سورة الأنبياء

١ مكية وهي مائة واثنتا عشرة آية ، كوفية

 بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

الأنبياء : ١ اقترب للناس حسابهم . . . . .

 اقترب للناس حسابهم نزلت في كفار مكة وهم في غفلة معرضون [ آية :

١ ] لا يؤمنون به يعنى بالحساب يوم القيامة .

٢

الأنبياء : ٢ ما يأتيهم من . . . . .

فقال سبحانه : ما يأتيهم من ذكر من ربهم يعنى من بيان من ربهم يعنى القرآن محدث يقول : الذي يحدث اللّه ، عز وجل ، إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم من القرآن لا محدث عند اللّه تعالى إلا استمعوه وهم يلعبون [ آية : ٢ ] يعنى لاهين عن القرآن .

٣

الأنبياء : ٣ لاهية قلوبهم وأسروا . . . . .

 لاهية قلوبهم يعنى غافلة قلوبهم عنه وأسروا النجوى  الذين ظلموا فهو أبو جهل ، والوليد بن المغيرة ، وعقبة بن أبي معيط ، قالوا سراً فيما بينهم : هل هذا يعنون محمداً صلى اللّه عليه وسلم  إلا بشر مثلكم لا يفضلكم بشيء فتتبعونه أفتأتون السحر يعنى القرآن وأنتم تبصرون [ آية : ٣ ] أنه سحر .

٤

الأنبياء : ٤ قال ربي يعلم . . . . .

 قال لهم محمد صلى اللّه عليه وسلم  ربي يعلم القول يعنى السر الذي فيما بينهم في السماء والأرض وهو السميع لسرهم العليم [ آية : ٤ ] به .

٥

الأنبياء : ٥ بل قالوا أضغاث . . . . .

 بل قالوا أضغاث أحلام يعنى جماعات أحلام يعنون القرآن   هي أحلام كاذبة مختلطة يراها محمد صلى اللّه عليه وسلم في المنام فيخبرنا بها ، ثم قال : بل افتراه يعنون بل يخلق محمد صلى اللّه عليه وسلم القرآن من تلقاء نفسه ، ثم قال : بل هو يعنى محمداً صلى اللّه عليه وسلم  شاعر فإن كان صادقاً فليأتنا بئاية كما أُرسل الأولونَ [ آية : ٥ ] من الأنبياء ، عليهم

السلام ، بالآيات إلى قومهم ، كل هذا من قول هؤلاء النفر ، كما أرسل موسى ، وعيسى ، وداود ، وسليمان عليهم السلام ، بالآيات والعجائب .

٦

الأنبياء : ٦ ما آمنت قبلهم . . . . .

يقول اللّه عز وجل : مَا ءامنت يقول : ما صدقت بالآيات قبلهم يعنى قبل كفار مكة من قرية أهلكناها بالعذاب في الدنيا ، يعنى كفار الأمم الخالية أفهم يؤمنون [ آية : ٦ ] يعنى كفار مكة أفهم يصدقون بالآيات ، فقد كذبت بها الأمم الخالية من قبلهم ، بأنهم لا يصدقون ، ثم قالوا في الفرقان : أهذا الذي بعث اللّه رسولا [ الفرقان : ٤١ ] يأكل ويشرب وترك الملائكة فلم يرسلهم .

٧

الأنبياء : ٧ وما أرسلنا قبلك . . . . .

فأنزل اللّه عز وجل في قولهم : وَمَا أَرسلنا قبلك إِلا رجالاً نُوحي إِليهم فسئلوا يا معشر

كفار مكة أهل الذكر يعنى مؤمني أهل التوراة إن كنتم لا تعلمون

[ آية : ٧ ] إن الرسل كانوا من البشر فسيخبرونكم أن اللّه عز وجل ما بعث رسولاً إلا من

البشر ، ونزل في قولهم : أهذا الذي بعث اللّه رسولا يأكل ويشرب ويترك

الملائكة فلا يرسلهم .

٨

الأنبياء : ٨ وما جعلناهم جسدا . . . . .

فقال سبحانه : وما جعلناهم جسدا يعنى الأنبياء ، عليهم السلام ، والجسد الذي

ليس فيه روح ، كقوله سبحانه : عجلا جسدا [ طه : ٨٨ ] لا يأكلون الطعام ولا يشربون ولكن جعلناهم جسداً فيها أرواح ، يأكلون الطعام ، ويذوقون

الموت ، وذلك قوله سبحانه : وما كانوا خالدين [ آية : ٨ ] في الدنيا .

٩

الأنبياء : ٩ ثم صدقناهم الوعد . . . . .

 ثم صدقناهم الوعد يعنى الرسل الوعد ، يعنى العذاب في الدنيا إلى قومهم

 فأنجيناهم يعنى الرسل من العذاب ومن نشاء من المؤمنين وأهلكنا المسرفين [ آية : ٩ ] يقول : وعذبنا المشركين في الدنيا ، قال أبو محمد : قال أبو العباس

ثعلب : قال الفراء : وما جعلناهم جسدا إلا ليأكلوا الطعام .

١٠

الأنبياء : ١٠ لقد أنزلنا إليكم . . . . .

 لقد أنزلنا إليكم يا أهل مكة كتابا فيه ذكركم يعنى شرفكم أفلا تعقلون [ آية : ١٠ ] مثل قوله تعالى : وإنه لذكر لك ولقومك [ الزخرف : ٤٤ ]

يعنى شرفاً لك ولقومك .

١١

الأنبياء : ١١ وكم قصمنا من . . . . .

 وكم قصمنا من قرية يعنى أهلكنا من قرية بالعذاب في الدنيا قبل أهل مكة

 كانت ظالمة وأنشأنا بعدها يقول : وجعلنا بعد هلاك الأمم الخالية قَوماً

ءاخرينَ [ آية : ١١ ] يعنى قوماً كانوا باليمن في قرية تسمى حضور ، وذلك أنهم

قتلوا نبياً من الأنبياء ، عليهم السلام ، فسلط اللّه ، عز وجل ، جند بخت نصر فقتلوهم ،

كما سلط بخت نصر والروم على اليهود ببيت المقدس فقتلوهم ، وسبوهم حين قتلوا يحيى

بن زكريا وغيره من الأنبياء ، عليهم السلام .

١٢

الأنبياء : ١٢ فلما أحسوا بأسنا . . . . .

فذلك قوله عز وجل : فلما أحسوا بأسنا يقول : فلما رأوا عذابنا يعنى أهل

حضور إذا هم منها يركضون [ آية : ١٢ ] يقول : إذا هم من القرية يهربون ، قالت لهم

الملائكة كهيئة الاستهزاء .

١٣

الأنبياء : ١٣ لا تركضوا وارجعوا . . . . .

 لا تركضوا يقول : لا تهربوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه يعنى إلى ما خولتم فيه

من الأموال و إلى ومساكنكم يعنى قريتكم التي هربتم منها لعلكم

تسئلونَ [ آية : ١٣ ] كما سئلتم الإيمان قبل نزول العذاب فلما رأوا العذاب

١٤

الأنبياء : ١٤ قالوا يا ويلنا . . . . .

 قالواْ

ياويلنا إِنا كنا ظالمين [ آية : ١٤ ] .

١٥

الأنبياء : ١٥ فما زالت تلك . . . . .

يقول اللّه عز وجل : فما زالت تلك دعواهم يقول : فما زال الويل قولهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين [ آية : ١٥ ] يقول : أطفأناهم بالسيف ، فخمدوا مثل النار إذا

طفئت فخمدت .

١٦

الأنبياء : ١٦ وما خلقنا السماء . . . . .

