سورة العنكبوت

سورة العنكبوت مكية

سبب النزول

 ويقال : نزلت بين مكة والمدينة في طريقه حين هاجر صلى اللّه عليه وسلم ، وهي تسع وستون آية كوفية .

 بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

العنكبوت : ١ الم الم [ آية : ١ ]

٢

العنكبوت : ٢ أحسب الناس أن . . . . .

أحسب الناس أن يتركوا نزلت في مهجع بن عبد اللّه مولى

عمر بن الخطاب ، رضي اللّه عنه ، كان أول قتيل من المسلمين يوم بدر ، وهو أول من يدعى إلى الجنة من شهداء أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، فجزع عليه أبواه .

وكان اللّه تبارك وتعالى بين للمسلمين أنه لا بد لهم من البلاء والمشقة في ذات اللّه عز وجل ، وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم يومئذ : سيد الشهداء مهجع ، وكان رماه عامر بن الحضرمي

بسهم فقتله ، فأنزل اللّه عز وجل في أبويه عبد اللّه وامرأته : الم [ آية : ١ ] أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون [ آية : ٢ ] يقول : أحسبوا أن يتركوا عن التصديق بتوحيد اللّه عز وجل ، ولا يبتلون في إيمانهم :

٣

العنكبوت : ٣ ولقد فتنا الذين . . . . .

 ولقد فتنا يقول : ولقد ابتلينا الذين من قبلهم يعنى من قبل هذه الأمة من المؤمنين فليعلمن اللّه الذين يقول : فليرين اللّه الذين صدقوا في إيمانهم من هذه الأمة عند البلاء ، فيصبروا لقضاء اللّه عز وجل وليعلمن يقول : وليرين الكاذبين [ آية : ٣ ] في إيمانهم فيشكوا عند البلاء .

٤

العنكبوت : ٤ أم حسب الذين . . . . .

ثم وعظ كفار العرب ، فقال سبحانه : أم حسب الذين يعملون السيئات يعنى الشرك نزلت في بني عبد شمس أن يسبقونا يعنى أن يفوتونا بأعمالهم السيئة حتى يجزيهم بها في الدنيا ، فقتلهم اللّه عز وجل ببدر منهم شيبة وعتبة ابنا ربيعة ، والوليد بن عتبة بن ربيعة ، وحنظلة بن أبي سفيان بن حرب ، وعبيده بن سعد بن العاص بن أمية ، وعقبة بن أبي معيط ، والعاص بن وائل ، ثم قال عز وجل : ساء ما يحكمون [ آية :٤ ] يعنى ما يقضون ، يعنى بني عبد شمس بن عبد مناف .

٥

العنكبوت : ٥ من كان يرجو . . . . .

ثم قال تعالى : من كان يرجوا لقاء اللّه يقول : من خشي البعث في الآخرة ، فليعمل

لذلك اليوم فإن أجل اللّه لآت يعنى يوم القيامة وهو السميع العليم [ آية : ٥ ]

لقول بني عبد شمس بن عبد مناف حين   إنا نعطي في الآخرة ما يعطى المؤمنون ،

يعنى بالمؤمنين بني هاشم ، وبني عبد المطلب بن عبد مناف ، العليم به .

نزلت من كان يرجوا لقاء اللّه في بني هاشم ، وبني عبد المطلب ابني عبد مناف ،

منهم على بن أبي طالب ، وحمزة ، وجعفر ، عليهم السلام ، وعبيدة بن الحارث ، والحصين ،

والطفيل ابنا الحارث بن المطلب ، ومسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب ، وزيد بن حارثة ،

وأبو هند ، وأبو ليلى مولى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وأيمن ابن أم أيمن قتيل يوم حنين ، رضي اللّه عنه ،

٦

العنكبوت : ٦ ومن جاهد فإنما . . . . .

ثم

قال تعالى : ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه يقول : من يعمل الخير فإنما يعمل لنفسه ،

يقول : إنما أعمالهم لأنفسهم إن اللّه لغني عن العالمين [ آية : ٦ ] يعنى عن أعمال

القبيلتين بني هاشم ، وبني عبد المطلب ، ابني عبد مناف .

٧

العنكبوت : ٧ والذين آمنوا وعملوا . . . . .

ثم قال عز وجل أيضاً يعنيهم : والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم

ولنجزينهم أَحسن الذي كانوا يعملون [ آية : ٧ ] فيجزيهم بإحسانهم ، ولا يجزيهم

بمساوئهم ، يعنى بني هاشم ، وبني المطلب

٨

العنكبوت : ٨ ووصينا الإنسان بوالديه . . . . .

ثم قال اللّه عز وجل : ووصينا الإنسان بوالديه حسنا نزلت في سعد بن أبي وقاص

الزهري ، رضي اللّه عنه ، وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف

 وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم بأن معي شريكاً فلا تطعهما في

الشرك إلي مرجعكم في الآخرة فأنبئكم بما كنتم تعملون [ آية : ٨ ] يعنى

سعداً ، رضي اللّه عنه ، وذلك أنه حين أسلم حلفت أمه لا تأكل طعاماً ، ولا تشرب

شراباً ، ولا تدخل [ كنا ] ، حتى يرجع سعد عن الإسلام ، فجعل سعد يترضاها ، فأبت

عليه ، وكان بها باراً فأتى سعد ، رضي اللّه عنه ، النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فشكى إليه فنزلت في سعد

رضي اللّه عنه ، هذه الآية ، فأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يترضاها ويجهد بها على أن تأكل وتشرب ،

فأبت حتى يئس منها ، وكان أحب ولدها إليها .

