سورة النور

مقدمة

 مدنية وهي أربع وستون آية كوفية

 بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

النور : ١ سورة أنزلناها وفرضناها . . . . .

 سورة يريد فريضة وحكم أنزلناها وفرضناها يعنى وبيناها وأَنزلنا فيها ءايات بيناتٍ يعنى عز وجل آيات القرآن بينات ، يعنى واضحات ، يعنى حدوده تعالى وأمره ونهيه لعلكم يعنى لكي تذكرون [ آية : ١ ] ، فتتبعون ما فيه من الحدود والنهي .

٢

النور : ٢ الزانية والزاني فاجلدوا . . . . .

 الزانية والزاني إذا لم يحصنا فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة يجلد الرجل على بشرته وعليه إزار ، وتجلد المرأة جالسة عليها درعها ولا تأخذكم بهما رأفة في دين اللّه يعنى رقة في أمر اللّه ، عز وجل ، من تعطيل الحدود عليهما إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر الذي فيه جزاء الأعمال ، فلا تعطلوا الحد وليشهد عذابهما يعنى جلدهما طائفة من المؤمنين [ آية : ٢ ] يعنى رجلين فصاعدا ، يكون ذلك نكالا لهما وعظه للمؤمنين .

٣

النور : ٣ الزاني لا ينكح . . . . .

قال الفراء : الطائفة الواحد فما فوقه الزاني من أهل الكتاب لا ينكح إلا زانية من أهل الكتاب أو ينكح مشركة من غير أهل الكتاب من العرب ،

يعنى الولائد اللاتي يزنين بالأجر علانية منهن أم شريك جارية عمرو بن عمير

المخزومي ، وأم مهزول جارية بن أبي السائب بن عايذ ، وشريفة جارية زمعة بن الأسود ،

وجلالة جارية سهيل بن عمرو ، وقريبة جارية هشام بن عمرو ، وفرشي جارية عبد اللّه

ابن خطل ، وأم عليط جارية صفوان بن أمية ، وحنة القبطية جارية عبد اللّه بن خطل ، وأم

عليط جارية صفوان بن أمية ، وحنة القبطية جارية العاص بن وائل ، وأميمة جارية عبد

اللّه بن أبي ، ومسيكة بنت أمية جارية عبد اللّه بن نفيل ، كل امرأة منهن رفعت علامة

على بابها ، كعلامة البيطار ليعرف أنها زانية ، وذلك أن نفراً من المؤمنين سألوا النبي صلى اللّه عليه وسلم

عن تزويجهن بالمدينة ،   إئذن لنا في تزويجهن ، فإنهن أخصب أهل المدينة وأكثر

خيراً ، والمدينة غالية السعر ، والخبز بها قليل ، وقد أصابنا الجهد ، فإذا جاء اللّه ، عز وجل ،

بالخير طلقناهن وتزوجنا المسلمات ، فأنزل اللّه عز وجل : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة  والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك يقول : وحرم تزويجهن على المؤمنين [ آية : ٣ ] .

٤

النور : ٤ والذين يرمون المحصنات . . . . .

 والذين يرمون المحصنات يعنى نساء المؤمنين بالزنا ثم لم يأتوا بأربعة شهداء من

الرجال على قولهم فاجلدوهم ثمانين جلدة يجلد بين الضربين على ثيابه ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ما دام حياً وأولئك هم الفاسقون [ آية : ٤ ] يعنى العاصين في مقالتهم .

٥

النور : ٥ إلا الذين تابوا . . . . .

ثم استثنى ، فقال : إلا الذين تابوا من بعد ذلك يعنى بعد الرمي وأصلحوا العمل

فليسوا بفساق فإن اللّه غفور لقذفهم رحيم [ آية : ٥ ] بهم فقرأ النبي صلى اللّه عليه وسلم هاتين

الآيتين في خطبة يوم الجمعة ، فقال عاصم بن عدي الأنصاري للنبي صلى اللّه عليه وسلم : جعلني اللّه

فداك ، لو أن رجلاً منا وجد على بطن امرأته رجلاً ، فتكلم جلد ثمانين جلدة ، ولا تقبل

له شهادة في المسلمين أبداً ، ويسميه المسلمون فاسقاً ، فكيف لأحدنا عند ذلك بأربعة

شهداء ، إلى أن تلتمس أحدنا أربعة شهداء فقد فرغ الرجل من حاجته ،

٦

النور : ٦ والذين يرمون أزواجهم . . . . .

فأنزل اللّه عز

وجل في

قوله : والذين يرمون أزواجهم بالزنا ولم يكن لهم شهداء إِلا أَنفسهم فشهادة

أَحدهم يعنى الزوج أَربع شهادات باللّه إنه لمن الصادقين [ آية : ٦ ] إلى ثلاث آيات ،

فابتلى اللّه ، عز وجل ، عاصماً بذلك في يوم الجمعة الأخرى ، فأتاه ابن عمه عويمر

الأنصاري من بني العجلان بن عمرو بن عوف ، وتحته ابنة عمه أخي أبيه ، فرماها بابن

عمه شريك بن السحماء ، والخليل والزوج والمرأة كلهم من بني عمرو بن عوف ، وكلهم

بنو عم عاصم ، فقال : يا عاصم ، لقد رأيت شريكاً على بطن امرأتي ، فاسترجع عاصم ،

فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : أرأيت سؤالي عن هذه والذين يرمون أزواجهم ، فقد ابتليت بها في

أهل بيتي ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : وما ذاك يا عاصم فقال : أتاني ابن عمي فأخبرني أنه وجد

ابن عم لنا على بطن امرأته ، فأرسل النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى الزوج والخليل والمرأة ، فأتوه فقال النبي

 صلى اللّه عليه وسلم لزوجها عويمر : ويحك اتق اللّه ، عز وجل ، في خليلتك وابنة عمك أن تقذفها

بالزنا . فقال الزوج : أقسم لك باللّه ، عز وجل ، إني رأيته معها على بطنها ، وإنها لحبلى

منه ، وما قربتها منذ أربعة أشهر .

فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم للمرأة - خولة بنت قيس الأنصارية - : ويحك ما يقول زوجك ،

قالت : أحلف باللّه إنه لكاذب ، ولكنه غار ، ولقد رآني معه نطيل السمر بالليل ، والجلوس

بالنهار ، فما رأيت ذلك في وجهه ، وما نهاني عنه قط ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم للخليل : ويحك

ما يقول ابن عمك فحدثه مثل قولها ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم للزوج والمرأة : قوماً فأحلفا

باللّه ، عز وجل ، فقام الزوج عند المنبر دبر صلاة العصر يوم الجمعة ، وهو عويمر بن أمية ،

فقال : أشهد باللّه أن فلانة زانية ، يعنى امرأته خولة ، وإني لمن الصادقين ، ثم قال الثانية :

أشهد باللّه أن فلانة زانية ، ولقد رأيت شريكاً على بطنها ، وإني لمن الصادقين ، ثم قال

الثالثة : أشهد باللّه أن فلانة زانية ، وأنها لحبلى من غيري ، وإني لمن الصادقين ، ثم قال في

الرابعة : أشهد باللّه أن فلانة زانية ، وما قربتها منذ أربعة أشهر ، وإني لمن الصادقين ، ثم

قال الخامسة : لعنة اللّه على عويمر ، إن كان من الكاذبين عليها في قوله .

