سورة القصص

مقدمة

 مكية وفيها من المدني : الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون إلى قوله سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين [ الآيات : ٥٢ - ٥٥ ] وفيها آية ليست بمكية ولا مدنية

قوله : إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد [ آية : ٨٥ ] نزلت بالجحفة أثناء الهجرة وعداد آياتها ثمان ثمانون آية كوفية

 بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

القصص : ١ طسم طسم [ آية : ١ ]

٢

القصص : ٢ تلك آيات الكتاب . . . . .

 تلك ءايت الكتاب يعنى القرآن المبين [ آية : ٢ ] يعنى بين ما فيه

٣

القصص : ٣ نتلوا عليك من . . . . .

 نتلوا عليك يعنى نقرأ عليك يا محمد من نبإ يعنى من حديث

 موسى وفرعون اسمه فيطوس بالحق لقوم يؤمنون [ آية : ٣ ] يعنى يصدقون بالقرآن .

٤

القصص : ٤ إن فرعون علا . . . . .

ثم أخبر عن فرعون ، فقال سبحانه : إن فرعون علا يعنى تعظم في الأرض يعنى أرض مصر وجعل أهلها يعنى من أهل مصر شيعا يعنى أحزاباً يستضعف طائفة منهم يعنى من أهل مصر يستضعف بني إسرائيل يذبح يعنى يقتل أبناءهم يعنى أبناء بني إسرائيل ويستحي نساءهم يقول : ويترك بناتهم

فلا يقتلهن ، وكان جميع من قتل من بني إسرائيل ، ثمانية عشر طفلاً إنه يعنى فرعون كان من المفسدين [ آية : ٤ ] يعنى كان يعمل في الأرض بالمعاصي .

٥

القصص : ٥ ونريد أن نمن . . . . .

يقول اللّه عز وجل : ونريد أن نمن يقول : نريد أن ننعم على الذين استضعفوا يعنى بني إسرائيل حين أنجاهم من آل فرعون في الأرض ونجعلهم أئمة يعنى قادة في الخير ، يقتدي بهم في الخير ونجعلهم الوارثين [ آية : ٥ ] لأرض مصر بعد هلاك فرعون .

٦

القصص : ٦ ونمكن لهم في . . . . .

 ونمكن لهم في الأرض يعنى في أرض مصر ونرى فرعون وهمان وجنودهما

القبط منهم يعنى من بني إسرائيل ما كانوا يحذرون [ آية : ٦ ] من مولود بني إسرائيل أن يكون هلاكهم في سببه ، وهو موسى صلى اللّه عليه وسلم ، وذلك أن الكهنة أخبروا

فرعون أنه يولد في هذه السنة مولود في بني إسرائيل يكون هلاكك في سببه ، فجعل

فرعون على نساء بني إسرائيل قوابل من نساء أهل مصر ، وأمرهن أن يقتلن كل مولود

ذكر يولد من بني إسرائيل مخافة ما بلغه ، فلم يزل اللّه عز وجل بلطفه يصنع لموسى ، عليه

السلام ، حتى نزل بآل فرعون من الهلاك ما كانوا يحذرون ، وملك فرعون أربع مائة

سنة ، وستة وأربعين سنة .

٧

القصص : ٧ وأوحينا إلى أم . . . . .

 وأوحينا إلى أم موسى واسمها يوكابد من ولد لاوى بن يعقوب أن أرضعيه فأمرها جبريل ، عليه السلام ، بذلك فإذا خفت عليه القتل وكانت

أرضعته ثلاثة أشهر ، وكان خوفها أنه كان يبكي من قلة اللبن ، فيسمع الجيران بكاء

الصبي ، فقال : فإذا خفت عليه فألقيه في اليم يعنى في البحر ، وهو بحر النيل ،

فقالت : رب ، إني قد علمت أنك قادر على ما تشاء ، ولكن كيف لي أن ينجو صبي

صغير من عمق البحر ، وبطون الحيتان ، فأوحى اللّه عز وجل إليها أن تجعله في التابوت ،

ثم تقذفه في اليم ، فإني أوكل به ملك يحفظه في اليم ، فصنع لها التابوت حزقيل القبطي ،

ووضعت موسى في التابوت ، ثم ألقته في البحر يقول اللّه عز وجل : ولا تخافي عليه ،

الضيعة ولا تحزني عليه القتل إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين [ آية : ٧ ]

إلى مصر فصدقت ، بذلك ففعل اللّه عز وجل ذلك به ، وبارك اللّه تعالى على موسى ، عليه

السلام ، وهو في بطن أمه ثلاث مائة وستين بركة .

٨

القصص : ٨ فالتقطه آل فرعون . . . . .

 فالتقطه ءال فرعون من البحر من بين الماء والشجر ، وهو في التابوت ، فمن

ثم سمي موسى ، بلغة القبط الماء : مو ، والشجر : سى ، فسموه موسى ، ثم قال تعالى

 ليكون لهم عدوا في الهلاك وحزنا يعنى وغيظاً في قتل الأبكار ، فذلك قوله

عز وجل : وإنهم لنا لغائظون [ الشعر : ٥٥ ] لقتلهم أبكارنا ، قال سبحانه :

 إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين [ آية : ٨ ] .

٩

القصص : ٩ وقالت امرأة فرعون . . . . .

 وقالت امرأتُ فرعونَ واسمها آسية بنت مزاحم ، عليها السلام : قرت عين لي

ولك لا تقتلوهُ فإنا آتينا به من أرض أخرى ، وليس من بني إسرائيل عسى أن ينفعنا فنصيب منه خيراً أو نتخذه ولدا يقول اللّه عز وجل : وهم لا يشعرون [ آية : ٩ ] أن هلاكهم في سببه .

١٠

القصص : ١٠ وأصبح فؤاد أم . . . . .

 وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به وذلك أنها رأت التابوت

يرفعه موج ويضعه آخر ، فخشيت عليه الغرق ، فكادت تصيح شفقة عليه ، فذلك قوله

عز وجل : إن كادت لتبدي به يقول : إن همت لتشعر أهل مصر بموسى ، عليه

السلام ، أنه ولدها لولا أن ربطنا على قلبها بالإيمان لتكون من المؤمنين

[ آية : ١٠ ] يعنى من المصدقين بتوحيد اللّه عز وجل ، حين قال لها : إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين .

١١

القصص : ١١ وقالت لأخته قصيه . . . . .

 وقالت أم موسى لأخته يعنى أخت موسى لأبيه وأمه ، واسمها مريم :

 قصيه يعنى قصى أثره في البحر ، وهو في التابوت يجري في الماء ، حتى تعلمي

علمه من يأخذه فبصرت به عن جنب يعنى كأنها مجانبة له بعيداً من أن ترقبه

كقوله تعالى : والجار الجنب [ النساء : ٣٦ ] يعنى بعيداً منهم من قوم آخرين ،

وعينها إلى التابوت معرضة بوجهها عنه إلى غيره وهم لا يشعرون [ آية : ١١ ] أنها

ترقبه .