٩

العنكبوت : ٩ والذين آمنوا وعملوا . . . . .

 والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحينَ [ آية : ٩ ]

١٠

العنكبوت : ١٠ ومن الناس من . . . . .

 ومن الناس من

يقولُ ءامنا باللّه فإذا أُوذى في اللّه جعل فتنة الناس كعذاب اللّه نزلت في عياش بن أبي

ربيعة بن المغيرة بن عمرو بن مخزوم القرشي ، وذلك أن عياشاً أسلم ، فخاف أهل بيته ،

فهرب إلى المدينة بدينه قبل أن يهاجر النبي صلى اللّه عليه وسلم إليها ، فحلفت أمه أسماء بنت مخرمة بن

أبي جندل بن نهشل التميمي ألا تأكل ولا تشرب ، ولا تغسل رأسها ، ولا تدخل كناً

حتى يرجع إليها ، فصبرت ثلاثة أيام ، ثم أكلت وشربت ، فركب أبو جهل عدو اللّه

والحارث ابنا هشام ، وهما أخواه لأمه ، وهما بنو عم حتى أتيا المدينة ، فلقياه ، فقال أبو

جهل لأخيه عياش : قد علمت أنك كنت أحب إلى أمك من جميع ولدها ، وآثر عندها .

لأنه كان أصغرهم سناً ، وكان بها باراً ، وقد حلفت أمك ألا تأكل ، ولا تشرب ، ولا

تغسل رأسها ، ولا تدخل بيتاً ، حتى ترجع إليها ، وأنت تزعم أن في دينك بر الوالدين ،

فارجع إليها ، فإن ربك الذي بالمدينة هو بمكة فاعبدوه بها ، فأخذ عياش عليهم المواثيق ألا

يحركاه ، فاتبعهما ، فأوثقاه ، ثم جلده كل واحد منهما مائة جلدة حتى يبرأ من دين محمد

 صلى اللّه عليه وسلم ، فأنزل اللّه عز وجل في عياش : ومن الناس من يقول ءامنا باللّه يعنى صدقنا

بتوحيد اللّه فإذا أوذي في اللّه يعنى ضربهما إياه جعل فتنة الناس يقول : جعل

عذاب الناس في الدنيا كعذاب اللّه في الآخرة ، كقوله عز وجل : يوم هم على النار يفتنون [ الذاريات : ١٣ ] ، يعنى يعذبون .

ثم استأنف ولئن جاء نصر من ربك على عدوك بمكة وغيرها ، إذا كان للمؤمنين

دولة ليقولن المنافقون للمؤمنين إِذا كنا معكم على عدوكم ، وإذا رأوا دولة

للكافرين شكوا في إيمانهم أو ليس اللّه يعنى عز وجل ، أو ما اللّه بأعلم بما في صدور العالمين [ آية : ١٠ ] من الإيمان والنفاق .

١١

العنكبوت : ١١ وليعلمن اللّه الذين . . . . .

 وليعلمن اللّه يعنى وليرين اللّه الذين ءامنوا يعنى صدقوا عند البلاء

والتمحيص وليعلمن يعنى وليرين المنافقين [ آية : ١١ ] في إيمانهم ،

فيشكوا عند البلاء والتمحيص .

١٢

العنكبوت : ١٢ وقال الذين كفروا . . . . .

 وقال الذين كفروا يعنى أبا سفيان للذين ءامنوا نزلت في عمر بن

الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وخباب بن الأرت ، رضي اللّه عنهم ، ختن عمر بن الخطاب ،

رضي اللّه عنه ، على أخته أم جميل اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ، وذلك أن أبا

سفيان بن حرب بن أمية ، قال لهؤلاء النفر : اتبعوا ملة آبائنا ، ونحن الكفلاء بكل تبعة من

اللّه تصيبكم ، وأهل مكة علينا شهداء ، فذلك قوله تعالى : ولنحمل خطاياكم ، يقول

اللّه عز وجل : وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون [ آية : ١٢ ]

فيما يقولون :

١٣

العنكبوت : ١٣ وليحملن أثقالهم وأثقالا . . . . .

 وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ، يعنى وليحملن أوزارهم التي عملوا ، وأوزاراً

مع أوزارهم ؛ لقولهم للمؤمنين : اتبعوا سبيلنا  مع ، يعنى إلى أوزارهم التي عملوا

لأنفسهم وليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون [ آية : ١٣ ] ، من الكذب ؛

لقولهم : نحن الكفلاء بكل تبعة تصيبكم من اللّه عز وجل .

١٤

العنكبوت : ١٤ ولقد أرسلنا نوحا . . . . .

 ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ، يدعوهم إلى

الإيمان باللّه عز وجل ، فكذبوه فأخذهم الطوفان وهم ظالمون [ آية : ١٤ ] يعنى

الماء طغى على كل شيء ، فأغرقوا .

١٥

العنكبوت : ١٥ فأنجيناه وأصحاب السفينة . . . . .

