سورة مريم

 مكية كلها ، إلا آية سجدتها ، فإنها مدنية ، وهي ثمان وتسعون آية كوفي

 بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

مريم : ١ كهيعص

 كهيعص [ آية : ١ ] ، كاف ، هاد ، عالم ، صادق ، هذا ثناء الرب تبارك وتعالى على نفسه ، يقول : كافياً لخلقه ، هادياً لعباده ، الياء من الهادي ، عالم ببريته ، صادق في قوله عز وجل .

٢

مريم : ٢ ذكر رحمة ربك . . . . .

قال سبحانه : ذكر رحمت ربكَ ، يعنى نعمة ربك يا محمد عبده زكريا [ آية : ٢ ] ابن برخيا ، وذلك أن اللّه تعالى ذكر عبده زكريا بالرحمة .

٣

مريم : ٣ إذ نادى ربه . . . . .

 إذ نادى ربه نداء خفيا [ آية : ٣ ] ، يقول : إذ دعا ربه دعاء سراً ، وإنما دعا ربه عز وجل سراً ؛ لئلا يقول الناس : انظروا إلى هذا الشيخ الكبير ، يسأل الولد على كبره .

٤

مريم : ٤ قال رب إني . . . . .

 قال رب إني وهن العظم مني ، يعنى ضعف العظم مني واشتعل الرأس شيبا ، يعنى بياضاً ولم أكن بدعائك رب شقيا [ آية : ٤ ] ، يعنى خائباً فيما خلا ، كنت تستجيب لي ، فلا تخيبني في دعائي إياك بالولد .

٥

مريم : ٥ وإني خفت الموالي . . . . .

 وَإني خفت الموالي من وراءى وكانت امرأتي عاقراً ، يقول : خفت الكلالة ، وهم العصبة من بعد موتي أن يرثوا مالي فهب لي من لدنك وليا [ آية : ٥ ] ، يعنى من عندك ولداً .

٦

مريم : ٦ يرثني ويرث من . . . . .

 يرثني ، يرث مالي ويرث من ءال يعقوب ابن ماثان علمهم ، ورياستهم في الأحبار ، وكان يعقوب وعمران أبو مريم أخوين ابنا ماثان ، ومريم ابنة عمران بن ماثان واجعله رب رضيا [ آية : ٦ ] ، يعنى صالحاً .

٧

مريم : ٧ يا زكريا إنا . . . . .

فاستجاب اللّه عز وجل لزكريا في الولد ، فأتاه جبريل وهو يصلي ، فقال : يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا [ آية : ٧ ] ، لم يكن أحد من الناس فيما خلا يسمى يحيى ، وإنما سماه يحيى ؛ لأنه أحياه من بين شيخ كبير وعجوز عاقر .

٨

مريم : ٨ قال رب أنى . . . . .

فلما بشر ميتين بالولد قال رب أنى يكون لي غلام ، يعنى من أين يكون لي

غلام ؟ وكانت امرأتي عاقرا ، أيليشفع لا تلد وقد بلغت أنا من الكبر عتيا [ آية : ٨ ] ، يعنى بؤساً ، وكان زكريا يومئذ ابن خمس وسبعين سنة .

٩

مريم : ٩ قال كذلك قال . . . . .

 قال له جبريل ، عليه السلام : كذلك ، يعنى هكذا قال ربك إنه

ليكون لك غلام هو علي هين وقد خلقتك من قبل أن تسألني الولد ولم تك شيئا [ آية : ٩ ] .

١٠

مريم : ١٠ قال رب اجعل . . . . .

 قال زكريا : رب اجعل لي ءايةً ، يعنى علماً للحبل ، فسأل الآية بعد

مشافهة جبريل قال جبريل ، عليه السلام ءايتكَ إذا جامعتها على طهر

فحبلت ، فإنك تصبح تلك الليلة لا تستنكر من نفسك خرساً ، ولا مرضاً ، ولكن لا

تستطيع الكلام ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا [ آية : ١٠ ] أنت فيهن سوي

صحيح ، فأخذ بلسانه عقوبة حين سأل الآية بعد مشافهة جبريل ، عليهما السلام ، ولم

يحبس اللّه عز وجل لسانه عن ذكره ولا عن الصلاة .

١١

مريم : ١١ فخرج على قومه . . . . .

 فخرج زكريا على قومه ، بني إسرائيل من المحراب ، يعنى من

المسجد فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا [ آية : ١١ ] ، يقول : كتب كتاباً بيده ،

وهو الوحي إليهم : أن صلوا بالغداة والعشي .

١٢

مريم : ١٢ يا يحيى خذ . . . . .

 يا يحيى خذ الكتاب ، يعنى التوراة بقوة ، يعنى بجد ومواظبة عليه ،

 وءاتينهُ الحكم صبياً [ آية : ١٢ ] ، يعنى وأعطينا يحيى العلم والفهم وهو ابن ثلاث

سنين .

١٣

مريم : ١٣ وحنانا من لدنا . . . . .

 وحنانا من لدنا ، يقول : رحمة من عندنا وزكاة ، يعنى جعله صالحاً وطهره

من الذنوب وكان تقيا [ آية : ١٣ ] ، يعنى مسلماً .

١٤

مريم : ١٤ وبرا بوالديه ولم . . . . .

 وبرا بوالديه ، يقول : وجعلناه مطيعاً لوالديه ولم يكن جبارا ، يعنى متكبراً

عن عبادة اللّه عز وجل عصيا [ آية : ١٤ ] ، يعنى ولا عاص لربه .

١٥

مريم : ١٥ وسلام عليه يوم . . . . .

