٣٣

سورة الأحزاب

مدنية ، عدد آياتها ثلاث وسبعون آية كوفية

١

الأحزاب : ١ يا أيها النبي . . . . .

 يأيها النبي اتق اللّه ولا تطع الكفرين والمنفقين وذلك أن عبد اللّه بن أبي ، وعبد اللّه بن سعيد بن أبي سرح ، وطعمة بن أبيرق ، وهم المنافقون كتبوا مع غلام لطعمة إلى مشركي مكة من قريش إلى أبي سفيان بن حرب ، وعكرمة بن أبي جهل ، وأبي الأعور رأس الأحزاب أن أقدموا علينا فسنكون لكم أعواناً فيما تريدون ، وإن شئتم مكرنا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم حتى يتبع دينكم الذي أنتم عليه ، فكتبوا إليهم : إنا لن نأتيكم حتى تأخذوا العهد والميثاق من محمد ، فإنا نخشى أن يغدر بنا ، ثم نأتيكم فنقول وتقولون ، لعله يتبع ديننا ، فلما جاءهم الكتاب ، انطلق هؤلاء المنافقون حتى أتوا النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ف  أتيناك في أمر أبي سفيان بن حرب ، وأبي الأعور ، وعكرمة بن أبي جهل ، أن تعطيهم العهد والميثاق على دمائهم وأموالهم ، فيأتون وتكلمهم لعل إلهك يهد قلوبهم ، فلما رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذلك ، وكان حريصاً على أن يؤمنوا أعطاهم الأمان من نفسه ، فكتب المنافقون إلى الكافرين ، من قريش أنا قد استمكنا من محمد صلى اللّه عليه وسلم ، ولقد أعطانا وإياكم الذي تريدون ، فأقبلوا على اسم اللات والعزى لعلنا نزيله إلى ما نهواه ، ففرحوا بذلك .

ثم ركب كل رجل منهم راحلة حتى أتوا المدينة ، فلما دخلوا على عبد اللّه بن أبي ،

أنزلهم وأكرمهم ورحب بهم ، وقال : أنا عند الذي يسركم محمد أذن ، ولو قد سمع كلامنا وكلامكم لعله لا يعصينا فيما نأمره ، فأبشروا واستعينوا آلهتكم عليه ، فإنها نعم

العون لنا ولكم ، فلما رأوا ذلك منه   أرسل إلى أخواننا ، فأرسل عبد اللّه بن أبي إلى

طعمة وسعد أن إخواننا من أهل مكة قدموا علينا ، فلما أتاهم الرسول جاءوا فرحبوا بهم

ولزم بعضهم بعضاً من الفرح وهم قيام ، ثم جلسوا يرون أن يستنزلوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم عن دينه .

فقال عبد اللّه بن أبي :

أما أنا فأقول له ما تسمعون لا أعدوا ذلك ولا أزيد ، أقول : إنا

معشر الأنصار لم نزل وإلهنا محمود بخير ، ونحن اليوم أفضل منذ أرسل إلينا محمد ، ونحن كل يوم منه في مزيد ، ونحن نرجو بعد اليوم من إله محمد كل خير ، ولكن لو شاء محمد

قبل أمراً كان يكون ما عاش لنا وله ذكر في الأولين الذين مضوا ، ويذهب ذكره في

الآخرين على أن يقول : إن اللات والعزى لهما شفاعة يوم القيامة ، ولهما ذكر ومنفعة

على طاعتهما ، هذا قولى له .

قال أبو سفيان : نخشى علينا وعليكم الغدر والقتل ، فإن محمداً زعموا أنه لن يبقى بها

أحداً منا في شدة بغضه إيانا ، وإنا نخشى أن يكون يضمر لنا في نفسه ما كان لقي

أصحابه يوم أحد . قال عبد اللّه بن أبي : إنه إذا أعطى الأمان فإنه لن يغدر ، هو أكرم من

ذلك ، وأوفى بالعهد منا ، فلما أصبحوا أتوه فسلموا عليه ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : مرحباً بأبي

سفيان اللّهم اهد قلبه ، فقال أبو سفيان : اللّهم يسر الذي هو خير ، فجلسوا فتكلموا

وعبد اللّه بن أبي ، فقالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : ارفض ذكر اللات والعزة ومناة ، حجر يعبد بأرض

هذيل ، وقل : إن لهما شفاعة ومنفعة في الآخرة لمن عبدهما ، فنظر إليه النبي صلى اللّه عليه وسلم وشق

عليه قولهم ، فقال عمر بن الخطاب ، رضوان اللّه عليه : ائذن لي يا رسول اللّه في قتلهم ،

فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : إني قد أعطيتهم العهد والميثاق ، وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : لو شعرت أنكم

تأتون هذا من الحديث لما أعطيتهم الأمان .

فقال أبو سفيان : ما بأس بهذا أن قوماً استأنسوا إليك يا محمد ورجوا منك أمراً ، فأما

إذا قطعت رجاءهم ، فإنه لا ينبغي أن تؤذيهم ، وعليك باللين والتؤدة لإخوانك

وأصحابك ، فإن هذا من قوم أكرموك ونصروك وأعانوك ولولاهم لكنت مطلوباً مقتولاً ،

وكنت في الأرض خائفاً لا يقبلك أحد ، فزجرهم عمر بن الخطاب ، رضي اللّه عنه ،

فقال : اخرجوا في لعنة اللّه وغضبه فعليكم رجس اللّه وغضبه وعذابه ما أكثر شركم ،

وأقل خيركم وأبعدكم من الخير ، وأقربكم من الشر ، فخرجوا من عنده ، فأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم

أن يخرجهم من المدينة ، فقال بعضهم لبعض : لا نخرج حتى يعطينا العهد إلى أن نرجع إلى

بلادنا ، فأعطاهم النبي صلى اللّه عليه وسلم ذلك ، فنزلت فيهم يأيها النبي اتق اللّه ولا تطع الكفرين

يعني تبارك وتعالى أبا سفيان ، وعكرمة ، وأبا الأعور ، اسمه عمرو بن سفيان ، ثم قال :

 والمنفقين يعني عبد اللّه بن أبي ، وعبد اللّه بن سعد بن أبي سرح ، وطعمة بن

أبيرق إن اللّه كان عليما حكيما [ آية : ١ ] .

فلما خرجوا من عنده قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ما لهؤلاء ؟ عليهم لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين

٢

الأحزاب : ٢ واتبع ما يوحى . . . . .

 واتبع ما يوحى إليك من ربك يعني ما في القرآن إن اللّه كان بما تعملون خبيرا [ آية : ٢ ] .

٣

الأحزاب : ٣ وتوكل على اللّه . . . . .

 وتوكل على اللّه وثق اللّه فيما تسمع من الأذى وكفى باللّه وكيلا [ آية :

٣ ] ناصراً وولياً ومانعاً ، فلا أحد أمنع من اللّه تعالى ، وإنما نزلت فيها يأيها النبي اتق اللّه

ولا تطع الكفرين من أهل مكة والمنفقين من أهل المدينة ، يعني هؤلاء النفر الستة

المسمين ، ودع أذاهم إياك لقولهم للنبي صلى اللّه عليه وسلم : قل للآلهة شفاعة ومنفعة لمن عبدها

 وتوكل على اللّه وكفى باللّه وكيلا يعني مانعاً فلا أحد أمنع من اللّه عز وجل ، ثم

قال :

٤

الأحزاب : ٤ ما جعل اللّه . . . . .

 ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه نزلت في أبي معمر بن أنس الفهري ، كان

رجلاً حافظاً لما سمع وأهدى الناس بالطريق وكان لبيباً ، فقالت قريش : ما أحفظ أبا

معمر ، إلا أنه ذو قلبين ، فكان جميل يقول : إن في جوفي قلبين

أحدهما أعقل من محمد ،

فلما كان يوم بدر انهزم وأخذ نعله في يده ، فقال له سليمان بن الحارث : أين تذهب يا

جميل ؟ تزعم أن لك قلبين

أحدهما أعقل من محمد صلى اللّه عليه وسلم .

ثم قال : وما جعل أزواجكم الئى تظهرون منهن أمهاتكم يعني أوس بن الصامت بن

قيس الأنصاري من بني عوف بن الخزرج وامرأته خولة بنت قيس بن ثعلبة بن مالك بن

أصرم بن حرامة من بني عمرو بن عوف بن الخزرج .

ثم قال : وما جعل أدعياكم أبناءكم يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم تبنى زيد بن حارثة اتخذه ولداً ،

فقال الناس : زيد بن محمد ، فضرب اللّه تعالى لذلك مثلاً ، فقال : ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه  وما جعل أدعياءكم فكما لا يكون للرجل الواحد قلبان ، كذلك لا

يكون دعى الرجل ابنه يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم وزيد بن حارثة بن قرة بن شرحبيل الكلبي ، من

بني عبد ود ، كان النبي صلى اللّه عليه وسلم تبناه في الجاهلية وأخي بينه وبين حمزة بن عبد المطلب ،

رضي اللّه عنهما ، في الإسلام ، فجعل الفقير أخا الغنى ليعود عليه ، فلما تزوج النبي صلى اللّه عليه وسلم

زينب بنت جحش ، وكانت تحت زيد بن حارثة ، قالت اليهود والمنافقون : تزوج محمد

امرأة ابنه ، وهو ينهانا عن ذلك ، فنزلت هذه الآية ، فذلك قوله سبحانه : وما جعل أدعياءكم يعني دعى النبي صلى اللّه عليه وسلم حين ادعى زيداً ولداً ، فقال : هو البني أبناءكم

يقول : لم يجعل أدعياءكم أبناءكم .