١٢

القصص : ١٢ وحرمنا عليه المراضع . . . . .

 وحرمنا عليه المراضع من قبل أن يصير إلى أمه ، وذلك أنه لم يقبل ثدي امرأة

 فقالت أخته مريم : هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم يعنى يضمنون لكم

رضاعة وهم له للولد ناصحون [ آية : ١٢ ] هن أشفق عليه وأنصح له من

غيره ، فأرسل إليها فجاءت ، فلما وجد الصبي ريح أمه قبل ثديها .

١٣

القصص : ١٣ فرددناه إلى أمه . . . . .

فذلك قوله عز وجل : فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد اللّه حق ل

قوله : إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ثم قال تعالى : ولكن أكثرهم يعنى أهل مصر لا يعلمون [ آية : ١٣ ] بأن وعد اللّه عز وجل حق .

١٤

القصص : ١٤ ولما بلغ أشده . . . . .

 ولما بلغ موسى أشده يعنى لثماني عشرة سنة واستوى يعنى أربعين

سنة ءاتيناهُ حكماً وعلماً يقول : أعطيناه علماً وفهماً وكذلك نجزي المحسنين

[ آية : ١٤ ] يقول : هكذا نجزي من أحسن ، يعنى من آمن باللّه عز وجل ، وكان بقرية

تدعى خانين على رأس فرسخين ، فأتى المدينة فدخلها نصف النهار .

١٥

القصص : ١٥ ودخل المدينة على . . . . .

فذلك قوله عز وجل : ودخل المدينة يعنى القرية على حين غفلة من أهلها

يعنى نصف النهار ، وقت القائلة فوجد فيها رجلين كافرين يقتتلان هذا من شيعته يعنى هذا من جنس موسى ، من بني إسرائيل وهذا الآخر من عدوه

من القبط فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى بكفه مرة واحدة ،

 فقضى عليه الموت ، وكان موسى ، عليه السلام ، شديد البطش ، ثم ندم موسى ، عليه

السلام ، فقال : إني لم أومر بالقتل قال هذا من عمل الشيطان يعنى من تزيين الشيطان

 إنه عدو مضل مبين [ آية : ١٥ ] .

١٦

القصص : ١٦ قال رب إني . . . . .

 قال رب إني ظلمت نفسي يعني أضررت نفسي بقتل النفس فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم [ آية : ١٦ ] بخلقه

١٧

القصص : ١٧ قال رب بما . . . . .

 قال رب بما أنعمت علي يقول : إذ أنعمت

علي بالمغفرة ، فلم تعاقبني بالقتل فلن أعوذ أن أكون ظهيرا للمجرمين [ آية :

١٧ ] يعنى معيناً للكافرين ، فيما بعد اليوم ، لأن الذي نصره موسى كان كافراً .

١٨

القصص : ١٨ فأصبح في المدينة . . . . .

 فأصبح موسى من الغد في المدينة خائفا يترقب يعنى ينتظر الطلب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه يعنى يستغيثهُ ثانية على رجل آخر كافر من القبط

 قال له موسى للذي نصره بالأمس ، الإسرائيلي : إنك لغوي مبين [ آية : ١٨ ]

يقول : إنك لمضل مبين قتلت أمس في سببك رجلاً .

١٩

القصص : ١٩ فلما أن أراد . . . . .

 فلما أن أراد أن يبطش الثانية بالقبطي بالذي هو عدو لهما يعنى عدواً لموسى

وعدواً للإسرائيلي ، ظن الإسرائيلي أن موسى يريد أن يبطش به لقول موسى له : إنك لغوي مبين  قال الإسرائيلي : يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد يعنى ما تريد إلا أن تكون جبارا يعنى قتالاً في الأرض مثل سيرة الجبابرة

القتل في غير حق وما تريد أن تكون من المصلحين [ آية : ١٩ ] يعنى من المطيعين للّه عز

وجل في الأرض ، ولم يكن أهل مصر علموا بالقاتل ، حتى أفشى الإسرائيلي على

موسى ، فلما سمع القبطي بذلك انطلق ، فأخبرهم أن موسى هو القاتل ، فائتمروا بينهم

بقتل موسى .

٢٠

القصص : ٢٠ وجاء رجل من . . . . .

 وجاء رجل فجاء حزقيل بن صابون القبطي ، وهو المؤمن من أقصا المدينة

يعنى أقصى القرية يسعى على رجليه ، ف قال يا موسى إن الملأ من أهل مصر

 يأتمرون بك ليقتلوك بقتلك القبطي فأخرج من القرية إني لك من الناصحين [ آية : ٢٠ ] .

٢١

القصص : ٢١ فخرج منها خائفا . . . . .

 فخرج موسى ، عليه السلام منها من القرية خائفا أن يقتل يترقب

يعنى ينتظر الطلب ، وهو هارب منهم قال رب نجني من القوم الظالمين [ آية : ٢١ ] يعنى

المشركين ، أهل مصر ، فاستجاب اللّه عز وجل له ، فأتاه جبريل ، عليه السلام ، فأمره أن

يسير تلقاء مدين ، وأعطاه العصا ، فسار من مصر إلى مدين في عشرة أيام بغير دليل .

٢٢

القصص : ٢٢ ولما توجه تلقاء . . . . .

فذلك قوله عز وجل : ولما توجه تلقاء مدين بغير دليل خشي أن يضل الطريق

 قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل [ آية : ٢٢ ] يعنى يرشدني قصد الطريق إلى

مدين فبلغ مدين .

٢٣

القصص : ٢٣ ولما ورد ماء . . . . .

فذلك قوله تعالى : ولما ورد ماء مدين ابن إبراهيم خليل الرحمن

لصلبه عليهم السلام ، وكان الماء لمدين فنسب إليه ، ثم قال : وجد عليه أمة يقول :

وجد موسى على الماء جماعة من الناس يسقون أغنامهم ووجد من دونهم امرأتين تذودان يعنى حابستين الغنم لتسقي فضل ماء الرعاء ، وهما ابنتا شعيب النبي

 صلى اللّه عليه وسلم : واسم الكبرى صبورا ، واسم الصغرى عبرا ، وكانتا توأمتين ، فولدت الأولى قبل

الأخرى بنصف نهار قال لهما موسى : ما خطبكما يعنى ما أمركما قالتا لا نسقي الغنم حتى يصدر الرعاء بالغنم راجعة من الماء إلى الرعي ، فنسقي

فضلتهم وأبونا شيخ كبير [ آية : ٢٣ ] لا يستطيع أن يسقى الغنم من الكبر ، فقال

لهما موسى ، عليه السلام : أين الماء ؟ فانطلقا به إلى الماء ، فإذا الحجر على رأس البئر لا

يزيله إلا عصابة من الناس ، فرفعه موسى ، عليه السلام ، وحده بيده ، ثم أخذ الدلو ، فأدلى

دلواً واحداً ، فأفرغه في الحوض ، ثم دعا بالبركة .

