سورة طهسورة مكية ، هي خمس وثلاثون ومائة آية كوفي بسم اللّه الرحمن الرحيم ١طه : ١ طه طه [ آية : ١ ] ٢طه : ٢ ما أنزلنا عليك . . . . . ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى [ آية : ٢ ] وذلك أن أبا جهل والوليد بن المغيرة ، والنضر بن الحارث ، والمطعم بن عدي ، قالوا للنبي ، صلى اللّه عليه وسلم : إنك لتشقى حين تركت دين آبائك فائتنا ببراءة أنه ليس مع إلهك إله ، فقال لهم النبي ، صلى اللّه عليه وسلم : ′ بل بعثت رحمة للعالمين ′ ، بل أنت شقي ، فأنزل اللّه ، عز وجل ، في قولهم للنبي ، صلى اللّه عليه وسلم : طه يعنى يا رجل وهو بالسريانية مَا أَنزلنا عليك القرآن لتقشى يعنى ما أنزلناه عليك . ٣طه : ٣ إلا تذكرة لمن . . . . . إلا تذكرة لمن يخشى [ آية : ٣ ] اللّه . ٤طه : ٤ تنزيلا ممن خلق . . . . . تنزيلا ممن خلق الأرض كلها والسماوات السبع العلي [ آية : ٤ ] يعنى الرفيع من الأرض . ٥طه : ٥ الرحمن على العرش . . . . . الرحمن على العرش استوى [ آية : ٥ ] في التقديم قبل خلق السموات والأرض يعنى استقر . ٦طه : ٦ له ما في . . . . . ثم عظم الرب ، عز وجل ، نفسه فقال : سبحانه : له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى [ آية : ٦ ] يعنى بالثرى الأرض السفلى وتحتها الصخرة والملك والثور والحوت والماء والريح تهب في الهواء . ٧طه : ٧ وإن تجهر بالقول . . . . . وإن تجهر بالقول يعنى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وإن تعلن بالقول فإنه يعلم السر يعنى ما أسر العبد في نفسه و ما وأخفى [ آية : ٧ ] من السر ، مالا يعلم أنه يعلمه ، وهو عامله ، فيعلم اللّه ذلك كله . ٨طه : ٨ اللّه لا إله . . . . . ثم وحد نفسه ، تبارك وتعالى ، إذ لم ′ يوحده ′ كفار مكة ، فقال سبحانه : اللّه لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى [ آية : ٨ ] وهي التي في آخر سورة الحشر ونحوه ، لقولهم : ائتنا ببراءة أنه ليس مع إلهك ٩طه : ٩ وهل أتاك حديث . . . . . وهل أتاك يقول : وقد جاءك حديث موسى [ آية : ٩ ] . ١٠طه : ١٠ إذ رأى نارا . . . . . إذ رءا ناراً ليلة الجمعة في الشتاء بأرض المقدسة فقال لأهله يعني امرأته وولد امكثوا مكانكم إني ءانستُ ناراً يعني أني رأيت ناراً ، وهو نور رب العالمين تبارك وتعالى لعلي ءآتيكم منها بقبس فأقتبس النار لكي تصطلون من البرد أو أجد على النار هدى [ آية : ١٠ ] يعني من يرشدني إلى الطريق وكان موسى ، عليه السلام قد تحير ليلاً وضل الطريق ، فلما انتهى إليها سمع تسبيح الملائكة ورأى نوراً عظيماً فخاف وألقى اللّه عز وجل ، عليه السكينة . ١١طه : ١١ فلما أتاها نودي . . . . . فلما أتاها انتهى إليها نودي يا موسى [ آية : ١١ ] . ١٢طه : ١٢ إني أنا ربك . . . . . إني أنا ربك فاخلع نعليك من قدمتك وكانتا من جلد حمار ميت غير ذكي ، فخلعها موسى ، عليه السلام ، وألقاهما من وراء الوادي إنك بالواد المقدس يعنى بالوادي المطهر طوى [ آية : ١٢ ] وهو اسم الوادي . ١٣طه : ١٣ وأنا اخترتك فاستمع . . . . . وأنا اخترتك يا موسى للرسالة فاستمع لما يوحى [ آية : ١٣ ] يعنى للذي يوحى إليك . ١٤طه : ١٤ إنني أنا اللّه . . . . . والوحي ما ذكر اللّه . عز وجل : إنني أنا اللّه لا إله إلا أنا حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن علقمة بن مرثد ، عن كعب : أن موسى ، عليه السلام ، كلمه ربه مرتين ، ورأى محمد ، صلى اللّه عليه وسلم ربه ، جل جلاله ، مرتين ، وعصى آدم ، عليه السلام ، ربه تعالى ، مرتين . حدثنا عبيد اللّه ، قال : وحدثني أبي ، عن الهذيل ، عن حماد بن عمرو النصيبي ، عن عبد الحميد بن يوسف ، قال صياح الدراج : ′ الرحمن على العرش استوى ′ . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن صيفي بن سالم ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن ، في قوله ، عز وجل : أكاد أخفيها قال : أخفيها من نفسي ، قال هذيل : ولم أسمع مقاتلا . قوله سبحانه : فاعبدني يعنى فوحدني ، فإنه ليس معي إله ، ثم قال تعالى : وأقم الصلاة لذكري [ آية : ١٤ ] يقول : لتذكرني بها ، يا موسى . ١٥طه : ١٥ إن الساعة آتية . . . . . ثم استأنف إِن الساعة ءاتيةُ يقول : إن الساعة جائية لا بد أكاد أخفيها من نفسي في قراءة ابن مسعود ، فكيف يعلمها أحد ، وقد كدت أن أخفيها من نفسي ، لئلا يعلمها مخلوق لتجزى كل نفس يقول سبحانه : الساعة آتية لتجزى كل نفس بر وفاجر بما تسعى [ آية : ١٥ ] إذا جاءت الساعة يعنى بما تعمل في الدنيا . ١٦طه : ١٦ فلا يصدنك عنها . . . . . فلا يصدنك عنها يا محمد ، يعنى عن إيمان بالساعة من لا يؤمن بها يعنى من لا يصدق بها أنها كائنة واتبع هواه ثم قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : فتردى [ آية : ١٦ ] يعنى فتهلك إن صدوك عن الإيمان بالساعة ، فيها تقديم . ١٧طه : ١٧ وما تلك بيمينك . . . . . ثم قال عز وجل ، في مخاطبته لموسى عليه السلام : وما تلك بيمينك يا موسى [ آية : ١٧ ] يعنى عصاه كانت بيده اليمنى ، قال ذلك لموسى عليه السلام ، وهو يريد أن يحولها حية . ١٨طه : ١٨ قال هي عصاي . . . . . قال موسى عليه السلام : هِىَ عصاي أَتوكؤا عليها يقول : أعتمد عليها إذا مشيت وأهش بها على غنمي يقول : أخبط بها الشجر فيتهاش الورق في الأرض ، فتأكله غنمي إذا رعيتها ، وكانت صغاراً لا تعلون الشجر ، وكان موسى عليه السلام ، يضرب بعصاه الشجر فيتهاش الورق في الأرض فتأكله غنمه . ولي فيها يعنى في العصا مَئاربُ أُخرى [ آية : ١٨ ] يعنى حوائج أخرى ، وكان موسى ، عليه السلام ، يحمل زاده وسقاءه على عصاه ، ويضرب الأرض بعصاه فيخرج ما يأكل يومه ، ويركزها في الأرض فيخرج الماء ، فإذا رفعها ذهب الماء ، وتضئ بالليل في غير قمر ليهتدي بها ، ويرد بها غنمه عليه ، فتقيه بإذن اللّه ، عز وجل ، من الآفات ، ويقتل بها الحيات والعقارب بإذن اللّه ، عز وجل . ١٩طه : ١٩ قال ألقها يا . . . . . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن مقاتل ، قال : دفع جبريل ، عليه السلام ، العصا إلى موسى ، عليه السلام ، وهو متوجه إلى مدين بالليل ، واسم العصا نفعة . قال اللّه عز وجل : ألقها يا موسى [ آية : ١٩ ] . ٢٠طه : ٢٠ فألقاها فإذا هي . . . . . فألقاها من يده اليمنى فإذا هي حية تسعى [ آية : ٢٠ ] على بطنها ذكراً أشعر ، له عرف ، فخاف موسى ، عليه السلام ، أن يأخذها . ٢١طه : ٢١ قال خذها ولا . . . . . ف قال له ربه عز وجل : خذها ولا تخف منها سنعيدها سيرتها الأولى [ آية : ٢١ ] يعنى سنعيدها عصا كهيئتها الأولى عصا ، كما كانت أول مرة ، فأهوى موسى بيده إلى ذنبها فقبض عليها ، فصارت عصا كما كانت . ٢٢طه : ٢٢ واضمم يدك إلى . . . . . واضمم يدك يعنى كفك إلى جناحك يعنى عضدك تخرج بيضاء من غيرِ سُوء يعنى من غير برص ، فأخرج يده من مدرعته وكانت مضربة ، فخرجت بيضاء لها شعاع كشعاع الشمس يغشى البصر ، ثم قال : ءايةً أُخرى [ آية : ٢٢ ] يعنى اليد آية أخرى سوى العصا . ٢٣طه : ٢٣ لنريك من آياتنا . . . . . لِنريكَ من ءاياتنا الكُبرى [ آية : ٢٣ ] يعنى اليد ، كانت أكبر وأعجب أمراً من العصا ، فذلك قوله سبحانه : فأراه الآية الكبرى [ النازعات : ٢٠ ] يعنى اليد . ٢٤طه : ٢٤ اذهب إلى فرعون . . . . . أذهب إِلى فرعون إِنه طَغى [ آية : ٢٤ ] يقول : إنه عصى ، فادعوه إلى عبادتي ، وأعلم أني قد ربطت على قبله ؛ فلم يؤمن ، فأتاه ملك خازن من خزان الريح ، فقال له : انطلق لما أمرت . ٢٥طه : ٢٥ قال رب اشرح . . . . . قَالَ موسى رَب اشرح لي صدري [ آية : ٢٥ ] يقول : أوسع لي قلبي ، قال له الملك : انطلق لما أمرت به ، فإن هذا قد عجز عنه جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل عليهم السلام . ٢٦طه : ٢٦ ويسر لي أمري ثم قال موسى : وَيسر لي أَمري [ آية : ٢٦ ] يقول : وهون عليَّ ما أمرتني به من البلاغ إلى فرعون وقومه ، ولا تعسره على . ٢٧طه : ٢٧ واحلل عقدة من . . . . . واحلل عقدةً من لساني [ آية : ٢٧ ] وكان في لسانه رتة يعني الثقل ، هذا الحرف عن محمد بن هانئ . طه : ٢٨ يفقهوا قولي يفقهواْ قولي [ آية : ٢٨ ] يعنى كلامي . ٢٩طه : ٢٩ واجعل لي وزيرا . . . . . واجعل لي وزيراً يقول : بالدخول إلى فرعون ، يعنى عوناً من أهلي [ آية : ٢٩ ] لكي يصدقني فرعون . ٣٠طه : ٣٠ هارون أخي هارونَ أَخي [ آية : ٣٠ ] ٣١طه : ٣١ اشدد به أزري أشدد به أَزري [ آية : ٣١ ] يقول : اشدد به ظهري وليكون عوناً لي . ٣٢طه : ٣٢ وأشركه في أمري وأشركهُ في أمري [ آية : ٣٢ ] الذي أمرتني به ، يتعظون لأمرنا ونتعاون كلانا جميعاً . ٣٣طه : ٣٣ كي نسبحك كثيرا كي نسبحك كثيراً [ آية : ٣٣ ] في الصلاة ٣٤طه : ٣٤ ونذكرك كثيرا ونذكرك كثيراً [ آية : ٣٤ ] باللسان ٣٥طه : ٣٥ إنك كنت بنا . . . . . إِنك كُنتَ بنا بصيراً [ آية : ٣٥ ] يقول : ما أبصرك بنا . ٣٦طه : ٣٦ قال قد أوتيت . . . . . قَالَ عز وجل : قد أُوتيت سُؤلك يا موسى [ آية : ٣٦ ] ومسألتك لنفسك خيراً ، عن العقدة في اللسان ولأخيك . ٣٧طه : ٣٧ ولقد مننا عليك . . . . . ولقد مننا عليك يعنى أنعمنا عليك مع النبوة مَرةً أُخرى [ آية : ٣٧ ] . ٣٨طه : ٣٨ إذ أوحينا إلى . . . . . ثم بين النعمة ، فقال سبحانه : إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى [ آية : ٣٨ ] ، واسمها يوخاند . ٣٩طه : ٣٩ أن اقذفيه في . . . . . أن اقذفيه أن اجعليه في التابوت والمؤمن الذي صنع التابوت اسمه خربيل بن صابوث فاقذفيه في اليم يعنى في نهر مصر ، وهو النيل فليلقه اليم بالساحل على شاطئ البحر يأخذه عدو لي وعدو له يعنى فرعون عدو اللّه ، عز وجل ، وعدو لموسى ، عليه السلام وألقيت عليك محبة مني فألقى اللّه ، عز وجل ، على موسى ، عليه السلام ، المحبة فأحبوه حين رأوه فهذه النعمة الأخرى ولتصنع على عيني [ آية : ٣٩ ] حين قذف التابوت في البحر ، وحين التقط ، وحين غذى ، فكل ذلك بعين اللّه عز وجل ، فلما التقطه جعل موسى لا يقبل ثدي امرأة . ٤٠طه : ٤٠ إذ تمشي أختك . . . . . إذ تمشي أختك مريم فتقول لآل فرعون : هل أدلكم على من يكفله يعنى على من يضمه ويرضعه لكم ، ف نعم ، فذهبت أخته فجاءت بالأم فقبل ثديها ، فذلك قوله سبحانه : فرجعناك إلى أمك يعنى كي تقر عينها ولا تحزن عليك وقتلت حين بلغ أشده ثماني عشرة سنة نفسا بمصر فنجيناك من الغم يعنى من القتل ، وكان مغموماً مخافة أن يقتل مكان القتيل وفتناك فتونا يعنى ابتليناك ببلاء على أثر بلاء ، يعنى بالبلاء النقم منذ يوم ولد إلى أن بعثه اللّه ، عز وجل ، رسولاً فلبثت سنين يعنى عشر سنين في أهل مدين حين كان مع شعيب ، عليهما السلام ثم جئت على قدر يعنى ميقات يا موسى [ آية : ٤٠ ] . ٤١طه : ٤١ واصطنعتك لنفسي واصطنعتك لنفسي [ آية : ٤١ ] وهو ابن أربعين سنة ، يقول : واخترتك لنفسي رسولاً ٤٢طه : ٤٢ اذهب أنت وأخوك . . . . . اذهب أنت وأخوك هارون بئاياتي يعنى اليد والعصا ، وهارون يومئذ غائب بمصر ، فالتقيا موسى وهارون ، عليهما السلام ، من قبل أن يصلا إلى فرعون ولا تنيا في ذكري [ آية : ٤٢ ] يقول : ولا تضعفا في أمري ، في قراءة ابن مسعود : ′ ولا تهنا في ذكرى في البلاغ إلى فرعون ′ يجرئهما على فرعون . ٤٣طه : ٤٣ اذهبا إلى فرعون . . . . . اذهبا إلى فرعون إنه طغى [ آية : ٤٣ ] يقول : عصى اللّه ، عز وجل ، أربعمائة سنة ٤٤طه : ٤٤ فقولا له قولا . . . . . فقولا له قولا لينا يقول : ادعواه بالكنية ، يعنى بالقول اللين ، هل لك إلى أن تزكي ، وأهديك إلى ربك فتخشى لعله يتذكر أو يخشى [ آية : ٤٤ ] . ٤٥طه : ٤٥ قالا ربنا إننا . . . . . قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا يعنى أن يعجل علينا بالقتل أو أن يطغى [ آية : ٤٥ ] يعنى يستعصى . ٤٦طه : ٤٦ قال لا تخافا . . . . . قال لا تخافا القتل إنني معكما في الدفع عنكما ، فذلك قوله سبحانه : فلا يصلون إليكما [ القصص : ٣٥ ] ثم قال : اسمع جواب فرعون واري [ آية : ٤٦ ] يقول : وأعلم ما يقول ، ك قوله : لتحكم بين الناس بما أراك اللّه يعنى بما أعلمك اللّه ، عز وجل . ٤٧طه : ٤٧ فأتياه فقولا إنا . . . . . فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فانقطع كلام اللّه عز وجل لموسى ، عليه السلام ، فلما أتيا فرعون ، قال موسى لفرعون : فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم يقول : ولا تستعبدهم بالعمل ، يعنى ب قوله : معنا ، يعنى نفسه وأخاه قد جئناك بئاية يعنى بعلامة من ربك وهي اليد والعصا وَ السلامُ على من اتبع الهُدى [ آية : ٤٧ ] يقول : والسلام على من آمن باللّه ، عز وجل . ٤٨طه : ٤٨ إنا قد أوحي . . . . . إنا قد أوحي إلينا أن العذاب في الآخرة على من كذب بتوحيد اللّه ، عز وجل وتولى [ آية : ٤٨ ] يعنى وأعرض عنه . ٤٩طه : ٤٩ قال فمن ربكما . . . . . قال فرعون : فمن ربكما يا موسى [ آية : ٤٩ ] ٥٠طه : ٥٠ قال ربنا الذي . . . . . قال ربنا الذي أعطى كُل شيء من الدواب خلقه يعنى صورته التي تصلح له ثم هدى [ آية : ٥٠ ] يقول : هداه إلى معيشته ومرعاه ، فمنها ما يأكل الحب ، ومنها ما يأكل اللحم . ٥١طه : ٥١ قال فما بال . . . . . قال فرعون : يا موسى فما بال القرون الأولى [ آية : ٥١ ] يقول : مؤمن آل فرعون في حم المؤمن : يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم [ غافر : ٣٠ ، ٣١ ] في الهلاك ، فلما سمع ذلك فرعون من المؤمن ، قال لموسى : فما بال القرون الأولى فلم يعلم موسى ما أمرهم ؟ لأن التوراة إنما أزلت على موسى ، عليه السلام ، بعد هلاك فرعون وقومه . ٥٢طه : ٥٢ قال علمها عند . . . . . فمن ثم رد عليه موسى : ف قال علمها عند ربي في كتاب يعنى اللوح المحفوظ لا يضل ربي يعنى لا يخطئ ذلك الكتاب ربي ولا ينسى [ آية : ٥٢ ] ما فيه ، فلما أنزل اللّه ، عز وجل ، عليه التوراة أعلمه ، وبين له فيها القرون الأولى . ٥٣طه : ٥٣ الذي جعل لكم . . . . . ثم ذكر موسى ، عليه السلام ، صنع اللّه ، عز وجل ليعتبر به فرعون ، فقال : الذي جعل لكم الأرض مهدا يعنى فراشاً وسلك لكم يعنى وجعل لكم فيها سبلا يعنى طرقاً في الأرض وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به يعنى بالمطر أزواجا من نبات شتى [ آية : ٥٣ ] من الأرض يعنى مختلفاً من كل لون من النبت منها للدواب ، ومنها للناس . ٥٤طه : ٥٤ كلوا وارعوا أنعامكم . . . . . كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك يعنى فيما ذكر من هذه الآية لآيات يعنى لعبرة لأولي النهى [ آية : ٥٤ ] يعنى لذوي العقول في توحيد اللّه ، عز وجل ، هذا قول موسى ، عليه السلام ، لفرعون . ٥٥طه : ٥٥ منها خلقناكم وفيها . . . . . ثم قال اللّه عز وجل : منها خلقناكم يعنى أول مرة خلقكم من الأرض من التراب الذي ذكر في هذه الآية التي قبلها وفيها نعيدكم إذا متم ومنها نخرجكم يوم القيامة أحياء بعد الموت تارة أخرى [ آية : ٥٥ ] يعنى مرة أخرى . ٥٦طه : ٥٦ ولقد أريناه آياتنا . . . . . ولقد أريناهُ ءاياتنا كُلها يعنى فرعون ، الآيات السبع : الطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، والطمس ، والسنين ، والعصا ، واليد فكذب بها ، بأنها ليست من اللّه ، عز وجل وابي [ آية : ٥٦ ] أن يصدق بها ، وزعم أنها سحر . ٥٧طه : ٥٧ قال أجئتنا لتخرجنا . . . . . قال فرعون لموسى : أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى [ آية : ٥٧ ] ٥٨طه : ٥٨ فلنأتينك بسحر مثله . . . . . اليد والعصا فلنأتينك بسحر مثله يعنى بمثل سحرك فاجعل بيننا وبينك موعدا يعنى وقتاً لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى [ آية : ٥٨ ] يعنى ميقاتاً ، يعنى عدلاً كقوله سبحانه : أصحاب الصراط السوي [ طه : ١٣٥ ] يعنى العدل . ٥٩طه : ٥٩ قال موعدكم يوم . . . . . قال موسى لفرعون : موعدكم يوم الزينة يعنى يوم عيد لهم في كل سنة واحد ، وهو يوم النيروز وأن يحشر الناس ضحى [ آية : ٥٩ ] يعنى نهاراً في اليوم الذي فيه العيد ، مثل قوله : بأسنا ضحى [ الأعراف : ٩٨ ] يعنى نهاراً ، وبعث فرعون شرطة فحشرهم للميعاد . ٦٠طه : ٦٠ فتولى فرعون فجمع . . . . . فتولى فرعون يقول : أعرض فرعون عن الحق الذي دعي إليه فجمع كيده يعني سحرته ثم آتي [ آية : ٦٠ ] ٦١طه : ٦١ قال لهم موسى . . . . . قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على اللّه كذبا لقولهم : إن اليد والعصا ليستا من اللّه ، عز وجل ، وإنها سحر فيسحتكم يعنى فهلككم جميعاً بعذاب وقد خاب يعنى وقد خسر من افترى [ آية : ٦١ ] وقال الكذب على اللّه عز وجل . ٦٢طه : ٦٢ فتنازعوا أمرهم بينهم . . . . . فتنازعوا أمرهم بينهم يعنى اختلفوا في قولهم بينهم نظيرها في الكهف : إذ يتنازعون بينهم أمرهم [ الكهف : ٢١ ] وأسروا النجوى [ آية : ٦٢ ] من موسى وهارون ، عليهما السلام . ٦٣طه : ٦٣ قالوا إن هذان . . . . . فنجواهم أن قالوا إِن هذان لساحرن يُريدان أَن يخرجاكم من أرضكم يعنى أرض مصر بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى [ آية : ٦٣ ] يقول : يغلبانكم على الرجال والأمثال ، جمع أمثل ، وهو الممتاز من الرجال ، من أهل العقول والشرف ، فيتبعون موسى وهارون ، ويتركون فرعون . ٦٤طه : ٦٤ فأجمعوا كيدكم ثم . . . . . فأجمعوا كيدكم يعنى سحركم ، هذا قول فرعون لوجوه سحرة قومه ثم ائتوا صفا يعنى جميعاً وقد أفلح يعنى وقد سعد اليوم من استعلى [ آية : ٦٤ ] يعنى من غلب . ٦٥طه : ٦٥ قالوا يا موسى . . . . . قالوا يا موسى إما أن تلقي عصاك من يدك وإما أن نكون نحن أول من ألقى [ آية : ٦٥ ] . ٦٦طه : ٦٦ قال بل ألقوا . . . . . قال بل ألقوا فلما ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه يعنى إلى موسى من سحرهم أنها تسعى [ آية : ٦٦ ] وكانت حبالاً وهي ولا تتحرك . ٦٧طه : ٦٧ فأوجس في نفسه . . . . . فأوجس يعنى فوقع في نفسه خيفة موسى [ آية : ٦٧ ] يعنى خاف موسى إن صنع القوم مثل صنعه أن يشكوا فيه فلا يتبعوه ، ويشك فيه من تابعه ٦٨طه : ٦٨ قلنا لا تخف . . . . . قُلنا لا تخف إِنك أَنت الأَعلى [ آية : ٦٨ ] يعنى الغالب نظيرها وأَنتم الأعلون [ آل عمران : ١٣٩ ، محمد : ٣٥ ] الغالبون ، هذا قول جبريل لموسى ، عليه السلام ، عن أمر به ، عز وجل ، وهو على يمينه تلك الساعة . ٦٩طه : ٦٩ وألق ما في . . . . . وَأَلقى ما في يمينكَ يعنى عصاه ، ففعل ، فإذا هي حية تلقف يقول : تلقم مَا صنعوا من السحر حتى تلقمت الحبال والعصي إِنما صنعوا كيدُ ساحرٍ يقول : إن الذي عملوا هو عمل ساحر ، يعنى كبيرهم ، وما صنع موسى فليس بسحر ولا يُفلح الساحرُ حيث أَتى [ آية : ٦٩ ] أينما كان الساحر فلا يفلح . ٧٠طه : ٧٠ فألقي السحرة سجدا . . . . . فألقى السحرة سجداً للّه تبارك وتعالى ، وكانوا ثلاثة وسبعين ساحراً أكبرهم اسمه شمعون ، فلما التقمت الحبال والعصي ألقاهم اللّه ، عز وجل ، على وجوههم سجداً قالوا ءامنا يعنى صدقنا بِرب هارونَ وموسى [ آية : ٧٠ ] . ٧١طه : ٧١ قال آمنتم له . . . . . قالَ فرعون ءامنتم لَهُ يعنى صدقتم لموسى قبل أَن ءاذن لكم يقول : قبل أن آمركم بالإيمان لموسى إِنهُ لكبيركم يعنى لعظيمكم في السحر ، هو الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلافٍ يعنى اليد اليمنى والرجل اليسرى وَلأصلبنكم في جذوع