ثم قال : ذلكم الذي قلتم زيد بن محمد هو قولكم بأفواهكم يقول : إنكم

قلتموه بألسنتكم واللّه يقول الحق فيما قال من أمر زيد بن حارثة وهو يهدي السبيل [ آية : ٤ ] يعني وهو يدل إلى طريق الحق ، ثم أخبر كيف يقولون في أمر زيد

بن حارثة .

فقال :

٥

الأحزاب : ٥ ادعوهم لآبائهم هو . . . . .

 ادعوهم لآبائهم يقول : قولوا زيد بن حارثة ولا تنسبوه إلى غير أبيه

 هو أقسط يعني أعدل عند اللّه فلما نزلت هذه الآية دعاه المسلمون إلى أبيه ،

فقال : زيد أنا بن حارثة معروف نسبي ، فقال اللّه تعالى : فإن لم تعلموا ءاباءهم

فإخوانكم في الدين ومواليكم يقول : فإن لم تعلموا لزيد أبا تنسبوه إليه ، فهو أخوكم في

الدين ومولاكم ، يقول : فلان مولى فلان وليس عليكم جناح يعني حرج فبما

أخطأتم به قبل النهي ونسبوه إلى غير أبيه ولكن الجناح في ما تعمدت قلوبكم بعد النهي وكان اللّه غفورا رحيما [ آية : ٥ ] غفوراً لما كان من قولهم من

قبل أن زيد بن محمد صلى اللّه عليه وسلم رحيماً فيما بقي ، فقال رجل من المسلمين في ذلك .

٦

الأحزاب : ٦ النبي أولى بالمؤمنين . . . . .

فأنزل اللّه تعالى : النبي أولى بالمؤمنين في الطاعة له من أنفسهم يعني من

بعضهم لبعض ، فلما نزلت هذه الآية ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم :

من ترك دينا فعلى ، ومن ترك

كلا ، يعني عيالاً ، فأنا أحق به ، ومن ترك مالاً فللورثة . ثم قال عز وجل : وأزواجه

أمهتهم ولا يحل لمسلم أن يتزوج من نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم شيئاً أبداً ، ثم قال عز وجل :

 وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب اللّه يعني في المواريث من المؤمنين يعني الأنصار ، ثم قال : والمهجرين الذين هاجروا إليهم بالمدينة ،

وذلك أن اللّه تعالى أراد أنت يحرض المؤمنين على الهجرة بالمواريثا ، فلما نزلت هذه الآية

ورث المهاجرون بعضهم بعضاً على القرابة ، فإن كان مسلماً لم يهاجر لم يرثه ابنه ولا

أبوه ولا أخوه المهاجر ، إذا مات

أحدهما ولم يهاجر الآخر .

 إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا يعني إلى أقربائكم أن توصوا لهم من الميراث

للذين لم يهاجروا من المسلمين ، كانو ا بمكة أو بغيرها ، ثم قال : كان ذلك في الكتاب مسطورا [ آية : ٦ ] يعني مكتوباً في اللوح المحفوظ أن المؤمنين أولى ببعض

في الميراث من الكفار ، فلما كثر المهاجرون رد اللّه عز وجل المواريث على أولى الأرحام

على كتاب اللّه في القسمة إن كان مهاجراً ، أو غير مهاجر ، فقال في آخر الأنفال :

 وأولو الأرحام من المسلمين بعضهم أولى ببعض مهاجر ، وغير مهاجر في

الميراث في كتاب اللّه إن اللّه بكل شيءٍ عليمٌ [ الأنفال : ٧٥ ] ، فنسخت الآية

التي في الأنفال هذه الآية التي في الأحزاب .

٧

الأحزاب : ٧ وإذ أخذنا من . . . . .

 وإذ أخذنا من النبين ميثاقهم ومنك يا محمد ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم فكان النبي صلى اللّه عليه وسلم أولهم في الميثاق وآخرهم في البعث ، وذلك أن اللّه تبارك وتعالى

خلق آدم ، عليه السلام ، وأخرج منه ذريته ، فأخذ على ذريته من النبين أن يعبدوه ولا

يشركوا به شيئاً ، وأن يدعوا الناس إلى عبادة اللّه عز وجل ، وأن يصدق بعضهم بعضاً ،

وأن ينصحوا لقومهم ، فذلك قوله عز وجل : وأخذنا منهم ميثقاً غليظاً [ آية : ٧ ]

الذي أخذ عليهم ، فل نبي بعثه اللّه عز وجل صدق من كان قبله ، ومن كان بعده من

الأنبياء ، عليهم السلام .

٨

الأحزاب : ٨ ليسأل الصادقين عن . . . . .

يقول عز وجل : ليسئل الصادقين عن صدقهم يعني النبين ، عليهم السلام ، هل

بلغوا الرسالة وأعد للكفرين بالرسل عذابا أليما [ آية : ٨ ] يعني وجيعاً .

٩

الأحزاب : ٩ يا أيها الذين . . . . .

 يأيها الذين ءامنوا اذكروا نعمة اللّه عليكم في الدفع عنكم وذلك أن أبا سفيان بن

حرب ، ومن معه من المشركين يوم الخندق تحزبوا في ثلاثة أمكنة على النبي صلى اللّه عليه وسلم

وأصحابه ، يقاتلونهم من كل وجه فبعث اللّه عز وجل عليهم بالليل ريحاً باردة ، وبعث اللّه

الملائكة ، فقطعت الري الأوتاد

، وأطفأت النيران ، وجالت الخيل بعضها في بعض ،

وكبرت الملائكة في ناحية عسكرهم ، فانهزم المشركون من غير قتال ، فأنزل اللّه عز وجل

يذكرهم ، فقال تعالى : يأيها الذين ءامنوا اذكروا نعمة اللّه عليكم في الدفع عنكم إذ جاءتكم جنود من المشركين يعني أبا سفيان بن حرب ومن اتبعه فأرسلنا عليهم ريحا

شديدة وجنودا لم تروها من الملائكة ألف ملك فيهم جبريل عليه السلام وكان اللّه بما تعملون بصيرا [ آية : ٩ ] .

١٠

الأحزاب : ١٠ إذ جاؤوكم من . . . . .

ثم أخبر عن حالهم ، فقال سبحانه : إذ جاءوكم من فوقكم من فوق الوادي من قبل

المشرق عليهم مالك بن عوف البصري ، وعيينة بن حصن الفزاري في ألف من غطفان

معهم طليحة بن خويلد الأسدي ، وحيى بن أخطب اليهودي في اليهود يهود قريظة ،

وعامر بن الطفيل في هوزان ، ثم قال جل ثناؤه : ومن أسفل منكم يعني من بطن

الوادي من قبل المغرب ، وهو أبو سفيان بن حرب على أهل مكة معه يزيد بن خليس

على قريش والأعور السلمي من قبل الخندق ، فذلك قوله عز وجل : وإذا زاغت

الأبصر يعني شخصت الأبصار فرقاً وبلغت القلوب الحناجر وتظنون باللّه الظنونا [ آية : ١٠ ] يعني الإياس من النصر ، وإخلاف الأمر .

١١

الأحزاب : ١١ هنالك ابتلي المؤمنون . . . . .

يقول جل ثناؤه : هنالك يعني عند ذلك ابتلي المؤمنون بالقتال والحصر

 وزلزلوا زلزالا شديدا [ آية : ١١ ] لما رأى اللّه عز وجل ما فيه المؤمنون من الجهد

والضعف بعث لهم ريحاً وجنوداً من الملائكة ، فأطفأت الريح نيرانهم ، وألقت أبنيتهم ،

وأكفأت قدورهم ونزعت أوتادهم ، ونسفت التراب في وجوههم ، وجالت الدواب

بعضها في بعض ، وسمعوا تكبير الملائكة في نواحي عسكرهم فرعبوا ، فقال طليحة بن

خويلد الأسدي : إن محمداً قد بدأكم بالشر ، فالنجاة النجاة ، فنادى رئيس كل قوم

بالرحيل ، فانهزموا ليلاً بما استخفوا من أمتعتهم ، ورفضوا بعضها لا يبصرون شيئاً من

شدة الريح والظلمة ، فانهزموا فذلك قوله عز وجل : ورد اللّه الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى اللّه المؤمنين القتال بالريح والملائكة وكان اللّه قوياً

عزيزاً [ الأحزاب : ٢٥ ] يعني منيعاً في ملكه حين هزمهم .

١٢

الأحزاب : ١٢ وإذ يقول المنافقون . . . . .