٢٤

القصص : ٢٤ فسقى لهما ثم . . . . .

 فسقى لهما الغنم ، فرويت ثم تولي يعنى انصرف إلى الظل ظل

شجرة ، فجلس تحتها من شدة الحر وهو جائع فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير [ آية : ٢٤ ] يعنى إلى الطعام ، فرجعت الكبيرة إلى موسى لتدعوه .

٢٥

القصص : ٢٥ فجاءته إحداهما تمشي . . . . .

فذلك قوله عز وجل : فجاءته إحداهما يعنى الكبرى تمشي على استحياء

يعنى على حياء ، وهي التي تزوجها موسى ، عليه السلام ، ف قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا وبين موسى وبين أبيها ثلاثة أميال ، فلولا الجوع الذي

أصابه ما اتبعها ، فقام يمشي معها ، ثم أمرها أن تمشي خلفه وتدله بصوتها على الطريق

كراهية أن ينظر إليها ، وهما على غير جادة ، يقول : فلما جاءه : فلما أتى موسى

شعيباً ، عليهما السلام وقص عليه يعنى على شعيب القصص الذي كان من

أمره أجمع ، أمر القوابل اللائى قتلن أولاد بني إسرائيل ، وحين ولد وحين قذف في

التابوت في اليم ، ثم المراضع بعد التابوت ، حتى أخبره بقتل الرجل من القبط قال

له شعيب : لا تخف نجوت من القوم الظالمين [ آية : ٢٥ ] يعنى المشركين .

٢٦

القصص : ٢٦ قالت إحداهما يا . . . . .

 قالت إحداهما وهي الكبرى ياأبت استئجره إن خير من استئجرت يقول :

إن الذي استأجرت هو القوي الأمين [ آية : ٢٦ ] قال شعيب لابنته : من أين علمت

قوته ؟ وأمانته ؟ قالت : أزال الحجر وحده عن رأس البئر ، وكان لا يطيقه إلا رجال ،

وذكرت أنه أمرها أن تمشي خلفه كراهية أن ينظر إليها .

٢٧

القصص : ٢٧ قال إني أريد . . . . .

ف قال شعيب لموسى ، عليهما السلام : إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي يعنى

أن أزواجك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني نفسك ثمنى حجج فإن اتممت

عشراً يعنى عشر سنين فمن عندك وما أريد أن أشق عليك في العشر

 ستجدني إن شاء اللّه من الصالحين [ آية : ٢٧ ] يعنى من الرافقين بك ، كقول

موسى لأخيه هارون : اخلفني في قومي وأصلح [ آية : الأعراف : ١٤٢ ] يعنى

وارفق بهم ، في سورة الأعراف

٢٨

القصص : ٢٨ قال ذلك بيني . . . . .

 قال موسى : ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت ثماني سنين ، أو

عشر سنين فلا عدوان يعنى فلا سبيل علي واللّه على ما نقول وكيل [ آية : ] ٢٨ ] يعنى شهيد فيما بيننا ، كقوله عز وجل : وكفى باللّه وكيلا [ النساء : ٨١ ]

يعنى شهيداً ، فأتم موسى ، عليه السلام ، عشر سنين على أن يزوج ابنته الكبرى

اسمها

صبورا بنت شعيب بن نويب بن مدين بن إبراهيم ،

٢٩

القصص : ٢٩ فلما قضى موسى . . . . .

 فلما قضى موسى الأجل السنين العشر وسار بأهله ليلة الجمعة

 ءانس يعنى رأى من جانب يعنى من ناحية الطور يعنى الجبل نارا

وهو النور بأرض المقدسة ، ف قال لأهله امكثوا مكانكم إني ءانست ناراً يقول :

إن رأيت ناراً لعلىءاتيكم منها بخبر أين الطريق وكان قد تحير ليلاً ، فإن لم أجد من

يخبرني أو جذوة يعنى آتيكم بشعلة ، وهو عود قد احترق بعضه من النار لعلكم يعنى لكي تصطلون [ آية : ٢٩ ] من البرد ، فترك موسى ، عليه السلام ،

امرأته وولده في البرية بين مصر ومدين ، ثم استقام فذهب بالرسالة ، فأقمت امرأته

مكانها ثلاثين سنة في البرية مع ولدها وغنمها ، فمر بها راع فعرفها ، وهي حزينة تبكي ،

فانطلق بها إلى أبيها .

٣٠

القصص : ٣٠ فلما أتاها نودي . . . . .

 فلما أتاها أتى النار نودي ليلاً من شاطىء يعنى من جانب ، يعنى

من الناحية الواد الأيمن يعنى يمين الجبل في البقعة المباركة والمباركة ، لأن

اللّه عز وجل كلم موسى ، عليه السلام ، في تلك البقعة نودى من الشجرة وهي

عوسجة ، وكان حول العوسجة شجر الزيتون ، فنودى أن ياموسى في اتقديم

 إني أنا اللّه الذي ناديتك رب العالمين [ آية : ٣٠ ] هذا كلامه عز وجل

لموسى ، عليه السلام .

٣١

القصص : ٣١ وأن ألق عصاك . . . . .

 وأن ألق عصاك وهي ورق الآس أس الجنة من يدك فلما رءاها تهتز تحرك

 كأنها جان يقول : كأنها حية لم تزل . قال الهذيل ، عن غير مقاتل : كأنها جان

يعنى شيطان ولى مدبرا من الرهب من الحية ، يعنى من الخوف ، فيها تقديم ولم يعقب يعنى ولم يرجع ، سبحانه : يا موسى أقبل ولا تخف من الحية إنك من الآمنين [ آية : ٣١ ] من الحية .

٣٢القصص : ٣٢ اسلك يدك في . . . . .

 اسلك يعنى ادخل يدك اليمنى في جيبك فجعلها في جيبه من قبل

الصدر ، وهى مدرعة من صوف مضربة تخرج يدك من الجيب بيضاء من غير سوء يعنى من غير برص لها شعاع كشعاع الشمس ، يغشى البصر واضمم إليك جناحك يعنى عضدك من يدك من الرهب فذانك برهانان من ربك يعنى آيتين

من ربك يعنى اليد والعصا إلى فرعون وملإيه إنهم كانوا قوماً فاسقين [ آية : ] ٣٢ ] يعنى عاصين .

٣٣

القصص : ٣٣ قال رب إني . . . . .

 قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون [ آية : ٣٣ ]

٣٤

القصص : ٣٤ وأخي هارون هو . . . . .

 وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يعنى عوناً لكى يصدقني وهارون يومئذ بمصر

لكي يصدقني فرعون إني أخاف أن يكذبون [ آية : ٣٤ ] .

٣٥

القصص : ٣٥ قال سنشد عضدك . . . . .

 قال سنشد عضدك بأخيك يعنى ظهرك بأخيك هارون ونجعل لكما سلطانا

يعنى حجة بآياتنا ، يعنى اليد والعصا ، فيها تقديم فلا يصلون إليكما بقتل ، يعنى

فرعون وقومه لقولهما في طه : إننا نخاف أن يفرط علينا بالقاتل أو أن يطغى ،

فذلك قوله سبحانه : فلا يصلون إليكما  بئاياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون [ آية : ] ٣٥ ] .

٣٦

القصص : ٣٦ فلما جاءهم موسى . . . . .

 فلما جاءهم موسى بئاياتنا اليد والعصا بينات يعنى واضحات التي في طه

والشعراء قالوا ما هذا الذي جئت به يا موسى إلا سحر مفترى افتريته يا

موسى ، أنت تقولته وهارون و   وما سمعنا بهذا في ءابائنا الأولين

[ آية : ٣٦ ] يعنى اليد والعصا .

٣٧

القصص : ٣٧ وقال موسى ربي . . . . .

 و لما كذبوه بما جاء به وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده

فإني جئت بالهدى من عند اللّه عز وجل و هو أعلم ب ومن تكون له عاقبة الدار يعنى دار الجنة ألنا أو لكم ؟ ثم قال : إنه لا يفلح الظالمون [ آية : ٣٧ ] في

الآخرة لا يفوز المشركون ، يعنى لا يسعدون .

٣٨

القصص : ٣٨ وقال فرعون يا . . . . .

 وقال فرعون يا أيها الملأ يعنى الأشراف من قومه ما علمت لكم من إله غيري هذا القول من فرعون كفر فأوقد لي ياهامان على الطين فأجعل لي صرحاً

يقول : أوقد النار على الطين حتى يصير اللبن أجراً ، وكان فرعون أول من طبخ الأجر

وبناه فاجعل لي صرحا يعنى قصراً طويلاً لعلي أطلع إلى إله موسى فبنى ،

وكان ملاطة خبث القوارير ، فكان الرجل لا يستطيع القيام عليه مخافة أن تنسفه الريح ،

ثم قال فرعون : فاطلع إلى إله موسى وإني لأظنه يقول : إني لأحسب موسى

 من الكاذبين [ آية : ٣٨ ] بما يقول : إن في السماء إلهاً .

٣٩

القصص : ٣٩ واستكبر هو وجنوده . . . . .

 واستكبر فرعون هو وجنوده عن الإيمان في الأرض بغير الحق

يعنى بالمعاصي وظنوا يقول : وحسبوا أنهم إلينا لا يرجعون [ آية : ٣٩ ] .

أحياء بعد الموت في الآخرة .

يقول اللّه عز وجل : فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم يعنى فقذفناهم في نهر

النيل الذي بمصر فانظر كيف كان عاقبة الظالمين [ آية : ٤٠ ] يعنى

المشركين ، أهل مصر كان عاقبتهم الغرق ،

٤١

القصص : ٤١ وجعلناهم أئمة يدعون . . . . .

 وجعلنهم أئمةً يعنى قادة في الشرك

 يدعون إلى النار يعنى يدعون إلى الشرك ، وجعل فرعون والملأ قادة الشرك ،

وأتبعناهم أهل مصر ويوم القيامة لا ينصرون [ آية : ٤١ ] يعنى لا يمنعون من

العذاب

٤٢

القصص : ٤٢ وأتبعناهم في هذه . . . . .

 وأتبعنهم في هذه الدنيا لعنة يعنى الغرق ويوم القيمة في النار

 هم من المقبوحين [ آية : ٤٢ ] .

٤٣

القصص : ٤٣ ولقد آتينا موسى . . . . .

 ولقد ءاتينا موسى الكتب من بعد ما أهلكنا بالعذاب في الدنيا القرون الأولى يعنى نوحاً ، وعاداً ، وقوم إبراهيم ، وقوم لوط ، وقوم شعيب ، وغيرهم كانوا قبل

موسى ، ثم قال عز وجل : بصائر للناس يقول : في هلاك الأمم الحالية بصيرة لبني

إسرائيل وهدى يعنى التوراة هدى من الضلالة لمن عمل بها ورحمة لم آمن

بها من العذاب لعلهم يعنى لكي يتذكرون [ آية : ٤٣ ] فيؤمنوا بتوحيد اللّه ،

عز وجل .

٤٤

القصص : ٤٤ وما كنت بجانب . . . . .

 وما كنت يا محمد بجانب يعنى بناحية ، كقوله عز وجل : جانب البر

[ الإسراء : ٦٨ ] يعنى ناحية البر الغربي بالأرض المقدسة ، والغربي ، يعنى غربي

الجبل حيث تغرب الشمس إذ قضينا إلى موسى الأمر يقول : إذ عهدنا إلى موسى

الرسالة إلى فرعون وقومه وما كنت من الشاهدين [ آية : ٤٤ ] لذلك الأمر .

٤٥

القصص : ٤٥ ولكنا أنشأنا قرونا . . . . .

 ولكنا أنشأنا قرونا يعنى خلفنا قروناً فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا يعنى شاهداً في أهل مدين تتلوا عليهم ءاياتنا يعنى تشهد مدين ، فتقرأ

على أهل مكة أمرهم ولكنا كنا مرسلين [ آية : ٤٥ ] يعنى أرسلناك إلى أهل

مكة لتخبرهم بأمر مدين .

٤٦

القصص : ٤٦ وما كنت بجانب . . . . .

 وما كنت بجانب الطور يعنى بناحية من الجبل الذي كلم اللّه عز وجل عليه

موسى ، عليه السلام إذ نادينا يعنى إذ كلمنا موسى ، وآتيناه التوراة ولكن رحمة من ربك يقول : ولكن القرآن رحمة ، يعنى نعمة من ربك النبوة اختصصت

بها ، إذ أوحينا إليك أمرهم لتعرف كفار نبوتك ، فذلك

قوله : لتنذر قوما يعنى

أهل مكة بالقرآن ما أتاهم من نذير يعنى رسولاً من قبلك لعلهم يعنى لكي

 يتذكرون [ آية : ٤٦ ] فيؤمنوا .

٤٧

القصص : ٤٧ ولولا أن تصيبهم . . . . .