 فأنجيناه ، يعنى نوحاً ، عليه السلام وأصحاب السفينة من الغرق ،

 وجعلناها ، يعنى السفينة ءاية للعالمين [ آية : ١٥ ] ، يعنى لمن يعدهم من

الناس .

١٦

العنكبوت : ١٦ وإبراهيم إذ قال . . . . .

 وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا اللّه ، يعنى وحدوا اللّه . واتقوه ، يعنى واخشوه ،

 ذلكم ، يعنى عبادة اللّه خير لكم من عبادة الأوثان إن كنتم تعلمون [ آية : ١٦ ] ، ولكنكم لا تعلمون .

١٧

العنكبوت : ١٧ إنما تعبدون من . . . . .

 إنما تعبدون من دون اللّه أوثانا ، يعنى أصناماً وتخلقون إفكا ، يعنى

تعملونها بأيديكم ، ثم تزعمون أنها آلهة كذباً وأنتم تنحتونها ، فذلك قوله عز وجل :

 واللّه خلقكم وما تعملون [ الصافات : ٩٦ ] بأيديكم من الأصنام ، فقال سبحانه :

 إن الذين تعبدون من دون اللّه من الآلهة لا يملكون ، يقول : لا يقدرون

 لكم رزقا ، على رزق فابتغوا عند اللّه الرزق واعبدوه ، يعنى وحدوه ،

 واشكروا له ، واشكروا اللّه في النعم ، فإن مصيركم إليه ، فذلك قوله تعالى : إليه ترجعون [ آية : ١٧ ] أحياء بعد الموت .

١٨

العنكبوت : ١٨ وإن تكذبوا فقد . . . . .

 وإن تكذبوا ، يعنى كفار مكة يكذبوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم بالعذاب وبالبعث فقد كذب أمم من قبلكم ، يعنى من قبل كفار مكة كذبوا رسلهم بالعذاب وما على الرسول إلا البلاغ المبين [ آية : ١٨ ] ، يقول : وما على النبي صلى اللّه عليه وسلم إلا أن يبين لكم أمر

العذاب

١٩

العنكبوت : ١٩ أو لم يروا . . . . .

 أَوَلَمْ يروا كيف يبدىء اللّه الخلق ثم يعيده ، كما خلقهم ، يقول : أولم يعلم

كفار مكة كيف بدأ اللّه عز وجل خلق الإنسان من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة ،

ثم عظاماً ، ثم لحماً ، ولم يكونوا شيئاً ، ثم هلكوا ، ثم يعيدهم في الآخرة ان ذلك على اللّه يسير [ آية : ١٩ ] ، يقول : إعادتهم في الآخرة على اللّه عز وجل هين .

٢٠

العنكبوت : ٢٠ قل سيروا في . . . . .

ثم قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : قل لهم : سيروا في الأرض ؛ ليعتبروا في أمر البعث فانظروا كيف بدأ الخلق ، يعني خلق السماوات والأرض وما فيها من الخلق ؛ لأنهم

يعلمون أن اللّه عز وجل خلق الأشياء كلها ثم إن اللّه ينشئ النشأة الآخرة ،

يعنى بعيد الخلق الأول ، يقول : هكذا يخلق الخلق الآخر ، يعنى البعث بعد الموت كما بدأ

الخلق الأول ، إنما ذكر النشأة الآخرة ؛ لأنها بعد الخلق الأول إِن اللّه على كُل شيءٍ

من البعث وغيره قدير [ آية : ٢٠ ] .

٢١

العنكبوت : ٢١ يعذب من يشاء . . . . .

 يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون [ آية : ٢١ ] ، يعنى وإليه ترجعون بعد

الموت يوم القيامة فيجزيكم بأعمالكم ،

٢٢

العنكبوت : ٢٢ وما أنتم بمعجزين . . . . .

 وما أنتم بمعجزين ، يعنى كفار مكة

بمعجزين ، يعنى بسابقين اللّه عز وجل فتفوتوه في الأرض كنتم ولا في السماء ، كنتم أينما كنتم حتى يجزيكم بأعمالكم السيئة وما لكم من دون اللّه من ولي ، يعنى من قريب لينفعكم ولا نصير [ آية : ٢٢ ] ، يعنى ولا مانع يمنعكم

من اللّه عز وجل .

٢٣

العنكبوت : ٢٣ والذين كفروا بآيات . . . . .

 والذين كفروا بئايات اللّه ، يعنى بالقرآن ولقائه ، وكفروا بالبعث ،

 أُولئك يئسوا من رحمتي ، يعنى من جنتي وَأُولئك لهم عذابُ أليم [ آية : ٢٣ ] .

يعنى وجيعاً .

٢٤

العنكبوت : ٢٤ فما كان جواب . . . . .

ثم ذكر إبراهيم ، عليه السلام ، في التقديم ، قال : فما كان جواب قومه .

يعنى قوم إبراهيم ، عليه السلام ، حين دعاهم إلى اللّه عز وجل ونهاهم عن عبادة الأصنام .

 إِلا أَن قالوا اقتلوهُ أو حرقوهُ بالنار ، فقذفوه في النار فأنجاه اللّه من النار إن في

ذلك لآيات ، يعنى عز وجل إن في النار التي لم تحرق إبراهيم ، عليه السلام ، لعبرة

 لقوم يؤمنون [ آية : ٢٤ ] يعنى يصدقون بتوحيد اللّه عز وجل .

