع الردم ، فذلك قوله : جعله دكاء ، يعنى الردم وقع ، فيخرجون إلى أرض المسلمين وكان وعد ربي حقا [ آية : ٩٨ ] في وقوع الردم ، يعنى صدقاً فإذا خرجوا هرب ثلث أهل الشام ، ويقاتلهم الثلث ، ويستسلم لهم الثلث . ٩٩الكهف : ٩٩ وتركنا بعضهم يومئذ . . . . . ثم أخبر سبحانه ، فقال : وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ، يعنى يوم فرغ ذو القرنين من الردم يموج في بعض ، يعنى من وراء الردم ، لا يستطيعون الخروج منه ، ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا [ آية : ٩٩ ] ، يعنى بالجمع ، لم يغادر منهم أحد إلا حشره . ١٠٠الكهف : ١٠٠ وعرضنا جهنم يومئذ . . . . . وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين ، بالقرآن من أهل مكة عرضا [ آية : ١٠٠ ] ، يعنى بالعرض كشف الغطاء عنهم . ١٠١الكهف : ١٠١ الذين كانت أعينهم . . . . . الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري ، يعنى عليها غشاوة الإيمان بالقرآن ، لا يبصرون الهدى بالقرآن وكانوا لا يستطيعون سمعا [ آية : ١٠١ ] ، يعنى الإيمان بالقرآن سمعاً ، كقوله سبحانه : إِنا جعلنا على قلوبهم أَكنة أَن يفقهوهُ وفي ءاذانهم وقراً [ الكهف : ٥٧ ] ، يعنى ثقلاً . ١٠٢الكهف : ١٠٢ أفحسب الذين كفروا . . . . . أفحسب الذين كفروا ، من أهل مكة أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء ، يعنى بالآلهة بأن ذلك نافعهم ، وأنها تشفع لهم ، ثم أخبر بمنزلتهم في الآخرة ، فقال سبحانه : إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا [ آية : ١٠٢ ] ، يعنى منزلاً . ١٠٣الكهف : ١٠٣ قل هل ننبئكم . . . . . قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا [ آية : ١٠٣ ] ، يعنى أصحاب الصوامع من النصارى . ١٠٤الكهف : ١٠٤ الذين ضل سعيهم . . . . . فقال : الذين ضل سعيهم ، يعنى حبطت أعمالهم التي عملوها في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا [ آية : ١٠٤ ] . ١٠٥الكهف : ١٠٥ أولئك الذين كفروا . . . . . أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ، يعنى القرآن ولقائه ، يعنى بالعبث الذي فيه جزاء الأعمال فحبطت أعمالهم ، يعنى فبطلت أعمالهم الحسنة ، فلا تقبل منهم ؛ لأنها كانت في غير إيمان فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا [ آية : ١٠٥ ] من خير قدر مثقال جناح بعوضة . ١٠٦الكهف : ١٠٦ ذلك جزاؤهم جهنم . . . . . ذلك جزاؤهم ، يقول : هذا جزاؤهم جهنم بما كفروا بالقرآن واتخذوا ءاياتي ، يعنى القرآن ورسلي ، يعنى محمداً صلى اللّه عليه وسلم هزوا [ آية : ١٠٦ ] ، يعنى استهزاء بهما أنهما ليسا من اللّه عز وجل . ١٠٧الكهف : ١٠٧ إن الذين آمنوا . . . . . ثم ذكر المؤمنين ، وما أعد لهم ، فقال سبحانه : إِن الذين ءامنوا ، يعنى صدقوا ، وعملوا الصالحات من الأعمال كانت لهم جنات الفردوس نزلا [ آية : ١٠٧ ] ، بلغة الروم ، يعنى البساتين عليها الحيطان . ١٠٨الكهف : ١٠٨ خالدين فيها لا . . . . . خالدين فيها ، لا يموتون لا يبغون عنها حولا [ آية : ١٠٨ ] ، يعنى تحولاً إلى غيرها ، وذلك أن اليهود قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : تزعم أنك أوتيت الحكمة ، والحكمة العلم كله ، وتزعم أنه لا علم لك بالروح ، وتزعم أن الروح من أمر ربي [ الإسراء : ٨٥ ] ، فكيف يكون هذا ؟ فقال اللّه تعالى ذكره لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : إنك أوتيت علماً ، وعلمك في علم اللّه قليل . ١٠٩الكهف : ١٠٩ قل لو كان . . . . . فقال سبحانه لليهود : قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي ، يعنى علم ربي جل جلاله لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ، يعنى علم ربي ولو جئنا بمثله مددا [ آية : ١٠٩ ] ، بخبر الناس أنه لا يدرك أحد علم اللّه عز وجل . ١١٠الكهف : ١١٠ قل إنما أنا . . . . . قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد ، يقول : ربكم رب واحد ، فمن كان يرجوا لقاء ربه ، يقول : من كان يخشى البعث في الآخرة ، نزلت في جندب بن زهير الأزدي ، ثم العامري ، قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : إنا لنعمل العمل نريد به وجه اللّه عز وجل ، فيثنى به علينا ، فيعجبنا ذلك ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ إن اللّه لغني لا يقبل ما شورك فيه ′ ، فأنزل اللّه عز وجل : فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا [ آية : ١١٠ ] . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، قال : قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ يقول اللّه عز وجل : أنا خير شريك ، من أشركني في عمل ، جعلت العمل كله لشريكي ، ، ولا أقبل إلا ما كان لي خالصاً ′ . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن شيبان أبي معاوية التميمي ، قال : إن اللّه عز وجل ليحفظ الصالحين في أبنائهم ؛ لقوله عز وجل : وكان أبوهما صالحا [ الكهف : ٨٢ ] . قال : اسم الكهف : بانجلوس ، واسم القرية : اللوس ، واسم المدينة : أفسوس ، واسم الكلب : قطمير ، واسم القاضيين ، أحدهما : مارنوس ، والآخر : اسطوس ، واسم الملك دقيوس ، وأسماء أهل الكهف : دوانس ، ونواس ، مارطونس ، رسارنوس ، وقاطلس ، وطسططنوس ، ومكسلمينا ، ويمليخا . وحدثنا عبيد اللّه ، قال : وحدثني أبي ، عن الهذيل ، عن غياث بن إبراهيم ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، قال : ما في الأرض لغة إلا أنزلها اللّه في القرآن ، وقال : اسم جبريل : عبد اللّه ، واسم ميكائيل : عبيد اللّه . قال : وحدثني أبي ، عن الهذيل ، عن الليث بن سعد ، عن عطاء بن خالد ، قال : يحج عيسى إذا نزل في سبعين ألفاً ، فيهم أصحاب الكهف ، فإنهم لم يموتوا ولم يحجوا . |
﴿ ٠ ﴾