بسم اللّه الرحمن الرحيم

سورة الروم

سورة الروم مكية ، وهي ستون آية كوفى

حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن أبي بكر الهذلى ، عن عكرمة ، قال :

أقتتل الروم وفارس فهزمت الروم ، فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه فشق عليهم وهم بمكة ، وفرح الكفار وشمتوا فقتلوا أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقالوا لهم : إنكم أهل كتاب ، والروم أهل كتاب فقد ظهر إخواننا أهل فارس على إخوانكم من الروم فأنزل اللّه تبارك وتعالى : الم غلبت الروم في أدنى الأرض وأدنى الأرض يؤمئذ أذرعات

فيها كان القتال وهم من بعد غليهم سيغلبون في بضع سنين للّه الأمر من قبل أن يظهر الروم على فارس ومن بعد ما ظهرت ، قال : فخرج أبو بكر الصديق ، رضوان اللّه عليه ، إلى الكفار .

فقال : أفرحتم لظهور إخوانكم على إخواننا فلا تفرحوا ولا يقر اللّه أعينكم ليظهرن اللّه الروم على فارس ، أخبرنا بذلك نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال له أبى بن خلف الجمحى : كذبت يا أبا فصيل ، فقال أبو بكر ، رضى اللّه عنه : أنت أكذب يا عدو اللّه ، فقال : أناجيك عشر قلائص منى ، وعشر قلائص منك إلى ثلاث سنين ، ثم جاء أبو بكر ، رضى اللّه عنه ، إلى

النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : ناجيت عدو اللّه أبى بن خلف أن يظهر اللّه عز وجل الروم على فارس

إلى ثلاث سنين ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ما كذلك ذكرت لك ، إنما قال اللّه عز وجل :

 بضع سنين ٦ والبضع ما بين الثلاث إلى التسع فاذهب فزايدهم في الخطر ، ومادهم

في الأجل ، فخرج أبو بكر رضى اللّه عنه ، فلقى أبى بن خلف .

فقال : لعلك ندمت يا أبا عامر ، قال : فقال : تعالى أزايدك في الخطر ، وأمادكم في

الأجل ، فنجعلها مائة قلوص إلى تسع سنين ، قال : قد فعلت ، قال : وكانت امرأة بفارس

لا تلد إلا ملوكاً أبطالاً ، فدعاها كسرى ، فقال : إني أريد أن أبعث إلى الروم جيشاً

واستعمل رجلاً من بنيك ، فأشيرى على أيهم استعمل ، فقالت : هذا فلان وسمته وهو

أروغ من ثعلب وأجبن من صقر ، وهذا الفرخان وهو أنقذ من السنان ، وهو شهر بران ،

وهو أحلم من الأرزان فاستعمل أيهم شئت .

قال إني استعمل الحليم ، فبعث شهر بران على الجيش ، فسار الروم إلى أرض فارس ،

فظهر عليهم وخرب مدائنهم ، وقطع زيتونهم ، فلما ظهرت فارس على الروم جلس

الفرخان يشرب ، فقال لأصحابه : قد رأيت في المنام أني جالس على سرير كسر ، فعمد

الملاقون المبلغون بالأحاديث ، فكتبوا إلى كسرى أن عبدك الفرخان يتمنى في المنام أن

يقعد على سريرك ، فكتب كسرى إلى شهربران إذا جاءك كتابي هذا فابعث برأس

أخيك الفرخان ، فكتب إليه شهربران أيها الملك إن الفرخان له صولة ونكاية في العدو ،

فلا تفعل ، فكتب إليه كسرى إن في رجال فارس منه خلفاً وبدلاً ، فعجل على برأسه

فراجعه .

فقال : أيها الملك ، إنك لن تجد من الفرخان بدلاً صولة ونكاية ، فغضب كسرى فلم

يجبه وبعث بريداً إلى أهل فارس الذين بالروم : إني قد نزعت عنكم شهربران واستعملت

عليكم الفرخان ، ودفع إلى صاحب البريد صحيفة صغيرة ، فقال : إذا ولي الفرخان وانقاد

له أخوه ، فادفع إليه الصحيفة ، فلما قرأ شهربران الكتاب قال : سمعاً وطاعة ووضع تاجه

على رأس أخيه ، ونزل عن سريره ، وجلس عليه الفرخان ، ودفع الرسول الصحيفة إليه ،

فقال : ائتونى بشهربران ، فأتى به ليضرب عنقه ، فقال شهربران : لا تعجل حتى أكتب

وصيتى ، قال : فكتبها ، فدعا بسقط فيه ثلاث صحائف .