 وإذ يقول المنفقون منهم أوس بن قيظى ، ومعتب بن قشير الأنصاري والذين

في قلوبهم مرضٌ يعني الشك ما وعدنا اللّه ورسوله إلا غروراً [ آية : ١٢ ] وذلك أن

النبي صلى اللّه عليه وسلم لما بلغه إقبال المشركين من مكة أمر فحفر كل بني أب على حدة ، وصار

سلمان الفارسي في بني هاشم ، فأتى سلمان على صخرة ، فلم يستطع قلعها ، فأخذ النبي

 صلى اللّه عليه وسلم المعول من سلمان ، فضرب به ثلاث ضربات ، فانصدع الحجر ، وسطع نور من

الحجر كأنه البرق ، فقال سلمان : يا رسول اللّه ، لقد رأيت من الحجر أمراً عجيباً وأنت

تضربه ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : وهل رأيت ؟ قال : نعم ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : رأيت الضربة الأولى

قوى اليمن ، وفي الضربة الثانية أبيض المدائن ، وفي الضربة الثالث مدائن الروم ، ولقد

أوحى اللّه عز وجل إلى بأنه يفتحهن على أمتي ، فاستبشر المؤمنون ، وفشا ذلك في

المسلمين ، فلما رأوا شدة القتال ، والحصر ارتاب المنافقون ، فأساءوا القول .

قال معتب بن قشير بن عدي الأنصاري من الأوس من بني عمرو بن عوف : يعدنا

محمد فتح قصور اليمن ، وفارس ، والروم ، ولا يستطيع أحدنا أن يبرز إلى الجلاء حتى

يوضع فيه سهم هذا ، واللّه الغرور من قول ابن عبد المطلب ، وتابعه على ذلك نفر ، فأنزل

اللّه تعالى وإذ يقول المنفقون والذين في قلوبهم مرضٌ يعني كفراً ما وعدنا اللّه وسوله

إلا غروراً .

قال معتب بن قشير :

إن الذي يقول لهو الغرور ، ولم يقل إن الذي وعدنا اللّه ورسوله

غروراً ، لأنه لا يصدق بأن محمداً صلى اللّه عليه وسلم رسول ، فيصدقه ، فقال اللّه تعالى عن الذي قال محمد

هو ما وعد اللّه ، وهو قول اللّه عز وجل ، فأكذب اللّه معتباً .

١٣

الأحزاب : ١٣ وإذ قالت طائفة . . . . .

 وإذ قالت طائفةٌ منهم من المنافقين من بني سالم يأهل يثرب لا مقام لكم

مساكن لكم فارجعوا إلى المدينة خوفاً ورعباً من الجهد والقتال في الخندق ، يقول

ذلك المنافقون بعضهم لبعض ، ثم قال : ويستئذن فريقٌ منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورةٌ

يعني خالية طائعة هذا قول بني حارثة بن الحارث ، وبني سلمة بن جشم ، وهما من

الأنصار وذلك أن بيوتهم كانت في ناحية من المدينة ، ف  بيوتنا ضائعة نخشى عليها

السراق ، يقول اللّه تعالى : وما هي بعورة يعني بضائعة أن يعني ما يريدون إلا فرارا [ آية : ١٣ ] من القتل نزلت في قبليتن من الأنصار بني حارثة وبني سلمة بن

جشم ، وهموا أن يتركوا أماكنهم في الخندق ففيهم يقول اللّه تعالى : إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا واللّه وليهما وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون [ آل عمران :

١٢٢ ] ،   بعدما نزلت هذه الآية ما يسرنا أنا لم نهم بالذي هممنا إذ كان اللّه ولينا .

١٤

الأحزاب : ١٤ ولو دخلت عليهم . . . . .

قوله تعالى : ولو دخلت عليهم من أقطارها يقول : ولو دخلت عليهم المدينة من

نواحيها يعني نواحي المدينة ثم سئلوا الفتنة يعني الشرك لآتوها يعني لأعطوها عفواً يقول : لو أن الأحزاب دخلوا المدينة ، ثم أمروهم بالشرك لأشركوا وما تلبثوا بها إلا يسيرا [ آية : ١٤ ] يقول : ما تحسبوا بالشرك إلا قليلاً حتى يعطوا طائعين

فيكفوا .

١٥

الأحزاب : ١٥ ولقد كانوا عاهدوا . . . . .

ثم أخبر عنهم ، فقال سبحانه : ولقد كانوا عهدوا اللّه من قبل قتال الخندق وهم

سبعون رجلاً ليلة العقبة قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم اشترط لربك ولنفسك ما شئت ، فقال النبي

 صلى اللّه عليه وسلم :

أشترط لربي أن تعبدوه ، ولا تشركوا به شيئاً ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما

تمنعون منه أنفسكم وأولادكم ونساءكم ،   فما لنا إذا فعلنا يا نبي اللّه ، قال : لكم

النصر في الدنيا والجنة في الآخرة ، ف  قد فعلنا ذلك ، فذلك

قوله : وقد كانوا عاهدوا

اللّه من قبل ، يعني ليلة العقبة حين شرطوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم المنعة لا يولون الأدبر منهزمين

وذلك أنهم بايعوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم أنهم يمنعونه مما يمنعون أنفسهم وأولادهم وأموالهم ، يقول اللّه

عز وجل : وكان عهد اللّه مسئولاً [ آية : ١٥ ] يقول : أن اللّه يسأل يوم القيامة عن

نقض العهد ، فإن عدو اللّه إبليس سمع شرط الأنصار تلك الليلة ، فصاح صيحة أيقظت

الناس ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لإبليس : أخسأ عدو اللّه .

١٦

الأحزاب : ١٦ قل لن ينفعكم . . . . .

 قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل لن تزدادوا على آجالكم

 وإذا لا تمتعون في الدنيا إلا قليلا [ آية : ١٦ ] يعني إلى آجالكم القليل لا تزدادوا

عليها شيئاً .

١٧

الأحزاب : ١٧ قل من ذا . . . . .

 قل من ذا الذي يعصمكم من اللّه يعني يمنعكم من اللّه إن أراد بكم سوءا يعني

الهزيمة أو أراد بكم رحمة يعني خيراً وهو النصر يقول : من يقدر على دفع السوء

وصنيع الخير ، نظيرها في الفتح : قل فمن يملك لكم من اللّه شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا [ الفتح : ١١ ] ، ثم قال عز وجل : ولا يجدون لهم من دون اللّه وليا

يعني قريباً فينفعهم ولا نصيرا [ آية : ١٧ ] يعني مانعاً يمنعهم من الهزيمة ، إن أراد بكم

سواء أو أراد بكم رحمة .

١٨

الأحزاب : ١٨ قد يعلم اللّه . . . . .

 قد يعلم اللّه المعوقين منكم وذلك أن اليهود أرسلوا إلى المنافقين يوم الخندق ،

ف  ماذا الذي حملكم أن تقتلوا أنفسكم بأيدي أبي سفيان ومن معه فإنهم إن قدروا

هذه المرة لم يستبقوا منكم أحداً ، أنا نشفق عليكم ، إنما أنتم إخواننا ، ونحن جييرانكم ،

 والقائلين لإخوانهم هلم إلينا فأقبل رجلان من المنافقين عبد اللّه بن أبي ، ورجل من

أصحابه على المؤمنين يعوقنهم ويخوفونهم بأبي سفيان ومن معه ،   لئن قدروا عليكم

هذه المرة لم يستبقوا منكم أحداً ، ما ترجون من محمد ؟ فواللّه ما يرفدنا بخير ، ولا عند ه

خير ما هو إلا أن يقتلنا هاهنا وما لكم في صحبته خير ، هلم ننطلق إلى إخواننا وأصحابنا

خير ما هو إلا أن يقتلنا هاهنا وما لكم في صحبته خير ، هلم ننطلق إلى إخواننا وأصحابنا

يعنون اليهود ، فلم يزد قول المنافقين للمؤمنين إلا إيماناً وتسليماً واحتساباً ، فذلك قوله عز

وجل : قد يعلم اللّه المعوقين منكم يعني عبد اللّه بن أبي وأصحابه ، ويعلم القائلين

لإخوانهم يعني اليهود حين دعوا إخوانهم المنافقين حين قالوا هلم إلينا .

ثم قال : ولا يأتون يعني المنافقين البأس يعني القتال إلا قليلا [ آية :

١٨ ] يعني بالقليل إلا رياء وسمعة من غير احتساب ، ثم أخبر عن المنافقين ، فقال تعالى :

١٩

الأحزاب : ١٩ أشحة عليكم فإذا . . . . .

 أشحة عليكم يقول : أشفقة من المنافقين عليكم حين يعوقونكم يا معشر المؤمنين ،

ثم أخبر عنهم عند القتال أنهم أجبن الناس قلوباً وأضعفهم يقيناً وأسوأهم ظناً باللّه عز

وجل فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف وجاءت الغنيمة سلقوكم يعني رموكم ، يعني عبد اللّه بن أبي وأصحابه ،

يقول : بألسنة حداد يعني ألسنة سليطة باسطة بالشر يقولون : أعطونا الغنيمة فقد

كنا معكم فلستم بأحق بها منا ، يقول اللّه عز وجل : أشحة على الخير يعني الغنيمة

 أولئك لم يؤمنوا بالنبي صلى اللّه عليه وسلم ولم يصدقوا بتوحيد اللّه فأحبط اللّه أعملهم يقول :

أبطل جهادهم لأن أعملهم خبيثة وجهادهم لم يكن في إيمان وكان ذلك يعني حبط

أعمالهم على اللّه يسيرا [ آية : ١٩ ] يعني هيناً .