٧

النور : ٧ والخامسة أن لعنة . . . . .

 والخامسة أَن

لعنت اللّه عليه إن كان من الكاذبين [ آية : ٧ ] .

ثم قامت خولة بنت قيس الأنصاري مقام زوجها ، فقالت : أشهد باللّه ما أنا بزانية

وإن زوجي لمن الكاذبين ، ثم قالت : الثانية : أشهد باللّه ما أنا بزانية ، وما رأى شريكاً على

بطني ، وإن زوجي لمن الكاذبين ، ثم قالت الثالثة : أشهد باللّه ما أنا بزانية ، وإني لحبلى منه

وإنه لمن الكاذبين ، ثم قالت الرابعة : أشهد باللّه ما أنا بزانية ، وما رأى على من ريبة ولا

فاحشة ، وإن زوجي لمن الكاذبين ، ثم قالت الخامسة : غضب اللّه على خولة إن كان

عويمراً من الصادقين في

قوله : ففرق النبي صلى اللّه عليه وسلم بينهما .

٨

النور : ٨ ويدرأ عنها العذاب . . . . .

فذلك قوله عز وجل : ويدرؤا عنها العذاب يقول : يدفع عنها الحد لشهادتها بعد

 أن تشهد أربع شهادات باللّه إنه لمن الكاذبين [ آية : ٨ ]

٩

النور : ٩ والخامسة أن غضب . . . . .

 والخامسة أن غضب اللّه عليها إن كان زوجها من الصادقين [ آية : ٩ ] في قوله ، وكان الخليل رجلاً أسود ابن

حبشية ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : إذا ولدت فلا ترضع ولدها حتى تأتوني به ، فأتوه بولدها ،

فإذا هو أشبه الناس بالخليل ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : لولا الأيمان ، لكان لي فيهما أمر .

والمتلاعنان يفترقان فلا يجتمعان أبداً ، وإن صدقت زوجها لم يتلاعنا ، فإن كان زوجها

جامعها بعد الدخول بها رجمت ويرثها زوجها ، وإن كان لم يجمعها جلدت مائة وهي

امرأته ، وإن كان الزوج رجع عن قوله قبل أن يفرغا من الملاعنة جلد ثمانين جلدة

وكانت امرأته كما هي .

١٠

النور : ١٠ ولولا فضل اللّه . . . . .

ثم قال اللّه عز وجل : ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته يعنى ونعمته لأظهر المريب

يعنى الكاذب منهما ، ثم قال : وأن اللّه تواب على التائب حكيم [ آية : ١٠ ]

حكم الملاعنة ،

١١

النور : ١١ إن الذين جاؤوا . . . . .

ثم قال عز وجل : إن الذين جاءو بالإفك يعنى بالكذب عصبة منكم وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم انطلق غازياً ، وانطلقت معه عائشة بنت أبي بكر ، رضي اللّه عز وجل عنهما ، زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ومع النبي صلى اللّه عليه وسلم يومئذ رفيق له ، يقال له : صفوان بن معطل ، من

بني سليم ، وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا سار ليلاً مكث صفوان في مكانه ، حتى يصبح ، فإن

سقط من المسلمين شيء من متاعهم حمله إلى العسكر فعرفه ، فإذا جاء صاحبه دفعه إليه ،

وأن عائشة ، رضي اللّه عنهما ، لما نودي بالرحيل ذات ليلة ركبت الرحل ، فدخلت

هودجها ، ثم ذكرت حلياً كان لها نسيته في المنزل ، فنزلت لتأخذ الحلى ، ولا يشعر بها

صاحب البعير ، فانبعث فسار مع المعسكر ، فلما وجدت عائشة ، رضي اللّه عنهما ، حليها ،

وكان جزعاً ظفارياً لا ذهب فيه ، ولا فضة ، ولا جوهر ، فإذا البعير قد ذهب ، فجعلت

تمشي على إثره وهي تبكي ، وأصبح صفوان بن المعطل في المنزل ، ثم سار في أثر النبي

 صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه ، فإذا هو بعائشة ، رضي اللّه عنها ، قد غطت وجهها تبكي ، فقال صفوان :

من هذا ؟ فقالت : أنا عائشة ، فاسترجع ونزل عن بعيره ، وقال : ما شأنك يا أم المؤمنين ؟

فحدثته بأمر الحلى فحملها على بعيره ، ونزل النبي صلى اللّه عليه وسلم ففقد عائشة ، رضي اللّه عنها ، فلم

يجدها فلبثوا ما شاء اللّه ، ثم جاء صفوا وقد حملها على بعيره ، فقذفها عبد اللّه بن أبي

وحسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف ، وحمنة بنت

جحش أخت عبد اللّه بن جحش الأسدي .

يقول اللّه تعالى : لا تحسبوه شرا لكم لأنكم تؤجرون على ما قد قيل لكم من

الأذى بل هو خير لكم حين أمرتم بالتثبت والغطة لكل امرى منهم ما اكتسب من

الإثم على قدر ما خاص فيه من أمر عائشة ، رضي اللّه عنها ، وصفوان بن المعطل

السلمي والذي تولى كبره منهم يعنى عظمة منهم ، يعنى من العصبة ، وهو عبد اللّه

ابن أبي رأس المنافقين ، وهو الذي قال : ما برئت منه ، وما برئ منها له عذاب عظيم [ آية : ١١ ] أي شديد .

ففي هذه الآية عبرة لجميع المسلمين إذا كانت بينهم خطيئة ، فمن أعلن عليها بفعل ،

أو كلام ، أو عرض ، أو أعجبه ذلك ، أو رضى ربه ، فهو شريك في تلك الخطيئة على قدر

ما كان بينهم ، والذي تولى كبره ، يعنى الذي ولى الخطيئة بنفسه ، فهو أعظم إثماً عند اللّه ، عز وجل وهو المأخوذ به ، قال : فإذا كانت خطيئة بين المسلمين فمن شهد وكره ، فهو مثل

الغائب ، ومن غاب ورضى فهو كمن شهد ، ثم وعظ الذين خاضوا في أمر عائشة ،

رضي اللّه عنها ،

١٢

النور : ١٢ لولا إذ سمعتموه . . . . .

فقال : لولا إذ سمعتموه يقول : هلا إذ سمعتم قذف عائشة ، رضي اللّه

عنها ، بصفوان كذبتم به ألا ظن المؤمنون والمؤمنت لأن فيهم حمنة بنت جحش

 بأنفسهم خيرا يقول : ألا ظن بعضهم ببعض خيراً بأنهم لم يزنوا و ألا وقالوا هذا إفك مبين [ آية : ١٢ ] يقول : ألا قالوا هذا القذف كذب بين ،

١٣

النور : ١٣ لولا جاؤوا عليه . . . . .