النخل مثل قوله تعالى : أم لهم سلم يستمعون فيه . . . . [ الطور : ٣٨ ] يعنى عليه ولتعلمن أينا أَشد عذاباً وأَبقى [ آية : ٧١ ] أنا أو رب موسى وهارون وأَبقى وأدوم عذاباً . ٧٢طه : ٧٢ قالوا لن نؤثرك . . . . . قالوا يعنى قالت السحرة : لن نؤثركَ يعنى لن نختارك على ما جاءنا من البينات يعنون اليد والعصا و لا على والذي فطرنا يعنى خلقنا ، يعنون ربهم ، عز وجل ، الذي خلقهم فاقض يعنى فاحكم فينا ما أَنت قاضٍ يعنى حاكم من القطع والصلب إِنما تقضي هذه الحياة الدنيا [ آية : ٧٢ ] . ٧٣طه : ٧٣ إنا آمنا بربنا . . . . . إِنا ءامنا بربنا يقول : إنا صدقنا بتوحيد اللّه ، عز وجل ليغفر لنا خطايانا يقول : سحرنا و يغفر لنا وما الذي أَكرهتنا عليه يعنى ما جبرتنا عليه من السحر واللّه خيرٌ وأَبقى [ آية : ٧٣ ] يقول اللّه جل جلاله أفضل منك وأدوم منك يا فرعون ، فإنك تموت ويبقى الرب وحده تعالى جده ؛ لقول فرعون : . . . أينا أشد عذاباً وأبقى [ طه : ٧١ ] . ٧٤طه : ٧٤ إنه من يأت . . . . . إنه من يأت ربه مجرما يعنى مشركاً في الآخرة ، وأنت هو يا فرعون فإن له جهنم لا يموت فيها فيستريح ولا يحيى [ آية : ٧٤ ] فتنفعه الحياة ، نظيرها في سبح اسم ربك الأعلى [ الأعلى : ١ ] . ٧٥طه : ٧٥ ومن يأته مؤمنا . . . . . ومن يأته في الآخرة مؤمنا يعنى مصدقاً بتوحيد اللّه ، عز وجل قد عمل الصالحات من الأعمال فأولئك لهم الدرجات العلى [ آية : ٧٥ ] يعنى الفضائل الرفيعة في الجنة من الأعمال . ٧٦طه : ٧٦ جنات عدن تجري . . . . . جنات عدن تجري من تحتها الأنهار يعنى تحت البساتين الأنهار خالدين فيها لا يموتون وذلك جزاء يعنى الخلود جزاء من تزكى [ آية : ٧٦ ] . ٧٧طه : ٧٧ ولقد أوحينا إلى . . . . . ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي ليلاً بأرض مصر فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا من آل فرعون من ورائك ولا تخشى [ آية : ٧٧ ] الغرق في البحر أمامك ؛ لأن بني إسرائيل قالوا لموسى : هذا فرعون قد لحقنا بالجنود ، وهذا البحر قد غشينا ، فليس لنا منقذ ، فنزلت : لا تخاف دركا ولا تخشى أوجب ذلك على نفسه تعالى : ٧٨طه : ٧٨ فأتبعهم فرعون بجنوده . . . . . فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم [ آية : ٧٨ ] يعنى الغرق ، ٧٩طه : ٧٩ وأضل فرعون قومه . . . . . وأضل فرعون قومه القبط وما هدى [ آية : ٧٩ ] يقول : وما هداهم ، وذلك أن فرعون قال لقومه في حم المؤمن : ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد [ غافر : ٢٩ ] ، فأضلهم ولم يهدهم ، فذلك قوله عز وجل : وما هدى . ٨٠طه : ٨٠ يا بني إسرائيل . . . . . كما قال تعالى : يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم فرعون وقومه وواعدناكم جانب الطور الأيمن يعنى حين سار موسى مع السبعين عن يمين الجبل ، فأعطى التوراة ونزلنا عليكم المن والسلوى [ آية : ٨٠ ] في التيه ، أما المن فالترنجبين كان بين أعينهم بالليل على شجرهم أبيض كأنه الثلج ، حلو مثل العسل ، فيغدون عليه فيأخذون منه ما يكفيهم يومهم ذلك ، ولا يرفعون منه لغد ، ويأخذون يوم الجمعة ليومين ؛ لأن السبت كان عندهم لا يسيحون فيه ولا يعملون فيه ، هذا لهم وهم في التيه مع موسى عليه السلام ، وتنبت ثيابهم مع أولادهم ، أما الرجال فكانت ثيابهم لا تبلى ، ولا تخرف ، ولا تدنس ، وأما السلوى وهو الطير ، وذلك أن بني إسرائيل سألوا موسى اللحم وهم في التيه ، فسأل موسى ، عليه السلام ، ربه عز وجل ذلك ، فقال اللّه : لأطعمنهم أقل الطير لحماً فبعث اللّه سبحانه سحاباً فأمطرت سماناً ، وجمعتهم الريح الجنوب ، وهي طير حمر تكون في طريق مصر ، فمطرت قدر ميل في عرض الأرض ، وقدر طول رمح في السماء . ٨١طه : ٨١ كلوا من طيبات . . . . . يقول اللّه تعالى ذكره : كلوا من طيبات ما رزقناكم يعنى بالطيبات الحلال من الرزق ولا تطغوا فيه يقول : ولا تعصوا في الرزق ، يعنى فيما رزقناكم من المن والسلوى فترفعوا منه لغد ، وكان اللّه سبحانه قد نهاهم أن يرفعوا منه لغد فعصوا اللّه ، عز وجل ، ورفعوا منه ، وقددوا ، فتدود ونتن ، ولولا صنيع بني إسرائيل لم يتغير الطعام أبداً ولولا حواء زوج آدم ، عليهما السلام ، لم تخن أنثى زوجها الدهر ، فذلك قوله : ولا تطغوا فيه كقوله تعالى لفرعون إنه طغى يعنى عصى فيحل عليكم غضبي يعنى فيجب عليكم عذابي ومن يحلل عليه غضبي عذابي فقد هوى [ آية : ٨١ ] يقول : ومن وجب عليه عذابي فقد هلك . ٨٢طه : ٨٢ وإني لغفار لمن . . . . . وإني لغفار لمن تاب من الشرك عن عبادة العجل وءامن يعنى وصدق بتوحيد اللّه ، عز وجل وعمل صالحا ثم اهتدى [ آية : ٨٢ ] يعنى عرف أن لعمله ثواباً يجازى به كقوله سبحانه : وبالنجم هم يهتدون [ النحل : ١٦ ] يعنى يعرفون الطريق . ٨٣طه : ٨٣ وما أعجلك عن . . . . . وما أعجلك عن قومك يا موسى [ آية : ٨٣ ] ، يعنى السبعين الذين اختارهم موسى حين ذهبوا معه إلى الطور ليأخذوا التوراة من ربه ، عز وجل ، فلما ساروا عجل موسى ، عليه السلام ، شوقاً إلى ربه تبارك وتعالى ، وخلف السبعين ، وأمرهم أن يتبعوه إلى الجبل ، فقال اللّه عز وجل له : وما أعجلك عن قومك ؟ السبعين . ٨٤طه : ٨٤ قال هم أولاء . . . . . قال لربه جل وعز : هم أولاء على أثري يجيئون من بعدي وعجلت يعنى أسرعت إليك رب لترضى [ آية : ٨٤ ] يقول : حتى ترضى عني . ٨٥طه : ٨٥ قال فإنا قد . . . . . قال اللّه جل جلاله : فإنا قد فتنا قومك يعني الذين خلفهم مع هارون على ساحل البحر سوى السبعين من بعدك بالعجل وأضلهم السامري [ آية : ٨٥ ] حين أمرهم بعبادة العجل وكانوا أثنى عشر ألفا . ٨٦طه : ٨٦ فرجع موسى إلى . . . . . فرجع موسى من الجبل إلى قومه غضبان عليهم أسفا حزيناً لعبادتهم العجل قال لهم ياقوم أَلم يعدكم ربكم وعداً حَسناً يعنى حقاً كقوله سبحانه في البقرة : وقولوا للناس حسنا [ البقرة : ٨٠ ] يعنى حقاً في محمد صلى اللّه عليه وسلم ، أن يعطيكم التوراة فيها بيان كل شيء ، والوعد حين قال عز وجل : وواعدناكم جانب الطور الأيمن [ طه : ٨٠ ] حين سار موسى مع السبعين ليأخذوا التوراة ، فطال عليهم العهد ، يعنى ميعاده إياهم أربعين يوماً ، فذلك قوله تعالى : أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب يعنى أَن يجب عليكم عذاب ، كقوله تعالى : قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب [ الأعراف ] يعنى عذاب من