 وسلام عليه ، يعنى على يحيى ، عليه السلام يوم ولد ، يعنى حين ولد ، مثل

قوله سبحانه : في كتاب اللّه يوم خلق السماوات [ التوبة : ٣٦ ] ، يعنى حين خلق

السموات ، قال عيسى صلى اللّه عليه وسلم : يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا [ مريم : ٣٣ ] ،

يعنى حين أموت ، وحين أبعث وسلام عليه يوم ولد  ويوم يموت ويوم يبعث حيا [ آية : ١٥ ] ، يعنى حين يبعث بعد الموت .

١٦

مريم : ١٦ واذكر في الكتاب . . . . .

 واذكر لأهل مكة في الكتاب مريم ، يعنى في القرآن ابنة عمران بن ماثان ،

ويعقوب بن ماثان ، من نسل سليمان بن داود عليهم السلام إذ انتبذت ، يعنى إذ

انفردت من أهلها مكانا شرقيا [ آية : ١٦ ] ، فجلست في المشرقة ؛ لأنه كان الشتاء .

١٧

مريم : ١٧ فاتخذت من دونهم . . . . .

 فاتخذت من دونهم حجابا ، يعنى جبلاً ، فجعلت الجبل بينها وبينهم ، فلم يرها

أحد منهم ، كقوله في ص : حتى توارت بالحجاب [ ص : ٣٢ ] ، يعنى الجبل ، وهو

دون ق بمسيرة سنة ، والشمس تغرب من ورائه فأرسلنا إليها روحنا ، يعنى جبريل ،

عليه السلام فتمثل لها بشرا سويا [ آية : ١٧ ] ، يعنى إنساناً سوياً ، يعنى سوى

الخلق ، على صورة شاب أمرد ، جعد الرأس .

١٨

مريم : ١٨ قالت إني أعوذ . . . . .

فلما رأته حسبته إنساناً قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا [ آية : ١٨ ] ،

يعنى مخلصاً للّه عز وجل تعبده .

١٩

مريم : ١٩ قال إنما أنا . . . . .

 قال جبريل ، عليه السلام : إنما أنا رسول ربك لأهب لك بأمر اللّه عز

وجل غلاما زكيا [ آية : ١٩ ] ، يعنى مخلصاً ، يقول صالحاً .

٢٠

مريم : ٢٠ قالت أنى يكون . . . . .

 قالت مريم : إني من أين يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ، يعنى ولم

يكن لي زوج ولم أك بغيا [ آية : ٢٠ ] ، يعنى ولم أركب فاحشة .

٢١

مريم : ٢١ قال كذلك قال . . . . .

 قال جبريل ، عليه السلام : كذلك ، يعنى هكذا قال ربك إنه

يكون لك ولد من غير زوج هو على ، على اللّه هين ، يعنى يسير أن يخلق

في بطنك ولداً من غير بشر ولنجعلهُ ءايةً ، يقول : ولكي نجعله عبرة ،

 للناس ، يعنى في بني إسرائيل ورحمة ، يعنى ونعمة منا لمن تبعه على

دينه ، مثل قوله سبحانه : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين [ الأنبياء : ١٠٧ ] ، يعنى

بالرحمة النعمة لمن اتبعه على دينه وكان عيسى صلى اللّه عليه وسلم من غير بشر أمرا مقضيا [ آية : ٢١ ] ، قد قضى اللّه عز وجل في اللوح المحفوظ أنه كائن لا بد .

٢٢

مريم : ٢٢ فحملته فانتبذت به . . . . .

 فحملته أمه مريم ، عليها السلام ، وهي ابنة ثلاث عشرة سنة ، ومكثت مع

عيسى ، عليه السلام ، ثلاثاً وثلاثين سنة ، وعاشت بعدما رفع عيسى ست سنين ، فماتت

ولها اثنتان وخمسون سنة ، فحملته أمه في ساعة واحدة ، وصور في ساعة واحدة ،

وأرضعته في ساعة حين زالت الشمس من يومها ، وقد كانت حاضت حيضتين قبل

حمله فانتبذت به ، يعنى فانفردت بعيسى صلى اللّه عليه وسلم مكانا قصيا [ آية : ٢٢ ] ،

يعنى نائياً من أهلها من وراء الحيل .

٢٣

مريم : ٢٣ فأجاءها المخاض إلى . . . . .

 فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ، يعنى فألجأها ، ولم يكن لها سعف ،

 قالت مريم : يا ليتني مت قبل هذا الولد حياء من الناس ، ثم قالت : وكنت نسيا منسيا [ آية : ٢٣ ] ، يعنى كالشيء الهالك الذي لا يذكر فينسى .

٢٤

مريم : ٢٤ فناداها من تحتها . . . . .

 فناداها جبريل ، عليه السلام من تحتها ، يعنى من أسفل منها في الأرض ،

وهي فوقه على رابية ، وجبريل ، عليه السلام ، يناديها بهذا الكلام : ألا تخزني ، ذلك

حين تمنت الموت قد جعل ربك تحتك سريا [ آية : ٢٤ ] ، يعنى الجدول الصغير من

الأنهار .

٢٥

مريم : ٢٥ وهزي إليك بجذع . . . . .

وقال جبريل ، عليه السلام ، لها : وهزي إليك ، يعنى وحركي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا [ آية : ٢٥ ] ، يعنى بالجني ما ترطب به من البسر ،

وكانت شجرة يابسة ، فاخضرت وهي تنظر ، وحملت الرطب مكانها وهي تنظر ، ثم

نضجت وهي تنظر ، ثم أجرى اللّه عز وجل لها نهراً من الأردن حتى جاءها ، فكان

بينهما وبين جبريل ، عليه السلام ، وهذا كلام جبريل لها ، وإنما جعل اللّه عز وجل ذلك

لتؤمن بأمر عيسى صلى اللّه عليه وسلم ولا تعجب منه .

حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، قال : قال مقاتل : وأخبرت عن

ليث بن أبي سليم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في

قوله : إني نذرت للرحمن صوما ،

يعنى صمتاً .