 وما خلقنا السماء والأرض يعنى السموات السبع والأرضين السبع وما بينهما

من الخلق لعبينَ [ آية : ١٦ ] يعنى عابثين لغير شيء ولكن خلقناهما لأمر هو كائن .

١٧

الأنبياء : ١٧ لو أردنا أن . . . . .

 لو أردنا أن نتخذ لهوا يعنى ولداً ، وذلك أن نصارى نجران السيد والعاقب ، ومن

معهما ،   عيسى ابن اللّه ، فقال اللّه عز وجل : لو أردنا أن نتخذ لهوا  لاتخذناه من لدنا يعنى من عندنا من الملائكة ؛ لأنهم أطيب وأطهر من عيسى ، ولم نتخذه من

أهل الأرض ، قال سبحانه : إن كنا فاعلين [ آية : ١٧ ] يقول : ما كنا فاعلين

ذلك أن نتخذ ولداً ، مثلها في الزخرف .

١٨

الأنبياء : ١٨ بل نقذف بالحق . . . . .

 بل نقذف بل نرمي بالحق الذي قال اللّه عز وجل : إن كنا فاعلين

 على الباطل الذي   إن للّه عز وجل ولداً فيدمغه فإذا هو زاهق يعنى

ذاهب ولكم الويل مما تصفون [ آية : ١٨ ] يقول : لكم الويل في الآخرة مما تقولون

من البهتان بأن للّه ولداً .

١٩

الأنبياء : ١٩ وله من في . . . . .

قال سبحانه : وله من في السماوات والأرض عبيده وفي ملكه ، وعيسى بن

مريم ، وعزيز ، والملائكة وغيرهم ، قال سبحانه : ومن عندهُ من الملائكة لا يستكبرون يعنى لا يتكبرون عن عبادته ولا يستحسرون [ آية : ١٩ ] يعنى ولا

يعيون ، كقوله عز وجل : وهو حسير [ الملك : ٤ ] وهو معي ،

٢٠

الأنبياء : ٢٠ يسبحون الليل والنهار . . . . .

ثم قال تعالى

ذكره : يسبحون يعنى يذكرون اللّه عز وجل .

 اليل والنهار لا يفترونَ [ آية : ٢٠ ] يقول : لا يستريحون من ذكر اللّه عز وجل

ليست لهم فترة ولا سآمة .

٢١

الأنبياء : ٢١ أم اتخذوا آلهة . . . . .

 أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون [ آية : ٢١ ] .

٢٢

الأنبياء : ٢٢ لو كان فيهما . . . . .

 لو كان فيهما آلهة يعنى آلهة كثيرة إلا اللّه يعنى غير اللّه عز وجل

 لفسدتا يعنى لهلكتا يعنى السموات والأرض وما بينهما فسبحان اللّه رب العرش عما يصفون [ آية : ٢٢ ] نزه الرب نفسه ، تبارك وتعالى ، عن قولهم بأن مع اللّه ، عز وجل

إلها .

٢٣

الأنبياء : ٢٣ لا يسأل عما . . . . .

قال سبحانه : لا يُسئلُ عما يفعلُ يقول : لا يسأل اللّه تعالى عما يفعله في خلقه

 وَهُم يسئلونَ [ آية : ٢٣ ] يقول سبحانه ، يسأل اللّه الملائكة في الآخرة : أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل [ الفرقان : ١٧ ] ؟ ويسألهم ، ويقول للملائكة :

 أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون [ سبأ : ٤٠ ] .

٢٤

الأنبياء : ٢٤ أم اتخذوا من . . . . .

 أم اتخذوا من دونه آلهة قل لكفار مكة : هاتوا برهانكم يعنى حجتكم ،

أن مع اللّه ، عز وجل ، إلهاً كما زعمتم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي يقول : هذا

القرآن فيه خبر من معي ، وخبر من قبلي من الكتب ، ليس فيه أن مع اللّه ، عز وجل ، إلهاً

كما زعمتم بل أكثرهم يعنى كفار مكة لا يعلمون الحق يعنى التوحيد فهم معرضون [ آية : ٢٤ ] عنه عن التوحيد ، كقوله عز وجل : بل جاء بالحق

[ آية : الصافات : ٣٧ ] يعنى بالتوحيد .

٢٥

الأنبياء : ٢٥ وما أرسلنا من . . . . .

 وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون [ آية :

٢٥ ] يعنى فوحدون .

٢٦

الأنبياء : ٢٦ وقالوا اتخذ الرحمن . . . . .

 وقالوا أي كفار مكة ، منهم النضر بن الحارث اتخذ الرحمن ولدا   إن

الملائكة بنات اللّه تعالى ، فنزه الرب جل جلاله نفسه عن قولهم ، فقال : سبحانه بل

هم يعنى الملائكة عباد مكرمون [ آية : ٢٦ ] لعبادة ربهم ، وليسوا ببنات الرحمن ،

ولكن اللّه أكرمهم بعبادته .

٢٧

الأنبياء : ٢٧ لا يسبقونه بالقول . . . . .

ثم أخبر عن الملائكة ، فقال : لا يسبقونه بالقول يعنى الملائكة لا يسبقون

ربهم بأمر ، يقول : الملائكة لم تأمر كفار مكة بعبادتهم إياها ، ثم قال : وهم يعنى

الملائكة بأمره يعملون [ آية : ٢٧ ] يقول : لا تعمل الملائكة إلا بأمره ، فأخبر اللّه

عز وجل عن الملائكة أنهم عباد يخافون ربهم ويقدسونه ويعبدونه .

٢٨

الأنبياء : ٢٨ يعلم ما بين . . . . .

 يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم يقول الرب عز وجل : يعلم ما كان قبل أن يخلق

الملائكة ، ويعلم ما كان بعد خلقهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى يقول : لا تشفع

الملائكة إلا لمن رضي اللّه أن يشفع له ، يعنى من أهل التوحيد الذين لا يقولون إن الملائكة

بنات اللّه عز وجل ، لأن كفار مكة زعموا أن الملائكة تشفع لهم في الآخرة إلى اللّه عز

وجل ، ثم قال سبحانه - يعنى الملائكة : وهم من خشيته مشفقون [ آية : ٢٨ ]

يعنى خائفين .

٢٩

الأنبياء : ٢٩ ومن يقل منهم . . . . .

 ومن يقل منهم يعنى من الملائكة إني إله من دونه يعنى من دون اللّه

عز وجل فذلك يعنى فهذا الذي يقول : إني إله من دونه نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين [ آية : ٢٩ ] النار حين زعموا أن مع اللّه ، عز وجل ، إلهاً ، ولم يقل ذلك

أحد من الملائكة غير إبليس عدو اللّه رأس الكفر .

٣٠

الأنبياء : ٣٠ أولم ير الذين . . . . .

 أولم ير الذين كفروا يقول : أولم يعلم الذين كفروا من أهل مكة أن السماوات والأرض كانتا رتقا يعنى ملتزقين ، وذلك أن اللّه تبارك وتعالى أمر بخار الماء فارتفع ،

فخلق منه السماوات السبع ، فأبان إحداهما من الأخرى ، فذلك

قوله : ففتقناهما ثم

قال سبحانه : وجعلنا من الماء كُل شيءٍ حي يقول : وجعلنا الماء حياة كل شيء

يشرب الماء أفلا يؤمنون [ آية : ٣٠ ] يقول : أفلا يصدقون بتوحيد اللّه عز وجل مما

يرون من صنعه .

٣١

الأنبياء : ٣١ وجعلنا في الأرض . . . . .

 وجعلنا في الأرض رواسي يعني الجبال أرسيت في الأرض ، فأثبت الأرض بالجبال

 أن تميد بهم لئلا تزول الأرض بهم وجعلنا فيها يعني في الجبال فجاجا

يعنى كل شعب في جبل فيه منذ سبلا يعنى طرفاً لعلهم يهتدون [ آية :

٣١ ] يقول : لكي يعرفوا طرقها .