وقال : ويحك أنت ابن أمي وأبي ، وهذه ثلاث صحائف جاءتني في قتلك ، فراجعت

فيك كسرى ثلاث مرات ، فقال الفرخان : أمنا واللّه كانت أعرف بنا ، أنت أحلم من

الأزرق حين راجعت في ثلاث مرات ، وأنا أنفذ من السنان حين أردت قتلك بكتاب

واحد ، ثم رد الملك إلى أخيه ، وكان أكبر منه ، فكتب شهربران إلى قيصر إن لي إليك

حاجة لا تحملها البرد ، ولا تبلغها الصحف ، فالقنى ولا تلقني إلا في خمسين رومياً ، فإني

ألقاك في خمسين فارسياً ، فأقبل قيصر في خمسمائة ألف رومي ، فجعل يبثهم في الطرق ،

وبعث بين يديه العيون مخافة أن يكون مكراً منه حتى أتته عيونه أن ليس معه إلا خمسين

رجلاً ، ثم بسطت لهم بسط ، فمشياً عليها ونزلاً عن برذونيهما إلى قبة من ديباج ضربت

لهما عراها ذهب ، وأزرارها فضة ، وأطنابها إبريسم ، مع

أحدهما سكين نصابها زمرد

أخضر ، وقرابها من ذهب ، ومع الآخر سكين نصابها من فارهرة خضراء ، وقرابها من

ذهب ، ودعوا ترجماناً بينهما .

فقال شهربران لقيصر : إن الذين كسروا شوكتك وأطفئوا جمرتك وخربوا مدائنك

وقطعوا شجرك أنا وأخي بكيدنا وشجاعتنا ، وإن كسرى حسدنا على ذلك ، وأرادني

على قتل أخي ، وأراد أخي على قتلى ، فأبينا ، فخالفناه جميعاً ، فنحن نقاتله معك ، فقال :

أصبتما ، فأشار

أحدهما إلى الآخر السر بين اثنين ، فإذا جاوزهما فشا ، فقتلا الترجمان

بسكينيهما ، وأهلك اللّه عز وجل كسرى ، وجاء الخبر إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم يوم الحديبة ، ففرح

النبي صلى اللّه عليه وسلم ومن معه بظهور الروم ، فذلك قوله عز وجل : وهم من بعد غليهم

سيغلبون .

١

الروم : ١ الم الم [ آية : ١ ]

٢

الروم : ٢ غلبت الروم

 غلبت الروم [ آية : ٢ ] وذلك أن أهل فارس غلبوا على الروم

٣

الروم : ٣ في أدنى الأرض . . . . .

 في أدنى الأرض يعني أرض الأردن وفلسطين ، ثم قال عز وجل : وهم يعني

الروم من بعد غلبهم سيغلبون [ آية : ٣ ] أهل فارس .

٤

الروم : ٤ في بضع سنين . . . . .

 في بضع سنين ٦ يعني خمس سنين ، أو سبع سنين إلى تسع للّه الأمر من

قبل حين ظهرت فارس على الروم ومن بعد ما ظهرت الروم على فارس ،

 ويومئذٍ يفرح المؤمنون [ آية : ٤ ] وذلك أن فارس غلبت الروم ، ففرح بذلك

كفار مكة ، ف  إ ن فارس ليس لهم كتاب ، ونحن منهم ، وقد غلبوا أهل الروم ، وهم

أهل كتاب قبلكم ، فنحن أيضاً نغلبكم كما غلبت فارس الروم ، فخاطرهم أبو بكر

الصديق ، رضي اللّه عنه ، على أن يظهر اللّه عز وجل الروم على فارس ، فلما كان يوم بدر

غلب المسلمون كفار مكة ، وأتى المسلمين الخبر بعد ذلك ، والنبي صلى اللّه عليه وسلم والمؤمنون بالحديبية

أن الروم قد غلبوا أهل فارس ، ففرح المسلمون بذلك ، فذلك قوله تبارك وتعالى :

 ويومئذ يفرح المؤمنون ٢

٥

الروم : ٥ بنصر اللّه ينصر . . . . .

 ٢ بنصر اللّه ينصر من يشاء فنصر اللّه عز وجل

الروم على فارس ، ونصر المؤمنين على المشركين يوم بدر .

قال أبو محمد :

سألت أبا العباس ثعلب عن البضع والنيف ، فقال البضع : من ثلاث إلى

تسع ، والنيف : من واحد إلى خمسة ، وربما أدخلت كل واحدة على صاحبتها فتجوز

مجازها ، فأخذ أبو بكر الصديق ، رضي اللّه عنه ، الخطر من صفوان بن أمية ، والنبي صلى اللّه عليه وسلم

بالحديبية مقيم حين صده المشركين عن دخول مكة وهو العزيز يعني المنيع في

ملكه الرحيم [ آية : ٥ ] بالمؤمنين حين نصرهم .

٦

الروم : ٦ وعد اللّه لا . . . . .

 وعد اللّه لا يخلف اللّه وعده وذلك أن اللّه عز وجل وعد المؤمنين في أول السورة

أن يظهر الروم على فارس حين قال تعالى : وهم من بعد غلبهم سيغلبون على

أهل فارس ، وذلك قوله عز وجل : وعد اللّه لا يخلف اللّه وعده بأن الروم تظهر على

فارس ولكن أكثر الناس لا يعلمون [ آية : ٦ ] يعني كفار مكة .

٧

الروم : ٧ يعلمون ظاهرا من . . . . .

