سورة مريممكية كلها ، إلا آية سجدتها ، فإنها مدنية ، وهي ثمان وتسعون آية كوفي بسم اللّه الرحمن الرحيم ١مريم : ١ كهيعص كهيعص [ آية : ١ ] ، كاف ، هاد ، عالم ، صادق ، هذا ثناء الرب تبارك وتعالى على نفسه ، يقول : كافياً لخلقه ، هادياً لعباده ، الياء من الهادي ، عالم ببريته ، صادق في قوله عز وجل . ٢مريم : ٢ ذكر رحمة ربك . . . . . قال سبحانه : ذكر رحمت ربكَ ، يعنى نعمة ربك يا محمد عبده زكريا [ آية : ٢ ] ابن برخيا ، وذلك أن اللّه تعالى ذكر عبده زكريا بالرحمة . ٣مريم : ٣ إذ نادى ربه . . . . . إذ نادى ربه نداء خفيا [ آية : ٣ ] ، يقول : إذ دعا ربه دعاء سراً ، وإنما دعا ربه عز وجل سراً ؛ لئلا يقول الناس : انظروا إلى هذا الشيخ الكبير ، يسأل الولد على كبره . ٤مريم : ٤ قال رب إني . . . . . قال رب إني وهن العظم مني ، يعنى ضعف العظم مني واشتعل الرأس شيبا ، يعنى بياضاً ولم أكن بدعائك رب شقيا [ آية : ٤ ] ، يعنى خائباً فيما خلا ، كنت تستجيب لي ، فلا تخيبني في دعائي إياك بالولد . ٥مريم : ٥ وإني خفت الموالي . . . . . وَإني خفت الموالي من وراءى وكانت امرأتي عاقراً ، يقول : خفت الكلالة ، وهم العصبة من بعد موتي أن يرثوا مالي فهب لي من لدنك وليا [ آية : ٥ ] ، يعنى من عندك ولداً . ٦مريم : ٦ يرثني ويرث من . . . . . يرثني ، يرث مالي ويرث من ءال يعقوب ابن ماثان علمهم ، ورياستهم في الأحبار ، وكان يعقوب وعمران أبو مريم أخوين ابنا ماثان ، ومريم ابنة عمران بن ماثان واجعله رب رضيا [ آية : ٦ ] ، يعنى صالحاً . ٧مريم : ٧ يا زكريا إنا . . . . . فاستجاب اللّه عز وجل لزكريا في الولد ، فأتاه جبريل وهو يصلي ، فقال : يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا [ آية : ٧ ] ، لم يكن أحد من الناس فيما خلا يسمى يحيى ، وإنما سماه يحيى ؛ لأنه أحياه من بين شيخ كبير وعجوز عاقر . ٨مريم : ٨ قال رب أنى . . . . . فلما بشر ميتين بالولد قال رب أنى يكون لي غلام ، يعنى من أين يكون لي غلام ؟ وكانت امرأتي عاقرا ، أيليشفع لا تلد وقد بلغت أنا من الكبر عتيا [ آية : ٨ ] ، يعنى بؤساً ، وكان زكريا يومئذ ابن خمس وسبعين سنة . ٩مريم : ٩ قال كذلك قال . . . . . قال له جبريل ، عليه السلام : كذلك ، يعنى هكذا قال ربك إنه ليكون لك غلام هو علي هين وقد خلقتك من قبل أن تسألني الولد ولم تك شيئا [ آية : ٩ ] . ١٠مريم : ١٠ قال رب اجعل . . . . . قال زكريا : رب اجعل لي ءايةً ، يعنى علماً للحبل ، فسأل الآية بعد مشافهة جبريل قال جبريل ، عليه السلام ءايتكَ إذا جامعتها على طهر فحبلت ، فإنك تصبح تلك الليلة لا تستنكر من نفسك خرساً ، ولا مرضاً ، ولكن لا تستطيع الكلام ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا [ آية : ١٠ ] أنت فيهن سوي صحيح ، فأخذ بلسانه عقوبة حين سأل الآية بعد مشافهة جبريل ، عليهما السلام ، ولم يحبس اللّه عز وجل لسانه عن ذكره ولا عن الصلاة . ١١مريم : ١١ فخرج على قومه . . . . . فخرج زكريا على قومه ، بني إسرائيل من المحراب ، يعنى من المسجد فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا [ آية : ١١ ] ، يقول : كتب كتاباً بيده ، وهو الوحي إليهم : أن صلوا بالغداة والعشي . ١٢مريم : ١٢ يا يحيى خذ . . . . . يا يحيى خذ الكتاب ، يعنى التوراة بقوة ، يعنى بجد ومواظبة عليه ، وءاتينهُ الحكم صبياً [ آية : ١٢ ] ، يعنى وأعطينا يحيى العلم والفهم وهو ابن ثلاث سنين . ١٣مريم : ١٣ وحنانا من لدنا . . . . . وحنانا من لدنا ، يقول : رحمة من عندنا وزكاة ، يعنى جعله صالحاً وطهره من الذنوب وكان تقيا [ آية : ١٣ ] ، يعنى مسلماً . ١٤مريم : ١٤ وبرا بوالديه ولم . . . . . وبرا بوالديه ، يقول : وجعلناه مطيعاً لوالديه ولم يكن جبارا ، يعنى متكبراً عن عبادة اللّه عز وجل عصيا [ آية : ١٤ ] ، يعنى ولا عاص لربه . ١٥مريم : ١٥ وسلام عليه يوم . . . . . وسلام عليه ، يعنى على يحيى ، عليه السلام يوم ولد ، يعنى حين ولد ، مثل قوله سبحانه : في كتاب اللّه يوم خلق السماوات [ التوبة : ٣٦ ] ، يعنى حين خلق السموات ، قال عيسى صلى اللّه عليه وسلم : يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا [ مريم : ٣٣ ] ، يعنى