٣٢

الأنبياء : ٣٢ وجعلنا السماء سقفا . . . . .

 وجعلنا السماء سقفا يعنى المرفوع محفوظا من الشياطين لئلا يسمعوا إلى

كلام الملائكة ، فيخبروا الناس وهم عن ءايتها يعنى الشمس والقمر والنجوم وغيرها

 معرضون [ آية : ٣٢ ] فلا يتفكرون فيما يرون من صنعه ، عز وجل ، فيوحدونه .

٣٣

الأنبياء : ٣٣ وهو الذي خلق . . . . .

 وهو الذي خلق اليل والنهار والشمس والقمر كُلٌ في فلك يسبحونَ [ آية : ٣٣ ] يقول :

يدخلان من قبل المغرب فيجريان تحت الأرض حتى يخرجا من قبل المشرق ، ثم يجريان

في السماء إلى المغرب ، فذلك قوله سبحانه : كل يعنى الشمس والقمر في فلك

يعنى في دوران يسبحون يعنى يجرون ، فذلك دورانهما .

٣٤

الأنبياء : ٣٤ وما جعلنا لبشر . . . . .

 وما جعلنا لبشر وذلك أن قوماً   إن محمداً صلى اللّه عليه وسلم لا يموت ، فأنزل اللّه عز

وجل : وما جعلنا لبشر يعنى لنبي من الأنبياء من قبلك الخلد في الدنيا فلا

يموت فيها ، بل يموتون ، فلما نزلت هذه الآية ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم لجبريل عليه السلام : فمن

يكون في أمتي من بعدي ، فأنزل اللّه عز وجل : أَفإين مِت يعنى محمداً صلى اللّه عليه وسلم

 فهم الخالدون [ آية : ٣٤ ] فإنهم يموتون أيضاً .

٣٥

الأنبياء : ٣٥ كل نفس ذائقة . . . . .

ثم قال عز وجل : كل نفس ذائقة الموت يعنى النبي صلى اللّه عليه وسلم وغيره ونبلوكم

يقول : ونختبركم بالشر يعنى بالشدة لتصبروا و ب والخير فتنة يعنى

بالرخاء لتشكروا فتنة ، يقول : هما بلاء يبتليكم بهما وإلينا في الآخرة

 ترجعون [ آية : ٣٥ ] بعد الموت فنجزيكم بأعمالكم .

٣٦

الأنبياء : ٣٦ وإذا رآك الذين . . . . .

 وَإذا رءاك الذين كفرواْ يعنى أبا جهل إن يتخذونك إلا هزوا

وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم مر على أبي سفيان بن حرب ، وعلى أبي جهل بن هشام ، فقال أبو

جهل لأبي سفيان كالمستهزئ : انظروا إلى نبي بني عبد مناف . فقال أبو سفيان لأبي

جهل حمية ، وهو من بني عبد شمس بن عبد مناف : وما ننكر أن يكون نبياً في بني عبد

مناف ، فسمع النبي صلى اللّه عليه وسلم قولهما ، فقال لأبي جهل : ما أراك منتهياً حتى ينزل اللّه عز

وجل بك ما نزل بعمك الوليد بن المغيرة ، وأما أنت يا أبا سفيان ، فإنما قلت الذي قلت

حمية ، فأنزل اللّه عز وجل : وَإِذا رءاك الذين كفروا يعنى أبا جهل إن يتخذونك إلا هزوا استهزاء .

وقال أبو جهل حين رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم : أَهذا الذي يذكر ءالهتكم اللات

والعزى ومناة بسوء يقول اللّه عز وجل : وهم بذكر يعنى بتوحيد الرحمن هم كافرون [ آية : ٣٦ ] وذلك أن أبا جهل قال : إن الرحمن مسيلمة بن حبيب الحنفي

الكذاب .

٣٧

الأنبياء : ٣٧ خلق الإنسان من . . . . .

 خلق الإنسان يعنى آدم أبو البشر من عجل وذلك أن كفار قريش

استعجلوا بالعذاب في الدنيا من قبل أن يأتيهم تكذيباً به ، كما استعجل آدم عليه السلام

الجلوس من قبل أن تتم فيه الروح من قبل رأسه يوم الجمعة ، فأراد أن يجلس من قبل أن

تتم فيه الروح إلى قدميه ، فلما بلغت الروح وسطه ونظر إلى حسن خلقه أراد أن يجلس

ونصفه طين ، فورث الناس كلهم العجلة من آدم ، عليه السلام ، لم تجد منفذاً فرجعت من

أنفه فعطس ، فقال : الحمد للّه رب العالمين ، فهذه أول كلمة تكلم بها . وبلغنا أن اللّه عز

وجل رد عليه ، فقال : لهذا خلقتك يرحمك ربك . فسبقت رحمته غضبه ، فلما استعجل

كفار مكة العذاب في الدنيا نزلت . خلق الإنسان من عجل لأنهم من ذريته يقول

اللّه ، عز وجل ، لكفار مكة : ف سَأوريكمُ ءاياتي يعنى عذابي القتل فلا تستعجلون [ آية : ٣٧ ] يقول : فلا تعجلوا بالعذاب .

٣٨

الأنبياء : ٣٨ ويقولون متى هذا . . . . .

 ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين [ آية : ٣٨ ] وذلك أن كفار مكة

قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : متى هذا العذاب الذي تعدنا ، إن كنت صادقاً ، يقولون ذلك مستهزئين

تكذيباً بالعذاب .

٣٩

الأنبياء : ٣٩ لو يعلم الذين . . . . .

فأنزل اللّه عز وجل لو يعلم الذين كفروا من أهل مكة حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ، وذلك أن أيديهم تغل إلى أعناقهم ، وتجعل في

أعناقهم صخرة من الكبريت ، فتشتعل النار فيها ، فلا يستطيعون أن يتقوا النار إلا

بوجوههم . فذلك قوله سبحانه : أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة

[ الزمر : ٢٤ ] وذلك

قوله : حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم لو علموا

ذلك ما استعجلوا بالعذاب ، قال سبحانه : ولا هم ينصرون [ آية : ٣٩ ] يقول :

ولا هم يمنعون من العذاب .

٤٠

الأنبياء : ٤٠ بل تأتيهم بغتة . . . . .

ثم قال تعالى : بل تأتيهم الساعة بغتة يعنى فجأة فتبهتهم يقول :

فتفجؤهم فلا يستطيعون ردها يعنى أن يردوها ولا هم ينظرون [ آية : ٤٠ ]

يقول : ولا يناظر بهم العذاب حتى يعذبوا

٤١

الأنبياء : ٤١ ولقد استهزئ برسل . . . . .

 ولقد استهزئ برسل من قبلك كما

استهزئ بك يا محمد ، يعزى نبيه صلى اللّه عليه وسلم ليصبر على تكذيبهم إياه بالعذاب ، وذلك أن

مكذبي الأمم الخالية كذبوا رسلهم بأن العذاب ليس بنازل بهم في الدنيا ، فلما أخبر

النبي صلى اللّه عليه وسلم كفار مكة استهزءوا منه تكذيباً بالعذاب .

يقول اللّه عز وجل : فحاق بالذين يعنى فدار بهم سخروا منهم ما يعنى

الذي كانوا به يستهزئون [ آية : ٤١ ] بأنه غير نازل بهم .

٤٢

الأنبياء : ٤٢ قل من يكلؤكم . . . . .

 قل من يكلؤكم يقول : من يحرسكم بِاليل والنَّهار من عذاب الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون [ آية : ٤٢ ] يعنى القرآن ، معرضون عنه .