 يعلمون ظهراً من الحيوة الدنيا يعني حرفتهم وحيلتهم ، ومتى يدرك زرعهم ، وما

يصلحهم في معايشهم لصلاح دنياهم وهم عن الأخرة هم غفلون [ آية : ٧ ] حين لا

يؤمنون بها ، ثم وعظهم ليعتبروا ، فقال تعالى :

٨

الروم : ٨ أو لم يتفكروا . . . . .

 أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق اللّه السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق يقول

سبحانه : لم يخلقهما عبثاً لغير شيء خلقهما لأمر هو كائن وأجل مسمى يقول :

السموات والأرض لهما أجل ينتهيان إليه ، يعني يوم القيامة وإن كثيرا من الناس

يعني عز وجل كفار مكة بلقائ ربهم بالبعث بعد الموت لكفرون [ آية : ٨ ] .

ثم خوفهم فقال عز وجل :

٩

الروم : ٩ أو لم يسيروا . . . . .

 أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم يعني الأمم الخالية ،

فكان عاقبتهم العذاب في الدنيا كانوا أشد منهم من أهل مكة قوة وأثاروا الأرض وعمروها يعني وعاشوا في الأرض أكثر مما عمروها أكثر مما عاش فيها

كفار مكة وجاءتهم يعني الأمم الخالية رسلهم بالبينت يعني أخبرتهم بأمر

العذاب فما كان اللّه ليظلمهم فيعذبهم على غير ذنب ولكن كانوا أنفسهم يظلمون [ آية : ٩ ]

١٠

الروم : ١٠ ثم كان عاقبة . . . . .

 ثم كان عقبة الذين أسئوا يعني أشركوا السوأى بعد

العذاب في الدنيا أن كذبوا بئايت اللّه يعني بأن كذبوا بالعذاب أنه ليس بنازل

بهم في الدنيا وكانوا بها يعني العذاب يستهزءون [ آية : ١٠ ] تكذيباً به أنه لا

يكون .

١١

الروم : ١١ اللّه يبدأ الخلق . . . . .

قال سبحانه : اللّه يبدؤا الخلق ثم يعيده يقول : اللّه بدأ الناس فخلقهم ، ثم

يعيدهم في الآخرة بعد الموت أحياء كما كانوا ثم إليه ترجعون [ آية : ١١ ] في

الآخرة ، فيجزيهم بأعمالهم .

١٢

الروم : ١٢ ويوم تقوم الساعة . . . . .

 ويوم تقوم الساعة يعني يوم القيامة يبلس يعني ييأس المجرمون [ آية :

١٢ ] يعني كفار مكة من شفاعة الملائكة ،

١٣

الروم : ١٣ ولم يكن لهم . . . . .

 ولم يكن لهم من شركائهم من الملائكة

 شفعؤا فيشفعوا لهم و كانوا بشركائهم كفرين [ آية : ١٣ ] يعني تبرأت

الملائكة ممن كان يعبدها .

١٤

الروم : ١٤ ويوم تقوم الساعة . . . . .

 ويوم تقوم الساعة يوم القيامة يومئذ يتفرقون [ آية : ١٤ ] بعد الحساب إلى

الجنة ، وإلى النار ، فلا يجتمعون أبداً ، ثم أخبر بمنزلة الفريقين جميعاً ، فقال سبحانه :

١٥

الروم : ١٥ فأما الذين آمنوا . . . . .

 فأما

الذين ءامنوا وعملوا الصلحت فهم في روضةٍ يحبرون [ آية : ١٥ ] يعني في بساتين

يكرمون وينعمون فيها وهي الجنة .

١٦

الروم : ١٦ وأما الذين كفروا . . . . .

 وأما الذين كفروا بتوحيد اللّه عز وجل وكذبوا بئايتنا يعني القرآن ولقآئ

الأخرة يعني البعث فأولئك في العذاب محضرون [ آية : ١٦ ]

١٧

الروم : ١٧ فسبحان اللّه حين . . . . .

 فسبحن اللّه

يعني فصلوا للّه عز وجل حين تمسون يعني صلاة المغرب وصلاة العشاء وحين

تصبحون [ آية : ١٧ ] يعني صلاة الفجر .

١٨

الروم : ١٨ وله الحمد في . . . . .

 وله الحمد في السموات والأرض يحمده الملائكة في السموات ويحمده المؤمنون

في الأرض وعشياً يعني صلاة العصر وحين تظهرون [ آية : ١٨ ] يعني صلاة

الأولى ،

١٩

الروم : ١٩ يخرج الحي من . . . . .

 يخرج الحي من الميت يقول : يخرج الناس والدواب والطير من النطف وهي

ميتة ويخرج الميت يعني النطف من الحي يعني من الناس والدواب والطير ،

 ويحي الأرض بالماء بعد موتها فينبت العشب فذلك حياتها ، ثم قال :

 وكذلك يعني وهكذا تخرجون [ آية : ١٩ ] يا بني آدم من الأرض أن اللّه عز

وجل يرسل يوم القيامة ماء الحيوان من السماء السابعة من البحر المسجور على الأرض

بين النفختين فتنبت عظام الخلق ولحومهم وجلودهم كما ينبت العشب من الأرض .

٢٠

الروم : ٢٠ ومن آياته أن . . . . .