٢٦

مريم : ٢٦ فكلي واشربي وقري . . . . .

 فكلي من النخلة واشربي من الماء العذب وقري عينا بالولد فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما ، يعنى صمتاً فلن أكلم اليوم إنسيا [ آية : ٢٦ ] في عيسى صلى اللّه عليه وسلم .

٢٧

مريم : ٢٧ فأتت به قومها . . . . .

 فأتت به قومها بالولد تحمله إلى بني إسرائيل في حجرها ملفوفاً في

خرق قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا [ آية : ٢٧ ] ، يقول : أتيت أمراً منكراً .

٢٨

مريم : ٢٨ يا أخت هارون . . . . .

 ياأُخت هَارونَ الذي هو أخو موسى . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن

الهذيل ، قال : قال مقاتل : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إنما عنوا هارون أخا موسى ؛ لأنها كانت

من نسله ما كان أبوك عمران امرأ سوء ، يعنى بزان ، كقوله سبحانه :

 من أراد بأهلك سوءا [ يوسف : ٢٥ ] ، يعنى الزنا ، وكقوله سبحانه : ما علمنا عليه من سوء [ يوسف : ٥١ ] ، وكان عمران من عظماء بني إسرائيل وما كانت أمك جنة بغيا [ آية : ٢٨ ] بزانية ، فمن أين هذا الولد ؟

٢٩

مريم : ٢٩ فأشارت إليه قالوا . . . . .

 فأشارت إليه ، يعنى إلى ابنها عيسى صلى اللّه عليه وسلم أن كلموه قالوا ، قال قومها :

 كيف نكلم من كان ، يعنى من هو في المهد ، يعنى في حجر أمه ملفوفاً في

خرق صبيا [ آية : ٢٩ ] ، فدنا زكريا من الصبي ، فقال : تكلم يا صبي بعذرك إن

كان لك عذر .

٣٠

مريم : ٣٠ قال إني عبد . . . . .

ف قال الصبي ، وهو يومئذ ولد إني عبد اللّه ، وكذبت النصارى فيما

يقولون ، فأول ما تكلم به الصبي أنه أقر للّه بالعبودية ءاتاني الكتاب ، يعنى أعطاني

الإنجيل فعلمنيه وجعلني نبيا [ آية : ٣٠ ] .

٣١

مريم : ٣١ وجعلني مباركا أين . . . . .

 وجعلني مباركا ، يعني معلماً مؤدباً في الخير أين ما كنت من الأرض ،

 وأوصاني ب إقامة بالصلاة و إيتاء والزكاة ما دمت حيا [ آية : ٣١ ] .

٣٢

مريم : ٣٢ وبرا بوالدتي ولم . . . . .

 وبرا بوالدتي ، يقول : وأوصاني أن أكون براً بوالدتي ، يعنى مطيعاً لأمي مريم ،

 ولم يجعلني جبارا ، يعنى متكبراً عن عبادة اللّه شقيا [ آية : ٣٢ ] ، يعنى عاصياً .

للّه عز وجل .

٣٣

مريم : ٣٣ والسلام علي يوم . . . . .

 والسلام علي يوم ولدت ، فلما ذكر الوالدة ، ولم يذكر الوالد ، ضمه زكريا إلى

صدره ، وقال : أشهد أنك عبد اللّه ورسوله والسلام علي يوم ولدت ، يعنى حين

ولدت ويوم أموت ، يعنى وحين أموت ويوم أبعث حيا [ آية : ٣٣ ] ، يعنى

وحين أبعث حياً بعد الموت في الآخرة ، ثم لم يتكلم بعد ذلك حتى كان بمنزلة غيره من

الصبيان ، فلما قال : وبرا بوالدتي ، ضمه زكريا .

٣٤

مريم : ٣٤ ذلك عيسى ابن . . . . .

يقول اللّه عز وجل : ذلك عيسى ابن مريم قول الحق ، يعنى هذا عيسى ابن

مريم قول العدل ، يعنى الصدق الذي فيه يمترون [ آية : ٣٤ ] ، يعنى الذي فيه

يشكون في أمر عيسى صلى اللّه عليه وسلم ، وهم النصارى .

٣٥

مريم : ٣٥ ما كان للّه . . . . .

 ما كان للّه أن يتخذ من ولد ، يعنى عيسى صلى اللّه عليه وسلم سبحانه ، نزه نفسه عز

وجل إذا قضى أمرا كان في علمه ، يعنى عيسى صلى اللّه عليه وسلم فإنما يقول له كن فيكون

[ آية : ٣٥ ] ، مرة واحدة لا يثنى القول فيه مرتين .

حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، قال : حدثني مقاتل ، عن الضحاك ،

عن ابن عباس ، أنه قال : كن فيكون بالفارسية ، لا يثنى القول مرتين ، إذا قال مرة

كان .

٣٦

مريم : ٣٦ وإن اللّه ربي . . . . .

ثم قال عيسى صلى اللّه عليه وسلم لبني إسرائيل : وإن اللّه ربي وربكم فاعبدوه ، يعنى فوحدوه ،

 هذا التوحيد صراط مستقيم [ آية : ٣٦ ] ، يعنى دين الإسلام مستقيم ، وغير

دين الإسلام أعوج ليس بمستقيم .

٣٧

مريم : ٣٧ فاختلف الأحزاب من . . . . .

 فاختلفت الأحزاب ، يعنى النصارى من بينهم ، تحزبوا في عيسى صلى اللّه عليه وسلم ثلاث

فرق : النسطورية   عيسى ابن اللّه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا [ الإسراء :

٤٣ ] ، والماريعقوبية   عيسى هو اللّه سبحانه وتعالى عما يقولون [ الإسراء :

٤٣ ] ، والملكانيون   إن اللّه ثالث ثلاثة [ المائدة : ٧٣ ] ، يقول اللّه : وحده لا

شريك له : فويل للذين كفروا ، يعنى تحزبوا في عيسى صلى اللّه عليه وسلم من مشهد يوم عظيم

[ آية : ٣٧ ] لديه ، يعنى يوم القيامة .