 ولولا أن تصيبهم مصيبة يعنى العذاب في الدنيا بما قدمت أيديهم من

المعاصي ، يعنى كفار مكة فيقولوا ربنا لولآ أرسلت إلينا رسولاً فنتبع ءاياتك يعنى

القرآن ونكون من المؤمنين [ آية : ٤٧ ] يعنى المصدقين ، فيها تقديم ، يقول : لولا

أن يقولوا : ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك ، ونكون من المؤمنين لأصابتهم

مصيبة بما قدمت أيديهم .

٤٨

القصص : ٤٨ فلما جاءهم الحق . . . . .

 فلما جاءهم الحق يعنى القرآن من عندنا قالوا لولا يعنى هلا أوتي مثل ما أوتي موسى يعنى أعطى محمد صلى اللّه عليه وسلم القرآن جملة مكتوبة كما أعطى موسى التوراة

 أولم يكفروا بما أوتى موسى من قبل قرآن محمد صلى اللّه عليه وسلم  قالوا سحران تظاهرا يعنون

التوراة والقرآن ، ومن قرأ ساحران يعنى موسى ومحمداً ، صلى اللّه عليهما ، تظاهرا ،

يعنى تعاونا على الضلالة ، يقول : صدق كل واحد منهما الآخر وقالوا إنا بكل كافرون [ آية : ٤٨ ] يعني بالتوراة وبالقرآن لا نؤمن بهما .

٤٩

القصص : ٤٩ قل فأتوا بكتاب . . . . .

يقول اللّه عز وجل لمحمد صلى اللّه عليه وسلم : قل لكفار مكة فأتوا بكتاب من عند اللّه هو أهدى لأهله منهما أتبعه إن كنتم صادقين [ آية : ٤٩ ] بأنهما ساحران تظاهرا

٥٠

القصص : ٥٠ فإن لم يستجيبوا . . . . .

 فإن لم يستجيبوا لك فإن لم يفعلوا : أن يأتوا بمثل التوراة والقرآن فاعلم أنما يتبعون أهواءهم بغير علم ومن أضل يقول : فلا أحد أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من اللّه إن اللّه لا يهدي القوم الظالمين [ آية : ٥٠ ] إلى دينه عز وجل .

٥١

القصص : ٥١ ولقد وصلنا لهم . . . . .

 ولقد وصلنا لهم القول يقول : ولقد بينا لكفار مكة ما في القرآن من الأمم

الخالية ، كيف عذبوا بتكذيبهم رسلهم لعلهم يعنى لكي يتذكرون [ آية :

٥١ ] فيخافوا فيؤمنوا .

٥٢

القصص : ٥٢ الذين آتيناهم الكتاب . . . . .

 الذين ءاتيناهم الكتاب يعنى أعطيناهم الإنجيل من قبله يعنى القرآن هم به يؤمنون [ آية : ٥٢ ] يعنى هم بالقرآن مصدقون بأنه من اللّه عز وجل نزلت في مسلمى

أهل الإنجيل ، وهم أربعون رجلاً من أهل الإنجيل ، أقبلوا من الشام بحيري ، وأبرهة ،

والأشراف ، ودريد ، وتمام ، وأيمن ، وإدريس ، ونافع .

٥٣

القصص : ٥٣ وإذا يتلى عليهم . . . . .

فنعتهم اللّه عز وجل ، فقال سبحانه : وإذا يتلى عليهم آياتنا ، يقول : وإذا قرئ عليهم

القرآن قالوا ءامنا به يعني صدقنا بالقرآن إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين [ آية : ٥٣ ] يقول : إنا كنا من قبل هذا القرآن مخلصين للّه عز وجل بالتوحيد .

٥٤

القصص : ٥٤ أولئك يؤتون أجرهم . . . . .

يقول اللّه عز وجل : أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا أجراً بتمسكهم بالإسلام

حين أدركوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم ، فآمنوا به ، وأجرهم بالإيمان بالنبي صلى اللّه عليه وسلم ، فلما اتبعوا النبي صلى اللّه عليه وسلم

شتمهم كفار قومهم في متابعة النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فصفحوا عنهم وردوا معروفاً ، فأنزل اللّه عز

وجل : ويدرءون بالحسنة السيئة ما سمعوا من قومهم من الأذى ومما رزقنهم

من الأموال ينفقون [ آية : ٥٤ ] في طاعة اللّه عز وجل .

٥٥

القصص : ٥٥ وإذا سمعوا اللغو . . . . .

 وإذا سمعوا اللغو من قومهم ، من الشر والشتم والأذى أعرضوا عنه

يعنى عن اللغو ، فلم يردوا عليهم مثل ما قيل لهم وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم يعنى

لنا ديننا ولكم دينكم ، وذلك حين عيروهم بترك دينهم ، وقالوا لكفار قومهم : سلام

عليكم يقول : ردوا عليهم معروفاً لا نبتغي الجاهلين [ آية : ٥٥ ] يعنى لا نريد أن

تكون مع أهل الجهل والسفة .

٥٦

القصص : ٥٦ إنك لا تهدي . . . . .

 إنك لا تهدى من أحببت وذلك أن أبا طالب بن عبد المطلب ، قال : يا معشر بني

هاشم ، أطيعوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم ، وصدقوه تفلحوا وترشدوا ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : يا عم ، تأمرهم

بالنصيحة لأنفسهم وتدعها لنفسك ، قال : فما تريد يا ابن أخي ؟ قال : أريد منك كلمة

واحدة ، فإنك في آخر يوم من الدنيا ، أن تقول : لا إله إلا اللّه ، أشهد لك بها عند اللّه

عز وجل ، قال : يا ابن أخي ، قد عملت أنك صادق ، ولكنى أكره أن يقال : جزع عند

الموت ، ولولا أن يكون عليك ، وعلى بني أبيك غضاضة وسبة لقلتها ، ولأقررت بعينك

عند الفراق لما أرى من شدة وجدك ونصيحتك ، ولكن سوف أموت على ملة أشياخ

عبد المطلب ، وهاشم وعبد مناف ، فأنزل اللّه عز وجل : إنك يا محمد لا تهدي من

أَحببت  إلى الإسلام ولكن اللّه يهدي من يشاء وهو أَعلم بالمهتدين [ آية : ٥٦ ]

يقول : وهو أعلم بمن قدر له الهدى .

٥٧

القصص : ٥٧ وقالوا إن نتبع . . . . .