 ومن ءايته يعني ومن علامات ربكم أنه واحد عز وجل ، وإن لم تروه فاعرفوا

توحيده بصنعه أن خلقكم من ترابٍ يعني آدم صلى اللّه عليه وسلم خلقه من طين ثم إذا أنتم

بشرٌ يعني ذرية آدم بشر تنتشرون [ آية : ٢٠ ] في الأرض ، يعني تتبسطون في

الأرض ، كقوله سبحانه : وينشر [ الشورى : ٢٨ ] يعني ويبسط رحمته .

٢١

الروم : ٢١ ومن آياته أن . . . . .

 ومن ءايته يعني علاماته أن تعرفوا توحيده ، وإن لم تروه أن خلق لكم من أنفسكم يعني بعضكم من بعض أزوجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم وبين

أزواجكم مودة يعني الحب ورحمة ليس بينها وبينه رحم إن في ذلك لآيات يعني إن في هذا الذي ذكر لعبرة لقوم يتفكرون [ آية : ٢١ ] فيعتبرون في

توحيد اللّه عز وجل .

٢٢

الروم : ٢٢ ومن آياته خلق . . . . .

 ومن ءايته يعني ومن علامة الرب عز وجل ، أنه واحد فتعرفوا توحيده بصنعه

أن خلق السماوات والأرض وأنتم تعلمون ذلك ، كقوله سبحانه : ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن اللّه [ الزمر : ٣٨ ] واختلف ألسنتكم عربي

وعجمي وغيره و اختلاف وألوانكم أبيض وأحمر وأسود إن في ذلك

لأيتٍ يعني أن في هذا الذي ذكر لعبرة للعلمين [ آية : ٢٢ ] في توحيد اللّه عز

وجل .

٢٣

الروم : ٢٣ ومن آياته منامكم . . . . .

 ومن ءايته يعني ومن علامات الرب تعالى أن يعرف توحيده بصنعه منامكم

باليل يعني النوم ، ثم قال : و ب والنهار وابتغاؤكم من فضله يعني الرزق

 إن في ذلك لأيتٍ يعني إن في هذا الذي ذكر لعبرة لقوم يسمعون

[ آية : ٢٣ ] المواعظ ، فيوحدون ربهم عز وجل .

٢٤

الروم : ٢٤ ومن آياته يريكم . . . . .

 ومن ءايته يعني ومن علاماته أن تعرفوا توحيد الرب جل جلاله بصنعه ، وإن

لم تروه يريكم البرق خوفا من الصواعق لمن كان بأرض ، نظيرها في الرعد

 وطمعا في رحمته ، يعني المطر وينزل من السماء ماء يعني المطر فيحي به

بالمطر الأرض بالنبات بعد موتها إن في ذلك يعني عز وجل في هذا الذي

ذكر لايت يعني لعبرة لقوم يعقلون [ آية : ٢٤ ] عن اللّه عز وجل ،

فيوحدونه .

٢٥

الروم : ٢٥ ومن آياته أن . . . . .

 ومن ءايته يعني علاماته أن تعرفوا توحيد اللّه تعالى بصنعه أن تقوم السماء والأرض يعني السماوات السبع والأرضين السبع ؛ قال ابن مسعود :

قامتا على غير عمد

 يأمره ثم إذا دعاكم يدعو إسرافيل صلى اللّه عليه وسلم من صخرة بيت المقدس في الصور عن أمر

اللّه عز وجل دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون [ آية : ٢٥ ] وفي هذه كله الذي ذكره

من صنعه عبرة وتفكراً في توحيد اللّه عز وجل ، ثم عظم نفسه تعالى ذكره ، فقال :

٢٦

الروم : ٢٦ وله من في . . . . .

 وله من في السماوات من الملائكة و من في والأرض من الإنس والجن ،

ومن يعبد من دون اللّه عز وجل ، كلهم عبيده وفي ملكه ، قال سبحانه : كلٌ له ،

قنتون [ آية : ٢٦ ] يعني كل ما فيهما من الخلق للّه قانتون ، يعني مقرون بالعبودية له

يعلمون أن اللّه جل جلاله ربهم ، وهم خلقهم ولم يكونوا شيئاً ، ثم يعيدهم ، ثم يبعثهم

في الآخرة أحياء بعد موتهم كما كانوا . ثم قال عز وجل :

٢٧

الروم : ٢٧ وهو الذي يبدأ . . . . .

 وهو الذي يبدؤوا الخلق ثم يعيده وهو الذي بدأ الخلق ، يعني خلق آدم ، فبدأ

خلقهم ولم يكونوا شيئاً ، ثم يعيدهم ، يعني يبعثهم في الآخرة أحياء بعد موتهم كما

كانوا وهو أهون عليه يقول : البعث أيسر عليه عندكم ، يا معشر الكفار في المثل

من الخلق الأول ، حين بدأ خلقهم نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظماً ، ثم لحماً ، فذلك

قوله عز وجل : وله المثل الأعلى في السماوات والأرض فإنه تبارك وتعالى رب واحد لا

شريك له وهو العزيز في ملكه ، لقولهم : إن اللّه عز وجل لا يقدر على البعث

 الحكيم [ آية : ٢٧ ] في أمره حكم البعث .