٣٨

مريم : ٣٨ أسمع بهم وأبصر . . . . .

 أسمع بهم وأبصر ، يقول : هم يوم القيامة أسمع قوم وأبصر بما كانوا فيه من الوعيد

وغيره يوم يأتوننا في الآخرة ، فذلك قوله سبحانه : ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون [ السجدة : ٢١ ] ، قال سبحانه : لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين [ آية : ٣٨ ] ، يعنى المشركين اليوم في الدنيا في ضلال مبين ، فلا يسمعون

اليوم ، ولا يبصرون ما يكون في الآخرة .

٣٩

مريم : ٣٩ وأنذرهم يوم الحسرة . . . . .

 وأنذرهم ، يعنى كفار مكة يوم الحسرة ، يوم يذبح الموت كأنه كبش أملح .

حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن مقاتل ، عن عثمان بن سليم ، عن

عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : يجعل الموت في صورة كبش أملح ، فيذبحه جبريل بين الجنة

والنار ، وهم ينظرون إليه ، فيقال لأهل الجنة : خلود فلا موت فيها ، ولأهل النار : خلود

فلا موت فيها ، فلولا ما قضى اللّه عز وجل على أهل النار من تعمير أرواحهم في

أبدانهم لماتوا من الحسرة .

قال سبحانه : إذ قضي الأمر ، يعنى إذا قضي العذاب وهم في غفلة اليوم ،

 وهم لا يؤمنون [ آية : ٣٩ ] ، يعنى لا يصدقون بما يكون في الآخرة .

٤٠

مريم : ٤٠ إنا نحن نرث . . . . .

 إنا نحن نرث الأرض ومن عليها ، يعنى نميتهم ويبقى الرب جل جلاله ، ونرث أهل

السماء وأهل الأرض ، قال سبحانه : وإلينا يرجعون [ آية : ٤٠ ] ، يعنى في الآخرة

بعد الموت .

٤١

مريم : ٤١ واذكر في الكتاب . . . . .

 واذكر يا محمد لأهل مكة في الكتاب ، يعنى في القرآن الكريم أمر إبراهيم إنه كان صديقا ، يعنى مؤمناً باللّه تعالى نبيا [ آية : ٤١ ] ، مثل قوله سبحانه : وأمه صديقة [ المائدة : ٧٥ ] ، يعنى مؤمنة .

٤٢

مريم : ٤٢ إذ قال لأبيه . . . . .

 إذ قال لأبيه آزر : يا أبت لم تعبد ما لا يسمع الصوت ولا يبصر شيئاً ،

يعنى الأصنام ولا يغني عنك شيئا [ آية : ٤٢ ] في الآخرة .

٤٣

مريم : ٤٣ يا أبت إني . . . . .

 ياأَبتِ إِني قد جاءني من العلمِ ، يعنى البيان ما لم يأتك ، يعنى ما يكون

من بعد الموت فاتبعني على ديني أهدك صراطا سويا [ آية : ٤٣ ] ، يعنى طريقاً

عدلاً ، يعنى دين الإسلام .

٤٤

مريم : ٤٤ يا أبت لا . . . . .

 ياأبت لا تعبدُ الشيطان ، يعنى لا تطع الشيطان في العبادة إن الشيطان كان للرحمن عصيا [ آية : ٤٤ ] ، يعنى عاصاً ملعوناً .

٤٥

مريم : ٤٥ يا أبت إني . . . . .

 ياأبتِ إِني أخاف أَن يمسكَ ، يعنى أن يصيبك عذاب من الرحمن في الآخرة ،

 فتكون للشيطان وليا [ آية : ٤٥ ] ، يعنى قريباً في الآخرة .

٤٦

مريم : ٤٦ قال أراغب أنت . . . . .

فرد عليه أبوه ف قالَ أَراغب أَنت عن ءالهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنكَ ، يعنى

لئن لم تسكت لأشتمنك واهجرني مليا [ آية : ٤٦ ] ، يعنى أيام حياتك ، ويقال :

طويلاً ، واعتزلني وأطل هجراني ، وكل شيء في القرآن لأرجمنك ، يعني به القتل ، غير

هذا .

٤٧

مريم : ٤٧ قال سلام عليك . . . . .

حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن أبي صالح ، عن مقاتل ، عن ابن عباس :

واعتزلني سالم العرض لا يصيبك مني معرة قال إبراهيم : سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا [ آية : ٤٧ ] ، يعنى لطيفاً رحيماً .

٤٨

مريم : ٤٨ وأعتزلكم وما تدعون . . . . .

 وأعتزلكم وما تدعون من دون اللّه ، وأعتزل ما تعبدون من دون اللّه من الآلهة ،

فكان اعتزاله إياهم أنه فارقهم من كوثا ، فهاجر منها إلى الأرض المقدسة ، ثم قال

إبراهيم : وَأدعوا ربي في الاستغفار لك عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا [ آية : ٤٨ ] ، يعنى خائباً بدعائي لك بالمغفرة .

٤٩

مريم : ٤٩ فلما اعتزلهم وما . . . . .

 فلما اعتزلهم و واعتزل وما يعبدون من دون اللّه من الآلهة ، وهي الأصنام ،

وذهب مهاجراً منها وَهبنا لهُ بعد الهجرة إلى الأرض المقدسة إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا [ آية : ٤٩ ] ، يعنى إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب .

٥٠

مريم : ٥٠ ووهبنا لهم من . . . . .

 ووهبنا لهم من رحمتنا ، يعنى من نعمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا [ آية :

٥٠ ] ، يعنى ثناء حسناً رفيقاً يثنى عليهم جميع أهل الأديان بعدهم .