ربكم فأخلفتم موعدي [ آية : ٨٦ ] يعنى الأربعين يوماً ، وذلك أنهم عدوا الأيام والليالي ، فعدوا عشرين يوماً وعشرين ليلة ، ثم قالوا لهارون : قد تم الأجل الذي كان بيننا وبين موسى ، فعند ذلك أضلهم السامري . ٨٧طه : ٨٧ قالوا ما أخلفنا . . . . . قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ونحن نملك أمرنا ولكنا حملنا أوزارا يعنى خطاباً ؛ لأن ذلك حملهم على صنع العجل وعبادته من زينة القوم يقول : من حلي آل فرعون الذهب والفضة ، وذلك أنه لما مضى خمسة وثلاثون يوماً ، قال لهم السامري وهو من بني إسرائيل : يا أهل مصر ، إن موسى لا يأتيكم ، فانظروا هذا الوزر ، هو الرجس الذي على نسائكم وأولادكم من حلي آل فرعون الذي أخذتموه منهم غصباً ، فتطهروا منه ، واقذفوه في النار . ففعلوا ذلك وجمعوه فعمد السامري ؛ فأخذه ثم صاغه عجلاً لست وثلاثين يوماً ، وسبعة وثلاثين يوماً ، وثمانية وثلاثين يوماً ، فصاغه في ثلاثة أيام ، ثم قذف القبضة التي أخذها من أثر حافر فرس جبريل ، عليه السلام ، فخار العجل خورة واحدة ، ولم يثن ، فأمرهم السامري بعبادة العجل لتسعة وثلاثين يوماً ، ثم أتاهم موسى ، عليه السلام ، من الغد لتمام أربعين يوماً ، فذلك قوله سبحانه فقذفناها فكذلك يعنى هكذا ألقى السامري [ آية : ٨٧ ] الحلي في النار . ٨٨طه : ٨٨ فأخرج لهم عجلا . . . . . فأخرج لهم عجلا جسدا يعنى بالجسد أنه لا روح فيه له خوار يعنى له صوت فقالوا قال السامري وحده : هذا إلهكم وإله موسى معشر بني إسرائيل ، وذلك أن بني إسرائيل لما عبروا البحر مروا على العمالقة وهم عكوف على أصنام لهم ، قالوا لموسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، فاغتنمها السامري ، فلما اتخذه قال : هذا إلهكم وإله موسى معشر بني إسرائيل فنسي [ آية : ٨٨ ] يقول : فترك موسى ربه وهو هذا ، وقد ذهب موسى يزعم خطاب ربه ، يقول اللّه جل جلاله . ٨٩طه : ٨٩ أفلا يرون ألا . . . . . أفلا يعنى أفهلا يرون ألا أنه يرجع إليهم قولا أنه لا يكلمهم العجل ولا يملك يقول : لا يقدر لهم ضرا يقول : لا يقدر العجل على أن يرفع عنهم سوءاً ولا نفعا [ آية : ٨٩ ] يقول : ولا يسوق إليهم خيراً . ٩٠طه : ٩٠ ولقد قال لهم . . . . . ولقد قال لهم هارون من قبل أن يأتيهم موسى من الطور ياقوم إِنما فتنتم بِهِ يعنى ابتليتم بالعجل وإن ربكم الرحمن فاتبعوني على ديني وأطيعوا أمري [ آية : ٩٠ ] يعنى قولي . ٩١طه : ٩١ قالوا لن نبرح . . . . . قالوا لن نبرح عليه عاكفين قالوا لن نبرح على العجل واقفين نعبده ، كقوله سبحانه : لا أبرح يعنى لا أزال حتى أبلغ مجمع البحرين [ الكهف : ٦٠ ] حتى يرجع إلينا موسى [ آية : ٩١ ] . ٩٢طه : ٩٢ قال يا هارون . . . . . فلما رجع موسى قال لهارون : يا هرونُ منعك إِذ رأيتهم ضلواْ [ آية : ٩٢ ] يعنى أشركوا ٩٣طه : ٩٣ ألا تتبعن أفعصيت . . . . . ألا تتبعن يقول ألا اتبعت أمري فأنكرت عليهم أفعصيت أمري [ آية : ٩٣ ] يقول افتركت قولي ، كقوله سبحانه : ولا تطيعوا أمر المسرفين [ الشعراء : ١٥١ ] . ٩٤طه : ٩٤ قال يا ابن . . . . . قال هارون لموسى عليهما السلام : يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي فإني لو أنكرت لصاروا حزبين يقتل بعضهم بعضا و إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي [ آية : ٩٤ ] يقول ولم تحفظ وصيتي في الأعراف قوله سبحانه لهارون : اخلفني في قومي وأصلح [ الأعراف : ١٤٢ ] وكان هارون أحب بني إسرائيل من موسى ، صلى اللّه عليهما ، ولقد سمت بنو إسرائيل على اسم هارون سبعين ألفاً من حبه ، عليه السلام . ٩٥طه : ٩٥ قال فما خطبك . . . . . قال فما خطبك يعنى فما أمرك ؟ يا سمريُ [ آية : ٩٥ ] يقول : فما حملك على ما أرى ٩٦طه : ٩٦ قال بصرت بما . . . . . قال السامري : بصرت بما لم يبصروا به يقول : بما لم يفطنوا به يقول : عرفت لم يعرفوه من أمر فرس جبريل ، عليه السلام فقبضت قبضة من أثر فرس الرسول يعنى تحت فرس جبريل ، عليه السلام فنبذتها في النار على أثر الحلي وكذلك سولت لي نفسي [ آية : ٩٦ ] يقول : هكذا زينت لي نفسي أن أفعل ذلك ٩٧طه : ٩٧ قال فاذهب فإن . . . . . قال فأذهب فإن لك في الحيوة إلى أن تموت أَن تقول لا مساسَ يعنى لا تخالط الناس وإن لك في الآخرة موعداً يعنى يوم القيامة لن تخلفهُ يقول : لن تغيب عنه وانظر إِلى إِلهكَ يعنى العجل الذي ظلت عليه عاكفاً يقول : أقمت عليه عابداً له لنحرقنهُ بالنار وبالمبرد ثم لننسفنهُ في اليمِ نسفاً [ آية : ٩٧ ] يقول : لننبذنه في اليم نبذاً . ٩٨طه : ٩٨ إنما إلهكم اللّه . . . . . إنما إلهكم اللّه الذي لا إله إلا هو وسع يعنى ملأ كُل شيء علماً [ آية : ٩٨ ] فعلمه تبارك وتعالى . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، قال : علم عز وجل من يعبده ، ومن لا يعبده قبل خلقهم ، جل جلاله . ٩٩طه : ٩٩ كذلك نقص عليك . . . . . كذلك يعنى هكذا نقص عليكَ يا محمد من أنباءِ يعنى من أحاديث ما قد سبق من قبلك من الأمم الخالية وقد ءاتيناك من لدنا ذكراً [ آية : ٩٩ ] يقول : قد أعطيناك من عندنا تبياناً يعنى القرآن . ١٠٠طه : ١٠٠ من أعرض عنه . . . . . من أَعرض عنهُ يعنى عن إيمان بالقرآن فإنه يحملُ يومَ القيامة وزراً [ آية : ١٠٠ ] يعنى إثماً بإعراضه عن القرآن يحمله على ظهره . ١٠١طه : ١٠١ خالدين فيه وساء . . . . . خالدين فيهِ يعني في الوزر في النار وساء لهم يعنى وبئس لهم يوم القيامة حملاً [ آية : ١٠١ ] يعنى إثماً ، والوزر هو الخطأ الكبير . ١٠٢طه : ١٠٢ يوم ينفخ في . . . . . يَومَ ينفخُ في الصور ونحشرُ المُجرمينَ يعنى المشركين إلى النار يومئذ زُرقاً [ آية : ١٠٢ ] زرق الأعين . ١٠٣طه : ١٠٣ يتخافتون بينهم إن . . . . . يتخافتونَ يعنى يتساءلون بينهم يقول بعضهم لبعض : إِن يعنى ما لبثتم إِلا عشراً [ آية : ١٠٣ ] يعنى عشر ليال . ١٠٤طه : ١٠٤ نحن أعلم بما . . . . . نحنُ أَعلم بما يقولونَ إِذ يقولُ أَمثلهم طريقةً يعنى أمثلهم نجوى ورأيا إِن لبثتم في القبور إِلا يوماً [ آية : ١٠٤ ] واحداً . ١٠٥طه : ١٠٥ ويسألونك عن الجبال . . . . . ويسئلونك عن الجبال نزلت في رجل من ثقيف فقل ينسفها ربي نسفاً [ آية : ١٠٥ ] من الأرض من أصولها . ١٠٦طه : ١٠٦ فيذرها قاعا صفصفا فيذرها قاعاً لا تراب فيها صَفصفاً [ آية : ١٠٦ ] لا نبت فيها . ١٠٧طه : ١٠٧ لا ترى فيها . . . . . لا ترى فيها عوجاً يعنى خفضاً