٢٨

الروم : ٢٨ ضرب لكم مثلا . . . . .

 ضرب لكم مثلا من أنفسكم نزلت في كفار قريش ، وذلك أنهم كانوا يقولون في

إحرامهم : لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك ، فقال تعالى : ضرب لكم مثلا من أنفسكم يقول : وصف لكم يا معشر الأحرار ، من كفار قريش مثلاً يعني شبهاً من عبيدكم هل لكم استفهام من ما ملكت أيمنكم من العبيد من

شركاء في ما رزقنكم من الأموال فأنتم وعبيدكم فيه سواء في الرزق

ثم قال : تخافونهم كخيفتكم أنفسكم يقول عز وجل : تخافون عبيدكم أن

يرثوكم بعد الموت كما تخافون أن يرثكم الأحرار من أوليائكم ، فقالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : لا ،

قال لهم النبي صلى اللّه عليه وسلم : أفترضون للّه عز وجل الشركة في ملكه وتكرهون الشرك في

أموالكم ، فسكتوا ولم يجيبوا النبي صلى اللّه عليه وسلم .

إلا شريكاً هو لك تملكه ما ملك ، يعنون الملائكة ، قال : فكما لا تخافون أن يرثكم

عبيدكم ، فكذلك ليس للّه عز وجل شريك كذلك نفصل الأيت يعني هكذا

نبين الآيات لقوم يعقلون [ آية : ٢٨ ] عن اللّه عز وجل الأمثل ، فيوحدونه ، ثم

ذكرهم فقال سبحانه :

٢٩

الروم : ٢٩ بل اتبع الذين . . . . .

 بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم يعلمونه بان معه شريكاً فمن يهدي من أضل اللّه يقول : فمن يهدى إلى توحيد اللّه من قد أضله اللّه عز وجل عنه وما

لهم من نصرين [ آية : ٢٩ ] يعني مانعين من اللّه عز وجل .

٣٠

الروم : ٣٠ فأقم وجهك للدين . . . . .

ثم قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : إن لم يوحد كفار مكة ربهم ، فوحد أنت ربك يا محمد فأقم

وجهك للذين يعني فأخلص دينك الإسلام للّه عز وجل حنيفا يعني مخلصاً

 فطرت اللّه التي فطر الناس عليها يعني ملة الإسلام التوحيد الذي خلقهم عليه ، ثم

أخذ الميثاق من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ، وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ؟

  بلى ربنا ، وأقروا له بالربوبية والمعرفة له تبارك وتعالى ، قال سبحانه : لا تبديل لخلق اللّه يقول : لا تحويل لدين اللّه عز وجل الإسلام ذلك الدين القيم يعني

التوحيد وهو الدين المستقيم ولكن أكثر الناس يعني كفار مكة لا يعلمون [ آية : ٣٠ ] توحيد اللّه عز وجل .

٣١

الروم : ٣١ منيبين إليه واتقوه . . . . .

ثم أمرهم بالإنابة من الكفر وأمرهم بالصلاة ، فقال عز وجل : منيبين إليه

يقول : راجعين إليه من الكفر إلى التوحيد للّه تعالى ذكره واتقوه يعني

واخشوه وأقيموا يعني وأتموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين [ آية : ٣١ ]

٣٢

الروم : ٣٢ من الذين فرقوا . . . . .

يقول : لكفار مكة كونوا من الموحدين للّه عز وجل ولا تكونوا : من الذين فرقوا دينهم يعني أهل الأديان فرقوا دينهم الإسلام وكانوا شيعا يعني أحزاباً في

الدين يهود ونصارى ومجوس وغيره ونحو ذلك كل حزب لديهم فرحون [ آية :

٣٢ ] كل أهل ملة بما عندهم من الدين راضون به .

٣٣

الروم : ٣٣ وإذا مس الناس . . . . .

 وإذا مس الناس ضر يعني كفار ضر ، يعني السنين ، وهو الجوع ، يعني قحط

المطر عليهم سبع سنين دعوا ربهم منيبين إليه يقول : عز وجل راجعين إليه يدعونه

أن يكشف عنهم الضر ، لقوله تعالى في حم الدخان : ربنا اكشف عنا العذاب

[ الدخان : ١٢ ] يعني الجوع إنا مؤمنون [ الآية : ١٢ ] . قال تعالى : ثم إذا أذاقهم منه رحمة يعني إذا أعطاهم من عنده نعمة ، يعني المطر إذا فريق منهم بربهم يشركون

[ آية : ٣٣ ] يقول : تركوا توحيد ربهم في الرخاء ، وقد وحدوه في الضر .

٣٤

الروم : ٣٤ ليكفروا بما آتيناهم . . . . .

 ليكفروا يعني لكي يكفروا بما ءاتينهم بالذي أعطيناهم من الخير في

ذهاب الضر عنهم ، وهو الجوع ، قال سبحانه : فتمتعوا قليلاً إلى آجالكم

 فسوف تعلمون [ آية : ٣٤ ] هذا وعيد ، ثم ذكر شركهم ، فقال :

٣٥

الروم : ٣٥ أم أنزلنا عليهم . . . . .