٥١

مريم : ٥١ واذكر في الكتاب . . . . .

 واذكر لأهل مكة في الكتاب موسى إنه كان مخلصا ، يعنى مسلماً موحداً ،

 وكان رسولا نبيا [ آية : ٥١ ] .

٥٢

مريم : ٥٢ وناديناه من جانب . . . . .

 وناديناه ، يعنى دعوناه ليلة الجمعة من جانب الطور الأيمن يعنى من ناحية

الجبل وقربناه نجيا [ آية : ٥٢ ] ، يعنى كلمناه من قرب ، وكان بينهما حجاب خفي

سمع صرير القلم ، ويقال : صريف القلم .

٥٣

مريم : ٥٣ ووهبنا له من . . . . .

 ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا [ آية : ٥٣ ] ، فوهب اللّه عز وجل له أخاه

هارون ، وذلك حين سأل موسى ، عليه السلام ، ربه عز وجل ، فقال : واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي [ طه : ٢٩ ، ٣٠ ] ، وحين قال : فأرسل إلى هارون

[ الشعراء : ١٣ ] .

٥٤

مريم : ٥٤ واذكر في الكتاب . . . . .

 واذكر في الكتاب ، يعنى واذكر لأهل مكة في القرآن أمر إسماعيل بن

إبراهيم لصلبه إنه كان صادق الوعد ، وذلك أن إسماعيل ، عليه السلام ، وعد رجلاً

أن يقيم مكانه حتى يرجع إليه ، فأقام ثلاثة أيام للميعاد حتى رجع الرجل إليه وكان رسولا نبيا [ آية : ٥٤ ] .

٥٥

مريم : ٥٥ وكان يأمر أهله . . . . .

 وكان يأمر أهله ، كقوله سبحانه في طه : وأمر أهلك [ طه : ١٣٢ ] ، يعنى

قومك بالصلاة ، وفي قراءة ابن مسعود : وكان يأمر قومه بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا [ آية : ٥٥ ] .

٥٦

مريم : ٥٦ واذكر في الكتاب . . . . .

 واذكر لأهل مكة في الكتاب ، يعنى القرآن إدريس ، وهو جد أبي

نوح ، واسمه : أخنوخ ، عليه السلام إنه كان صديقا ، يعنى مؤمناً بتوحيد اللّه عز

وجل نبيا [ آية : ٥٦ ] .

٥٧

مريم : ٥٧ ورفعناه مكانا عليا

 ورفعناه مكانا عليا آية : ٥٧ ] ، يعنى في السماء الرابعة ، وفيما مات ، وذلك حين

دعا للملك الذي يسوق الشمس .

٥٨

مريم : ٥٨ أولئك الذين أنعم . . . . .

 أولئك الذين أنعم اللّه عليهم بالنبوة من النبين ، يعنى هؤلاء الذين سموا في

هؤلاء الآيات من ذرية ءادم ، ثم إدريس وممن حملنا مع نوح في السفينة ،

يقول : ومن ذرية من حملنا مع نوح في السفينة ، وهو إبراهيم ومن ذرية إبراهيم ،

إسماعيل ، وإسحاق ، ويعقوب و من ذرية وإسرائيل ، وهو يعقوب ، وموسى ،

وهارون وممن هدينا للإسلام واجتبينا واستخلصنا للرسالة والنبوة إذا تتلى

عليهم ءاياتُ الرحمن ، يعنى إذا قرئ عليهم كلام الرحمن ، يعنى القرآن خروا سجدا

على وجوههم وبكيا [ آية : ٥٨ ] ، يعني يبكون ، نزلت في مؤمني أهل التوراة

عبد اللّه بن سلام وأصحابه ، نظيرها في بني إسرائيل : يخرون للأذقان سجدا

[ الإسراء : ١٠٧ ] ويخرون للأذقان يبكون [ الإسراء : ١٠٩ ] .

٥٩

مريم : ٥٩ فخلف من بعدهم . . . . .

 فخلف من بعدهم خلف ، يعنى من بعد النبيين خلف السوء ، يعنى اليهود ، فهذا

مثل ضربه اللّه عز وجل لأمة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، يقول : ولا تكونوا خلف السوء مثل اليهود ، ثم

نعتهم ، فقال سبحانه : أضاعوا الصلاة ، يعنى أخروها عن مواقيتها واتبعوا الشهوات ، يعنى الذين استحلوا تزويج بنت الأخت من الأب ، نظيرها في النساء :

 الذين يتبعون الشهوات ، [ النساء : ٢٧ ] ، يعنى الزنا فسوف يلقون غيا [ آية :

٥٩ ] في الآخرة ، وهو واد في جهنم .

٦٠

مريم : ٦٠ إلا من تاب . . . . .

 إلا من تاب من الشرك وءامن بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، يعنى وصدق بتوحيد اللّه عز

وجل وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون ، يعنى ولا ينقضون شيئا

[ آية : ٦٠ ] من أعمالهم الحسنة حتى يجازوا بها ، فيجزيهم ربهم .

٦١

مريم : ٦١ جنات عدن التي . . . . .

 جنات عدن التي وعد الرحمن عباده المؤمنين على ألسنة الرسل في الدنيا ،

 بالغيب ولم يروه إنه كان وعده مأتيا [ آية : ٦١ ] ، يعنى جائياً لا خلف له .

٦٢

مريم : ٦٢ لا يسمعون فيها . . . . .

 لا يسمعون فيها ، يعنى في الجنة لغوا ، يعنى الحلف إذا شربوا الخمر ، يعنى

لا يحلفون كما يحلف أهل الدنيا إذا شربوا ، نظيرها في الواقعة ، وفي الصافات ، ثم قال :

 إلا سلاما ، يعنى سلام الملائكة عليهم فيها ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا [ آية : ٦٢ ] ، يعنى بالرزق الفاكهة على مقدار طرفي النهار في الدنيا .