ثم ذكر الذين قذفوا

عائشة ، فقال : لولا يعنى هلا جاءو عليه يعنى على القذف بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء : بأربعة شهداء فأولئك عند اللّه هم الكذبون [ آية : ١٣ ] في

قولهم ، يعنى الذين قذفوا عائشة ، رحمها اللّه ،

١٤

النور : ١٤ ولولا فضل اللّه . . . . .

ثم قال : ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته

يعنى ونعمته في الدنيا

والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم [ آية : ١٤ ] يقول :

لأصابكم فيما قلتم من القذف العقوبة في الدنيا

والآخرة ، فيها تقديم

١٥

النور : ١٥ إذ تلقونه بألسنتكم . . . . .

 إذ تلقونه بألسنتكم يقول : إذا يرونه بعضكم عن بعض وتقولون بأفواهكم يعنى بألسنتكم

 ما ليس لكم به علم يقول : من غير أن تعلموا أن الذي قلتم من القذف حق

 وتحسبونه هينا يقول : تحسبون القذف ذنباً هيناً وهو عند اللّه عظيم [ آية : ١٥ ]

في الوزر ،

١٦

النور : ١٦ ولولا إذ سمعتموه . . . . .

ثم وعظ الذين خاضوا في أمر عائشة ، رضي اللّه عنها ، فقال سبحانه :

 ولولا يعنى هلا إذ سمعتموه يعنى القذف قلتم ما يكون لنا يعنى ما ينبغي

لنا أن نتكلم بهذا الأمر هلا قلتم مثل ما قال سعد بن معاذ ، رضي اللّه عنه ، وذلك أن

سعداً لما سمع القول في أمر عائشة ، قال : سبحانك هذا بهتان عظيم .

ثم قال عز وجل : ألا قلتم سبحانك يعنى ألا نزهتم الرب جل جلاله عن أن

يعصى وقلتم هذا القول بهتن عظيم [ آية : ١٦ ] لشدة قولهم ، والبهتان الذي

يبهت ، فيقول ما لم يكن من قذف أو غيره ،

١٨

النور : ١٧ يعظكم اللّه أن . . . . .

ثم وعظ الذين خاضوا في أمر عائشة رضي

اللّه عنها ، فقال : يعظكم اللّه أن تعودوا لمثله أبدا يعنى القذف أبداَ إن كنتم مؤمنين [ آية : ١٧ ]

١٨

النور : ١٨ ويبين اللّه لكم . . . . .

 ويبين اللّه لكم الآيات يعنى أموره واللّه عليم حكيم [ آية : ١٨ ] .

١٩

النور : ١٩ إن الذين يحبون . . . . .

 إن الذين يحبون يعنى من قذف عائشة ، رضي اللّه عنها ، وصفوان أن تشيع الفاحشة يعنى أن يظهر الزنا ، أحبوا ما شاع لعائشة ، رضي اللّه عنها ، من الثناء السيئ

 في الذين ءامنوا في صفوان وعائشة ، رضي اللّه عنهما لهم عذاب أليم يعنى

وجيع في الدنيا

والآخرة يعنى عذاب النار واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون [ آية : ١٩ ]

٢٠

النور : ٢٠ ولولا فضل اللّه . . . . .

 ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته يعنى نعمته لعاقبكم فيها قلتم لعائشة ، رضي اللّه

عنها ، ثم قال عز وجل : وأن اللّه رءوف يعنى رفيق بكم رحيم [ آية : ٢٠ ] بكم

حين عفا عنكم ، فلم يعاقبكم في أمر عائشة ، رضي اللّه عنها .

٢١

النور : ٢١ يا أيها الذين . . . . .

 يأيها الذين ءامنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان يعنى تزيين الشيطان في قذف

عائشة ، رضي اللّه عنها ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء يعنى بالمعاصي

 والمنكر يعنى ما لا يعرف ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته يعنى نعمته ما زكي يعنى ما صلح منكم من أحد أبدا ولكن اللّه يزكي يعنى يصلح من يشاء واللّه سميع لقولهم لعائشة عليم [ آية : ٢١ ] به .

٢٢

النور : ٢٢ ولا يأتل أولوا . . . . .

 ولا يأتل يعنى ولا يحلف أولوا الفضل منكم يعنى في الغنى والسعة

في الرزق ، يعنى أبا بكر الصديق ، رضي اللّه عنه أن يؤتوا أولي القربى يعنى مسطح بن

أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف ، وأمه اسمها أسماء بنت أبي جندل بن نهشل ، قرابة

أبي بكر الصديق ابن خالته والمساكين لأن مسطحاً كان فقيراً والمهاجرين في سبيل اللّه لأنه كان من المهاجرين الذين هاجروا إلى المدينة وليعفوا يعنى وليتركوا

 وليصفحوا يعنى وليتجاوزوا عن مسطح ألا تحبون يعنى أبا بكر أن يغفر اللّه لكم واللّه غفور رحيم [ آية : ٢٢ ] يعنى بالمؤمنين ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لأبي بكر رضي اللّه

عنه : أما تحب أن يغفر اللّه تعالى لك ؟ قال : بلى ، قال : فاعف واصفح ، فقال أبو بكر

رضي اللّه عنه : قد عفوت وصفحت لا أمنعه معروفاً بعد اليوم ، وقد جعلت له مثل ما

كان قبل اليوم ، وكان أبو بكر ، رضي اللّه عنه ، قد حرمه تلك العطية حين ذكر عائشة ،

رضي اللّه عنها ، بالسوء .

٢٣

النور : ٢٣ إن الذين يرمون . . . . .

 إن الذين يرمون يعنى يقذفون بالزنا الحصنت لفروجهن عفائف ، يعنى

عائشة ، رضي اللّه عنها الغفلت عن الفواحش المؤمنت يعنى المصدقات

 لعنوا يعنى عذبوا بالجلد ثمانين في الدنيا و في

والآخرة بعذاب النار ،

يعني عبد اللّه بن أبي يعذب بالنار ؛ لأنه منافق ولهم عذاب عظيم [ آية : ٢٣ ] ثم

ضرب النبي صلى اللّه عليه وسلم عبد اللّه بن أبي ، وحسان بن ثابت ، ومسطح ، وحمنة بنت جحش ، كل

واحد منهم ثمانين في قذف عائشة ، رضي اللّه عنها .

٢٤

النور : ٢٤ يوم تشهد عليهم . . . . .

 يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون [ آية : ٢٤ ]

٢٥

النور : ٢٥ يومئذ يوفيهم اللّه . . . . .

 يومئذ في

الآخرة يوفيهم اللّه دينهم الحق يعنى حسابهم بالعدل لا يظلمون ويعلمون أن اللّه هو الحق المبين [ آية : ٢٥ ] يعنى العدل البين .

٢٦

النور : ٢٦ الخبيثات للخبيثين والخبيثون . . . . .

ثم قال تعالى : الخبيثات يعنى السيئ من الكلام للخبيثين من الرجال

والنساء الذين قذفوا عائشة ، لأنه يليق بهم الكلام السيئ والخبيثون من الرجال

والنساء للخبيثات يعنى السيئ من الكلام لأنه يليق بهم الكلام السيئ .