 أم أنزلنا وأم

هاهنا صلة على أهل مكة ، يعني كفارهم  عليهم سلطناً يعني كتاباً من السماء

 فهو يتكلم يعني ينطق بما كانوا به يشركون [ آية : ٣٥ ] يعني ينطق بما يقولون

من الشرك . ثم ذكرهم أيضاً ، فقال سبحانه :

٣٦

الروم : ٣٦ وإذا أذقنا الناس . . . . .

 وإذا أذقنا الناس كفار مكة رحمةً يعني أعطينا كفار مكة رحمة ، يعني

المطر فرحوا بها وإن تصبهم سيئةٌ بلاء يعني الجوع أو شدة من قحط سبع سنين

 بما قدمت أيديهم من الذنوب إذا هم يقنطون [ آية : ٣٦ ] يعني إذا هم من المطر

آيسون ، ثم وعظهم ليعتبروا . فقال تعالى :

٣٧

الروم : ٣٧ أو لم يروا . . . . .

 أولم يروا اللّه يبسط الرزق لمن يشاء وذلك حين مطروا بعد سبع سنين ؛

 ويقدر على من يشاء إن في ذلك لأيتٍ يقول : إن في بسط الرزق والفتر لعبرة

 لقوم يؤمنون [ آية : ٣٧ ] يعني يصدقون بتوحيد اللّه عز وجل .

٣٨

الروم : ٣٨ فآت ذا القربى . . . . .

 فئاتٍ يعني فأعط ذا القربى حقه يعني قرابة النبي صلى اللّه عليه وسلم وحق القرابة والصلة ،

قال سبحانه : والمسكين يعني السائل حقه أن يتصدق عليه ، ثم قال : وابن السبيل يعني حق الضيف نازل عليك أن تحسن إليه ذلك خير يقول : إعطاء الحق

أفضل للذين يريدون وجه اللّه من الإمساك عنهم ، عز وجل ، فقال :

 وأولئك هم المفلحون [ آية : ٣٨ ] .

٣٩

الروم : ٣٩ وما آتيتم من . . . . .

ثم قال تعالى : وما ءاتيتم من رباً يقول : وما

أعطيتهم من عطية ليربوا في أموال الناس يعني تزدادوا في أموال الناس ، نزلت في أهل

الميسر من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم ، يقول : أعطيتهم من عطية ليلتمس بها الزيادة من الناس ،

 فلا يربوا عند اللّه يقول : فلا تضاعف تلك العطية عند اللّه ، ولا تزكوا ، ولا إثم فيه ،

ثم بين اللّه عز وجل ما يربو من النفقة ، فقال عز وجل : وما ءاتيتم من زكوةٍ يقول :

وما أعطيتم من صدقة تريدون بها وجه اللّه ففيه الأضعاف ، فذلك قوله عز

وجل : فأؤلئك هم المضعفون [ آية : ٣٩ ] الواحدة عشرة فصاعداً .

٤٠

الروم : ٤٠ اللّه الذي خلقكم . . . . .

ثم أخبر تبارك وتعالى عن صنعه ليعرف توحيد ، فقال تعالى : اللّه الذي خلقكم ولم

تكونوا شيئاً ثم رزقكم ثم يميتكم عند آجالكم ثم يحييكم في الآخرة

 هل من شركائكم مع اللّه ، يعني الملائكة الذين عبدوهم من يفعل من ذلكم مما

ذكر في هذه الآية من الخلق والرزق والبعث بعد الموت من يفعل من ذلكم من شيءٍ

ثم نزه نفسه جل جلاله عن الشركة ، فقال : سبحانه وتعلى يعني وارتفع عما يشركون [ آية : ٤٠ ] ثم أخبرهم عن قحط المطر في البر ونقص الثمار في الريف يعني

القرى حيث تجري فيها الأنهار إنما أصابهم بتركهم التوحيد ، فقال :

٤١

الروم : ٤١ ظهر الفساد في . . . . .

 ظهر الفساد في البر والبحر يعني قحط المطر ، وقلة النبات في البر ، يعني حيث لا

تجري الأنهار ، وأهل العمود ، ثم قال : ظهر الفساد يعني قحط المطر ونقص الثمار

في البحر ، يعني في الريف يعني القرى حيث تجري فيها الأنهار بما كسبت أيدي

الناس من المعاصي ، يعني كفار مكة ليذيقهم اللّه الجوع بعض الذي عملوا

يعني الكفر والتكذيب في السنين السبع لعلهم يعني لكي يرجعون [ آية : ٤١ ]

من الكفر إلى الإيمان .

ثم خوفهم ، فقال سبحانه :

٤٢

الروم : ٤٢ قل سيروا في . . . . .

 قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عقبة الذين من قبل

يعني قبل كفار مكة من الأمم الخالية كان أكثرهم مشركين [ آية : ٤٢ ] فكان

عاقبتهم الهلاك في الدنيا . ثم قال :

٤٣

الروم : ٤٣ فأقم وجهك للدين . . . . .