٤٣

الأنبياء : ٤٣ أم لهم آلهة . . . . .

قال سبحانه : أم لهم آلهة نزلت في الحارث بن قيس السهمي ، وفيه نزلت

أيضاً في الفرقان : أفرأيت من اتخذ إلهه هواه فقال سبحانه : أم لهم آلهة  تمنعهم من العذاب من دوننا يعنى من دون اللّه عز وجل فيها

تقديم ، ثم أخبر عن الآلهة ، فقال تعالى : لا يستطيعون نصر أنفسهم يقول : لا

تستطيع الآلهة أن تمنع نفسها من سوء أريد بها ، قال سبحانه : ولا هم يعنى من

يعبد الآلهة مما يصحبون [ آية : ٤٣ ] يعنى ولا هم منا يجارون ، يقول اللّه تعالى : لا

يجيرهم مني ولا يؤمنهم مني أحد .

٤٤

الأنبياء : ٤٤ بل متعنا هؤلاء . . . . .

 بل متعنا هؤلاء يعنى كفار مكة وءاباءهم حتى طال عليهم العُمر أَفلا

يرونَ يعنى أفهلا يرون أَنا نأتي الأرض يعنى أرض مكة ننقصها من

أَطرافها يعنى نغلبهم على ما حول أرض مكة أفهم الغالبون [ آية : ٤٤ ] يعنى

كفار مكة ، أو النبي صلى اللّه عليه وسلم والمؤمنون ؟ بل النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه ، رضي اللّه عنهم ، هم

الغالبون لهم ، وربه محمود .

٤٥

الأنبياء : ٤٥ قل إنما أنذركم . . . . .

 قل لكفار مكة : إنما أنذركم بالوحي بما في القرآن من الوعيد ولا يسمع يا محمد الصم الدعاء هذا مثل ضربه اللّه ، عز وجل ، للكافر يقول : إن

الأصم إذا ناديته لم يسمع ، فكذلك الكافر لا يسمع الوعيد والهدى إذا ما ينذرون

[ آية : ٤٥ ] .

٤٦

الأنبياء : ٤٦ ولئن مستهم نفحة . . . . .

 ولئن مستهم نفحة يقول : ولئن أصابتهم عقوبة مِنَ عذاب ربك ليقولنَ

ياويلنا إِنا كُنا ظالمين [ آية : ٤٦ ] .

٤٧

الأنبياء : ٤٧ ونضع الموازين القسط . . . . .

 ونضع الأعمال في الموازين القسط يعنى العدل ليوم القيامة فجبريل ،

عليه السلام ، يلي موازين أعمال بني آدم فلا تظلم نفس شيئا يقول : لا ينقصون

شيئاً من أعمالهم وإن كان مثقال حبة يعنى وزن حبة من خردل أتينا بها يعنى جئنا بها ، بالحبة وكفى بنا حاسبين [ آية : ٤٧ ] يقول سبحانه :

وكفى بنا من سرعة الحساب .

٤٨

الأنبياء : ٤٨ ولقد آتينا موسى . . . . .

 وَلقد ءاتينا مُوسى وهارون الفرقان يعنى التوراة وضياء يعنى ونوراً من

الضلالة ، يعنى التوراة وذكرا يعنى وتفكراً للمتقين [ آية : ٤٨ ] الشرك .

٤٩

الأنبياء : ٤٩ الذين يخشون ربهم . . . . .

فقال سبحانه : الذين يخشون ربهم بالغيب فأطاعوه ، ولم يروه وهم من الساعة مشفقون [ آية : ٤٩ ] يعنى من القيامة خائفين .

٥٠

الأنبياء : ٥٠ وهذا ذكر مبارك . . . . .

 وهذا القول ذكر يعنى بيان مبارك أنزلناه أفأنتم يا أهل مكة له منكرون [ آية : ٥٠ ] يقول سبحانه : لا تعرفونه فتؤمنون به .

٥١

الأنبياء : ٥١ ولقد آتينا إبراهيم . . . . .

 وَلقد ءاتينا إبراهيم رُشدهُ من قبلُ يقول : ولقد أعطينا إبراهيم هداه في السر ،

وهو صغير من قبل موسى وهارون وكنا به عالمين [ آية : ٥١ ] يقول اللّه عز وجل :

وكنا بإبراهيم عالمين بطاعته لنا .

٥٢

الأنبياء : ٥٢ إذ قال لأبيه . . . . .

 إذ قال لأبيه آزر : وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون [ آية : ٥٢ ]

تعبدونها .

٥٣

الأنبياء : ٥٣ قالوا وجدنا آباءنا . . . . .

 قالوا وجدنا ءاباءنا لها عابدين [ آية : ٥٣ ] .

٥٤

الأنبياء : ٥٤ قال لقد كنتم . . . . .

 قال لهم إبراهيم : لقد كُنتم أَنتم وءاباؤكم في ضلالٍ مُبين [ آية : ٥٤ ] .

٥٥

الأنبياء : ٥٥ قالوا أجئتنا بالحق . . . . .

 قالوا أجئتنا يا إبراهيم بالحق أم أنت من اللاعبين [ آية : ٥٥ ]   أجد هذا

القول منك ، أم لعب يا إبراهيم .

٥٦

الأنبياء : ٥٦ قال بل ربكم . . . . .

 قال إبراهيم بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن يعنى الذي

خلقهن .

 وأنا على ذلكم يعنى على ما أقول لكم من الشاهدين [ آية : ٥٦ ] بأن

ربكم الذي خلق السموات والأرض .

٥٧

الأنبياء : ٥٧ وتاللّه لأكيدن أصنامكم . . . . .

 وتاللّه يقول واللّه لأكيدن أصنامكم بالسوء ، يعنى أنه يكسرها ، وهي

اثنان وسبعون صنماً من ذهب ، وفضة ، ونحاس ، وحديد ، وخشب بعد أن تولوا مدبرين [ آية : ٥٧ ] ، يعنى ذاهبين إلى عيدكم ، وكان لهم عيد في كل سنة يوماً واحد ،

وكانوا إذا خرجوا قربوا إليها الطعام ، ثم يسجدون لها ثم يخرجون ، ثم إذا جاؤا من

عيدهم بدؤوا بها ، فسجدوا لها ، ثم تفرقوا إلى منازلهم ، فسمع قول إبراهيم صلى اللّه عليه وسلم رجل

منهم ، حين قال : وتاللّه لأكيدن أصناكم بعد أن تولوا مدبرين فلما خرجوا دخل

إبراهيم على الأصنام والطعام بين أيديها .

٥٨

الأنبياء : ٥٨ فجعلهم جذاذا إلا . . . . .

 فجعلهم جذاذا يعنى قطعاً ، كقوله سبحانه : . . . عطاء غير مجذوذ يعنى

غير مقطوع ، ثم استثنى إلا كبيرا لهم يعنى أكبر الأصنام ، فلم يقطعه ، وهو من

ذهب ولؤلؤ ، وعيناه ياقوتتان حمراوان تتوقدان في الظلمة ، لهما بريق كبريق النار ، وهو

في مقدم البيت ، فلما كسرهم وضع الفأس بين يدي الصنم الأكبر ، ثم قال : لعلهم إليه يرجعون [ آية : ٥٨ ] يقول : إلى الصنم الأكبر يرجعون من عيدهم ، فلما رجعوا

من عيدهم دخلوا على الأصنام ، فإذا هي مجذوذة

٥٩

الأنبياء : ٥٩ قالوا من فعل . . . . .

 قالوا يعنى نمروذ بن كنعان وحده ،

هو الذي قال : من فعل هذا بئالهتنا إِنهُ لمن الظالمينَ [ آية : ٥٩ ] لنا حين انتهك

هذا منا ، قال الرجل الذي كان يسمع قول إبراهيم عليه السلام حين قال : وتاللّه لأكيدن أصنامكم [ الأنبياء : ٥٧ ] .