قال سبحانه : والطيبات يعنى الحسن من الكلام للطيبين من الرجال

والنساء ، يعنى عز وجل الذين ظنوا بالمؤمنين والمؤمنات خيراً والطيبون من الرجال

والنساء للطيبات يعنى الحسن من الكلام ، لأنه يليق بهم الكلام الحسن ، ثم قال

تعالى : أولئك مبرءون مما يقولون يعنى مما يقول هؤلاء القاذفون الذين قذفوا عائشة ،

رضي اللّه عنها ، هم مبرأون من الخبيثات من الكلام لهم مغفرة لذنوبهم ورزوق

كريم [ آية : ٢٦ ] يعنى رزقاً حسناً في الجنة .

٢٧

النور : ٢٧ يا أيها الذين . . . . .

 يأيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا يعنى حتى

تستأذنوا وتسلموا على أهلها فيها تقديم فابدءوا بالسلام قبل الاستئذان ، وذلك أنهم

كانوا في الجاهلية يقول بعضهم لبعض : حييت صباحاً ومساءً ، فهذه كانت تحية القوم

بينهم ، حتى نزلت هذه الآية ، ثم قال : ذلكم يعنى السلام والاستئذان خير لكم يعنى أفضل لكم من أن تدخلوا بغير إذن لعلكم تذكرون [ آية : ٢٧ ] أن

التسليم والاستئذان خير لكم ، فتأخذون به ، ويأخذ أهل البيت حذرهم ،

٢٨

النور : ٢٨ فإن لم تجدوا . . . . .

 فإن لم تجدوا

فيها أحداً يعنى في البيوت فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم في الدخول وإن قيل

لكم ارجعوا فأرجعوا ولا تقعدوا ولا تقوموا على أبواب الناس ، فإن لهم حوائج هو

أزكى لكم يقول : الرجعة خير لكم من القيام والقعود على أبوابهم واللّه بما تعملون

عليم [ آية : ٢٨ ] إن دخلتم بإذن أو بغير إذن ، فمن دخل بيتاً بغير إذن أهله ، قال له

ملكاه اللذان يكتبان عليه : أف لك عصيت وآذيت ، يعنى عصيت اللّه ، عز وجل ، وآذيت

أهل البيت ،

٢٩

النور : ٢٩ ليس عليكم جناح . . . . .

فلما نزلت آية التسليم والاستئذان في البيوت ، قال أبو بكر الصديق ، رضى

اللّه عنه ، للنبي صلى اللّه عليه وسلم : فكيف بالبيوت التي بين مكة والمدينة والشام على ظهر الطريق ليس

فيها ساكن ؟ فأنزل اللّه عز وجل في قول أبي بكر الصديق ، رضي اللّه عنه : ليس عليكم

جناح يعنى حرج أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونه ليس بها ساكن فيها متع يعنى

منافع لكم من البرد والحر ، يعنى الخانات والفنادق واللّه يعلم ما تبدون يعنى

ما تعلنون بألسنتكم وما تكتمون [ آية : ٢٩ ] يعنى ما تسرون في قلوبكم .

٣٠

النور : ٣٠ قل للمؤمنين يغضوا . . . . .

 قل للمؤمنين يغضوا يخفضوا من أبصرهم ومن هاهنا صلة ، يعنى يحفظوا

أبصارهم كلها عما لا يحل النظر إليه ويحفظوا فروجهم عن الفواحش وذلك

الغض للبصر ، والحفظ للفرج أزكى لهم يعنى خيراً لهم ، من أن لا يغضوا الأبصار ، ولا

يحفظوا الفروج ، ثم قال عز وجل : إن اللّه خبير بما يصنعون [ آية : ٣٠ ] في الأبصار

والفروج ، نزلت هذه الآية والتي بعدها في أسماء بنت مرشد كان لها في بني حارثة نخل

يسمى الوعل ، فجعلت النساء يدخلنه غير متواريات ، يظهرن ما على صدورهن

وأرجلهن وأشعارهن ، فقالت أسماء : ما أقبح هذا .

٣١

النور : ٣١ وقل للمؤمنات يغضضن . . . . .

فأنزل اللّه عز وجل وقل للمؤمنت يغضضن من أبصرهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين

زينتهن إلا ما ظهر منها يعنى الوجه والكفين وموضع السوارين وليضربن بخمرهن على جيوبهن يعنى على صدورهن ولا يبدين زينتهن يعنى عز وجل ولا يضعن

الجلباب إلا لبعولتهن يعنى أزواجهن أو ءابائهن أو ءاباء بعولتهن أو

أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخونهن أو بني إخونهن أو بني أخوتهن .

ثم قال : أو نسائهن يعنى نساء المؤمنات كلهن أو ما ملكت أيمنهن من

العبيد أو التابعين وهو الرجل تبع الرجل فيكون معه من غير عبيده ، من غير أولي الإربة من الرجال يقول : من لا حاجة له في النساء : الشيخ الهرم ، والعنين ،

والخصى ، والعجوب ، ونحوه ، قال سبحانه : أو الطفل يعنى الغلمان الصغار

الذين لم يظهروا على عورات النساء لا يدرون ما النساء من الصغر ، فلا بأس بالمرأة

أن تضع الجلباب عند هؤلاء المسلمين في هذه الآية ، ثم قال تعالى : ولا يضربن

بأرجلهن يقول : ولا يحركن أرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن يعنى الخلخال ، وذلك أن المرأة يكون في رجلها خلخال فتحرك رجلها عمداً ليسمع صوت الجلاجل ،

فذلك قوله عز وجل : ولا يضربن بأرجلهنَّ  وتوبوا إِلى اللّه جميعاً من الذنوب

التي أصابوها مما في هذه السورة آية المُؤمنون مما نهى عنه عز وجل من أول

هذه السورة إلى هذه الآية لعلكم يعنى لكي تُفلحونَ [ آية : ٣١ ] .

٣٢

النور : ٣٢ وأنكحوا الأيامى منكم . . . . .

 وَأَنكحوا الأيمي منكم يعنى الأحرار بعضكم بعضاً ، يعنى من الأزواج من رجل ،

أو امرأة ، وهما حران فأمر اللّه ، عز وجل ، أن يزوجا ، قال سبحانه : وَ  انكحوا والصالحينَ من عبادكم وإمائكم يقول : وزوجوا المؤمنين من عبيدكم وإمائكم ، فإنه

أغض للبصر ، وأحفظ للفرج ، ثم رجع إلى الأحرار ، فيها تقديم إِن يكونواْ فقرآء لا

سعة لهم في التزويج يعنهم اللّه من فضله الواسع فوعدهم أن يوسع عليهم عند

التزويج واللّه واسع لخلقه عليم [ آية : ٣٢ ] بهم ، فقال عمر ، رضي اللّه عنه :

ما رأيت أعجز ممن لم يلتمس الغناء في الباءة ، يعنى النساء ، يعنى قول اللّه ، عز وجل :

 إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله .

٣٣

النور : ٣٣ وليستعفف الذين لا . . . . .