٦٣

مريم : ٦٣ تلك الجنة التي . . . . .

ثم أخبر عنهم ، فقال سبحانه : تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا [ آية :

٦٣ ] ، يعنى مخلصاً للّه عز وجل .

٦٤

مريم : ٦٤ وما نتنزل إلا . . . . .

 وما نتنزل إلا بأمر ربك ، وذلك أن جبريل ، عليه السلام ، احتبس على النبي صلى اللّه عليه وسلم

أربعين يوماً ، ويقال : ثلاثة أيام : فقال مشركو مكة : قد ودعه ربه وقلاه ، فلما نزل

جبريل ، عليه السلام ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : يا جبريل ، ما جئت حتى اشتقت إليك ، قال : وأنا

إليك كنت أشد شوقاً ، ونزل في قولهم : والضحى والليل إذا سجى [ سورة

الضحى ] ألم نشرح لك [ سورة الشرح ] جميعاً ، وقال جبريل ، عليه السلام :

 وما نتنزل من السماء إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا من أمر الآخرة ،

 وما خلفنا من أمر الدنيا وما بين ذلك ، يعنى ما بين الدنيا

والآخرة ، يعنى ما

بين النفختين وما كان ربك نسيا [ آية : ٦٤ ] لقول كفار مكة : نسيه ربه وقلاه .

٦٥

مريم : ٦٥ رب السماوات والأرض . . . . .

يقول : لم ينسك ربك يا محمد رب السماوات والأرض ، يعنى والأرضين وما بينهما من الخلق فأعبدهُ ، يعنى فوحده واصطبر لعبادته ، يقول : واصبر على

توحيد اللّه عز وجل ولا تعجل حتى يأتيك أمري ، ثم قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : هل تعلم له سميا [ آية : ٦٥ ] ، يقول جل جلاله : هل تعلم من الآلهة من شيء اسمه اللّه عز وجل ؛

لأن اللّه تعالى ذكره يمنعهم من ذلك .

٦٦

مريم : ٦٦ ويقول الإنسان أئذا . . . . .

 ويقول الإنسان ، وهو أبي بن خلف الجمحي : أَءذا ما مت لسوف أُخرجُ حَياً

[ آية : ٦٦ ] من الأرض بعد الموت ، يقول ذلك تكذيباً بالبعث .

٦٧

مريم : ٦٧ أولا يذكر الإنسان . . . . .

يقول اللّه عز وجل يعظه ليعتبر أولا يذكر الإنسان ، يقول : أولاً يتذكر

الإنسان في خلق نفسه أنا خلقناه أول مرة ، يعنى أول خلق خلقناهُ من قبل ولم يك شيئا [ آية : ٦٧ ] .

٦٨

مريم : ٦٨ فوربك لنحشرنهم والشياطين . . . . .

فأقسم الرب عز وجل ليبعثهم في الآخرة ، فقال : فوربك يا محمد ،

 لنحشرنهم ، يعنى لنجمعنهم والشياطين معهم الذين أضلوهم في الآخرة ،

 ثم لنحضرنهم حول جهنم ، يعنى في جهنم جثيا [ آية : ٦٨ ] ، يعنى جميعاً

على الركب .

٦٩

مريم : ٦٩ ثم لننزعن من . . . . .

 ثم لننزعن من كل شيعة ، يقول : لنخرجن ، ثم نبدأ بهم من كل ملة أيهم أشد على الرحمن عتيا [ آية : ٦٩ ] ، يعنى عتوا في الكفر ، يعنى القادة ، فيعذبهم في النار .

٧٠

مريم : ٧٠ ثم لنحن أعلم . . . . .

 ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا [ آية : ٧٠ ] ، يعنى من هو أولى بها ، يعنى

القادة في الكفر .

٧١

مريم : ٧١ وإن منكم إلا . . . . .

 وإن منكم إلا واردها ، يعنى وما منكم أحداً إلا داخلها ، يعنى جهنم ، البر

والفاجر .

حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن علقمة بن

مرثد ، عن نافع بن الأزرق ، أنه سأل ابن عباس عن الورود ، فقال : يا نافع ، أما أنا وأنت ،

فندخلها ، فانظر هل نخرج منها أم لا ؟ .

حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن الضحاك ، عن

ابن عباس ، قال : للورود في القرآن أربعة مواضع ، يعنى به الدخول :

 وإن منكم إلا واردها [ مريم : ٧١ ] ، يعنى داخلها .

 فأوردهم النار [ هود : ٩٨ ] ، يعنى فأدخلهم .

 حصب جهنم أنتم لها واردون [ الأنبياء : ٩٨ ] ، يعنى داخلون : لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها [ الأنبياء : ٩٩ ] ، يعنى ما دخلوها .

حدثنا عبيد اللّه ، فقال : حدثني أبي ، قال : حدثني الهذيل ، عن مقاتل ، قال : يجعل اللّه

النار على المؤمنين يومئذ برداً وسلاماً ، كما جعلها على إبراهيم ، عليه السلام ، فذلك قوله

عز وجل : كان على ربك حتما مقضيا [ آية : ٧١ ] ، قال : قضاء واجباً قد قضاه في

اللوح المحفوظ أنه كائن لا بد ، غير الأنبياء ، عليهم السلام ، فتكون على المؤمنين برداً

وسلاماً .

٧٢

مريم : ٧٢ ثم ننجي الذين . . . . .

 ثم ننجي الذين اتقوا الشرك منها ، يعنى أهل التوحيد ، فنخرجهم منها ونذر الظالمين ، يعنى المشركين فيها ، يعنى في جهنم جثيا [ آية : ٧٢ ] على

الركب .

٧٣

مريم : ٧٣ وإذا تتلى عليهم . . . . .