 فأقم وجهك للدين القيم يعني فأخلص دينك

للإسلام المستقيم ، فإن غير دين الإسلام ليس بمستقيم من قبل أن يأتي يومٌ يعني يوم

القيامة لا مرد له يعني لا يقدر أحد على رد ذلك اليوم من اللّه عز وجل

 يومئذٍ يصدعون [ آية : ٤٣ ] يعني بعد الحساب يتفرقون إلى الجنة وإلى النار .

٤٤

الروم : ٤٤ من كفر فعليه . . . . .

 من كفر  باللّه فعليه  إثم كفره ومن عمل صلحاً فلأنفسهم يمهدون [ آية :

٤٤ ] يعني يقدمون

٤٥

الروم : ٤٥ ليجزي الذين آمنوا . . . . .

 ليجزى يعني لكي يجزى اللّه عز وجل في القيامة الذين

ءامنوا بتوحيد اللّه عز وجل وعملوا الصلحت من فضله إنه لا يحب الكفرين [ آية :

٤٥ ] بتوحيد اللّه عز وجل .

٤٦

الروم : ٤٦ ومن آياته أن . . . . .

 ومن ءايته يعني ومن علاماته عز وجل ، وإن لم تروه ، أن تعرفوا توحيده بصنعه

عز وجل أن يرسل الرياح مبشراتٍ يعني يستبشر بها الناس رجاء المطر وليذيقكم من

رحمته يقول : وليعطيكم من نعمته يعني المطر ولتجزي الفلك  في البحر بأمره

ولتبتغوا  في البحر من فضله يعني الرزق كل هذا بالرياح ولعلكم تشكرون

[ آية : ٤٦ ] رب هذه النعم فتوحدونه .

٤٧

الروم : ٤٧ ولقد أرسلنا من . . . . .

ثم خوف كفار مكة لكي لا يكذبوا النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال سبحانه : ولقد أرسلنا من قبلك

رسلاً إلى قومهم فجاءوهم بالبينت فأخبروا قومهم بالعذاب أنه نازل بهم في الدنيا إن لم

يؤمنوا ، فكذبوهم بالعذاب أنه غير نازل بهم في الدنيا ، فعذبهم اللّه عز وجل ، فذلك قوله

عز وجل : فانتقمنا  بالعذاب من الذين أجرموا يعني الذين أشركوا وكان حقاًّ

علينا نصر المؤمنين [ آية : ٤٧ ] يعني المصدقين للأنبياء ، عليهم السلام ، بالعذاب ، فكان

نصرهم أن اللّه عز وجل أنجاهم من العذاب مع الرس .

٤٨

الروم : ٤٨ اللّه الذي يرسل . . . . .

ثم أخبر عن صنعه ليعرف توحيده ، فقال عز وجل : اللّه الذي يرسل الريح فتثير سحاباً

فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفاً يقول : يجعل الريح السحاب قطعاً يحمل

بعضها على بعض فيضمه ، ثم يبسط السحاب في السماء كيف يشاء اللّه تعالى ، إن شاء

بسطه على مسيرة يوم ، أو بعض يوم ، أو مسيرة أيام يمطرون ، فذلك قوله عز وجل :

 فترى الودق يخرج يعني المطر يخرج من خللّه يعني من خلال السحاب فإذا

أصاب به يعني بالمطر من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون [ آية : ٤٨ ] يعني إذا هم

يفرحون بالمطر عليهم .

٤٩

الروم : ٤٩ وإن كانوا من . . . . .

 وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله يعني من قبل نزول المطر في السنين

السبع حين قحط عليهم المطر لمبلسين [ آية : ٤٩ ] يعني آيسين من المطر ،

٥٠

الروم : ٥٠ فانظر إلى آثار . . . . .

 فانظر يا محمد إلىءاثر رحمت اللّه يعني النبت من آثار المطر كيف يحي

الأرض بعد موتها بالمطر فتنبت من بعد موتها حين لم يكن فيها نبت ، ثم دل على

نفسه ، فقال : إن ذلك يقول : إن هذا الذي فعل ما ترون لمحى الموتى في

الآخرة ، فلا تكذبوا بالبعث ، يعني كفار مكة ، ثم قال تعالى : وهو على كل شيءٍ قديرٌ

[ آية : ٥٠ ] من البعث وغيره ، ثم وعظهم ليعتبروا ، فقال عز وجل :

٥١

الروم : ٥١ ولئن أرسلنا ريحا . . . . .

 ولئن أرسلنا ريحا على هذا النبت الأخضر فرأوه النبت مصفرا من البرد

بعد الخضرة لظلوا من بعده يكفرون [ آية : ٥١ ] برب هذه النعم ، ثم عاب كفار

مكة ، فضرب لهم مثلاً ، فقال عز وجل :

٥٢

الروم : ٥٢ فإنك لا تسمع . . . . .

 فانك يا محمد لا تسمع الموتى النداء

فشبه الكفار بالأموات يقول : فكما لا يسمع الميت النداء ، فكذلك الكفار ولا يسمعون

الإيمان ولا يفقهون ، ثم قال : ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين [ آية : ٥٢ ]

فشبهوا أيضاً بالصم إذا ولوا مدبرين ، يقول : إن الأصم إذا ولى مدبراً ، ثم ناديته لا يسمع

الدعاء ، فكذلك الكافر لا يسمع الإيمان إذا دعى .