 وقالوا إِن نتبع الهُدى معك نتخطف من أرضنا نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد

مناف القرشي ، وذلك أنه قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : إنا لنعلم أن الذي تقول حق ، ولكنا يمنعنا أن

نتبع الهدى معك مخافة أن يتخطفنا العرب من أرضنا ، يعنى مكة ، فإنما نحن أكلة رأس

العرب ، ولا طاقة لنا بهم ، يقول اللّه تعالى : أَوَلم نمكن لهم حرماً ءامناً يجبى إليه

يحمل إلى الحرم ثمراتُ كل شيء يعنى بكل شيء من ألوان الثمار رزقاً من لدنا

يعنى من عندنا ولكن أكثرهم يعنى أهل مكة لا يعلمون [ آية : ٥٧ ]

يقول : هم يأكلون رزقي ويعبدون غيري وهم آمنون في الحرم من القتل والسبى ،

فكيف يخافون لو أسلموا أن لا يكون ذلك لهم ، نجعل لهم الحرم آمناً من الشرك ونخوفهم

في الإسلام ؟ فإنا لا نفعل ذلك بهم لو أسلموا .

٥٨

القصص : ٥٨ وكم أهلكنا من . . . . .

ثم خوفهم عز وجل ، فقال سبحانه : وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها

يقول : بطروا وأشروا يتقلبون في رزق اللّه عز وجل ، فلم يشكروا اللّه تعالى في نعمه

فأهلكهم بالعذاب فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم يعنى من بعد هلاك أهلها

 إلا قليلا من المساكن فقد يسكن في بعضها وكنا نحن الوارثين [ آية : ٥٨ ]

لما خلفوا من بعد هلاكهم يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية حين   نتخوف

أن نتخطف من مكة .

٥٩

القصص : ٥٩ وما كان ربك . . . . .

ثم قال اللّه عز وجل : وما كان ربك مهلك القرى يعنى معذب أهل القرى الخالية

 حتى يبعث في أمها رسولا يعنى في أكبر تلك القرى رسولاً ، وهي مكة يتلوا عليهم

ءاياتنا يقول : يخبرهم الرسول بالعذاب بأنه نازل بهم في الدنيا إن لم يؤمنوا وما كنا مهلكي القرى يعنى معذبي أهل القرى في الدنيا إلا وأهلها ظالمون

[ آية : ٥٩ ] يقول : إلا وهم مذنبون ، يقول : لم نعذب على غير ذنب .

٦٠

القصص : ٦٠ وما أوتيتم من . . . . .

 وما أوتيتم من شيءٍ يقول : وما أعطيتم من خير ، يعنى به كفار مكة فمتاع

الحيوة الدنيا وزينتها يقول : تمتعون في أيام حياتكم ، فمتاع الحياة الدنيا وزينتها إلى فناء

 وما عند اللّه من الثواب خير وأبقى يعنى أفضل وأدوم لأهله مما أعطيتم في

الدنيا أفلا تعقلون [ آية : ٦٠ ] أن الباقي خير من الفاني الذاهب .

٦١

القصص : ٦١ أفمن وعدناه وعدا . . . . .

 أفمن وعدناه يعنى أفمن وعده اللّه عز وجل ، يعنى النبي صلى اللّه عليه وسلم في الدنيا وعدا حسنا يعنى الجنة فهو لاقيه فهو معاينة يقول : مصيبة كمن متعناه متاع الحيوة

الدنيا بالمال ثم هو يوم القيامة من المحضرين [ آية : ٦١ ] النار ، يعنى أبا جهل بن

هشام ، لعنه اللّه ، ليسا بسواء ، نظيرها في الأنعام .

٦٢

القصص : ٦٢ ويوم يناديهم فيقول . . . . .

 ويوم يناديهم يعنى كفار مكة فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون [ آية :

٦٢ ] في الدنيا أن معي شريكاً

٦٣

القصص : ٦٣ قال الذين حق . . . . .

 قال الذين حق عليهم القول يعنى وجب عليهم كلمة

العذاب وهم الشياطين ، حق عليهم القول يوم قال اللّه تعالى وذكره ، لإبليس : لأملأن جهنم منكم أجمعين [ الأعراف : ١٨ ] ، فقالت الشياطين في الآخرة : ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا يعنون كفار بني آدم ، يعنى هؤلاء الذين أضللناهم كما ضللنا

 تبرأنا إليك منهم يا رب ما كانوا إيانا يعبدون [ آية : ٦٣ ] فتبرأت الشياطين

ممن كان يعبدها .

٦٤

القصص : ٦٤ وقيل ادعوا شركاءكم . . . . .

 وقيل لكفار بني آدم ادعوا شركاءكم يقول سلوا الآلهة : أهم الآلهة ؟ فدعوهم فلم يستجيبوا لهم يقول : سألوهم فلم تجبهم الآلهة ، نظيرها في الكهف . يقول اللّه تعالى :

 ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون [ آية : ٦٤ ] من الضلالة يقول : لو أنهم كانوا

مهتدين في الدنيا ما رأوا العذاب في الآخرة .

٦٥

القصص : ٦٥ ويوم يناديهم فيقول . . . . .

 ويوم يناديهم يقول : ويوم يسألهم ، يعنى كفار مكة يسألهم اللّه عز وجل فيقول ماذا أجبتم المرسلين [ آية : ٦٥ ] في التوحيد

٦٦-٦٧

القصص : ٦٦ - ٦٧ فعميت عليهم الأنباء . . . . .

 فعميت عليهم الأنباء يعنى الحجج

 يومئذ فهم لا يتساءلون [ آية : ٦٦ ] يعنى لا يسأل بعضهم بعضاً عن الحجج ، لأن

اللّه تعالى ادحض حجتهم ، وأكل ألسنتهم ، فذلك قوله تعالى : فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون  فأما من تاب من الشرك وءامن يعنى وصدق

بتوحيد اللّه عز وجل وعمل صالحا فعسى والعسى من اللّه عز وجل واجب أن يكون من المفلحين [ آية : ٦٧ ] .

٦٨

القصص : ٦٨ وربك يخلق ما . . . . .

 وربك يخلق ما يشاء ويختار وذلك أن الوليد قال في حم الزخرف : لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم [ آية : ٣١ ] يعنى نفسه ، وأبا

مسعود الثقفي ، فذلك قوله سبحانه : ويختار أي للرسالة والنبوة من يشاء ، فشاء

جل جلاله ، لأن يجعلها في النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وليست النبوة والرسالة بأيديهم ، ولكنها بيد اللّه

عز وجل ، قال سبحانه : ما كان لهم الخيرة من أمرهم ، ثم نزه نفسه تبارك

وتعالى عن قول الوليد حين قال : اجعل محمد صلى اللّه عليه وسلم  الآلهة : إلهاً واحداً إن هذا

لشيء عجاب [ ص : ٥ ] ، فكفر بتوحيد اللّه عز وجل ، فأنزل اللّه سبحانه ينزه نفسه

عز وجل عن شركهم ، فقال : سبحان اللّه وتعالى يعنى وارتفع عما يشركون

[ آية : ٦٨ ] به غيره عز وجل .

٦٩

القصص : ٦٩ وربك يعلم ما . . . . .