 وَإذا تُتلى عليهم ءاياتنا ، يعنى القرآن بينات ، يعنى واضحات قال الذين كفروا ، وهم النضر بن الحارث بن علقمة وغيره للذين ءامنوا أي الفريقين خيرٌ

مقاماً ، وذلك أنهم لبسوا أحسن الثياب ، ودهنوا الرءوس ، ثم قالوا للمؤمنين : أي

الفريقين نحن أو أنتم خير ؟ يعنى أفضل مقاماً للمساكن من مساكن مكة ، ومثله في حم

الدخان : ومقام كريم [ الدخان : ٢٦ ] ، يعنى ومساكن طيبة وأحسن نديا

[ آية : ٧٣ ] ، يعنى مجالساً ، كقوله سبحانه : وتأتون في ناديكم المنكر [ العنكبوت :

٢٩ ] ، يعنى في مجالسكم .

٧٤

مريم : ٧٤ وكم أهلكنا قبلهم . . . . .

يقول اللّه عز وجل يخوفهم : وكم أهلكنا بالعذاب في الدنيا قبلهم ، قبل

أهل مكة من قرن ، يعنى أمة ، كقوله عز وجل : أهلكنا القرون [ يونس :

١٣ ] ، يعنى الأمم الخالية هم أحسن أثاثا ، يعنى ألين متاعاً ورءياً [ آية :

٧٤ ] ، وأحسن منظراً من أهل مكة ، فأهلك اللّه عز وجل أموالهم وصورهم .

٧٥

مريم : ٧٥ قل من كان . . . . .

 قل لهم : من كان في الضلالة ، يعنى من هو في الشرك فليمدد له الرحمن مدا ، في الخير ؛ لقولهم للمؤمنين : أي الفريقين خير مقاما حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب في الدنيا ، يعنى القتل ببدر وإما الساعة ، يعنى القيامة ،

 فسيعلمون من هو شر مكانا ، يعنى شر منزلاً وأضعف جندا [ آية : ٧٥ ] ،

يعنى وأقل فئة هم أم المؤمنون .

٧٦

مريم : ٧٦ ويزيد اللّه الذين . . . . .

 ويزيد اللّه الذين اهتدوا هدى من الضلالة ، يعنى يزيدهم إيماناً والباقيات الصالحات ، وهي أربع كلمات : سبحان اللّه ، والحمد للّه ، ولا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر ، من

قالها فهو خير ، يعنى أفضل عند ربك ثوابا الآخرة وخير مردا [ آية :

٧٦ ] ، يعنى أفضل مرجعاً من ثواب الكافر النار ، ومرجعهم إليها .

٧٧

مريم : ٧٧ أفرأيت الذي كفر . . . . .

 أَفرءيت الذي كفر بئايتنا ، آيات القرآن ، نزلت في العاص بن وائل بن هشام

ابن سعد بن سعيد بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي السهمي ، وذلك أن خباب

ابن الأرت صاغ له شيئاً من الحلي ، فلما طلب منه الأجر ، قال لخباب ، وهو مسلم حين

طلب أجر الصياغة : ألستم تزعمون أن في الجنة الحرير والذهب والفضة وولدان مخلدون ؟

قال خباب بن الأرت : نعم ، قال العاص : فميعاد ما بيننا الجنة وقال لأوتين في

الجنة ، يعنى في الآخرة مالا وولدا [ آية : ٧٧ ] أفضل مما أوتيت في الدنيا ، فأقضيك

في الآخرة ، يقول ذلك مستهزئاً ؛ لأنه لا يؤمن بما في القرآن من الثواب والعقاب .

٧٨

مريم : ٧٨ أطلع الغيب أم . . . . .

يقول اللّه تعالى : اطلع على الغيب ، يعنى العاص ، حين يقول : إنه يعطى في

الآخرة ما يعطي المؤمنون أم اتخذ عند الرحمن عهدا [ آية : ٧٨ ] ، يقول : أم اعتقد

عند الرحمن التوحيد .

٧٩

مريم : ٧٩ كلا سنكتب ما . . . . .

 كلا لا يعطي العاص ما يعطي المؤمنون ، ثم استأنف ، فقال سبحانه :

 سنكتب ما يقول ، يعنى من الحفظة من الملائكة تكتب ما يقول العاص أنه يعطي ما

يعطي المؤمنون في الجنة ونمد له من العذاب مدا [ آية : ٧٩ ] ، يعنى الذي لا انقطاع

له .

٨٠

مريم : ٨٠ ونرثه ما يقول . . . . .

 ونرثه ما يقول أنه يعطي في الجنة ما يعطي المؤمنون ، فنرثه عنه ويعطاه غيره ، ثم

قال سبحانه : ويأتينا فردا [ آية : ٨٠ ] ، العاص في الآخرة ، ليس معه شيء من دنياه .

٨١

مريم : ٨١ واتخذوا من دون . . . . .

ثم ذكر كفار مكة : العاص ، والنضر ، وأبا جهل ، وغيرهم ، فقال سبحانه : واتخذوا

من دُونَ اللّه ءالهةً ، يعنى اللات ، والعزى ، ومناة ، وهبل ليكونوا لهم عزا [ آية :

٨١ ] ، يعنى منعاً يمنعونهم من اللّه عز وجل ، نظيرها في يس : واتخذوا من دون اللّه آلهة لعلهم ينصرون [ يس : ٧٤ ] ، يعنى يمنعون .

٨٢

مريم : ٨٢ كلا سيكفرون بعبادتهم . . . . .

يقول اللّه عز وجل : كلا لا تمنعهم الآلهة من اللّه ، ثم استأنف فقال :

 سيكفرون بعبادتهم ، يقول : ستبرأ الآلهة في الآخرة من كل من كان يعبدها في

الدنيا ويكونون عليهم ضدا [ آية : ٨٢ ] ، يقول : تكون آلهتهم يومئذ لهم أعداء ، كقوله

سبحانه : لتكونوا شهداء على الناس [ البقرة : ١٤٣ ] ، يعنى للناس ، وكقوله

سبحانه : وما ذبح على النصب [ المائدة : ٣ ] ، يعنى للنصب .