٥٣

الروم : ٥٣ وما أنت بهادي . . . . .

 وما أنت يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم  بهد العمى للإيمان يقول : عموا عن الإيمان عن

ضللّهم يعني كفرهم الذي هم عليه ، ثم أخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فمن يسمع الإيمان ، فقال

سبحانه : إن تسمع بالإيمان إلا من يؤمن بئايتنا يعني يصدق بالقرآن أنه جاء من

اللّه عز وجل فهم مسلمون [ آية : ٥٣ ] يعني فهم مخلصون بالتوحيد .

٥٤

الروم : ٥٤ اللّه الذي خلقكم . . . . .

ثم أخبرهم عن خلق أنفسهم ليتفكر المكذب بالبعث في خلق نفسه ، فقال عز وجل :

 اللّه الذي خلقكم من ضعفٍ يعني من نطفة ثم جعل من بعد ضعفٍ قوةً يعني

شدة تمام خلقه ثم جعل من بعد قوةٍ ضعفاً يقول : فجعل من بعد قوة الشباب الهرم

 و  جعل وشيبةً يعني الشمط يخلق ما يشاء يعني هكذا يشاء أن يخلق

الإنسان كما وصف خلقه ، ثم قال : وهو يعني الرب نفسه جل جلاله

 العليم يعني العالم بالبعث القدير [ آية : ٥٤ ] يعني القادر عليه .

٥٥

الروم : ٥٥ ويوم تقوم الساعة . . . . .

ثم قال عز وجل : ويوم تقوم الساعة يعني يوم القيامة يقسم يعني يحلف

 المجرمون ما لبثوا  في القبور غير ساعةٍ وذلك أنهم استلقوا ذلك ، يقول اللّه

عز وجل : كذلك كانوا يؤفكون [ آية : ٥٥ ] يقول : هكذا كانوا يكذبون بالبعث في

الدنيا ، كما كذبوا أنهم لم يلبثوا في قبورهم إلا ساعة ،

٥٦

الروم : ٥٦ وقال الذين أوتوا . . . . .

 وقال الذين أوتوا العلم والإيمن

للكفار يوم القيامة : لقد لبثتم في كتب اللّه إلى يوم البعث فهذا قول مالك الموت لهم

في الآخرة .

ثم قال : فهذا يوم البعث الذي كنتم به تكذبون أنه غير كائن ولكنكم كنتم لا تعلمون [ آية : ٥٦ ] كم لبثتم في القبور ،

٥٧

الروم : ٥٧ فيومئذ لا ينفع . . . . .

 فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا يعني

أشركوا معذرتهم ولا هم يستعتبون [ آية : ٥٧ ] في الآخرة فيعتبون .

٥٨

الروم : ٥٨ ولقد ضربنا للناس . . . . .

 ولقد ضربنا يعني وصفنا وبينا للناس في هذا القرءان من كل مثلٍ يعني من

كل شبه نظيرها في الزمر ولئن جئتهم يا محمد بئايةٍ كما سأل كفار مكة

 ليقولن الذين كفروا للنبي صلى اللّه عليه وسلم  إن أنتم إلا مبطلون [ آية : ٥٨ ] ل  ما أنت

يا محمد إلا كذاب ، وما هذه الآية من اللّه عز وجل ، كما كذبوا في انشقاق القمر حين

  هذا سحر .

٥٩

الروم : ٥٩ كذلك يطبع اللّه . . . . .

 كذلك يطبع اللّه يقول : هكذا يختم اللّه عز وجل بالكفر على قلوب الذين لا يعلمون [ آية : ٥٩ ] توحيد اللّه عز وجل ، فلما أخبرهم اللّه عز وجل بالعذاب أنه

نازل بهم في الدنيا كذبوه ، فأنزل اللّه تبارك وتعالى :

٦٠

الروم : ٦٠ فاصبر إن وعد . . . . .

 فاصبر يا محمد على تكذيبهم

إياك بالعذاب ، يعزى نبيه صلى اللّه عليه وسلم ليصبر ، فقال : فاصبر إن وعد اللّه حق يعني صدق ،

بالعذاب أنه نازل بهم في الدنيا ، فقالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : عجل لنا العذاب في الدنيا إن كنت

صادقاً ، هذا قول النضر بن الحارث القرشي من بني عبد الدار بن قصي ، فأنزل اللّه تعالى :

 ولا يستخفنك ٦ ولا يستفزنك في تعجيل العذاب بهم الذين لا يوقنون [ آية :

٦٠ ] بنزول العذاب عليهم في الدنيا ، فعذبهم اللّه عز وجل ، ببدر حين قتلهم وضربت

الملائكة وجوههم وأدرباهم ، وعجل اللّه أرواحهم إلى النار ، فهم يعرضون عليها كل يوم

طرفي النهار ما دامت الدنيا ، فقتل اللّه النضر بن الحارث ببدر ، وضرب عنقه علي بن أبي

طالب ، رضي اللّه عنه .

٣١

﴿ ٠