٦٠

الأنبياء : ٦٠ قالوا سمعنا فتى . . . . .

 قالوا سمعنا فتى يذكرهم بسوء ، فذلك قوله

يعنى الرجل وحده ، قال : سمعت فتى يذكرهم بسوء ، إضمار يقال له إبراهيم [ آية :

٦٠ ] .

٦١

الأنبياء : ٦١ قالوا فأتوا به . . . . .

 قالوا قال نمروذ الجبار : فأتوا به على أعين الناس يعنى على رءوس الناس

 لعلهم يشهدون [ آية : ٦١ ] عليه بفعله ويشهدون عقوبته ، فلما جاءوا به

٦٢

الأنبياء : ٦٢ قالوا أأنت فعلت . . . . .

 قالوا قال نمروذ : ءأنت فعلت هذا بآلهتنا يإبراهيم [ آية : ٦٢ ] يعنى أنت

كسرتها .

٦٣

الأنبياء : ٦٣ قال بل فعله . . . . .

 قال إبراهيم : بل فعله كبيرهم هذا يعنى أعظم الأصنام الذي في يده

الفأس ، غضب حين سويتم بينه وبين الأصنام الصغار ، فقطعها فسئلوهم إن كانوا

ينطقون [ آية : ٦٣ ] يقول : سلوا الأصنام المجذوذة من قطعها ؟ إن قدروا على الكلام .

٦٤

الأنبياء : ٦٤ فرجعوا إلى أنفسهم . . . . .

 فرجعوا إلى أنفسهم فلاموها فقالوا فقال بعضهم لبعض : إنكم أنتم الظالمون [ آية : ٦٤ ] لإبراهيم حين تزعمون أنه قطعها والفأس في يد الصنم الأكبر ،

ثم قالوا بعد ذلك : كيف يكسرها وهو مثلها .

٦٥

الأنبياء : ٦٥ ثم نكسوا على . . . . .

فذلك قوله سبحانه : ثم نكسوا على رءوسهم يقول : رجعوا عن قولهم الأول

فقالوا لإبراهيم : لقد علمت ما هؤلاء ينطقون [ آيه : ٦٥ ] فتخبرنا من كسرها .

حدثنا محمد ؛ قال : حدثنا أبو القاسم ، قال : الهذيل سمعت عبد القدوس ، ولم أسمع

مقاتلاً ، يحدث عن الحسن ثم تكسوا على رءوسهم يعنى على الرؤساء والأشراف .

٦٦

الأنبياء : ٦٦ قال أفتعبدون من . . . . .

 قال لهم إبراهيم عند ذلك : أفتعبدون من دون اللّه من الآلهة ما لا ينفعكم شيئا إن عبدتموهم ولا يضركم [ آية : ٦٦ ] إن لم تعبدوهم .

٦٧

الأنبياء : ٦٧ أف لكم ولما . . . . .

ثم قال لهم إبراهيم : أف لكم يعنى ب

قوله : أفٍ لكم ، الكلام الردئ ولما تعبدون من الأصنام من دون اللّه عز وجل أفلا يعنى أفهلا

 تعقلون [ آية : ٦٧ ] أنها ليست بآلهة .

٦٨

الأنبياء : ٦٨ قالوا حرقوه وانصروا . . . . .

 قالوا حرقوه بالنار وانصروا ءالهتكم يقول : انتقموا منه إن كنتم فاعلين [ آية : ٦٨ ] ذلك به ، فألقوه في النار ، يعنى إبراهيم صلى اللّه عليه وسلم .

٦٩

الأنبياء : ٦٩ قلنا يا نار . . . . .

ويقول اللّه ، عز وجل : قلنا يا نار كوني بردا من الحر وسلاما على إبراهيم [ آية :

٦٩ ] يقول : وسلميه من البرد ، ولو لم يقل : وسلاماً ، لأهلكه بردها

٧٠

الأنبياء : ٧٠ وأرادوا به كيدا . . . . .

 وأرادوا به كيدا

يعنى بإبراهيم حين خرج من النار ، فلما نظر إليه الناس بادروا ليخبروا نمروذ ، فجعل

بعضهم يكلم بعضاً ، فلا يفقهون كلامهم ، فبلبل اللّه ألسنتهم على سبعين لغة ، فمن ثم

سميت بابل ، وحجزهم اللّه عنه فجعلناهم الأخسرين [ آية : ٧٠ ] .

٧١

الأنبياء : ٧١ ونجيناه ولوطا إلى . . . . .

 ونجيناه يعنى إبراهيم ولوطا من أرض كوثا ، ومعهما سارة شر نمروذ

بن كنعان الجبار إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين [ آية : ٧١ ] يعنى الناس إلى

الأرض المقدسة ، وبركتها الماء والشجر والنبت .

٧٢

الأنبياء : ٧٢ ووهبنا له إسحاق . . . . .

 ووهبنا له يعنى لإبراهيم إسحاق ثم قال : ويعقوب نافلة يعنى فضلاً

على مسألته في إسحاق وكلا جعلنا يعنى إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، جعلناهم

 صالحين [ آية : ٧٢ ] .

٧٣

الأنبياء : ٧٣ وجعلناهم أئمة يهدون . . . . .

 وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا يقول : جعلناهم قادرة للخير يدعون الناس إلى أمر

اللّه ، عز وجل وأوحينا إليهم فعل الخيرات يعنى الأعمال الصالحة وأقام الصلاة  وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين [ آية : ٧٣ ] يعنى موحدين .

٧٤

الأنبياء : ٧٤ ولوطا آتيناه حكما . . . . .

 ولوطاً ءاتينه يعنى أعطيناه حكما يعنى الفهم والعقل وعلما ونجينه

من القرية يعنى سدوم التي كانت تعمل الخبائث يعنى السيئ من العمل إتيان

الرجال في أدبارهم ، فأنجى اللّه لوطاً وأهله ، وعذب القرية بالخسف والحصب إنهم

كانوا قولهم سوء فسقين [ آية : ٧٤ ] .

٧٥

الأنبياء : ٧٥ وأدخلناه في رحمتنا . . . . .

 وأدخلنه في رحمتنا يعنى نعمتنا ، وهي النبوة ، كقوله عز وجل : إن هو إلا عبد أنعمنا عليه بالنبوة إنه من الصلحين [ آية : ٧٥ ] .

٧٦

الأنبياء : ٧٦ ونوحا إذ نادى . . . . .

 ونوحا إذ نادى من قبل إبراهيم ، ولوطاً ، وإسحاق ، وكان نداؤه حين ، قال :

 أني مغلوب فانتصر  فاستجبنا له دعاءه فنجينه وأهله من

الكرب العظيم [ آية : ٧٦ ] يعنى الهول الشديد يعنى الغرق .

٧٧

الأنبياء : ٧٧ ونصرناه من القوم . . . . .

 ونصرنه من القوم في قراءة أبي بن كعب ونصرناه على القوم الذين كذبوا

بئايتنا يعنى كذبوا بنزول العذاب عليهم في الدنيا ، وكان نصره هلاك قومه إنهم

كانوا قوم سوء فأغرقنهم أجمعين [ آية : ٧٧ ] لم ننج منهم أحداً .

٧٨

الأنبياء : ٧٨ وداود وسليمان إذ . . . . .