٢٥

العنكبوت : ٢٥ وقال إنما اتخذتم . . . . .

 وقال لهم إبراهيم عليه السلام : إِنما اتخذتم الأوثان آلهة من دون اللّه عز وجل أَوثاناً مودة بينكم في الحيوة الدنيا ، يعنى بين الأتباع والقادة

مودة على عبادة الأصنام ثم إذا كان يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض

يقول : تتبرأ القادة من الأتباع ويلعن بعضكم بعضاً ، يقول : ويلعن الأتباع

القادة من الأمم الخالية وهذه الأمة ثم قال لهم إبراهيم ، عليه السلام : ومأواكم

النار ، يعنى مصيركم إلى النار ومالكم من ناصرين [ آية : ٢٥ ] ، يعنى

مانعين من العذاب يمنعونكم منه .

٢٦

العنكبوت : ٢٦ فآمن له لوط . . . . .

 فئامن له لوطٌ ، يعنى فصدق بإبراهيم لوط ، عليهما السلام ، وهو أول من

صدق بإبراهيم حين رأى إبراهيم لم تضره النار قال إبراهيم ، عليه السلام : إني

مهاجر إلى ربي يعنى هجر قومه المشركين من أرض كوثا هو ولوط ، وسارة أخت

لوط ، عليهم السلام ، إلى أرض المقدسة إلى ربي ، يعنى إلى رضا ربي ، وقال في

الصافات : إني ذاهب إلى ربي ، يعنى إلى رضا ربي سيهدين [ الصافات :

٩٩ ] ، فهاجر وهو ابن خمس وسبعين سنة إِنه هو العزيز الحكيم [ آية : ٢٦ ] .

٢٧

العنكبوت : ٢٧ ووهبنا له إسحاق . . . . .

 ووهبنا له ، يعنى لإبراهيم وإسحاق ويعقوب ابن إسحاق بالأرض المقدسة ،

 وجعلنا في ذريته ، يعنى ذرية إبراهيم النبوة ، يعنى إسماعيل ، وإسحاق ،

ويعقوب ، عليهم السلام والكتاب ، يعنى صحف إبراهيم وءاتيناه أَجره ،

يعنى أعطيناه جزاءه في الدنيا ، يعنى الثناء الحسن ، والمقالة الحسنة من أهل الأديان

كلها ؛ لمضيه على رضوان اللّه حين ألقى في النار ، وكسر الأصنام ، ومضيه على ذبح ابنه ،

فجميع أهل الأديان يقولون : إبراهيم منا لا يتبرأ منه أحد وإنه ، يعنى إبراهيم في الآخرة لمن الصالحين [ آية : ٢٧ ] ، نظيرها في النحل .

٢٨

العنكبوت : ٢٨ ولوطا إذ قال . . . . .

 ولوطاً إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ، يعنى المعصية ، يعنى إتيان

الرجال في أدبارهم ليلاً ما سبقكم بها من أحد من العالمين [ آية :

٢٨ ] ، فيما مضى قبلكم ، وكانوا لا يأتون إلا الغرباء .

٢٩

العنكبوت : ٢٩ أئنكم لتأتون الرجال . . . . .

ثم قال عز وجل : أَئنكم لتأتون الرجال وتقطعونَ السبيل ، يعنى المسافر ، وذلك

أنهم إذا جلسوا في ناديهم ، يعنى في مجالسهم رموا ابن السبيل بالحجارة والخذف ،

فيقطعون سبيل المسافر ، فذلك قوله عز وجل : وتأَتونَ في ناديكم المنكر

يعنى في مجالسكم المنكر ، يعنى الحذف بالحجارة فما كان جواب قومه ، أي

قوم لوط ، عليه السلام ، حين نهاهم عن الفاحشة والمنكر إلا أن قالوا للوط ، عليه

السلام : ائتنا بعذاب اللّه إن كنت من الصادقين [ آية : ٢٩ ] ، يعنى بأن العذاب

نازل بهم في الدنيا .

٣٠

العنكبوت : ٣٠ قال رب انصرني . . . . .

فدعا لوط ربه عز وجل ، ف قال رب انصرني على القوم المفسدين [ آية :

٣٠ ] ، يعنى العاصين ، يعنى بالفساد إتيان الرجال في أدبارهم ، يقول : رب انصرني

بتحقيق قولي في العذاب عليهم بما كذبون ، يعنى بتكذيبهم إياي حين   إن العذاب

ليس بنازل بهم في الدنيا ، فأهلكهم اللّه عز وجل بالخسف والحصب ، وكان لوط ، عليه

السلام ، قد أنذرهم العذاب ، فذلك

قوله : ولقد أنذرهم بطشتنا [ القمر : ٣٦ ] ،

يعنى عذابنا .

٣١

العنكبوت : ٣١ ولما جاءت رسلنا . . . . .

 ولما جاءت رسلنا ، يعنى الملائكة إبراهيم بالبشرى بالولد قالوا

لإبراهيم : إِنا مهلكوا أهل هذه القرية ، يعنون قرية لوط إن أهلها كانوا

ظالمينَ [ آية : ٣١ ] .

٣٢

العنكبوت : ٣٢ قال إن فيها . . . . .

 قال إِن فيها لوطاً نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله ، يعنى لوطا ، ثم

استثنى ، فقال : إلا امرأته كانت من الغابرين [ آية : ٣٢ ] ، يعنى الباقين في

العذاب .