ثم قال عز وجل : وربك يعلم ما تكن صدورهم يعنى ما تسر قلوبهم وما يعلنون [ آية : ٦٩ ] بألسنتهم ، نظيرها في النمل ، ثم وحد الرب نفسه تبارك وتعالى

حين لم يوحده كفار مكة ، الوليد وأصحابه .

٧٠

القصص : ٧٠ وهو اللّه لا . . . . .

فقال سبحانه : وهو اللّه لا إله إلا هو له الحمد في الأولى

والآخرة يعنى يحمده

أولياؤه في الدنيا ويحمدونه في الآخرة ، يعنى أهل الجنة وله الحكم وإليه ترجعون

[ آية : ٧٠ ] بعد الموت في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم .

٧١

القصص : ٧١ قل أرأيتم إن . . . . .

 قل يا محمد ، لكفار مكة أَرءيتم إِن جعل اللّه عليكم اليل سرمداً إلى يومٍ

القيامة فدامت ظلمته من إله غير اللّه يأتيكم بضياء يعنى بضوء النهار ،

 أفلا يعنى أفهلا تسمعون [ آية : ٧١ ] المواعظ ،

٧٢

القصص : ٧٢ قل أرأيتم إن . . . . .

و قل لهم أَرءيتم إِن

جعل اللّه عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غيرُ اللّه يأتيكم بليل تسكنونَ

فيه من النصب أفلا يعنى أفهلا تبصرون [ آية : ٧٢ ]

٧٣

القصص : ٧٣ ومن رحمته جعل . . . . .

ثم أخبر عن صنعه تعالى ذكره ، فقال سبحانه : ومن رحمته جعل لكم اليل والنهار

لتسكنوا يعنى لتستقروا فيه بالليل من النصب ولتبتغوا بالنهار من

فضله يعنى الرزق ولعلكم تشكرون [ آية : ٧٣ ] ربكم في نعمه ، فتوحدوه عز

وجل .

٧٤

القصص : ٧٤ ويوم يناديهم فيقول . . . . .

 ويوم يناديهم يعنى يسألهم فيقول أين شركاءي الذين كنتم تزعمون

[ آية : ٧٤ ] في الدنيا

٧٥

القصص : ٧٥ ونزعنا من كل . . . . .

 ونزعنا يقول : وأخرجنا من كل أُمةٍ شهيداً يعنى

رسولها ونبيها يشهد عليها بالبلاغ والرسالة فقلنا لهم يعنى للكفار : هاتوا

هلموا برهانكم يعنى حجتكم بأن معي شريكاً ، فلم يكن لهم حجة فعلموا أَن

الحق للّه يعنى التوحيد للّه عز وجل وضل عنهم  في الآخرة ما كانوا

يفترونَ [ آية : ٧٥ ] في الدنيا بأن مع اللّه سبحانه شريكاً .

٧٦

القصص : ٧٦ إن قارون كان . . . . .

 إِن قُرون كان من قومٍ مُوسى يعنى من بني إسرائيل ، وكان ابن عمه ، قارون

بن أصهر بن قوهت بن لاوي بن يعقوب ، وموسى بن عمران بن قوهت فبغى عليهمٌ

يقول : بغي قارون على بني إسرائيل من أجل كنزه ما له وءاتيناهُ يعنى وأعطيناه

 من الكنوز يعنى من الأموال ما إن مفاتحه يعنى خزائنه لتنوا بالعصبة أُولى

القوة والعصبة من عشرة نفر إلى أربعين ، فإذا كانوا أربعين فهم أولو قوة يقول : لتعجز

العصبة أولى القوة عن حمل الخزائن إِذ قال له قومه  بنو إسرائيل لا تفرح يقول :

لا تمرح ولا تبطر ولا تفخر بما أوتيت من الأموال إِن اللّه لا يحب الفرحينَ [ آية :

٧٦ ] يعنى المرحين البطرين .

٧٧

القصص : ٧٧ وابتغ فيما آتاك . . . . .

 و قالوا له : وابتغ فيما ءاتك اللّه يعنى فيما أعطاك اللّه عز وجل من

الأموال والخير الدار الأخرة يعنى دار الجنة و لا تنس نصيبكَ يعنى ولا

تترك حظك من الدنيا أن تعمل فيها لآخرتك وأَحسن العطية في الصدقة

والخير فيما يرضى اللّه عز وجل كما أحسن اللّه إليك ولا تبغ بإحسان اللّه إليك

 الفساد في الأرض يقول : لا تعمل فيها بالمعاصي إن اللّه لا يحب المفسدين [ آية :

٧٧ ] .

٧٨

القصص : ٧٨ قال إنما أوتيته . . . . .

فرد قارون على قومه حين أمروه أن يطيع اللّه عز وجل في ماله ، وفيما أمره أن يطيع

اللّه عز وجل في ماله ، وفيما أمره ، ف قال لهم إنما أوتيته يعنى إنما أعطيته

يعنى المال على علم عندي يقول : على خير علمه اللّه عز وجل عندي ، يقول اللّه عز

وجل : أولم يعلم قارون أن اللّه قد أهلك بالعذاب من قبله من القرون

حين كذبوا رسلهم من هو أشد منه من قارون قوة وبطشاً وأكثر جمعا

من الأموال ، منهم نمروذ الجبار وغيره ، ثم قال عز وجل : ولا يسئل عن ذنوبهم

المجرمون [ آية : ٧٨ ] يقول : ولا يسأل مجرمو هذه الأمة عن ذنوب الأمم الخالية

الذين عذبوا في الدنيا ، فإن اللّه عز وجل قد أحصى أعمالهم الخبيثة وعلمها .

٧٩

القصص : ٧٩ فخرج على قومه . . . . .

 فخرج قارون على قومه في زينته قومه بني إسرائيل ، الزينة ، يعنى الشارة

الحسنة خرج على بغلة شهباء عليها سرج من ذهب عليه الأرجوان ، ومعه آلاف فارس

على الخيل عليهم وعلى دوابهم الأرجوان ، ومعه ثلاث مائة جارية بيض عليهن الحلي

والثياب الحمر على البغال الشهب ، فلما نظر المؤمنون إلى تلك الزينة والجمال قال

الذين يريدون الحيوة الدنيا وهم أهل التوحيد ياليت لنا مثل ما أُوتي يعنى مثل

ما أعطى قارون من الأموال إنه لذو حظ عظيم [ آية : ٧٩ ] يقول : إنه لذو

نصيب وافر في الدنيا .

٨٠

القصص : ٨٠ وقال الذين أوتوا . . . . .

