٣٦

الأحزاب : ٣٦ وما كان لمؤمن . . . . .

 وما كان لمؤمن يعني عبد اللّه بن جحش بن رباب بن صبرة بن مرة بن غنم بن

دودان الأسدي ، ثم قال : ولا مؤمنة يعني زينب بنت جحش أخت عبد اللّه بن

جحش ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم خطب زينب بنت جحش على زيد بن حارثة ، وزينب هي

بنت عمة النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وهي بنت أميمة بنت عبد المطلب ، فكره عبد اللّه أن يزوجها من

زيد ، وكان زيد أعرابياً في الجاهلية مولى في الإسلام ، وكان أصابه النبي صلى اللّه عليه وسلم من سبي

أهل الجاهلية ، فأعتقه وتبناه ، فقالت زينب : لا أرضاه لنفسي ، وأنا أتم نساء قريش ،

وكانت جميلة بيضاء ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم :

لقد رضيته لك ، فأنزل اللّه عز وجل : وما كان لمؤمن يعني عبد اللّه بن جحش ولا مؤمنة يعني زينب إذا قضى اللّه ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم وذلك أن زيد بن حارثة الكلبي ، قال :

يا نبي اللّه ، أخطب

على ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ومن يعجبك من النساء ؟ فقال : زينب بنت جحش ، فقال النبي

 صلى اللّه عليه وسلم : لقد أصبت أن لا نألو غير الحسن والجمال ، وما أذادها بفعل أنها أكرم من ذلك

نفساً ، فقال زيد : يا نبي اللّه ، إنك إذا كلمتها ، وتقول : عن زيداً أكرم الناس علي ، فإن

هذه امرأة حسناء ، وأخشى أن تردني ، فذلك أعظم في نفسي من كل شيء ، وعمد زيد

إلى علي ، رضي اللّه عنه ، فحمله على أن يكلم النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال له زيد : انطلق إلى النبي ،

فإنه لن يعصيك ، فانطلق على معه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فإني فاعل ، وإني مرسلك يا علي إلى

أهلها ، فتكلمهم ، فرجع على النبي صلى اللّه عليه وسلم إني قد رضيته لكم ، وأقضى أن تنكحوه ،

فأنكحوه .

وساق إليهم عشرة دنانير وستين درهماً وخماراً وملحفة ودرعاً وإزاراً ، وخمسين مداً

من طعام وعشرة أمداد من تمر أعطاه النبي صلى اللّه عليه وسلم ذلك كله ، ودخل بها زيد ، فلم يلبث إلا

يسيراً حتى شكا إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ما يلقى منها ، فدخل النبي صلى اللّه عليه وسلم فوعظها ، فلما كلمها

أعجبه حسنها وجمالها وظرفها ، وكان أمراً قضاه اللّه عز وجل ، ثم رجع النبي صلى اللّه عليه وسلم وفي

نفسه منها ما شاء اللّه عز وجل ، فكان النبي صلى اللّه عليه وسلم يسأل زيداً بعد ذلك كيف هي معك ؟

فيشكوها إليه ، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم : اتق اللّه وأمسك عليك زوجك وفي قلبه غير ذلك ؛

فأنزل اللّه عز وجل ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضل ضللاً مبيناً [ آية : ٣٦ ] يعني بينا ،

فلما نزلت هذه الآية جعل عبد اللّه بن جحش أمرها إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وقالت زينب للنبي

 صلى اللّه عليه وسلم :

قد جعلت أمري بيدك يا رسول اللّه ، فأنكها النبي صلى اللّه عليه وسلم زيداً ، فمكثت عنده حيناً ،

ثم إن النبي صلى اللّه عليه وسلم أتى زيداً فأبصر زينب قائمة ، وكانت حسناء بيضاء من أتم نساء قريش ،

فهويها النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : سبحان اللّه مقلب القلوب ، ففطن زيد ، فقال : يا رسول اللّه ،

ائذن لي في طلاقها ، فإن فيها كبراً ، تعظم على وتؤذيني بلسانها ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم :

أمسك عليك زوج واتق اللّه ، ثم إن زيداً طلقها بعد ذلك .

﴿ ٣٦