٣٣

العنكبوت : ٣٣ ولما أن جاءت . . . . .

 ولما أَن جاءت رسلنا الملائكة لوطاً ، وحسب أنهم من الإنس سئ

بهم ، يعنى كرههم لوط لصنيع قومه بالرجال وضاق بهم ذرعاً ، يعنى بضيافة

الملائكة ذرعاً ، يعنى مخافة عليهم أن يفضحوهم وقالوا ، وقالت الرسل للوط ، عليه

السلام : لا تخف ولا تحزن ؛ لأن قومه وعدوه ، ف  معك رجال سحروا أبصارنا ،

فستعلم ما تقلى عذابهم ، فقالت الرسل : إنا منجوك وأهلك ، ثم استثنى امرأته ،

فذلك قوله عز وجل : إلا امرأتك كانت من الغابرين [ آية : ٣٣ ] ، يعنى من

الباقين في العذاب ، فهلك قوم لوط ، ثم أهلكت بعد بحجر أصابها فقتلها .

٣٤

العنكبوت : ٣٤ إنا منزلون على . . . . .

 إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا ، يعنى عذاباً من السماء على قرى لوط ، يعنى الخسف والحصب بما كانوا يفسقون [ آية : ٣٤ ] ، يعنى يعصون ،

٣٥

العنكبوت : ٣٥ ولقد تركنا منها . . . . .

 ولقد تركنا منها ءاية ، يعنى من قرية لوط آية بينه ، يعنى علامة واضحة ،

يعنى هلاكهم لقوم يعقلون [ آية : ٣٥ ] ، بتوحيد اللّه عز وجل ، كانت قرية

لوط بين المدينة والشام ، وولد لوط بعد هلاك قومه ابنتان ، وكان له ابنتان قبل هلاكهم ،

ثم مات لوط ، وكان أولاده مؤمنين من بعده .

٣٦

العنكبوت : ٣٦ وإلى مدين أخاهم . . . . .

 و أرسلنا إلى مدين أخاهم شعيبا بن نويب بن مدين بن إبراهيم خليل

الرحمن ، جل جلاله ، لصلبه فقالَ ياقوم اعبدوا اللّه ، يعنى وحدوا اللّه وارجوا

اليوم الأخر ، يعنى واخشوا البعث الذي فيه جزاء الأعمال ولا تعثوا ، يعنى ولا

تسعوا في الأرض مفسدين [ آية : ٣٦ ] ، يعنى بالمعاصي في نقصان الكيل والميزان ،

وهو الفساد في الأرض .

٣٧

العنكبوت : ٣٧ فكذبوه فأخذتهم الرجفة . . . . .

 فكذبوه بالعذاب حين أوعدهم أنه نازل بهم في الدنيا فأخذتهم

الرجفة فأصبحوا في دارهم ، يعنى عز وجل في محلتهم وعسكرهم جاثمين

[ آية : ٣٧ ] أمواتاً خامدين مثل النار إذا أطفئت ، بينما هي تقد إذا هي طفئت ، فشبه

أرواحهم في أجسادهم وهم أحياء مثل النار إذا تقد ، ثم شبه هلاكهم بالنار إذا طفئت ،

بينما هم أحياء إذ صاح بهم جبريل ، عليه السلام ، فصعقوا أمواتاً أجمعين .

٣٨

العنكبوت : ٣٨ وعادا وثمود وقد . . . . .

 و  أهلكنا وعاداً وثموداً ، وهما ابنا عم وقد تبين لكم يا أهل

مكة من مساكنهم ، يعنى منازلهم آية في هلاكهم وزين لهم الشيطان

أعمالهم السيئة فصدهم  الشيطان عن السبيل ، أي طريق الهدى وكانوا

مستبصرين [ آية : ٣٨ ] في دينهم يحسبون أنهم على هدى .

٣٩

العنكبوت : ٣٩ وقارون وفرعون وهامان . . . . .

 و  أهلكنا وقارون وفرعون ، واسمه فيطوس وهامان قهرمان

فرعون ودستوره ولقد جاءهم موسى بالبينات ، أخبرهم أن العذاب نازل بهم في

الدنيا ، فكذبوه وادعوا أنه غير نازل بهم في الدنيا فاستكبروا في الأرض وما كانوا

سابقين [ آية : ٣٩ ] ، يعنى فتكبروا بذنوبهم ، يعنى بتكذيبهم الرسل ، كقوله تعالى : اعترفوا بذنوبهم [ التوبة : ١٠٢ ] ، يعنى بتكذيبهم الرسل ، وكفروا به فدمدم

عليهم ربهم بذنبهم [ الشمس : ١٤ ] ، يعنى بتكذيبهم صالحاً .

٤٠

العنكبوت : ٤٠ فكلا أخذنا بذنبه . . . . .

قال عز وجل : فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ، يعنى من

الحجارة ، وهم قوم لوط ومنهم من أخذته الصيحة ، يعنى صيحة جبريل ، عليه

السلام ، وهم قوم صالح ، وقوم شعيب ، وقوم هود ، وقوم إبراهيم ومنهم من خسفنا

به الأرض ، يعنى قارون وأصحابه ومنهم من أغرقنا ، يعنى قوم نوح ، وقوم

فرعون وما كان اللّه ليظلمهم ، فيعذبهم على غير ذنب ولكن كانوا

أنفسهم يظلمونَ [ آية : ٤٠ ] يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية ؛ لئلا

يكذبوا محمد صلى اللّه عليه وسلم .