٢٠

الأحزاب : ٢٠ يحسبون الأحزاب لم . . . . .

ثم ذكر المنافقين فقال عز وجل : يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وذلك أن الأحزاب

الذي تحزبوا على النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه ، رضي اللّه عنهم ، في الخندق ، وكان أبو سفيان بن

حرب على أهل مكة ، وكان على بني المصطلق وهم من خزاعة يزيد بن الحليس

الخزاعي ، وكان على هوازن ، ومالك بن عوف النضري ، وكان على بني غطفان عيينة

بن حصن بن بدر الفزاري وكان على بني أسد طلحة بن خويلد الفقسي من بني أسد ،

ثك كانت اليهود فقذف اللّه عز وجل في قلبوهم الرعب ، وأرسل عليهم ريحاً وهي

الصبا فجعلت تطفئ نيرانهم وتلقى أبنيتهم وأنزل جنوداً لم تروها من الملائكة فكبروا في

في

عسكرهم فلما سمعوا التكبير قذف اللّه تعالى الرعب في قلوبهم ، و  قد بدأ محمد بالشر فانصرفوا إلى مكة راجعين عن الخندق والرعب الذي نزل بهم في الخندق وإن يأت الأحزاب يعني وإن يرجع الأحزاب إليهم للقتال يودوا يعني يود المنافقين

 لو أنهم بادون في الأعراب ولم يشهدوا القتال يسئلون عن أنبائكم يعني

عن حديثكم وخير ما فعل محمد صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه ولو كانوا فيكم يشهدون القتال

 ما قاتلوا يعني المنافقين إلا قليلا [ آية : ٢٠ ] يقول : ما قاتلوا إلا رياء وسمعة من

غير حسبة .

٢١

الأحزاب : ٢١ لقد كان لكم . . . . .

ثم قال عز وجل : لقد كان لكم في رسول اللّه أسوة حسنة أن كسرت رباعيته

وجرح فوق حاجبه وقتل عمه حمزه وآساكم بنفسه في مواطن الحرب والشدة لمن

كان يرجوا اللّه واليوم الآخر يعني لمن كان يخشى اللّه عز وجل وبخشى البعث الذي فيه

جزاء الأعمال وذكر اللّه كثيرا [ آية : ٢١ ] ثم نعت المؤمنين فقال :

٢٢

الأحزاب : ٢٢ ولما رأى المؤمنون . . . . .

 ولما رءا المؤمنون

الأحزاب يوم الخندق ، أبا سفيان وأصحابه وأصابهم الجهد وشدة القتال قالوا هذا ما وعدنا اللّه ورسوله في البقرة حين قال : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر اللّه ألا إن نصر اللّه قريب [ الآية : ٢١٤ ] .

و  وصدق اللّه ورسوله ما قال في سورة البقرة ، يقول اللّه عز وجل : وما زادهم الجهد والبلاء في الخندق إلا إيمانا يعني تصديقاً بوعد اللّه عز وجل في

سورة البقرة أنه يبتليهم وتسليما [ آية : ٢٢ ] لأمر اللّه وقضائه ، ثم نعت المؤمنين

فقال :

٢٣

الأحزاب : ٢٣ من المؤمنين رجال . . . . .

 من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عهدوا اللّه عليه ليلة العقبة بمكة فمنهم من قضى نحبه يعني أجله فمات على الوفاء يعني حمزة وأصحابه قتلوا يوم أحد ، رضي اللّه

عنهم ومنهم من ينتظر يعني المؤمنين من ينتظر أجله على الوفاء بالعهد وما بدلوا العهد تبديلا [ آية : ٢٣ ] كما بدل المنافقين ، ثم قال :

٢٤

الأحزاب : ٢٤ ليجزي اللّه الصادقين . . . . .

 ليجزي اللّه

بالإيمان والتسليم الصدقين بوفاء العهد بصدقهم ويعذب المنفقين ينقض

العهد إن شاء أو يتوب عليهم فيهديهم من النفاق إلى الإيمان إن اللّه كان غفورا رحيما [ آية : ٢٤ ] يقول : اللّه عز وجل :

٢٥

الأحزاب : ٢٥ ورد اللّه الذين . . . . .

 ورد اللّه الذين كفروا بغيظهم يعني أبا

سفيان وجموعه من الأحزاب بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى اللّه المؤمنين القتال وكان اللّه

قوتاً في ملكة عزيزا [ آية : ٢٥ ] في حكمة ، ثم ذكر يهود أهل قريظة حي بن

أخطب ومن معه الذين أعانوا المشركين يوم الخندق على قتال النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال عز وجل

٢٦

الأحزاب : ٢٦ وأنزل الذين ظاهروهم . . . . .

 وأنزل الذين ظهروهم من أهل الكتب من صياصيهم يعني أعانوهم ، تعني اليهود

أعانوا المشركين على قتال النبي صلى اللّه عليه وسلم والمؤمنين وذلك أن اللّه عز وجل حين هزم المشركين

عن الخندق بالريح والملائكة أتى جبريل عليه السلام على فرس ، فقال صلى اللّه عليه وسلم يا جبريل ، ما

هذا الغبار على وجه الفرس ، فقال : هذا الغبار من الريح التي أرسلها اللّه على أبي سفيان

ومن معه فجعل النبي صلى اللّه عليه وسلم يمسح الغبار عن وجه الفرس وعن سرجه ، فقال له جبريل عليه

السلام : سر إلى بني قريظة فإن اللّه عز وجل داقهم لك دق البيض على الصفا .

فسار النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى يهود بني قريظة فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة ثم نزلوا على

حكم سعد بن معاذ الأنصاري فحكم عليهم سعد أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم

فكبر النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال :

لقد حكم اللّه عز وجل ولقد رضي اللّه على عرشه بحكم سعد ،

وذلك أن جبريل كان قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : سر إلى بني قريظة فاتقل مقاتلتهم واسب ذراريهم

فإن اللّه عز وجل قد أذن لك فهم لك طعمة ، فذلك قوله عز وجل : وأنزل الذين

ظهروهم يعني اليهود أعانوا أبا سفيان من أهل الكتب يعني فريظة من صياصيهم يعني من حصونهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا يعني طائفة

 تقتلون فقتل منهم أربعمائة وخمسين رجلاً وتأسرون فريقا [ آية : ٢٦ ] يعني

وتسبون طائفة سبعمائة وخمسين

٢٧

الأحزاب : ٢٧ وأورثكم أرضهم وديارهم . . . . .

 وأورثكم أرضهم وديرهم وأموالهم وأرضاً لم تطئوها

يعني خيبر وكان اللّه على كل شيءٍ من القرى وغيرها قديرا [ آية : ٢٧ ] أن

يفتحها على المسلمين .

فقال عمر بن الخطاب ،

رضي اللّه عنه ، ألا تخمس كما خمست يوم بدر ، قال : هذا

جعله اللّه لي دون المؤمنين ، فقال عمر ، رضي اللّه عنه : رضينا وسلمنا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

فقسم النبي صلى اللّه عليه وسلم في أهله منها عشرين رأساً ثم جعل النبي صلى اللّه عليه وسلم بقيته نصفين فبعث

النصف مع سعد بن عبادة الأنصاري إلى الشام وبعث بالنصف الباقي مع أوس بن قيظى

من الأنصار إلى غطفان وأمرهما أن يبتاعا الخيل فجلبا خيلاً عظيمة فقسمها النبي صلى اللّه عليه وسلم

في المسلمين وتوفى سع بن معاذ ، رضي اللّه عنه ، من رمية أصابت أكحلة يوم الخندق

فانتقضت جراحته فنزفت الدم فمات رحمه اللّه وقد أعتقه النبي صلى اللّه عليه وسلم فاتبع النبي صلى اللّه عليه وسلم

والمسلمون جنازته فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم :

لقد اهتز العرش لموت سعد بن معاذ ، رضي اللّه

عنه .

٢٨

الأحزاب : ٢٨ يا أيها النبي . . . . .

 يأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحيوة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن

يقول كما يمتع الرجل امرأته إذا طلقها سوى المهر وأسرحكن سراحا جميلا [ آية :

٢٨ ] يقول : حسناً في غير ضرار .

٢٩

الأحزاب : ٢٩ وإن كنتن تردن . . . . .

 وإن كنتن تردن اللّه ورسوله والدار الآخرة يعني الجنة فإن اللّه أعد للمحسنات

منكم أجراً عظيماً [ آية : ٢٩ ] يعني الجنة .

فقالت عائشة بنت أبي بكر الصديق ، رضي اللّه عنهما ، حين خيرهن النبي صلى اللّه عليه وسلم : بل

نختار اللّه والدار الآخرة ، ومالنا وللدنيا إنما جعلت الدنيا دار فناء

والآخرة هي الباقية

أحب إلينا من الفانية ، فرضى نساؤه كلهن بقول عائشة ، رضي اللّه عنها ، فلما اخترن اللّه

ورسوله أنزل اللّه عز وجل : لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج إلى

آخر الآية [ آية : ٥٢ ] .