حين أموت ، وحين أبعث وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا [ آية : ١٥ ] ، يعنى حين يبعث بعد الموت . ١٦مريم : ١٦ واذكر في الكتاب . . . . . واذكر لأهل مكة في الكتاب مريم ، يعنى في القرآن ابنة عمران بن ماثان ، ويعقوب بن ماثان ، من نسل سليمان بن داود عليهم السلام إذ انتبذت ، يعنى إذ انفردت من أهلها مكانا شرقيا [ آية : ١٦ ] ، فجلست في المشرقة ؛ لأنه كان الشتاء . ١٧مريم : ١٧ فاتخذت من دونهم . . . . . فاتخذت من دونهم حجابا ، يعنى جبلاً ، فجعلت الجبل بينها وبينهم ، فلم يرها أحد منهم ، كقوله في ص : حتى توارت بالحجاب [ ص : ٣٢ ] ، يعنى الجبل ، وهو دون ق بمسيرة سنة ، والشمس تغرب من ورائه فأرسلنا إليها روحنا ، يعنى جبريل ، عليه السلام فتمثل لها بشرا سويا [ آية : ١٧ ] ، يعنى إنساناً سوياً ، يعنى سوى الخلق ، على صورة شاب أمرد ، جعد الرأس . ١٨مريم : ١٨ قالت إني أعوذ . . . . . فلما رأته حسبته إنساناً قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا [ آية : ١٨ ] ، يعنى مخلصاً للّه عز وجل تعبده . ١٩مريم : ١٩ قال إنما أنا . . . . . قال جبريل ، عليه السلام : إنما أنا رسول ربك لأهب لك بأمر اللّه عز وجل غلاما زكيا [ آية : ١٩ ] ، يعنى مخلصاً ، يقول صالحاً . ٢٠مريم : ٢٠ قالت أنى يكون . . . . . قالت مريم : إني من أين يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ، يعنى ولم يكن لي زوج ولم أك بغيا [ آية : ٢٠ ] ، يعنى ولم أركب فاحشة . ٢١مريم : ٢١ قال كذلك قال . . . . . قال جبريل ، عليه السلام : كذلك ، يعنى هكذا قال ربك إنه يكون لك ولد من غير زوج هو على ، على اللّه هين ، يعنى يسير أن يخلق في بطنك ولداً من غير بشر ولنجعلهُ ءايةً ، يقول : ولكي نجعله عبرة ، للناس ، يعنى في بني إسرائيل ورحمة ، يعنى ونعمة منا لمن تبعه على دينه ، مثل قوله سبحانه : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين [ الأنبياء : ١٠٧ ] ، يعنى بالرحمة النعمة لمن اتبعه على دينه وكان عيسى صلى اللّه عليه وسلم من غير بشر أمرا مقضيا [ آية : ٢١ ] ، قد قضى اللّه عز وجل في اللوح المحفوظ أنه كائن لا بد . ٢٢مريم : ٢٢ فحملته فانتبذت به . . . . . فحملته أمه مريم ، عليها السلام ، وهي ابنة ثلاث عشرة سنة ، ومكثت مع عيسى ، عليه السلام ، ثلاثاً وثلاثين سنة ، وعاشت بعدما رفع عيسى ست سنين ، فماتت ولها اثنتان وخمسون سنة ، فحملته أمه في ساعة واحدة ، وصور في ساعة واحدة ، وأرضعته في ساعة حين زالت الشمس من يومها ، وقد كانت حاضت حيضتين قبل حمله فانتبذت به ، يعنى فانفردت بعيسى صلى اللّه عليه وسلم مكانا قصيا [ آية : ٢٢ ] ، يعنى نائياً من أهلها من وراء الحيل . ٢٣مريم : ٢٣ فأجاءها المخاض إلى . . . . . فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ، يعنى فألجأها ، ولم يكن لها سعف ، قالت مريم : يا ليتني مت قبل هذا الولد حياء من الناس ، ثم قالت : وكنت نسيا منسيا [ آية : ٢٣ ] ، يعنى كالشيء الهالك الذي لا يذكر فينسى . ٢٤مريم : ٢٤ فناداها من تحتها . . . . . فناداها جبريل ، عليه السلام من تحتها ، يعنى من أسفل منها في الأرض ، وهي فوقه على رابية ، وجبريل ، عليه السلام ، يناديها بهذا الكلام : ألا تخزني ، ذلك حين تمنت الموت قد جعل ربك تحتك سريا [ آية : ٢٤ ] ، يعنى الجدول الصغير من الأنهار . ٢٥مريم : ٢٥ وهزي إليك بجذع . . . . . وقال جبريل ، عليه السلام ، لها : وهزي إليك ، يعنى وحركي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا [ آية : ٢٥ ] ، يعنى بالجني ما ترطب به من البسر ، وكانت شجرة يابسة ، فاخضرت وهي تنظر ، وحملت الرطب مكانها وهي تنظر ، ثم نضجت وهي تنظر ، ثم أجرى اللّه عز وجل لها نهراً من الأردن حتى جاءها ، فكان بينهما وبين جبريل ، عليه السلام ، وهذا كلام جبريل لها ، وإنما جعل اللّه عز وجل ذلك لتؤمن بأمر عيسى صلى اللّه عليه وسلم ولا تعجب منه . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، قال : قال مقاتل : وأخبرت عن ليث بن أبي سليم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله : إني نذرت للرحمن صوما ، يعنى صمتاً . ٢٦مريم : ٢٦ فكلي واشربي وقري . . . . . فكلي من النخلة واشربي من الماء العذب وقري عينا بالولد فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما ، يعنى صمتاً فلن أكلم اليوم إنسيا [ آية : ٢٦ ] في عيسى صلى اللّه عليه وسلم . ٢٧مريم : ٢٧ فأتت به قومها . . . . . فأتت به قومها بالولد تحمله إلى بني إسرائيل في حجرها ملفوفاً في خرق قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا [ آية : ٢٧ ] ، يقول : أتيت أمراً منكراً . ٢٨مريم : ٢٨ يا أخت هارون . . . . . ياأُخت هَارونَ الذي هو أخو موسى . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، قال : قال مقاتل : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ′ إنما عنوا هارون أخا موسى ؛ لأنها كانت من نسله ′ ما كان أبوك عمران امرأ سوء ، يعنى بزان ، كقوله سبحانه : من أراد بأهلك سوءا [ يوسف : ٢٥ ] ، يعنى الزنا ، وكقوله سبحانه : ما علمنا عليه من سوء [ يوسف : ٥١ ] ، وكان عمران من عظماء بني إسرائيل وما كانت أمك جنة بغيا [ آية : ٢٨ ] بزانية ، فمن أين هذا الولد ؟ ٢٩مريم : ٢٩ فأشارت إليه قالوا . . . . . فأشارت إليه ، يعنى إلى ابنها عيسى صلى اللّه عليه وسلم أن كلموه قالوا ، قال قومها : كيف نكلم من كان ، يعنى من هو في المهد ، يعنى في حجر أمه ملفوفاً في خرق صبيا [ آية : ٢٩ ] ، فدنا زكريا من الصبي ، فقال : تكلم يا صبي بعذرك إن كان لك عذر . ٣٠مريم : ٣٠ قال إني عبد . . . . . ف قال الصبي ، وهو يومئذ ولد إني عبد اللّه ، وكذبت النصارى فيما يقولون ، فأول ما تكلم به الصبي أنه أقر للّه بالعبودية ءاتاني الكتاب ، يعنى أعطاني الإنجيل فعلمنيه وجعلني نبيا [ آية : ٣٠ ] . ٣١مريم : ٣١ وجعلني مباركا أين . . . . . وجعلني مباركا ، يعني معلماً مؤدباً في الخير أين ما كنت من الأرض ، وأوصاني ب إقامة بالصلاة و إيتاء والزكاة ما دمت حيا [ آية : ٣١ ] . ٣٢مريم : ٣٢ وبرا بوالدتي ولم . . . . . وبرا بوالدتي ، يقول : وأوصاني أن أكون براً بوالدتي ، يعنى مطيعاً لأمي مريم ، ولم يجعلني جبارا ، يعنى متكبراً عن عبادة اللّه شقيا [ آية : ٣٢ ] ، يعنى عاصياً . للّه عز وجل . ٣٣مريم : ٣٣ والسلام علي يوم . . . . . والسلام علي يوم ولدت ، فلما ذكر الوالدة ، ولم يذكر الوالد ، ضمه زكريا إلى صدره ، وقال : أشهد أنك عبد اللّه ورسوله والسلام علي يوم ولدت ، يعنى حين ولدت ويوم أموت ، يعنى وحين أموت ويوم أبعث حيا [ آية : ٣٣ ] ، يعنى وحين أبعث حياً بعد الموت في الآخرة ، ثم لم يتكلم بعد ذلك حتى كان بمنزلة غيره من الصبيان ، فلما قال : وبرا بوالدتي ، ضمه زكريا . ٣٤مريم : ٣٤ ذلك عيسى ابن . . . . . يقول اللّه عز وجل : ذلك عيسى ابن مريم قول الحق ، يعنى هذا عيسى ابن مريم قول العدل ، يعنى الصدق الذي فيه يمترون [ آية : ٣٤ ] ، يعنى الذي فيه يشكون في أمر عيسى صلى اللّه عليه وسلم ، وهم النصارى . ٣٥مريم : ٣٥ ما كان للّه . . . . . ما كان للّه أن يتخذ من ولد ، يعنى عيسى صلى اللّه عليه وسلم سبحانه ، نزه نفسه عز وجل إذا قضى أمرا كان في علمه ، يعنى عيسى صلى اللّه عليه وسلم فإنما يقول له كن فيكون [ آية : ٣٥ ] ، مرة واحدة لا يثنى القول فيه مرتين . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، قال : حدثني مقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، أنه قال : كن فيكون بالفارسية ، لا يثنى القول مرتين ، إذا قال مرة كان . ٣٦مريم : ٣٦ وإن اللّه ربي . . . . . ثم قال عيسى صلى اللّه عليه وسلم لبني إسرائيل : وإن اللّه ربي وربكم فاعبدوه ، يعنى فوحدوه ، هذا التوحيد صراط مستقيم [ آية : ٣٦ ] ، يعنى دين الإسلام مستقيم ، وغير دين الإسلام أعوج ليس بمستقيم . ٣٧مريم : ٣٧ فاختلف الأحزاب من . . . . . فاختلفت الأحزاب ، يعنى النصارى من بينهم ، تحزبوا في عيسى صلى اللّه عليه وسلم ثلاث فرق : النسطورية عيسى ابن اللّه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا [ الإسراء : ٤٣ ] ، والماريعقوبية عيسى هو اللّه سبحانه وتعالى عما يقولون [ الإسراء : ٤٣ ] ، والملكانيون إن اللّه ثالث ثلاثة [ المائدة : ٧٣ ] ، يقول اللّه : وحده لا شريك له : فويل للذين كفروا ، يعنى تحزبوا في عيسى صلى