 وداود وسليمن إذ يحكمان في الحرث يعنى الكرم إذ نفشت فيه غنم القوم

يعنى النفش بالليل والسرح بالنهار وكنا لحكمهم شهدين [ آية : ٧٨ ] يعنى داود

وسليمان ، صلى اللّه عليهما ، وصاحب الغنم ، وصاحب الكرم ، وذلك أن راعياً جمع غنمه

بالليل إلى جانب كرم رجل ، فدخلت الغنم الكرم فأكلته ، وصاحبها لا يشعر بها ، فلما

أصبحوا أتوا داود النبي ، عليه السلام ، فقصوا عليه أمرهم ، فنظر داود ثمن الحرث ، فإذا

هو قريب من ثمن الغنم ، فقضى بالغنم لصاحب الحرث ، فمروا بسليمان ، فقال : كيف

قضى لكم نبي اللّه ؟ فأخبراه ، فقال سليمان : نعم ما قضى نبي اللّه ، وغيره أرفق للفريقين ،

فدخل رب الغنم على داود ، فأخبره بقول سليمان فأرسل داود إلى سليمان فأتاه ، فعزم

عليه بحقه ، بحق النبوة ، لما أخبرتني ، فقال : عدل الملك ، وغيره أرفق ، فقال داود : وما هو ؟

قال سليمان : تدفع الغنم إلى صاحب الحرث ، فله أولادها وأصوافها وألبانها وسمنها ،

وعلى رب الغنم أن يزرع لصاحب الحرث مثل حرثه ، فإذا بلغ وكان مثله يوم أفسده ،

دفع إليه حرثه ، وقبض غنمه ، قال : داود نعم ما قضيت ، فأجار قضاءه ، وكان هذا بيت

المقدس .

٧٩

الأنبياء : ٧٩ ففهمناها سليمان وكلا . . . . .

يقول اللّه عز وجل : ففهمنها سليمن يعنى القضية ليس يعني به الحكم ، ولو كان

الحكم لقال ففهمناه وكلا يعنى داود وسليمان ءاتينا يعنى أعطينا حكما وعلما يعنى الفهم والعلم ، فصوب قضاء سليمان ، ولم يعنف داود وسخرنا مع داود الجبال يسبحن يعنى يذكرن اللّه ، عز وجل ، كلما ذكر داود ربه ، عز وجل ، ذكرت

الجبال ربها معه و سخرنا له والطير وكنا فاعلين [ آية : ٧٩ ] ذلك بداود .

٨٠

الأنبياء : ٨٠ وعلمناه صنعة لبوس . . . . .

 وعلمناه صنعة لبوس لكم يعنى الدروع من حديد ، وكان داود أو من

اتخذها لتحصنكم من بأسكم يعنى من حربكم من القتل والجراحات فهل أنتم شاكرون [ آية : ٨٠ ] لربكم في نعمه فتوحدونه استفهام . قال الفراء : يعنى فهل أنتم

شاكرون ؟ معنى الأمر أي اشكروا ، ومثله فهل أنتم منتهون [ المائدة : ٩١ ] أي

انتهوا .

٨١

الأنبياء : ٨١ ولسليمان الريح عاصفة . . . . .

 و سخرنا ولسليمان الريح عاصفة يعنى شديدة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها يعنى الأرض المقدسة ، يعنى بالبركة الماء والشجر وكنا بِكل شيءٍ مما

أعطيناهما علمينً [ آية : ٨١ ] .

٨٢

الأنبياء : ٨٢ ومن الشياطين من . . . . .

 ومن الشياطين من يغوصون له لسليمان في البحر ، فيخرجون له اللؤلؤ ، وهو

أول من استخرج اللؤلؤ من البحر ويعملون له عملا دون ذلك يعنى غير

الغياصة من تماثيل ومحاريب وجفان كالجراب وقدور راسيات وكنا لهم يعنى

الشياطين حافظين [ آية : ٨٢ ] على سليمان لئلا يتفرقوا عنه .

٨٣

الأنبياء : ٨٣ وأيوب إذ نادى . . . . .

 وأيوب إذ نادى ربه يعنى دعا ربه ، عز وجل أني مسني الضر يعنى

أصابني البلاء وأَنت أَرحم الرحمين [ آية : ٨٣ ] .

٨٤

الأنبياء : ٨٤ فاستجبنا له فكشفنا . . . . .

 فاستجبنا له دعاءه فكشفنا ما به من ضُرٍ وءاتيناهُ أَهله فأحياهم اللّه ،

عز وجل ومثلهم معهم وكانت امرأة أيوب ولدت قبل البلاء سبع بنين وثلاث

بنات ، فأحياهم اللّه ، عز وجل ، ومثلهم معهم رحمة يقول : نعمة من عندنا وذكرى للعابدين [ آية : ٨٤ ] يقول : وتفكراً للموحدين فأعطاه اللّه ، عز وجل ، مثل

كل شيء ذهب له ، يعنى أيوب ، وكان أيوب من أعبد الناس فجهد إبليس ليزيله عن

عبادة ربه ، عز وجل ، فلم يستطع .

٨٥

الأنبياء : ٨٥ وإسماعيل وإدريس وذا . . . . .

 وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين [ آية : ٨٥ ]

٨٦

الأنبياء : ٨٦ وأدخلناهم في رحمتنا . . . . .

 وأدخلناهم في رحمتنا يعنى في نعمتنا وهي النبوة إنهم من الصالحين [ آية : ٨٦ ] يعنى

من المؤمنين .

٨٧

الأنبياء : ٨٧ وذا النون إذ . . . . .

 وذا النون يعنى يونس بن متى ، عليه السلام إذ ذهب مغاضبا يعنى مراغماً

لقومه ، لحزقيل بن أجار ، ومن معه من بني إسرائيل ، ففارقهم من غير أن يؤمنوا فظن أن لن نقدر عليه فحسب يونس أن لن نعاقبه بما صنع فنادى يقول : فدعا ربه

 في الظلمات يعنى ظلمات ثلاث ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت ،

فنادى : أن لا إله إلا أنت يوحد ربه ، عز وجل سبحانك نزه تعالى أن

يكون ظلمه ، ثم أقر على نفسه بالظلم ، فقال : إني كنت من الظالمين [ آية :

٨٧ ] يقول يونس عليه السلام : إني ظلمت نفسي .

٨٨

الأنبياء : ٨٨ فاستجبنا له ونجيناه . . . . .

 فاستجبنا له دعاءه ونجيناه من الغم يعنى من بطن الحوت وكذلك ننجي المؤمنين [ آية : ٨٨ ] قال أبو محمد : قال أبو العباس ثعلب : قال الفراء : أن لن

نقدر عليه . ونقدرعليه ، لمعنى واحد ، وهو من قوله قدرت الشيء ، لا قدرت ، معناه من

التقدير لا من القدر ، ومثله في سورة الفجر : فقدر عليه رزقه [ الفجر : ١٦ ] من

التقدير ، والتقتير ، لا من القدرة ، بلغنا أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : مكث يونس ، عليه السلام ، في

بطن الحوت ثلاثة أيام . وعن كعب قال : أربعين يوماً .

٨٩

الأنبياء : ٨٩ وزكريا إذ نادى . . . . .

 وزكريا إذ نادى ربه يعنى دعا ربه في آل عمران ، وفي مريم ، قال : رب لا تذرني فردا يعنى وحيداً ، وهب لي ولياً يرثني وأنت خير الوارثين [ آية :

٨٩ ] يعنى أنت خير من يرث العباد .

٩٠

الأنبياء : ٩٠ فاستجبنا له ووهبنا . . . . .

 فاستجبنا له دعاءه ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه يعنى

امرأته فحاضت ، وكانت لا تحيض من الكبر إنهم كانوا يسارعون في الخيرات يعنى أعمال الصالحات ، يعنى زكريا وامرأته ويدعوننا رغبا في ثواب

اللّه ، عز وجل ورهبا من عذاب اللّه ، عز وجل وكانوا لنا خاشعين

[ آية : ٩٠ ] يعنى للّه سبحانه متواضعين .