ولا أمتاً [ آية : ١٠٧ ] يعنى رفعاً . ١٠٨طه : ١٠٨ يومئذ يتبعون الداعي . . . . . يومئذ يتبعونَ الداعي يعنى صوت الملك الذي هو قائم على صخرة بيت المقدس ، وهو إسرافيل ، عليه السلام ، حين ينفخ في الصور ، يعنى في القرن ، لا يزيغون ولا يروغون عنه يميناً ولا شمالاً ، يعنى لا يميلون عنه ، كقوله سبحانه : . . . تبغونها عوجاً . . . [ آل عمران : ٩٩ ] يعنى زيغاً وهو الميل لا عوجَ لَهُ يعنى عنه ، يستقيمون قبل الصوت نظيرها . . . . ولم يجعل له عوجاً . . . [ الكهف : ١ ] وخشعتِ الأصوات للرحمن فلا تسمعُ إِلا همساً [ آية : ١٠٨ ] إلا خفياً من الأصوات مثل وطء الأقدام . ١٠٩طه : ١٠٩ يومئذ لا تنفع . . . . . يومئذ لا تنفعُ الشفاعةُ يعنى شفاعة الملائكة إِلا من أَذن له الرحمنُ أن يشفع له ورضى لهُ قولاً [ آية : ١٠٩ ] يعنى التوحيد . ١١٠طه : ١١٠ يعلم ما بين . . . . . يعلمُ اللّه عز وجل ما بين أيديهم وما خلفهُم يقول : ما كان قبل أن يخلق الملائكة ، وما كان بعد خلقهم ولا يحيطون به عليماً [ آية : ١١٠ ] يعنى باللّه عز وجل علماً هو أعظم من ذلك . ١١١طه : ١١١ وعنت الوجوه للحي . . . . . وعنت الوجوه يعنى استسلمت الوجوه للحي الذي لا يموت القيوم يعني القائم على كل شيء وقد خاب من حمل ظلما [ آية : ١١١ ] يقول : وقد خسر من حمل شركاً يوم القيامة على ظهره . ١١٢طه : ١١٢ ومن يعمل من . . . . . ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن مصدق بتوحيد اللّه عز وجل فلا يخاف ظلما في الآخرة ، يعنى أن تظلم حسناته كلها حتى لا يجازى بحسناته كلها ولا هضما [ آية : ١١٢ ] يعنى ولا ينقص منها شيئاً ، مثل قوله عز وجل : فلا يخاف بخسا ولا رهقا [ الجن : ١٣ ] . ١١٣طه : ١١٣ وكذلك أنزلناه قرآنا . . . . . وكذلك يعنى وهكذا أَنزلناهُ قرءاناً عربياً ليفقهوه وصرفنا يعنى وصنفنا فيه يعنى لوناً فيه ، يعنى في القرآن من ألوان الوعيد للأمم الخالية في الدنيا من الحصب ، والخسف ، والغرق ، والصيحة ، فهذا الوعيد لهم لعلهم يعنى لكي يتقون يعنى لكي يخلصوا التوحيد بوعيدنا في القرآن أو يحدث لهم يعنى الوعيد ذكرا [ آية : ١١٣ ] عظة فيخافون فيؤمنون . ١١٤طه : ١١٤ فتعالى اللّه الملك . . . . . فتعالى اللّه يعنى ارتفع اللّه الملك الحق لأن غيره ، عز وجل ، وما سواه من الآلهة باطل ولا تعجل بالقرءان وذلك أن جبريل ، عليه السلام ، كان إذا أخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم ، بالوحي لم يفرغ جبريل ، عليه السلام ، من آخر الكلام ، حتى يتكلم النبي صلى اللّه عليه وسلم ، بأوله ، فقال اللّه عز وجل : ولا تعجل بقراءة القرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه يقول : من قبل أن يتمه لك جبريل ، عليه السلام وقل رب زدني علما [ آية : ١١٤ ] يعنى قرآناً . ١١٥طه : ١١٥ ولقد عهدنا إلى . . . . . ولقد عهدنا إِلىءادم من قبل محمد صلى اللّه عليه وسلم ، ألا يأكل من الشجرة فنسي يقول : فترك آدم العهد ، ك قوله : وإله موسى فنسي [ طه : ٨٨ ] يقول : ترك ، وكقوله سبحانه : إنا نسيناكم [ السجدة : ١٤ ] يقول : تركناكم ، وك قوله : فنسوا حظا [ المائدة : ١٤ ] يعنى تركوا ، فلما نسى العهد سمى الإنسان ، فأكل منها ولم نجد له عزما [ آية : ١١٥ ] يعنى صبراً عن أكلها . ١١٦طه : ١١٦ وإذ قلنا للملائكة . . . . . وإذ قلنا يعنى وقد قلنا للملائكة اسجدوا لآدم إذ نفخ فيه الروح فسجدوا ثم استثنى فقال : إلا إبليس لم يسجد ف أبى [ آية : ١١٦ ] أن يسجد . ١١٧طه : ١١٧ فقلنا يا آدم . . . . . فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك حواء فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى [ آية : ١١٧ ] بالعمل بيديك ، وكان يأكل من الجنة رغداً من غير أن يعمل بيده ، فلما أصاب الخطيئة أكل من عمل يده ، فكان يعمل ويأكل ١١٨طه : ١١٨ إن لك ألا . . . . . إن لك يا آدم ألا تجوع فيها ولا تعرى [ آية : ١١٨ ] . ١١٩طه : ١١٩ وأنك لا تظمأ . . . . . وَأَنك لا تظمؤا فيها يعنى لا تعطش في الجنة ولا تضحى [ آية : ١١٩ ] يقول : لا يصيبك حر الشمس ، فيؤذيك فتفرق . ١٢٠طه : ١٢٠ فوسوس إليه الشيطان . . . . . فوسوس إليه الشيطان يعنى إبليس وحده ف قال يا آدم هل أدلك يقول : ألا أدلك على شجرة الخلد من أكل منها خلد في الجنة فلا يموت و على وملك لا يبلى [ آية : ١٢٠ ] يقول : لا يفنى . ١٢١طه : ١٢١ فأكلا منها فبدت . . . . . فَأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما يقول : ظهرت لهما عوراتهما وطفقا يخصفان عليهما يقول : وجعلا يخصفان ، يقول : يلزقان الورق بعضه على بعض مِن ورق الجنة ورق التين ليستتروا به في الجنة وعصى آدم ربه فغوى [ آية : ١٢١ ] . يعنى فضل وتولى عن طاعة ربه ، عز وجل . ١٢٢طه : ١٢٢ ثم اجتباه ربه . . . . . ثُم اجتباهُ ربهُ يعنى استخلصه ربه عز وجل فتاب عليه من ذنبه وهدى [ آية : ١٢٢ ] يعنى وهداه للتوبة . ١٢٣طه : ١٢٣ قال اهبطا منها . . . . . قال اهبطا منها جميعاً يعنى آدم وإبليس بعضكم لبعض عَدُوٌ يقول : إبليس وذريته عدو لآدم وذريته فإما يعنى فإن يأتينكم يعنى ذرية آدم مني هُدى يعنى رسلاً معهم كتب فيها البيان فمن اتبع هُداى يعنى رسلي وكتابي فَلاَ يضل في الدنيا ولا يشقى [ آية : ١٢٣ ] في الآخرة . ١٢٤طه : ١٢٤ ومن أعرض عن . . . . . ومن أَعرض عن ذكري يعنى عن إيمان بالقرآن نزلت في الأسود بن عبد الأسود المخزومي ، قتله حمزة بن عبد المطلب يوم بدر على الحوض فإِن لَهُ معيشة ضنكاً يعنى معيشة سوء لأنها في معاصي اللّه عز وجل الضنك والضيق ونحشرهُ يوم القيامة أَعمى [ آية : ١٢٤ ] عن حجته . ١٢٥طه : ١٢٥ قال رب لم . . . . . قَالَ ربِّ لم حشرتني أَعمى عن حجتي وقد كُنتُ بصيراً [ آية : ١٢٥ ] في الدنيا عليماً بها ، وهذا مثل قوله سبحانه : هلك عني سلطانية [ الحاقة : ٢٩ ] يعنى ضلت عني حجتي ، وهذا قوله حين شهدت عليه الجوارح بالشرك والكفر . ١٢٦طه : ١٢٦ قال كذلك أتتك . . . . . قال اللّه تعالى كذلكَ يعنى هكذا أَتتكَ ءايتنا يعنى آيات القرآن فنسيتها يعنى فتركت إيماناً بآيات القرآن وكذلك اليوم تنسى [ آية : ١٢٦ ] في الآخرة تترك في النار ، ولا تخرج منها ، ولا نذكرك . ١٢٧طه : ١٢٧ وكذلك نجزي من . . . . . وكذلك نجزى من أَسرف يعنى وهكذا نجزي من أشرك في الدنيا بالنار في الآخرة ولم يُؤمن بئايت ربه يقول : ولم يؤمن بالقرآن ولعذاب الآخرة أَشد مما