 وليستعفف عن الزنا ، ويقال : نكاح الأمة الذين لا يجدون نكاحا يعنى سعة

التزويج حتى يغنيهم اللّه من فضله يعنى برزقه فيتزوج الحرائر تزوجوا الإماء والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم يعنى عبيدكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا يعنى

مالاً ، نزلت في حويطب بن عبد العزى ، وفي غلامه صبيح القبطي ، وذلك أنه طلب إلى

سيده المكاتبة على مائة دينار ، ثم وضع عنه عشرين ديناراً ، فأداها وعتق ، ثم إن صبيحاً

يوم حنين أصابه سهم فمات منه ، ثم أمر اللّه تبارك تعالى أن يعينوا في الرقاب ، فقال :

 وءاتوهم يعنى وأعطوهم مَن مالِ اللّه الذي ءاتكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء

يقول : ولا تكرهوا ولائدكم على الزنا ، نزلت في عبد اللّه بن أبي المنافق ، وفي جاريته

أميمة ، وفي عبد اللّه بن نتيل المنافق ، وفي جاريته مسيكة ، وهي بنت أميمة ، ومنهن أيضاً

معاذة ، وأروى ، وعمرة ، وقتيلة ، فأتت أميمة وابنتها مسيكة للنبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقالت : إنا نكره

على الزنا ، فأنزل اللّه عز وجل ، هذهذ الآية : ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء  إن أردن تحصنا يعنى تعففاً عن الفواحش لتبتغوا عرض الحيوة الدنيا يعنى كسبهن وأولادهن .

من لزنا ومن يكرههن على الزنا فإن اللّه من بعد إكراههن لهن في قراءة ابن

مسعود غفور لذنوبهن رحيم [ آية : ٣٣ ] بهن ، لأنهن مكرهات .

٣٤

النور : ٣٤ ولقد أنزلنا إليكم . . . . .

 ولقد أنزلنا إِليكم ءايت مبيناتٍ يعني الحلال والحرام والحدود وأمره ونهيه مما ذكر

في هذه السورة إلى هذه الآية ، قال سبحانه : ومثلا من الذين خلوا من قبلكم يعنى

سنن العذاب في الأمم الخالية حين كذبوا رسلهم  وموعظة يعنى وعظة

 للمتقين [ آية : ٣٤ ] .

٣٥

النور : ٣٥ اللّه نور السماوات . . . . .

 اللّه نور السماوات والأرض يقول : اللّه هادي أهل السموات والأرض ، ثم

انقطع الكلام ، وأخذ في نعت نبيه صلى اللّه عليه وسلم وما ضرب له من المثل ، فقال سبحانه : مثل نوره مثل نور محمد صلى اللّه عليه وسلم إذا كان مستودعاً في صلب أبيه عبد اللّه بن عبد المطلب

 كمشكوة يعنى بالمشكاة الكوة ليست بالنافذة فيها مصباح يعنى السراج

 المصباح في زجاجة الصافية تامة الصفاء ، يعنى بالمشكاة صلب عبد اللّه أبي محمد

 صلى اللّه عليه وسلم ، ويعنى بالزجاجة جسد محمد صلى اللّه عليه وسلم ، ويعنى بالسراج الإيمان في جسد محمد صلى اللّه عليه وسلم ، فلما

خرجت الزجاجة فيها المصباح من الكوة صارت الكوة مظلمة ، فذهب نورها ، والكوة

مثل عبد اللّه ، ثم شبه الزجاجة بمحمد صلى اللّه عليه وسلم في كتب الأنبياء ، عليهم السلام ، لا خفاء فيه

كضوء الكوكب الدري ، وهو الزهرة في الكواكب ، ويقال : المشتري وهو البرجرس

بالسريانية الزُّجاجة كأنها كوكبٌ ذُري يوقد من شجرةٍ مُباركةِ يعنى بالشجرة

المباركة إبراهيم خليل الرحمن صلى اللّه عليه وسلم ، يقول : يوقد محمد من إبراهيم ، عليهما السلام ، وهو

من ذريته ، ثم ذكر إبراهيم عليه السلام ، فقال سبحانه : زيتونة قال : طاعة حسنة

 لا شرقية ولا غربية يقول : لم يكن إبراهيم ، عليه السلام ، يصلي قبل المشرق كفعل

النصارى ، ولا قبل المغرب كفعل اليهود ، ولكنه كان يصلي قبل الكعبة ، ثم قال : يكادُ

زيتها يضيء ولو لم تمسسهُ نارٌ يعنى إبراهيم يكاد علمه يضيء .

وسمعت من يحكي ، عن أبي صالح في قوله تعالى : يكاد زيتها يضيءُ قال : يكاد

محمد صلى اللّه عليه وسلم أن يتكلم بالنبوة قبل أن يوحي إليه ، يقول : ولو لم تمسسه نار يقول :

ولو لم تأته النبوة لكانت طاعته مع طاعة الأنبياء ، عليهم السلام ، ثم قال عز وجل :

 نور على نور قال محمد صلى اللّه عليه وسلم نبي خرج من صلب نبي ، يعنى إبراهيم ، عليهما السلام ،

 يهدي اللّه لنوره من يشاء قال : يهدي اللّه لدينه من يشاء من عباده ، وكأن الكوة مثلا

لعبد اللّه بن عبد المطلب ، ومثل السراج مثل الإيمان ، ومثل الزجاجة مثل جسد محمد صلى اللّه عليه وسلم ،

ومثل الشجرة المباركة مثل إبراهيم ، عليهما السلام ، فذلك قوله عز وجل : ويضربُ

اللّه الأمثال للناس واللّه بكل شيءٍ عليمٌ [ آية : ٣٥ ] .

٣٦

النور : ٣٦ في بيوت أذن . . . . .

 في بيوت أذن اللّه أن ترفع يقول : أمر اللّه ، عز وجل ، أن ترفع ، يعنى أن تبنى ، أمر اللّه

عز وجل برفعها وعمارتها و أمر أن ويذكر فيها اسمه يعنى يوحد اللّه عز

وجل نظيرها في البقرة : يسبح له فيها بالغدو والآصال [ آية : ٣٦ ] يقول : يصلي للّه

عز وجل .

٣٧

النور : ٣٧ رجال لا تلهيهم . . . . .

 رجال فيها تقديم بالغدو والعشي ، فقال سبحانه : لا تلهيهم تجارة

يعنى شراء ولا بيع عن ذكر اللّه يعنى الصلوات المفروضة وَإِقام الصلوة وإيتاء الزكوة

يقول : لا تلهيهم التجارة عن إقام الصلاة ، وإعطاء الزكاة ، ثم أخبر عنهم ، فقال سبحانه :

 يخافون يوما تتقلب فيه القلوب حين زالت من أماكنها من الصدور فنشبت في

حلوقهم عند الحناجر ، قال : والأبصار [ آية : ٣٧ ] يعنى تقلب أبصارهم فتكون

حلوقهم عند الحناجر ، قال : والأبصار [ آية : ٣٧ ] يعنى تقلب أبصارهن فتكون

رزقاً .

٣٨

النور : ٣٨ ليجزيهم اللّه أحسن . . . . .