اللّه عليه وسلم من مشهد يوم عظيم [ آية : ٣٧ ] لديه ، يعنى يوم القيامة . ٣٨مريم : ٣٨ أسمع بهم وأبصر . . . . . أسمع بهم وأبصر ، يقول : هم يوم القيامة أسمع قوم وأبصر بما كانوا فيه من الوعيد وغيره يوم يأتوننا في الآخرة ، فذلك قوله سبحانه : ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون [ السجدة : ٢١ ] ، قال سبحانه : لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين [ آية : ٣٨ ] ، يعنى المشركين اليوم في الدنيا في ضلال مبين ، فلا يسمعون اليوم ، ولا يبصرون ما يكون في الآخرة . ٣٩مريم : ٣٩ وأنذرهم يوم الحسرة . . . . . وأنذرهم ، يعنى كفار مكة يوم الحسرة ، يوم يذبح الموت كأنه كبش أملح . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن مقاتل ، عن عثمان بن سليم ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : يجعل الموت في صورة كبش أملح ، فيذبحه جبريل بين الجنة والنار ، وهم ينظرون إليه ، فيقال لأهل الجنة : خلود فلا موت فيها ، ولأهل النار : خلود فلا موت فيها ، فلولا ما قضى اللّه عز وجل على أهل النار من تعمير أرواحهم في أبدانهم لماتوا من الحسرة . قال سبحانه : إذ قضي الأمر ، يعنى إذا قضي العذاب وهم في غفلة اليوم ، وهم لا يؤمنون [ آية : ٣٩ ] ، يعنى لا يصدقون بما يكون في الآخرة . ٤٠مريم : ٤٠ إنا نحن نرث . . . . . إنا نحن نرث الأرض ومن عليها ، يعنى نميتهم ويبقى الرب جل جلاله ، ونرث أهل السماء وأهل الأرض ، قال سبحانه : وإلينا يرجعون [ آية : ٤٠ ] ، يعنى في الآخرة بعد الموت . ٤١مريم : ٤١ واذكر في الكتاب . . . . . واذكر يا محمد لأهل مكة في الكتاب ، يعنى في القرآن الكريم أمر إبراهيم إنه كان صديقا ، يعنى مؤمناً باللّه تعالى نبيا [ آية : ٤١ ] ، مثل قوله سبحانه : وأمه صديقة [ المائدة : ٧٥ ] ، يعنى مؤمنة . ٤٢مريم : ٤٢ إذ قال لأبيه . . . . . إذ قال لأبيه آزر : يا أبت لم تعبد ما لا يسمع الصوت ولا يبصر شيئاً ، يعنى الأصنام ولا يغني عنك شيئا [ آية : ٤٢ ] في الآخرة . ٤٣مريم : ٤٣ يا أبت إني . . . . . ياأَبتِ إِني قد جاءني من العلمِ ، يعنى البيان ما لم يأتك ، يعنى ما يكون من بعد الموت فاتبعني على ديني أهدك صراطا سويا [ آية : ٤٣ ] ، يعنى طريقاً عدلاً ، يعنى دين الإسلام . ٤٤مريم : ٤٤ يا أبت لا . . . . . ياأبت لا تعبدُ الشيطان ، يعنى لا تطع الشيطان في العبادة إن الشيطان كان للرحمن عصيا [ آية : ٤٤ ] ، يعنى عاصاً ملعوناً . ٤٥مريم : ٤٥ يا أبت إني . . . . . ياأبتِ إِني أخاف أَن يمسكَ ، يعنى أن يصيبك عذاب من الرحمن في الآخرة ، فتكون للشيطان وليا [ آية : ٤٥ ] ، يعنى قريباً في الآخرة . ٤٦مريم : ٤٦ قال أراغب أنت . . . . . فرد عليه أبوه ف قالَ أَراغب أَنت عن ءالهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنكَ ، يعنى لئن لم تسكت لأشتمنك واهجرني مليا [ آية : ٤٦ ] ، يعنى أيام حياتك ، ويقال : طويلاً ، واعتزلني وأطل هجراني ، وكل شيء في القرآن لأرجمنك ، يعني به القتل ، غير هذا . ٤٧مريم : ٤٧ قال سلام عليك . . . . . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن أبي صالح ، عن مقاتل ، عن ابن عباس : واعتزلني سالم العرض لا يصيبك مني معرة قال إبراهيم : سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا [ آية : ٤٧ ] ، يعنى لطيفاً رحيماً . ٤٨مريم : ٤٨ وأعتزلكم وما تدعون . . . . . وأعتزلكم وما تدعون من دون اللّه ، وأعتزل ما تعبدون من دون اللّه من الآلهة ، فكان اعتزاله إياهم أنه فارقهم من كوثا ، فهاجر منها إلى الأرض المقدسة ، ثم قال إبراهيم : وَأدعوا ربي في الاستغفار لك عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا [ آية : ٤٨ ] ، يعنى خائباً بدعائي لك بالمغفرة . ٤٩مريم : ٤٩ فلما اعتزلهم وما . . . . . فلما اعتزلهم و واعتزل وما يعبدون من دون اللّه من الآلهة ، وهي الأصنام ، وذهب مهاجراً منها وَهبنا لهُ بعد الهجرة إلى الأرض المقدسة إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا [ آية : ٤٩ ] ، يعنى إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب . ٥٠مريم : ٥٠ ووهبنا لهم من . . . . . ووهبنا لهم من رحمتنا ، يعنى من نعمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا [ آية : ٥٠ ] ، يعنى ثناء حسناً رفيقاً يثنى عليهم جميع أهل الأديان بعدهم . ٥١مريم : ٥١ واذكر في الكتاب . . . . . واذكر لأهل مكة في الكتاب موسى إنه كان مخلصا ، يعنى مسلماً موحداً ، وكان رسولا نبيا [ آية : ٥١ ] . ٥٢مريم : ٥٢ وناديناه من جانب . . . . . وناديناه ، يعنى دعوناه ليلة الجمعة من جانب الطور الأيمن يعنى من ناحية الجبل وقربناه نجيا [ آية : ٥٢ ] ، يعنى كلمناه من قرب ، وكان بينهما حجاب خفي سمع صرير القلم ، ويقال : صريف القلم . ٥٣مريم : ٥٣ ووهبنا له من . . . . . ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا [ آية : ٥٣ ] ، فوهب اللّه عز وجل له أخاه هارون ، وذلك حين سأل موسى ، عليه السلام ، ربه عز وجل ، فقال : واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي [ طه : ٢٩ ، ٣٠ ] ، وحين قال : فأرسل إلى هارون [ الشعراء : ١٣ ] . ٥٤مريم : ٥٤ واذكر في الكتاب . . . . . واذكر في الكتاب ، يعنى واذكر لأهل مكة في القرآن أمر إسماعيل بن إبراهيم لصلبه إنه كان صادق الوعد ، وذلك أن إسماعيل ، عليه السلام ، وعد رجلاً أن يقيم مكانه حتى يرجع إليه ، فأقام ثلاثة أيام للميعاد حتى رجع الرجل إليه وكان رسولا نبيا [ آية : ٥٤ ] . ٥٥مريم : ٥٥ وكان يأمر أهله . . . . . وكان يأمر أهله ، كقوله سبحانه في طه : وأمر أهلك [ طه : ١٣٢ ] ، يعنى قومك بالصلاة ، وفي قراءة ابن مسعود : وكان يأمر قومه بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا [ آية : ٥٥ ] . ٥٦مريم : ٥٦ واذكر في الكتاب . . . . . واذكر لأهل مكة في الكتاب ، يعنى القرآن إدريس ، وهو جد أبي نوح ، واسمه : أخنوخ ، عليه السلام إنه كان صديقا ، يعنى مؤمناً بتوحيد اللّه عز وجل نبيا [ آية : ٥٦ ] . ٥٧مريم : ٥٧ ورفعناه مكانا عليا ورفعناه مكانا عليا آية : ٥٧ ] ، يعنى في السماء الرابعة ، وفيما مات ، وذلك حين دعا للملك الذي يسوق الشمس . ٥٨مريم : ٥٨ أولئك الذين أنعم . . . . . أولئك الذين أنعم اللّه عليهم بالنبوة من النبين ، يعنى هؤلاء الذين سموا في هؤلاء الآيات من ذرية ءادم ، ثم إدريس وممن حملنا مع نوح في السفينة ، يقول : ومن ذرية من حملنا مع نوح في السفينة ، وهو إبراهيم ومن ذرية إبراهيم ، إسماعيل ، وإسحاق ، ويعقوب و من ذرية وإسرائيل ، وهو يعقوب ، وموسى ، وهارون وممن هدينا للإسلام واجتبينا واستخلصنا للرسالة والنبوة إذا تتلى عليهم ءاياتُ الرحمن ، يعنى إذا قرئ عليهم كلام الرحمن ، يعنى القرآن خروا سجدا على وجوههم وبكيا [ آية : ٥٨ ] ، يعني يبكون ، نزلت في مؤمني أهل التوراة عبد اللّه بن سلام وأصحابه ، نظيرها في بني إسرائيل : يخرون للأذقان سجدا [ الإسراء : ١٠٧ ] ويخرون للأذقان يبكون [ الإسراء : ١٠٩ ] . ٥٩مريم : ٥٩ فخلف من بعدهم . . . . . فخلف من بعدهم خلف ، يعنى من بعد النبيين خلف السوء ، يعنى اليهود ، فهذا مثل ضربه اللّه عز وجل لأمة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، يقول : ولا تكونوا خلف السوء مثل اليهود ، ثم نعتهم ، فقال سبحانه : أضاعوا الصلاة ، يعنى أخروها عن مواقيتها واتبعوا الشهوات ، يعنى الذين استحلوا تزويج بنت الأخت من الأب ، نظيرها في النساء : الذين يتبعون الشهوات ، [ النساء : ٢٧ ] ، يعنى الزنا فسوف يلقون غيا [ آية : ٥٩ ] في الآخرة ، وهو واد في جهنم . ٦٠مريم : ٦٠ إلا من تاب . . . . . إلا من تاب من الشرك وءامن بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، يعنى وصدق بتوحيد اللّه عز وجل وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون ، يعنى ولا ينقضون شيئا [ آية : ٦٠ ] من أعمالهم الحسنة حتى يجازوا بها ، فيجزيهم ربهم . ٦١مريم : ٦١ جنات عدن التي . . . . . جنات عدن التي وعد الرحمن عباده المؤمنين على ألسنة الرسل في الدنيا ، بالغيب ولم يروه إنه كان وعده مأتيا [ آية : ٦١ ] ، يعنى جائياً لا خلف له . ٦٢مريم : ٦٢ لا يسمعون فيها . . . . . لا يسمعون فيها ، يعنى في الجنة لغوا ، يعنى الحلف إذا شربوا الخمر ، يعنى لا يحلفون كما يحلف أهل الدنيا إذا شربوا ، نظيرها في الواقعة ، وفي الصافات ، ثم قال : إلا سلاما ، يعنى سلام الملائكة عليهم فيها ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا [ آية : ٦٢ ] ، يعنى بالرزق الفاكهة على مقدار طرفي النهار في الدنيا . ٦٣مريم : ٦٣ تلك الجنة التي . . . . . ثم أخبر عنهم ، فقال سبحانه : تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا [ آية : ٦٣ ] ، يعنى مخلصاً للّه عز وجل . ٦٤مريم : ٦٤ وما نتنزل إلا . . . . . وما نتنزل إلا بأمر ربك ، وذلك أن جبريل ، عليه السلام ، احتبس على النبي صلى اللّه عليه وسلم أربعين يوماً ، ويقال : ثلاثة أيام : فقال مشركو مكة : قد ودعه ربه وقلاه ، فلما نزل جبريل ، عليه السلام ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ يا جبريل ، ما جئت حتى اشتقت إليك ′ ، قال : وأنا إليك كنت أشد شوقاً ، ونزل في قولهم : والضحى والليل إذا سجى [ سورة الضحى ] ألم نشرح لك [ سورة الشرح ] جميعاً ، وقال جبريل ، عليه السلام : وما نتنزل من السماء إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا من أمر الآخرة ، وما خلفنا من أمر الدنيا وما بين ذلك ، يعنى ما بين الدنيا والآخرة ، يعنى ما بين النفختين وما كان ربك نسيا [ آية : ٦٤ ] لقول كفار مكة : نسيه ربه وقلاه . ٦٥مريم : ٦٥ رب السماوات والأرض . . . . . يقول : لم ينسك ربك يا محمد رب السماوات والأرض ، يعنى والأرضين وما بينهما من الخلق فأعبدهُ ، يعنى فوحده واصطبر لعبادته ، يقول : واصبر على توحيد اللّه عز وجل ولا تعجل حتى يأتيك أمري ، ثم قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : هل تعلم له سميا [ آية : ٦٥ ] ، يقول جل جلاله : هل تعلم من الآلهة من شيء اسمه اللّه عز وجل ؛ لأن اللّه تعالى ذكره يمنعهم من ذلك . ٦٦مريم : ٦٦ ويقول الإنسان أئذا . . . . . ويقول الإنسان ، وهو أبي بن خلف الجمحي : أَءذا ما مت لسوف أُخرجُ حَياً [ آية : ٦٦ ] من الأرض بعد الموت ، يقول ذلك تكذيباً بالبعث . ٦٧مريم : ٦٧ أولا يذكر الإنسان . . . . . يقول اللّه عز وجل يعظه ليعتبر أولا يذكر الإنسان ، يقول : أولاً يتذكر الإنسان في خلق نفسه أنا خلقناه أول مرة ، يعنى أول خلق خلقناهُ من قبل ولم يك شيئا [ آية : ٦٧ ] . ٦٨مريم : ٦٨ فوربك لنحشرنهم والشياطين . . . . . فأقسم الرب عز وجل ليبعثهم في الآخرة ، فقال : فوربك يا محمد ، لنحشرنهم ، يعنى لنجمعنهم والشياطين معهم الذين أضلوهم في الآخرة ، ثم لنحضرنهم حول جهنم ، يعنى في جهنم جثيا [ آية : ٦٨ ] ، يعنى جميعاً على الركب . ٦٩مريم : ٦٩ ثم لننزعن من . . . . . ثم لننزعن من كل شيعة ، يقول : لنخرجن ، ثم نبدأ بهم من كل ملة أيهم أشد على الرحمن عتيا [ آية : ٦٩ ] ، يعنى عتوا في الكفر ، يعنى القادة ، فيعذبهم في النار . ٧٠مريم : ٧٠ ثم لنحن أعلم . . . . . ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا [ آية : ٧٠ ] ، يعنى من هو أولى بها ، يعنى القادة في الكفر . ٧١مريم : ٧١ وإن منكم إلا . . . . . وإن منكم إلا واردها ، يعنى وما منكم أحداً إلا داخلها ، يعنى جهنم ، البر والفاجر . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن علقمة بن مرثد ، عن نافع بن الأزرق ، أنه سأل ابن عباس عن الورود ، فقال : يا نافع ، أما أنا وأنت ، فندخلها ، فانظر هل نخرج منها أم لا ؟ . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : للورود في القرآن أربعة مواضع ، يعنى به الدخول : وإن منكم إلا واردها [ مريم : ٧١ ] ، يعنى داخلها . فأوردهم النار [ هود : ٩٨ ] ، يعنى فأدخلهم . حصب جهنم أنتم لها واردون [ الأنبياء : ٩٨ ] ، يعنى داخلون : لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها [ الأنبياء : ٩٩ ] ، يعنى ما دخلوها . حدثنا عبيد اللّه ، فقال : حدثني أبي ، قال : حدثني الهذيل ، عن مقاتل ، قال : يجعل اللّه النار على المؤمنين يومئذ برداً وسلاماً ، كما جعلها على إبراهيم ، عليه السلام ، فذلك قوله عز وجل : كان على ربك حتما مقضيا [ آية : ٧١ ] ، قال : قضاء واجباً قد قضاه في اللوح المحفوظ أنه كائن لا بد ، غير الأنبياء ، عليهم السلام ، فتكون على المؤمنين برداً وسلاماً . ٧٢مريم : ٧٢ ثم ننجي الذين . . . . . ثم ننجي الذين اتقوا الشرك منها ، يعنى أهل التوحيد ، فنخرجهم منها ونذر الظالمين ، يعنى المشركين فيها ، يعنى في جهنم جثيا [ آية : ٧٢ ] على الركب . ٧٣مريم : ٧٣ وإذا تتلى عليهم . . . . . وَإذا تُتلى عليهم ءاياتنا ، يعنى القرآن بينات ، يعنى واضحات قال الذين كفروا ، وهم النضر بن الحارث بن علقمة وغيره للذين ءامنوا أي الفريقين خيرٌ مقاماً ، وذلك أنهم لبسوا أحسن الثياب ، ودهنوا الرءوس ، ثم قالوا للمؤمنين : أي الفريقين نحن أو أنتم خير ؟ يعنى أفضل مقاماً للمساكن من مساكن مكة ، ومثله في حم الدخان : ومقام كريم [ الدخان : ٢٦ ] ، يعنى ومساكن طيبة وأحسن نديا [ آية : ٧٣ ] ، يعنى مجالساً ، كقوله سبحانه : وتأتون في ناديكم المنكر [ العنكبوت : ٢٩ ] ، يعنى في مجالسكم . ٧٤مريم : ٧٤ وكم أهلكنا قبلهم . . . . . يقول اللّه عز وجل يخوفهم : وكم أهلكنا بالعذاب في الدنيا قبلهم ، قبل أهل مكة من قرن ، يعنى أمة ، كقوله عز وجل : أهلكنا القرون [ يونس : ١٣ ] ، يعنى الأمم الخالية هم أحسن أثاثا ، يعنى ألين متاعاً ورءياً [ آية : ٧٤ ] ، وأحسن منظراً من أهل مكة ، فأهلك اللّه عز وجل أموالهم وصورهم . ٧٥مريم : ٧٥ قل من كان . . . . . قل لهم : من كان في الضلالة ، يعنى من هو في الشرك فليمدد له الرحمن مدا ، في الخير ؛ لقولهم للمؤمنين : أي الفريقين خير مقاما حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب في الدنيا ، يعنى القتل ببدر وإما الساعة ، يعنى القيامة ، فسيعلمون من هو شر مكانا ، يعنى شر منزلاً وأضعف جندا [ آية : ٧٥ ] ، يعنى وأقل فئة هم أم المؤمنون . ٧٦مريم : ٧٦ ويزيد اللّه الذين . . . . . ويزيد اللّه الذين اهتدوا هدى من الضلالة ، يعنى يزيدهم إيماناً والباقيات الصالحات ، وهي أربع كلمات : سبحان اللّه ، والحمد للّه ، ولا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر ، من قالها فهو خير ، يعنى أفضل عند ربك ثوابا الآخرة وخير مردا [ آية : ٧٦ ] ، يعنى أفضل مرجعاً من ثواب الكافر النار ، ومرجعهم إليها . ٧٧مريم : ٧٧ أفرأيت الذي كفر . . . . . أَفرءيت الذي كفر بئايتنا ، آيات القرآن ، نزلت في العاص بن وائل بن هشام ابن سعد بن سعيد بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي السهمي ، وذلك أن خباب ابن الأرت صاغ له شيئاً من الحلي ، فلما طلب منه الأجر ، قال لخباب ، وهو مسلم حين طلب أجر الصياغة : ألستم تزعمون أن في الجنة الحرير والذهب والفضة وولدان مخلدون ؟ قال خباب بن الأرت : نعم ، قال العاص : فميعاد ما بيننا الجنة وقال لأوتين في الجنة ، يعنى في الآخرة مالا وولدا [ آية : ٧٧ ] أفضل مما أوتيت في الدنيا ، فأقضيك في الآخرة ، يقول ذلك مستهزئاً ؛ لأنه لا يؤمن بما في القرآن من الثواب والعقاب . ٧٨مريم : ٧٨ أطلع الغيب أم . . . . . يقول اللّه تعالى : اطلع على الغيب ، يعنى العاص ، حين يقول : إنه يعطى في الآخرة ما يعطي المؤمنون أم اتخذ عند الرحمن عهدا [ آية : ٧٨ ] ، يقول : أم اعتقد عند الرحمن التوحيد . ٧٩مريم : ٧٩ كلا سنكتب ما . . . . . كلا لا يعطي العاص ما يعطي المؤمنون ، ثم استأنف ، فقال سبحانه : سنكتب ما يقول ، يعنى من الحفظة من الملائكة تكتب ما يقول العاص أنه يعطي ما يعطي المؤمنون في الجنة ونمد له من العذاب مدا [ آية : ٧٩ ] ، يعنى الذي لا انقطاع له . ٨٠مريم : ٨٠ ونرثه ما يقول . . . . . ونرثه ما يقول أنه يعطي في الجنة ما يعطي المؤمنون ، فنرثه عنه ويعطاه غيره ، ثم قال سبحانه : ويأتينا فردا [ آية : ٨٠ ] ، العاص في الآخرة ، ليس معه شيء من دنياه . ٨١مريم : ٨١ واتخذوا من دون . . . . . ثم ذكر كفار مكة : العاص ، والنضر ، وأبا جهل ، وغيرهم ، فقال سبحانه : واتخذوا من دُونَ اللّه ءالهةً ، يعنى اللات ، والعزى ، ومناة ، وهبل ليكونوا لهم عزا [ آية : ٨١ ] ، يعنى منعاً يمنعونهم من اللّه عز وجل ، نظيرها في يس : واتخذوا من دون اللّه آلهة لعلهم ينصرون [ يس : ٧٤ ] ، يعنى يمنعون . ٨٢مريم : ٨٢ كلا سيكفرون بعبادتهم . . . . . يقول اللّه عز وجل : كلا لا تمنعهم الآلهة من اللّه ، ثم استأنف فقال : سيكفرون بعبادتهم ، يقول : ستبرأ الآلهة في الآخرة من كل من كان يعبدها في الدنيا ويكونون عليهم ضدا [ آية : ٨٢ ] ، يقول : تكون آلهتهم يومئذ لهم أعداء ، كقوله سبحانه : لتكونوا شهداء على الناس [ البقرة : ١٤٣ ] ، يعنى للناس ، وكقوله سبحانه : وما ذبح على النصب [ المائدة : ٣ ] ، يعنى للنصب . ٨٣مريم : ٨٣ ألم تر أنا . . . . . ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين ، يعنى المستهزئين من قريش حين قال سبحانه إبليس ، وهو الشيطان : واستفزز من استطعت منهم بصوتك [ الإسراء : ٦٤ ] ، يعنى بدعائك إلى آخر الآية : قال سبحانه : تؤزهم أزا [ آية : ٨٣ ] ، يعنى تزعجهم إزعاجاً ، وتغريهم إغراء ، تزين لهم الذي هم عليه من الشرك ، ويقول : إن الأمر الذي أنتم عليه لأمر حق . ٨٤مريم : ٨٤ فلا تعجل عليهم . . . . . فلا تعجل عليهم ، يقول للنبي صلى اللّه عليه وسلم : فلا تستعجل لهم بالعذاب إنما نعد لهم آجالهم عدا [ آية : ٨٤ ] ، يعنى الأنفاس . ٨٥مريم : ٨٥ يوم نحشر المتقين . . . . . ثم ننزل بهم العذاب يوم نحشر المتقين الشرك ، يعنى الموحدين إلى الرحمن وفدا [ آية : ٨٥ ] ، على النجائب على رحلاتها منابر الحضر . ٨٦مريم : ٨٦ ونسوق المجرمين إلى . . . . . ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا [ آية : ٨٦ ] ، يرونها في الدخول وهم عطاش . ٨٧مريم : ٨٧ لا يملكون الشفاعة . . . . . لا يملكون الشفاعة ، يقول : لا تقدر الملائكة على الشافعة لأحد ، ثم استثنى ، فقال : إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا [ آية : ٨٧ ] ، يعنى إلا من اعتقد التوحيد عند الرحمن جل جلاله ، وهي شهادة ألا إله إلا اللّه وحده لا شريك له . ٨٨مريم : ٨٨ وقالوا اتخذ الرحمن . . . . . وقالوا اتخذ الرحمن ولدا [ آية : ٨٨ ] من الملائكة ، حين إنهن بنات اللّه تعالى ، منهم : النضر بن الحارث . ٨٩مريم : ٨٩ لقد جئتم شيئا . . . . . يقول اللّه عز وجل : لَقد جئتم شيئاً إِذاً [ آية : ٨٩ ] ، يقول : قلتم قولاً عظيماً ، نظيرها في بني إسرائيل : إنكم لتقولون قولا عظيما [ الإسراء : ٤٠ ] ، حين الملائكة بنات الرحمن عز وجل . ٩٠مريم : ٩٠ تكاد السماوات يتفطرن . . . . . تكاد السماوات يتفطرن منه ، يعنى مما إن الملائكة بنات الرحمن ، وتنشق الأرض من أطرافها وتخر الجبال هدا [ آية : ٩٠ ] ، يعنى وقعا ، وإنما ذكر السماوات والأرض والجبال ؛ لعظمهن وشدتهن ، مما قالوا من البهتان . ٩١مريم : ٩١ أن دعوا للرحمن . . . . . أن دعوا للرحمن ولدا [ آية : ٩١ ] ، أن للرحمن ولداً . ٩٢مريم : ٩٢ وما ينبغي للرحمن . . . . . وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا [ آية : ٩٢ ] . ٩٣مريم : ٩٣ إن كل من . . . . . إن كل من في السماوات والأرض من الملائكة وغيرهم ، وعزير ، وعيسى ، ومريم ، وغيرهم ، فهؤلاء في الأرض إِلا ءاتى الرحمن عبداً [ آية : ٩٣ ] ، يقول : إلا وهو مقر له بالعبودية . ٩٤مريم : ٩٤ لقد أحصاهم وعدهم . . . . . لقد أحصاهم ، يقول : أحصى أسماءهم في اللوح المحفوظ وعدهم عدا [ آية : ٩٤ ] ، يقول سبحانه : علم عددهم . ٩٥مريم : ٩٥ وكلهم آتيه يوم . . . . . وَكلهم ءاتيه ، يقول : وكل من فيهما جائيه في الآخرة يوم القيامة فردا [ آية : ٩٥ ] ، يعنى وحده ليس معه من دنياه شيء . ٩٦مريم : ٩٦ إن الذين آمنوا . . . . . إِن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لَهُمُ الرحمن وُداً [ آية : ٩٦ ] ، يقول : يجعل محبتهم في قلوب المؤمنين فيحبونهم . ٩٧مريم : ٩٧ فإنما يسرناه بلسانك . . . . . فإنما يسرناه بلسانك ، يقول : فإنما بيناه على لسانك يا محمد ، يعنى القرآن ، لتبشر به ، يعنى بما في القرآن المتقين الشرك ، يعنى الموحدين ، وتنذر به ، يعنى بما في القرآن من الوعيد قوما لدا [ آية : ٩٧ ] ، يعنى جدلاء خصماً بالباطل ، الأخنس بن شريق . ٩٨مريم : ٩٨ وكم أهلكنا قبلهم . . . . . ثم خوف كفار مكة ، فقال سبحانه : وكم أهلكنا قبلهم ، يعنى بالعذاب في الدنيا من قرن ، يعنى قبل كفار مكة من أمة هل تحس ، يعنى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، يقول : هل ترى منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا [ آية : ٩٨ ] ، يعنى صوتاً يحذر بمثل عذاب الأمم الخالية ؛ لئلا يكذبوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم . |
﴿ ٠ ﴾