أصابه في الدنيا من القتل ببدر وَأَبقى [ آية : ١٢٧ ] يعنى وأدوم من عذاب الدنيا ، ثم خوف كفار مكة . ١٢٨طه : ١٢٨ أفلم يهد لهم . . . . . فقال سبحانه أَفلم يهد لهم يقول : أو لم نبين لهم كم أهلكنا بالعذاب قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم يقول : يمرون في قراهم فيرون هلاكهم يعنى عاداً وثموداً ، وقوم لوط ، وقوم شعيب إن في ذلك يعنى إن في هلاكهم بالعذاب في الدنيا لآيات لعبرة لأولي النهى [ آية : ١٢٨ ] يعنى لذوي العقول فيحذرون مثل عقوبتهم . ١٢٩طه : ١٢٩ ولولا كلمة سبقت . . . . . ولولا كلمة سبقت من ربك في تأخير العذاب عنهم إلى تلك المدة لكان لزاما وأجل مسمى [ آية : ١٢٩ ] يعنى يوم القيامة لكان لزاما للزمهم العذاب في الدنيا كلزوم الغريم الغريم . ١٣٠طه : ١٣٠ فاصبر على ما . . . . . فاصبر على ما يقولون من تكذيبهم إياك بالعذاب وسبح بحمد ربك يعنى صل بأمر ربك قبل طلوع الشمس يعنى الفجر وقبل غروبها يعنى الظهر والعصر ومن ءانائ اليل يعنى المغرب والعشاء فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى [ آية : ١٣٠ ] يا محمد في الآخرة بثواب اللّه عز وجل . قال مقاتل : كانت الصلاة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي ، فلما عرج بالنبي صلى اللّه عليه وسلم فرضت عليه خمس صلوات ركعتين ركعتين غير المغرب ، ، فلما هاجر إلى المدينة أمر بتمام الصلوات ولها ثلاثة أحوال . ١٣١طه : ١٣١ ولا تمدن عينيك . . . . . ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم يعنى كفار مكة من الرزق أصنافاً منهم من الأموال ، فإنها زهرة يعنى زينة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه يقول : أعطيناهم ذلك لكي نبتليهم ورزق ربك في الآخرة يعنى الجنة خير وأبقى [ آية : ١٣١ ] يعنى أفضل وأدوم وأبقى مما أعطى كفار مكة . ١٣٢طه : ١٣٢ وأمر أهلك بالصلاة . . . . . وأمر أهلك يعنى قومك بالصلاة كقوله سبحانه : وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة [ مريم : ٥٥ ] يعنى قومه واصطبر عليها يعنى الصلاة ، فإنا لا نسألك رزقا إنما نسألك العبادة نحن نرزقك والعاقبة للتقوى [ آية : ١٣٢ ] يعنى عاقبة التقوى دار الجنة ، لقوله عز وجل : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد يطعمون [ الذاريات : ٥٦ ، ٥٧ ] إنما أريد منهم العبادة . ١٣٣طه : ١٣٣ وقالوا لولا يأتينا . . . . . وقالوا أي كفار مكة : لولا يعنى هلا يأتينا بئايةٍ من ربهِ فتعلم أنه نبي رسول كما كانت الأنبياء تجئ بها إلى قومهم ، يقول اللّه عز وجل : أَولم تَأَتهم بينةُ ما في الصُحُفِ الأُولىَ [ آية : ١٣٣ ] يعنى بيان كتب إبراهيم وموسى الذي كان قبل كتاب محمد ، صلى اللّه عليهم أجمعين . ١٣٤طه : ١٣٤ ولو أنا أهلكناهم . . . . . ولو أنا أهلكناهم بعذاب في الدنيا من قبله يعنى من قبل هذا القرآن في الآخرة لقالوا ربنا لولا يعنى هلا أرسلت إلينا رسولا معه كتاب فنتبعِ ءاياتكَ يعنى آيات القرآن من قبل أن نذل يعنى نستذل ونخزى [ آية : ١٣٤ ] يعنى ونعذب في الدنيا ، نظيرها في القصص . ١٣٥طه : ١٣٥ قل كل متربص . . . . . قل كل متربص وذلك أن كفار مكة ، نتربص بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، الموت لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، أوعدهم العذاب في الدنيا ، فأنزل اللّه عز وجل : قل لكفار مكة كل متربص أنتم بمحمد الموت ، ومحمد يتربص بكم العذاب في الدنيا فتربصوا فستعلمون إذا نزل بكم العذاب في الدنيا من أصحاب الصراط السوي يعنى العدل أنحن أم أنتم ومن اهتدى [ آية : ١٣٥ ] منا ومنكم . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، قال : سمعت الواقدي ، ولم أسمع مقاتلاً يحدث عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب ، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، في قوله عز وجل : خيرا منه زكاة وأقرب رحما [ الكهف : ٨١ ] قال : أعقبت بعد ذلك غلاماً . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي الهذيل ، عن المسيب ، عن السدي ، ومقاتل ، عن حذيفة ، أنه لما حان للخضر وموسى ، عليهما السلام ، أن يفترقا ، قال له الخضر : يا موسى ، لو صبرت لأتيت على ألف عجيبة أعجب مما رأيت ، قال : فبكى موسى على فراقه . فقال موسى للخضر : أوصني يا نبي اللّه ، قال له الخضر : يا موسى ، اجعل همك في معادك ، ولا تخض فيما لا يعنيك ، ولا تأمن الخوف في أمنك ، ولا تيأس من الأمن في خوفك ، ولا تذر الإحسان في قدرتك ، وتدبر الأمور في عاقبتك . قال له موسى عليه السلام : زدني رحمك اللّه ، قال له الخضر : إياك والإعجاب بنفسك ، والتفريط فيما بقى من عمرك ، وأحذر من لا يغفل عنك ، قال له موسى ، صلى اللّه عليهما : زدني رحمك اللّه ، قال له الخضر : إياك واللجاجة ، ولا تمش في غير حاجة ، ولا تضحك من غير عجب ، ولا تعيرن أحداً من الخاطئين بخطاياهم بعد الندم ، وأبك على خطيئتك يا بن عمران . قال له موسى صلى اللّه عليه وسلم : قد أبلغت في الوصية ، فأتم اللّه عليك نعمته ، وغمرك في رحمته ، وكلأك من عدوه ، قال له الخضر : آمين ، فأوصني يا موسى . قال له موسى : إياك والغضب إلا في اللّه تعالى ، ولا ترض عن أحد إلا في اللّه عز وجل ، ولا تحب لدنيا ، ولا تبغض لدنيا تخرج من الإيمان ، وتدخلك في الكفر . قال الخضر ، عليهما السلام : قد أبلغت في الوصية ، فأعانك اللّه على طاعته ، وأراك السرور في أمرك ، وحببك إلى خلقه ، وأوسع عليك من فضله ، قال له موسى : آمين . فبينما هما جلوس على ساحل البحر إذ انقضت خطافة فنقرت بمنقارها من البحر نقرتين . قال موسى للخضر عليهما السلام : يا نبي اللّه ، هل تعلم ما نقص من البحر ؟ قال له الخضر : لولا ما نراد فيه لأخبرتك ، قال موسى للخضر يا نبي اللّه ، هل من شيء ليس فيه بركة ؟ قال له الخضر : نعم يا موسى ، ما من شيء إلا وفيه بركة ما خلا آجال العباد ، ومدتهم ، ولولا ذلك لفني الناس . قال موسى : وكيف ذلك ؟ قال له الخضر : لأن كل شيء ينقص منه ، فلا يزاد فيه ينقطع ، قال له موسى : يا نبي اللّه ، من أجل أي شيء أعطاك اللّه عز وجل من بين العباد أن لا تموت حتى نسأل اللّه تعالى ، واطلعت على ما في قلوب العباد تنظر بعين اللّه عز وجل ؟ قال له الخضر : يا موسى ، بالصبر عن معصية اللّه ، عز وجل ، والشكر للّه ، عز وجل في نعمته ، وسلامة القلب لا أخاف ولا أرجو دون اللّه أحداً . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، قال : سمعت عبد القدوس يحدث عن الحسن ، قال : سمعت ابن عباس على المنبر يقول : فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاة وأقرب رحماً [ الكهف : ٨١ ] ، قال : جارية مكان الغلام . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثنا أبي ، عن الهذيل ، عن المسيب ، عن رجل ، عن ابن عباس ، في قوله عز وجل : . . . وكان تحته كنز لهما . . . قال : كان لوحاً من ذهب مكتوب فيه : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، لا إله إلا اللّه ، أحمد رسول اللّه ، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ؟ وعجبت لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح ؟ وعجبت لمن يرى الدنيا وتصريف أهلهما كيف يطمئن إليها ؟ حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن أبي يوسف ، عن الحسن بن عمارة ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله عز وجل : . . . لا تؤاخذني بما نسيت . . . ، قال : لم ينس ، ولكن هذا من معاريض الكلام . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، قال : سمعت المسيب يحدث عن عبيد اللّه بن مالك ، عن علي ، رضي اللّه عنه ، وقد لقيه ، قال : إن الترك سرية خرجوا من يأجوج ومأجوج يغيرون على الناس فردم ذو القرنين دونهم فبقوا . قال مقاتل : إنما سموا الترك ؛ لأنهم تركوا خلف الردم . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن أبي المليح ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس ، قال : انتهى ذو القرنين إلى ملك من ملوك الأرض ، فقال لذي القرنين : إنك قد بلغت ما لم يبلغه أحد ، وقد أخبرت أن عندكَ علماً ، وأنا سائلك عن خصال أربع ، فإن أنت أخبرتني عنهم علمت أنك عالم . ما اثنان قائمان ؟ واثنان ساعيان ؟ واثنان مشتركان ؟ واثنان متباغضان ؟ قال له ذو القرنين : أما الاثنان القائمان فالسموات والأرض لم يزولا منذ خلقهما اللّه ، عز وجل ، وأما الاثنان الساعيان فالشمس والقمر لم يزالا دائبين منذ خلقهما اللّه ، عز وجل ، وأما الاثنان المشتركان فالليل والنهار يأخذ كل واحد منهما من صاحبه ، وأما الاثنان المتباغضان فالموت والحياة لا يحب أحدهما صاحبة أبداً ، قال : صدقت ، فإنك من علماء أهل الأرض . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد اللّه المزني ، عن مطرف بن الشخير ، أنه قال : فضل العلم خير من فضل العمل ، وخير العمل أوسطه ، والحسنة بين السيئتين . قوله سبحانه : ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها سيئة واتبغ بين ذلك سبيلاً [ الإسراء : ١١٠ ] حسنة . قال الهذيل : ولم أسمع مقاتلاً . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال الهذيل : قال مقاتل : تفسير آدم ، عليه السلام ، لأنه خلق من أديم الأرض ، وتفسير حواء ؛ لأنها خلقت من حي ، وتفسير نوح لأنهُ ناح على قومه ، وتفسير إبراهيم أبو الأمم ، ويقال : أب رحيم ، وتفسير إسحاق لضحك سارة ، ويعقوب لأنه خرج من بطن أمه قابض على عقب العيص ، وتفسير يوسف زيادة في الحسن ، وتفسير يحيى : أحيى من بين ميتين ، لأنه خرج من بين شيخ كبير ، وعجوز عاقر ، صلى اللّه عليهم أجمعين . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني الهذيل ، عن مقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على ابنة عمته أم هانئ فنعس ، فوضعت له وسادة ، فوضع رأسه فنام ، فبينا هو نائم إذ ضحك في منامه ، ثم وثب فاستوى جالساً ، فقالت أم هانئ : لقد سرني ما رأيت في وجهك ، يا رسول اللّه ، من البشرى ، فقال : ′ يا أم هانئ ، إن جبريل ، عليه السلام ، أخبرني في منامي أن ربي عز وجل قد وهب لي أمتي كلهم يوم القيامة ، وقال لي : لو استوهبت غيرهم لأعطيناكهم ، ففرحت لذلك وضحكت ′ ، ثم وضع رأسه فنام فضحك ، ثم وثب فجلس ، فقالت له أم هانئ : بأبي أنت وأمي ، لقد سرني ما رأيت من البشرى في وجهك ، قال : ′ يا أم هانئ ، أتاني جبريل ، عليه السلام فأخبرني أن الجنة تشتاق إلى ، وإلى أمتي ، فضحكت من ذلك وفرحت ′ . قالت أم هانئ : يحق لك يا رسول اللّه ، أن تفرح ، ثم وضع رأسه فنام فضحك في منامه ، فاستوى جالساً ، فقالت أم هانئ : لقد سرني ما رأيت من البشرى في وجهك يا رسول اللّه ، قال : ′ يا أم هانئ ، عرضت على أمتي ، فإذا معهم قضبان النور ، إن القضيب التي في أيديهم ، فقال : ذلك الإسلام يا محمد ، صلى اللّه عليك ، وفتحت أبواب الجنة في منامي فنظرت إلى داخلها من خارجها ، فإذا فيها قصور الدر والياقوت ، فقلت : لمن هذه ؟ فقال : لك يا محمد ولأمتك ، ولقد زينها اللّه عز وجل لك ، ولأمتك ، قبل أن يخلقك بألفي عام ، فضحكت من ذلك ′ ، قالت أم هانئ : يحق لك أن تضحك وتفرح هنيئاً لك مريئاً ، يا نبي اللّه ، بما أعطاك ربك . حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ′ لما خلق اللّه عز وجل جنة الفردوس وغرسها بيده ، فلما فرغ منها لم ترعين ، ولم يخطر على قلب بشر مثلها وما فيها ، فقال لها تبارك وتعالى : تزيني . فتزينت ، ثم قال لها : تزيني . فتزينت ، ثم قال لها : تكلمي . فتكلمت ، قالت : قد أفلح المؤمنون [ آية : المؤمنون : ١ ] قال لها : من هم ؟ قالت : الموحدون أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون [ المؤمنون : ١٠ ، ١١ ] ثم أغلق بابها ، فلا يفتح إلى يوم القيامة فما يجيئهم من طيب الشجر ، فهو من خلال بابها ، والحور يوم القيامة على بابها ، وأنا قائم على الحوض أرد عنه أمم الكفار كما يرى الراعي غرائب الإبل ، حتى تأتي أمتي غراً محجلين من آثار الوضوء أعرفهم فيشربون من ذلك الحوض ، فمن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً ′ ، فقال معاذ : يا رسول اللّه ، لقد سعد الذين يشربون من ذلك الحوض ، فقال : ′ ويحك يا معاذ ، من خلق في بطن أمه موحداً ، ويؤمن برسوله ، فهو يشرب من ذلك الحوض ، ويدخل الفردوس ′ ، قال معاذ : ما أكثر ما يخلق في بطن أمه مشركاً ، ثم يولد وهو مشرك ، ثم يموت مؤمناً ، فقال : ′ يا معاذ ، ويحك من مات مسلماً فقد خلق في ظهر آدم مسلماً ، ثم تداولته ظهور المشركين حتى أدركني ، فآمن بي ، فأولئك إخواني ، وأنتم أصحابي ′ ، ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إخوانا على سرر متقابلين [ الحجر : ٤٧ ] . |
﴿ ٠ ﴾