 وقال الذين أوتوا العلم بما وعد اللّه في الآخرة للذين تمنوا مثل مما أعطى قارون

 ويلكم ثواب اللّه خيرٌ لمن ءامن يعنى لمن صدق بتوحيد اللّه عز وجل وعمل

صالحاً خير مما أوتى قارون في الدنيا ولا يلقاها يعنى الأعمال الصالحة ، يعنى

ولا يؤتاها إِلا الصابرون [ آية : ٨٠ ]

٨١

القصص : ٨١ فخسفنا به وبداره . . . . .

 فخسفنا به يعنى بقارون ، وذلك أن اللّه عز وجل أمر الأرض أن تطيع موسى ،

عليه السلام ، فأمر موسى الأرض أن تأخذ قارون ، فأخذته إلى قدميه ، فدعا قارون موسى

وذكره الرحم ، فأمرها موسى ، عليه السلام ، أن تبتلعه ، فهو يتجلجل في الأرض كل يوم

قامة رجل إلى يوم القيامة ، فقالت بنو إسرائيل : إن موسى إنما أهلك قارون حتى يأخذ

ماله وداره ، فخسف اللّه عز وجل بعد قارون بثلاثة أيام ، بداره وماله الصامت ، فانقطع

الكلام ، فذلك قوله عز وجل : فخسفنا به يعنى بقارون وبداره الأرض فما كان

له من فئة ينصرونه من دون اللّه يقول اللّه عز وجل : لم يكن لقارون جند يمنعونه من اللّه

عز وجل وما كان من المنتصرين [ آية : ٨١ ] يقول : وما كان قارون من الممتنعين

مما نزل به من الخسف .

٨٢

القصص : ٨٢ وأصبح الذين تمنوا . . . . .

 وأَصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس بعدما خسف به يقولون ويكأن اللّه

يعنى لكن اللّه يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر يعنى يوسع الرزق على من

يشاء ، ويقتر على من يشاء ، و  لولا أَن من اللّه علينا يعنى لولا أن اللّه عز وجل

أنعم علينا بالإيمان لخسف بنا  ثم قال ويكأنه يعنى ولكنه لا يفلح لا

يسعد الكافرون [ آية : ٨٢ ] .

٨٣

القصص : ٨٣ تلك الدار الآخرة . . . . .

 تلك الدار الآخرة يعنى الجنة نجعلها للذين لا يريدون علوا يعنى تعظيماً تعظماً في

الأرض عن الإيمان بالتوحيد ولا فساداً يقول : ولا يريدون فيها عملاً بالمعاصي ،

 والعاقبةُ  في الآخرة للمتقين [ آية : ٨٣ ] من الشرك في الدنيا .

٨٤

القصص : ٨٤ من جاء بالحسنة . . . . .

 من جاء بالحسنة يعنى بكلمة الإخلاص ، وهي لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ،

 فله خير منها في التقديم ، يقول : فله منها خير ومن جاء بالسيئة يعنى الشرك

يقول : من جاء في الآخرة بالشرك فلا يجزى الذين عملوا السيئات يعنى الذين

عملوا الشرك إلا ما كانوا يعملون [ آية : ٨٤ ] من الشرك ، فإن جزاء الشرك النار ،

فلا ذنب أعظم من الشرك ، ولا عذاب أعظم من النار .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أبو القاسم ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن علقمة بن

مرثد ، قال : ذكر النبي صلى اللّه عليه وسلم ، هذه الآية : من جاء بالحسنة  ومن جاء بالسيئة

فقال : هذه تنجي وهذه تردى .

وقال مقاتل : إنه بلغه عن كعب بن عجرة ، قال : سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول : من جاء بالحسنة فهي لا إله إلا اللّه ومن جاء بالسيئة فهي الشرك ، فهذه تنجي ، وهذه

تردى ،

٨٥

القصص : ٨٥ إن الذي فرض . . . . .

قوله عز وجل : إن الذي فرض عليك القرآن وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم خرج

من الغار ليلاً ، ثم هاجر من وجهه ذلك إلى المدينة ، فسار في غير الطريق مخافة الطلب ،

فلما أمن رجع إلى الطريق ، فنزل بالجحفة بين مكة والمدينة ، وعرف الطريق إلى مكة ،

فاشتاق إليها ، وذكر مولده ومولد أبيه ، فأتاه جبريل ، عليه السلام ، فقال : أتشتاق إلى

بلدك ومولدك ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : نعم ، فقال : جبريل : إن اللّه عز وجل يقول : إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ، يعنى إلى مكة ظاهراً عليهم ، فنزلت هذه الآية

بالجحفة ليست بمكية ، ولا مدنية قل ربي أعلم من جاء بالهدى وذلك أن كفار مكة

كذبوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم ، و  إنك في ضلال ، فأنزل اللّه تبارك وتعالى في قولهم قل ربي أعلم من جاء بالهدى فأنا الذي جئت بالهدى من عند اللّه عز وجل و هو أعلم

 ومن هو في ضلال مبين [ آية : ٨٥ ] يقول : أنحن أم أنتم .

٨٦

القصص : ٨٦ وما كنت ترجو . . . . .

 وما كنت ترجوا يا محمد أن يلقى إليك الكتاب يعنى أن ينزل عليك

القرآن يذكره النعم ، وقال : ما كان الكتاب إلا رحمة يعنى عز وجل نعمة من ربك اختصصت بها يا محمد ، وذلك حين دعى إلى دين آبائه ، فأوحى اللّه عز وجل

إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم في ذلك ، فقال : فلا تكونن ظهيرا يعنى معيناً للكافرين [ آية :

٨٦ ] على دينهم .

٨٧

القصص : ٨٧ ولا يصدنك عن . . . . .

 ولا يصدنك كفار مكة عن ءايات اللّه يعنى عن إيمان بالقرآن بعد إذ أنزلت إليك وادع الناس الي معرفة ربك عز وجل ، وهو التوحيد ، ثم أوعز إلى

النبي صلى اللّه عليه وسلم وحذره ، فقال سبحانه : ولا تكونن من المشركين [ آية : ٨٧ ] وذلك حين

دعي إلى دين آبائه .

٨٨

القصص : ٨٨ ولا تدع مع . . . . .

فحذره اللّه عز وجل أن يتبع دينهم ، فقال سبحانه : ولا تدع يقول : ولا تعبد

 مع اللّه تعالى إِلهاً ءاخر فإنه واحد ليس معه شريك ، ثم وحد نفسه جل

جلاله ، فقال : لا إله إلا هو كل شيءٍ هالك إلا وجههُ يقول سبحانه : كل شيء من

الحيوان ميت ، ثم استثنى نفسه جل جلاله بأنه تعالى حي دائم لا يموت ، فقال جل

جلاله : إلا وجهه يعنى إلا هو له الحكم يعنى القضاء وإليه ترجعون [ آية :

٨٨ ] أحياء في الآخرة ، فيجزيكم عز وجل بأعمالكم .

﴿ ٠