 ليجزيهم اللّه أحسن ما يعنى الذي عملوا من الخير ولهم مساوئ ، فلا يجزيهم

بها ويزيدهم على أعمالهم من فضله فضلاً على أعمالهم واللّه يرزق من يشاء بغير حساب [ آية : ٣٨ ] يقول اللّه تعالى : ليس فوقي ملك يحاسبني ، أنا الملك ، أعطي

من شئت بغير حساب ، لا أخاف من أحد يحاسبني .

٣٩

النور : ٣٩ والذين كفروا أعمالهم . . . . .

 والذين كفروا بتوحيد اللّه مثل أعمالهم الخبيثة كسراب بقيعة يعنى

عز وجل بالسراب الذي يرى في الشمس بأرض قاع يحسبه الظمئانُ يعنى

العطشان ماء فيطلبه ويظن أنه قادر عليه حتى إذا جاءه يعنى أتاه لم يجده شيئا فهكذا الكافر إذا انتهى إلى عمله يوم القيامة وجده لم يغن عنه شيئاً ، لأنه عمله

في غير إيمان ، كما لم يجد العطشان السراب شيئاً حتى انتهى إليه ، فمات من العطش

فهكذا الكافر يهلك يوم القيامة كما هلك العطشان حين انتهى إلى السراب ، يقول :

 ووجد اللّه جل جلاله بالمرصاد عنده عمله فوفاه حسابه يقول : فجازاه

بعمله لم يظلمه واللّه سريع الحساب [ آية : ٣٩ ] يخوفه بالحساب كأنه قد كان ، نزلت

في شيبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف ، وكان يلتمس الدين في الجاهلية ، ويلبس

الصفر ، فكفر في الإسلام .

٤٠

النور : ٤٠ أو كظلمات في . . . . .

ثم ضرب اللّه عز وجل لشيبة وكفره بالإيمان مثلاً آخر ، فقال : أو كظلمات في بحر لجي يعنى في بحر عميق ، والبحر إذا كان عميقاً كان أشد لظلمته ، يعنى بالظلمات

الظلمة التي فيها الكافر ، والبحر اللجي قلب الكافر يغشيهُ موجٌ فوق الماء ، ثم

يذهب عنه ذلك الموج ، ثم يغشاه موج آخر مكان الموج الأول . فذلك قوله عز وجل :

 يغشاهُ موجٌ من فوقه موج من فوقه سحاب ظُلمتُ فهي ظلمة الموج ، وظلمة الليل ،

وظلمة البحر والسحاب ، يقول : وهذه ظلمات بعضها فوق بعض فهكذا الكافر قبله

مظلم في صدر مظلم ، في جسد مظلم ، لا يبصر نور الإيمان ، كما أن صاحب البحر

 إذا أخرج يده في ظلمة الماء لم يكد يرها يعنى لم يرها البتة ، فذلك قوله عز

وجل : ومن لم يجعل اللّه له نورا يعنى الهدى الإيمان فما له من نور [ آية : ٤٠ ] يعنى

من هدى .

 إذا أخرج يده لم يكد يراها لم يقارب به البصر ، كقوله الرجل لم يصب ، ولم

يقارب .

٤١

النور : ٤١ ألم تر أن . . . . .

 ألم تر أن اللّه يسبح له يقول : ألم تعلم أن اللّه يذكره من في السماوات من

الملائكة و من في والأرض من المؤمنين : من الإنس والجن والطير صافات

الأجنحة كل من فيها : في السموات والأرض قد علم صلاته من الملائكة ،

والمؤمنين من الجن والإنس ، ثم قال عز وجل : وتسبيحه يعنى ويذكره كل مخلوق

بلغته غير كفار الإنس والجن واللّه عليم بما يفعلون [ آية : ٤١ ] .

٤٢

النور : ٤٢ وللّه ملك السماوات . . . . .

 وللّه ملك السماوات والأرض وإلى اللّه المصير [ آية : ٤٢ ] في الآخرة

٤٣

النور : ٤٣ ألم تر أن . . . . .

 ألم تر أن اللّه

يقول : ألم تعلم أن اللّه يزجي يعنى يسوق سحابا ثم يؤلف بينه يعنى يضم بعضه

إلى بعض ثم يجعله ركاما يعنى قطعاً يحمل بعضها على إثر بعض ، ثم يؤلف بينه ،

يعنى يضم السحاب بعضه إلى بعض بعد الركام فترى الودق يخرج من خلاله يقول :

فترى المطر يخرج من خلال السحاب وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به

بالبرد من يشاء فيضر في زرعه وثمره ويصرفه عن من يشاء فلا يضره في زرعه ،

ولا في ثمره يكاد سنا برقه يقول : ضوء برقه يذهب بالأبصار [ آية : ٤٣ ] .

٤٤

النور : ٤٤ يقلب اللّه الليل . . . . .

 يُقلبُ اللّه اليلَ والنهار يعنى بالتقلب اختلافهما : أنه يأتي بالليل ويذهب بالنهار ،

ثم يأتي بالنهار ، ويذهب بالليل إن في ذلك الذي ذكر من صنعه لعبرة لأولي الأبصار [ آية : ٤٤ ] يعنى لأهل البصائر في أمر اللّه ، عز وجل .

٤٥

النور : ٤٥ واللّه خلق كل . . . . .

 واللّه خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه يعنى الهوام ومنهم من يمشي على رجلين الإنس والجن والطير ومنهم من يمشي على أربع قوائم يعنى الدواب والأنعام

والوحش والسباع يخلق اللّه ما يشاء إِن اللّه على كل شيءٍ من الخلق قدير [ آية :

٤٥ ] .

٤٦

النور : ٤٦ لقد أنزلنا آيات . . . . .

 لقد أَنزلنا ءايت مُبيناتٍ لما فيه من أمره ونهيه واللّه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم [ آية : ٤٦ ] يعنى إلى دين مستقيم ، يعنى الإسلام ، وغيره من الأديان ليس

بمستقيم .

٤٧

النور : ٤٧ ويقولون آمنا باللّه . . . . .

 ويقولونَ ءامنا باللّه يعنى صدقنا بتوحيد اللّه ، عز وجل وبالرسول يعنى

محمداً صلى اللّه عليه وسلم أنه من اللّه ، عز وجل ، نزلت في بشر المنافق وأطعنا قولهما ثم يتولى فريق منهم يعنى ثم يعرض عن طاعتهما طائفة منهم من بعد ذلك يعنى من بعد

الإيمان باللّه ، عز وجل ، ورسوله صلى اللّه عليه وسلم  وما أولئك بالمؤمنين [ آية : ٤٧ ] يعنى عز وجل

بشر المنافق .

٤٨

النور : ٤٨ وإذا دعوا إلى . . . . .

ثم أخبر عنه ، فقال تعالى : وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم يعنى

من المنافقين معرضون [ آية : ٤٨ ] عن النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى كعب بن الأشرف ، وذلك أن

رجلاً من اليهود كان بينه وبين بشر خصومة ، وأن اليهودي دعا بشراً إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ،

ودعاه بشر إلى كعب ، فقال بشر : إن محمداً يحيف علينا .

٤٩

النور : ٤٩ وإن يكن لهم . . . . .

