بسم اللّه الرحمن الرحيم

سورة الروم

سورة الروم مكية ، وهي ستون آية كوفى

حدثنا عبيد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن أبي بكر الهذلى ، عن عكرمة ، قال :

أقتتل الروم وفارس فهزمت الروم ، فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه فشق عليهم وهم بمكة ، وفرح الكفار وشمتوا فقتلوا أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقالوا لهم : إنكم أهل كتاب ، والروم أهل كتاب فقد ظهر إخواننا أهل فارس على إخوانكم من الروم فأنزل اللّه تبارك وتعالى : الم غلبت الروم في أدنى الأرض وأدنى الأرض يؤمئذ أذرعات

فيها كان القتال وهم من بعد غليهم سيغلبون في بضع سنين للّه الأمر من قبل أن يظهر الروم على فارس ومن بعد ما ظهرت ، قال : فخرج أبو بكر الصديق ، رضوان اللّه عليه ، إلى الكفار .

فقال : أفرحتم لظهور إخوانكم على إخواننا فلا تفرحوا ولا يقر اللّه أعينكم ليظهرن اللّه الروم على فارس ، أخبرنا بذلك نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال له أبى بن خلف الجمحى : كذبت يا أبا فصيل ، فقال أبو بكر ، رضى اللّه عنه : أنت أكذب يا عدو اللّه ، فقال : أناجيك عشر قلائص منى ، وعشر قلائص منك إلى ثلاث سنين ، ثم جاء أبو بكر ، رضى اللّه عنه ، إلى

النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : ناجيت عدو اللّه أبى بن خلف أن يظهر اللّه عز وجل الروم على فارس

إلى ثلاث سنين ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ما كذلك ذكرت لك ، إنما قال اللّه عز وجل :

 بضع سنين ٦ والبضع ما بين الثلاث إلى التسع فاذهب فزايدهم في الخطر ، ومادهم

في الأجل ، فخرج أبو بكر رضى اللّه عنه ، فلقى أبى بن خلف .

فقال : لعلك ندمت يا أبا عامر ، قال : فقال : تعالى أزايدك في الخطر ، وأمادكم في

الأجل ، فنجعلها مائة قلوص إلى تسع سنين ، قال : قد فعلت ، قال : وكانت امرأة بفارس

لا تلد إلا ملوكاً أبطالاً ، فدعاها كسرى ، فقال : إني أريد أن أبعث إلى الروم جيشاً

واستعمل رجلاً من بنيك ، فأشيرى على أيهم استعمل ، فقالت : هذا فلان وسمته وهو

أروغ من ثعلب وأجبن من صقر ، وهذا الفرخان وهو أنقذ من السنان ، وهو شهر بران ،

وهو أحلم من الأرزان فاستعمل أيهم شئت .

قال إني استعمل الحليم ، فبعث شهر بران على الجيش ، فسار الروم إلى أرض فارس ،

فظهر عليهم وخرب مدائنهم ، وقطع زيتونهم ، فلما ظهرت فارس على الروم جلس

الفرخان يشرب ، فقال لأصحابه : قد رأيت في المنام أني جالس على سرير كسر ، فعمد

الملاقون المبلغون بالأحاديث ، فكتبوا إلى كسرى أن عبدك الفرخان يتمنى في المنام أن

يقعد على سريرك ، فكتب كسرى إلى شهربران إذا جاءك كتابي هذا فابعث برأس

أخيك الفرخان ، فكتب إليه شهربران أيها الملك إن الفرخان له صولة ونكاية في العدو ،

فلا تفعل ، فكتب إليه كسرى إن في رجال فارس منه خلفاً وبدلاً ، فعجل على برأسه

فراجعه .

فقال : أيها الملك ، إنك لن تجد من الفرخان بدلاً صولة ونكاية ، فغضب كسرى فلم

يجبه وبعث بريداً إلى أهل فارس الذين بالروم : إني قد نزعت عنكم شهربران واستعملت

عليكم الفرخان ، ودفع إلى صاحب البريد صحيفة صغيرة ، فقال : إذا ولي الفرخان وانقاد

له أخوه ، فادفع إليه الصحيفة ، فلما قرأ شهربران الكتاب قال : سمعاً وطاعة ووضع تاجه

على رأس أخيه ، ونزل عن سريره ، وجلس عليه الفرخان ، ودفع الرسول الصحيفة إليه ،

فقال : ائتونى بشهربران ، فأتى به ليضرب عنقه ، فقال شهربران : لا تعجل حتى أكتب

وصيتى ، قال : فكتبها ، فدعا بسقط فيه ثلاث صحائف .

وقال : ويحك أنت ابن أمي وأبي ، وهذه ثلاث صحائف جاءتني في قتلك ، فراجعت

فيك كسرى ثلاث مرات ، فقال الفرخان : أمنا واللّه كانت أعرف بنا ، أنت أحلم من

الأزرق حين راجعت في ثلاث مرات ، وأنا أنفذ من السنان حين أردت قتلك بكتاب

واحد ، ثم رد الملك إلى أخيه ، وكان أكبر منه ، فكتب شهربران إلى قيصر إن لي إليك

حاجة لا تحملها البرد ، ولا تبلغها الصحف ، فالقنى ولا تلقني إلا في خمسين رومياً ، فإني

ألقاك في خمسين فارسياً ، فأقبل قيصر في خمسمائة ألف رومي ، فجعل يبثهم في الطرق ،

وبعث بين يديه العيون مخافة أن يكون مكراً منه حتى أتته عيونه أن ليس معه إلا خمسين

رجلاً ، ثم بسطت لهم بسط ، فمشياً عليها ونزلاً عن برذونيهما إلى قبة من ديباج ضربت

لهما عراها ذهب ، وأزرارها فضة ، وأطنابها إبريسم ، مع

أحدهما سكين نصابها زمرد

أخضر ، وقرابها من ذهب ، ومع الآخر سكين نصابها من فارهرة خضراء ، وقرابها من

ذهب ، ودعوا ترجماناً بينهما .

فقال شهربران لقيصر : إن الذين كسروا شوكتك وأطفئوا جمرتك وخربوا مدائنك

وقطعوا شجرك أنا وأخي بكيدنا وشجاعتنا ، وإن كسرى حسدنا على ذلك ، وأرادني

على قتل أخي ، وأراد أخي على قتلى ، فأبينا ، فخالفناه جميعاً ، فنحن نقاتله معك ، فقال :

أصبتما ، فأشار

أحدهما إلى الآخر السر بين اثنين ، فإذا جاوزهما فشا ، فقتلا الترجمان

بسكينيهما ، وأهلك اللّه عز وجل كسرى ، وجاء الخبر إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم يوم الحديبة ، ففرح

النبي صلى اللّه عليه وسلم ومن معه بظهور الروم ، فذلك قوله عز وجل : وهم من بعد غليهم

سيغلبون .

١

الروم : ١ الم الم [ آية : ١ ]

﴿ ١