٣٣

سورة الأحزاب

مدنية ، عدد آياتها ثلاث وسبعون آية كوفية

١

الأحزاب : ١ يا أيها النبي . . . . .

 يأيها النبي اتق اللّه ولا تطع الكفرين والمنفقين وذلك أن عبد اللّه بن أبي ، وعبد اللّه بن سعيد بن أبي سرح ، وطعمة بن أبيرق ، وهم المنافقون كتبوا مع غلام لطعمة إلى مشركي مكة من قريش إلى أبي سفيان بن حرب ، وعكرمة بن أبي جهل ، وأبي الأعور رأس الأحزاب أن أقدموا علينا فسنكون لكم أعواناً فيما تريدون ، وإن شئتم مكرنا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم حتى يتبع دينكم الذي أنتم عليه ، فكتبوا إليهم : إنا لن نأتيكم حتى تأخذوا العهد والميثاق من محمد ، فإنا نخشى أن يغدر بنا ، ثم نأتيكم فنقول وتقولون ، لعله يتبع ديننا ، فلما جاءهم الكتاب ، انطلق هؤلاء المنافقون حتى أتوا النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ف  أتيناك في أمر أبي سفيان بن حرب ، وأبي الأعور ، وعكرمة بن أبي جهل ، أن تعطيهم العهد والميثاق على دمائهم وأموالهم ، فيأتون وتكلمهم لعل إلهك يهد قلوبهم ، فلما رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذلك ، وكان حريصاً على أن يؤمنوا أعطاهم الأمان من نفسه ، فكتب المنافقون إلى الكافرين ، من قريش أنا قد استمكنا من محمد صلى اللّه عليه وسلم ، ولقد أعطانا وإياكم الذي تريدون ، فأقبلوا على اسم اللات والعزى لعلنا نزيله إلى ما نهواه ، ففرحوا بذلك .

ثم ركب كل رجل منهم راحلة حتى أتوا المدينة ، فلما دخلوا على عبد اللّه بن أبي ،

أنزلهم وأكرمهم ورحب بهم ، وقال : أنا عند الذي يسركم محمد أذن ، ولو قد سمع كلامنا وكلامكم لعله لا يعصينا فيما نأمره ، فأبشروا واستعينوا آلهتكم عليه ، فإنها نعم

العون لنا ولكم ، فلما رأوا ذلك منه   أرسل إلى أخواننا ، فأرسل عبد اللّه بن أبي إلى

طعمة وسعد أن إخواننا من أهل مكة قدموا علينا ، فلما أتاهم الرسول جاءوا فرحبوا بهم

ولزم بعضهم بعضاً من الفرح وهم قيام ، ثم جلسوا يرون أن يستنزلوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم عن دينه .

فقال عبد اللّه بن أبي :

أما أنا فأقول له ما تسمعون لا أعدوا ذلك ولا أزيد ، أقول : إنا

معشر الأنصار لم نزل وإلهنا محمود بخير ، ونحن اليوم أفضل منذ أرسل إلينا محمد ، ونحن كل يوم منه في مزيد ، ونحن نرجو بعد اليوم من إله محمد كل خير ، ولكن لو شاء محمد

قبل أمراً كان يكون ما عاش لنا وله ذكر في الأولين الذين مضوا ، ويذهب ذكره في

الآخرين على أن يقول : إن اللات والعزى لهما شفاعة يوم القيامة ، ولهما ذكر ومنفعة

على طاعتهما ، هذا قولى له .

قال أبو سفيان : نخشى علينا وعليكم الغدر والقتل ، فإن محمداً زعموا أنه لن يبقى بها

أحداً منا في شدة بغضه إيانا ، وإنا نخشى أن يكون يضمر لنا في نفسه ما كان لقي

أصحابه يوم أحد . قال عبد اللّه بن أبي : إنه إذا أعطى الأمان فإنه لن يغدر ، هو أكرم من

ذلك ، وأوفى بالعهد منا ، فلما أصبحوا أتوه فسلموا عليه ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : مرحباً بأبي

سفيان اللّهم اهد قلبه ، فقال أبو سفيان : اللّهم يسر الذي هو خير ، فجلسوا فتكلموا

وعبد اللّه بن أبي ، فقالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : ارفض ذكر اللات والعزة ومناة ، حجر يعبد بأرض

هذيل ، وقل : إن لهما شفاعة ومنفعة في الآخرة لمن عبدهما ، فنظر إليه النبي صلى اللّه عليه وسلم وشق

عليه قولهم ، فقال عمر بن الخطاب ، رضوان اللّه عليه : ائذن لي يا رسول اللّه في قتلهم ،

فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : إني قد أعطيتهم العهد والميثاق ، وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : لو شعرت أنكم

تأتون هذا من الحديث لما أعطيتهم الأمان .

فقال أبو سفيان : ما بأس بهذا أن قوماً استأنسوا إليك يا محمد ورجوا منك أمراً ، فأما

إذا قطعت رجاءهم ، فإنه لا ينبغي أن تؤذيهم ، وعليك باللين والتؤدة لإخوانك

وأصحابك ، فإن هذا من قوم أكرموك ونصروك وأعانوك ولولاهم لكنت مطلوباً مقتولاً ،

وكنت في الأرض خائفاً لا يقبلك أحد ، فزجرهم عمر بن الخطاب ، رضي اللّه عنه ،

فقال : اخرجوا في لعنة اللّه وغضبه فعليكم رجس اللّه وغضبه وعذابه ما أكثر شركم ،

وأقل خيركم وأبعدكم من الخير ، وأقربكم من الشر ، فخرجوا من عنده ، فأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم

أن يخرجهم من المدينة ، فقال بعضهم لبعض : لا نخرج حتى يعطينا العهد إلى أن نرجع إلى

بلادنا ، فأعطاهم النبي صلى اللّه عليه وسلم ذلك ، فنزلت فيهم يأيها النبي اتق اللّه ولا تطع الكفرين

يعني تبارك وتعالى أبا سفيان ، وعكرمة ، وأبا الأعور ، اسمه عمرو بن سفيان ، ثم قال :

 والمنفقين يعني عبد اللّه بن أبي ، وعبد اللّه بن سعد بن أبي سرح ، وطعمة بن

أبيرق إن اللّه كان عليما حكيما [ آية : ١ ] .

فلما خرجوا من عنده قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ما لهؤلاء ؟ عليهم لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين

﴿ ١