٣٠

الأحزاب : ٣٠ يا نساء النبي . . . . .

 يانساء النبي من يأت منكن بفاحشةٍ مبينةٍ يعني العصيان للنبي صلى اللّه عليه وسلم  يضعف

لها العذاب ضعفين في الآخرة وكان ذلك على اللّه يسيرا [ آية : ٣٠ ] يقول :

وكان عذابها على اللّه هيناً .

٣١

الأحزاب : ٣١ ومن يقنت منكن . . . . .

 ومن يقنت منكن للّه ورسوله يعني ومن يطع منكن اللّه ورسوله وتعمل

صلحاً نؤتها أجرها مرتين في الآخرة بكل صلاة أو صيام أو تكبير أو تسبيح لها مكان

كل حسنة يكتب عشرون حسنة وأعتدنا لها رزقا كريما [ آية : ٣١ ] يعني حسناً ،

وهي الجنة .

٣٢

الأحزاب : ٣٢ يا نساء النبي . . . . .

ثم قال : يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن أتقيتن يعني اللّه ، فإنكن معشر

أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم تنظرن إلى الوحي فأنتن أحق الناس بالتقوى فلا تخضعن بالقول

يقول : فلا تومين بقول يقارف الفاحشة فيطمع الذي في قلبه مرض يعني الفجور في

أمر الزنا فزجرهن اللّه عز وجل عن الكلام مع الرجال وأمرهن بالعفة وضرب عليهن

الحجاب ، ثم قال تعالى : وقلن قولا معروفا [ آية : ٣٢ ] يعني قولاً حسناً يعرف ولا

يقارف الفاحشة ، ومن يقذف نبياً ، أو امرأة نبي فعليه حدان سوى التغريب الذي يراه

الإمام .

٣٣

الأحزاب : ٣٣ وقرن في بيوتكن . . . . .

ثم قال عز وجل : وقرن في بيوتكن ولا تخرجن من الحجاب ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى والتبرج أنها تلقى الخمار عن رأسها ولا تشده ، فيرى قرطها

وقلائدها ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى قبل أن يبعث محمد صلى اللّه عليه وسلم ، مثل

قوله :

 عادا الأولى [ النجم : ٥٠ ] أمرهن أيضاً بالعفة وأمر بضرب الحجاب عليهن ، ثم

قال : وأقمن الصلوة وءاتين الزكوة يقول : وأعطين الزكاة وأطعن اللّه ورسوله إنما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس يعني الإثم نهاهن عنه في هذه الآيات . ومن

الرجس الذي يذهبه اللّه عنهن إنزال الآيات بما أمرهن به . فإن تركهن ما أمرهن به

وارتكابهن ما نهاهن عنه من الرجس ، فذلك

قوله : إنما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس يا أهل البيت يعني نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم لأنهن في بيته ويطهركم من الإثم

الذي ذكر في هذه الآيات تطهيرا [ آية : ٣٣ .

وحدثني أبي ، عن الهذيل ، فقال :

قال مقاتل بن سليمان : يعني به نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم

كلهن وليس معهن ذكر .

٣٤

الأحزاب : ٣٤ واذكرن ما يتلى . . . . .

 واذكرن ما يتلى في بيوتكن من ءايت اللّه يعني القرآن والحكمة

يعني أمره ونهيه في القرآن فوعظهن ليتفكرن وامتن عليهن إن اللّه كان لطيفا خبيرا

[ آية : ٣٤ ] يعني لطيف عليهن فنهاهن أن يخضعن بالقول خبيراً به .

٣٥

الأحزاب : ٣٥ إن المسلمين والمسلمات . . . . .

 إن المسلمين والمسلمات وذلك أن أم سلمة بنت أبي أمية أم المؤمنين ، ونسيبة

بنت كعب الأنصاري ، قلن : ما شأن ربنا يذكر بنت أبي أمية ولا يذكر النساء في شيء

من كتابه نخشى ألا يكون فيهن خير ، ولا للّه فيهن حاجة ، وقد تخلى عنهن . فأنزل اللّه

تعالى في قول أم سلمة ، ونسيبة بنت كعب إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات يعني المصدقين بالتوحيد والمصدقات والقانتين والقانتت يعني المطيعين

والمطيعات والصدقين في إيمانهم والصبرين وصادقات في أيمانهن والصابرين على

أمر اللّه عز وجل والصبرات عليه والخشعين والخاشعات يعني المتواضعين

والمتواضعات ، قال مقاتل : من لا يعرف في الصلاة من عن يمينه ومن عن يساره من

الخشوع للّه عز وجل ، فهو منهم .

 والمتصدقين بالمال والمتصدقات به والصئمين والصئمت قال

مقاتل : من صام شهر رمضان وثلاثة أيام من كل شهر ، فهو من الصائمين ، فهو من أهل

هذه الآية والحفظين فروجهم عن الفواحش والحفظت من الفواحش

 والذاكرين اللّه كثيرا باللسان والذاكرات اللّه كثيراً باللسان والذكرات

أعد اللّه لهم في الآخرة مغفرة لذنوبهم وأجرا يعني وجزاء عظيما

[ آية : ٣٥ ] يعني الجنة ، وأنزل اللّه عز وجل أيضاً في أم سلمة ، رضي اللّه عنها ، في آخر

آل عمران : أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى [ آل عمران : ١٩٥ ] ،

وفي حم المؤمن : من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن .

٣٦

الأحزاب : ٣٦ وما كان لمؤمن . . . . .

 وما كان لمؤمن يعني عبد اللّه بن جحش بن رباب بن صبرة بن مرة بن غنم بن

دودان الأسدي ، ثم قال : ولا مؤمنة يعني زينب بنت جحش أخت عبد اللّه بن

جحش ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم خطب زينب بنت جحش على زيد بن حارثة ، وزينب هي

بنت عمة النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وهي بنت أميمة بنت عبد المطلب ، فكره عبد اللّه أن يزوجها من

زيد ، وكان زيد أعرابياً في الجاهلية مولى في الإسلام ، وكان أصابه النبي صلى اللّه عليه وسلم من سبي

أهل الجاهلية ، فأعتقه وتبناه ، فقالت زينب : لا أرضاه لنفسي ، وأنا أتم نساء قريش ،

وكانت جميلة بيضاء ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم :

لقد رضيته لك ، فأنزل اللّه عز وجل : وما كان لمؤمن يعني عبد اللّه بن جحش ولا مؤمنة يعني زينب إذا قضى اللّه ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم وذلك أن زيد بن حارثة الكلبي ، قال :

يا نبي اللّه ، أخطب

على ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ومن يعجبك من النساء ؟ فقال : زينب بنت جحش ، فقال النبي

 صلى اللّه عليه وسلم : لقد أصبت أن لا نألو غير الحسن والجمال ، وما أذادها بفعل أنها أكرم من ذلك

نفساً ، فقال زيد : يا نبي اللّه ، إنك إذا كلمتها ، وتقول : عن زيداً أكرم الناس علي ، فإن

هذه امرأة حسناء ، وأخشى أن تردني ، فذلك أعظم في نفسي من كل شيء ، وعمد زيد

إلى علي ، رضي اللّه عنه ، فحمله على أن يكلم النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال له زيد : انطلق إلى النبي ،

فإنه لن يعصيك ، فانطلق على معه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فإني فاعل ، وإني مرسلك يا علي إلى

أهلها ، فتكلمهم ، فرجع على النبي صلى اللّه عليه وسلم إني قد رضيته لكم ، وأقضى أن تنكحوه ،

فأنكحوه .

وساق إليهم عشرة دنانير وستين درهماً وخماراً وملحفة ودرعاً وإزاراً ، وخمسين مداً

من طعام وعشرة أمداد من تمر أعطاه النبي صلى اللّه عليه وسلم ذلك كله ، ودخل بها زيد ، فلم يلبث إلا

يسيراً حتى شكا إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ما يلقى منها ، فدخل النبي صلى اللّه عليه وسلم فوعظها ، فلما كلمها

أعجبه حسنها وجمالها وظرفها ، وكان أمراً قضاه اللّه عز وجل ، ثم رجع النبي صلى اللّه عليه وسلم وفي

نفسه منها ما شاء اللّه عز وجل ، فكان النبي صلى اللّه عليه وسلم يسأل زيداً بعد ذلك كيف هي معك ؟

فيشكوها إليه ، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم : اتق اللّه وأمسك عليك زوجك وفي قلبه غير ذلك ؛

فأنزل اللّه عز وجل ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضل ضللاً مبيناً [ آية : ٣٦ ] يعني بينا ،

فلما نزلت هذه الآية جعل عبد اللّه بن جحش أمرها إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وقالت زينب للنبي

 صلى اللّه عليه وسلم :

قد جعلت أمري بيدك يا رسول اللّه ، فأنكها النبي صلى اللّه عليه وسلم زيداً ، فمكثت عنده حيناً ،

ثم إن النبي صلى اللّه عليه وسلم أتى زيداً فأبصر زينب قائمة ، وكانت حسناء بيضاء من أتم نساء قريش ،

فهويها النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : سبحان اللّه مقلب القلوب ، ففطن زيد ، فقال : يا رسول اللّه ،

ائذن لي في طلاقها ، فإن فيها كبراً ، تعظم على وتؤذيني بلسانها ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم :

أمسك عليك زوج واتق اللّه ، ثم إن زيداً طلقها بعد ذلك .