يقول اللّه عز وجل : وإن يكن لهم الحق يعنى بشر المنافق يأتوا إليه مذعنين

[ آية : ٤٩ ] يأتوا إليه طائعين مسارعين إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم

٥٠

النور : ٥٠ أفي قلوبهم مرض . . . . .

 أفي قلوبهم مرض يعنى الكفر

 أم ارتابوا أم شكوا في القرآن أم يخافون أن يحيف اللّه عليهم يعنى أن يجور اللّه عز

وجل عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون [ آية : ٥٠ ] ، ثم نعت الصادقين في

إيمانهم .

٥١

النور : ٥١ إنما كان قول . . . . .

فقال سبحانه : إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله يعنى إلى كتابه

ورسوله ، يعنى أمر رسوله صلى اللّه عليه وسلم  ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا قول النبي صلى اللّه عليه وسلم  وأطعنا

أمره وأولئك هم المفلحون [ آية : ٥١ ] .

٥٢

النور : ٥٢ ومن يطع اللّه . . . . .

 ومن يطع اللّه ورسوله في أمر الحكم ويخش اللّه في ذنوبه التي عملها ، ثم

قال تعالى : ويتقه ومن يتق اللّه تعالى ، فيما بعد فلم يعصه فأولئك هم الفائزون

[ آية : ٥٢ ] ، يعنى الناجون من النار ، فلما بين اللّه ، عز وجل ، كراهية المنافقين لحكم النبي

 صلى اللّه عليه وسلم أتوه ، ف  واللّه لو أمرتنا أن نخرج من ديارنا وأموالنا ونسائنا لخرجنا أفنحن لا

نرضى بحكمك ،

٥٣

النور : ٥٣ وأقسموا باللّه جهد . . . . .

فأنزل اللّه تبارك وتعالى فيما حلفوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : وأقسموا باللّه

يعنى حلفوا باللّه ، يعنى المنافقين جهد أيمانهم فإنه من حلف باللّه عز وجل ، فقد

اجتهد في اليمين لئن أمرتهم يعنى النبي صلى اللّه عليه وسلم ليخرجن من الديار والأموال

كلها قل لهم : لا تقسموا لا تحلفوا ، ولكن هذه منكم طاعة معروفة يعنى

طاعة حسنة للنبي صلى اللّه عليه وسلم  إن اللّه خبير بما تعملون [ آية : ٥٣ ] من الإيمان والشرك .

٥٤

النور : ٥٤ قل أطيعوا اللّه . . . . .

ثم أمرهم بطاعته عز وجل وطاعة رسوله صلى اللّه عليه وسلم ، فقال تعالى : قل أطيعوا اللّه وأطيعوا الرسول فيما أمرتم فإن تولوا يعنى أعرضتم عن طاعتهما فإنما عليه يعنى

النبي صلى اللّه عليه وسلم  ما حمل وعليكم ما حملتم يقول : فإنما على محمد صلى اللّه عليه وسلم ما أمر من تبليغ

الرسالة ، وعليكم ما أمرتم من طاعتهما ، ثم قال تعالى : وإن تطيعوه يعنى النبي صلى اللّه عليه وسلم

ليس عليه إلا أن يبلغ ويبين وما على الرسول إلا البلاغ المبين [ آية : ٥٤ ] .

٥٥

النور : ٥٥ وعد اللّه الذين . . . . .

 وعد اللّه الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات وذلك أن كفار مكة صدوا المسلمين

عن العمرة عام الحديبية ، فقال المسلمون : لو أن اللّه عز وجل فتح علينا مكة ودخلناها

آمنين ، فسمع اللّه عز وجل قولهم فأنزل اللّه تبارك وتعالى : وَعد اللّه الذين ءامنوا منكم

وعملوا الصالحات  ليستخلفنهم في الأرض يعنى أرض مكة كما استخلف الذين من قبلهم من بني إسرائيل وغيرهم ، وعدهم أن يستخلفهم بعد هلاك كفار

مكة وليمكنن لهم دينهم الإسلام حتى يشيع الإسلام الذي ارتضى لهم يعنى

الذي رضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم من كفار أهل مكة آمنا لا يخافون

أحداً يعبدونني يعنى يوحدونني لا يشركون بي شيئا من الآلهة ومن كفر بعد ذلك التمكين في الأرض فأولئك هم الفاسقون [ آية : ٥٥ ] يعنى العاصين .

٥٦

النور : ٥٦ وأقيموا الصلاة وآتوا . . . . .

 وأقيموا الصلاة يعنى وأتموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأَطيعوا الرسولَ فيما أمركم

 لعلكم ترحمون [ آية : ٥٦ ] يقول : لكي ترحموا ، فلا تعذبوا

٥٧

النور : ٥٧ لا تحسبن الذين . . . . .

 لا تحسبن الذي

كفروا من أهل مكة معجزينَ ، يعنى سابقي اللّه في الأرض حتى يجزيهم

اللّه عز وجل بكفرهم ومأواهم النار ولبئس المصير [ آية : ٥٧ ] .

٥٨

النور : ٥٨ يا أيها الذين . . . . .

 يأَيها الذين ءامنوا ليستئذنكم في بيوتكم الذين ملكت أيمانكم يعنى العبيد

والولائد في كل وقت ، نزلت في أسماء بنت أبي مرشد ، قالت : إنه ليدخل على الرجل

والمرأة ، ولعلهما أن يكونا في لحاف واحد لا علم لهما ، فنزلت هذه ، فقال سبحانه :

 و ليستأذنكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم يعنى من الأحرار من الصبيان ثلاث مرات لأنها ساعات غفلة وغيرة من قبل صلوة الفجر وحينَ تضعون ثيابكم من الظهيرةٍ

يعنى نصف النهار ومن بعد صلوة العِشاء ثلثُ عورات لكم يقول : هذه ساعات غفلة

وغيره ليس عليكم معشر المؤمنين ، يعنى أرباب البيوت ولا عليهم يعنى الخدم

والصبيان الصغار جناح بعدهن يعنى بعد العورات الثلاث طوافون عليكم يعنى

بالطوافين يتقلبون عليكم ليلاً ونهاراً يدخلون ويخرجون بغير استئذان بعضكم على بعض كذلك يعنى هكذا يُبين اللّه لكم الأيت يعنى أمره ونهيه في الاستئذان

 واللّه عليم حكيم [ آية : ٥٨ ] حكم ما ذكر من الاستئذان في هذه الآية :

٥٩

النور : ٥٩ وإذا بلغ الأطفال . . . . .

 وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم يعنى من الأحرار فليستئذنوا كما استئذن الذينَ

من قبلهم يعنى من الكبار من ولد الرجل وأقربائه ، ويقال : من العبيد وَكذلك يبينُ

اللّه لكم ءايته يعنى أمره واللّه عليم حكيم [ آية : ٥٩ ] حكم الاستئذان

بعد العورات الثلاث على الأطفال إذا احتلموا .

٦٠

النور : ٦٠ والقواعد من النساء . . . . .