٩١

الأنبياء : ٩١ والتي أحصنت فرجها . . . . .

 والتي أحصنت فرجها من الفواحش ، لأنها قذفت ، وهي مريم بنت عمران ، أم

عيسى ، صلى اللّه عليهما فنفخنا فيها من روحنا نفخ جبريل ، عليه السلام ،

في جيبها ، فحملت من نفخة جبريل بعيسى ، صلى اللّه عليهم وجعلناها وابنها

عيسى ، صلى اللّه عليه ءاية للعالمينَ [ آية : ٩١ ] يعنى عبرة لبني إسرائيل ،

فكانا آية إذ حملت مريم ، عليها السلام ، من غير بشر ، وولدت عيسى من غير أب ، صلى اللّه عليه .

٩٢

الأنبياء : ٩٢ إن هذه أمتكم . . . . .

 إن هذه أمتكم أمة واحدة يقول : إن هذه ملتكم التي أنتم عليها ، يعنى

شريعة الإسلام هي ملة واحدة كانت عليها الأنبياء والمؤمنون الذين نجوا من عذاب اللّه ،

عز وجل وأنا ربكم فاعبدون [ آية : ٩٢ ] يعنى فوحدون .

٩٤

الأنبياء : ٩٣ وتقطعوا أمرهم بينهم . . . . .

 وتقطعوا أمرهم بينهم فرقوا دينهم الإسلام الذي أمروا به فيما بينهم ، فصاروا

زبراً يعنى فرقاً كل كل أهل تلك الأديان إلينا راجعون [ آية : ٩٣ ] في

الآخرة .

الأنبياء : ٩٤ فمن يعمل من . . . . .

 فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن يقول : وهو مصدق بتوحيد اللّه ، عز

وجل فلا كفران لسعيه يعنى لعمله يقول : يشكر اللّه ، عز وجل ، عمله وإنا له كاتبون [ آية : ٩٤ ] يكتب له سعيه الحفظة من الملائكة .

٩٥

الأنبياء : ٩٥ وحرام على قرية . . . . .

 وحرام على قرية فيما خلا أهلكناها بالعذاب في الدنيا أنهم لا يرجعون [ آية : ٩٥ ] يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية في الدنيا .

٩٦

الأنبياء : ٩٦ حتى إذا فتحت . . . . .

 حتى إذا فتحت يعنى أرسلت يأجوج ومأجوج وهما أخوان لأب وأم ،

وهما من نسل يافث بن نوح وهم من كل حدب ينسلون [ آية : ٩٦ ] يقول :

من كل مكان يخرجون من كل جبل ، وأرض ، وبلد وخروجهم عند اقتراب الساعة .

٩٧

الأنبياء : ٩٧ واقترب الوعد الحق . . . . .

فذلك قوله عز وجل : واقترب الوعد الحق يعنى وعد البعث أنه حق كائن

 فإذا هي شاخصة يعنى فاتحة أبصار الذين كفروا بالبعث لا يطرفون مما

يرون من العجائب التي كانوا يكفرون بها في الدنيا ،   يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا اليوم ، ثم ذكر قول الرسل لهم في الدنيا أن البعث كائن ، ف

 بل كنا ظالمين [ آية : ٩٧ ] أخبرنا بهذا اليوم فكذبنا به .

٩٨

الأنبياء : ٩٨ إنكم وما تعبدون . . . . .

 إنكم يعنى كفار مكة وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنم

يعنى رمياً في جهنم ترمون فيها أنتم لها واردون [ آية : ٩٨ ] يعنى داخلون .

٩٩

الأنبياء : ٩٩ لو كان هؤلاء . . . . .

 لو كان هؤلاء الأوثان آلهة ما وردوها يعنى ما دخلوها ، يعني

جهنم ، لامتنعت من دخولها وكل يعنى الأوثان ومن يعبدها فيها يعنى في

جهنم خالدون [ آية : ٩٩ ] نزلت في بني سهم ، منهم : العاص بن وائل ، والحارث

وعدي ابني قيس ، وعبد اللّه بن الزبعري بن قيس ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم دخل المسجد

الحرام ، ونفر من بني سهم جلوس في الحطيم ، وحول الكعبة ثلاث مائة وستون صنماً ،

فأشار بيده إليهم ، فقال : إنكم وما تعبدون من دون اللّه يعنى الأصنام

 حصب جهنم أنتم لها واردون [ الأنبياء : ٩٨ - ٩٩ ] إلى آيتين ، ثم خرج فدخل ابن

الزبعري ، وهم يخوضون فيما ذكر النبي صلى اللّه عليه وسلم لهم ولآلهتهم ، فقال : ما هذا الذي تخوضون ؟

فذكروا له قول النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال ابن الزبعري : واللّه ، لئن قالها بين يدي لأخصمنه . فدخل

النبي صلى اللّه عليه وسلم من ساعته ، فقال ابن الزبعري : أهي لنا ولآلهتنا خاصة ؟ أم لنا ولآلهتنا ولجميع

الأمم ولآلهتهم ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم ولآلهتهم . قال :

خصمتك ورب الكعبة ، ألست تزعم أن عيسى نبي ، وتثني عليه ، وعلى أمه خيراً ، قد

علمت أن النصارى يعبدونهما ، وعزيز يعبد ، والملائكة تعبد ، فإن كان هؤلاء معنا قد

رضينا أنهم معنا ، فسكت النبي صلى اللّه عليه وسلم .

١٠٠

الأنبياء : ١٠٠ لهم فيها زفير . . . . .

قال سبحانه : لهم فيها زفيرٌ يعنى آخر نهيق الحمار وهم فيها لا يسمعون [ آية : ١٠٠ ] الصوت ، وذلك حين يقال لأهل النار : اخسئوا فيها ولا

تكلمون ، فصاروا بكماً وعمياً وصماً .

١٠١

الأنبياء : ١٠١ إن الذين سبقت . . . . .

ثم استثنى ممن كان يعبد أنهم لا يدخلون جهنم ، فقال سبحانه : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الجنة أولئك عنها يعنى جهنم مبعدون [ آية : ١٠١ ] يعنى

عيسى ، وعزيراً ، ومريم ، والملائكة ، عليهم السلام لا يسمعون حسيسها يقول : لا

يسمع أهل الجنة صوت جهنم حين يقال لهم : اخسئوا فيها ، ولا تكلموا ، فتغلق عليهم

أبوابها ، فلا تفتح عنهم أبداً ، ولا يسمع أحد صوتها .

١٠٢

الأنبياء : ١٠٢ لا يسمعون حسيسها . . . . .

 وهم يعنى هؤلاء في ما اشتهت أنفسهم خالدون [ آية : ١٠٢ ] يعنى لا

يموتون ، فلما سمع بنو سهم بما استثنى اللّه ، عز وجل ، ممن يعبد من الآلهة ، عزير ، وعيسى ،

ومريم ، والملائكة ، قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : هلا استثنيت هؤلاء حين سألناك ، فلما خلوت

تفكرت .

١٠٣

الأنبياء : ١٠٣ لا يحزنهم الفزع . . . . .

قوله سبحانه : لا يحزنهم الفزع الأكبر .

حدثنا أبو محمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن نعمان ، عن

سليم ، عن ابن عباس ، أنه قال على منبر البصرة : ما تقولون في تفسير هذه الآية : [ لاَ

يحزنهم الفزع الأكبر ] ؟ ثلاث مرات فلم يجبه أحد .