٤١

العنكبوت : ٤١ مثل الذين اتخذوا . . . . .

ثم قال عز وجل : مثل الذين اتخذوا من دون اللّه أولياء يعنى الآلهة ، وهي

الأصنام اللات والعزى ومناة وهبل كمثل العنكبوت وذلك أن اللّه عز وجل

ضرب مثل الصنم في الضعف ، يعنى كشبه العنكبوت إذا اتخذت بيتا وإن أوهن

يعنى أضعف البيوت كلها لبيت العنكبوت فكذلك ضعف الصنم هو

أضعف من بيت العنكبوت لو يعنى إن كانوا يعلمون [ آية : ٤١ ] ولكن

لا يعلمون .

٤٢

العنكبوت : ٤٢ إن اللّه يعلم . . . . .

ثم قال تعالى : إِن اللّه يعلم ما يدعون من دونه من شيء يعنى الأصنام وهو العزيز الحكيم [ آية : ٤٢ ] يعنى العزيز في ملكه الحكيم في أمره .

٤٣

العنكبوت : ٤٣ وتلك الأمثال نضربها . . . . .

ثم قال عز وجل : وتلك الأمثال نضربها للناس يقول : وتلك الأشباه نبينها

لكفار مكة ، فيما ذكر من أمر الصنم وما يعقلها إلا العالمون [ آية : ٤٣ ] يقول :

الذين يعقلون عن اللّه عز وجل الأمثال .

٤٤

العنكبوت : ٤٤ خلق اللّه السماوات . . . . .

 خلق اللّه السماوات والأرض بالحق لم يخلقهما باطلاً لغير شيء خلقهما لأمر هو

كائن إن في ذلك لآية للمؤمنين [ آية : ٤٤ ] يقول : إن في خلقهما لعبرة

للمصدقين بتوحيد اللّه عز وجل .

٤٥

العنكبوت : ٤٥ اتل ما أوحي . . . . .

 اتل ما أوحي إليك من الكتاب يعنى اقرأ على أهل الكتاب ما أنزل إليك من

القرآن ، ثم قال تعالى : وَأَقِم يعنى وأتم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء يعنى عن المعاصي والمنكر يعنى المنكر ما لا يعرف يقول : إن الإنسان

ما دام يصلي للّه عز وجل ، فقد انتهى عن الفحشاء والمنكر لا يعمل بها ما دام يصلي

حتى ينصرف ، ثم قال عز وجل : ولذكر اللّه أكبر يعنى إذا صليت للّه تعالى

فذكرته فذكرك اللّه بخير ، وذكر اللّه إياك أفضل من ذكرك إياه في الصلاة واللّه يعلم ما تصنعون [ آية : ٤٥ ] في صلاتكم .

٤٦

العنكبوت : ٤٦ ولا تجادلوا أهل . . . . .

 ولا تجادلوا يعنى النبي صلى اللّه عليه وسلم وحده أهل الكتاب البتة يعنى مؤمنيهم

عبد اللّه بن سلام وأصحابه إلا بالتي هي أحسن فيها تقديم ، يقول : جادلهم قل لهم

بالقرآن وأخبرهم عن القرآن ، نسختها آية السيف في براءة ، فقال تعالى : قاتلوا الذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر [ التوبة : ٢٩ ] إلا الذين ظلموا منهم وقولوا لهم

يعنى ظلمة اليهود ءامنا بالذي أُنزل إلينا يعنى القرآن وأنزل إليكم يعنى

التوراة و قولوا لهم : وإلهنا وإلهكم واحد ربنا وربكم واحد ونحن له مسلمون [ آية : ٤٦ ] يعنى مخلصين بالتوحيد .

٤٧

العنكبوت : ٤٧ وكذلك أنزلنا إليك . . . . .

 وكذلك يعنى وهكذا أنزلنا إليك الكتاب كما أنزلنا التوراة على أهل

الكتاب ، ليبين لهم عز وجل يعنى ليخبرهم ، ثم ذكر مؤمني أهل التوراة عبد اللّه بن سلام

وأصحابه ، فقل سبحانه : فالذين ءاتيناهم الكتاب يعنى أعطيناهم التوراة ، يعنى ابن

سلام وأصحابه يؤمنون به يصدقون بقرآن محمد صلى اللّه عليه وسلم أنه من اللّه عز وجل ، ثم

ذكر مسلمي مكة ، فقال : ومن هؤلاء من يؤمن به يعنى يصدق بقرآن محمد صلى اللّه عليه وسلم أنه

من اللّه جاء ، ثم قال : وما يجحد بآياتنا يعنى آيات القرآن بعد المعرفة ، لأنهم

يعلمون أن محمداً صلى اللّه عليه وسلم نبي ، وأن القرآن حق من اللّه عز وجل إلا الكافرون

[ آية : ٤٧ ] من اليهود .

٤٨

العنكبوت : ٤٨ وما كنت تتلو . . . . .