٣٧

الأحزاب : ٣٧ وإذ تقول للذي . . . . .

فأنزل اللّه عز وجل : وإذ تقول يا محمد للذي أنعم اللّه عليه بالإسلام

 وأنعمت عليه بالعتق وكان زيد أعرابياً في الجاهلية مولى في الإسلام ، فسبى

فأصابه النبي صلى اللّه عليه وسلم فأعتقه أمسك عليك زوجك واتق اللّه وتخفي في نفسك يعني وتسر

في قلبك يا محمد ليت أنه طلقها ما اللّه مبديه يعني مظهره عليك حين ينزل به

قرآناً وتخشى قالة الناس في أمر زينب واللّه أحق أن تخشه في أمرها ، فقرأ

النبي صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية على الناس ، بما أظهر اللّه عليه من أمر زينب إذ هويها ، فقال عمر بن

الخطاب ، رضي اللّه عنه : لزكتم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شيئاً من القرآن لكتم هذه التي أظهرت

عليه ، يقول اللّه تعالى : فلما قضى زيد منها وطرا يعني حاجة وهي الجماع

 زوجنكها يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فطلقها زيداً بن حارثة ، فلما انقضت عدتها تزوجها

النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وكانت زينب ، رضي اللّه عنها ، تفخر على نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فتقول : زوجكن

الرجال ، واللّه عز وجل زوجني نبيه صلى اللّه عليه وسلم .

ثم قال عز وجل : لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزوج تزويج نساء

 أدعيائهم يقول : لكيلا يكون على الرجل حرج في أن يتزوج امرأة ابنه الذي تبناه ،

وليس من صلبه إذا قضوا منهن وطرا يعني حاجة ، وهو الجماع وكان أمر اللّه مفعولا [ آية : ٣٧ ] يقول اللّه عز وجل : كان تزويج النبي صلى اللّه عليه وسلم زينب كائناً ، فلما

تزوجها النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال أنس : إن محمداً تزوج امرأة ابنه ، وهو ينهانا عن تزويجهن .

٣٨

الأحزاب : ٣٨ ما كان على . . . . .

فأنزل اللّه تبارك وتعالى في قولهم : ما كان على النبي من حرج فيما فرض اللّه له يقول :

فيما أحل اللّه له سنة اللّه في الذين خلوا من قبل يقول : هكذا كانت سنة اللّه في

الذين خلوا من قبل محمد ، يعني داود النبي صلى اللّه عليه وسلم حين هوى المرأة التي فتن بها ، وهي امرأة

أوريا بن حنان ، فجمع اللّه بين داود ، وبين المرأة التي هويها ، وكذلك جمع اللّه عز وجل

بين محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وبين زينب إذ هويها كما فعل بداود ، عليه السلام ، فذلك قوله عز وجل :

 وكان أمر اللّه قدرا مقدورا [ آية : ٣٨ ] فقدر اللّه عز وجل لداود ومحمد تزويجهما .

٣٩

الأحزاب : ٣٩ الذين يبلغون رسالات . . . . .

 الذين يبلغون رسلت اللّه يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم خاصة ويخشونه يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم ،

يقول : محمد يخشى اللّه أن يكتم عن الناس ما أظهر اللّه عليه من أمر زينب إذ هويها

 ولا يخشون أحدا إلا اللّه في البلاغ عن اللّه عز وجل وكفى باللّه حسيبا [ آية : ٣٩ ]

يعني شهيداً في أمر زينب إذ هويها فلا شاهد أفضل من اللّه عز وجل .

٤٠

الأحزاب : ٤٠ ما كان محمد . . . . .

وأنزل اللّه عز وجل في قول الناس إن محمداً تزوج امرأة ابنه ما كان محمد أبا أحد من رجالكم يعني زيد بن حارثة ، يقول : إن محمداً ليس بأب لزيد ولكن محمداً

 رسول اللّه وخاتم النبين يعني آخر النبيين لا نبي بعد محمد صلى اللّه عليه وسلم ، ولو أن لمحمد ولداً

لكان نبياً رسولاً ، فمن ثم قال : وكان اللّه بكل شيءٍ عليماً [ آية : ٤٠ ] يقول : لو كان

زيد بن محمد لكان نبياً ، فلما نزلت ما كان محمد أبا أحد من رجالكم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم

لزيد : لست لك بأب ، فقال زيد : يا رسول اللّه ، أنا زيد بن حارثة معروف نسبي .

٤١

الأحزاب : ٤١ يا أيها الذين . . . . .

 يأيها الذين ءامنوا اذكروا اللّه باللسان ذكرا كثيرا [ آية : ٤١ ] .

٤٢

الأحزاب : ٤٢ وسبحوه بكرة وأصيلا

 وسبحوه بكرة وأصيلا [ آية : ٤٢ ] يعني صلوا بالغداة الفجر والعشي ، يعني الظهر

والعصر .

٤٣

الأحزاب : ٤٣ هو الذي يصلي . . . . .

 هو الذي يصلي عليكم وملئكته نزلت في الأنصار يقول : هو الذي يغفر لكم

ويأمر الملائكة بالاستغفار لكم ليخرجكم من الظالمت إلى النور يعني لكي يخرجكم

من الظلمات إلى النور ، يعني من الشرك إلى الإيمان وكان بالمؤمنين رحيما [ آية :

٤٣ ] .

الأحزاب : ٤٤ تحيتهم يوم يلقونه . . . . .

 تحيتهم يوم يلقونه سلمٌ يعني يوم يلقون الرب عز وجل في الآخرة سلام ، يعني

تسليم الملائكة عليهم وأعد لهم أجرا كريما [ آية : ٤٤ ] يعني أجراً حسناً في الجنة .

٤٥

الأحزاب : ٤٥ يا أيها النبي . . . . .

 يأيها النبي إنا أرسلنك شهداً على هذه الأمة بتبليغ الرسالة ومبشرا بالجنة

والنصر في الدنيا على من خالفهم ونذيرا [ آية : ٤٥ ] من النار .

٤٦

الأحزاب : ٤٦ وداعيا إلى اللّه . . . . .

 وداعيا إلى اللّه يعني إلى معرفة اللّه عز وجل بالتوحيد بإذنه يعني بأمره

 وسراجا منيرا [ آية : ٤٦ ] يعني هدى مضيئاً للناس

٤٧

الأحزاب : ٤٧ وبشر المؤمنين بأن . . . . .

 وبشر المؤمنين بأن لهم من اللّه فضلا كبيرا [ آية : ٤٧ ] يعني الجنة .

٤٨

الأحزاب : ٤٨ ولا تطع الكافرين . . . . .

 ولا تطع الكفرين من أهل مكة : أبا سفيان بن حرب ، وعكرمة بن أبي جهل ،

وأبا الأعور السلمي والمنافقين عبد اللّه بن أبي ، وعبد اللّه بن سعد ، وطعمة بن

أبيرق ، حين قال أبو سفيان ومن معه من هؤلاء النفر : يا محمد ارفض ذكر آلهتنا ، وقل :

إن لهما شفاعة ومنفعة لمن عبدها ، ثم قال : ودع أذنهم إياك يعني الذين قالوا للنبي

 صلى اللّه عليه وسلم قل : إن لآلهتنا شفاعة وتوكل على اللّه يعني وثق باللّه وكفى باللّه وكيلا

[ آية : ٤٨ ] يعني مانعاً .

٤٩

الأحزاب : ٤٩ يا أيها الذين . . . . .

 يأيها الذين ءامنوا إذا نكحتم المؤمنات يعني إذا تزوجتم المصدقات بتوحيد اللّه

 ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن يعني من قبل أن تجامعوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها إن شاءت تزوجت من يومها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا [ آية :

٤٩ ] يعني حسناً في غير ضرار .

٥٠

الأحزاب : ٥٠ يا أيها النبي . . . . .

 يأيها النبي إنا أحللنا لك أزوجك يعني النساء التسع التي ءاتيت أجورهن

و أحللنا لك وما ملكت يمينك يعني بالولاية : مارية القبطية أم إبراهيم ، وريحانة

بنت عمرو اليهودى ، وكانت سبيت من اليهود مما أفاء اللّه عليك و أحللنا لك

 وبنات عمك وبنات عمتك وبنات خالك وبنات خلتك التي هاجرن معك إلى المدينة

إضمار فإن كانت لم تهاجر إلى المدينة فلا يحل تزويجها .

ثم قال تعالى : وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها يعني أن

يتزوجها بغير مهر ، وهي أم شريك بنت جابر بن ضباب بن حجر من بني عامر بن

لؤي ، وكانت تحت أبي الفكر الأزدي ، وولدت له غلامين شريكاً ومسلماً ، ويذكرون

أنه نزل عليها دلو من السماء فشربت منه ، ثم توفى عنها زوجها أبو الفكر ، فوهبت

نفسها للنبي صلى اللّه عليه وسلم ، فلم يقبلها ، ولو فعله لكان له خاصة دون المؤمنين .