٨٣

مريم : ٨٣ ألم تر أنا . . . . .

 ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين ، يعنى المستهزئين من قريش حين قال

سبحانه إبليس ، وهو الشيطان : واستفزز من استطعت منهم بصوتك [ الإسراء :

٦٤ ] ، يعنى بدعائك إلى آخر الآية : قال سبحانه : تؤزهم أزا [ آية : ٨٣ ] ، يعنى

تزعجهم إزعاجاً ، وتغريهم إغراء ، تزين لهم الذي هم عليه من الشرك ، ويقول : إن الأمر

الذي أنتم عليه لأمر حق .

٨٤

مريم : ٨٤ فلا تعجل عليهم . . . . .

 فلا تعجل عليهم ، يقول للنبي صلى اللّه عليه وسلم : فلا تستعجل لهم بالعذاب إنما نعد لهم آجالهم عدا [ آية : ٨٤ ] ، يعنى الأنفاس .

٨٥

مريم : ٨٥ يوم نحشر المتقين . . . . .

ثم ننزل بهم العذاب يوم نحشر المتقين الشرك ، يعنى الموحدين إلى الرحمن وفدا [ آية : ٨٥ ] ، على النجائب على رحلاتها منابر الحضر .

٨٦

مريم : ٨٦ ونسوق المجرمين إلى . . . . .

 ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا [ آية : ٨٦ ] ، يرونها في الدخول وهم عطاش .

٨٧

مريم : ٨٧ لا يملكون الشفاعة . . . . .

 لا يملكون الشفاعة ، يقول : لا تقدر الملائكة على الشافعة لأحد ، ثم استثنى ،

فقال : إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا [ آية : ٨٧ ] ، يعنى إلا من اعتقد التوحيد عند

الرحمن جل جلاله ، وهي شهادة ألا إله إلا اللّه وحده لا شريك له .

٨٨

مريم : ٨٨ وقالوا اتخذ الرحمن . . . . .

 وقالوا اتخذ الرحمن ولدا [ آية : ٨٨ ] من الملائكة ، حين   إنهن بنات اللّه

تعالى ، منهم : النضر بن الحارث .

٨٩

مريم : ٨٩ لقد جئتم شيئا . . . . .

يقول اللّه عز وجل : لَقد جئتم شيئاً إِذاً [ آية : ٨٩ ] ، يقول : قلتم قولاً عظيماً ،

نظيرها في بني إسرائيل : إنكم لتقولون قولا عظيما [ الإسراء : ٤٠ ] ، حين  

الملائكة بنات الرحمن عز وجل .

٩٠

مريم : ٩٠ تكاد السماوات يتفطرن . . . . .

 تكاد السماوات يتفطرن منه ، يعنى مما   إن الملائكة بنات الرحمن ،

 وتنشق الأرض من أطرافها وتخر الجبال هدا [ آية : ٩٠ ] ، يعنى وقعا ، وإنما ذكر

السماوات والأرض والجبال ؛ لعظمهن وشدتهن ، مما قالوا من البهتان .

٩١

مريم : ٩١ أن دعوا للرحمن . . . . .

 أن دعوا للرحمن ولدا [ آية : ٩١ ] ، أن   للرحمن ولداً .

٩٢

مريم : ٩٢ وما ينبغي للرحمن . . . . .

 وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا [ آية : ٩٢ ] .

٩٣

مريم : ٩٣ إن كل من . . . . .

 إن كل من في السماوات والأرض من الملائكة وغيرهم ، وعزير ، وعيسى ، ومريم ،

وغيرهم ، فهؤلاء في الأرض إِلا ءاتى الرحمن عبداً [ آية : ٩٣ ] ، يقول : إلا وهو مقر

له بالعبودية .

٩٤

مريم : ٩٤ لقد أحصاهم وعدهم . . . . .

 لقد أحصاهم ، يقول : أحصى أسماءهم في اللوح المحفوظ وعدهم عدا [ آية :

٩٤ ] ، يقول سبحانه : علم عددهم .

٩٥

مريم : ٩٥ وكلهم آتيه يوم . . . . .

 وَكلهم ءاتيه ، يقول : وكل من فيهما جائيه في الآخرة يوم القيامة فردا

[ آية : ٩٥ ] ، يعنى وحده ليس معه من دنياه شيء .

٩٦

مريم : ٩٦ إن الذين آمنوا . . . . .

 إِن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لَهُمُ الرحمن وُداً [ آية : ٩٦ ] ، يقول :

يجعل محبتهم في قلوب المؤمنين فيحبونهم .

٩٧

مريم : ٩٧ فإنما يسرناه بلسانك . . . . .

 فإنما يسرناه بلسانك ، يقول : فإنما بيناه على لسانك يا محمد ، يعنى القرآن ،

 لتبشر به ، يعنى بما في القرآن المتقين الشرك ، يعنى الموحدين ،

 وتنذر به ، يعنى بما في القرآن من الوعيد قوما لدا [ آية : ٩٧ ] ، يعنى جدلاء

خصماً بالباطل ، الأخنس بن شريق .

٩٨

مريم : ٩٨ وكم أهلكنا قبلهم . . . . .

ثم خوف كفار مكة ، فقال سبحانه : وكم أهلكنا قبلهم ، يعنى بالعذاب في

الدنيا من قرن ، يعنى قبل كفار مكة من أمة هل تحس ، يعنى النبي صلى اللّه عليه وسلم ،

يقول : هل ترى منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا [ آية : ٩٨ ] ، يعنى صوتاً يحذر بمثل

عذاب الأمم الخالية ؛ لئلا يكذبوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم .

﴿ ٠