 وما كنت يا محمد تتلوا يعنى تقرأ من قبله يعنى من قبل القرآن

 من كتاب ولا تخطه بيمينك فلو كنت يا محمد نتلو القرآن أو تخطه ، لقالت اليهود

إنما كتبه من تلقاء نفسه ، و إذا لارتاب يقول : وإذاً لشك المبطلون [ آية :

٤٨ ] يعنى الكاذبين ، يعنى كفار اليهود إذاً لشكوا فيك يا محمد ، إذا ل  إن الذي نجد

في التوراة نعته ، هو أمي لا يقرأ الكتاب ولا يخطه بيده .

٤٩

العنكبوت : ٤٩ بل هو آيات . . . . .

ثم ذكر مؤمني أهل التوراة ، فقال : بل هو يا محمد ءايات بيناتٌ

يعنى

علامات واضحات بأنه أمي لا يقرأ الكتاب ولا يخطه بيده في صدور يعنى في

قلوب الذين أوتوا العلم بالتوراة ، يعنى عبد اللّه بن سلام وأصحابه ، ثم قال عز

وجل : وما يجحد بئاياتنا يعنى ببعث محمد صلى اللّه عليه وسلم في التوراة بأنه أمي لا يقرأ

الكتاب ، ولا يخطه بيده ، وهو مكتوب في التوراة ، فكتموا أمره وجحدوا ، فذلك قوله

عز وجل : وما يجحد بئاياتنا يعنى ببعث محمد صلى اللّه عليه وسلم في التوراة إلا الظالمون [ آية : ٤٩ ] يعني كفار اليهود .

٥٠

العنكبوت : ٥٠ وقالوا لولا أنزل . . . . .

 وقالوا لولا أُنزل عليه ءاياتٌ من ربه قال كفار مكة : هلا أنزل على محمد صلى اللّه عليه وسلم

آيات من ربه إلينا ، كما كان تجيء إلى قومهم ، فأوحى اللّه تبارك وتعالى إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ،

قال : قل لهم إنما الآيات عند اللّه فإذا شاء أرسلها وليست بيدي وإنما أنا نذير مبين [ آية : ٥٠ ] .

٥١

العنكبوت : ٥١ أو لم يكفهم . . . . .

فلما سألوه الآية ، قال اللّه تعالى : أَولم يكفهم بالآية من القرآن أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم فيه خبر ما قبلهم ، وما بعدهم إن في ذلك يعنى

عز وجل في القرآن لرحمة لمن آمن به وعمل به وذكرى يعنى وتذكرة

 لقوم يؤمنون [ آية : ٥١ ] يعنى يصدقون بالقرآن أنه من اللّه عز وجل ، فكذبوا

بالقرآن فنزل :

٥٢

العنكبوت : ٥٢ قل كفى باللّه . . . . .

 قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيدا يعنى فلا شاهد أفضل من اللّه بيننا يعلم

ما في السموات والأرض والذين ءامنوا بالباطل يعنى صدقوا بعبادة الشيطان

 وكفروا باللّه بتوحيد اللّه أولئك هم الخاسرون [ آية : ٥٢ ] .

٥٣

العنكبوت : ٥٣ ويستعجلونك بالعذاب ولولا . . . . .

 ويستعجلونك بالعذاب استهزاء وتكذيباً به ، ونزلت في النضر بن الحارث ، حيث

قال : فأمطر علينا في الدنيا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم

[ الأنفال : ٣٢ ] يقول : ذلك استهزاء وتكذيباً ، فنزلت فيه : ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى في الآخرة لجاءهم العذاب الذين استعجلوه في الدنيا وليأتينهم

العذاب في الآخرة بغتة يعنى فجأة وهم لا يشعرون [ آية : ٥٣ ] يعنى ، يعلمون

به حتى ينزل بهم العذاب .

٥٤

العنكبوت : ٥٤ يستعجلونك بالعذاب وإن . . . . .

قال سبحانه : يستعجلونك بالعذاب يعنى النضر بن الحارث وإن جهنم لمحيطة بالكافرين [ آية : ٥٤ ] ، ثم أخبر بمنازلهم يوم القيامة ،

٥٥

العنكبوت : ٥٥ يوم يغشاهم العذاب . . . . .

فقال تعالى : يوم يغشاهم العذاب وهم في النار من فوقهم ومن تحت أرجلهم يعنى بذلك لهم من فوقهم ظل

من النار ومن تحتهم ظلل ، يعنى بين طبقتين من نار ويقول لهم الخزنة ذوقوا

جزاء ما كنتم تعملون [ آية : ٥٥ ] من الكفر والتكذيب .

٥٦

العنكبوت : ٥٦ يا عبادي الذين . . . . .

 يا عبادي الذين ءامنوا نزلت في ضعفاء مسلمي أهل مكة إن كنتم في ضيق بمكة

من إظهار الإيمان ، ف إن أرضي يعنى أرض اللّه بالمدينة واسعة من الضيق فإياي فاعبدون [ آية : ٥٦ ] يعنى فوحدوني بالمدينة علانية

٥٧

العنكبوت : ٥٧ كل نفس ذائقة . . . . .

ثم خوفهم الموت ليهاجروا ، فقال تعالى : كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون

[ آية : ٥٧ ] في الآخرة بعد الموت فيجزيكم بأعمالكم .

٥٨

العنكبوت : ٥٨ والذين آمنوا وعملوا . . . . .

ثم ذكر المهاجرين ، فقال سبحانه : والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لتبوئنهم يعنى

لننزلنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها لا تموتون في الجنة نعم أجر يعنى جزاء العاملين [ آية : ٥٨ ] للّه عز وجل .