فإن وهبت امرأة يهودية أو نصرانية أو أعرابية نفسها فإنه لا يحل للنبي صلى اللّه عليه وسلم أن

يتزوجها ، ثم قال : خالصة لك الهبة يعني خاصة لك ، يا محمد من دون المؤمنين لا تحل هبة المرأة نفسها بغير مهر لغيرك من المؤمنين ، وكانت أم شريك قبل

أن تهب نفسها بغير للنبي صلى اللّه عليه وسلم امرأة أبي الفكر الأزدي ، ثم الدوسي من رهط أبي

هريرة .

ثم أخبر اللّه عن المؤمنين ، فقال : قد علمنا ما فرضنا عليهم يعني ما أوجبنا على

المؤمنين في أزواجهم ألا يتزوجوا إلا أربع نسوة بمهر وبينة و أحللنا لهم

 وما ملكت أيمانهم يعني جماع الولاية لكيلا يكون عليك يا محمد

 حرج في الهبة بغير مهر فيها تقديم وكان اللّه غفورا رحيما [ آية : ٥٠ ]

غفوراً في التزويج بغير مهر للنبي صلى اللّه عليه وسلم رحيماً في تحليل ذلك له .

٥١

الأحزاب : ٥١ ترجي من تشاء . . . . .

ثم قال تعالى : ترجي من تشاء منهن توقف من بنات العم والعمة والخال والخالة

فلا تزوجها وتئوى يعني وتضم إليك من تشاء منهن فتتزوجها فخير اللّه عز

وجل النبي صلى اللّه عليه وسلم في تزويج القرابة ، فذلك قوله تعالى : ومن ابتغيت منهن فتزوجتها

 ممن عزلت منهن فلا جناح يعني فلا حرج عليك ذلك أدنى يقول : ذلك

أجدر أن تقر أعينهن يعني نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم التسع اللاتي اخترنه ، وذلك أنهن قلن

لو فتح اللّه مكة على النبي صلى اللّه عليه وسلم فسيطلقنا غير عائشة ويتزوج أنسب منا ، فقال اللّه عز

وجل : ولا يحزن إذا علمن أنك لا تزوج عليهن إلا ما أحللنا لك من تزويج

القرابة ، ثم قال : ويرضين يعني نساءه التسع بما ءاتيتهن يعني بما

 كلهن من النفقة ، وكان في نفقتهن قلة واللّه يعلم ما في قلوبكم وكان اللّه عليما حليما [ آية : ٥١ ] ذو تجاوز .

٥٢

الأحزاب : ٥٢ لا يحل لك . . . . .

ثم حرم على النبي تزويج النساء غير التسع اللاتي اخترنه ، فقال : لا يحل لك النساء من بعد أزواجك التسع اللاتي عندك ، يقول : لا يحل لك أن تزداد عليهن ولا أن تبدل بهن يعني نساءه التسع من أزوجٍ ولو أعجبك حسنهن يعني أسماء ينت

عميس الخثعمية التي كانت امرأة جعفر ذي الجناحين ، ثم قال تعالى : إلا ما ملكت يمينك يعني الولاية ، ثم حذر النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يركب في أمرهن ما لا ينبغي ، فقال :

 وكان اللّه على كل شيءٍ من العمل رقيبا [ آية : ٥٢ ] حفيظاً .

٥٣

الأحزاب : ٥٣ يا أيها الذين . . . . .

 يأيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعامٍ غير نظرين

إنه يعني نضجه وبلاغه ولكن إذا دعيتم فادخلوا على النبي صلى اللّه عليه وسلم في بيته فإذا طعمتم الطعام فانتشروا يعني فقوموا من عنده وتفرقوا ولا مستئنسين لحديثٍ

وذلك أنهم كانوا يجلسون عند النبي صلى اللّه عليه وسلم قبل الطعام وبعد الطعام ، وكان ذلك في بيت

أم سلمة بنت أبي أمية أم المؤمنين ، فيتحدثون عنده طويلاً ، فكان ذلك يؤذيه ويستحيى

أن يقول لهم قوموا وربما أحرج النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وهو في بيته يتحدثون ، فذلك قوله عز وجل :

 ولا مستئنسين لحديثٍ  إن ذلكم كان يؤذى النبي فيستحى منكم واللّه لا

يستحي من الحق ثم أمر اللّه تبارك وتعالى نبيه بالحجاب على نسائه ، فنزل الخيار

والتيمم في أمر عائشة .

ونزل الحجاب في أمر زينب بنت جحش ، فأمر اللّه تعالى المؤمنين ألا يكلموا نساء

النبي إلا من وراء حجاب ، فذلك

قوله : وإذا سألتموهن متعاً فسئلوهن من وراء حجابٍ

ذلكم أطهر لقلوبكم من الريبة وقلوبهن وأطهر لقلوبهن من الريبة ، فقال طلحة

بن عبيد اللّه القرشي من بني تيم بن مرة : ينهانا محمد أن ندخل على بنات عمنا ، يعني

عائشة ، رضي اللّه عنها ، وهما من بني تيم بن مرة ، ثم قال في نفسه : واللّه ، لئن مات

محمد وأنا حي لأتزوجن عائشة ، فأنزل اللّه تعالى في قول طلحة بن عبيد اللّه وما كان لكم أن تؤذوا رسول اللّه ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند اللّه عظيما [ آية : ٥٣ ] لأن اللّه جعل نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم على المؤمنين في الحرمة كأمهاتهم .

فمن ثم عظم اللّه تزويجهن على المؤمنين ، ثم أعلمهم اللّه أنه يعلم سرهم وعلانيتهم ،

فقال :

٥٤

الأحزاب : ٥٤ إن تبدوا شيئا . . . . .

 إن تبدوا إن تظهروا شيئا من أمركم يعني طلحة لقوله يمنعنا محمد من

الدخول على بنات عمنا ، فأعلن هذا القول ، ثم قال : أو تخفوه يعني أو تسروه في

قلوبكم يعني

قوله : لأتزوجن عائشة بعد موت النبي صلى اللّه عليه وسلم  فإن اللّه كان بكل شيءٍ من

السر والعلانية عليما [ آية : ٥٤ ] .

٥٥

الأحزاب : ٥٥ لا جناح عليهن . . . . .

ثم رخص في الدخول على نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم من غير حجاب لأهل القرابة ، فقال :

 لا جناح يعني لا حرج عليهن في الدخول على نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم : في ءابائهن

ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن يعني كل حرة

مسلمة ولا ما ملكت أيمنهن يعني عبيد نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يدخلوا عليهن من غير

حجاب أن يكون منهن ، أو منهم من لا يصلح ، فقال لهن : واتقين اللّه في دخولهم

عليكن إن اللّه كان على كل شيءٍ  من أعمالكم شهيداً [ آية : ٥٥ ] لم يغيب

عن اللّه عز وجل من يدخل عليهن إن كان منهن ، أو منهم ما لا يصلح .

٥٦

الأحزاب : ٥٦ إن اللّه وملائكته . . . . .

 إن اللّه وملئكته يصلون على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، أما صلاة الرب عز وجل فالمغفرة للنبي

 صلى اللّه عليه وسلم ، وأما صلاة الملائكة فالاستغفار للنبي صلى اللّه عليه وسلم ، ثم قال تعالى : يأيها الذين ءامنوا صلوا

عليه يعني استغفروا للنبي صلى اللّه عليه وسلم  وسلموا تسليما [ آية : ٥٦ ] فلما نزلت هذه الآية

قال المسلمون : هذه لك ، يا رسول اللّه ، فما لنا ؟ فنزلت : هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما [ الأحزاب :

٤٣ ] .

٥٧

الأحزاب : ٥٧ إن الذين يؤذون . . . . .

 إن الذين يؤذون اللّه ورسوله يعني محمداً صلى اللّه عليه وسلم نزلت في اليهود من أهل المدينة ،

وكان أذاهم للّه عز وجل أن زعموا أن للّه ولداً ، وأنهم يخلقون كما يخلق اللّه عز وجل

يعني التماثيل والتصاوير ، وأما أذاهم للنبي صلى اللّه عليه وسلم ، فإنهم زعموا أن محمداً ساحر مجنون

شاعر كذاب لعنهم اللّه في الدنيا

والآخرة يعني باللعنة في الدنيا العذاب والقتل

والجلاء ، وأما في الآخرة فإن اللّه يعذبهم بالنار ، فذلك قوله عز وجل : وأعد لهم عذابا مهينا [ آية : ٥٧ ] يعني عذاب الهوان .

٥٨

الأحزاب : ٥٨ والذين يؤذون المؤمنين . . . . .

 والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتناً

والبهتان ما لم يكن وإثما مبينا [ آية : ٥٨ ] يعني بيناً ، يقال : نزلت في علي بن أبي

طالب ، رضي اللّه عنه ، وذلك أن نفراً من المنافقين كانوا يؤذونه ويكذبون عليه ، وأن

عمر بن الخطاب ، رضي اللّه عنه ، قال في خلافته لأبي بن كعب الأنصاري إني قرأت

هذه الآية : والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات إلى آخر الآية ، فوقعت مني كل

موقع ، واللّه إني لأضربهم وأعاقبهم ، فقال له أبي بن كعب ، رحمه اللّه : إنك لست منهم

إنك مؤدب معلم .