 والقواعد عن الحيض من النساء يعنى المرأة الكبيرة التي لا تحيض من الكبر

 التي لا يرجونَ نكاحاً يعنى تزويجاً فليس عليهن جناح يعنى حرج أن يضعن ثيابهن في قراءة ابن مسعود : من ثيابهن ، وهو الجلباب الذي يكون

فوق الخمار غير متبرجات بزينة لا تريد بوضع الجلباب أن ترى زينتها يعنى الحلي

قال عز وجل : وأن يستعففن ولا يضعن الجلباب خير لهن من وضع الجلباب واللّه سميع عليم [ آية : ٦٠ ] .

٦١

النور : ٦١ ليس على الأعمى . . . . .

 ليس على الأعمى حرج نزلت في الأنصار ، وذلك أنه لما نزلت : إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا [ النساء :

١٠ ] يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل [ النساء : ٢٩ ] ، قالت

الأنصار : ما بالمدينة مال أعز من الطعام ، فكانوا لا يأكلون مع الأعمى ، لأنه لا يبصر

موضع الطعام ، ولا مع الأعرج ، لأنه لا يطيق الزحام ، ولا مع المريض ، لأنه لا يطيق أن

يأكل كما يأكل الصحيح ، وكان الرجل يدعو حميمه ، وذا قرابته ، وصديقه إلى طعامه ،

فيقول : أطعم من هو أفقر إليه مني ، فأني أكره أن آكل أموال الناس بالباطل ، والطعام

أفضل المال ، فأنزل اللّه عز وجل : ليس على الأعمى حرج  ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج في الأكل معهم ولا على أنفسكم لأنهم يأكلون على حده

 أَن تأكلواْ من بيوتكم أَو بيوت ءابائكم أَو بيوت أُمهاتكم أَو بيوتِ إِخوانكم أو

بيوتِ أَخواتكم أو بيوت أَعمامكم أَو بيوتِ عماتكم أَو بيوتِ أَخوالكم أَو بيوت

خالتكم أو ما ملكتم مفاتحهُ يعنى خزائنه ، يعنى عبيدكم وإمائكم أو صديقكم نزلت في مالك بن زيد ، وكان صديقه الحارث بن عمرو ، وذلك أن

الحارث خرج غازياً وخلف مالكاً في أهله وماله وولده ، فلما رجع رأى مالكاً مجهوداً

قال : ما أصابك ؟ قال : لم يكن عندي شيء ، ولم يحل لي أكل مالك ، قال سبحانه :

 ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا وذلك أنهم كانوا يأكلون

على حدة ، ولا يأكلون جميعاً ، يرون أن أكله ذنب ، يقول اللّه عز وجل : تأكلوا جميعا أو أشتاتا ، وكانت بنو ليث بن بكر لا يأكل الرجل منهم حتى يجد من يأكل

معه ، أو يدركه الجهد ، فيأخذ عنزة له فيركزها ويلقي عليها ثوباً تحرجاً أن يأكل وحده ،

فلما جاء الإسلام فعلوا ذلك ، وكان المسلمون إذا سافروا اجتمع نفر منهم فجمعوا

نفقاتهم وطعامهم في مكان ، فإن غاب رجل منهم لم يأكلوا حتى يرجع صاحبهم مخافة

الإثم .

فنزلت : ليس عليكم جُناج أَن تأكلوا جميعاً إن كنتم جماعة أو أشتاتا يعنى متفرقين فإذا دخلتم بيوتا للمسلمين فسلموا على أنفسكم يعنى

بعضكم على بعض ، يعنى أهل دينكم يقول : السلام تحية من عند اللّه مباركة

يعنى من سلم أجر ، فهي البركة طيبة حسنة كذلك يبين اللّه لكم الآيات يعنى أمره في أمر الطعام والتسليم لعلكم تعقلون [ آية : ٦١ ] .

٦٢

النور : ٦٢ إنما المؤمنون الذين . . . . .

 إِنما المُؤمنونَ الذين ءامنوا باللّه ورسوله وإذا كانوا معهُ أي النبي صلى اللّه عليه وسلم  على أمر جامع يقول : إذا اجتمعوا على أمر هو للّه عز وجل طاعة لم يذهبوا يعنى لم

يفارقوا النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى يستئذنوه إِن الذين يستئذنونك أَولئك الذين يؤمنون باللّه ورسوله

فإذا استئذنوكَ لبعض شأنهم يعنى لبعض أمرهم فأذن لمن شئت منهم يعنى

من المؤمنين ، نزلت في عمر بن الخطاب ، رضوان اللّه عليه ، في غزاة تبوك ، وذلك أنه

استأذن النبي صلى اللّه عليه وسلم في الرجعة أن يسمع المنافقين ، إلى أهله فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : انطلق فواللّه

ما أنت بمنافق ، يريد أن يسمع المنافقين ، فلما سمعوا ذلك ،   ما بال محمد إذا استأذنه

أصحابه أذن لهم ، فإذا استأذناه لم يأذن لنا ، فواللات ما نراه يعدل ، وإنما زعم أنه جاء

ليعدل ، ثم قال : واستغفر لهم يعنى للمؤمنين اللّه إن اللّه غفور رحيم [ آية :

٦٢ ] .

٦٣

النور : ٦٣ لا تجعلوا دعاء . . . . .

 لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا يقول اللّه عز وجل : لا

تدعوا النبي صلى اللّه عليه وسلم باسمه يا محمد ، ويا ابن عبد اللّه ، إذا كلمتموه كما يدعو بعضكم بعضاً

باسمه يا فلان ، ويا ابن فلان ، ولكن عظموه وشرفوه صلى اللّه عليه وسلم ، وقولوا : يا رسول اللّه ، يا نبي

اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، نظيرها في الحجرات : قد يعلم اللّه الذين يتسللون منكم لواذا وذلك

أن المنافقين كان يثقل عليهم يوم الجمعة قول النبي صلى اللّه عليه وسلم وحديثه إذا كانوا معه على أمر

جامع ، فيقوم المنافق وينسل ويلوذ بالرجال وبالسارية ، لئلا يراه النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى يخرج من

المسجد ، ويدعوه باسمه يا محمد ، ويا ابن عبد اللّه ، فنزلت هؤلاء الآيات قوله سبحانه :

 قد يعلم اللّه الذين يتسللون منكم لواذا فخوفهم عقوبته ، فقال سبحانه :

 فليحذر الذين يخالفون عن أمره يعنى عن أمر اللّه عز وجل أن تصيبهم فتنة يعنى

الكفر أو يصيبهم عذاب أليم [ آية : ٦٣ ] يعنى وجيعاً ، يعنى القيل في الدنيا .

٦٤

النور : ٦٤ ألا إن للّه . . . . .

ثم عظم نفسه جل جلاله ، فقال تعالى : ألا إن للّه ما في السماوات والأرض من

الخلق عبيده وفي ملكه قد يعلم ما أنتم عليه من الإيمان والنفاق ويوم يرجعون إليه أي إلى اللّه في الآخرة فينبئهم بما عملوا من خير أو شر وَاللّه بكل شيءٍ

من أعمالكم عليم [ آية : ٦٤ ] به عز وجل .

﴿ ٠