فقال : تفسير هذه الآية : أن اللّه ، عز وجل ، إذا ادخل أهل الجنة ، ورأوا ما فيها من

النعيم ذكروا الموت ، فيخافون أن يكون آخر ذلك الموت فيحزنهم ذلك ، وأهل النار إذا

دخلوا النار ورأوا ما فيها من العذاب يرجون أن يكون آخر ذلك الموت ، فأراد اللّه ، عز وجل ، أن يقطع حزن أهل الجنة ، ويقطع رجاء أهل النار ، فيبعث اللّه ، عز وجل ، ملكاً

وهو جبريل ، عليه السلام ، ومعه الموت في صورة كبش أملح ، فيشرف به على أهل

الجنة ؛ فينادي : يا أهل الجنة ، فيسمع أعلاها درجة وأسفلها درجة ، والجنة درجات ،

فيجيبه أهل الجنة ، فيقول : هل تعرفون هذا ؟   نعم ، هذا الموت ، قال : ثم ينصرف

به إلى النار ، فيشرف به عليهم فينادي أهل النار ، فيسمع أعلاها دركاً ، وأسفلها دركاً ،

والنار دركات ، فيجيبونه ، فيقول : هل تعرفون هذا ؟   نعم ، هذا الموت ، قال : ثم

يرده إلى مكان مرتفع بين الجنة والنار حيث ينظر إليه أهل الجنة ، وأهل النار ، فيقول

الملك : إنا ذابحوه ، فيقول أهل الجنة بأجمعهم : نعم ، لكي يأمنوا الموت ، ويقول أهل النار

بأجمعهم : لا ، لكي يذوقوا الموت ، قال : فيعمد الملك إلى الكبش الأملح ، وهو الموت

فيذبحه ، وأهل الجنة وأهل النار ينظرون إليه ، فينادي الملك : يا أهل الجنة ، خلود لا موت

فيه ، فيأمنون الموت . فذلك قوله تعالى : لا يحزنهم الفزع الأكبر ثم ينادي

الملك : يا أهل النار ، خلود لا موت فيه .

قال ابن عباس : فلولا ما قضى اللّه ، عز وجل ، على أهل الجنة من الخلود في الجنة ،

لماتوا من فرحتهم تلك ، ولولا ما قضى اللّه ، عز وجل ، على أهل النار من تعمير الأرواح

في الأبدان لماتوا حزناً . فذلك قوله ، عز وجل : وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر [ مريم : ٣٩ ] يعنى إذ وجب لهم العذاب ، يعنى ذبح الموت ، فاستيقنوا الخلود

في النار والحسرة والندامة ، فذلك قول اللّه ، عز وجل ، للمؤمنين : لا يحزنهم الفزع الأكبر يعنى الموت بعد ما دخلوا الجنة .

 وتتلقاهم الملائكة يعنى الحفظة الذين كتبوا أعمال بني آدم ، حين خرجوا

من قبورهم ، قالوا للمؤمنين : هذا يومكم الذي كنتم توعدون [ آية : ١٠٣ ] فيه الجنة

١٠٤

الأنبياء : ١٠٤ يوم نطوي السماء . . . . .

ثم قال : يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب يعنى كطي الصحيفة

فيها الكتاب ، قال سبحانه : كما بدأنا أول خلق نعيده وذلك أن كفار مكة

أقسموا باللّه جهد أيمانهم في سورة النحل : لا يبعث اللّه من يموت [ النحل : ٣٨ ] ، فأكذبهم اللّه ، عز وجل ، فقال سبحانه بلى وعداً عليه حقاً : كما بدأنا أول خلق نعيده يقول : هكذا نعيد خلقهم في الآخرة ، كما خلقناهم في الدنيا .

 وعدا علينا إنا كنا فاعلين [ آية : ١٠٤ ]

١٠٥

الأنبياء : ١٠٥ ولقد كتبنا في . . . . .

 ولقد كتبنا في الزبور يعنى

التوراة والإنجيل والزبور من بعد الذكر يعنى اللوح المحفوظ إن الأرض للّه

 يرثها عبادي الصالحون [ آية : ١٠٥ ] يعنى المؤمنون .

١٠٦

الأنبياء : ١٠٦ إن في هذا . . . . .

 إن في هذا القرآن لبلغاً إلى الجنة لقوم عابدين [ آية : ١٠٦ ]

يعنى موحدين .

١٠٧

الأنبياء : ١٠٧ وما أرسلناك إلا . . . . .

 وما أرسلناك يا محمد إلا رحمة للعالمين [ آية : ١٠٧ ] يعنى الجن

والإنس ، فمن تبع محمداً صلى اللّه عليه وسلم على دينه ، فهو له رحمة كقوله سبحانه : لعيسى ابن مريم

صلى اللّه عليه : ورحمة منا [ مريم : ٢١ ] لمن تبعه على دينه ، ومن لم يتبعه على

دينه صرف عنهم البلاء ، كان بين أظهرهم . فذلك قوله سبحانه : وما كان اللّه ليعذبهم وأنت فيهم [ الأنفال : ٣٣ ] كقوله لعيسى ابن مريم ، صلى اللّه عليه :

 ورحمة منا لمن تبعه على دينه .

١٠٨

الأنبياء : ١٠٨ قل إنما يوحى . . . . .

قال أبو جهل لعنه اللّه للنبي صلى اللّه عليه وسلم : أعمل أنت لإلهك يا محمد ، ونحن لآلهتنا قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد يقول : إنما ربكم رب واحد فهل أنتم

مسلمونَ [ آية : ١٠٨ ] يعنى مخلصون

١٠٩

الأنبياء : ١٠٩ فإن تولوا فقل . . . . .

 فَإن تولوا يقول : فإن أعرضوا عن الإيمان

 فقل لكفار مكة : ءاذنتكم على سواءٍ يقول : نادينكم على أمرين و  قل لهم وَإن أَدري يعنى ما أدري أَقريب أَم بعيدٌ ما توعدُونَ [ آية :

١٠٩ ] بنزول العذاب بكم في الدنيا .

١١٠

الأنبياء : ١١٠ إنه يعلم الجهر . . . . .

وقل لهم : إِنهُ يعلمُ الجهر يعنى العلانية من القول ويعلم ما

تكتمونَ [ آية : ١١٠ ] يعنى ما تسرون من تكذيبهم بالعذاب ، فأما الجهر ، فإن

كفار مكة حين أخبرهم النبي صلى اللّه عليه وسلم بالعذاب كانوا يقولون : متى هذا الوعد إن كنتم

صادقين [ سبأ : ٢٩ ، يس : ٤٨ ] والكتمان أنهم ،   إن العذاب ليس بكائن

١١١

الأنبياء : ١١١ وإن أدري لعله . . . . .

 وَ

قل لهم : يا محمد وإِن أدري يقول : ما أدري لعلهُ يعنى فلعل تأخير العذاب

عنكم في الدنيا ، يعنى القتل ببدر فتنةٌ لكم نظيرها في سورة الجن ،   لو

كان حقاً لنزل بنا العذاب ومتاع إلى حين [ آية : ١١١ ] يعنى وبلاغاً إلى آجالكم ، ثم

ينزل بكم العذاب ببدر

١١٢

الأنبياء : ١١٢ قال رب احكم . . . . .

 قُلْ رَبِّ احْكُم بِالحَقِّ يعني اقض بالعدل بيننا ، وبين كفار مكة ، فقضي اللّه لهم القتل ببدر وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون [ آية : ١١٢ ]

فأمر اللّه ، عز وجل ، النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يستعين به ، عز وجل ، على ما يقولون من تكذيبهم

بالبعث والعذاب .

قال الهذيل : قال الشماخ في الجاهلية :

النبع منبته بالصخر ضاحية

والنخل ينبت بين الماء والعجل

يعني الطين .

قال : وحدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو ررق في قوله ، عز وجل :

 وأوحينا إليهم فعل الخيرات قال : التطوع ، ولم أسمع الهذيل .

﴿ ٠