٥٩

الأحزاب : ٥٩ يا أيها النبي . . . . .

 يأيها النبي قل لأزوجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلبيبهن يعني القناع

الذي يكون فوق الخمار وذلك أن المهاجرين قدموا المدينة ومعهم نساؤهم ، فنزلوا مع

الأنصار في ديارهم فضاقت الدور عنهم ، وكان النساء يخرجن بالليل إلى النخل فيقضين

حوائجهن ، يعني البراز ، فكان المريب يرصد النساء بالليل ، فيأتيها فيعرض عليها

ويغمزها ، فإن هويت الجماع أعطاها أجرها ، وقضى حاجته ، وإن كانت عفيفة صاحت

فتركها ، وإنما كانوا يطلبون الولايد ، فلم تعرف الأمة في الحرة بالليل ، فذكر نساء

المؤمنين ذلك لأزواجهن ، وما يلقين بالليل من الزناة ، فذكروا ذلك للنبي صلى اللّه عليه وسلم ، فأنزل اللّه

عز وجل : يأيها النبي قل لأزوجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلبيبهن

يعني القناع فوق الخمار ذلك أدنى يعني أجدر أن يعرفن في زيهن أنهن لسن

بمربيات ، وأنهن عفايف ، فلا يطمع فيهن أحد فلا يؤذين بالليل وكان اللّه غفورا في تأخير العذاب عنهم رحيما [ آية : ٥٩ ] حين لا يعجل عليهم بالعقوبة .

٦٠

الأحزاب : ٦٠ لئن لم ينته . . . . .

ثم أوعدهم ، فقال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : لئن لم ينته المنفقون عن نفاقهم والذين في قلوبهم مرض الفجور وهم الزناة ، ثم نعتهم بأعمالهم الخبيثة ، فقال : والمرجفون في المدينة يعني المنافقين كانوا يخبرون المؤمنين بالمدينة بما يكروهون من عدوهم ،

يقول : لئن لم ينتهوا عن الفجور والإرجاف والنفاق لتغرينك يا محمد بهم

يقول : لنحملنك على قتلهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا [ آية : ٦٠ ] .

٦١

الأحزاب : ٦١ ملعونين أينما ثقفوا . . . . .

ونجعلهم ملعونين أينما ثقفوا فأوجب لهم اللعنة على كل حال أينما وجدوا

وأدركوا أخذوا وقتلوا تفتيلاً [ آية : ٦١ ] يقول : خذوهم واقتلوهم قتالاً ، فانتهوا

عن ذلك مخافة القتل .

٦٢

الأحزاب : ٦٢ سنة اللّه في . . . . .

 سنة اللّه في الذين خلوا من قبل هكذا كانت سنة اللّه في أهل بدر القتل ،

وهكذا سنة اللّه في هؤلاء الزناة وفي المرجفين القتل ، إن لم ينتهوا ولن تجد لسنة اللّه تبديلا [ آية : ٦٢ ] يعني تحويلاً لأن قوله عز وجل حق في أمر القتل .

٦٣

الأحزاب : ٦٣ يسألك الناس عن . . . . .

 يسئلك الناس عن الساعة يعني القيامة ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يخطب ، فسأله

رجل عن الساعة ، فأوحى اللّه عز وجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم : قل إنما علمها عند اللّه وما يدريك

لعل الساعة يعني القيامة تكون قريباً [ آية : ٦٣ ] .

٦٤

الأحزاب : ٦٤ إن اللّه لعن . . . . .

 إن اللّه لعن الكفرين يعني كفار مكة وأعد لهم سعيراً [ آية : ٦٤ ] يعني وقوداً .

٦٥

الأحزاب : ٦٥ خالدين فيها أبدا . . . . .

 خلدين فيها أبداً لا يجدون ولياًّ يمنعهم ولا نصيراً [ آية : ٦٥ ] يعني ولا مانعاً

يمنعهم من العذاب

٦٦

الأحزاب : ٦٦ يوم تقلب وجوههم . . . . .

 يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يليتنا أطعنا اللّه وأطعنا الرسولا

[ آية : ٦٦ ] يعني محمداً صلى اللّه عليه وسلم .

٦٧

الأحزاب : ٦٧ وقالوا ربنا إنا . . . . .

 وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فهذا قول الأتباع من مشركي العرب من أهل

مكة ،   ربنا إنا أطعنا سادتنا ، نزلت في اثني عشر رجلاً وهم المطعمون يوم بدر

فيهم أبو جهل بن هشام ، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وكبراءنا ، يعني ذوي الأسنان منا في

الكفر فأضلونا السبيلا [ آية : ٦٧ ] يعني المطعمين في غزوة بدر والمستهزئين من

قريش فأضلونا عن سبيل الهدى ، يعني التوحيد .

٦٨

الأحزاب : ٦٨ ربنا آتهم ضعفين . . . . .

ثم قال الأتباع : ربنا ءاتهم ضعفين من العذاب يعنون القادة والرءوس من كفار

قريش والعنهم لعناً كبيراً [ آية : ٦٨ ] يعني عظيماً ، يعني اللعن على أثر اللعن .

٦٩

الأحزاب : ٦٩ يا أيها الذين . . . . .

 يأيها الذين ءامنوا لا تكونوا كالذين ءاذوا موسى وذلك أن اللّه عز وجل وعظ المؤمنين

ألا يؤذوا محمداً فيقولون زيد بن محمد ، فإن ذلك للنبي صلى اللّه عليه وسلم أذى كما آذت بنو إسرائيل

موسى وزعموا أنه آدر . وذلك أن موسى ، عليه السلام ، كان فيه حياء شديد وكان لا

يغتسل في نهر ، ولا غيره إلا عليه إزار ، وكان بنو إسرائيل يغتسلون عراة ، ف  ما يمنع

موسى أن يتجرد كما نتجرد إلا أنه آذر ، فانطلق موسى ، عليه السلام ، ذات يوم يغتسل

في عين بأرض الشام ، واستتر بصخرة ، ووضع ثيابه عليها ففرت الصخرة بثيابه ، وأتبعها

موسى ، عليه السلام ، متجرداً ، فلحقها فضربها بعصاه ، وكان موسى ، عليه السلام ، لا

يضع العصا من يده حيث ما كان ، وقال لها : ارجعي إلى مكانك ، فقالت : إنما أنا عبد

مأمورٍ لم تضربني فردها إلى مكانها فنظرت إليه بنو إسرائيل ، فإذا هو من أحسن الناس

خلقاً وأعدلهم صورة ، وكان سليماً ليس الذي قالوا ، فذلك قوله عز وجل : فبرأه اللّه

مما قالوا إنه آدر وكان عند اللّه وجيهاً [ آية : ٦٩ ] يعني مكيناً .

٧٠

الأحزاب : ٧٠ يا أيها الذين . . . . .

 يأيها الذين ءامنوا اتقوا اللّه وقولوا قولاً سديداً [ آية : ٧٠ ] يعني قولاً عدلاً ، وهو

التوحيد .

٧١

الأحزاب : ٧١ يصلح لكم أعمالكم . . . . .

 يصلح لكم يعني يزكي لكم أعملكم بالتوحيد ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع اللّه ورسوله محمداً فقد فاز فوزا عظيما [ آية : ٧١ ] يقول : قد نجا بالخير

وأصاب منه نصيباً وافراً .

٧٢

الأحزاب : ٧٢ إنا عرضنا الأمانة . . . . .

 إنا عرضنا الأمانة وهي الطاعة على السماوات والأرض والجبال على الثواب

والعقاب إن أحسنت جوزيت ، وإن عصيت عوقبت فأبين أن يحملنها يعني الطاعة

على الثواب والعقاب ، فلم يطقنها وأشفقن منها وأشفقن من العذاب مخافة ترك

الطاعة ، فقيل لأدم ، عليه السلام : أتحملها بما فيها ، قال آدم : وما فيها ، قال اللّه عز وجل :

فلم يلبث في الجنة إلا قليلاً ، يعني ساعتين من يموه حتى عصى ربه عز وجل ، وخان

الأمانة ، فذلك قوله عز وجل : وحملها الإنسان يعني آدم ، عليه السلام إنه كان ظلوما لنفسه بخطيئته جهولا [ آية : ٧٢ ] بعاقبه ما تحمل من الطاعة على الثواب

والعقاب .

٧٣

الأحزاب : ٧٣ ليعذب اللّه المنافقين . . . . .

 ليعذب اللّه المنفقين يقول : عرضنا الأمانة على الإنسان لكي يعذب اللّه المنافقين

 والمنافقت والمشركين والمشركات بما خانوا الأمانة وكذبوا الرسل ، ونقضوا

الميثاق الذي أفروا به على أنفسهم ، يوم أخرجهم من ظهر آدم ، عليه السلام ، حين قال

عز وجل : ألست بربكم قالوا بلى [ الأعراف : ١٧٢ ، فنقضوا هذه المعرفة وتركوا

الطاعة يعني التوحيد ويتوب اللّه يقول : ولكي يتوب اللّه على المؤمنين والمؤمنات بما وفوا بالأمانة ولم ينقضوا الميثاق وكان اللّه غفورا لذبوبهم

 رحيما [ آية : ٧٣ ] بهم .

﴿ ٠