٥٩

العنكبوت : ٥٩ الذين صبروا وعلى . . . . .

فقال عز وجل : الذين صبروا على الهجرة وعلى ربهم يتوكلون [ آية :

٥٩ ] يعنى وباللّه يثقون في هجرتهم ، وذلك أن أحدهم كان يقول : بمكة أهاجر إلى

المدينة وليس لي بها مال ، ولا معيشة .

٦٠

العنكبوت : ٦٠ وكأين من دابة . . . . .

فوعظهم اللّه ليعتبروا ، فقال : وكأين يعنى وكم من دابة في الأرض أو

طير لا تحمل يعنى لا ترفع رزقها معها اللّه يرزقها حيث توجهت

 وإياكم يعنى يرزقكم إن هاجرتم إلى المدينة وهو السميع العليم [ آية : ٦٠ ]

لقولهم : إنا لا نجد ما ننفق في المدينة .

٦١

العنكبوت : ٦١ ولئن سألتهم من . . . . .

ثم قال عز وجل للنبي صلى اللّه عليه وسلم : ولئن سألتهم يعنى ولئن سألت كفار مكة

 من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن اللّه وحده خلقهم فأنى يؤفكون [ آية :

٦١ ] يعنى عز وجل من أين تكذبون يعنى بتوحيدي .

٦٢

العنكبوت : ٦٢ اللّه يبسط الرزق . . . . .

ثم رجع إلى الذين رغبهم في الهجرة ، والذين   لا نجد ما ننفق ، فقال عز وجل :

 اللّه يبسط يعنى يوسع الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له يعنى ويقتر على من

يشاء إِن اللّه بكل شيءٍ عليمٌ [ آية : ٦٢ ] من البسط على من يشاء ، والتقتير عليه .

٦٣

العنكبوت : ٦٣ ولئن سألتهم من . . . . .

 ولئن سألتهم يعنى كفار مكة من نزل من السماء ماء يعنى المطر فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن اللّه يفعل ذلك قل الحمد للّه بإقرارهم بذلك بل أكثرهم لا يعقلون [ آية : ٦٣ ] بتوحيد ربهم ، وهم مقرون بأن اللّه عز وجل خلق

الأشياء كلها وحده .

٦٤

العنكبوت : ٦٤ وما هذه الحياة . . . . .

ثم قال تعالى : وما هذه الحيوة الدنيا إلا لهو ولعب يعنى وباطلاً وإن الدار الآخرة يعنى الجنة لهي الحيوان يقول : لهي دار الحياة لا موت فيها لو كانوا يعلمون [ آية : ٦٤ ] ولكنهم لا يعلمون .

٦٥

العنكبوت : ٦٥ فإذا ركبوا في . . . . .

 فإذا ركبوا في الفلك يعنى السفن ، يعنى كفار مكة يعظهم ليعتبروا دعوا اللّه مخلصين له الدين يعنى موحدين له بالتوحيد فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون [ آية :

٦٥ ] فلا يوحدون كما يوحدونه عز وجل في البحر .

٦٦

العنكبوت : ٦٦ ليكفروا بما آتيناهم . . . . .

 ليكفروا بما ءاتيناهم يعنى لئلا يكفروا بما أعطيناهم في البحر من العافية حين

سلمهم اللّه عز وجل من البلاء وأنجاهم من اليم وليتمتعوا إلى منتهى آجالهم

 فسوف يعلمون [ آية : ٦٦ ] هذا وعيد .

٦٧

العنكبوت : ٦٧ أو لم يروا . . . . .

 أولم يروا يعنى كفار مكة يعظهم ليعتبروا أَنا جعلنا حرماً ءامنا ويتخطف الناس

من حولهم فيقتلون ويسبون فادفع عنهم ، وهم يأكلون رزقي ويعبدون غيري ، فلست

أسلط عليهم عدوهم إذا أسلموا نزلت في الحارث بن نوفل القرشي ، نظيرها في طسم

القصص ، ثم بين لهم ما يعبدون ، فقال سبحانه : أفبالباطل يؤمنون ؟ يعنى أفبالشيطان يصدقون أن للّه تعالى شريكاً وبنعمة اللّه الذي أطعمهم من جوع ، وآمنهم من خوف يكفرون [ آية : ٦٧ ] فلا يؤمنون برب هذه النعمة ، فيوحدونه عز وجل .

٦٨

العنكبوت : ٦٨ ومن أظلم ممن . . . . .

ثم قال تعالى ذكره : ومن أظلم يقول : فلا أحد أظلم ممن افترى على اللّه كذبا أو كذب بالحق يعنى بالتوحيد لما جاءه يعنى حين جاءه ، ثم قال تعالى : أليس في جهنم يقول : أما لهذا المكذب بالتوحيد في جهنم مثوى يعنى مأوى للكافرين [ آية : ٦٨ ] بالتوحيد .

٦٩

العنكبوت : ٦٩ والذين جاهدوا فينا . . . . .

 والذين جاهدوا فينا يعنى عملوا بالخير للّه عز وجل ، مثلها في آخر الحج ، لنهدينهم سبلنا يعنى ديننا وإن اللّه لمع المحسنين [ آية : ٦٩ ] لهم في العون لهم .

﴿ ٠